طهارة القلوب من الحسد للشيخ أحمد أبو عيد







الحمد لله المذكور بكل لسان المشكور على كل إحسان خلق الخلق ليعبدوه واظهر لهم آياته ليعرفوه ويسر لهم طريق الوصول إليه ليصلوه فهو ذو الفضل العظيم والخير الواسع العميم.
واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
لبثت ثوب الرجا والناس قد رقدوا        وبت إلي مولاي اشكوا ما أجدوا
وقلت يا عدتي في كل نائبة ويا           من عليه لكشف الضر اعتمد
اشكوا إليك أمورا أنت تعلمها ما         لي علي حملها صبر ولا جلد
وقد مددت يدي إليك بالذل مبتهلا        يا خير من مدت إليه يد
فلا تردنها يا رب خائبة فبحــــر         جودك يروي كل من يرد
واشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، نشهد يا رسول الله إنك قد بلغت إلينا من ربك الرسالة وأديت الأمانة ونصحت للأمة فكشف الله بك الغمة وتركتنا على المحاجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك أو مشرك.
العناصر
أولًا: أضرار الحسد والترهيب منه                           
 ثانيًا: الوقاية من الحسد
ثالثًا: وسائل تعين على تجنب الحسد                        
 رابعًا: نماذج للحسد والحاسدين
الموضوع
الحسد هو شعور عاطفي بتمني زوال قوة أو إنجاز أو ملك أو ميزة من شخص آخر والحصول عليها أو يكتفي الحاسد بالرغبة في زوالها من الآخرين. وهو بخلاف الغبطة فإنها تمنّي مثلها من غير حب زوالها عن المغبوط.
والحسد أحد أقوى أسباب التعاسة، ولا تقتصر التعاسة على الشخص الحاسد بسبب حسده، بل قد تصل إلى الرغبة في إلحاق مصائب بالآخرين.
أولًا: أضرار الحسد والترهيب منه
حرمة إيذاء المؤمن: قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} سورة الأحزاب: 58
تحذير النبي ﷺ  منه: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا» ([1])
(الظن) هنا هو الظن السئ بأهل الإيمان، (التحسس) هو أن تَلَمَّس، تطَلَّب شيئًا وتَعَرَّف إليه بالحَسّ واللَّمس، كتَحَسَّسَ الجُدرانَ في الظُّلْمة، )تَجَسَّسُ) أي لا يتتبّعْ بعضُكم عورةَ بعضٍ، ولا يبحثْ عن سرائره، يبتغي بذلك الظّهورَ على عيوبه، ولكنْ اقنَعُوا بما ظهر لكم من أمره، وبه فاحمدوا أو ذمّوا، لا على ما لا تعلمونه من سرائره، وقيل أن التحسس والتجسس واحد، (تحاسدوا) أي تمني زوال النعمة عن الغير،  (ولا تدابروا) التدابر المعاداة وقيل المقاطعة لأن كل واحد يولي صاحبه دبره (تباعضوا) البغض هو الكُرْهٌ الشَديدٌ ، والمَقْتٌ ، والكَراهِيَةٌ (كونوا عباد الله إخوانا) أي تعاملوا وتعاشروا معاملة الإخوة ومعاشرتهم في المودة والرفق والشفقة والملاطفة والتعاون في الخير ونحو ذلك مع صفاء القلوب والنصيحة بكل حال.
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "لا تعادوا نعم الله، قيل له: ومن يعادي نعم الله؟ قال: الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله". 
سبب في مصائب كثيرة: هذا الحسد هو الذي يجعل كثيراً من الناس يكيدون للمحسودين، قل لي: بربك لماذا تنطلق الوشايات حول أشخاص معينين؟ ولماذا تشوه سمعتهم في كثير من الأحيان؟ إن هو إلا بسبب الحسد، وكذلك الغيبة وما يجري مجراها من الذم والقدح في الأعراض، وهكذا تجد
أصحاب النفوس المريضة إذا لم يستطيعوا أن يصلوا إلى منزلة إنسان فإنهم لا يزالون يكيدون له، ويدبرون له المؤامرات.
حسد الفتى إذ لم ينالوا سعيه *** فالناس أعداء له وخصوم
كضرائر الحسناء قلن لوجهها *** حسداً وبغضاً إنه لذميم
وهكذا لما لم ينالوا سعي ذلك الرجل، ولم ينالوا منزلته سعوا للإيقاع به، وصاروا أعداء له وخصوم كما أن الضرائر للزوجة الجميلة يقلن عن وجهها إنه ذميم قبيح مع أنه ليس كذلك، لماذا؟ من أجل الحسد.
فهذا الحسد هو الذي يدفع للعدوان؛ ولذلك حرمته الشريعة، لأن الحسد في كثير من الأحيان يدفع
إلى البغي، والظلم، والاعتداء، والايذاء، والإيقاع بالمحسودين؛ فينال صاحبه العذاب يوم القيامة، ويطاله لأنه بحسده أدى إلى أن يعتدي على أخيه المسلم.
وهذا الحسد أصله في القلب ولكن له امتدادات في الخارج، وتصبح الأعضاء تعمل إرضاء لنفس الحاسد، وتسكينًا لجمرة الغضب المتوقدة في قلبه، حسداً على أخيه، وكذلك في تسكين الألم؛ فإنه لا يزال يتألم وهو يرى صاحبه يتقلب في النعمة، والناس يأتون إليه، وله المنزلة، وكذلك فإنه لا يزال يكيد لأجل أنه يأكله الغيض من داخله، فكان الحسد في شريعتنا محرماً، وكذلك في شرائع الأنبياء.
يطرد الإيمان من القلب: عن أبي هريرة t قال قال رسول الله ﷺ  «..... ولا يجتمعان في قلب عبد الإيمان والحسد» ([2])
يؤدي إلى القتل: قال تعالى: ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدم بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) ) سورة المائدة
أي واقصص -أيها الرسول- على بني إسرائيل خَبَر ابنَيْ آدم قابيل وهابيل، وهو خبرٌ حقٌ: حين قَدَّم كلٌّ منهما قربانًا -وهو ما يُتَقرَّب به إلى الله تعالى- فتقبَّل الله قُربان هابيل; لأنه كان تقيًّا، ولم يتقبَّل قُربان قابيل: لأنه لم يكن تقيًّا، فحسد قابيلُ أخاه، وقال: لأقتلنَّك، فَردَّ هابيل: إنما يتقبل الله ممن يخشونه.
وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أكثر من يموت من أمتي - بعد قضاء الله وقدره - بالعين "([3])
داء الأمم: عَنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمُ الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ هِيَ الْحَالِقَةُ لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ ولكنْ تحلق الدّين» ([4])
والبغضاءهي الكراهية وهي تذهب بالدين
يُخرج صاحبة من الخيرية: عن ضمرة بن ثعلبة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا "([5])
التفريق بين مرض العين والحسد أو المرض العضوي: فإن مما يعين على التفريق بين ما كان من المصائب ناتجاً عن حسدٍ، أو عن غير حسد أن نتعرف على أعراض الحسد والعين:
فإن أعراض العين في الغالب تكون: كمرض من الأمراض العضوية، إلا أنها لا تستجيب إلى علاج
الأطباء، كأمراض المفاصل، والخمول، والأرق، والحبوب والتقرحات التي تظهر على الجلد، والنفور من الأهل والبيت والمجتمع والدراسة، وبعض الأمراض العصبية والنفسية، ومن الملاحظ أن الشحوب في الوجه بسبب انحباس الدم عن عروق الوجه، والشعور بالضيق، والتأوه، والتنهد، والنسيان، والثقل في مؤخرة الرأس، والثقل على الأكتاف، والوخز في الأطراف يغلب على مرضى العين، وكذلك الحرارة في البدن، والبرودة في الأطراف.
أما أعراض الحسد فيقول عبد الخالق العطار: أعراض الحسد تظهر على المال، والبدن، والعيال بحسب مكوناتها، فإذا وقع الحسد على النفس يصاب صاحبها بشيء من أمراض النفس، كأن يصاب بالصدود عن الذهاب للكلية، أو المدرسة، أو العمل، أو يصد عن تلقي العلم ومدارسته واستذكاره وتحصيله واستيعابه، وتقل درجة ذكائه وحفظه، وقد يصاب بميل للانطواء والانعزال والابتعاد عن مشاركة الأهل في المعيشة، بل قد يشعر بعدم حب ووفاء وإخلاص أقرب الناس وأحبهم له، إلى آخر ما ذكر من أعراض
ثانيًا: الوقاية من الحسد
الثقة الكاملة في الله سبحانه وتعالي: فالتوكل الكامل علي الله يكفي المرء الضرر والاضطهاد الذي يتسبب الناس فيه إليه لقوله تعالي {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} الطلاق: 3
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْعَيْنُ حَقٌّ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ، وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا» ([6])
 (ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين) فيه إثبات القدر وهو حق بالنصوص وإجماع أهل السنة ومعناه أن الأشياء كلها بقدر الله تعالى ولا تقع إلا على حسب ما قدرها الله تعالى وسبق بها علمه فلا يقع ضرر العين ولا غيره من الخير والشر إلا بقدر الله تعالى وفيه صحة أمر العين وإنها قوية الضرر.
الإستعاذة بالله من شرور الخلق: قال تعالى: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)) سورة الفلق
قل -أيها الرسول-: أعوذ وأعتصم برب الفلق، وهو الصبح، ومن شر جميع المخلوقات وأذاها، ومن شر ليل شديد الظلمة إذا دخل وتغلغل، وما فيه من الشرور والمؤذيات، ومن شر الساحرات اللاتي ينفخن فيما يعقدن من عُقَد بقصد السحر، ومن شر حاسد مبغض للناس إذا حسدهم على ما وهبهم الله من نعم، وأراد زوالها عنهم، وإيقاع الأذى بهم ([7]).
وقال تعالى: ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6) ) سورة الناس
قل -أيها الرسول-: أعوذ وأعتصم برب الناس، القادر وحده على ردِّ شر الوسواس، ملك الناس المتصرف في كل شؤونهم، الغنيِّ عنهم، إله الناس الذي لا معبود بحق سواه، من أذى الشيطان الذي يوسوس عند الغفلة، ويختفي عند ذكر الله، الذي يبثُّ الشر والشكوك في صدور الناس، من شياطين الجن والإنس ([8])
اغتسال العائن إن أمكن:  عن أبي أمامة سهل بن حنيف أنه قالرأى عامر بن ربيعة سهل بن حنيف يغتسل فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة ـ يعني من شدة بياضه ـ فلبط ـ أي صرع وسقط على الأرض ـ سهل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل: يا رسول الله هل لك في سهل بن حنيف والله ما يرفع رأسه، فقال: هل تتهمون له أحداً؟ قالوا: نتهم عامر بن ربيعة، قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عامراً، فتغيظ عليه وقال: علام يقتل أحدكم أخاه؟! ألا بركت، اغتسل له فغسل عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح، ثم صب عليه فراح سهل مع الناس ليس به بأس. ([9])
فيغسل العائن بعض جسده كأطرافه وداخلة إزاره ويصب ذلك الماء على المصاب، فإذا لم يمكن اغتسال العائن أو لم نعرف العائن –الحاسد أو الذي أصاب غيره بالعين- فينبغي اللجوء للرقية الشرعية والاذكار النبوية.
أو يتوضأ العائن ثم يغتسل المصاب بالعين من فضل ماءه فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان يؤمر العائن فيتوضأ، ثم يغتسل منه المعينْ) ([10])
الاستعانة بعض الرُّقى النبوية: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ، وَيَقُولُ: " إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ " ([11])
(يعوذ) من التعويذ وهو الالتجاء والاستجارة. (التامة) الكاملة في فضلها وبركتها ونفعها. (هامة) كل حشرة ذات سم وقيل مخلوق يهم بسوء. (لامة) العين التي تصيب بسوء وتجمع الشر على المعيون. وقيل هي كل داء وآفة تلم بالإنسان.
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنِي أَنْ أَسْتَرْقِيَ مِنَ الْعَيْنِ» ([12])
وعن عبد الله بن خبيب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« {قُلْ هُواللَّهُ أَحَدٌ} والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء» ([13]).
وعَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ إِذَا اشْتَكَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقَاهُ جِبْرِيلُ، قَالَ: «بِاسْمِ اللهِ يُبْرِيكَ، وَمِنْ كُلِّ دَاءٍ يَشْفِيكَ، وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ، وَشَرِّ كُلِّ ذِي عَيْنٍ» ([14])
وعن خَوْلَةَ بِنْتَ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةَ، تَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ، حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ "
(بكلمات الله التامات) قيل معناه الكاملات التي لا يدخل فيها نقص ولا عيب وقيل النافعة الشافية وقيل المراد بالكلمات هنا القرآن]
وعن عبد الرحمن بن خنبش قال قال رسول الله r «أتاني جبريل فقال: يا محمد! قل قلت: وما أقول؟ قال: قل أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وذرأ وبرأ ومن شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها ومن شر ما ذرأ في الأرض وبرأ ومن شر ما يخرج منها ومن شر فتن الليل والنهار ومن شر كل طارق يطرق إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن» ([15])
الكتمان: عن معاذ بن جبل t قال قال رسول الله ﷺ : «استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود» ([16])
المداومة علي ذكر الله :وذلك من خلال اللجوء إلي الله تعالي وقراءة أذكار الصباح والمساء يومياً وكثرة الإستغفار وقراءة المعوذعتين وسورة الإخلاص وأيه الكرسي بقلب ونية صادقة ثلاث مرات في الصباح والمساء.
حماية الأطفال :بالرغم من أننا نفعل كل شئ لحماية أطفالنا ومستقبلهم إلا أن الأطفال يمكن أن يتأثروا بالحسد ويجب حمايتهم حسب السنة فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ، وَيَقُولُ: " إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ " ([17])
(يعوذ) من التعويذ وهو الالتجاء والاستجارة. (التامة) الكاملة في فضلها وبركتها ونفعها. (هامة) كل حشرة ذات سم وقيل مخلوق يهم بسوء. (لامة) العين التي تصيب بسوء وتجمع الشر على المعيون. وقيل هي كل داء وآفة تلم بالإنسان]
 الدعاء بالبركة وقول بسم الله ما شاء الله: عن عامر بن ربيعة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة فٍان العين حق ) ([18])
وقول بسم الله ما شاء الله: قال تعالى: ( وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (39) ) سورة الكهف
تذكر إرادة الله :كلما رأي المرء شيئاً يحبه  سواء مال أو أولاد،،، أي شئ يحبه يجب أن يذكر ما شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله . لتذكر أن كل شئ بإرادة الله .  
ثالثًا: وسائل معينة عن تجنب الحسد
 الرضا بما قسم الله: قال تعالى: ( نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ) سورة الزخرف:32، وهذا القسم وهذا الرفع من الله -تعالى-، ولذلك كان من علاج الحسد أن يلتفت الحاسد إلى هذه العقيدة، وأن يعتني بها، وأن يرضى بما قسم الله -تعالى- وقدر، هذا مع سعيه في الأخذ بالأسباب التي تنفعه وترفعه وتجعله يحصل على ما يريد بما يرضي الله -عز وجل-، ولذلك ترى من أدنى الناس نفسًا أن يكون كسلان وصاحب حسد، فهو لا يريد أن يجاهد ويعمل ويتعب لأجل أن يصل، ولا يريد من الآخرين أن يصلوا فهو كسول حسود حقود؛ ولذلك كان هذا من أردأ المنازل.
الدعاء: قال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10)) سورة الحشر
والذين جاؤوا من المؤمنين من بعد الأنصار والمهاجرين الأولين يقولون: ربنا اغفر لنا ذنوبنا،
واغفر لإخواننا في الدين الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا حسدًا وحقدًا لأحد من أهل الإيمان، ربنا إنك ترحم عبادك رحمة واسعة في عاجلهم وآجلهم.
وفي الآية دلالة على أنه ينبغي للمسلم أن يذكر سلفه بخير، ويدعو لهم، وأن يحب صحابة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويذكرهم بخير، ويترضى عنهم([19]).
النظر إلى الأنصار وصفاء صدروهم: أثنى الله -تعالى- على الأنصار، قال تعالى: ( وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) سورة الحشر:9، أي مما أوتي المهاجرون من الفضل والمنزلة، فهؤلاء الأنصار -رضوان الله تعالى عليهم- لم يجدوا في أنفسهم حسداً وغيظاً مما أوتي المهاجرون من الفضل والمنزلة، فإن من أنفق قبل الهجرة أعظم ممن أنفق بعدها.
ومن كان يضحي في أول الإسلام لما كان المسلمون في قلة، وعيلة، واضطهاد، وإيذاء من الكفار أعظم ممن حصل منه أمور من هذا بعد ذلك، وكذلك من هجر الأوطان، والبلدان، والأولاد، والأهل لله -تعالى- وهي منزلة المهاجري أعظم ممن كان يعيش في أهله، ووطنه، وبلده، ومسكنه.
ولذلك كان المهاجرون في الجملة في الفضل أعلى من غيرهم، فهل وجد الأنصار في نفوسهم حسداً أو حقداً على إخوانهم المهاجرين الذي فضلهم الله -تعالى- بالهجرة؟ كلا؛ ولذلك مدحهم الله، وأثنا عليهم.
النظر إلى أهل الجنة: قال تعالى: ( وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73)) سورة الزمر
وسيق الذين اتقوا ربهم بتوحيده والعمل بطاعته إلى الجنة جماعات، حتى إذا جاؤوها وشُفع لهم بدخولها، فتحت أبوابها، فترحِّب بهم الملائكة الموكَّلون بالجنة، ويُحَيُّونهم بالبِشر والسرور; لطهارتهم من آثار المعاصي قائلين لهم: سلام عليكم، وسلمتم من كل آفة، طابت أحوالكم، فادخلوا الجنة خالدين فيها، فمن تطهر في الدنيا من الحرام وطهر صدره وقلبه من الحسد والغل كان هذ1ا جزاؤه، وقال تعالى: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)) سورة الشعراء، فلابد من سلامة القلوب حتى تنفع صاحبها يوم القيامة، وهذا يجعلنا نبتعد عن الحسد والغل والكراهية وإلا فلن تسلم القلوب.
 احرص على ما ينفعك: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» ([20])
 (المؤمن القوي خير) المراد بالقوة هنا عزيمة النفس والقريحة في أمور الآخرة فيكون صاحب هذا الوصف أكثر إقداما على العدو في الجهاد وأسرع خروجا إليه وذهابا في طلبه وأشد عزيمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على الأذى في كل ذلك واحتمال المشاق في ذات الله تعالى وأرغب في الصلاة والصوم والأذكار وسائر العبادات وأنشط طلبا لها ومحافظة عليها ونحو ذلك (وفي كل خير) معناه في كل من القوي والضعيف خير لاشتراكهما في الإيمان مع ما يأتي به الضعيف من العبادات (احرص على ما ينفعك) معناه احرص على طاعة الله تعالى والرغبة فيما عنده واطلب الإعانة من الله تعالى على ذلك ولا تعجز ولا تكسل عن طلب الطاعة ولا عن طلب الإعانة، أما الحسد وغيره فهو مما يضر ولا ينفع.
أن يغبط إخوانه ولا يحسدهم:: عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لاَ حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا " ([21])
 (لا حسد) المراد حسد الغطبة وهو أن يرى النعمة في غيره فيتمناها لنفسه من غير أن تزول عن صاحبها وهو جائز ومحمود، (فسلط على هلكته في الحق) تغلب على شح نفسه وأنفقه في وجوه الخير. (الحكمة) العلم الذي يمنع من الجهل ويزجر عن القبيح.
إن عمر -t- سعى لمنافسة الصديق في الخير امتثالا لقوله -تعالى-: (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) المطففين:26، وكان الصديق صاحب خير ذاتي، لا يحركه عمل الآخرين بقدر ما يتحرك هو من نفسه، ولعمر من ذلك نصيب أيضاً، ولكن فاق أبو بكر عمر -رضي الله عنهما-، ولذلك قال العلماء في أن الذي يتحرك في الخير دون أن يرى الآخرين يتحركون - ولم حصل له الباعث من رؤية الآخرين، وإنما تحرك هو تلقائياً وذاتياً- أنه أعلى منزلة وأفضل في الخير، وأرسخ قدماً في الدين.
وهذا ما يجعلنا نلتفت إلى الغبطة المحمودة، وهي المنافسة في الخير، وتمني الخير للآخرين، رجل آتاه الله علماً يقضي به بين الناس، ويعلمه، ويعمل به، ورجل أتاه الله مالاً ينفقه على هلكته – أي يفنيه في الحق، وفي سبيل الله – ورجل أتاه الله القرآن فهو يقرأ به آناء الليل، وآناء النهار.
هؤلاء حقاً الذين يغبطون، وليس الغبطة في أمور الدنيا، فلو قال قائل: ما حكم أن أتمنى غنى مثل غنى فلان؟ فنقول: لا بأس بذلك إذا لم تتمن زوال النعمة عنه، ولكن ليس هذا هو الذي حثنا الشارع على المنافسة فيه والتمني، وإنما حثنا على التنافس في الآخرة لا في الدنيا، فقد ذكر الله التنافس بعدما ذكر من أحوال الصالحين والمجتهدين ما ذكر.
الحذر من مظالم العباد يوم القيامة: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ» ([22])
قال الحسن رحمه الله : "ما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم من حاسد نفَس دائم، وحزن لازم وعبرة لا تنفد".
سؤالك عن أعضائك وشهادتها عليك: قال تعالى: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25)) سورة النور
قال تعالى: (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24) ) سورة الصافات
فكل نعمة أنعم الله بها عليك ستسأل هل استخدمتها في الحق أم في الباطل، هل انتفع منك الناس أم آذيتهم .....
رابعًا: نماذج للحسد والحاسدين
حسد إبليس: قال تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدم فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12) قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13)) سورة الأعراف
 حسد إبليس آدم ﷺ ؟ قال بعضهم "والحسد داء سيىء قديم موجود منذ وجدت الإنسانية بمشكلاتها ومعضلاتها ومنذ افتتح الله ذلك الوجود العجيب فهو أول معصية سجلت فى السماء بين إبليس وآدم ﷺ  يوم أن علمه الله أسماءه كلها ويوم أن قال للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس "ومن ثم فالسؤال هل حسد إبليس آدم ﷺ  ؟ والجواب :البادي من كلام إبليس أمران :الأول أن إبليس اعتبر نفسه أحسن من آدم ﷺ أو بلفظه خيرا منه والسبب أنه من نار وآدم ﷺ من طين وفى هذا قال إبليس ردا على سؤال الله له عن سبب عدم سجوده لآدم ﷺ "أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين "،الثانى أن إبليس اعترض على تكريم آدم ﷺ وفى هذا قال بسورة الإسراء "أرأيتك هذا الذى كرمت على "وهذا يعنى أن إبليس أحس بالنقص تجاه آدم ﷺ فحاول أن يجعل لنفسه مكانة أكبر وأحسن بالكلام وقد سمى الله هذا العمل التكبر "قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها "إذا فجريمة إبليس هى التكبر الناتج عن الحسد أى من إحساسه بالنقص تجاه آدم ﷺ
حسد الكفار لرد المؤمنين عن دينهم: قال تعالى:  وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ    سورة البقرة
تمنى كثير من أهل الكتاب أن يرجعوكم بعد إيمانكم كفارًا كما كنتم من قبلُ تعبدون الأصنام; بسبب الحقد الذي امتلأت به نفوسهم من بعد ما تبيَّن لهم صدق نبي الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم فيما جاء به، فتجاوزوا عمَّا كان منهم من إساءة وخطأ، واصفحوا عن جهلهم، حتى يأتي الله بحكمه فيهم بقتالهم (وقد جاء ووقع) ، وسيعاقبهم لسوء أفعالهم. إن الله على كل شيء قدير لا يعجزه شيء([23])
حسد غير المسلمين على نعم الله على المسلمين: قال تعالى:   أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا    (سورة النساء
بل أيحسدون محمدًا صلى الله عليه وسلم على ما أعطاه الله من نعمة النبوة والرسالة، ويحسدون أصحابه على نعمة التوفيق إلى الإيمان، والتصديق بالرسالة، واتباع الرسول، والتمكين في الأرض، ويتمنون زوال هذا الفضل عنهم؟ فقد أعطينا ذرية إبراهيم عليه السلام -من قَبْلُ- الكتب، التي أنزلها الله عليهم وما أوحي إليهم مما لم يكن كتابا مقروءا، وأعطيناهم مع ذلك ملكا واسعا ([24]).
حسد الأخوة لأخيهم يوسف الملاحظ فى بداية العلاقة بين الاخوة أن الاخوة اعتقدوا اعتقادا خاطئا هو أن يعقوب يحب يوسف وأخيه أكثر مما يحبهم ومن ثم شعروا بالنقص فى مقدار الحب عند الأب ومن ثم أجروا مقارنة ظالمة حيث جعلوا أنفسهم وهى العصبة فى كفة ويوسف وأخيه من الزوجة الأخرى فى كفة أخرى وطبقا لميزان العدد فإن العدل هو أن يحبهم الأب أكثر من يوسف وأخيه ولذا انتهوا إلى أن الأب فى ضلال ظاهر وهذا يعنى أن الأب هو الظالم وفى هذا قال تعالى ( إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (8) ) سورة يوسف ورغم أن النتيجة هى أن الأب هو الظالم إلا أنهم اختاروا اختيار غريب هو ألا يعاقبوا الظالم فى رأيهم وأن يعاقبوا أخر هو يوسف وقد تشاوروا فى العقاب فاقترح بعضهم أن يقتلوه أو يطردوه بعيدا عن أرضهم وقد قرروا فى النهاية طرده بعيدا عن الأرض برميه فى البئر حتى يأسره بعض المارة فيأخذه معه للبلد المسافر لها وفى هذا قال تعالى بسورة يوسف " اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (9) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (10) "ولكن فى النهاية عاد الاخوة للحق فاعترفوا بأنهم كانوا على خطأ واعترفوا أن الله فضل يوسف عليهم وفى هذا قال تعالى ( قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91) ) سورة يوسف
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
إعداد: الشيخ أحمد أبو عيد
0109 809 58 54
نسألكم الدعاء





[1])) متفق عليه
[2])) صحيح الجامع
[3])) السلسلة الصحيحة
[4])) صحيح الجامع
[5])) السلسلة الصحيحة
[6])) صحيح مسلم
[7])) التفسير الميسر
[8])) التفسير الميسر
[9])) مشكاة المصابيح (صحيح)
[10])) السلسلة الصحيحة
[11])) صحيح البخاري
[12])) صحيح مسلم
[13])) صحيح الجامع
[14])) صحيح مسلم
[15])) السلسلة الصحيحة
[16])) صحيح الجامع
[17])) صحيح البخاري
[18])) صحيح الجامع
[19])) التفسير الميسر
[20])) صحيح مسلم
[21])) صحيح البخاري
[22])) صحيح البخاري
[23])) التفسير الميسر
[24])) التفسير الميسر

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات