الحجاب عفة وطهارة للشيخ عبدالناصر بليح
الحمد
لله رب العالمين ..:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ
السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ
وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى
وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ "( الحـج /1-2].
واشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في سلطانه أمر نبيه صلي الله عليه وسلم أن يقول
لكل مؤمنة التزمي بالعفة والطهارة حتى لا تتعرضي لأي أذى وسوء فقال سبحانه وتعالى
:" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ
يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ
وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً "(الأحزاب/59).وأشهد أن سيدنا ونبينا محمد
عبد الله ورسوله القائل : "إن المرأة إذا أقبلت أقبلت في صورة شيطان فإذا رأى
أحدكم امرأة فأعجبته فليأت أهله فإن الذي معها مثل الذي معها "( الترمذي وابن
حبان ).
وقال
صلي الله عليه وسلم: "ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء "(
الترمذي وابن حبان).
اللهم
صلاة وسلاماً عليك يا رسول الله وعلى آلك وصحبك وسلم ..
أما
بعد
فياجماعة
الإسلام يقول الله تعالي:"وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللاَّتِي لا يَرْجُونَ
نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ
بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
"( النــور/60).
أخوة
الإيمان والإسلام :
إن
أهم ما يتميز به الإنسان عن الحيوان اتخاذ الملابس وأدوات الزينة قال تعالى
:"يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ
وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ
يَذَّكَّرُونَ"(الأعراف /26).
فالملابس
والزينة هما مظهران من مظاهر الحضارة والمدنية والرقي والتجرد عنهما إنما هو ردة إلى
الحيوانية وعودة إلى الحياة البدائية وإذا كان اتخاذ الملابس لازم من لوازم الإنسان
الراقي فإنه بالنسبة للمرأة ألزم لأنه هو الحفاظ الذي يحفظ عليها دينها وشرفها وكرامتها
وعفافها وحيائها وهذه الصفات ألصقت بالمرأة وأولى بها من الرجل ومن ثم كانت الحشمة
أولى بها وأحق لذلك أمر الله عز وجل نبيه أن يقول لأزواجه وبناته ونساء المؤمنين أن
يلتزمن به قال تعالى :"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ
وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى
أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً "(الأحزاب
/59).
وتوجيه
الخطاب إلى نساء النبي وبناته ونساء المؤمنين دليل على أن جميع النساء مطالبات بتنفيذ
هذا الأمر دون استثناء واحدة منهن مهما بلغت من الطهر والعفاف ولو كانت في طهارة بنات
النبي صلي الله عليه وسلم وطهارة نساءه .
#أدلة
الحجاب من القرآن الكريم :
وقد
أولى القرآن الكريم هذا الأمر عناية بالغة وفصله تفصيلاً كاملاً : فبين ما يحل كشفه
من المرأة وما يجب ستره يقول تعالى :"وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ
أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا
ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ
إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ
أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ
بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ
غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا
عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ
مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ"(النــور /31].
حتى
ولو كانت المرأة عجوزاً لا رغبة لها ولا رغبة فيها ؛ يقول الله تعالى :"وَالْقَوَاعِدُ
مِنْ النِّسَاءِ اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ
يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ
لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ( النــور /60).
وكما
أفادت النصوص القرآنية أن الله عز وجل أمر الرجال والنساء بغض البصر وحفظ الفرج تزكية
لنفوسهن وتطهيراً لقلوبهن من أدران الفاحشة حتى أنه نهى المرأة عن الميوعة والتمايل
ونعومة الصوت أمام الأجانب لأن ذلك ملفت للنظر وبخاصة أولئك الذين في قلوبهم مرض فيطمعون
في المرأة :"يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إِنْ
اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ
وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً "(الأحزاب /32).
كما
أمر الله عز وجل نبيه صلي الله عليه وسلم أن يأمر زوجاته وبناته ونساء المؤمنين بالحجاب
فقال تعالى"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ
الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ
فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً "(الأحزاب /59).
#أدلة
الحجاب من السنة المطهرة :
وفي
معرض الحديث عن الحجاب فقد اهتم الرسول صلي الله عليه وسلم بهذه القضية فحدد السن التي
تبدأ بها المرأة في الاحتشام فقال صلي الله عليه وسلم فيما روته عائشة عنه أن أسماء
بنت أبي بكر دخلت على الرسول صلي الله عليه وسلم وعليها ثياب رقراق فأعرض عنها وقال
يا أسماء إن المرأة لو بلغت سن المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى
وجهه وكفيه "(أبوداود )؛ وقد ندد الرسول صلي الله عليه وسلم بالمرأة المتبرجة
حين قال:" إن المرأة إذا أقبلت أقبلت ومعها شيطان وإذا أدبرت أدبرت ومعها شيطان
"(الترمذي).
لما
كان تجرد المرأة من ملابسها وإبداء مفاتنها يسلبها أخص خصائصها من الحياء والشرف ويهبط
بها من مستواها الإنساني ولا يطهرها مما التصق بها من رجس إلا جهنم .
يقول
صلي الله عليه وسلم:" صنفان من أهل النار لم أرهما : رجال بأيديهم سياط كأذناب
البقر ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها
ليشم من مسافة كذا وكذا "(مسلم).
وكان
رسول الله صلي الله عليه وسلم يحذر النساء من التبرج ويلفت نظر الرجال بأن هذا فسق
ويحملهم المسئولية .
فروي
عن عائشة رضي الله عنها قالت بينما رسول الله صلي الله عليه وسلم جالس في المسجد دخلت
امرأة من مزينة ترفل في زينة لها في المسجد فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم:
" يَا أَيُّهَا النَّاسُ , انْهَوْا نِسَاءَكُمْ عَنْ لُبْسِ الزِّينَةِ , وَالتَّبَخْتُرِ
فِي الْمَسْجِدِ , فَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يُلْعَنُوا , حَتَّى لَبِسَ نِسَاؤُهُمُ
الزِّينَةَ , وَتَبَخْتَرْنَ فِي الْمَسَاجِدِ"(ابن ماجة).
أخوة
الإيمان والإسلام :
#لماذا
فرض الحجاب ؟
وفرض
الحجاب لأمور هامة كلها خير وطهارة للمجتمع الإسلامي ككل
1#-
ضمان الطهارة النفسية والقلبية للرجال والنساء قال تعالى :"وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ
مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ"(
الأحزاب /53).
2#-
معرفة أن المتحجبة امرأة فاضلة محصنة فلا يعترضها أحد بأذى " قول أو فعل
" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ
يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ
وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً "(الأحزاب /59). حالات الاغتصاب لا يمكن أن
تتم لامرأة محجبة لذلك أمر الله بالحجاب وحرم الخلوة بالأجنبية والدخول على النساء
: قال صلي الله عليه وسلم " إياكم والدخول على النساء فقال رجل يا رسول الله أفرأيت
الحموا " أخو الزوج " قال الحموا الموت " (متفق عليه ).
3#-إصلاح
الرجال والنساء بالحرص على تجنبهم سبل الغواية والضلال وتوصيلهم إلى الفلاح والفوز
والنجاة وذلك بغض البصر :"قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ
وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ
وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ"
( النــور /30-31).
4#-إن
الإسلام يهدف إلى إقامة مجتمع نظيف لا تهاج فيه الشهوات فالنظرة الخائنة والحركة المثيرة
والزينة المتبرجة والجسد العاري عمليات استثارة مستمرة وسعار شهواني لا ينطفئ ولا يرتوي
: "النظرة سهم مسموم من سهام إبليس من تركها من مخافتي أنزلته إيماناً يجد حلاوته
في قلبه "(الطبراني ).
وقال
صلي الله عليه وسلم:" العينان تزنيان وزناهما الاستماع واللسان زناه الكلام والقلب
يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه "(مسلم ).
#الخطبــــة
الثانيـــــة
الحمد
لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ..
أما
بعد فياجماعة الإسلام :"
فقد
خلقنا الله سبحانه وتعالى رجالاً ونساءً وله في ذلك حكمة كبيرة كانت السبب في بقاء
واستمرار البشرية ولما كانت المرأة دعامة المجتمع وأساسه فقد كرمها الإسلام وذكرها
القرآن في سور عدة بل سميت سورة باسمها " سورة النساء " ولأن النساء خلقن
للرجال ولهن خلق الرجال فقد أمر الله الفتاة أن تتحجب عن الغرباء لتكون جوهرة مكنونة
يحتار الصياد في الحصول عليها ولأن المرأة كلها عورة وكلها فتنة وجاذبية ، فرض عليها
ديننا أن تكون محجبة ومحجوبة عن الأعين فتغلوا بذلك قيمتها وترتفع مكانتها فلا تكون
بضاعة مكشوفة معروضة على الأرض يتساقط عليها الذباب فتباع بأرخص الأثمان وهي أصلاً
ليست للبيع .
#عباد
الله :
حرم
الله التبرج من أجل النظر ومن أجل ألا ينظر الرجل إلى المرأة الأجنبية لأن النظر إليها
بريد الزنا وطريق من طرق الشيطان لذلك يقول القائل :
كل
الحوادث مبدؤها من النظر ... ومعظم النار من مستصـــــغر الشرر
والمرء
ما دام ذا عين يقلبها ، في أعين الغير موقوف على الخطـــــــر
كم
نظرة فعلت في قلب صاحبها .. فعل السهام بلا قوس ولا وتـــــــــر
#عباد
الله :
إن
سفور المرأة وتبرجها وخلاعتها ليس من المدنية التي ينادي بها العقلاء وإنما تبرج المرأة
من الرذيلة التي ينادي بها السفهاء في الغرب وأمثالهم في الشرق لتقوم الفاحشة وتكثر
...
قال
تعالى :"وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ
الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً "(النساء /27).
اللهم
اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وحصن ألسنتنا من الفحش وفروجنا من الزنا وارحمنا
برحمتك يا أرحم الراحمين.