صناعة الأمل للشيخ بركات سيد احمد محمد




لم تمرّ الأمة بمحنة على عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم إلا ووظفها النبي توظيفا تربوياً عالياً و ملأ القلوب بالأمل في وعد الله و اجتث جرثومة الهزيمة النفسية القاتلة .

هذه الكلمات التي هي عصارة قلب تسيل له الدمعات؛ لتبتسم على الورق الكلمات، وما أجمل أن تكون الكلمات عصارة قلب، فكل إنتاج لم تذب فيه حشاشة النفس إنما هو ضرب من العبث.

فلابد أن نرفع رؤوسنا ونمد أبصارنا إلى خيط الأمل المنسل من بين ثنايا الظلام، ونلقي بأسماعنا إلى نداء شفّاف فيه ما فيه من الانعطاف والألطاف نداء يمد حبال الأمل منتشلاً قاصديه من براثين اليأس قال الحق جل وعلا:

(حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) [يوسف: 110].

عناصر الخطبة :

1-صناعة الأمل منهج نبوي

2-لا لليأس والقنوط

3-يولد النور من كبد الظلماء

4-بشائرقرآنية.

1- صناعة الأمل منهجنبوي :

إن أخطر ألوان الهزيمة , أن تمتلئ القلوب باليأس و القنوط من رحمة الله ، وأن تتفرغ القلوب من الأمل في وعد الله و وعد الصادق رسول الله صلى الله عليه و على آله وصحبه وسلم , وإن بث الأمل منهج نبوي رائع حتى في وقت المحن و الأزمات و الفتن و الشدائد .

– ها هو خباب بن الأرت و حديثه في الصحيحين في و قت اشتدت فيه الأزمة و زاد فيه الاضطهاد و اشتدت فيه صور العذاب و الابتلاء حتى جاء خباب يحمل على ظهره أوسمة و نياشين تتمثل في هذه السياط التي تنزلت على ظهره كتنزل حبات المطر و عاد إلى النبي صلى الله عليه و سلم يشكو هذه الآلام او ان شئت فقل يشكي هذه الدماء بعد الجراح , فقعد النبي و كان مضطجعاً في ظل الكعبة زادها الله تشريفاً و نظر إلى خباب أنظر إلى هذا التوظيف التربوي النبوي العالي لهذه الكلمات التي يجسدها صحابي جليل يجسد بها صحابي جليل حجم المعاناة و شدة البأساء فقعد النبي و قد احمر وجهه , و كان صلى الله عليه وسلم إذا غضب كأنما فقئ في وجهه حب الرمان و قد احمر وجهه ثم التفت إلى خباب رضي الله عنه و قال و الله لقد كان يؤتى بالرجل من قبلكم فيحفر له في الأرض إلى منتصفه و يؤتى بالمنشار فيشق نصفين ويمشط بأمشاط الحديد ما دون العظم و اللحم, ما يصده ذلك عن دينه, و الله ليتمن الله هذا الأمر- أي هذا الدين- حتى ليسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخاف إلا الله و الذئب على غنمه و لكنكم تستعجلون .

انظروا أحبتي في الله إلى هذه البشرى في هذا الوقت الدماء تنزف من ظهر خباب و الصحابة مطاردون في مكة ثم بعد ذلك إلى الحبشة و صاحب الدعوة و حامل رسالتها صلى الله عليه وسلم مضطهد, بل وضع التراب على رأسه ووضعت النجاسة على ظهره, وخنق حتى كادت أنفاسه أن تخرج, و مع ذلك يبشر بالنصر و يبشر بموعود الله و بتمكين الله لهذا الدين في هذه الأزمة الحالكة و الفتنة العاتية القاسية.

– غزوة الخندق : الأحزاب يحاصرون المدينة من كل ناحية و رمى المشركون واليهود و المنافقون الاسلام و المسلمين عن قوس واحدة و أمر النبي الصحابة بحفر الخندق حول المدينة كما تعلمون لكنهم وهم يحفرن الخندق , عرضت لهم صخرة صعبة شديدة و الحديث رواه أحمد و النسائي و الترمذي و غيرهم .

جاء من حديث البراء بن عازب أن الصحابة رضي الله عنهم جميعا شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصخرة فأخد النبي المعول بنفسه و انطلق إلى هذه الصخرة و قال عليه الصلاة و السلام بسم الله وضرب الصخرة ضربة فكسر ثلتها فلما تحطم ثلت الصخرة الأول قال المصطفى الله أكبر الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام و الله اني لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا – أعطيت مفاتيح الشام ؟و الله اني أبصر قصورها الحمر؟- ثم ضرب الضربة الثانية و قال بسم الله فتحطم الثلث الثاني فقال الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس و الله اني لأبصر قصر المدائن الأبيض من مكاني هذا ثم حطم الثلث الأخير وقال بسم الله فلما تكسر الثلث الأخير قال الله اكبر أعطيت مفاتيح اليمن و الله اني لأبصر قصور صنعاء من مكاني الساعة” ,من يتصور مثل هذا الطرح و المنافقون يقولون” ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا ” سورة الأحزاب ,”يقول الحق جل وعلا :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9) إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (11} الأحزاب

– علينا الحذر من المنافقين وأصحاب القلوب المريضة الذين ملؤوا قلوب الناس بالإرجاف في أن العدو- الروس والفرس والنصيرية – يمتلك قوة لا تقهر و أنه لا ينبغي لهذه الأمة أن ترفع رأسها بعد اليوم أو أن تصالح هذا النظام الفاجر إلى أخر هذه الكلمات التثبيطية و الانهزامية التي يريدون أن يهزموا بها الأمة هزيمة نفسية نكراء حتى تبتعد عن طريق العزة والنصر والتمكين قال سبحانه: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12)} الأحزاب حتى قال قائلهم “يعدكم محمد بقصور الشام و قصور فارس و قصور اليمن و ملك هذه البلاد و هذه الأراضي يعدكم محمد بهذا و لا يستطيع احدكم ان يخرج ليتبرز ” – ليقضي حاجته –

سبحان الله !! في تلك الساعات الرهيبة والرسول صلى الله عليه وسلم مع الصحابة يسهم في حفر الخندق، وفيهم من الخوف والجوع ما الله به عليم، كان صلى الله عليه وسلم يستشرف النصر من بعيد ويراه رأي العين في ومضات الصخور على ضرب المعاول، ولم يلتفت لكلمات المثبطين إنه الأمل يملأ به النبي صلى الله عليه وسلم القلوب في تلك اللحظات الحرجة .

– وهاهو صلى الله عليه وسلم مرة أخرى يصنع الأمل من قلب المحنة ، ويصل المطاردون إلى باب الغار، ويُسمَع وقعُ أقدامهم، ويهمس أبو بكر: يا رسول الله لو أن بعضَهم طأطأ بصَره لرآنا ! فيقول : ((يا أبا بكر. ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟)).وكان ما كان، ورجع المشركون بعد أن لم يكن بينهم وبين رسول الله صلى الله الله عليه وسلم إلا خُطوات! فانظروا عباد الله مرة أخرى كيف تنقشع عتمة الليل عن صباح جميل. وكيف تتغشى عنايةُ الله عبَاده المؤمنين وصدق الحق إذ يقول : {إِنَّ ٱللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ} [الحج:38].

وإذا العنايةُ لاحظتك عيونُها ** نم فالحوادث كلهن أمانُ

ويقول صلى الله عليه وسلم لسراقة بن مالك لما همّ بالرجوع«يا سراقة! كيف بك وسواري كسرى بيدك»، أو كما قال صلى الله عليه وسلم ، والله وحده يعلم ما هي الخواطر التي دارت في رأس سراقة من هذا العرض العجيب ،وتمر الأيام وتتحقق نبوءته صلى الله عليه وسلم ويلبس سراقة سوار كسرى ثم طاف بالمدينة المنورة كلها متذكرًا وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

إنها الأقدار.. يوم يأذن الله بالفرج من عنده، يأتي النصر من قلب المحنة، والنور من كبد الظلماء، والله تعالى هو المؤيد والناصر، والبشر عاجزون أمام موعود الله. فيا أهلنا في سوريا لا تخافوا ولا تحزنوا فمهما تكالب الأعداء علينا – الصفويون ، والنصيريون ، والصليبيون من الشرق والغرب يريدون اغتيال ثورتنا فلن يستطيعوا بإذن الله الواحد القهار ،ولنعش على الأمل الذي كان عاشه رسول الله صلى الله عليه وسلم وربى عليه أصحابه وأمته .

2- لا لليأس والقنوط:

إن المؤمن الحق لا يعرف اليأس إلى قلبه طريقا أو سبيلا لأنه على ثقة مطلقة في وعد الله و في وعد الصادق رسول الله و قد حذر النبي من هذه النفسيات القلقة و من هذه الكلمات الخطيرة كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال الصادق ” اذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكَهم أو فهو أهلكُهم ” .يقول الحق جل وعلا على لسان يعقوب {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87) } “سورة يوسف

أتاك على قنوط منك غوث *** يمن به اللطيف المستجيب

وكل الحادثات إذا تناهت *** فموصول بها الفرج القريب

معاشر المؤمنين : يقول الحق سبحانه “قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 26} سورة آل عمران

لا تسود دولة و لا يسود حاكم و لا يزول حاكم إلا بأمر مالك الملك و ملك الملوك لا يقع شيء في كونه إلا بعلمه و تقديره و تدبيره . قال ابن القيم رحمه الله تعالى :من ظن أن الله لا ينصر دينه و لا ينصر رسوله و لا ينصر أوليائه فقد أساء الظن بالله فما ظنك بمن أساء الظن في الله أصلا و ظن أن الله جلا وعلا لا يسمع و لا يرى فترى البعض من المسلمين يتكلم بكلام ربما يخرجه من الملة – ألا يرى الله هذه الدماء التي تسيل في بلاد المسلمين – لماذا يسمح الله بهذا القتل والدمار للمسلمين- أو يتهم الله بالظلم والعياذ بالله – والله سبحانه و تعالى سميع بصير تقول ام المؤمنين عائشة ” تبارك من وسع سمعه الأصوات جاءت المرأة المجادلة تشكو زوجها إلى رسول الله وأنا في جانب الحجرة لا أسمع كثيرا من قولها فسمع الله قولها من فوق سبع سموات و انزل قوله تعالى” قد سمع الله …بصير ” فالله يسمع ويرى وليس أحد أرحم بالمستضعفين في الأرض من الله و ليس أحد أغير على الدين وأهله من الله لكنها الفتن و الابتلاءات و المحن إن الابتلاء يمحص الصفوف و يصفي القلوب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” حين سئل أي الناس اشد بلاء قال الأنبياء فالأمثل ثم الامثل فالأمثل يبتلى الرجل على حسب دينه فان كان في دينه صلابة زيد له في البلاء و ان كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه” قال الله { أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ 3} سورة العنكبوت

– أحبتي في الله : إنه لا يخالجنا الشك في نصر الإسلام هذا اليقين نبعه من القرآن والسنة والتاريخ والواقع والسنن الكونية الربانية وتحتمه طبائع الأشياء وحقائق الوجود والحياة .إن الإسلام أضخم حقيقة وأصلب عودًا وأعمق جذورًا من أن يجتثه أعداء الحياة من على الأرض، بل هم الذين يتردون في هاوية الدمار السحيقة ثم يلفظهم التاريخ ،فلابد من التمحيص ، ولابد من تصفية الصفوف, مَن الذي سيثبت على الطريق من الذي سيحمل المنهج الحق من الذي سيصبر وهو يرفع راية التوحيد الخالص .

3- يولد النور من كبد الظلماء :

معاشر الأحبة تعلمنا سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في كل فصل من فصولِها كيف نصنعُ الأمل، و نترقب ولادةَ النورِ من رحم الظلمة، وخروجِ الخير من قلب الشر، وانبثاق الفرج من كبد الأزمات. فما بعدُ اشتدادِ ألمِ المخاضِ إلا الولادة، وليس بعدُ ظلمةِ الليل إلا انبثاقَ الفجر { فَإِنَّ مَعَ العسر يُسْراً إِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً }[الشرح:5، 6]. ولن يغلب عسرٌ يسرين، فابشروا وعودوا واستغفروا الله…

لقد ضاقت مكةُ برسول الله ومكرت به فجعل نصرَه وتمكينَه في المدينة.

وأوجفت قبائل العرب على أبي بكرٍ مرتدة، وظن الظانون أن الإسلامَ زائلٌ لا محالة، فإذا به يمتدُ من بعد ليعم أرجاء الأرض, وهاجت الفتنُ في الأمة بعد قتل عثمان حتى قيل لا قرار لها ثم عادت المياه إلى مجراها. وتتوالى الفتوحات ليصل بنو عثمان قلبَ أوربا.

وأطبق التتارُ على أمةِ الإسلام حتى أبادوا حاضرتَها بغداد سُرّة الدنيا وقتلوا في بغداد وحدها مليوني مسلم وقيل: ذهبت ريح الإسلام فكسر الله أعداءه في عين جالوت وعاد للأمة مجدها.

قال ابن كثير في تاريخه: إن عدة من قتلوا في بغداد في ذلك الوقت نحو ثمانمائة ألف نسمة، ويذكر في رواية أخرى أنهم يزيدون عن ألف ألف، أي عن مليون. ثم ماذا بعد ذلك أيها المؤمنون ؟! بعد عامين اثنين فقط، في الخامس والعشرين من شهر رمضان، في يوم جمعة أغر للعام الثامن والخمسين وستمائة للهجرة كانت معركة عين جالوت، عندما عادت الأمة إلى ربها وتوحدت في بعض صفوفها، وأخلصت في كثير من المعاني لربها، جاءت عين جالوت لتكون نصراً عظيماً للإسلام والمسلمين، ودحراً وكسراً للتتار المعتدين.

ثم بعد ذلك دخل التتار في دين الله أفواجاً وصاروا مسلمين، بمقياس العقل والمادة، لا يمكن لأمة هزمت مثل هذه الهزيمة وحلت بها مثل هذه المصيبة أن تقوم لها قائمة، أو أن ينشط لها أبناؤها في هذه الفترة الوجيزة من الزمان.

و تمالأ الصليبيون وجيشوا جيوشَهم وخاضت خيولهم في دماء المسلمين إلى ركبها حتى إذا استيأس ضعيف الإيمان وإذا بصلاح الدين يظهر فرجحت الكِفةُ الطائشةُ وطاشتِ الراجحة، وابتسم بيت المقدس من جديد.

وقويت شوكةُ الرافضة حتى سيطر البويهيون على بغداد والعبيديون على مصر وكتبت مسبّة الصحابة على المحاريب ثم انقشعت الغمة واستطلق وجه السُّنة ضاحكاً.

وهكذا يعقب الفرج الشدة، ويتبع الهزيمة النصر، ويؤذن الفجر على أذيال ليل مهزوم … فلم اليأس والقنوط؟

اشتـدي أزمة تنفرجي ** قد آذن ليلك بالبلـج

فيا أيها الغيورون على أمة الإسلام.. يا من احترقت قلوبهم لآلامها ، إن الذي أهلك فرعون وعاداً وثمود وأصحاب الأيكة والذي رد التتار ودحر الصليبين قادر على أن يمزق شمل الروم ، والروس ويبدد غطرسة النصيرية ، والصهيونية والقوى العالمية ويحطم أصنام الوثنية المعاصرة.

فيا من ابتلاك الله في رزقك أو صحتك أو ولدك ويا من جهدك الدَّين والحاجة وانتهكتك العلل وأخذ الموت أحبابَك ..

و يا من أصبحت في مزاولة الدنيا كعاصر الحجر يريد أن يشرب منه ويا من سُدت في وجهك الأبواب … هل نسيت رحمةُ الله وفضله؟ وأن الدنيا متقلبٌ بين حزن وسرور، وضيقٍ وحبور، وأن العاقبةَ لمن اتقى، وأن الجنة هي المأوى ولسوف يعطيك ربك فترضى ، بث شكواك إلى الله، واترك الأمر لله، فإن الله جاعل لكل أمر ولكل ضيق مخرجاً بإذنه سبحانه وتعالى، ولكن الآمال كما أشرت تحتاج إلى الأعمال، ولا بد أن نعرف أن العاقبة للمؤمنين : أخي ستبيد جيوش الظلام ويشرق في الكون فجر جديد

فأطلق لروحك إشراقها ترى الفجر يرمقنا من جديد

4- بشائر قرآنية :

– من بشائر القرآن الكريم قوله تعالى: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ 32) التوبة. قال ابن كثير رحمه الله: “يحاولون أن يردوا الحق بالباطل ومثلهم في ذلك كمثل من يريد أن يُطفئ شعاع الشمس بفيه، وكما أن هذا مستحيل فذلك مستحيل”.

– من البشائر كذلك في كتاب الله (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) [التوبة: 33] لقد ظهر دين الحق لا في الجزيرة وحدها، بل ظهر من المعمور في الأرض كلها

– من البشائر كذلك قوله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [النور: 55].

– (إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7] وقد نصر الله عز وجل أهل الإيمان، ووعده لأهل الإيمان قائم

– {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [الحج:38]، قاعدة مطردة لا تتخلف: ولكنه جعل لذلك شروطاً وجعل له قواعد وسنناً: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ [الرعد:11].


لقد نصر الله الصحابة بهذا الدين و بهذا الإيمان نصرا عزيزاً مؤزراً في مدة يسيرة لا تساوي شيئاً في حساب الأمم على الإطلاق ،فرفرفت راية التوحيد على ثلتي الكرة الأرضية و أوتي بتاج كسرى ليوضع في حجر الفاروق رضي الله عنه في المدينة المطهرة .



التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات