حقوق المسنين وكبار السن في الإسلام للشيخ احمد محمد ابو اسلام



عناصر الخطبة
1)إنما وتنصرون وترزقون ضعفائكم
_____________________________________
2) كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتني بكبار السن
3)وكان الصحابة والصالحون يهتمون بكبار السن
4)لا بد من المحافظة على حقوق المسنين
الخطبة الأولى
الحمد الله كتب العزة والكرامة لمن أطاعه. وقضى بالذل والهوان على من عصاه، نحمده سبحانه ونشكره، لا رب لنا سواه ولا نعبد إلا إياه. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، العالم بما في الكون من حوادثٍ وخطوب، وبما ألم بالمسلمين من شدائدٍ وكروب، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله وبارك عليه وعلى آله وصحبه وكل من سار على نهجه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد :
إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم
إن من المكارم العظيمة  البر والإحسان إلى الضعفاء ورعاية حقوقهم والقيام بواجباتهم وتعاهد  مشكلاتهم والسعي في ازالة المكدرات والهموم والأحزان عن حياتهم إن هذا من أعظم أسباب التيسير والبركة  وانصراف الفتن والمحن والبلايا وسبب للخيرات  والبركات , فقد ورد في سنن الترمذي في الحديث الصحيح  عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «ابْغُونِي ضُعَفَاءَكُمْ، فَإِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ»: [حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ] ,وقد كرم الله تعالى بني آدم فقد قال الله عز وجل {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70) } [الإسراء: 70، 71]وقد عظم الشرع حرمة النفس واعتنى بها وخص بالرعاية والعناية كبار السن فحث على احترامهم وتوقيرهم ورعايتهم والبر بهم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح في سنن أبي داوود عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، - يَرْوِيهِ قَالَ: ابْنُ السَّرْحِ - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا فَلَيْسَ مِنَّا»,ولا بد أن يقوم المجتمع على رعاية الضعفاء وإكرام الكبير وتوقيره فإن أجلال الكبير من إجلال الله عز وجل  فقد ورد في سنن أبي داوود   عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ»[حكم الألباني] : حسن
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتني بكبار السن
والنبي صلى الله عليه وسلم كان يهتم بكبار السن , فكان يوصي بهم حتى لو كانوا من أعدائه فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً قَالَ: «اغْزُوا بِسْمِ اللَّهِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ،لَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تَمْثُلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا، وَلَا امْرَأَةً وَلَا شَيْخًا» [المعجم الأوسط (4 / 268],وأوصى بهم أثناء الصلاة وأمر صلى الله عليه وسلم من يؤم الناس أن يخفف من أجل كبار السن فقد ورد في صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ، فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ مِنْهُمُ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالكَبِيرَ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ»,واعلم أن إحسانك لكبار السن  سيعود إليك عندما تكبر يقيض الله إليك من يحسن إليك بل إن الله عز وجل اكرم كبار السن فمن أطاع الله  بحق وهو في سن الشيخوخة فله الأجر العظيم من رب , فقد ورد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ: جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمُوا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَكْفِينِي هَؤُلَاءِ؟» فَقَالَ طَلْحَةُ: أَنَا، قَالَ: فَكَانُوا عِنْدِي، قَالَ: فَضُرِبَ عَلَى النَّاسِ بَعْثٌ فَخَرَجَ فِيهِ أَحَدُهُمْ فَاسْتُشْهِدَ، ثُمَّ مَكَثُوا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ ضُرِبَ آخَرُ فَخَرَجَ فِيهِ الثَّانِي فَاسْتُشْهِدَ، قَالَ: وَبَقِيَ الثَّالِثُ حَتَّى مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ، قَالَ طَلْحَةُ: فَرَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنِّي أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُهُمْ أَعْرِفُهُمْ بِأَنْسَابِهِمْ وَسِيمَاهُمْ، قَالَ: فَإِذَا الَّذِي مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ دَخَلَ أَوَّلَهُمْ، وَإِذَا الثَّانِي مِنَ الْمُسْتَشْهَدِينَ عَلَى إِثْرِهِ، وَإِذَا أَوَّلُهُمْ آخِرُهُمْ، قَالَ: فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ أَحَدٌ أَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَمَّرُ فِي الْإِسْلَامِ لِتَكْبِيرِهِ، وَتَحْمِيدِهِ، وَتَسْبِيحِهِ وَتَهْلِيلِهِ»[حسن لغيره ][ مسند عبد بن حميد ت صبحي السامرائي (1 / 65):],وقد ورد في سنن الترمذي في الحديث الصحيح أَنَّ شُرَحْبِيلَ بْنَ السِّمْطِ، قَالَ: يَا كَعْبُ بْنَ مُرَّةَ، حَدِّثْنَا عَنْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحْذَرْ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الإِسْلَامِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ القِيَامَةِ» , وقد ورد في مصنف ابن أبي شيبة عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ: " أَنَّ إِبْرَاهِيمَ أَوَّلُ مَنْ رَأَى الشَّيْبَ فَقَالَ: يَا رَبِّ مَا هَذَا؟ قَالَ: الْوَقَارُ، قَالَ: اللَّهُمَّ زِدْنِي وَقَارًا " وكان النبي صلى الله عليه وسلم رحيماً بكبار السن يحرص على راحتهم وكانوا إذا أتوا إليه في حاجة استقبلهم  استقبالاً حافلاً فعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: لَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ وَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَا طُوًى، قَالَ أَبُو قُحَافَةَ لَابْنَةٍ لَهُ كَانَتْ مِنْ أَصْغَرِ وَلَدِهِ: أَيْ بُنَيَّةُ! أَشْرِفِي  بِي عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ، وَقَدْ كُفَّ بَصَرُهُ فَأَشْرَفَتْ بِهِ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّةُ! مَاذَا تَرَيْنَ؟ قَالَتْ: أَرَى سَوَادًا مُجْتَمِعًا وَأَرَى رَجُلًا يَشْتَدُّ بَيْنَ ذَلِكَ السَّوَادِ مُقْبِلًا وَمُدْبِرًا، فَقَالَ: تِلْكَ الْخَيْلُ يَا بُنَيَّةُ وَذَلِكَ الرَّجُلُ: الْوَازِعُ [الموكَّل بالصُّفوف يتقدَّم الصفَّ فيصلحُه ويقدِّم ويؤخِّر ]، ثُمَّ قَالَ مَاذَا تَرَيْنَ فَقَالَتْ: أرى السواد انتشر قال: فَقَالَ: فَقَدْ وَاللهِ إِذًا دُفِعَتِ الْخَيْلُ فَأَسْرِعِي بِي إِلَى بَيْتِي فَخَرَجَتْ سَرِيعًا حَتَّى إِذَا هَبَطَتْ بِهِ إِلَى الْأَبْطَحِ لَقِيَتْهَا الْخَيْلُ، وَفِي عُنُقِهَا طَوْقٌ لَهَا مِنْ وَرِقٍ  فَاقْتَطَعَهُ إِنْسَانٌ مِنْ عُنُقِهَا، فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى جَاءَ بِأَبِيهِ يَقُودُهُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم: هَلَّا تَرَكْتَ الشَّيْخَ فِي بَيْتِهِ حَتَّى أَجِيئَهُ؟ فَقَالَ: يَمْشِي هُوَ إِلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ أَحَقُّ مِنْ أَنْ تَمْشِيَ إِلَيْهِ، فَأَجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ مَسَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدْرَهُ وَقَالَ: أَسْلِمْ تَسْلَمْ، فَأَسْلَمَ، ثُمَّ قَامَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ بِيَدِ أُخْتِهِ، فَقَالَ: أَنْشُدُ بِاللهِ وَالْإِسْلَامِ طَوْقَ اختي، فو الله مَا أَجَابَهُ أَحَدٌ، ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةَ، فَمَا أَجَابَهُ أَحَدٌ، فَقَالَ: يَا أُخَيَّةُ احْتَسِبِي طَوْقَكِ، فو الله إِنَّ الْأَمَانَةَ الْيَوْمَ فِي النَّاسِ لَقَلِيلٌ[دلائل النبوة للبيهقي محققا (5 / 96):]إنه القائد المنتصر الذي دخل مكة فاتحاً, وأبو قحافة شيخ كبير تأخر إسلامه أكثر من عشرين عاماً, ومع ذالك يوقره رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرى أنه كان الأولى أن يتحرك هو وسيدنا أبو بكر إلي بيت الشيخ  هذه هي منزلة الكبار في عين رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد ورد عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُمَازِحُ؟ قَالَ: نَعَمْ أَتَتْهُ عَجُوزٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَتِ ادْعُ رَبَّكَ يُدْخِلْنِي الْجَنَّةَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَدْخُلُهَا عَجُوزٌ» , ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلَمَّا رَجَعَ أَتَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ لَقِيَتْ خَالَتُكَ مِنْ كَلِمَتِكَ مَشَقَّةً شَدِيدَةً , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى , إِذَا أَدْخَلَهُنَّ الْجَنَّةَ حَوَّلَهُنَّ أَبْكَارًا»[ الزهد لهناد بن السري (1 / 58):]
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي تعاظم ملكوته فاقتدر، وتعالى جبروته فقهر، الذي أعز من شاء ونصر، ورفع أقوامًا بحكمته، وخفض أقوامًا آخر، نحمده على نعمه التي تربو على ذرات الرمل، وقطرات المطر، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، العليم بما بطن وما ظهر، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله ومجتباه من البشر، نبي شق عن صدره وشق له القمر، نبي ظللته الغمام، وأجابت لدعوته الشجر، نبي أيده الله بمعجزات الآيات والسور، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه القادات الخير.
أما بعد
وكان الصحابة والصالحون يهتمون بكبار السن
وكان الصالحون يهتمون بالضعفاء والمساكين
سيدنا عمر بن الخطاب
,فهاهو سيدنا عمر بن الخطاب كان قد خرج في سواد الليل فرآه طلحة فذهب عمر فدخل بيتا ثم دخل بيتاً آخر فلما اصبح طلحة ذهب إلى ذلك البيت فإذا بعجوز عمياء مقعدة فقال لها ما بال هذا الرجل يأتيك قالت أنه يتعاهدني منذ كذا وكذا يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى قال طلحة ثكلتك أمك طلحة اعثرات عمر تتبع؟
[صفة الصفوة ] وأخرج ابن عساكر عن أبي صالح الغفاري: أن عمر بن الخطاب كان يتعهد عجوزًا كبيرة عمياء في بعض حواشي المدينة من الليل، فيسقي لها ويقوم بأمرها، فكان إذا جاءها وجد غيره قد سبقه إليها فأصلح ما أرادت، فجاءها غير مرة كيلا يسبق إليها، فرصده عمر، فإذا هو بأبي بكر الذي يأتيها، وهو يومئذ خليفة،[ تاريخ الخلفاء (1 / 65):]
زبيد بن الحارث اليامي
وقد كان زبيد بن الحارث اليامي إذا كانت الليلة مطيرة أخذ شعلة من النار فطاف على عجائز الحي فقال: أوكف عليكم بيت؟ أتريدون ناراً؟ فإذا أصبح طاف على عجائز الحي فقال: ألكم في السوق حاجة؟ أتريدون شيئاً؟
لا بدمن المحافظه على حقوق المسنين
ولا بدمن المحافظه على حقوق الضعفاء عامةً وكبار السن خاصة
فقد ورد عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: لَمَّا رَجَعَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُهَاجِرَةُ الْبَحْرِ، قَالَ: «أَلَا تُحَدِّثُونِي بِأَعَاجِيبِ مَا رَأَيْتُمْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ؟» قَالَ فِتْيَةٌ مِنْهُمْ: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَرَّتْ بِنَا عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِ رَهَابِينِهِمْ، تَحْمِلُ عَلَى رَأْسِهَا قُلَّةً مِنْ مَاءٍ، فَمَرَّتْ بِفَتًى مِنْهُمْ، فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ بَيْنَ كَتِفَيْهَا، ثُمَّ دَفَعَهَا فَخَرَّتْ عَلَى رُكْبَتَيْهَا، فَانْكَسَرَتْ قُلَّتُهَا، فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: سَوْفَ تَعْلَمُ يَا غُدَرُ إِذَا وَضَعَ اللَّهُ الْكُرْسِيَّ، وَجَمَعَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَتَكَلَّمَتِ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلُ، بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ، فَسَوْفَ تَعْلَمُ كَيْفَ أَمْرِي وَأَمْرُكَ عِنْدَهُ غَدًا، قَالَ: يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَتْ، صَدَقَتْ كَيْفَ يُقَدِّسُ اللَّهُ أُمَّةً لَا يُؤْخَذُ لِضَعِيفِهِمْ مِنْ شَدِيدِهِمْ؟»[ سنن ابن ماجه (2 / 1329] بل إن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى  بأن يحج الولد عن أبيه إذا كان شيخاً كبيراً ولا يقدر  على أداء الحج فقد ورد في سنن النسائي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ، أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَضَيْتَهُ أَكَانَ يُجْزِئُ عَنْهُ» [حكم الألباني] صحيح الإسناد
بل إن طاعتك لوالديك لها فضل عظيم وخصوصاً لو كانوا كباراً في السن ,ومن نهر كبار السن فأن الله يعاقبه في الدنيا والآخر فانظروا أيه الأحبة الكرام إلى هذا الموقف العجيب عَن الْعَوام بن حَوْشَب رَضِي الله عَنهُ قَالَ نزلت مرّة حَيا وَإِلَى جَانب ذَلِك الْحَيّ مَقْبرَة فَلَمَّا كَانَ بعد الْعَصْر انْشَقَّ مِنْهَا قبر فَخرج رجل رَأسه رَأس الْحمار وَجَسَده جَسَد إِنْسَان فنهق ثَلَاث نهقات ثمَّ انطبق عَلَيْهِ الْقَبْر فَإِذا عَجُوز تغزل شعرًا أَو صُوفًا فَقَالَت امْرَأَة ترى تِلْكَ الْعَجُوز قلت مَا لَهَا قَالَت تِلْكَ أم هَذَا قلت وَمَا كَانَ قصَّته قَالَت كَانَ يشرب الْخمر فَإِذا رَاح تَقول لَهُ أمه يَا بني اتَّقِ الله إِلَى مَتى تشرب هَذِه الْخمر فَيَقُول لَهَا إِنَّمَا أَنْت تنهقين كَمَا ينهق الْحمار قَالَت فَمَاتَ بعد الْعَصْر قَالَت فَهُوَ ينشق عَنهُ الْقَبْر بعد الْعَصْر كل يَوْم فينهق ثَلَاث نهقات ثمَّ ينطبق عَلَيْهِ الْقَبْر[الترغيب والترهيب للمنذري (3 / 226):]وَعَن وهب بن مُنَبّه قَالَ بنى جَبَّار من الْجَبَابِرَة قصراً وشيده فَجَاءَت عَجُوز فقيرة فبنت إِلَى جَانِبه كوخاً تأوي إِلَيْهِ فَركب الْجَبَّار يَوْمًا وَطَاف حول الْقصر فَرَأى الكوخ فَقَالَ لمن هَذَا فَقيل لامْرَأَة فقيرة تأوي إِلَيْهِ فَأمر بِهِ فهدم فَجَاءَت الْعَجُوز فرأته مهدوماً فَقَالَت من هَدمه فَقيل الْملك رَآهُ فهدمه فَرفعت الْعَجُوز رَأسهَا إِلَى السَّمَاء وَقَالَت يَا رب إِذا لم أكن أَنا حَاضِرَة فَأَيْنَ كنت أَنْت قَالَ فَأمر الله جِبْرِيل أَن يقلب الْقصر على من فِيهِ فقلبه
أما وَالله إِن الظُّلم شوم
وَمَا زَالَ الْمُسِيء هُوَ الْمَظْلُوم ... ستعلم يَا ظلوم إِذا الْتَقَيْنَا
غَدا عِنْد الملك من الملوم [الكبائر للذهبي (1 / 107):]
قال ابن الجوزي جاء في الحديث النبوي على قائله أفضل الصلاة والسلام كل الأحاديث في بني إسرائيل فحدثوا عنهم ولا حرج ولأحدثنكم بحديث العجوزين قال كان رجل في بني إسرائيل له امرأة يحبها ومعه أم عجوز وأم امرأته عجوز أيضا وكانت تغري ابنتها بأم زوجها وكان العجوزان قد ذهب بصرهما فلم تزل امرأته به حتى خرج بأمه ووضعها في فلاة من الأرض ليس معها طعام ولا شراب ليأكلها السباع ثم انصرف عنها فغشيتها السباع فجاءها ملك فقال ما هذه الأصوات التي أسمع حولك قالت خيرا هذه أصوات إبل وبقر وغنم قال خيرا فيكن إن شاء الله ثم انصرف عنها فلما أصبحت أصبح الوادي ممتلئا إبلا وبقرا وغنما فقال ابنها لو جئت فنظرت ما فعلت أمي فجاء فإذا الوادي قد امتلأ من الإبل والبقر والغنم فقال أي أماه ما هذه فقالت يا بني عققتني وأطعت امرأتك فاحتمل أمه وساق ما أعطاها الله تعالى ورجع بأمه إلى إمرأته فقالت إمرأته والله لا أرضى حتى تذهب بأمي فتضعها حيث وضعت أمك فانطلق بها فلما أمست غشيتها السباع فجاءها الملك الذي جاء لأمه فقال أيتها العجوز ما هذه الأصوات قالت شرا هذه أصوات سباع تريد أن تأكلني فقال شرا فليكن ثم انصرف فجاءها سبع فأكلها فلما أصبحت قالت امرأته اذهب فانظر ما فعلت أمي فذهب فما وجد منها إلا ما فضل عن السبع فأخذ عظامها وأتى امرأته فماتت كمدا والحقيقة أنه واجب علينا أن نحترم كبار السن وأن نتعلم الأدب معهم وأن نقدمهم، وأنا لو أملك أن أفرغ الصف الأول والثاني لكبار السن لأني أرى بعضهم في الصف الرابع والخامس متأخراً لفعلت، وأرى أن الشباب إذا رأوا شيخاً قد شابت لحيته وهو على أمر الإسلام والسنة أرى أنه إذا دخل المجلس أن يحترموه ويقدروه وأن يقدموه في المجلس والكلام، والرسول صلى الله عليه وسلم أتاه مجموعة من الشباب ومعهم شيخ فأراد شاب أن يتكلم، فقال صلى الله عليه وسلم: {كبر، كبر} فما زلنا بخير ما دام صغيرنا يحترم كبيرنا وما دام كبيرنا يرأس ويرحم صغيرنا
الدعاء
أقم الصلاة
كتبه العبد الفقير إلى عفو مولاه /أحمد محمد أحمد أبو إسلام

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات