النظافة سلوك حضاري وإنساني للشيخ / محمد حســـن داود





العناصـــــر :
اهتمام الإسلام بطهارة الظاهر والباطن .
من صور اهتمام الإسلام بطهارة الباطن .
دعوة الإسلام إلى النظافة وعنايته بها .
من صور اهتمام الإسلام بالنظافة ودعوته إليها .
النظافة سلوك حضاري وإنساني .
==========================
الموضـــــوع: الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ)الأعراف 31) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف " طَهِّرُوا أَفْنِيَتَكُمْ " رواه الطبراني في الأوسط) وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى رَجُلًا شَعِثًا قَدْ تَفَرَّقَ شَعْرُهُ فَقَالَ" أَمَا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يُسَكِّنُ بِهِ شَعْرَهُ" وَرَأَى رَجُلًا آخَرَ وَعَلْيِهِ ثِيَابٌ وَسِخَةٌ فَقَالَ" أَمَا كَانَ هَذَا يَجِدُ مَاءً يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ" رواه أبو داود ) اللهم صل وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد
لقد عنى الإسلام بالطهارة بمفهومها الواسع؛ فهي جزء من حياة المسلم، وطابع لا غنى له عنه؛ وقد ورد لفظ الطهارة في ثمانية وعشرين موضعا في القران الكريم ،وجاءت الإشارة فيها إلى معان مادية ومعان معنوية؛ وهذا دليل واضح على عناية الإسلام بنظافة الباطن والظاهر، وحرصه على صفاء القلب مع نقاء البدن؛ وسلامة الصدر مع سلامة الجسد؛ حتى جعل نظافة البدن والملبس والبيئة مصاحبة ومرتبطة وملازمة للعناية بطهارة النفوس، وسلامة الباطن، قال تعالى ( يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهّرْ * وَٱلرُّجْزَ فَٱهْجُرْ ) المدثر1-5) وقال تعالى ﴿ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾المادة 6) ويقول جل وعلا (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) الأعراف26) فقد خلق الله لعباده اللباس يجمل الظاهر، والتقوى تجمل الباطن، وفى حالِ أهلِ الجنّة يقول الله جل وعلا (فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَٰلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا )الإنسان11/12) إذ جمل وجوههم بالنضرة، وبواطنهم بالسرور، وأبدانهم بحسن الثياب .
وفى اهتمام الإسلام بطهارة الباطن: يقول النبي صلى الله عليه وسلم "إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ؛ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ " رواه مسلم) ومن صور طهارة الباطن: اهتمام الإسلام بطهارة القلوب من الحقد والحسد والغل ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَحَاسَدُوا ، وَلَا تَنَاجَشُوا ، وَلَا تَبَاغَضُوا ، وَلَا تَدَابَرُوا ، ..." رواه مسلم ) وعن أَبي ذرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم " لا تَحقِرَنَّ مِنَ المَعْرُوف شَيْئًا، وَلَو أنْ تَلقَى أخَاكَ بوجهٍ طليقٍ " رواه مسلم) وطهارة النفس من الغرور والعجب والكبر فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ " ، قَالَ رَجُلٌ : إِنَّ الرَّجُلَ ، يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا ، وَنَعْلُهُ حَسَنَةً ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ ". وطهارة المأكل من الحرام فقد قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا )النساء30) ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " كُلُّ لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ " . وطهارة السلوك والأخلاق ، فقال صلى الله عليه وسلم " خَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ " فإذا كان حسن الخلق يرفع درجات العبد كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ"، فان سوء الخلق يفسد الطاعات و يذهب أجرها ،كما قال صلى الله عليه وسلم "وَإِنَّ سُوءَ الْخُلُقِ يُفْسِدُ الْعَمَلَ، كَمَا يُفْسِدُ الْخَلُّ الْعَسَلَ". وطهارة اللسان والجوارح من إيذاء الناس فقال صلى الله عليه وسلم " المسلم من سلم الناس من لسانه ويده" وقال صلى الله عليه وسلم " يَا عَائِشَةُ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ وَدَعَهُ أَوْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ "رواه البخاري ومسلم ) ومنه الطهارة من الذنوب والآثام، لما لها من عواقب وخيمة وقد قال الله تعالى ( مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ) فصلت46) وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ؛ فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ؛ وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ؛ ( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )" رواه الترمذي وقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ).
كما اهتم الإسلام بطهارة الفكر من التشدد والانغلاق والتطرف؛ فقال صلى الله عليه وسلم " إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ ، فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ " وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الدُّلْجَةِ" رواه البخاري) .
ولم يكتف الإسلام بدعوة الإنسان إلى الحفاظ على طهارة الباطن فحسب، بل استكمل الصورة على المستوى المادي والشكلي في الجسد والملبس والبيت والشارع والبيئة المحيطة بحيث تكون النظافة في كل ما حولنا ؛ ومن اهتمام الإسلام وعنايته بالنظافة؛ حب الله تعالى للمتطهرين، قال تعالى( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) البقرة 222 ) وفى الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم " إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ " ومدحه سبحانه لهم، فقد امتدح أهل قباء لحرصهم على الطهارة والنظافة، قال تعالى (لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ) التوبة108) كما بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الطهارة نصف الدين فقال "الطَّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ " رواه مسلم ) ولا أدل على حرص الإسلام على الطهارة من دخولها في صلب الأحكام الشرعية وجعلها مفتاحا بل وشرطا لركن من أركان الإسلام إذ يقول المولى جل وعلا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) المائدة6) وعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ ..." رواه أبو داود) وعن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ " لاَ يَقْبَلُ الله صَلاَةً بِغَيْرِ طُهُورٍ وَلاَ صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ" رواه مسلم ) فتكون الصلاة بوضوئها طهارة لظاهر ، وطهارة للباطن ، قال تعالى ( إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ) العنكبوت45) وطهارة من الذنوب؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ؛ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟ قَالُوا: لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؛ قَالَ: فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ؛ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا" رواه مسلم) وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " الصَّلواتُ الخَمْسُ، والجُمُعةُ إِلى الجُمُعَةِ، كفَّارةٌ لِمَا بَيْنهُنَّ، مَا لَمْ تُغش الكبَائِرُ " رواه مسلم )
ومن مظاهر اهتمام الإسلام بالنظافة ودعوته إليها أن حث على :
- نظافة الملبس: فمن نعم الله تعالى على الإنسان أن خلق له ما يصنع منه ثيابه فيستر عورته ويجمِّل مظهره، ويتقي به الحر والبرد، قال تعالى ( يابَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)الأعراف 26) فاللباس بالنسبة للإنسان كالريش للطير، فاكتمال ريش الطائر يجمله ويحميه، وكذلك الثوب بالنسبة للإنسان، يختار منه ما يقيه الحر والبرد وما يستره، وعلي أن يهتم بنظافته وطهارته؛ قال تعالى (وَثِيَابَكَ فَطَهّرْ ) المدثر4) وقال سبحانه (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ)الأعراف 31) ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا عليه ثياب وسخة قال " أَمَا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يَغْسِلُ بِهِ ثِيَابَهُ ؟ " رواه أحمد، وأبو داود، وابن حبان، والحاكم).
- نظافة البدن: ففي الحديث " حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا يَغْسِلُ فِيهِ رَأْسَهُ وَجَسَدَهُ " متفق عليه ) ومن ذلك، الاغتسال أيام الجمعة والعيدين وغير ذلك من الإغتسالات الواجبة، وغيرها من المسنونة؛ فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " غُسْلُ يَوْمِ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ". وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ " رواه البخاري) وروى الترمذي وغيره عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَغَسَّلَ وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ وَدَنَا وَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا أَجْرُ سَنَةٍ صِيَامُهَا وَقِيَامُهَا ". ومن نظافة البدن أيضا ؛ نظافة الرأس ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ : " مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ " رواه أبو داود ) وعَنْ جابر قَالَ : أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ زَائِرًا فِي مَنْزِلِي فَرَأَى رَجُلاً شَعِثًا ، فَقَالَ : " أَمَا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يُسَكِّنُ بِهِ رَأْسَهُ ؟ ..." رواه أحمد، وأبو داود، وابن حبان، والحاكم) ومنه نظافة الأسنان والفم بالسواك أو الفرشاة والمعجون؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم " لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي ، لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ." رواه البخاري ) ومنه التنزه من البول ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم " اِسْتَنْزِهُوا مِنْ اَلْبَوْلِ, فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ اَلْقَبْرِ مِنْهُ " وفى السنة النبوية ما هو دليل على ذم الإسلام لإهمال النظافة وأهل هذا الإهمال ، فَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ مَرَّ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ:" إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا هَذَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ وَأَمَّا هَذَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ" متفق عليه) ومنه النظافة الشخصية والاتيان بسنن الفطرة فقد قال انس ابن مالك رضي الله عنه " وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمِ الأَظْفَارِ وَنَتْفِ الإِبِطِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ أَنْ لَا نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً " رواه مسلم ) ومنه التطيب فعَنْ سَلْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) ومنه التخلص من الروائح الكريهة خاصة عند حضور الصلاة في المسجد فقد قال صلى الله عليه وسلم " مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا ، فَلْيَعْتَزِلْنَا ، أَوْ قَالَ : فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا ، وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ " رواه البخاري ومسلم ) وعَنْ جَابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رضي اللهُ عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ "مَنْ أَكَلَ الثُّومَ وَالْبَصَلَ وَالْكُرَّاثَ فَلا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بنو آدمَ " رواه مسلم) ومنه غسل اليدين قبل الأكل؛ فلقد كان النبي صلى الله عليه وسلم " إذا أراد أن يأكل غسل يديه " رواه النسائي عن أم المؤمنين عائشة ) كما نهَى الإسلام عن كل ما فيه مجانبة التنزه وتمامه؛ فنهى عن النفخ في الطعام أو التنفس في الإناء حال الشرب؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الْإِنَاءِ " رواه البخاري)
- نظافة البيوت والمساجد : فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ "أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ( أي في الإحياء ) وَأَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ " رواه أبو داود ) وقال صلى الله عليه وسلم " طَهِّرُوا أَفْنِيَتَكُمْ " رواه الطبراني في الأوسط)
- ولم يقف الأمر بالنظافة على مجرد النظافة الشخصية، ونظافة المساجد والبيوت، بل وصل الأمر إلى تنظيف الأماكن العامة والطرق، فذلك من شعب الإيمان ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم " الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ - أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ - شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ " رواه مسلم ) و من محاسن الأعمال؛ فعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ " عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا، فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الْأَذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ، وَوَجَدْتُ فِي مَسَاوِي أَعْمَالِهَا النُّخَاعَةَ تَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ، لَا تُدْفَنُ " رواه مسلم) ومن الصدقات، فقد قال صلى الله عليه وسلم "... وَتمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ" رواه مسلم ) ومن اجل الأعمال التي ينتفع بها العبد، فعن أَبُو بَرْزَةَ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، عَلِّمْنِي شَيْئًا أَنْتَفِعُ بِهِ ، قَالَ : " اعْزِلِ الْأَذَى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ " رواه مسلم) بل ومن مكانة نظافتها كان اهتمام الصحابة بها؛ فعَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، قَالَ : لَمَّا قَدِمَ الْأَشْعَرِيُّ الْبَصْرَةَ ، قَالَ لَهُمْ : إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ لِأُعَلِّمَكُمْ سُنَّتَكُمْ ، وَإِنْظَافَكُمْ طُرُقَكُمْ " وتدبر معي كيف كان جزاء هذا الرجل الذي أخر غصن شوك من الطريق؛ إذ يقول صلى الله عليه وسلم: "نَزَعَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَط غُصْنَ شَوْكٍ عَنِ الطَّرِيقِ إِمَّا كانَ في شَجَرَةٍ مُقَطَّعَةٍ فَأَلْقَاهُ، وَإِمَّا كانَ مَوْضُوعًا فَأَمَاطَهُ فَشَكَرَ الله لَهُ بِهَا فَأَدْخَلَهُ الجَنَّةَ " رواه البخاري ومسلم) ،فمع ضعف الجهد وقلة الوقت إلا أن الله عظم الأجر ورفع الدرجات، فعَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ ، قَالَ : قُلْتُ : " يَا رَسُولَ اللَّهِ ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ ، قَالَ : أَمِطِ الأَذَى عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ " الأدب المفرد للبخاري) وكما أن الإسلام دعا إلى نظافة الطرق و مدح أهل نظافتها نهى عن إيذاء الناس فيها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنَهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم "اتَّقُوا اللعانين؛ الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ ) وعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: " مَنْ آذَى الْمُسْلِمِينَ فِي طُرُقِهِمْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَعْنَتُهُمْ"رواه الطبراني )
- نظافة الماء : فلقد نهى الإسلام عن كل تصرف يكون سببا في إفساد الماء على الناس، ومن ذلك ما جاء عن جابر رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ " رواه مسلم ) وعن جابر أيضا انه قَالَ " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبَالَ فِي الْمَاءِ الْجَارِي " فلقد شدد الإسلام النكير على كل من تصرف تصرفا أو سلك سلوكا حرم بسببه الماء من صفائه، وطهارته ونقائه، فَعَنْ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ الثَّلَاثَةَ: الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ ، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ ، وَالظِّلِّ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ ) ويلحق بذلك إلقاء القاذورات فيه، والقمامة، وكل ما يعكر صفوه، فالاعتداء عليه اعتداء على حق المجتمع كله وطرح الأذى فيه أذى للمجتمع كله، ولقد قرر الإسلام انه لا ضرر ولا ضرار، كما جاء عَنْ أَبِي سَعِيدٍ سَعْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ سِنَانٍ الْخُدْرِيّ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ"رواه بن ماجة والدارقطني وغيرهما ) ومما لاشك فيه انه لا ضرر اشد من الضرر في مصدر الحياة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول " النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْكَلَأِ، وَالْمَاءِ، وَالنَّارِ" .
إن النظافة في الإسلام مطلب ضروري و قيمة نبيلة ، وسلوك إنساني وحضاري وهى أول الانطباعات التي تتشكل عن الفرد وشخصيته، كما أنها مقوم أساسي للحكم عليه ، ولاشك أن دعوة الإسلام إلى نظافة البيئة كان هدفها حماية المجتمع من الأمراض، فمن المعلوم أن أضرار التلوث ليست قاصرة على الفرد وحده بل تتعداه إلى الكثير والكثير، ومن ثم عني الإسلام عناية خاصة بالنظافة، فهي من مظاهر الإيمان، وهى سلوك إنساني وحضاري، وفيها إرضاء للرحمن، وعافية للأبدان، وسلامة من الأسقام .
( الدعــــاء )

التعليقات
1 التعليقات

هناك تعليق واحد:

  1. شركة تنظيف مجالس بمكة
    نحن شركة تنظيف مجالس بمكة تعمل على مساعدتك فى الحصول على مجالس نظيفة خالية من جميع الاتربة وليس ذلك فقط بل معنا سوف تستطيع الحصول على خدمة تنظيف شقق بمكة بأحسن مستوى من الاتقان والاحترافية المستوى الذى يضمن لك حصولك على شقة نظيفة بها مجالس نظيفة ايضا لذلك بلا تردد اتصل بنا الان
    تنظيف شقق بمكة
    https://elbshayr.com/5/House-clearance

    ردحذف