خريف العمر للشيخ أبو سيف الازهري
الحمد لله رب العالمين
الحمد لله الذي خلق الخلائق وحدد أعمارها وآجالها، وقدر أقواتها
وأرزاقها، نحمده سبحانه وتعالى ونشكره ونتوب إليه ونستغفره،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كل شيءٍ قائم به،
وكل شيءٍ خاضع له، غِنى كل فقير، وقوة كل ضعيف، ومَفزع كل ملهوف، مَن تكلم سمع نطقه،
ومن سكت علم سره، ومن عاش فعليه رزقُه، ومن مات فإليه منقلبه، كل ملِكٍ غيره مملوك،
وكل قويٍّ غيره ضعيف، وكل غنيٍّ غيره فقير.
يا ربّ حَمْدَاً ليس غيرُكَ يُحْمَدُ *** يَا مَنْ لَهُ كُلُّ
الْخَلائِقِ تَصْمُدُ
أبوابُ كُل ملوكها قد أُوصِدَتْ *** ورأيتُ بابَكَ واسِعَاً
لا يُوصَدُ
وأشهد أنَّ نبيَّنا محمّدًا عبد الله ورسولُه، أحسن النّاس خُلُقًا،
وأكرمُهم خَلْقا، وأشرفهم نسباً، وأعظمهم جودا، صلّى الله وسلّم وبارك عليه، وعلى آله
الأخيارِ، وأصحابه الأبرار، والتابعين، ومن تبِعهم بإحسان إلى يوم الدّين، وسلَّم تسليمًا
كثيرًا.
أما بعـــــد:
يقول الله تعالى : (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ
ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا
وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ)
#عبادالله:
اعلموا جيدا ان الإنسان في التشريع الإسلامي هو المخلوق الأول
والمخلوق المكرم حيا وميتا
والشيخوخة قدر البشر مهما كانت مكانتهم و هويتهم
ففى خريف العمر يتساقط كل شىء كما تسقط الاشجار ورقها فى الخريف
#نعم
الانسان منا تتقلب به مراحل حياته وفتراتها،
من مهد وطفولة إلى شباب وكهولة،
ومن ضعف إلى قوة، ومن صِغَر إلى كِبَر،
وهكذا تسلم كل مرحلة إلى أخرى،
فينشأ الطفل صغيرًا لا يملك لنفسه حولاً ولا قوة،
فيربيه الله بنعمه، ويغذيه بمننه، ويعطيه من فضله، ويزيده بسطة
في العلم والجسم، وصدق ربنا القائل: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ
لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ
لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) وهكذا يُولَد الطفلُ جاهلاً ضعيفًا، صغيرًا،
ثم يدور الزمان دورته،
ويعود ضعيفًا كما بدأ،
محتاجًا للمساعدة،
راغبًا في كلمة حانية،
ولمسة دافئة،
وإحسانًا ممن حوله،
وسبحان من له الدوام،
وسبحان الذي يغير ولا يتغير، ويُطعِم ولا يُطعَم.
◄ وإن من الأخلاق العظيمة والآداب الرفيعة التي دعا إليها ديننا
الحنيف معرفة قدر كبار السن ومراعاة حقوقهم والتأدب معهم ومعرفة ما لهم من حقوق وواجبات
ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "أنزلوا الناس منازلهم"
═◄وتعظم قيمة كبار السن إذا كانا أبوين شيخين كبيرين، كثيرًا
ما أنفقا وسهرا وتعبا في رعاية أبنائهم، فمن واجب الأبناء: البر والإنفاق والصبر والاحتساب،
والاستماع إليهم، والحنو عليهم، والبحث عن مراضيهم، واحتساب الأجر في ذلك كله عند من
لا تضيع عنده الأجور.
◄لا شك أننا صرنا في زمان عجيب، يبرّ الرجل صديقه ويعق أباه،
ينفق على أصدقائه، ويكون مهم شهمًا كريمًا نبيلاً لا يرد لهم طلبًا، وإذا عاد إلى أبيه
أظهر الفقر والقلة، والضعف عن تنفيذ ما يريده منه، وصار هناك من يعق أمه ويرضي زوجته،
فللزوجة المزايا الحسان، والإنفاق الراقي، والذوق الرفيع، وللأم التجهم والبخل والحسرات،
وأُف -والله- لمن ضيّع والديه في سن الكبر فلم يكونا سببًا في دخوله الجنة، وتأمل في
هذا الحديث، دعا جبريل أمين الوحي مبلغًا عن ربه ويؤمن على دعائه النبي –صلى الله عليه
وسلم- فقال: " وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الْكِبَرَ
فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الْجَنَّةَ"رواه الترمذي وصححه الألباني)، وفي رواية:
"شَقِيَ عَبدٌ أَدرك والدَيهِ أَو أَحدَهُما فَلم يُدخِلاهُ الجنَّةَ. فَقلتُ:
آمينَ" (الأدب المفرد للبخاري 644 وصححه الألباني).
فما أعظم حسرة من ضيَّع والديه في كبرهما، وعند ضعفهما، والجزاء
من جنس العمل.
#ايهاالاخوة:
لما دخل صلى الله عليه وسلم مكة فاتحا ذهب أبو بكر الصديق رضي
الله عنه وأتى بوالده أبي قحافة ولم يسلم إذ ذاك فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فلما أتى به إلى النبي عليه الصلاة والسلام قال له عليه الصلاة والسلام لماذا جعلت
هذا الشيخ يأتينا ألا أخبرتنا فأتيناه ثم إن عليه الصلاة والسلام وضع يده على صدره
ودعاه إلى الإسلام فشرح الله صدره للإسلام فأسلم
🔴═◄دخل سليمان بن عبد الملك دخل
المسجد فرأى رجل مسناً كبيراً فدنا منه فقال له يا شيخ أتحب الموت. قال: لا قال وبما
ذاك؟ قال ذهب الشباب وشره وجاء الكبر وخيره فأنا إذا قمت قلت بسم الله وإذا قعدت قلت
الحمد لله فأنا أريد أن يبقى هذا لي وهذا هو معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم
"خيركم من طال عمره وحسن عمله"
🔴═أصبح كبير السن اليوم غريبًا
حتى بين أهلِه وأولاده، ثقيلاً حتى على أقربائه وأحفاده، من هذا الذي يجالسه؟! ومن
هذا الذي يؤانسه؟! بل من هذا الذي يدخل السرور عليه ويباسطه؟!
إذا تكلم الكبير قاطعه الصبيان, وإذا أبدى رأيه ومشورته سفهه
الصغار, فأصبحت حكمته وخبرته في الحياة إلى ضياع وخسران. أما إذا خرج من بيته فقد كان
يخرج بالأمس القريب إلى الأصحاب والأحباب وإلى الإخوان والخلان, يزورهم ويزورونه، يقضي
حوائجهم ويقضون حوائجه، أما اليوم فإن خرج فإنه يخرج إلى الأشجان والأحزان, يخرج اليوم
إلى أحبابه وأصحابه من أقرانه وممن كان يجالسهم، يخرج اليوم يُشيّع موتاهم ويعود مرضاهم,
فالله أعلم كيف يعود إلى بيته, يعود بالقلب المجروح المنكسر, وبالعين الدامعة, وبالدمع
الغزير المنهمر؛ لأنه ينتظر دوره. يرجع إلى بيته ويرى أن معظم أقرانه وجُلسائه قد فارقوا
الحياة، فصار وحيدًا غريبًا ينتظر أمر الله عز وجل.
◄كبار السن في مجتمعنا من الأهل والأقارب والجيران، وممن نخالطهم
في المساجد والمجالس.
إنه الكبير الذي رق عظمه وكبر سنه، وخارت قواه وشاب رأسه، إنه
الكبير الذي نظر الله إلى ضعفه وقلة حيلته فرحمه وعفا عنه، قال الله تعالى: إِلاَّ
الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ
حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ
وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا
🔴═◄فيا معاشر الكبار ـ أنتم كبار
في قلوبنا, وكبار في نفوسنا, وكبار في عيوننا, كبار بعظيم حسناتكم وفضلكم بعد الله
علينا، أنتم الذين عَلّمتم وربيتم وبنيتم وقدمتم وضحيتم، لئن نسي الكثير فضلكم فإن
الله لا ينسى، ولئن جحد الكثير معروفكم فإن المعروف لا يَبْلى, ولئن طال العهد على
ما قدمتموه من خيرات وتضحيات فإن الخير يدوم ويبقى، ثم إلى ربك المنتهى, وعنده الجزاء
الأوفى، إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ
مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً
🔴═◄يا معاشر الكبار، أمّا الآلام
والأسقام والأمراض التي تجدونها بسبب كبر السن فالملائكة كتبت حسناتَها, والله عظّم
أجورها, وستجدونها بين يدي الله, فالله أعلم كم كان لهذه الأسقام والآلام من حسنات
ودرجات, اليوم تُزعجكم وتقلقكم وتُبكيكم وتقض مضاجعكم, ولكنها غدًا بين يدي الله تفرحكُم
وتضحككُم, فاصبروا على البلاء، واحتسبوا عند الله جزيل الأجر والثناء، فإن الله لا
يمنع عبده المؤمن حسن العطاء، قال : ((عجبت لأمر المؤمن، إن أمره كله خيرٌ؛ إن أصابته
ضراء صبر فكان خيرًا له, وإن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له)). عظّم الله أجوركم, وأجزل
في الآخرة ثوابكم، فأحسنوا الظن بما تجدونه عند ربكم.
🔴═◄يا معاشر الشباب، أحسنوا لكبار
السن، لا سيما الوالدين من الآباء والأمهات، إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ
أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا
قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ
ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء:23، 24]، لا سيما إن كان الكبار
من الأعمام والعمات والأخوال والخالات. كم تجلسون مع الأصحاب والأحباب من ساعات وساعات,
كم تجالسونهم وتباسطونهم وتدخلون السرور عليهم, فإذا جلستم مع الأقرباء الكبار مللتم
وضقتم وسئمتم, فالله الله في ضعفهم، الله الله فيما هم فيه من ضيق نفوسهم.
يا معاشر الشباب، ما كان للكبار من الحسنات فانشروها واقبلوها
واذكروها, وما كان من السيئات والهنات فاغفروها واستروها، فإنه ليس من البر إظهار زلة
من أحسن إليك دهرا، وليس من الشيمة إعلان هفوة مَن مَا بِكَ مِن خير فبسببه.
أيها المسلمون، سُئل بعض السلف فقيل له: من أسعد الناس؟ قال:
أسعد الناس من ختم الله له بالخير. أسعد الناس من حسُنت خاتمته, وجاءت على الخير قيامتُه,
قال : ((خيركم من طال عمره وحسن عمله, وشركم من طال عمره وساء عمله)).
◄يا ابن آدم،
إذا رق عظمك وشاب شعرك فقد أتاك النذير، أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ
مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ ؛
تذكرة من الله جل جلاله, وتنبيه من الله سبحانه وتعالى رحمةً
بعباده.
◄كان السلف الصالح رحمة الله عليهم إذا بلغ الرجل منهم أربعين
سنة لزم المساجد وسأل الله العفو عما سلف، وكان يسأله الإحسان فيما بقي من الأزمان،
حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي
أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي
أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ
لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنْ الْمُسْلِمِينَ أُوْلَئِكَ
الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ
فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ
◄ أما اليوم فنحن في غفلة عظيمة، من طلوع الصباح إلى غروب الشمس
والإنسان يلهث في هذه الدنيا, لا يتذكر ولا يعتبر, لا ينيب ولا يدَّكر, وتجده إذا غابت
عليه الشمس وقد مُلئ بالذنوب والآثام من غفلة الدنيا وسيئاتها ينطلق إلى المجالس, إلى
مجلس فلان وعلان, وغيبة ونميمة وغيرِ ذلك مما لا يُرضي الله, فيأتي عليه يومه خاملاً
كسلانًا بعيدًا عن رحمة الله.
كبارنا خيارنا، أهل الفضل والحلم فينا، هم قدوتنا في كل خير،
هم أئمتنا إلى الطاعة والبر.
◄ معاشر الكبار،
أنتم قدوة لأبنائكم وبناتكم وأهليكم, قدوة في مجتمعاتكم، إذا
جلست مع الأبناء والبنات فإن كنت محافظًا على الخير والطاعات أحبوك وهابوك وأجلّوك
وأكرموك, وإن وجدوك تسب الناس وتشتمهم وتنتقصهم وتعيبهم وتغتابهم أهانوك وأذلوك ثم
سبوك وعابوك, وهكذا يُجزى المحسن بالإحسان, والمسيئون بالخيبة والخسران.
◄معاشر الكبار،
إنكم قدوة في مجتمعاتكم، أردتم أم لم تريدوا، من هم دونكم في
السن ينظرون إليكم نظرة إجلال واقتداء، فالحذر الحذر من المخالفة والعصيان، إن المجتمع
لا يقبل أن يُرى كبير السن سيئًا في خلقه وتعامله، لا يرضى المجتمع أن يُرى كبير السن
يدخن مثلاً، فكيف بما هو أعظم من التدخين؟! أو يلاحظ عليه ما يشين. نعم ◄ معاشر الكبار،
إن من حقكم علينا الاحترام والتقدير والمواساة، ومن حقنا عليكم
القدوة وأن تكونوا نماذج يُحتذى بكم ويستفاد من خبرتكم وتجاربكم.
◄ معاشر الكبار، إن مما يحفظ عليك صحتك وقوتك حتى مع كبر سنك
طاعة الله جل وتعالى، وأن لا تستخدم هذه الجوارح في معصيته، وهذا شيء من معنى قول النبي
: ((احفظ الله يحفظك))، أي: من حفظ الله في صباه وقوته حفظه الله في حال كبره وضعف
قوته، ومتعه بسمعه وبصره وحوله وقوته وعقله.
رُوي عن أبي الطيب الطبري رحمه الله تعالى أنه جاوز المائة سنة
وهو ممتع بقوته وعقله، فركب مرة سفينة، فلما خرج منها قفز قفزةً قوية لا يستطيعها الشباب،
فقيل له: ما هذا يا أبا الطيب؟! فقال: ولِمَ وما عصيت الله بواحدة منها قط؟!
◄معاشر الكبار، لقد دلّنا رسول الله إلى بعض الأعمال التي بسببها
يطول عمر الإنسان، وعُدّ إطالة العمر جزاءً لهذه الأعمال الفاضلة، ومن ذلك بر الوالدين
وصلة الأرحام وحسن الخلق وحسن الجوار وتقوى الله عز وجل.
🔴═◄حِفظ حق الكبير ضروري، ورعايته
أمر ضروري كذلك، وإن كان كافرًا، فكيف إذا كان مسلمًا؟ وكيف إذا كان جارًا؟ وكيف إذا
كان قريبًا؟ وكيف إذا كان أبًا وأمًّا؟
بل يصبح ذلك مِن أعظم القُرَب، وأجَلِّ الوسائل للفوز في الدارين،
وتفريج الكروب، وتيسير الأمور، كما يشهد لذلك قصة النفر الثلاثة الذين أوَوْا إلى غارٍ
في جبل، فدخلوه، فانحدرت صخرة من الجبل، فسدت عليهم الغار، فتوسل كل واحد منهم بصالح
أعماله، فكانت وسيلة أحدهم قيامه بهذا الحق العظيم، حق أبويه الشيخين الكبيرين، ورعايته
حقوقهما، ما أدى إلى نيل مطلبه، حيث قال في توسُّله:
((اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت لا أغبق قبلهما أهلًا
ولا مالًا، فنأى بي في طلب شيء يومًا، فلم أرح عليهما حتى ناما، فحلبت لهما غبوقهما،
فوجدتهما نائمينِ، وكرهتُ أن أغبق قبلهما أهلًا أو مالًا، فلبثت والقدح على يدي، أنتظر
استيقاظهما، حتى برق الفجر، فاستيقظا، فشربا غبوقهما، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء
وجهك، ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة)
فإذا كان قريبًا فله حق القرابة مع حق كبر السن، وإذا كان جارًا،
فإضافة إلى حقه في كبر سنه فله حق الجوار، وإذا كان مسلمًا، فله مع حق كبر السن حق
الإسلام، وإذا كان الكبير أبًا أو جدًّا فالحق أعظم، بل إذا كان المسن غير مسلم فله
حق كبر السن؛ إذ إن الشريعة جاءت بحفظ حق الكبير، حتى مع غير المسلمين، فلربما تكون
رعايتك لحقه سببًا لدخوله في هذا الدِّين في مراحل حياته الأخيرة
🔴═◄ومن منطلق حديث رسول الله
-صلى الله عليه وسلم-: ((ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا)) حديث صحيح
رواه أبو داود والترمذي، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وفي رواية أبي داود ((حق كبيرنا))
تعالوا بنا نتعرف على حق كبيرنا علينا:
◄ يا معشر الشباب، اعلموا أن إجلال الكبير وتوقيره ومساعدته
لقضاء حوائجه، سنة من سنن الأنبياء والرسل، قال الله -تعالى-: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاء
مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ
امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ
الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ
فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)
◄يا معشر الشباب: ارحموا كبار السن ووقروهم امتثالا لأمر نبيكم
-صلى الله عليه وسلم- الذي يقول: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ولم يوقر كبيرنا".
وخاصة الآباء والأمهات، والأجداد والجدات، ثم الأعمام والعمات،
والأخوال والخالات، وطاعة لأمر الله: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ
كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً
كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا
كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)
◄يا معشر الشباب: أنشروا واذكروا ما كان من حسنات الكبار، وإذا
كانت هناك سيئات وهنات فاستروها واغفروها، فإنه ليس من البر إظهار زلة من أحسن إليك
دهرا.
◄فيا أيُّها المسلمُ الكريمُ: إذا رأيتَ شيخاً كبيراً أو رجلاً
مسنّاً، فاحملْ إليهِ رسالةَ المجتمعِ المتراحمِ، اجعلْ لهُ في قلبِكَ من المودةِ وفي
تصرفِكَ من التقديرِ ما يجعلُهُ يحمدُ اللهَ ويشعرُ أنهُ في جوقةِ خيرٍ تحمِلُهُ وتسدُّ
ضعفَهُ وترتقُ شيبتَهُ، افسحْ لهُ الطريقَ وافسحْ لهُ في المجلسَ، قُمْ من مكانِكَ
ليجلسَ فيهِ ويستريحَ، في الترمذيِّ، عَنْ انَسِ بنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- أنه قَالَ:
جَاءَ شَيْخٌ يُرِيدُ النبي -صلى الله عليه وسلم- فَأبْطَا الْقَوْمُ عَنْهُ أن يُوَسِّعُوا
لَهُ، فَقَالَ النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ
صَغِيرَنَا، وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا".
◄ إذا رأيتَهُ مهموماً مغموماً فاجلسْ إليهِ وحادِثْهُ ولاطِفْهُ
حتَّى يزولَ ما بِهِ من غَمٍّ،
◄ إذا رأيتَهُ وحيداً يستشعرُ الوحشةَ فاطردْ عنهُ أشباحَها
بالزيارةِ والتفقُّدِ وقضاءِ الحاجةِ والإحسانِ ولو بكلمةٍ طيِّبةٍ وابتسامةٍ مشفقةٍ
مورقةٍ.
رحمتُكَ -أيها المسلمُ- بهؤلاءِ المسنينَ إنَّما هي شكرٌ لِما
أنعمَ اللهُ عليكَ من شبابٍ وفتوةٍ، وادخارٌ واستذخارٌ لرحمةٍ تحتاجُها في مقبلِ أيامِكَ،
مِنْ أبنائِكَ ومجتمَعِكَ، فكما تدينُ تُدانُ، وسيقيِّضُ اللهُ لكَ منْ يرحَمُكَ كما
رحِمْتَ غيرَكَ.
🔴═◄
#ايهاالاخوة:
هل تدرون ما معنى كبر السن؟!
عندما يكون النوم صعبًا،
وصعود السُّلم صعبًا،
والأكل صعبًا،
والاستيقاظ صعبًا،
والتحكم في أعضاء الجسم الحيوية أمرًا صعبًا،
ويكون الصوم صعبًا،
والصلاة شاقة،..
كبير السن الذي سقطت أسنانه، وابيض شعره، وغزت الأمراض والأسقام
والأوجاع جسمه،
فهو اليوم يتابع عيادة السكر،
وغدًا الضغط، مع حاجته الماسة لمتابعة عيادة آلام العظام، مع
الضعف العام، وهو في هذه الحالة أحوج منا إلى الرحمة بضعفه، والإنفاق على مرضه، والصبر
على عوزه، وعدم التضجر من آلامه، ولكن ليس كل البشر يفعل هذا، (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا
الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) ،
و”إنما يرحم الله من عباده الرحماء”..
🔴═◄إمرأة صالحة عمرها فوق التسعين
.. يقول ابنها :
في يومٍ من الأيام جاءني قريب لنا وأمي جالسة عندي
فلما دخل قال ما شاء الله الوالدة عندك ؟
يعني في البيت .
فقلت : لا أنا عندها " من باب الاكرام لها "
فقالت الوالدة : لا يا بني عندما كنت صغيراً كنت عندنا .. ولكن
لما كبرنا صرنا نحن عندك .. ألم تقرأ قول الله تعالى : ( إما يبلغن عندك الكبر أحدهما
أو كلاهما )
يقول الإبن : كأني لأول مرة أسمع هذه الآية ..
كل شيء في الوالدين يضعف مع تقدم السن ورقّة العظم ..
إلا عاطفة الأبوة والأمومة ..
فلا تزداد إلا قوة .
فاحذروا أن تطفئوا هذه العاطفة ببرودة مشاعركم !!
لا ترهقوا اباءكم بعصيانكم فوالله ان دمعه واحده تجرى على خد
أم او لحيه شيبه أب متحسره ،،
كفيله باغراقكم فى ظلمات الحياه !!
اكثروا من قول :
{ ربِّ اغفر لي ولوالديّ }
فإنها تجمع بين ثلاث عبادات
الدعاء ، والبرّ ، والاستغفار.
اللهم اغفر لنا تقصيرنا وإسرافنا على أنفسنا
وأعف عنا وعن والدينا .
اللهم انك اخذت حبيبتى امى بالموت ولم تأخذ مرارة فقدها
فلا ابكيك اعتراضا ولكن طمعا فى ان تنزل بها رحمتك وعفوك وتسكنها
الفردوس الاعلى...
بر الوالدين ليس مناوبات وظيفية بينك وبين اخوانك بل مزاحمات
على أبواب الجنة . . ....هذه حقيقة يغفل عنها البعض..
#لكن
من المؤسف حقا ومن المبكي صدقا أن يتعدى بعض الناشئة على هؤلاء
فلا يعرفون لهم حقا ولا يقومون لهم بواجب بل منهم من ربما اعتدى على كبير السن بشتم
أو غير ذلك من الإساءات.
اقول قولى هذا واستغفر الله لى ولكم
والتائب من الذنب كمن لا ذنب له............!
=======================
🔻 الخطبة الثانية 🔻
الحمد لله حمدا كثيرا كما امر
والصلاة والسلام على محمد سيد البشر
الشفيع المشفع فى المحشر
صلى الله وسلم وبارك عليه ما اتصلت عين بنظر او سمعت اذن بخبر
فقد قال تعالى ولم يزل قائلا عليما وآمرا حكيما; تشريفا لقدر
المصطفى صلى الله عليه وسلم وتعظيما;
إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ
ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ...
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
إلى يوم الدين
وبعد:
═◄ثمرة هذه الخطبة تتمثل فى ذالكم الحديث العظيم الذى رواه الامام
ابو داوود فى سننه وحسنه الالبانى أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال : "إِنَّ
مِنْ إِجْلاَلِ اللَّهِ: إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ
غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ"
◄يقول يحي بن سعيد المدني رحمه الله بلغنا " أن من أهان
ذا شيبة لم يمت حتى يقيض الله عز وجل له من يهينه في كبره"
#عبادالله:
إذا كان كبير السن أبا أو جدا أو خالا أو عما أو جار أو قريبا
فإن ذلك عباد الله قد اجتمعت فيه حقوق عديدة حقوق كبر السن وحقوق الأبوة أو العمومة
أو الجوار أو نحو ذلك.
والواجب على المسلم عباد الله أن يتقي الله جل وعلا وأن يحسن
مع عباد الله وأن ينزلهم منازلهم وأن يعطي كل ذي حق حقه
⬅ اللهم يا حى يا قيوم ياذا الجلال والإكرام
نسألك............... مع الدعاء