الإبتلاء بالخير في قصة قارون للشيخ ماهر خضير
وقفات الخطبة
الوقفة الأولى:-
بين يدى الموضوع
الوقفة الثانية
: - قصة قارون والابتلاء بالخير
الوقفة الثالثة
:- الدروس المستفادة من قصة قارون
🖌🖌🖌🖌🖌🖌🖌🖌🖌🖌🖌🖌🖌🖌🖌🖌🖌
الحمد لله له الحمد
في الأولى والآخرة، أحمده وأشكره على نعمه الباطنة والظاهرة، وأشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، هدى بإذن ربه القلوب الحائرة، صلى الله
وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه نجوم الدجى والبدور السافرة، والتابعين ومن تبعهم بإحسان
إلى يوم الدين....
أما بعد أيها المسلمون
إعلموا جيدا أن
من عبد ربه سبحانه وتعالى وأخلص له الدين فهو موعود من الله رب العالمين بجنات عرضها
السماوات والأرض، قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً* خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا
حِوَلاً [الكهف:108].
هذا بالنسبة للآخرة،
أما الدنيا، فإن الله تعالى يبتلي فيها العباد، والابتلاء تارة يكون بالخير وتارة يكون
بالشر، قال الله عز وجل: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا
تُرْجَعُونَ [الانبياء:35].
ولا يمكن لنا نحن
كبشر أن ندرك كل الحكمة من هذا الابتلاء، من حيث تنوعه إلى ابتلاء بالخير وابتلاء بالشر،
والله وحده هو الذي يعلم تمام الحكمة من ذلك، قال الله تعالى: وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ
مِنَ الْمُصْلِحِ [البقرة:220].
وقال تعالى: وَلَوْ
بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ [الشورى:27].
وقال الله تعالى:
وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ [آل عمران:152].
فها هي الآيات تدل
على أن سعة الرزق وبسطه أحياناً تكون سبباً في طغيان صاحبها، فيكون الفقر خيرا له في
دينه، وكذلك العكس، ولتعلم أيها الأخ الكريم أن القبض والبسط من الله تعالى يجب أن
يقابل من العباد بالصبر والشكر، فمن شكر الله على نعمة فاز، ومن صبر على ابتلائه نال
الدرجات العلى، قال الله تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ
حِسَابٍ [الزمر:10].
ومن المعلوم أنه
لا يوجد بشر خلقه الله أحب إليه من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، كما أنه كان أفضل
العابدين، ومع هذا اختار صلى الله عليه وسلم أن يحيا حياة الفقر، ولذا قال الشاعر:
لو كان في الفقر
ازدراء لم ير === آل النبي الصحاب فقرا
و الابتلاء بالشر
مفهوم أمره وهو ليتكشف مدى احتمال المبتلى، ومدى صبره على الضر، و مدى ثقته في ربه،
و رجائه في رحمته.. فأما الابتلاء بالخير فهو في حاجة إلى بيان..
وأما الابتلاء بالخير
والنعم فهو أشد وطأة، و إن خُيل للناس أنه دون الابتلاء بالشر..
فهناك كثيرين يصمدون
للابتلاء بالشر و لكن القلة القليلة هي التي تصمد للابتلاء بالخير.
كثيرون يصبرون على
الابتلاء بالمرض و الضعف. و لكن قليلين هم الذين يصبرون على الابتلاء بالصحة و القدرة.
و يكبحون جماح القوة الهائجة في كيانهم الجامحة في أوصالهم.
عباد الله أعلموا
أنَّ تَوَارُدِ النِعَم ليسَ دليل اصطِفَاء, ولا أَمَارَة إكرَام, فقِيمَةُ المرءِ
عندَ اللهِ, لا تَتَعَلَّقُ بِمَا عندَهُ مِن عَرضِ الدُنيا, ورِضَى الله لا يُستَدَلُّ
عليهِ بالمنعِ أو العَطَاءِ في هذهِ الحياة؛ وإلا لكانَ رسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليهِ
وسَلَّمَ- أكثرَ الناسِ عَرَضَا, وإنِمَّا اللهُ يُعطِي ليَبتلِي, ويَمنَعُ ليَبتَلِي,
والـمُعَوَّلُ عليهِ نتيجةُ الابتلاء, واقرءوا إن شِئتُم: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا
بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ)، ومِن خَبَرِ عبدالرحمنِ بنِ عَوفٍ
-رضي اللهُ عنه- عندَ البخاري- : "وَقَدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا
عُجِّلَتْ لَنَا".
تعالو بنا لنعرض
سويا قصة رجل جاء ذكره في القران الكريم ابتلى بالخير فياترى ماذا فعل وماذا حل به؟
يقول الله تعالى
في محكم التنزيل: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ
مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ
إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ
فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا
وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ
إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ * قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ
عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ
مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ
الْمُجْرِمُونَ * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ
الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو
حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ
لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ * فَخَسَفْنَا
بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ
اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ * وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ
بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ
عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ
لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [العنكبوت:76-82].
كانَ قارون من بني
إسرائيل وهو ابن عمّ سيدنا موسى عليه السلام، وقد رزقه الله تعالى سعة في الرزق، وكثرةً
في الأموال حتى فاضت بها خزائنه، واكتظت صناديقه بما حوته منها، فلم يعد يستطيع حمل
مفاتيحها مجموعة من الرجال الأقوياء.
وكان يعيش بين قومه
عيشة الترف، فكان يلبس الملابس الفاخرة ولا يخرج إلا في زينته، ويسكن القصور، ويختار
لنفسه الخدم والعبيد، ويستمتع بملذات الدنيا الفانية.
وكما قلنا كان ذا
مال وفير وذات يوم قال له قومه على جهة الوعظ والإرشاد.
لا تفرح وابتغ فيما
آتاك اللّه الدار الآخرة ، ولا تنس نصيبك من الدنيا ، وأحسن كما أحسن اللّه إليك ،
ولا تبغ الفساد في الأرض.
وهذه خمسة أصول
مهمة ، ومن تمسك بها وعمل بمقتضاها نجا من الدنيا وما فيها.
1 - قالوا له :
لا تفرح بدنياك فرحا مصحوبا بالبطر والأشر ، والفتنة والغرور فالدنيا عرض زائل ، وعارية
مستردة يربح فيها من عرفها ، ويخسر من اغتربها لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ
وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ. إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ.
ب - وَابْتَغِ فِيما
آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ نعم فالدنيا طريق الآخرة ، هي المزرعة للباقية من
زرع فيها الخير حصد ، ومن أضاع عمره فيما لا يرضى ربه ندم والعاقل من طلب بدنياه آخرته
، ومن ابتغى فيما آتاه اللّه الدار الآخرة واللّه - سبحانه - لا يطالبك بأن تعطى مالك
كله ، بل إن تنفق القليل طلبا لرضا الرب الجليل ، ترجع بالخير الكثير والجزاء الجزيل.
ج - وَلا تَنْسَ
نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا نعم فهذا هو الطريق الوسط والرأى الرشد ، أن تعمل لدنياك
كأنك تعيش أبدا ، وتعمل لآخرتك كأنك تموت غدا ، فليس من الدين الزهد في الدنيا حتى
تتركها وتعيش عالة على غيرك ، بل الدين يطالبك بالعمل والجد والغنى من طريق الحلال
، فإذا جمعت المال فأعط حق اللّه فيه ، ولا تنس نصيبك من الدنيا ، أى : تمتع ببعضه
بلا إسراف ولا تقتير ، انظر إلى هذا النظام المحكم الدقيق الذي وضعه الحكيم البصير!
د - وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ والإحسان هو الإتقان في العمل ، وهو
يقتضى إعطاء كل ذي حق حقه.
ه - وَلا تَبْغِ
الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ بالظلم أو العسف أو الكبر أو الإضرار بالناس فكل ذلك كان سيئة
عند ربك مكروها ، إن اللّه لا يحب المفسدين بأى شكل كان.
انظر إلى قارون
وقد أبى أن يقبل هذا النصح - لأنه غير موفق - بل زاد عليه بقوله : قال : إِنَّما أُوتِيتُهُ
عَلى عِلْمٍ عِنْدِي!! بمعنى أنه أوتى هذا المال لفضل علمه وكمال استحقاقه له
:ثم يجيء بعد ذلك
مشهد من مشاهد القصة، وهو المشهد الذي يخرج فيه قارون على قومه في زينته، كأنه بذلك
يَكيد للَّذِين نصحوه، ويستخف بمشاعرهم، ويبالغ في إيلامهم، فيخرج في منتهى الزينة،
وغاية الكبر، ونهاية الغرور، فتطير لذلك قلوب فريق من القوم، وتتهاوى أنفسهم لمثل ما
أوتي قارون، ويرون أنه صاحب حظ عظيم، وخير عميم، لأنهم أصحاب نظرة مادية، وأفكار دنيوية،
(فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا
يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) [القصص:77].
وهنا يتدخل أهل
العلم والحكمة مرة أخرى، ويتأنقون في النصيحة، ويجتهدون في الموعظة، قال تعالى: (وَقَالَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ
صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ) [القصص:80]، فذكّروهم بالرجاء فيما
عند الله، والاعتزاز بثوابه، والفرح بعبادته، فجيب أن يكونوا أعلى نفساً، وأكبر قلباً،
ولا يلقاها إلا الصابرون، الصابرون على معايير الناس ومقاييسهم، الصابرون على فتنة
الحياة وإغرائها، الصابرون على الفقر ومعاناته، الصابرون على شظف العيش ومقاساته، الصابرون
على الحرمان من كثير من متع الدنيا؛ لأنهم علموا أن الصابرين يوفّون أجورهم بغير حساب.
ثم يجيء المشهد
المرعب في القصة، مشهد النهاية، مشهد الخاتمة المشينة، والمصرع الوخيم، والانتقام العظيم،
(فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ
مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ) [القصص:81].
هكذا كانت النهاية
بعد أن عظمت الفتنة، واشتدت المحنة؛ وهذه نتيجة الكبر والبطر والغرور والخُيَلاء، والجحود
والإصرار، والتألِّي على الله، وعلى عباد الله، ابتلعته الأرض، وساخت فيها أمواله وقصوره!.
يقول -صلى الله
عليه وسلم-: "بينا رجل فيمن كان قبلكم خرج في بردين أخضرين يختال فيهما، أمر الله
الأرض فأخذته، فإنه ليتجلجل فيها إلى يوم القيامة" رواه أحمد.
وبعد هذه النهاية
الخاسرة، أصبح الذين تمنوا مكان قارون يحمدون الله أنْ مَنَّ عليهم ونجَّاهُم مِن الخسف،
قال تعالى: (وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ
اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ
مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ)
[القصص:82].
ثم تختم القصة بهذا
المقطع الجميل الذي يؤكد أن الفوز والفلاح هو في الدار الآخرة، وأن الله تعالى يجعل
جناتها ونعيمها، وأنسها وسرورها وأنهارها وحُورها، لأهل الإيمان والتواضع والتقوى والإحسان،
والبعد عن الفساد، قال سبحانه: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ
لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)
[القصص:83].:
أقول قولى هذا واستغفر
الله لى ولكم
...............
الخطبة الثانية ............. الحمد لله .............. أما بعد
عباد الله / قصة
قارون بها من الدروس والعبر الكثير فمن ذلك أن
1- لا تغتر بنسب
ولا حسب فان نسب الإنسان وحسَبه لا يُغْنِي عنه من الله شيئاً،
2- ومنها أن الرزق
من عند الله تعالى فهو مقدِّر الأقدار، ومقسم الأرزاق، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك
ممن يشاء، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لمن منع.
أَمَا تَرَى الْبَحْرَ
وَالصَّيَّادُ مُنْتَصِبٌ *** لِرِزْقِـهِ وَنُجُـومُ اللَّيْـلِ مُحْتَبِكَـهْ
قَدْ غَاصَ فِي
لُجَّةٍ وَالْمَوْجُ يَلْطِمُهُ *** وَعَيْنُهُ لَـمْ تَزَلْ فِـي كَلْكَلِ الشَّبَكَهْ
حتَّى إِذا بَاتَ
مَسْـرُورَاً بِلَيْلَتِـهِ *** بِالْحُوتِ قَدْ شَقَّ سَفّودُ الرَّدَى حَنَكَهْ
شَرَاهُ مِنْهُ
الَّذِي قَـدْ بَاتَ لَيْلَتَـهُ *** خِلْواً مِنَ الْبَرْدِ فِي خَيْرٍ مِنَ الْبَرَكَهْ
سُبْحَانَ رَبَّيُ
يُعْطِي ذَا وَيَحْرِمُ ذَا *** هَـذَا يَصِـيدُ وَهَذَا يَأْكُـلُ السَّمَكَهْ
3- ومنها عدم الفرح
بالدنيا، فرح زهو وكبر وغرور، فإن هذه هي المهلكة الكبرى، والداهية العظمى، فالكبر
والغرور عاقبتهما وخيمة.
4- ومنها أن مقياس
السعادة والسرور في الدنيا هو بطاعة الله تعالى، والإحسان إلى عباده، وليست السعادة
ولا الريادة بكثرة الغنى والنعم فهى من أشد أنواع الابتلاءات فان الكثيرون يجتازون
مرحلة الشدة بنجاح، ولكن حينما جائهم الرخاء سقطوا في الابتلاء! و ذلك شأن البشر..
إلا من عصم الله ففي الصحيحين مِن حديثِ عَمْروٍ بْنِ عَوْفٍ -رضي اللهُ عنه- أنَّ
رسولَ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلم- قال: "فَوَاللَّهِ مَا الفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ،
وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ
كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ".
فاليقظة للنفس في الابتلاء بالخير أولى من اليقظة لها في الابتلاء بالشر. و الصلة بالله
في الحالين هي وحدها الضمان..”
5- ومِنَ الدُّرُوسِ
أن الإسلام يدعو إلى إعمار الأرض والسير في مناكبها، والأخذ بنصيب من الدنيا، ولكن
يجعل ذلك كله طريقاً إلى الدار الآخرة، ويحسن الإنسان كما أحسن الله إليه.
6- ومنها أن الفساد
وأهله ممقوتون بعيدون من محبة الله، فويل لِمَنْ سخَّروا أموالهم لإفساد عباد الله
عبد الله احرص دائما
على ان تقابل نعمة الله عليك بالشكر والطاعة فالزواج نعمه فقبله بالطاعة والمال نعمة
فقابله بطاعة وأداء حق الله فيه والصحة والعافية نعمة فقابلها بالشكر والطاعة والتواضع
ونصرة المظلوم واعانة المحتاج ففي حديثِ أَبِي بَكْرَةَ -رضيَ اللهُ عنه- أَنَّ النَّبِيَّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "كَانَ إِذَا أَتَاهُ أَمْرٌ يَسُرُّهُ أَوْ
بُشِّرَ بِهِ، خَرَّ سَاجِدًا، شُكْرًا لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى". فاحرص
على الاقتداء بهَديُّ النبيِّ -صلى اللهُ عليه وسَلَّمَ- فالنعم بالشكر تزيد (وَإِذْ
تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ) [إبراهيم: 7]
الخاتمة
............................ الدعاء