من وحي الهجرة الرفيق قبل الطريق للشيخ السيد مراد سلامة
للتحميل PDF
للتحميل WORD
كم من أخٍ لكَ لم يلده أبوكا * وأخ أبوه أبوك قد يجفوكا
صافِ الكرام إذا أردت إخاءهم * واعلم بأن أخا الحِفَاظِ أخوكا
كم إخوةٍ لك لم يلدك أبوهُم * وكأنما آباؤهم ولدوكا
لو كنت تحملهم على مكروهة * تخشى الحُتوف بها لما خذلوكا
وأقاربٍ لو أبصروك معلقاً * بنياط قلبك ثَمَّ مَا نصروكا
الناسُ مَا استغنيت كنتَ أخاً لهم * وإذا افتقرت إليهمُ فضحوكا
أحباب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إن من وحي الهجرة اختيار
الرفيق قبل الطريق فالنبي – صلى الله عليه و سلم- كان أصحابه ممن اسلم به قبل الهجرة
كثيرون و على الرغم من ذلك لما أراد أن يهاجر لم يذهب إلى أي احد و إن كانوا كلهم أجلاء
أمناء صادقين و لكنه اختار صديقة الوفي الذي نشا معه و علم صدقة و محبته انه الصديق
رضي الله عنه و ظهر ذلك في مواطن كثيرة
و الله تعالى قرن الصداقة بالقرابة في كتابه فقال سبحانه
- ﴿ لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الْمَرِيضِ
حَرَجٌ وَلاَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ
أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ
أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ
أَوْ بُيُوتِ خَالاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ
عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً ﴾
فتأملوا كيف قرن الله تعالى الصديق بالآباء و الإخوة و الأعمام
و الأخوال
فانظُرْ كيفَ أنزلَ اللهُ تعالَى الصديقَ منْزلةَ النَّفْسِ
والأَبِ والأَخِ والابْنِ فِي الأُنْسِ
فتأملوا من كان صاحب أبي بكر رضي الله عنه- انه رسول الله
فقاده للجنة و المنزلة العالية
و تأملوا في عقبة بن أبى معيط –لعنه الله-من كان صاحبة أمية
بن خلف فقاده إلى الهاوية و إلى نار حامية
{ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي
اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَاوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا
خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ
لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29)}الفرقان
وقد ذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآيات أن عقبة بن أبى
معيط دعا النبي صلى الله عليه وسلم لحضور طعام عنده ، فقال له النبي صلى الله عليه
وسلم لا آكل من طعامك حت تنطق بالشهادتين . فنطق بهما . فبلغ ذلك صديقه أمية بن خلف
، فقال له : يا عقبة بلغنى أنك أسملت . فقال له : لا . ولكن قلت ما قلت تطييبا لقلب
محمد صلى الله عليه وسلم حتى يأكل من طعامي . فقال له : كلامك على حرام حتى تفعل كذا
وكذا بمحمد صلى الله عليه وسلم ففعل الشقى ما أمره به صديقه الذى لا يقل شقاوة عنه
.
أما عقبة فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله في غزوة
بدر وأما أبى بن خلف فقد طعنه النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد طعنة لم يبق بعدها
سوى زمن يسير ثم هلك .
أثر الصداقة على نفسية الصديق
====================
والصديق يتأثر بصديقة ويحاكيه في أفعاله و أقواله و في معتقده
و هذا ما اخبر به رسول الله – صلى الله عليه و سلم-
عن أبى هريرة أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال « الرجل
على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ».( )
لذا قالوا في منظوم الحكم: الصاحب ساحب
وقالوا قل لي من تصاحب أقول لك من أنت
عَنِ الْمَرْءِ لاَ تَسأَلْ وَسَلْ عَنْ قَرينِهِ فَكُلُّ
قَرِينٍ بالْمُقَارِنِ يَقْتَدِي
والصديق إما أن يهديك وإما أن يغويك إما أن ينفعك وإما أن
يضرك
يقاس المرء بالمرء *** إذا ما المرء ما شاه
وللشيء من الشيء ***مقاييس وأشباه
وللقلب على القلب ***دليل حين يلقاه
عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (مثل الجليس
الصالح ومثل جليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن تبتاع منه وإما
أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة)
( )
خذ من خليلك ما صفا *** ودع الذي فيه الكدر
فالعمر أقصر من معا *** تبه الخليل على الغير
يقول محمد بن واسع: لم يبق من العيش إلا ثلاث: الصلوات الخمس
يصليهن فِي الجميع فيعطى فضلهن ويكفى شرهن، وجليس صالح تفيده خيرا ويفيدك خيرا، وكفاف
من العيش ليس لأحد عليك فيه منة ولا يخاف من اللَّه فيه التبعة. ( )
صفات الجليس الصالح
======================
اعلم زادك الله علما-أن للصديق الصالح صفات ينبغي عليك أن
تتحراها عند اختياره نذكر هنا أهمها :
الصفة الأولى: الإيمان و التقوى
======================
ومِنْ أهمِّ صفاتِ الصديقِ الصالِحِ الإيمانُ والتقوَى ,
عن أبي سعيد الخدري , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تصحب إلا مؤمنا
ولا يأكل طعامك إلا تقي "( ).
وكُلُّ صحبَةٍ قامَتْ علَى أساسٍ غيْرِ سليمٍ كانَتْ سببًا
لندَمِ صاحبِهَا فِي الدنيَا والآخرةِ، قالَ اللهُ تعالَى: ﴿ الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ
بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ ﴾[8].
فعلَى المرءِ أَنْ ينتبِهَ فِي اختيارِ الصديقِ، ويَحذَرَ
مِمَّنْ يَلْبَسُ ثوبَ الصداقةِ، ولَهُ مآربُ يبتغِيهَا، فكَمْ مِنْ صاحِبٍ جَرَّ علَى
أصدقائِهِ الهمَّ والحزَنَ، وأَرْدَاهُمْ بِسُوءِ أفكارِهِ وضلالةِ أهدافِهِ، وقَدْ
قِيلَ: الصاحِبُ سَاحِبٌ. لأنَّ الصاحبَ لهُ تأثيرٌ بالغٌ علَى صاحبِهِ.
الصفة الثانية :أن يكون متبعا لمولاه مخالفا لشيطانه و هواه
================================
من صفات الجليس أيضا، أن لا يكون متبعا لهواه، بل متجردا
في آراءه منصفا في أقواله وتقريراته، لقوله سبحانه { وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا
قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا } [الكهف:
28] ضياعا وهلاكا وخسارة، لأنها نتيجة طبيعية لاتباع الهوى الذي هو من ألد أعداء الإنسان.
إني بليت بأربع ما سلطوا * إلا لعظم بليتي وعنائي
إبليس والدنيا ونفسي والهوى * كيف السبيل وكلهم أعدائي(
)
قال الحسن: أيها الرجل، إن أشد الناس عليك فقدا، لرجل إذا
فزعت إليه وجدت عنده رأيا، ووجدت عنده نصيحة، بينا أنت كذلك إذ فقدته، فالتمست منه
خَلَفا فلم تجده. ( )
الصفة الثالثة: أن يكون راجح العقل
=============================
مومن صفات الصديق الصالح رجاحة العقل و الاتزان و عدم التهور
و الحمق
قال ابن حبان: العاقل لا يؤاخي إلا ذا فضل في الرأي والدين
والعلم والأخلاق الحسنة، ذا عقل نشأ مع الصالحين؛ لأن صحبة بليد نشأ مع العقلاء خير
من صحبة لبيب نشأ مع الجهال.( )
وَلَمَن يعادي عاقلا خير له * من أن يكون له صديق أحمقُ
فارغب بنفسك أن تصادقَ أحمقا * إن الصديق على الصديق مصدَّق(
)
قال بعض العلماء: التمس وُدَّ الرجل العاقل في كل حين، وود
الرجل ذي النكر في بعض الأحايين، ولا تلتمس ود الرجل الجاهل في حين. ( )
فالصديق الأحمق ربما يريد أن ينفعك فيقتلك كالدب التي قتلت
صاحبها ذكروا أن رجلا وجد في الغابة دبة صغيرة تبكي جائعة ليس لها من يرعاها فأخذها
بيته وأرضعها واعتنى بها وأحبها وأحبته, كبرت الدبة وكبر معها حبها للرجل الذي رعاها
وأكرمها, وفي يوم من الأيام نام الرجل وجلست الدبة تحرسه وتنظر له بحب, فإذا بذبابة
تحوم حوله فاغتاظت منها الدبة وقررت أن تقتلها حتى لا تعكر صفو سيدها ومربيها, فحملت
حجر كبير لتلقي به على الذبابة, فطارت الذبابة وأفلتت من الحجر لكنه وقع على رأس الرجل
فقتلته.
حقوق الصحبة
=======================
الحق الأول :حق الإيثار بالمال : و هو من اهم الحقوق التي
توضح مدى المحبة و الإخوة بين الصديق صديقة و لقد ظهر ذلك لجليا في أفعال أبي بكر الصديق
رضي الله عنه حيث اخذ ماله كله و قدمه لرسول الله صلى الله عليه و سلم و نصرة الدعوة
عن أسماء بنت أبي بكر ، قالت : لما خرج رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، وخرج أبو بكر معه ، احتمل أبو بكر ماله كله ، ومعه خمسة آلاف درهم أو ستة
آلاف ، فانطلق بها معه . قالت : فدخل علينا جدي أبو قحافة ، وقد ذهب بصره ، فقال :
والله إني لا أراه قد فجعكم بماله مع نفسه . قالت : قلت : كلا يا أبت إنه قد ترك لنا
خيرا كثيرا . قالت : فأخذت أحجارا فوضعتها في كوة في البيت الذي كان أبي يضع ماله فيها
، ثم وضعت عليها ثوبا ، ثم أخذت بيده ، فقلت : يا أبت ، ضع يدك على هذا المال . قالت
: فوضع يده عليه ، فقال : لا بأس ، إذا كان ترك لكم هذا فقد أحسن ، وفي هذا بلاغ لكم
. ولا والله ما ترك لنا شيئا ولكني أردت أن أسكن الشيخ بذلك)
فعن عبادة بن الصامت (رضي اله عنه ) قال : سمعت النبي (صلى
الله عليه وسلم) قال الله تعالى : حقت محبتي للمتباذلين في . ( )
. وعن هشام بن عروة عن أبيه قال : أسلم أبو بكر وله أربعون
ألفا فأنفقها في سبيل الله ، وأعتق سبعة كلهم يعذب في الله ، أعتق بلالا وعامر بن فهيرة
، وزينرة والنهدية وابنتها وجارية بني مؤمل وأم عبيس . ( )
. وقال الله تعالى ( وسيجنبها الأتقى * الذي يؤتي ماله يتزكى
* وما لأحد عنده من نعمة تجزئ * إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى * ولسوف يرضي * ) [ الليل
17 – 21 ]
وكان عمر (رضي الله عنه ) يقول أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا
يعني بلالا ( )
عبد الرحمن بن عوف (رضي الله عنه ) وسعد بن الربيع (رضي الله
عنه ) .
لما هاجر النبي (صلى الله عليه وسلم ) من مكة إلى المدينة
آخي بين المهاجرين والأنصار آخي بين سعد بن الربيع الأنصاري ، وعبد الرحمن بن عوف المهاجري
، فتأمل إلى حرص عبد الرحمن بن عوف على البذل والسخاء ومواساة الأخوة
إبراهيم بن سعد عن أبيه عن جده قال لما قدموا المدينة آخى
رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع قال لعبد الرحمن
إني أكثر الأنصار مالا فأقسم مالي نصفين ولي امرأتان فانظر أعجبهما إليك فسمها لي أطلقها
فإذا انقضت عدتها فتزوجها قال بارك الله لك في أهلك ومالك أين سوقكم فدلوه على سوق
بني قينقاع فما انقلب إلا ومعه فضل من أقط وسمن ثم تابع الغدو ثم جاء يوما وبه أثر
صفرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم مهيم قال تزوجت قال كم سقت إليها قال نواة من ذهب
أو وزن نواة من ذهب شك إبراهيم. ( ).
جاء الفتح الموصلي إلى صديق له يقال له عيسي التمار ، فلم
يجده في المنزل فقال للخادم : أخرجي إلي كيس أخي ، فأخرجته له فأخذ درهمين وجاء عيسي
منزله فأخبرته الخادمة بمجيء فتح وأخذ الدرهمين ، فقال : إن كنت صادقة فأنت حرة ، فنظر
فإذا هي صادقة فعتقت . ( ).
الحق الثاني تفقدهم و اعانتهم :ومن حقوق الصاحب على صاحبه
أن يقف بجواره عند الشدائد و يقدم له يد العون و المعونة و لقد ضرب السلف أروع الأمثلة
في ذلك الحق
قال أبو سليمان الدارني لو أن الدنيا كلها لي فجعلتها في
فم أخ من إخواني لاستقللتها له
و قال أيضا إني لألقم اللقمة أخا من إخواني فأجد طعمها في
حلقي )( )
دخل مالك بن دينار ومحمد بن واسع منزل الحسن وكان غائبا فأخرج
محمد بن واسع سلة فيها طعام من تحت سرير الحسن فجعل يأكل ، فقال له مالك : كف يدك حتى
يجئ صاحب البيت ، فلم يلتف محمد إلى قوله ، وأقبل على الأكل وكان مالك أبسط منه وأحسن
خلقا ، فدخل الحسن وقال : يا ويلك هكذا كنا لا يحتشم بعضنا بعضا حتى ظهرت أنت وأصحابك
، وأشار بهذا إلى أن الإنبساط في بيوت الإخوان من الصفاء في الأخوة كيف وقد قال تعالى
( أو صديقكم ) وقال ( أو ما ملكتم مفاتحة ) إذ كان الأخ يدفع مفاتيح بيته إلى أخيه
ويفوض له التصرف كما يريد ( )
وعن ابن عباس (رضي الله عنهما) أنه قال : لابن أخيه ، لأن
يرى ثوبك على صاحبك أحسن من أن يرى عليك ، ولأن ترى دابتك تحت صاحبك أحسن من أن ترى
تحتك . ( )
وقال الحسن البصري – رحمه الله لأن أقضي لمسلم حاجة أحب إلي
من أن أصلي ألف ركعة( ) .
وقال أيضا: لأن أقضي لأخ حاجة أحب إلي من أعتكف شهرين
وعن طاوس قال : إذا أنعم الله على عبد نعمة ثم جعل إليه حوائج
الناس فإن صبر واحتمل وإلا عرض تلك النعمة للزوال.( )
الحق الثالث كتمان اسرارهم و الحفاظ عليها
====================
و من الصاحب على صاحبه أن يكون كتوما للأسرار فلا يفشي له
سرا و يظهر هذا جليا في فعل أبي بكر – رضي الله عنه- في الهجرة المباركة
عَنْ عُرْوَةَ ، قَالَ : قَالَتْ عَائِشَةُ : فَبَيْنَا نَحْنُ
جُلُوسٌ فِي بَيْتِنَا فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ قَالَ قَائِلٌ لأَبِي بَكْرٍ : هَذَا
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْبِلا مُتَقَنِّعًا فِي سَاعَةٍ
لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا . قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : فِدَاءً
لَهُ أَبِي وَأُمِّي إِنْ جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ لأَمْرٌ ، قَالَتْ عَائِشَةُ
: فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنَ ، فَأُذِنَ
لَهُ ، فَدَخَلَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ
دَخَلَ لأَبِي بَكْرٍ : " أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ " فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ
: إِنَّمَا هُمْ أَهْلِكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ
" فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : الصُّحْبَةُ بِأَبِي أَنْتَ ،
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " نَعَمْ "
( )
الحق الرابع الوفاء للصديق
=======================
فمن حقوق الإخوة الوفاء أن يكون وفيا له في حياته و بعد مماته
فمن الوفاء للصديق والصاحب أن يراعي الإنسان حرمته ، ويكرم
أهله وأصدقاءه ولو كان ذلك بعد وفاته
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها ، قَالَتْ: جَاءَتْ عَجُوزٌ
إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عِنْدِي، فَقَالَ: لَهَا
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ أَنْتِ؟) قَالَتْ: أَنَا جَثَّامَةُ
الْمُزَنِيَّةُ، فَقَالَ: (بَلْ أَنْتِ حسَّانَةُ الْمُزَنِيَّةُ، كَيْفَ أَنْتُمْ؟
كَيْفَ حَالُكُمْ؟ كَيْفَ كُنْتُمْ بَعْدَنَا؟) قَالَتْ: بِخَيْرٍ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي
يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمَّا خَرَجَتْ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُقْبِلُ عَلَى
هَذِهِ الْعَجُوزِ هَذَا الْإِقْبَالَ؟ فَقَالَ: ( إِنَّهَا كَانَتْ تَأْتِينَا زَمَنَ
خَدِيجَةَ، وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ )( )
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: ( مَا غِرْتُ
عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا غِرْتُ
عَلَى خَدِيجَةَ، وَمَا رَأَيْتُهَا، وَلَكِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا، وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً،
ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ ).( )
قال النووي رحمه الله :
" فِي هَذَا دَلِيلٌ لِحُسْنِ الْعَهْدِ وَحِفْظِ الْوُدِّ،
وَرِعَايَةِ حُرْمَةِ الصَّاحِبِ وَالْعَشِيرِ فِي حَيَاتِهِ وَوَفَاتِهِ، وَإِكْرَامِ
أَهْلِ ذَلِكَ الصَّاحِبِ " انتهى .
الدعاء ..............................................