العدل فريضة إسلامية للشيخ ماهر خضير
عناصر
الخطبة
العنصر
الأول / معنى العدل وفضله
العنصر
الثاني / أنواع وصور العدل
العنصر
الثالث / أثر العدل على الفرد والمجتمع
العنصر الرابع
/ قالوا عن العدل
.......................................... أما بعد .......................................................
أيها
المسلمون عباد الله /
تعالوا بنا لنذهب الى سمرقند وهى مدينة تقع في آسيا الوسطى، في بلاد أوزبكستان . ومعنى الاسم "قلعة الأرض"، وقد وصفها "إبن بطوطة" بقوله: " إنها من أكبر المدن وأحسنها وأتمها جمالاً، مبنية على شاطئ
فتحها المسلمون فى عهد الخليفة الراشد عمر بن
عبدالعزيز رضى الله عنه بقيادة القائد قتيبة الباهلى
ولكن
هناك قصة عجيبة غريبة لهذا الفتح حيث ( جاء وفدا من أهل سمرقند وشكا إلى الخليفة عمر بن عبد العزيز من قائده
قتيبة الباهلي , لأنه دخل بلدهم مع جيشه قبل أن يوجه لهم الإنذار , حسب قواعد
الحرب في الإسلام فعندها عين الخليفة القاضي جميع بن حاضر الباجي لرؤية الشكوى
وجرت المحاكمة نادى الغلام : ياقتيبة ( هكذا بلا لقب ) فجاء قتيبة وجلس هو
وكبير الكهنة أمام القاضي جُميْع ثم قال القاضي : ما دعواك يا سمرقندي ؟ قال : إجتاحنا قتيبة بجيشه
ولم يدعنا إلى الإسلام ويمهلنا حتى ننظر في أمرنا .. التفت القاضي إلى قتيبة وقال : وما تقول في هذا يا قتيبة ؟ قال قتيبة : الحرب خدعة وهذا بلد
عظيم وكل البلدان من حوله كانوا يقاومون ولم يدخلوا الإسلام ولم يقبلوا بالجزية
... قال القاضي : يا قتيبة هل دعوتهم للإسلام أو الجزية أو الحرب ؟ قال
قتيبة : لا إنما باغتناهم لما ذكرت لك ... قال القاضي : أراك قد أقررت ،
وإذا أقر المدعي عليه انتهت المحاكمة ، يا قتيبة ما نصر الله هذه الأمة إلا بالدين
واجتناب الغدر وإقامة العدل .
ثم قال : قضينا بإخراج جميع المسلمين من أرض سمرقند من حكام وجيوش
ورجال وأطفال ونساء وأن تترك الدكاكين والدور ، وأنْ لا يبق في سمرقند أحد ، على
أنْ ينذرهم المسلمون بعد ذلك !!
لم يصدق الكهنة ما شاهدوه وسمعوه، فلا شهود ولا أدلة ولم تدم المحاكمة إلا
دقائق معدودة، ولم يشعورا إلا والقاضي والغلام وقتيبة ينصرفون أمامهم، وبعد ساعات
قليلة سمع أهل سمرقند بجلبة تعلو وأصوات ترتفع وغبار يعم الجنبات، ورايات تلوح
خلال الغبار، فسألوا فقيل لهم إنَّ الحكم قد نُفِذَ وأنَّ الجيش قد انسحب، في
مشهدٍ تقشعر منه جلود الذين شاهدوه أو سمعوا به...
وما إنْ غرُبت شمس ذلك اليوم إلا والكلاب تتجول بطرق سمرقند الخالية، وصوت
بكاءٍ يُسمع في كل بيتٍ على خروج تلك الأمة العادلة الرحيمة من بلدهم، ولم يتمالك
الكهنة وأهل سمرقند أنفسهم لساعات أكثر، حتى خرجوا أفواجاً وكبير الكهنة أمامهم
باتجاه معسكر المسلمين وهم يرددون شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله..[1]
إنه العدل والإنصاف الذى جاء به الإسلام عباد الله وهو اعطاء كُلّ ذي حقّ
حقّه وقد عرفه الإمام علي كرم الله وجهه بقوله:" العدل هو وضع الأمور في
مواضعها"
والعدل عباد الله فريضة أمر الله سبحانه وتعالى به وله فضل وأجر عظيم قال الله تعالى(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ
وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ
وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (النحل:90
ومن فضائله استجابة الدعاء
لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا ترد دعوتهم، الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم» رواه الترمذي.
ومن فضائل العدل أن الإمام العدل دعا له النبي صلى الله عليه وسلم
عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا اللهم: «اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ» ولأحمد: «فشُقَّ».
ومن فضائله أنه يؤمن الناس
فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لما رأى الأذى يشتد بأصحابه، أمرهم بالهجرة إلى الحبشة وقال: «فإن بها ملكًا لا يظلم عنده أحد» رواه الطبري في التاريخ.
ومن فضائله استجابة الدعاء
لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا ترد دعوتهم، الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم» رواه الترمذي.
ومن فضائل العدل أن الإمام العدل دعا له النبي صلى الله عليه وسلم
عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا اللهم: «اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ» ولأحمد: «فشُقَّ».
ومن فضائله أنه يؤمن الناس
فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لما رأى الأذى يشتد بأصحابه، أمرهم بالهجرة إلى الحبشة وقال: «فإن بها ملكًا لا يظلم عنده أحد» رواه الطبري في التاريخ.
وبقدر ما أَمَرَ الإسلامُ بالعدل وحثَّ عليه، حَرَّمَ الظلم أشدَّ التحريم،
وقاومه أشدَّ المقاومة، سواء ظُلْـم النفس أم ظُلْـم الآخرين، وبخاصة ظُلْـم
الأقوياء للضعفاء، وظُلْـم الأغنياء للفقراء، وظُلْـم الحُكَّام للمحكومين،
وكلَّما اشتدَّ ضعف الإنسان كان ظلمه أشدَّ إثمًا ولقد توعد الله عز وجل بمن ترك
العدل ومال الى الظلم وعيدا شديدا قال تعالى (والظالمون مالهم من ولى ولا نصير)
وقال تعالى(ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعاً ومثله معه لافتدوا به من سوء
العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون) وفى الحديث القدسى
(ياعبادى انى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا ...)
ولقد ضرب الصحابة ومن جاء بعدهم من المسلمين الأوائل أروع الأمثلة في العدل
يضيق المقام عن ذكرها ولكن نذكر هنا قصة عمر بن الخطاب رضى الله عنه مع أم الصبي قال
اسلم مولي عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه في يوم من الايام جاء إلي المدينة
مجموعة من التجار فنزلوا المصلي، فقال عمر لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما : هل
لك أن نحرسهم الليلة، فقال نعم، فباتا يحرسانهم ويصليان، فسمع الفاروق عمر رضي
الله عنه بكاء صبي فإتجه نحوه فقال لامه اتق الله تعالي وأحسني إلي صبيك، ثم رجع
إلي مكانه، فسمع بكاء الصبي من جديد، فعاد إلي امه مرة اخري وقال لها مثلما قال
المرة الفائتة، ثم رجع إلي مكانة، فلما كان آخر الليلة سمع من جديد بكاء الصبي،
فعاد عمر إلي امه وقال لها : ويحك انك أُم سوء مالي أرى ابنك لا يقر منذ الليلة من البكاء فقالت يا عبد
الله ( وهي لا تعلم انه عمر بن الخطاب ) أني اشغله عن الطعام فيأبى ذلك قال ولما
قالت لان عمر أمير المؤمنين لا يفرض النفقة إلا للمفطوم، قال وكم عمر ابنك، قالت
المرأة كذا وكذا شهراً، فقال ويحك ويحك لا تعجليه عن الفطام فلما صلى الصبح وهو لا
يستبين للناس قراءته من البكاء قال بؤسا لعمر كم قتل من أولاد المسلمين ثم أمر
مناديه فنادى لا تعجلوا صبيانكم عن الفطام فانا نفرض نفقة لكل مولود في الإسلام
وكتب بذلك .
أما عن صور وأنوع العدل فهي ثلاثة:
1- العدل مع الله.
2- والعدل مع عباد الله.
3- والعدل مع النفس.
.... أما العدل مع الله
فأن لا نصرف شيئاً من حقه إلى عبيده، فمن فعل ذلك وقع في أقبح الظلم، فحق الله علينا أن نفرده بالعبادة. ثبت في الصحيحين، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت رِدْفَ النبي صلى الله عليه وسلم على حمار، ليس بيني وبينه إلا مؤخرة الرحل، فقال: «يا معاذَ بنَ جبل». قلت: لبيك رسول الله وسعديك. ثم سار ساعة ثم قال: «يا معاذ بن جبل». قلت: لبيك رسول الله وسعديك. ثم سار ساعة ثم قال: «يا معاذ بن جبل». قلت: لبيك رسول الله وسعديك. قال: «هل تدري ما حق الله على العباد»؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال: «فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا». ثم سار ساعة قال: «يا معاذ بن جبل». قلت: لبيك رسول الله وسعديك. قال: «هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك»؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال(أن لا يعذبَهم)
... وأما العدل مع النفس
فيوضح صورته هذا الحديث: عن أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً، فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا. فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا، فَقَالَ: كُلْ. قَالَ: فَإِنِّي صَائِمٌ. قَالَ: مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ. قَالَ: فَأَكَلَ. فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ، قَالَ: نَمْ، فَنَامَ. ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ: فَقَالَ نَمْ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ سَلْمَانُ: قُمْ الْآنَ، فَصَلَّيَا. فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ. فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «صَدَقَ سَلْمَانُ» رواه البخاري.
إنَّ من العدلِ مع النفس أن تسلك بها سبيلَ نجاتها، ففي الصحيحين، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {الذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام/82]، شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا: أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ: «كَمَا تَظُنُّونَ! إِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}» متفق عليه. وظلم الإنسان لنفسه بأمرين: بترك الفرائض، وإتيان المحرمات. فإذا كان هذا ظلماً كان حملها على طاعة الله عدلاً.
وأما العدل مع الناس فله صور منها :
أ) العدل بين الأولاد.
في صحيحي البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، أن أباه أتى به رسول الله فقال: «إني نحلت ابني هذا غلامًا كان لي. فقال رسول الله : «أفعلت هذا بولدك كلهم»؟ قال: لا. قال عليه الصلاة والسلام: «اتقوا الله واعدلوا في أولادكم». قال: فرجع أبي فردَّ تلك الصدقة». وفي رواية: «أشهد غيري فإني لا أشهد على جَور». وفي أخرى لمسلم: «أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء»؟ قال: بلى. قال: «فلا إذن». ولابن حبان: «سووا بين أولادكم في العطية كما تحبون أن يسووا بينكم في البر».
يقول إبراهيم التيمي رحمه الله: "إني لو قبلت أحدَ الصغار من أولادي لرأيتُ لازمًا عليّ أن أقبل الصغيرَ مثله؛ خوفًا من أن يقعَ في نفس هذا عليّ أذى".
1- العدل مع الله.
2- والعدل مع عباد الله.
3- والعدل مع النفس.
.... أما العدل مع الله
فأن لا نصرف شيئاً من حقه إلى عبيده، فمن فعل ذلك وقع في أقبح الظلم، فحق الله علينا أن نفرده بالعبادة. ثبت في الصحيحين، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت رِدْفَ النبي صلى الله عليه وسلم على حمار، ليس بيني وبينه إلا مؤخرة الرحل، فقال: «يا معاذَ بنَ جبل». قلت: لبيك رسول الله وسعديك. ثم سار ساعة ثم قال: «يا معاذ بن جبل». قلت: لبيك رسول الله وسعديك. ثم سار ساعة ثم قال: «يا معاذ بن جبل». قلت: لبيك رسول الله وسعديك. قال: «هل تدري ما حق الله على العباد»؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال: «فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا». ثم سار ساعة قال: «يا معاذ بن جبل». قلت: لبيك رسول الله وسعديك. قال: «هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك»؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال(أن لا يعذبَهم)
... وأما العدل مع النفس
فيوضح صورته هذا الحديث: عن أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً، فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا. فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا، فَقَالَ: كُلْ. قَالَ: فَإِنِّي صَائِمٌ. قَالَ: مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ. قَالَ: فَأَكَلَ. فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ، قَالَ: نَمْ، فَنَامَ. ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ: فَقَالَ نَمْ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ سَلْمَانُ: قُمْ الْآنَ، فَصَلَّيَا. فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ. فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «صَدَقَ سَلْمَانُ» رواه البخاري.
إنَّ من العدلِ مع النفس أن تسلك بها سبيلَ نجاتها، ففي الصحيحين، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {الذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام/82]، شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا: أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ: «كَمَا تَظُنُّونَ! إِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}» متفق عليه. وظلم الإنسان لنفسه بأمرين: بترك الفرائض، وإتيان المحرمات. فإذا كان هذا ظلماً كان حملها على طاعة الله عدلاً.
وأما العدل مع الناس فله صور منها :
أ) العدل بين الأولاد.
في صحيحي البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، أن أباه أتى به رسول الله فقال: «إني نحلت ابني هذا غلامًا كان لي. فقال رسول الله : «أفعلت هذا بولدك كلهم»؟ قال: لا. قال عليه الصلاة والسلام: «اتقوا الله واعدلوا في أولادكم». قال: فرجع أبي فردَّ تلك الصدقة». وفي رواية: «أشهد غيري فإني لا أشهد على جَور». وفي أخرى لمسلم: «أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء»؟ قال: بلى. قال: «فلا إذن». ولابن حبان: «سووا بين أولادكم في العطية كما تحبون أن يسووا بينكم في البر».
يقول إبراهيم التيمي رحمه الله: "إني لو قبلت أحدَ الصغار من أولادي لرأيتُ لازمًا عليّ أن أقبل الصغيرَ مثله؛ خوفًا من أن يقعَ في نفس هذا عليّ أذى".
ب) العدل مع أصحاب المعتقدات
الأخرى
وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب من الأمثلة ما يحير العقول.
فعن أمِّ المؤمنين عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَ رَهْطٌ مِنْ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ، فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ: عَلَيْكُمْ السَّامُ، والذام، وَاللَّعْنَةُ، والغضب. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَهْلًا يَا عَائِشَةُ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ». فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فَقَدْ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ» متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: «أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا، أَوْ انْتَقَصَهُ، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه أبو داود.
ج) العدل مع المخالف
لقد ابتُلي الناس في هذا الزمان بفئة ظالمة، لا همَّ لها سوى تتبع الزلات، وتصيُّد العثرات، فمن خالف في مسألة يسوغ الخلاف فيها صار مبتدعاً، فاسقاً، حزبياً، بغيضاً، ضالاً، والله يقول: {سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} [الزخرف/19]، فهل أعددنا للسؤال جواباً؟ ولا ريب أن رافع هذا اللواء سينال الحُِظوة عند مشايخه الذين سلك دربهم ورمى بقوسهم، ولكن نذكره بآية في كتاب الله، {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [مريم/93-95]. وعندها يكلمنا الله بدون حجاب ولا ترجمان،
قال ابن رجب رحمه الله: "ويأبى الله العصمة لكتاب غير كتابه، والمنصف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير من صوابه"
وقال ابن عبد البر رحمه الله: "عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: ليس من عالم ولا شريف ولا ذي فضل إلا وفيه عيب، ولكن من كان فضله أكثر من نقصه ذهب نقصه لفضله، كما أن من غلب عليه نقصانه ذهب فضله. وقال غيرُه: لا يسلم العالم من الخطأ، فمن أخطأ قليلاً وأصاب كثيراً فهو عالم، ومن أصاب قليلاً وأخطأ كثيرا فهو جاهل" [2]
وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب من الأمثلة ما يحير العقول.
فعن أمِّ المؤمنين عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَ رَهْطٌ مِنْ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ، فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ: عَلَيْكُمْ السَّامُ، والذام، وَاللَّعْنَةُ، والغضب. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَهْلًا يَا عَائِشَةُ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ». فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فَقَدْ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ» متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: «أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا، أَوْ انْتَقَصَهُ، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه أبو داود.
ج) العدل مع المخالف
لقد ابتُلي الناس في هذا الزمان بفئة ظالمة، لا همَّ لها سوى تتبع الزلات، وتصيُّد العثرات، فمن خالف في مسألة يسوغ الخلاف فيها صار مبتدعاً، فاسقاً، حزبياً، بغيضاً، ضالاً، والله يقول: {سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} [الزخرف/19]، فهل أعددنا للسؤال جواباً؟ ولا ريب أن رافع هذا اللواء سينال الحُِظوة عند مشايخه الذين سلك دربهم ورمى بقوسهم، ولكن نذكره بآية في كتاب الله، {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [مريم/93-95]. وعندها يكلمنا الله بدون حجاب ولا ترجمان،
قال ابن رجب رحمه الله: "ويأبى الله العصمة لكتاب غير كتابه، والمنصف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير من صوابه"
وقال ابن عبد البر رحمه الله: "عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: ليس من عالم ولا شريف ولا ذي فضل إلا وفيه عيب، ولكن من كان فضله أكثر من نقصه ذهب نقصه لفضله، كما أن من غلب عليه نقصانه ذهب فضله. وقال غيرُه: لا يسلم العالم من الخطأ، فمن أخطأ قليلاً وأصاب كثيراً فهو عالم، ومن أصاب قليلاً وأخطأ كثيرا فهو جاهل" [2]
د) العدل في الفهم
وعدم الغلو والتطرف قالى تعالى: ﴿ يَا أَهْلَ
الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ
الْحَقَّ﴾
فالعدل من أركان الشريعة، ويستطيع الدعاة إلى الله من خلاله إبراز مقاصد
الإسلام ومحاسن شريعته
فاللهم تب علينا وتقبل منا واغفر لنا ياكريم
وأقول قولى هذا واستغفر الله لى ولكم فاستغفروه انه غفور رحيم
الخطبة
الثانية ...........................
الحمد
لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
ومن تبعهم الى يوم الدين وبعد
أيها
المسلمون عباد الله / ما هو أثر العدل على
الفرد والمجتمع ؟
لا شك أن العدل له أثره
على الفرد والمجتمع ومنها
أولا : صلاح الرعية
عندما يقام العدل ويسود بين الرعية تصلح الرعية وتسود المحبة والأخلاق ويذهب النفاق والتحايل والمكر بين الناس وإذا ساد أحبت الرعية حاكمها وسادت المحبة بين الحاكم والمحكوم وقويت الدولة وساد جنابها وخاف منها عدوها وإذا تضامن الشعب مع الحاكم شكل قوة يئس منها الأعداء.
قال على رضى الله عنه (ثبات الدولة بقيام سنن العدل) و لن تتحصن الدول بأقوى من العدل.
ثانياً
: ظهور الخيرات والبركات
إذا ساد العدل وحكم الحاكم به بين الناس أظهرت الأرض خيراتها وبركاتها ،وأنزل الله البركة على الناس كل ذلك بسيادة العدل . يقول ابن الأزرق: (إنَّ نية الظلم كافية في نقص بركات العمارة فعن وهب بن منبه قال: إذا هم الولي بالعدل أدخل الله البركات في أهل مملكته حتى في الأسواق والأرزاق وإذا هم بالجور أدخل الله النقص في مملكته حتى في الأسواق والأرزاق)
إذا ساد العدل وحكم الحاكم به بين الناس أظهرت الأرض خيراتها وبركاتها ،وأنزل الله البركة على الناس كل ذلك بسيادة العدل . يقول ابن الأزرق: (إنَّ نية الظلم كافية في نقص بركات العمارة فعن وهب بن منبه قال: إذا هم الولي بالعدل أدخل الله البركات في أهل مملكته حتى في الأسواق والأرزاق وإذا هم بالجور أدخل الله النقص في مملكته حتى في الأسواق والأرزاق)
ثالثا
:إرجاع الحقوق إلى أهلها
ولذا نجد أن الله قد قرن
بين أداء الأمانات وبين العدل فقال تعالى (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى
أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان
سميعا بصيرا( النساء:58، وقد وصف القرطبي هذه الآية،
بأنها "من أمهات الأحكام، تضمنّت جميع الدين والشرع". وثمة علاقة وثيقة بين العدل وأداء الأمانة؛
إذ هما أمران متلازمان، فأداء الأمانة إلى أهلها عين العدل، وجحدها على صاحبها هو
عين الجور؛ وأيضاً فإن الحكم بين الناس بالعدل هو أداء للأمانة التي حُمِّلها
الحاكم، وبالمقابل فإن ظلم العباد هو جحد للأمانة وتفريط فيها.
قالوا عن العدل
.... قال حكيم: "
أربعة حسن ولكن أربعة أحسن: الحياء من الرجال حسن، ولكنه من النساء أحسن،
والعدل من كل إنسان حسن، ولكنه من القضاء والأمراء أحسن، والتوبة من الشيخ حسن،
ولكنها من الشباب أحسن، والجود من الأغنياء حسن، ولكنه من الفقراء أحسن
".
... قال أحدهم: "إن
العدل ميزان الله الذي وضعه للخلق, ونصبه للحق, فلا تخالفه في ميزانه, ولا تعارضه
في سلطانه, واستعن علي العدل بخلتين: قلة الطمع وكثرة الورع
..... قال كسرى عظيم
الروم: لا ملك إلا بالجند ولا جند إلا بالمال ولا مال إلا بالبلاد ولا بلاد إلا
بالرعايا ولا رعايا إلا بالعدل.
... "الظلم مؤذن بخراب
العمران". ابن خلدون
.... إذا اختفى العدل من الأرض لم يعد لوجود الإنسان قيمة.
.... إذا اختفى العدل من الأرض لم يعد لوجود الإنسان قيمة.
أقول قولي هذا وأستغفر
الله لي ولكم ولسائر المسلمين، وطوبى لمن وجد في صحفيته استغفار كثيرا، وصلاة على
الحبيب المختار محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله والصحب الأبرار.