أعمال تعدل ثواب الجهاد والشهادة في سبيل الله للشيخ أحمد محمد أبو اسلام



عناصر الخطبة
1)السعي على خدمة الأرملة والمسكين 
2)العمل الصالح في العشر الأول من ذي الحجة
3)الصلاة على وقتها
4)الصدقة
الخطبة الأولى
=========
الحمد الله كتب العزة والكرامة لمن أطاعه. وقضى بالذل والهوان على من عصاه، نحمده سبحانه ونشكره، لا رب لنا سواه ولا نعبد إلا إياه. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، العالم بما في الكون من حوادثٍ وخطوب، وبما ألم بالمسلمين من شدائدٍ وكروب، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله وبارك عليه وعلى آله وصحبه وكل من سار على نهجه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
السعي على خدمة الأرملة والمسكين :
=====================
فقد ورد في صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ، كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوِ القَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ»
هناك صنف من الناس قد يتمنى أن يجاهد في سبيل الله، وأن يجود بنفسه وماله لينال الدرجات العليا في الجنة؛ ولكن في نفس الوقت قد تتسنى لهذا الصنف فرصة عمل أيسر من الجهاد وله نفس ثوابه، فيتقاعس عن ذلك، مما يدل على جهله أو عدم صدقه في طلب الجهاد
كثير ما تسنح للواحد منا فرصة خدمة أرملة فنتشاغل عن ذلك، ولو استحضرنا ثواب المجاهدين ومالهم من درجات عالية في جنات النعيم لما بدر منا ذلك
إن الواحد منا لا يخلو من وجود قريبة له كبيرة في السن قد مات عنها زوجها سواء كانت خالة أو عمة أو جدة، وكثيرا ما يطلبن منّا أو من غيرنا خدمة؛ كإيصالها بالسيارة أو قضاء حاجة لها، فيتهرب الواحد منّا كأنه لم يسمع توسلها، أو يدّعي كثرة الأشغال ويتأفف ويتثاقل ذلك الأمر، ويبخل أن يجود من وقته لخدمتها وهو بالأمس كان يتمنى أن يجود بحياته كلها ليكتب عند الله مجاهدا!
 
لا شك أن هذا تناقضا وحرمانا من أجر عظيم بجهد يسير، وتفريطا بدرجة من درجات المجاهدين العالية في الجنة لا ينبغي للفطن التفريط فيها.
إذا ما أردْنا أيها الإخوة الكرام أنْ نتمثَّل القُدوة في هذا الباب، فإنَّ نبيَّنا عليه الصلاة والسلام هو خيرُ أُسْوة، وأعظَم قُدوة، وقد قال ربُّنا تعالى وتقدَّس{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)} [الأحزاب: 21] : [الأحزاب: 21]، والناظر في سيرة هذا النبيِّ الكريم يجده أنه عليه الصلاة والسلام كان ساعيًا في حاجات الضعفاء والمساكين، وما أَجملَ ما وَصفَه به عمُّه أبو طالب:

وَأَبْيَضُ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... ثِمَالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ
وكان سيدنا النبي يحرص على رعاية المساكين والفقراء وكان يجلس معهم ويجعل جزءاً من وقته لهم
فقد ورد في مسند أحمد عنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كُنْتُ فِي حَلْقَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، إِنَّ بَعْضَنَا لَيَسْتَتِرُ بِبَعْضٍ مِنَ الْعُرْيِ، وَقَارِئٌ لَنَا يَقْرَأُ عَلَيْنَا، فَنَحْنُ نَسْمَعُ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ، إِذْ وَقَفَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَعَدَ فِينَا، لِيَعُدَّ نَفْسَهُ مَعَهُمْ، فَكَفَّ الْقَارِئُ، فَقَالَ: «مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ؟» فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَانَ قَارِئٌ لَنَا يَقْرَأُ عَلَيْنَا كِتَابَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ وَحَلَّقَ بِهَا، يُومِئُ إِلَيْهِمْ: أَنْ تَحَلَّقُوا، فَاسْتَدَارَتِ الْحَلْقَةُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَفَ مِنْهُمْ أَحَدًا غَيْرِي، قَالَ: فَقَالَ: «أَبْشِرُوا يَا مَعْشَرَ الصَّعَالِيكِ، تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ بِنِصْفِ يَوْمٍ، وَذَلِكَ خَمْسُ مِائَةِ عَامٍ»
وهاهو سيدنا الخصر كان يرعى المساكين ويهتم في رحلته مع سيدنا موسى فقد قال الله عز وجل متحدثاً عن ذالك أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79)
قوله: {لِمَسَاكِينَ} اللام هنا للملكية، يعني مملوكة لهم، وقد حسمتْ هذه الآيةُ الخلافَ بين العلماء حول تعريف الفقير والمسكين، وأيهما أشدّ حاجة من الآخر، وعليها فالمسكين: هو مَنْ يملك شيئا لا يكفيه، كهؤلاء الذين كانوا يملكون سفينة تعمل في البحر، وسماهم القرآن مساكين، أما الفقير: فهو مَنْ لا يملك شيئاً.
ومعنى: {يَعْمَلُونَ فِي البحر. .} [الكهف: 79] أي: مجال عملهم البحر، يعملون فيه بنقل الركاب أو البضائع، أو الصيد، أو خلافه.
وقوله: {فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا. .} [الكهف: 79] المتكلم هنا هو الخِضْر عليه السلام فنسب إرادة عَيْب السفينة إلى نفسه، ولم ينسبها إلى الله تعالى تنزيهاً له تعالى عَمَّا لا يليق  أما في الخير فنسب الأمر إلى الله فقال: {فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا. .} [الكهف: 82] لذلك فإنه في نهاية القصة يُرجع كل ما فعله إلى الله فيقول: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي. .} [الكهف: 82] ثم يقول تعالى: {وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً} [الكهف: 79] كلمة: كل ترسم سُوراً كُلياً لا يترك شيئاً، فالمراد يأخْذ كل سفينة، سواء أكانت معيبة أم غير معيبة، لكن الحقيقة أنه يأخذ السفينة الصالحة للاستعمال فقط، ولا حاجةَ له في المعيبة الغير صالحة، وكأن في سياق الآية صفة مُقدَّرة: أي يأخذ كل سفينة صالحة غَصْباً من صاحبها.
والغَصْب: ما أُخذ بغير الحق، عُنْوةً وقَهْراً ومُصَادرة، وله صور
متعددة منها مثلاً السرقة: وهي أَخْذ المال من حِرْزه خفية ككسر دولاب أو خزينة، ومنها الغَصْب: وهو أخْذ مال الغير بالقوة، وتحت سمعه وبصره، وفي هذه الحالة تحدث مقاومة ومشادة بين الغاصب والمغصوب.
ومنها الخطف: وهو أخْذ مال الغير هكذا علانية، ولكن بحيلةٍ ما، يخطف الشيء ويفرّ به دون أن تتمكّن من اللحاق به، فالخَطْفُ إذن يتم علانية ولكن دون مقاومة. ومنها الاختلاس: وهو أن تأخذ مال الغير وأنت مؤتمن عليه، والاختلاس يحدث خفية، ولا يخلو من حيلة تستره.
وما دام الأمر هنا غَصْباً فلا بُدَّ لمالك الشيء أنْ يقاوم ولو بعض مقاومة يدافع بها عن حَقِّه، وقد يتوسل إليه أنْ يترك له ماله، فالمسألة إذن فيها كلام وأخْذٌ وَرَدٌّ.
إذن: خَرْق السفينة في ظاهره اعتداء على ملك مُقوّم، وهذا منهيّ عنه شرعاً، لكن إذا كان هذا الاعتداء سيكون سبباً في نجاة السفينة كلها من الغاصب فلا بأس إذن، وسفينة معيبة خير من عدمها، ولو عَلِم موسى عليه السلام هذه الحكمة لَبادرَ هو إلى خَرْقها.[تفسير الشعراوي]
العمل الصالح في عشر ذي الحجة
====================
فقد ورد في سنن الترمذي في الحديث عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ العَشْرِ»، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ»
الخطبة الثنية
=======
الحمد الله كتب العزة والكرامة لمن أطاعه. وقضى بالذل والهوان على من عصاه، نحمده سبحانه ونشكره، لا رب لنا سواه ولا نعبد إلا إياه. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، العالم بما في الكون من حوادثٍ وخطوب، وبما ألم بالمسلمين من شدائدٍ وكروب، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله وبارك عليه وعلى آله وصحبه وكل من سار على نهجه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
الصلاة على وقتها
==========
قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: «الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا»، قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ بِرُّ الوَالِدَيْنِ» قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» إنها الصلة بين العبد وربه ، إنها أُمّ العبادات وأساس الطاعات، إنها نهر الحسنات الجاري وسيل الأجور الساري، إنها العبادة التي لا يقبل الله من عبد صرفاً ولا عدلاً إلا إذا أقامها، إنها عمود الدين وشعاره.
إنها قرة عيون المؤمنين كما صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : وجعلت قرة عيني في الصلاة . [رواه النسائي وهو حديث صحيح ]
ولذا كان صلى الله عليه وسلم يقول: «يَا بِلَالُ أَقِمِ الصَّلَاةَ أَرِحْنَا بِهَا» [حديث صحيح ورد في سنن أبي داوود]
وانظروا أحبتي إلى حال سيدنا عمر الذي تربى في الجامعة المحمدية على يد  خير البرية وحرصه على صلاة الجماعة بعدما أصيب في صلاته إصابة قاتلة أودت بحياته فقد ورد عن عمرو بن ميمون، قال: إني لقائم ما بيني وبين عمر إلا عبد الله بن عباس غداة أصيب، وكان إذا مر بين الصفّين قال: استووا حتى إذا لم ير فيهن خللاً تقدم فكبر، وربما قرأ سورة يوسف أو النحل أو نحو ذلك في الركعة الأولى حتى يجتمع الناس فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول: قتلني أو أكلني الْكَلْبُ، حين طعنه، فطار العلج بسكين ذات طرفين لا يمرّ على أحد يميناً ولا شمالً إلا طعنه، حتى طعن ثلاثة عشر رجلاً مات منهم سبعة فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه بُرنساَ فلما ظنَّ العلج أنه مأخوذ نحر نفسه.
وتناول عمر بيد عبد الرحمن بن عوف فقدمه. فمن يلي عمر فقد رأى الذي أرى وأما نواحي المسجد فانهم لا يدرون غير انهم قد فقدوا صوت عمر وهم يقولون سبحان الله سبحان الله، فصلى بهم عبد الرحمن بن عوف صلاة خفيفة فلما انصرفوا قال: يا ابن عباس انظر من قتلني؟ فجال ساعة ثم جاء فقال: غلام المغيرة قال الصَّنَعُ؟ قال: نعم. قال قاتله الله لقد أمرت به معروفا الحمد لله الذي لم يجعل ميتتي بيد رجل يدعي الإسلام قد كنت أنت وأبوك تحبان أن يكثر العلوج بالمدينة وكان العباس أكثرهم رقيقا فقال إن شئت فعلت أي إن شئت قتلنا قال كذبت بعد ما تكلموا بلسانكم وصلوا إلى قبلتكم وحجوا حجكم.[صفة الصفوة ],و يحمل الفاروق إلى بيته .. فيغشى عليه حتى يسفر الصبح .. اجتمع الصحابة عند رأسه فأرادوا أن يفزعوه بشيء ليفيق من غشيته . نظروا فتذكروا أن قلب عمر معلق بالصلاة . فقال بعضهم : إنكم لن تفزعوه بشيء مثل الصلاة إن كانت به حياة . فصاحوا عند رأسه : الصلاة يا أمير المؤمنين ، الصلاة . فانتبه من غشيته وقال : الصلاة والله . ثم قال لا بن عباس: أصلى الناس . قال: نعم . قال عمر: لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة . ثم دعا بالماء فتوضأ و صلى وإن جرحه لينزف دماً
هكذا أيها الأحبة كان حالهم مع الصلاة . حتى في أحلك الظروف ، بل وحتى وهم يفارقون الحياة في سكرات الموت .كيف لا وقد كانت هذه الفريضة الهم الأول لمعلم البشرية صلى الله عليه وسلم وهو يعالج نفسه في سكرات الموت فيقول : الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم .
الصدقة تعدل الجهاد في سبيل الله
=================
فقد ورد في سنن أبي داوود في الحديث الصحيح عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْعَامِلُ عَلَى الصَّدَقَةِ بِالْحَقِّ كَالْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ، حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهِ»
وقد ورد عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الصَّدَقَةَ لَتُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَتَدْفَعُ مِيتَةَ السَّوْءِ»
وقد ورد عَنْ أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَدْرَأُ بِالصَّدَقَةِ سَبْعِينَ مِيتَةً مِنَ السَّوْءِ»
فكم دفعت الصدقة من البلايا وأنهت أزمات وكم فرجت بها هموم وبلايا فقد ورد" أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَأْكُلُ طَعَامًا، فَأَتَاهَا سَائِلٌ يَسْأَلُ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْ طَعَامِهَا غَيْرُ لُقْمَةٍ، فَلَمَّا رَفَعَتْهَا إِلَى فِيهَا، فَأَدْخَلَتْ بَعْضَهَا فَاهَا، جَاءَهَا السَّائِلُ، فَأَخْرَجَتِ اللُّقْمَةَ مِنْ فِيهَا، فَأَطْعَمَتْهَا السَّائِلَ، فَأَتَاهَا الأَسَدُ، فَأَخَذَ صَبِيًّا لَهَا، فَذَهَبَ بِهِ، فَإِذَا هِيَ بِرَجُلٍ قَدْ أَقْبَلَ إِلَى الْأَسَدِ، فَأَخَذَ بِلَحْيَيْهِ، فَعَلَّقَهُمَا، حَتَّى اسْتَخْرَجَ الصَّبِيَّ مِنْ فِيهِ، فَسَلَّمَهُ إِلَى أُمِّهِ، فَقَالَ: هَا لُقْمَةٌ بِلُقْمَةٍ ".
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا مَرْفُوعًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يَصِحُّ رَفْعُهُ
وقد ورد عَنْ عِكْرِمَةَ " أَنَّ مَلِكًا قَالَ لِأَهْلِ مَمْلَكَتِهِ: إِنْ تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِشَيْءٍ، لَأَقْطَعَنَّ يَدَيْهِ، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى امْرَأَةٍ، فَقَالَ: تَصَدَّقِي عَلَيَّ، قَالَتْ: كَيْفَ أَتَصَدَّقُ عَلَيْكَ وَالْمَلِكُ يَقْطَعُ يَدَيْ كُلِّ مَنْ يَتَصَدَّقُ؟ قَالَ: أَسْأَلُكِ بِوَجْهِ اللَّهِ لَمَا تَصَدَّقْتِ عَلَيَّ، فَتَصَدَّقَتْ عَلَيْهِ بِرَغِيفَيْنِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا الْمَلِكُ، فَقَطَعَ يَدَيْهَا، ثُمَّ إِنَّ الْمَلِكَ قَالَ لِأُمِّهِ: دُلِّينِي عَلَى امْرَأَةٍ جَمِيلَةٍ أَتَزَوَّجُهَا، قَالَتْ: إِنَّ هَاهُنَا امْرَأَةٌ، مَا رَأَيْتُ مِثْلَهَا قَطُّ، وَلَكِنَّ بِهَا عَيْبٌ شَدِيدٌ، قَالَ: أَيُّ شَيْءٍ بِهَا؟ قَالَتْ: قَطْعَاءُ الْيَدَيْنِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا أَعْجَبَتْهُ، فَقَالَ: أَتُرِيدِينَ أَنْ أَتَزَوَّجَكِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ.
فَتَزَوَّجَهَا، وَدَخَلَ بِهَا، فَحَسَدَهَا ضَرَائِرُ لَهَا، فَخَرَجَ الْمَلِكُ يُقَاتِلُ عَدُوًّا، فَكَتَبَ ضَرَائِرُهَا إِلَيْهِ إِنَّهَا فَاجِرَةٌ، وَقَدْ وَلَدَتْ غُلَامًا، فَكَتَبَ الْمَلِكُ إِلَى أُمِّهِ: خُذِي ذَلِكَ الْغُلَامَ، فَاحْمِلِيهِ عَلَى عُنُقِهَا، وَاضْرَبِي عَلَى جَنْبَيْهَا، وَأَخْرِجِيهَا مِنَ الدَّارِ إِلَى الصَّحْرَاءِ، قَالَ: فَدَعَتْهَا أُمُّهُ، وَأَمَرَتْ بِالصَّبِيِّ، فَجَعَلَ عَلَى عُنُقِهَا، وَأَخْرَجَتْهَا مِنْ دَارِ الْمَلِكِ إِلَى الصَّحْرَاءِ، فَبَيْنَا هِيَ تَمْشِي وَالصَّبِيُّ عَلَى عُنُقِهَا، إِذْ مَرَّتْ بِنَهْرٍ، فَنَزَلَتْ لِتَشْرَبَ، فَبَدَرَ الصَّبِيُّ عَنْ رَقَبَتِهَا، فَوَقَعَ فِي الْمَاءِ، فَغَرِقَ، فَجَلَسَتْ تَبْكِي، فَبَيْنَا هِيَ كَذَلِكَ إِذْ مَرَّ بِهَا رَجُلَانِ، فَقَالَا لَهَا: مَا يُبْكِيكِ؟ قَالَتْ: ابْنِي كَانَ عَلَى عُنُقِي، فَسَقَطَ فِي الْمَاءِ، فَغَرِقَ، فَقَالَا لَهَا: أَتُحِبِّينَ أَنْ نُخْرِجَهُ لَكِ؟ قَالَتْ: إِي وَاللَّهِ، قَالَ: فَدَعَوْا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، فَخَرَجَ ابْنُهَا إِلَيْهَا، وَقَالَا لَهَا: أَتُحِبِّينَ أَنْ نَرُدَّ يَدَيْكِ إِلَيْكِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ.
فَدَعَوْا لَهَا فَاسْتَوَتْ يَدَاهَا، فقَالَا لَهَا: أَتَدْرِينَ مَنْ نَحْنُ؟ قَالَتْ: لَا، قَالَا: نَحْنُ رَغِيفَاكِ اللَّذَانِ تَصَدَّقْتِ بِهِمَا "[البر والصلة لابن الجوزي ]
وكم من الأعمال التي يكون ثوابها يعدل الجهاد في سبيل وهذه ميزة أمتاز بها أمة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فرغم الأعمار وقلة الأعمال  بالنسبة للأمم السابقة إلا أنهم كانت لهم الأجور الجزيلة والكثيرة  من رب العالمين
نسأل الله سبحانه أن نكون من العاملين الطائعين
الدعاء
أقم الصلاة















التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات