دَورُ المسجدِ ومكانتُه في الإسلامِ للشيخ بركات سيد احمد محمد
خطبة بعوان دَورُ المسجدِ ومكانتُه في الإسلامِ
اعدها بركات سيد احمد محمد
امام وخطيب بوزارة الاوقاف
تابع ليصلك كل جديد
عناصر الخطبة:
مقدمة
بيان مكانة المسجد
دور المسجد في بناء كيان الأمة
وسائل تفعيل رسالة المسجد
آداب المسجد
مقدمة:
كان المسجدُ وما يزالُ شعار الحياة في المجتمع الإسلامي؛ فهو
المدرسةُ الأولى التي تخرَّجَ فيها الصحابةُ-رضى الله عنهم-، فكان لهم كبير الأثر في
جميع المجالات العلمية والدعوية والقضائية والأدبية وغيرها؛ ذلك أن المسجد أدى دوره
وقام برسالته التي جاء من أجلها؛ فلم يكن في عهود الإسلام الأولى دار صلاة فحسب، بل
كان مع ذلك دار اجتماعٍ لكلِّ المسلمين، ومركزاً لإرسال السرايا والجيوش، ومنه ينطلقُ
الدعاة إلى الله يجوبون الأرض يعلِّمون الناس الخير. ([1])
بيان مكانة المسجد:
إن المسجد في الإسلام له مكانة رفيعة وقدسية ليست لغيره من البقاع،
ومما يدل على ذلك أنَّ المساجد:
1- هي خير بقاع الأرض وأحبُّها إلى الله: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: ((أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ
مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ أَسْوَاقُهَا))([2])
قال النووي-رحمه الله-: لِأَنَّهَا بُيُوتُ الطَّاعَاتِ وَأَسَاسُهَا
عَلَى التَّقْوَى، وَالْمَسَاجِدُ مَحَلُّ نُزُولِ الرَّحْمَةِ وَالْأَسْوَاقُ ضِدُّهَا.
([3])
2- نَسَبَها الله عز وجل لنفسه تعظيماً لشأنها: قال تعالى{وَأَنَّ
الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18]
فالله سبحانه وتعالى وهو مالك كل شيء نسب المساجد إليه وشرَّفها
وعظمها بإضافتها إليه، فليست هي لأحد سواه، كما أن العبادة التي كلَّف الله عباده إياها
لا يجوز أن تُصرف لسواه.
قال الشنقيطي-رحمه الله-: قَوْلُهُ تَعَالَى: ( لِلَّهِ) إِضَافَةُ
تَشْرِيفٍ وَتَكْرِيمٍ. وَلِهَذَا مُنِعَتْ مِنَ اتِّخَاذِهَا لِأُمُورِ الدُّنْيَا
مِنْ بَيْعٍ وَتِجَارَةٍ. ([4])
وعَنْ عُمَرَ -رضى الله عنه-، قَالَ: الْمَسَاجِدُ بُيُوتُ اللهِ
فِي الأَرْضِ، وَحَقٌّ عَلَى الْمَزُورِ أَنْ يُكْرِمَ زَائِرَهُ. ([5])
3- حَثَّ الشارعُ على بنائِها وما ذلك إلا لأهميتها: فعن عُثْمَانَ
بْن عَفَّانَ -رضى الله عنه-، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-يَقُولُ:
((مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ تَعَالَى - يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللهِ - بَنَى اللهُ
لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ ))([6])
4- مدحَ اللهُ عُمَّارَها مادياً ومعنوياً: قال تعالى{ إِنَّمَا
يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ
وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا
مِنَ الْمُهْتَدِينَ } [التوبة: 18]
قال ابن رجب-رحمه الله-: عمارةُ المساجدِ تكونُ بمعنيين: أحدُهما:
عمارتُها الحسِّيَّة ببنائِها وإصلاحِها وترميمِها، وما أشْبَه ذلك. والثاني: عمارتُها
المعنويّة بالصلاةِ فيها، وذكْرِ اللَّهِ وتلاوةِ كتابِهِ، ونشرِ العلم الذي أنزلَهُ
على رسولِهِ، ونحو ذلك. وقد فُسِّرت الآيةُ بكلِّ واحدٍ من المعنيين، وفُسِّرتْ بهما
جميعاً، والمعنى الثاني أخصُّ بها. ([7])
وقال تعالى{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ
فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ
تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ
يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ
اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ
يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [النور: 36- 38] أَيْ: أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِرَفْعِهَا،
أَيْ: بِتَطْهِيرِهَا مِنَ الدَّنَسِ وَاللَّغْوِ،
وَالْأَفْعَالِ وَالْأَقْوَالِ الَّتِي لَا تَلِيقُ فِيهَا، كَمَا
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. ([8])
5- حذَّرَ الشرع مِن تعطيلها ومنعِ عمارتها: قال تعالى{وَمَنْ
أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي
خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ
فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [البقرة: 114]
6- ومما يدل على مكانة المسجد وأهميته، أنَّ أولَ عمل قام به
النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-عند وصوله المدينة بناء المسجد.
دور المسجد في بناء كيان الأمة، فمن خلال المسجد:
1- تُقامُ أعظمُ فريضةً بعدَ الشهادتين وهي الصلاة:
فالأصلُ في إقامةِ الصلاة أنها في المساجد لأنها بُنِيتْ لذلك،
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ-رضى الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ-صلى الله عليه وسلم- قَالَ:
((مَنْ غَدَا إِلَى المَسْجِدِ وَرَاحَ، أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الجَنَّةِ
كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ)) ([9])
وقد ذكر النبي-صلى الله عليه وسلم- فضل صلاة الجماعة والذهاب
إلى المسجد كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ-رضى الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
-صلى الله عليه وسلم-: (( صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ
فِي بَيْتِهِ، وَصَلَاتِهِ فِي سُوقِهِ، بِضْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، وَذَلِكَ أَنَّ
أَحَدَهُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ لَا يَنْهَزُهُ
إِلَّا الصَّلَاةُ، لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ، فَلَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا
رُفِعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ،
فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَانَ فِي الصَّلَاةِ مَا كَانَتِ الصَّلَاةُ هِيَ تَحْبِسُهُ،
وَالْمَلَائِكَةُ يُصَلُّونَ عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي صَلَّى
فِيهِ، يَقُولُونَ: اللهُمَّ ارْحَمْهُ، اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ،
مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ )) ([10])
1- ومن خلال المساجد يُنشرُ العلمُ النافع مِن كتاب الله وسنة
نبيه -صلى الله عليه وسلم-
فالمسجد هو أول المؤسسات التي انطلق منها شعاع العلم والمعرفة
في الإسلام، وهو يحمل
خاصية أساسية بالنسبة للمجتمع المسلم، وهو مصدر الانطلاقة الأولى
لدعوة الإسلام ونبع الهداية الربانية. ([11])
قال ابن تيمية-رحمه الله-: وَكَانَتْ مَوَاضِعُ الْأَئِمَّةِ
وَمَجَامِعُ الْأُمَّةِ هِيَ الْمَسَاجِدَ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ-صلى الله عليه وسلم-أَسَّسَ
مَسْجِدَهُ الْمُبَارَكَ عَلَى التَّقْوَى: فَفِيهِ الصَّلَاةُ وَالْقِرَاءَةُ وَالذِّكْرُ؛
وَتَعْلِيمُ الْعِلْمِ وَالْخُطَبُ. وَفِيهِ السِّيَاسَةُ وَعَقْدُ الْأَلْوِيَةِ وَالرَّايَاتِ
وَتَأْمِيرُ الْأُمَرَاءِ وَتَعْرِيفُ الْعُرَفَاءِ. وَفِيهِ يَجْتَمِعُ الْمُسْلِمُونَ
عِنْدَهُ لِمَا أَهَمَّهُمْ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ. ([12])
فلقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-يجلس في المسجد ويسأله
أصحابه، ويجيبهم، وفتاواه -صلى الله عليه وسلم-وقضاؤه في المسجد معلومة مشهورة. وبوَّب
البخاري في صحيحه (بَابُ مَنْ قَضَى وَلاَعَنَ فِي المَسْجِدِ) (بَابُ ذِكْرِ العِلْمِ
وَالفُتْيَا فِي المَسْجِدِ) وهذا مثال من آلاف الأمثلة التي نُقِلَتْ إلينا. عَنْ
عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ-رضى الله عنه-، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه
وسلم-وَنَحْنُ فِي الصُّفَّةِ، فَقَالَ: ((أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَوْمٍ
إِلَى بُطْحَانَ، أَوْ إِلَى الْعَقِيقِ، فَيَأْتِيَ مِنْهُ بِنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ
فِي غَيْرِ إِثْمٍ، وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ؟ ))، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ نُحِبُّ
ذَلِكَ، قَالَ: ((أَفَلَا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَعْلَمُ، أَوْ يَقْرَأُ
آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ، وَثَلَاثٌ
خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَرْبَعٍ، وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ
مِنَ الْإِبِلِ)) ([13])
2- ومن خلال المسجد يُحصَّنِ المجتمعُ من انتشار الفاحشة والرذيلة
قال تعالى{ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ
الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ
أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت: 45]
قال القرطبي-رحمه الله-: فالصَّلَاةَ تَنْهَى صَاحِبَهَا وَمُمْتَثِلَهَا
عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، وَذَلِكَ لِمَا فِيهَا مِنْ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ
الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْمَوْعِظَةِ. وَالصَّلَاةُ تَشْغَلُ كُلَّ بَدَنِ الْمُصَلِّي،
فَإِذَا دَخَلَ الْمُصَلِّي فِي مِحْرَابِهِ وَخَشَعَ وأخبت لربه وادكر أَنَّهُ وَاقِفٌ
بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَنَّهُ مُطَّلِعٌ عَلَيْهِ وَيَرَاهُ، صَلُحَتْ لِذَلِكَ نَفْسُهُ
وَتَذَلَّلَتْ، وَخَامَرَهَا ارْتِقَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَظَهَرَتْ عَلَى جَوَارِحِهِ
هَيْبَتُهَا، وَلَمْ يَكَدْ يَفْتُرُ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى تُظِلَّهُ صَلَاةٌ أُخْرَى
يَرْجِعُ بِهَا إِلَى أَفْضَلِ حَالَةٍ. ([14])
وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْقِلٍ، قَالَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ
أَنَّ الْمَسْجِدَ حِصْنٌ حَصِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ. ([15])
3- ومن خلال المسجد تبثُّ روحُ الوحدة والاجتماع بين أفراد المجتمع
من أهم وظائف المسجد التربوية أنه يعوِّد المسلمين على التزام
الجماعة والارتباط بها عدة مرات في اليوم الواحد، حيث يستشعر المسلم أهمية أن يكون
مع إخوانه يؤدون شعائر دينهم وهم في ذلك سواسية كأسنان المشط حين وقوفهم أمام الله
سبحانه فهم متساوون موحدون متوحدون. ([16])
وقد سبق بيان فضل صلاة الجماعة
وما خُصَّت صلاة الجماعة بهذا الفضل إلا لأثر الجماعة في قوة
المجتمع المسلم ولمِّ شمله.
4- ومن خلال المسجد تَعُمُّ روحُ الأخوة والتعارف بين المؤمنين:
قال تعالى{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ
ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ
عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13] إن التعارف
قاعدة من قواعد الآداب الإسلامية، بل هو ضرورة من ضرورات التعامل بين الناس، فالجار
يحتاج إلى جاره، ولا يمكن أن يتعامل معه إلا إذا تعارفا، وكل واحد من الناس قد يحتاج
إلى غيره، فكيف يتعامل معه بدون تعارف بينهما؟ والمسجد كفيل بإيجاد تعارف أخوي إيماني
لا ينسى، ذلك أن المصلين في الحي الواحد لا يلتقون في المسجد غالبًا إلا لأداء صلاة
الفريضة، أما إذا كانت تربطهم حلقات الدرس في المسجد فإن لقاءهم يكون أكثر، وكذلك صلاة
العيدين والجمعة وغيرها. فالمسجد بوتقة لابد منها، لتنصهر فيها النفوس، وتتجرد من علائق
الدنيا، وفارق الرتب والمناصب، وحواجز الكبر والأنانية، ثم تتلاقى في ساحة العبودية
الصادقة لله عز وجل بصدق وإخلاص.([17])
5- ويعتبر المسجد مركز لإعداد النشء
لقد اعتبر المسجد منذ أن وجد مؤسسة تربوية للصغار، وكان رسول
الله -صلى الله عليه وسلم-لا يمنع الصغار عن المسجد، بل كانت له مواقف معينة تؤكد اهتمامه
بهم، ومما يروى في هذا المجال: عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ-رضى الله عنه-،
قَالَ: ((رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-يَؤُمُّ النَّاسَ وَأُمَامَةُ بِنْتُ
أَبِي الْعَاصِ وَهِيَ ابْنَةُ زَيْنَبَ بِنْتُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-عَلَى
عَاتِقِهِ، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ السُّجُودِ أَعَادَهَا))([18])
وعَنْ أَبِي قَتَادَةَ -رضى الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى
الله عليه وسلم-قَالَ: ((إِنِّي لَأَقُومُ فِي الصَّلاَةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا،
فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاَتِي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ
عَلَى أُمِّهِ))([19])
وإنَّ هذا كله يدل على حضور الصغار المسجد، فصلة الناشئ بالمسجد
في عهد الرسول-صلى الله عليه وسلم-كانت قوية ومقصودة، وإن تنشئته على ذلك تجعله يألفه
ويرتبط به، ليكون من رواده فيه مصلحة عظيمة، ولذلك أثره في تنمية القيم الخلقية الإسلامية.
([20])
وأمّا ما نراه اليوم من بعض الناس من طرد الأولاد الصغار وزجرهم،
فهذا مما يأباه الشرع وينهى عنه.
6 – ومن خلال المسجد تُصحح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام وترد
الشبهات والأباطيل التي يثيرها خصومه، بأسلوب مقنع حكيم بعيدًا عن المهاترة والسباب
ومواجهة الأفكار الهدامة بتقديم الإسلام الصحيح.
وسائل تفعيل رسالة المسجد: ([21])
الوسيلة الأولى: نشرُ العلم وتعليمه وذلك من خلال:
أ- عقد الدروس الشرعية والدورات العلمية:
وذلك بواسطة العلماء وطلاب العلم في شتى أنواع العلوم الشرعية
من عقيدة وفقه وحديث وتفسير وغيرها، وذلك بين الحين والآخر، ومما يدل على أن المسجد
كان مهد مثل هذه الدروس العلمية. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ-رضى الله عنه-، أَنَّهُ مَرَّ
بِسُوقِ الْمَدِينَةِ، فَوَقَفَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: ((يَا أَهْلَ السُّوقِ، مَا أَعْجَزَكُمْ))
قَالُوا: وَمَا ذَاكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: ((ذَاكَ مِيرَاثُ رَسُولِ اللَّهِ
-صلى الله عليه وسلم-يُقْسَمُ، وَأَنْتُمْ هَاهُنَا لَا تَذْهَبُونَ فَتَأَخُذُونَ
نَصِيبَكُمْ مِنْهُ)) قَالُوا: وَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: (( فِي الْمَسْجِدِ)) فَخَرَجُوا
سِرَاعًا إِلَى الْمَسْجِدِ، وَوَقَفَ أَبُو هُرَيْرَةَ-رضى الله عنه- لَهُمْ حَتَّى
رَجَعُوا، فَقَالَ لَهُمْ: ((مَا لَكُمْ؟ )) قَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَدْ
أَتَيْنَا الْمَسْجِدَ، فَدَخَلْنَا، فَلَمْ نَرَ فِيهِ شَيْئًا يُقْسَمُ. فَقَالَ
لَهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ: ((أَمَا رَأَيْتُمْ فِي الْمَسْجِدِ أَحَدًا؟ )) قَالُوا:
بَلَى، رَأَيْنَا قَوْمًا يُصَلُّونَ، وَقَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، وَقَوْمًا
يَتَذَاكَرُونَ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ، فَقَالَ لَهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ: ((وَيْحَكُمْ،
فَذَاكَ مِيرَاثُ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-))([22])
قال أَسَدُ بْنُ الْفُرَاتِ،: " بَلَغَنِي أَنَّ قَوْمًا
كَانُوا يَتَنَاظَرُونَ بِالْعِرَاقِ فِي الْعِلْمِ فَقَالَ قَائِلٌ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟
فَقِيلَ لَهُ: قَوْمٌ يَقْتَسِمُونَ مِيرَاثَ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-".
([23])
وعَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: " جَاءَ رَجُلٌ مِنْ مُرَادٍ
يُقَالُ لَهُ صَفْوَانُ بْنُ عَسَّالٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم-وَهُوَ
فِي الْمَسْجِدِ مُتَّكِئٌ عَلَى بُرْدٍ لَهُ أَحْمَرَ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، إِنِّي جِئْتُ أَطْلُبُ الْعِلْمَ قَالَ: ((مَرْحَبًا بِطَالِبِ الْعِلْمِ،
إِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ لَتَحُفُّ بِهِ الْمَلَائِكَةُ وَتُظَلِّلُهُ بِأَجْنِحَتِهَا
فَيَرْكَبُ بَعْضُهَا بَعْضًا حَتَّى تَعْلُوَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا مِنْ حُبِّهِمْ
لِمَا يَطْلُبُ فَمَا جِئْتَ تَطْلُبُ؟ )) وذَكَرَ الْحَدِيثَ. ([24])
ب-: إلقاء المحاضرات والدروس العامة:
والمقصود بذلك المحاضرات التي يحتاجها المسلمون في حياتهم، وهذه
تختلف عما سبق من حيث إنها لا تركز على شريحة معينة من المجتمع كطلبة العلم، بل تتوجه
إلى عموم الناس: المتعلم وغير المتعلم، من النساء والرجال، فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: ((إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ حَتَّى النَّمْلَةَ
فِي جُحْرِهَا، وَحَتَّى الْحُوتَ فِي الْبَحْرِ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ
الْخَيْرَ))([25])
ج-: إلقاء بعض الكلمات والمواعظ الموجزة:
يتم إلقاؤها بين فينة وأخرى يستفيد منها جميع روّاد المسجد، على
أن يُرَاعى في ذلك كله الأوقات المناسبة حتى لا يملّ الناس، وهكذا كان هديه -صلى الله
عليه وسلم-؛ فقد قال عبد الله بْنُ مَسْعُودٍ-رضى الله عنه-: كَانَ النَّبِيُّ -صلى
الله عليه وسلم-((يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الأَيَّامِ، كَرَاهَةَ السَّآمَةِ
عَلَيْنَا))([26])، هذا وهو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس موعظة، وهؤلاء
هم الصحابة أحب العالمين للموعظة.
قال ابن حجر-رحمه الله-: وَيُسْتَفَادُ مِنَ الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ
تَرْكِ الْمُدَاوَمَةِ فِي الْجِدِّ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ خَشْيَةَ الْمَلَالِ
وَإِنْ كَانَتِ الْمُوَاظَبَةُ مَطْلُوبَةً لَكِنَّهَا عَلَى قِسْمَيْنِ إِمَّا كُلَّ
يَوْمٍ مَعَ عَدَمِ التَّكَلُّفِ وَإِمَّا يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ فَيَكُونُ يَوْمُ
التَّرْكِ لِأَجْلِ الرَّاحَةِ لِيُقْبِلَ عَلَى الثَّانِي بِنَشَاطٍ وَإِمَّا يَوْمًا
فِي الْجُمُعَةِ
وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَالْأَشْخَاصِ وَالضَّابِطُ
الْحَاجَةُ مَعَ مُرَاعَاةِ وُجُودِ النَّشَاطِ. ([27])
الوسيلة الثانية: إنكار المخالفات الشرعية نصحاً لعامة المسلمين:
وذلك عند وقوع أحد منهم في مخالفة داخل المسجد، ومن المخالفات
الظاهرة في المساجد في زماننا:
أ- إصدار النغمات الموسيقية أو الأغاني عبر الهواتف المحمولة
وغيرها من الأمور التي تحرم في كل مكان فضلاً عن المساجد والتي هي أحب البقاع إلى الله.
ب – الُمغَلاةُ في زخرفةِ المساجدِ حتى فَقَدَ كثيرٌ من النَّاسِ
الخشوعَ في الصلاةِ بسببِ ما يراه
حوله من الألوان والزخارف التي ما جاء بها شرعٌ، وإنما هي المباهاة.
فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ-رضى الله عنهما-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه
وسلم-: ((مَا أُمِرْتُ بِتَشْيِيدِ الْمَسَاجِدِ))، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ-رضى الله
عنهما-: لَتُزَخْرِفُنَّهَا كَمَا زَخْرَفَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى. ([28])
وَأَمَرَ عُمَرُ -رضى الله عنه- بِبِنَاءِ المَسْجِدِ وَقَالَ:
((أَكِنَّ النَّاسَ مِنَ المَطَرِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُحَمِّرَ أَوْ تُصَفِّرَ فَتَفْتِنَ
النَّاسَ)) وَقَالَ أَنَسٌ: ((يَتَبَاهَوْنَ بِهَا ثُمَّ لاَ يَعْمُرُونَهَا إِلَّا
قَلِيلًا))([29])
ج – رفع الصوت والجدال والمراء في المسجد بدون وجهٍ شرعي.
عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: كُنْتُ قَائِمًا فِي المَسْجِدِ
فَحَصَبَنِي رَجُلٌ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ-رضى الله عنه-، فَقَالَ:
اذْهَبْ فَأْتِنِي بِهَذَيْنِ، فَجِئْتُهُ بِهِمَا، قَالَ: مَنْ أَنْتُمَا أَوْ مِنْ
أَيْنَ أَنْتُمَا؟ قَالاَ: مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ، قَالَ: ((لَوْ كُنْتُمَا مِنْ أَهْلِ
البَلَدِ لَأَوْجَعْتُكُمَا، تَرْفَعَانِ أَصْوَاتَكُمَا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ
-صلى الله عليه وسلم-)) ([30])
قال ابن رجب -رحمه الله-: ورفع الأصوات في المسجد على وجهين:
أحدهما: أن يكون بذكر الله وقراءة القرآن والمواعظ وتعليم العلم
وتعليمه، فما كان من ذلك
لحاجة عموم أهل المسجد إليه، مثل الأذان والإقامة وقراءة الإمام
في الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة، فهذا كله حسن مأمور به... وما لا حاجة إلى الجهر
فيه، فإن كان فيه أذى لغيره ممن يشتغل بالطاعات كمن يصلي لنفسه ويجهر بقراءته، حتى
يغلط من يقرأ إلى جانبه أن يصلي، فإنه منهي عنه.
الوجه الثاني: رفع الصوت بالاختصام ونحوه من أمور الدنيا، فهذا
هو الذي نهى عنه عمر وغيره من الصحابة. ([31])
د- إنشاد ضالة في المسجد أو البيع فيه:
عن أبي هُرَيْرَةَ -رضى الله عنه-، قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ
-صلى الله عليه وسلم-: ((مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَلْيَقُلْ
لَا رَدَّهَا اللهُ عَلَيْكَ فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا))([32])
وعن بُرَيْدَةَ-رضى الله عنه-، أَنَّ رَجُلًا نَشَدَ فِي الْمَسْجِدِ
فَقَالَ: مَنْ دَعَا إِلَى الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ-صلى الله عليه
وسلم-: ((لَا وَجَدْتَ، إِنَّمَا بُنِيَتِ الْمَسَاجِدُ لِمَا بُنِيَتْ لَهُ))([33])
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضى الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
-صلى الله عليه وسلم-قَالَ: (( إِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ أَوْ يَبْتَاعُ فِي المَسْجِدِ،
فَقُولُوا: لَا أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتَكَ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَنْشُدُ فِيهِ
ضَالَّةً، فَقُولُوا: لَا رَدَّ اللَّهُ عَلَيْكَ ))([34])
هـ– ارتداء بعض الشباب ثياب عليها تصاوير، أو ثياب ضيقة تحجم
العورة، أو ثياب شفافة تظهر ما تحتها من العورة، كلُّ هذا من المنكرات التي ينبغي لطلاب
العلم والعلماء أنّ يُقدِّموا النصحَ لفاعله.
الوسيلة الثالثة: إماتة البدع وإحياء السنن:
فيجب التعاون على إماتة البدع والخرافات من المسجد إن وُجدت،
ثم إحياء السنن التي
أُميتت وما أكثرها! وها هو مثال رائع لهذا الصدد، وذلك أن أبا
موسى الأشعري قال لعبد الله بن مسعود: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنِّي رَأَيْتُ
فِي الْمَسْجِدِ آنِفًا أَمْرًا أَنْكَرْتُهُ وَلَمْ أَرَ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ -
إِلَّا خَيْرًا. قَالَ: فَمَا هُوَ؟ فَقَالَ: إِنْ عِشْتَ فَسَتَرَاهُ. قَالَ: رَأَيْتُ
فِي الْمَسْجِدِ قَوْمًا حِلَقًا جُلُوسًا يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ فِي كُلِّ حَلْقَةٍ
رَجُلٌ، وَفِي أَيْدِيهِمْ حصًا، فَيَقُولُ: كَبِّرُوا مِائَةً، فَيُكَبِّرُونَ مِائَةً،
فَيَقُولُ: هَلِّلُوا مِائَةً، فَيُهَلِّلُونَ مِائَةً، وَيَقُولُ: سَبِّحُوا مِائَةً،
فَيُسَبِّحُونَ مِائَةً، قَالَ: فَمَاذَا قُلْتَ لَهُمْ؟ قَالَ: مَا قُلْتُ لَهُمْ
شَيْئًا انْتِظَارَ رَأْيِكَ أَوِ انْتظارَ أَمْرِكَ. قَالَ: أَفَلَا أَمَرْتَهُمْ
أَنْ يَعُدُّوا سَيِّئَاتِهِمْ، وَضَمِنْتَ لَهُمْ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ،
ثُمَّ مَضَى وَمَضَيْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَى حَلْقَةً مِنْ تِلْكَ الْحِلَقِ، فَوَقَفَ
عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: مَا هَذَا الَّذِي أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَ؟ قَالُوا: يَا أَبَا
عَبْدِ الرَّحْمَنِ حصًا نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ.
قَالَ: فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ، فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ
شَيْءٌ وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ هَؤُلَاءِ صَحَابَةُ
نَبِيِّكُمْ -صلى الله عليه وسلم-مُتَوَافِرُونَ، وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ،
وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ
هِيَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-أوْ مُفْتَتِحُو بَابِ ضَلَالَةٍ.
قَالُوا: وَاللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا أَرَدْنَا إِلَّا الْخَيْرَ.
قَالَ: وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى
الله عليه وسلم-حَدَّثَنَا أَنَّ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ
"، وَايْمُ اللَّهِ مَا أَدْرِي لَعَلَّ أَكْثَرَهُمْ مِنْكُمْ، ثُمَّ تَوَلَّى
عَنْهُمْ. فَقَالَ عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ: رَأَيْنَا عَامَّةَ أُولَئِكَ الْحِلَقِ
يُطَاعِنُونَا يَوْمَ النَّهْرَوَانِ مَعَ الْخَوَارِجِ. ([35])
الوسيلة الرابعة: تعيين أئمة وخطباء من أهل العلم والإصلاح:
فإنَّ كلَّ ما ذُكر من وسائل لتفعيل دور المسجد متوقف على طبيعة
القائمين على بيوت الله، ويأتي في أولهم إمام المسجد وخطيبه، وكذلك مؤذنه، والأصل في
هذه الوسيلة هو قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ
الله ))([36]) ففيه بيان أهمية هذه الولاية، وأنه ليس كل أحد أحق بها.
آداب المسجد:
المساجد بيوت الله، ولذا أمر برفع شأنها والاهتمام بها. قال تعالى:
{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} ولذا شرع لها
آدابا ينبغي مراعاتها، وهي:
1) أن لا تُبنى المساجدُ على القبور، أو يوضعُ فيها قبرٌ لميتٍ
أيًّا كان الميت.
فعن عَائِشَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رضى الله عنهم-،
قَالاَ: لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً
لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ بِهَا كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ وَهُوَ
كَذَلِكَ: ((لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى اليَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ
مَسَاجِدَ)) يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا. ([37])
عَنْ عَائِشَةَ -رضى الله عنها-، قَالَتْ: لَمَّا اشْتَكَى النَّبِيُّ
-صلى الله عليه وسلم- ذَكَرَتْ بَعْضُ نِسَائِهِ كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِأَرْضِ الحَبَشَةِ
يُقَالُ لَهَا: مَارِيَةُ، وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، وَأُمّ حَبِيبَةَ -رضى الله عنهما-أَتَتَا
أَرْضَ الحَبَشَةِ، فَذَكَرَتَا مِنْ حُسْنِهَا وَتَصَاوِيرَ فِيهَا، فَرَفَعَ رَأْسَهُ،
فَقَالَ: ((أُولَئِكِ إِذَا مَاتَ مِنْهُمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ
مَسْجِدًا، ثُمَّ صَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّورَةَ أُولَئِكِ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ
اللَّهِ)) ([38])
2) التنظف والتطيب وارتداء الزينة: لقوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ
خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}
قال ابن القيم -رحمه الله-: فَعَلَّقَ الْأَمْرَ بِأَخْذِ الزِّينَةِ،
لَا بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ، إِيذَانًا بِأَنَّ الْعَبْدَ يَنْبَغِي لَهُ: أَنْ يَلْبَسَ
أَزْيَنَ ثِيَابِهِ، وَأَجْمَلَهَا فِي الصَّلَاةِ.
وَكَانَ لِبَعْضِ السَّلَفِ حُلَّةٌ بِمَبْلَغٍ عَظِيمٍ مِنَ
الْمَالِ. وَكَانَ يَلْبَسُهَا وَقْتَ الصَّلَاةِ. وَيَقُولُ: رَبِّي أَحَقُّ مَنْ
تَجَمَّلْتُ لَهُ فِي صَلَاتِي. وَمَعْلُومٌ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ. لَاسِيَّمَا إِذَا وَقَفَ بَيْنَ
يَدَيْهِ. فَأَحْسَنُ مَا وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ بِمَلَابِسِهِ وَنِعْمَتِهِ الَّتِي
أَلْبَسَهُ إِيَّاهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. ([39])
أما المرأة فلا تتطيب إذا أرادت الخروج إلى المسجد، فعَنْ زَيْنَبَ،
امْرَأَةِ عَبْدِ اللهِ، قَالَتْ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-:
((إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْمَسْجِدَ فَلَا تَمَسَّ طِيبًا))([40]) وَمِمَّا
تُصَانُ عَنْهُ الْمَسَاجِدُ وَتُنَزَّهُ عَنْهُ الرَّوَائِحُ الْكَرِيهَةُ، لحديث
جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -رضى الله عنهم-ا، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-قَالَ:
(( مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الْبَقْلَةِ، الثُّومِ - وقَالَ مَرَّةً: مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ
وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى
مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ ))([41])
ويدخل في ذلك من باب أولى من ابتُلي بالتدخين، فيجب عليه أن يُقلع
عن هذا المنكر الذي حرمه الشرع، وإلا فليتق الله ولا يؤذي المسلمين برائحة الدخان الكريهة.
3) قراءة ذكر الخروج إلى المسجد: كما في حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ
عَبَّاسٍ -رضى الله عنهما-، وفيه: فَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ فَخَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ،
وَهُوَ يَقُولُ: ((اللهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي لِسَانِي نُورًا، وَاجْعَلْ
فِي سَمْعِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ خَلْفِي نُورًا،
وَمِنْ أَمَامِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا، اللهُمَّ
أَعْطِنِي نُورًا))([42])
4) تقديم الرجل اليمنى عند الدخول: مع قراءة الدعاء المأثور:
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضى الله عنه-، أَنَّهُ كَانَ، يَقُولُ:
((مِنَ السُّنَّةِ إِذَا دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ أَنْ تَبْدَأَ بِرِجْلِكَ الْيُمْنَى،
وَإِذَا خَرَجْتَ أَنْ تَبْدَأَ بِرِجْلِكَ الْيُسْرَى))([43]) وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ،
-رضى الله عنه-قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ
قَالَ: ((بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ)). وَإِذَا خَرَجَ قَالَ:
((بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ))([44])
وعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ، أَو عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ الأنصاري-رضى
الله عنهما-: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (( إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ
الْمَسْجِدَ، فَلْيَقُلْ: اللهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، وَإِذَا خَرَجَ،
فَلْيَقُلْ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ )). ([45])
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رضى الله عنهما-،
عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ:
((أَعُوذُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ، وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ،
مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ))، قَالَ: فَإِذَا قَالَ: ذَلِكَ قَالَ الشَّيْطَانُ:
حُفِظَ مِنِّي سَائِرَ الْيَوْمِ. ([46])
5) الدخول إلى المسجد بسكينة ووقار:
فعن أَبِي قَتَادَةَ -رضى الله عنه-، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ
نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-إِذْ سَمِعَ جَلَبَةَ رِجَالٍ، فَلَمَّا
صَلَّى قَالَ: ((مَا شَأْنُكُمْ؟ )) قَالُوا: اسْتَعْجَلْنَا إِلَى الصَّلاَةِ؟ قَالَ:
((فَلاَ تَفْعَلُوا إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، فَمَا
أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا))([47])
وعن أبي هُرَيْرَةَ -رضى الله عنه-، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ
اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-يَقُولُ: ((إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَلاَ تَأْتُوهَا
تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا تَمْشُونَ، عَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا،
وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا))([48])
6) صلاة ركعتين تحية المسجد قبل الجلوس:
لما رواه أَبو قَتَادَةَ بْن رِبْعِيٍّ الأنْصَارِيَّ -رضى الله
عنه-، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: ((إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ المَسْجِدَ،
فَلاَ يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ))([49])
7) يستحب الانشغال بذكر الله تعالى وقراءة القرآن والتسبيح والتهليل
والتكبير وغيرها من الأذكار، قال الله تعالى: { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ
وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ
لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ
وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ}
[النور: 36 - 37]
قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: وَأَمَّا الْكَلَامُ الَّذِي يُحِبُّهُ
اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِي الْمَسْجِدِ فَحَسَنٌ وَأَمَّا
الْمُحَرَّمُ فَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ أَشَدُّ تَحْرِيمًا. وَكَذَلِكَ
الْمَكْرُوهُ. وَيُكْرَهُ فِيهِ فُضُولُ الْمُبَاحِ. ([50])
8) المحافظة على نظافة المسجد وعدم إلقاء القاذورات والأوساخ
فيه: وذلك تعظيما لشأنه، قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ
خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحج: 30] وقال سبحانه{ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ
اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32] وفي حديث أَنَس بْن مَالِكٍ
-رضى الله عنه-، أنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، قال للأَعْرَابِيّ الذي
بالَ فِي الْمَسْجِدِ: ((إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا
الْبَوْلِ، وَلَا الْقَذَرِ إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالصَّلَاةِ
وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. . . الحديث))([51])
وعَنْ عَائِشَةَ -رضى الله عنها-، قَالَتْ: ((أَمَرَ رَسُولُ
اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-بِبِنَاءِ المَسَاجِدِ فِي الدُّورِ، وَأَنْ تُنَظَّفَ،
وَتُطَيَّبَ))([52])
9) ومن آداب المسجد: عدم الخروج من المسجد بعد الأذان إلا لعذر:
فعَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، قَالَ: كُنَّا قُعُودًا فِي الْمَسْجِدِ
مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْمَسْجِدِ يَمْشِي
فَأَتْبَعَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ بَصَرَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ أَبُو
هُرَيْرَةَ: ((أَمَّا هَذَا، فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ -صلى الله عليه وسلم-))([53])
وعَنْ عُثْمَانَ -رضى الله عنه-قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
-صلى الله عليه وسلم-: ((مَنْ أَدْرَكَهُ الْأَذَانُ فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ خَرَجَ،
لَمْ يَخْرُجْ لِحَاجَةٍ، وَهُوَ لَا يُرِيدُ الرَّجْعَةَ، فَهُوَ مُنَافِقٌ))([54])
10) تقديم الرجل اليسرى عند الخروج مع قراءة الذكر الوارد: للأحاديث
التي مرَّتْ آنفاً.
([1]) مجلة البيان (232/ 5)
([2]) رواه مسلم (671)
([3]) شرح النووي على مسلم (5/ 171)
([4]) أضواء البيان (8/ 321)
([5]) مصنف ابن أبي شيبة (13/ 318)
([6]) رواه البخاري (450) ومسلم (533)
([7]) تفسير ابن رجب الحنبلي (1/ 490)
([8]) تفسير ابن كثير ت سلامة (6/ 62)
([9]) رواه البخاري (662) ومسلم (669)
([10]) رواه البخاري (2119) ومسلم (649)
([11]) الأثر التربوي للمسجد (ص: 10)
([12]) مجموع الفتاوى (35/ 39)
([13]) رواه مسلم (803).
([14]) تفسير القرطبي (13/ 348)
([15]) مصنف ابن أبي شيبة (13/ 318)
([16]) الأثر التربوي للمسجد (ص: 13)
([17]) الأثر التربوي للمسجد (ص: 8)
([18]) رواه البخاري (516) ومسلم (543)
([19]) رواه البخاري (707)
([20]) نضرة النعيم (1/ 171)
([21]) مقال للشيخ شوقي عبد الله عبّاد، مجلة البيان (232/
5)
([22]) رواه الطبراني في الأوسط (1429) وحسنه الألباني في صحيح
الترغيب والترهيب (1/ 19)
([23]) جامع بيان العلم وفضله (2/ 972)
([24]) جامع بيان العلم وفضله (1/ 155) وحسنه الألباني في صحيح
الترغيب والترهيب (1/ 17)
([25]) رواه الطبراني في الكبير (7912) وصححه الألباني في صحيح
الجامع (1/ 376)
([26]) رواه البخاري (68)
([27]) فتح الباري لابن حجر (1/ 163)
([28]) رواه أبو داود (448) وصححه الألباني في مشكاة المصابيح
(1/ 224)
([29]) صحيح البخاري (1/ 97).
([30]) رواه البخاري (470)
([31]) فتح الباري لابن رجب (3/ 397- 399).
([32]) رواه مسلم (568)
([33]) رواه مسلم (569)
([34]) رواه الترمذي (1321) وصححه الألباني في مشكاة المصابيح
(1/ 228)
([35]) رواه الدارمي (210) وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث
الصحيحة وفوائدها (5/ 12)
([36]) رواه مسلم (673)
([37]) رواه البخاري (3453)
([38]) رواه البخاري (1341) ومسلم (528)
([39]) مدارج السالكين (2/ 363)
([40]) رواه مسلم (443)
([41]) رواه البخاري (853) ومسلم (564)
([42]) رواه مسلم (763)
([43]) رواه الحاكم (1/ 338) وحسنه الألباني في الثمر المستطاب
في فقه (2/ 602)
([44]) رواه ابن السني عمل اليوم والليلة (88) وحسنه الألباني
في الثمر المستطاب (2/ 604)
([45]) رواه مسلم (713)
([46]) رواه أبو داود (466) وصححه الألباني في مشكاة المصابيح
(1/ 234)
([47]) رواه البخاري (635) ومسلم (603)
([48]) رواه البخاري (908) ومسلم (602)
([49]) رواه البخاري (444) ومسلم (714)
([50]) مجموع الفتاوى (22/ 200)
([51]) رواه البخاري (221) ومسلم (285)
([52]) رواه الترمذي (594) وصححه الألباني في صحيح أبي داود
(2/ 354)
([53]) رواه مسلم (655)
([54]) رواه ابن ماجه (734) وصححه لغيره الألباني في صحيح الترغيب
والترهيب (1/ 64)