رعاية المسنين في الإسلام للشيخ اسلام السمان
عناصر الخطبة
العنصر الأول: اهتمام الإسلام بالمسنين من خلال القرآن
والسنة
العنصر الثاني أمثلة من الواقع
العنصر الثالث ماواجبنا تجاه كبار السن
المقدمة ……...أما بعد
عباد الله: نتحدث اليوم عن موضوع حثنا عليه ديننا وهو
رعاية المسنين في الإسلام ونعيش مع العنصر الأول: اهتمام
الإسلام بالمسنين من خلال القرءان والسنة
اهتم القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة برعاية المسنين أعظم اهتمام نظراً
لأنهم في مرحلة الضعف التي قد ذكرها لنا القرآن الكريم { اللَّهُ
الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ
جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ
الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ}[]
هذا هو القرآن يتحدث بأقصى درجات
العطف والحنان والرأفة والرحمة عند بلوغ الآباء الكِبر يقول الله تبارك وتعالى ۞
وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ
إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا
فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا[] وأيضاً من خلال السنة النبوية المشرفة نجد أنها حثتنا على
رعاية كِبار السن والعناية بهم فعن أبي موسى الأشعري رضي
الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : ((إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ
اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ
الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ))
[](
الروم : 54).
[](23)سورة الإسراء
[]رواه أبو داود (4843) ، وحسنه الألباني رحمه الله في (صحيح سنن أبي داود ) (4053) .
وكِبار السن ميزتهم السنة المشرفة بأنهم من
خيرة الناس إن طالت أعمارهم وحسُن عملهم وهذا من فضل الله تبارك وتعالى وواسع
رحمته عن عبد الله بن بُسْر رضي الله عنه : أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ خَيْرُ النَّاسِ ؟ قَالَ : (( مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ )) [].
وهذا يعلمنا درساً جميلاً أن نتقي الله في
هؤلاء ربما بكلمة طيبة معهم بابتسامة جميلة بفعل جميل ومد يد العون لهم ربما يكون
ذلك سبباً في سعادتك في الدنيا والآخرة ربما لو مددت يد العون لأحدهم في أمرٍ ما دعا لك وعلى العكس تماماً لوكنت سبباً في
عدم طاعة أحدهم ربما دعا عليك فيكون ذلك سبباً
في شقائك في الدنيا والآخرة فالمريض لايتحمل الألم فما بالك لوكان من كبار
السن الضعفاء الذين لا عون لهم ولا ناصر لهم إلا الله تبارك وتعالى .
وبُشرى لمن كبر سِنه ورقَّ عظمه أنه إذاحسن
عمله كان من خير الناس وأفضلهم .
فرسالتي لي ولكم أيها الشباب أن نكون سبباً
في سعادة هؤلاء من الآباء وإدخال الفرحة على قلوبهم حتى نجد من يكون سببا في
سعادتنا إذا ما صرنا مثلهم من ضعفٍ فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا فَلَيْسَ مِنَّا)) [2].
وهذا وعيد شديد من النبي صلى الله عليه وسلم
لمن يتغافل عن هؤلاء الذين جعل الله لهم
في الإسلام حقاً فأمتنا أمة نشأت على الرحمة والأخلاق الحميدة .
أحسن وأنت معان ياأيها الإنسان
إن الأيادي قروضٌ وكما تدين تدان
[]رواه الترمذي (2329) ، وصححه الألباني رحمه الله في (صحيح سنن الترمذي) (1898).
[2] رواه أبو داود (4943) ، وصححه الألباني رحمه الله في (صحيح سنن أبي داود) (4134)
ورسالتي أيضاً للجميع ومن بينهم كِبار السن
أن يتأهبوا بالأعمال الصالحة للقاء الله ..
§يَا أَيُّهَا الشَّيْخُ الْمُعَلِّلُ ... نَفْسَهُ وَالشَّيْبُ شَامِلْا
عْلَمْ بِأَنَّكَ نَائِمٌ ... فَوْقَ الْفِرَاشِ وَأَنْتَ رَاحِلْ
وَاللَّيْلُ يَطْوِي لَا يُفَتَّرُ ... وَالنَّهَارُ بِكَ الْمُنازَّلْ
يَتَعَاقَبَانِ بِكَ لِلرَّدَى ... لَا يَغْفَلَانِ وَأَنْتَ غَافِلْ
هذا قد نُقِل عن الحسن بن علي قوله: لو علم اللهُ شيئًا من العقوق أدنى من أفٍّ لحرَّمه ().
ومن عناية الإسلام بكبار السن أيضاً مايلي :
منها: البدءُ بالتحية للكبار، فقد أمر صلى الله عليه وسلم أن يُسلم الصغيرُ على
الكبير، ومن الرعاية والتقدير: ألا يتكلم الصغير في أمرٍ دون الكبير، وقد وجه النبيُ صلى الله عليه وسلم بهذا حين قال لصغير تحدث عنده: «كبر الكُبر» يعني: لِيَلي الحديث الأكبرُ (2).وكذلك يُقدم الأكابرُ في الشرب، فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا سُقي قال: «ابدأ بالكبراء»، أو قال: «بالأكابر» (3).وبلغت عناية الإسلام بالمسنين استثناءهم من القتل وإن كان ذووهم محاربين، فقد كان من وصيته لقواده: «ولا تقتلوا وليدًا ولا شيخًا كبيرًا» (4).وفي أحكام الإسلام تيسيرٌ ومراعاة لأحوال المسنين، فالصلاة تخفف لأجلهم: «إذا صلى أحدُكم للناسِ فليخفِّفْ، فإنَّ منهم
الضعيفَ والسقيمَ والكبيرَ .. » الحديث متفق عليه.
أي رحمة واهتمام وشفقة التي اعتنى بها الإسلام بهؤلاء الضعفاء حتى ولو كانوا على غير دين الإسلام .
أي رحمة واهتمام وشفقة التي اعتنى بها الإسلام بهؤلاء الضعفاء حتى ولو كانوا على غير دين الإسلام .
()الدرّ المنثور: 8/ 558.
(2) رواه البخاري في «الأدب»، ومسلم.
(3) رواه أبو يعلى، وهو في «السلسلة الصحيحة» 4/ 381.
(4) المعجم الأوسط للطبراني: 2/ 255.
وانظر إلى مدى حب الله عز وجل لهؤلاء أخرج البخاري في الأدب المفرد: «إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم» (1).
العنصر الثاني أمثلة من الواقع
لقد ضرب لنا صحابة النبي أروع الأمثلة في
الإهتمام بِكبار السن وعلى رأسهم معلمهم الأعظم والنبي الأكرم سيدنا رسول الله
أمثلة عملية رحمةً بهؤلاء العجزة
في «تاريخ عمر» لابن الجوزي أن عمر رضي الله عنه خرج في
سواد الليل، فرآه طلحةُ، فذهب عمرُ، فدخل بيتًا ثم دخل بيتًا آخر، فلما أصبح طلحةُ
ذهب إلى ذلك البيت، فإذا عجوزٌ عمياءُ مقعدة، فقال لها: ما بالُ هذا الرجل الذي يأتيك؟ قالت: إنه يتعاهدني منذ كذا وكذا، يأتيني بما
يُصلحني ويُخرج عني الأذى (2).
وهذا خالد بن الوليد رضي الله عنه يُدرج في
صلحه لأهل الحيرة رعاية المسن، وقد جاء في صلحه معهم: «وجعلتُ لهم أيُّما شيخ ضَعُفَ عن العمل، أو أصابته آفةٌ من الآفات، أو كان
غنيًا فافتقر، وصار أهلُ دينه يتصدقون عليه طرحت جزيته، وعيلَ من بيت مال المسلمين» (3)
وقد قرَّر أبو يوسف في كتابه «الخراج» أن الجزية لا تؤخذ من الشيخ الكبير الذي لا
يستطيع العمل، ولا شيء له (4). الله أكبر .. هكذا شمل أسلافُنا رعاية المسنّ في حال السلم والحرب، ومع المسلمين وغير
المسلمين، ومع القريب والبعيد، والرجال والنساء - فهل ندرك عظمة هذا الأدب، وهل نتمثل هذه الرعاية وتلك الآداب للمسنين؟ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا
الْإِحْسَانُ} (5).عن طريق هذا الإحسان اليهم تشيع روح المحبة
والمودة وفوق ذلك فالبرُّ سلف، والإحسان محفوظ، و «من يفعل الخيرَ لا يعدم جوازيه»
وكم هي لمسةُ وفاء من ذلك الابن لأبيه الذي قال لإخوته
الثلاثة حين مرض أبوهم، قال: إمّا أنْ تُمرّضوه وليس لكم من ميراثه
شيء، وإما أن أمرضه وليس لي من ميراثه شيء، قالوا: بل مَرِّضه
وليس لك من ميراثه شيء، فمرّضه حتى مات، ولم يأخذ من ماله شيئًا (6)
(1) وهو في «صحيح الأدب
المفرد».
(2) ابن الجوزي: «تاريخ عمر» ص 86.
(3) أبو يوسف «الخراج» ص 290.
(4) الخراج ص 254.
(5)سورة الرحمن،
الآية:
60.سورة الرحمن، الآية: 60
(6)أخرجه عبد
الرزاق في «المصنف» عن طاووس 11/ 133.
يحق لنا أن
نفتخر بعظمة هذا الدين هيا بنا لكي ننشر هذه التعاليم بيننا و نغرسها في نفوس
أولادنا نعيد بهذه التعاليم جيل الصحابة الكرام ومن بينهم معلمهم الأعظم سيدنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن الواقع خير شاهد على تبديل هذه الأخلاق بيننا
وتبديل هذه السلوكيات بين هذه الأمة المرحومة .
يوم أن غابت هذه التعاليم بيننا انتشر القتل و سمعنا عن
حوادث ما أنزل الله بها من سلطان هذا يشرع في عملية قتل إلى غير ذلك من صور
الانحراف أيها الآباء علِّموا الشباب هذه التعاليم واعلموا أنها أمانة في أعناقكم .
غابت شمس هذه التعاليم من بيننا وها نحن ننادي بها من جديد
لكي تحيا في نفوس الصغار والكبار منا .
قد جاء في إحدى صحفنا المحلية من نماذج هؤلاء: . عجوزٌ تموت
جوعًا في شقتها بسبب ابنها الذي قطع عنها الماء والكهرباء والغاز حتى اكتشف
الجيران أمرها!
(1)
العنصر الثالث ما واجبنا تجاه كبار السن
1.الكلام الطيب
والمعاملة الحسنة وهذا ما تعلمناه من القرآن في حديث القرآن عن البر
بالوالدين قال الله
وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل
رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)(2)
2.الدعاء لهما
أيضاً وهذا ماتعلمناه من أيات البِر التي في سورة الإسراء وَقُل رَّبِّ
ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرً
ربما دعوتَ لمريض منهم بالشفاء فدعا لك أو إذا رأيت مريضهم
فادعوا له بالشفاء وتعلمنا أيضا ذلك من خلال دعاء نبي الله ابراهيم رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن
دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ
الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارً ا(3)
3.الزيارة عند
المرض
حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-
قال: ((حق
المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض،
واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس)) متفق
عليه وزيارة المريض من الحقوق العامة للمسلمين ومن بينهم كبار
السن
(1) الشرق الأوسط
13/
3/ 1417.
(2)سورة الإسراء
آية رقم (24)
(3)سورة نوح
الآية:
28.
(4)أخرجه البخاري، كتاب الجنائز، باب
الأمر باتباع الجنائز، (2/ 71) برقم: (1240)، ومسلم، كتاب
السلام، باب من حق المسلم للمسلم رد السلام، برقم: (2162)، بلفظ: ((خمس
تجب للمسلم على أخيه: رد السلام، وتشميت العاطس،
وإجابة الدعوة، وعيادة المريض، واتباع الجنائز)).
وغير ذلك من الحقوق
نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه
اللهم آمين
الدعااااااااااااااااااااااااااااء …….الصلاة
كتبه محب الدعوة الإسلامية /إسلام السمان
ش
ردحذف