بر الوالدين للشيخ إبراهيم مراسي بركات




 الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب. أظهر الحق بالحق و أخزى الأحزاب.

وأتم نوره. وجعل كيد الكافرين في تباب. غافر الذنب و قابل التوب شديد العقاب.

خلق الناس من آدم وخلق آدم من تراب. خلق الموت و الحياة ليبلونا وإليه المآب.

فمن عمل صالحًا فلنفسه والله عنده حسن الثواب. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ليس له أنداد ولا أشباه ولا شركاء. وأشهد أن سيدنا محمدًا خاتم الرسل والأنبياء. وإمام المجاهدين والأتقياء. والشهيد يوم القيامة على الشهداء.. فصلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه الأطهار من المهاجرين والأنصار.

أما بعد:

قال تعالى: ﴿ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ [الإسراء 23].

قرن الاحسان للوالدين بعابدته لما في البر من عظيم العبودية لله فالعبودية إيمان والبر العمل الصالح والإحسان ليس طاعة فقط بل مع الطاعة حب الأمر وحب التنفيذ.

وتشتد الحاجة في البر عند الكبر لما يحلقهما من الضعف والوهن كما كنت مثلهما عند الصغر وهنا يعظم البر.

وعند ذلك فقول أف كفر نعمة ونكارة جميل ومعصية للخالق فعظمت في حق الوالدين.

ومن أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم في هذا الباب:

عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: قَالَ: رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ " ثَلَاثًا. قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: "الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ - وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا - أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ" مَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حتى قلت: ليته سكت.

العقوق كبيرة لا يخرج منها إلا بتوبة صادقة نصوح فمن من شرط التوبة الإقلاع عن الذنب ومن كان في العقوق فهو في كبيرته.

وقد قرن الله الشرك بالعقوق فقال ابن عباس: في قوله تعالى: ﴿ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ﴾ [لقمان: 14]، فمن شكر لله ولم يشكر لوالديه لا يقبل الله شكره".

وقد بلغ من بر الفضل بن يحيى بأبيه أنهما كانا في السجن، وكان يحيى لا يتوضأ إلا بماء ساخن، فمنعهما السجان من إدخال الحطب في ليلة باردة، فلما نام يحيى قام الفضل إلى وعاء وملأه ماء، ثم أدناه من المصباح، ولم يزل قائما والوعاء في يده حتى أصبح.

فمن عرف هذا يجد الاقتران العجيب بين الشرك والعقوق وشهادة الزور إذ كلها يجمعها صرف الحق لغير صاحبه فأعظم صرف للبر لوالديك.

عن أبي عمرو الشيباني قال: حَدَّثَنَا صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: "الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا ". قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: ثُمَّ "بِرُّ الْوَالِدَيْنِ " قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: ((ثُمَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)) قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِنَّ وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي.

وقدم برهما على جهاد النافلة لأن رعاية الأبوين درجة وجوب فلا جهاد نافلة إلا بإذنهما، عن معاوية بن جاهمة رضي الله عنه قال: (( جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك، فقال: ((هل لك أم؟ قال: نعم، قال: فالزمها فإن الجنة تحت رجليها)) [رواه النسائي وابن ماجه بإسناد لا بأس به].

ولكي ينال العبد رضا الله فليسمع حديث: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم((رضا الرب تبارك وتعالى في رضا الوالدين وسخط الله تبارك وتعالى في سخط الوالدين)) حسنه الألباني.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! مَنْ أَبَرُّ؟ قَالَ: "أُمَّكَ". قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "أُمَّكَ". قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "أمك". قال: ثم من؟ ثم عاد الرابعةَ فـقال: "أباك".

ذكر حق الأم ثلاثاً لحق الحمل والرضاع والتربية وذكر حق الأب مرة للتربية فقط.

الأم أكثر حناناً وعاطفة فمما يروى أن ((امرأة عجوز ذهب بها ابنها إلى الوادي عند الذئاب يريد الانتقام منها، وتسمع المرأة أصوات الذئاب، فلما رجع الابن ندم على فعلته فرجع وتنكر في هيئةٍ حتى لا تعرفه أمه.. فغير صوته وغير هيئته. فاقترب منها، قالت له يا أخ: لو سمحت هناك ولدي ذهب من هذا الطريق انتبه عليه لا تأكله الذئاب.)).

والأم قدمت لأن عقوقها أسهل من الأب ولذا كان برها مما يدل على حب البر، قال صلى الله عليه وسلم: ((دخلتُ الجنةَ فسمعتُ فيها قراءةً، قلتُ: من هذا؟ فقالوا: حارثةُ بنُ النعمانِ، كذلكم البِرُّ كذلكم البِرُّ [وكان أبرَّ الناسِ بأُمِّهِ] الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 913 خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

ولذا كان السلف أصحاب طمع فيما عند الله فلم يغرهم منصب ولا جاه عن بر والديهم فهذا: ((حيوة بن شريح وهو أحد أئمة المسلمين يقعد في حلقته يعلم الناس فتقول له أمه: قم يا حيوة فالق الشعير للدجاج فيقوم ويترك التعليم)).

والأم وإن كانت مقدمة في البر لكن لا تقدم على حساب عقوق الأب فلكل حق. ومن عرف الحق أعطى كل ذي حقي حقه ------------------------ قصةسعد بن أبي وقاص - رضى الله عنه

أمام الموقف الصعب امام امه
واسمع إلى الحوار الذي دار بين سيدنا سعد وأمِّه، قالت له: يا سعد لقد سمعت أنك أسلمت ودخلت في دين محمد الجديد، قال لها: نعم يا أمَّاه، قالت: ولقد سمعتُ بأن محمدًا يأمركم بأن تكونوا طائعين لأمهاتكم، قال لها: نعم، قالت له: إذًا أنا أمُّك، وآمرك بأن تكفر بمحمدٍ وبآل محمد، فقال لها: يا أمَّاه والله لا يكون ذلك، وحاولت معه، لكنَّه رفض طلبها.

فعندما رأتْ منه الإصرار وعدم الاستجابة لها، لجأت إلى وسيلة لم يشك أحدٌ في أنها ستهزم روحَ سعـد، وتردُّ عزمه إلى وثنية أهله وذويه، لقد أعلنت أمُّه صومها عن الطعام والشراب، حتى يعودَ سعد إلى دِين آبائه وقومه، ومضت في تصميم مُستميت تواصلُ إضرابها عن الطعام والشراب، حتى أشرفت على الهلاك، كلُّ ذلك وسعد لا يبالي، ولا يبيعُ إيمانه ودينه بشيءٍ، حتى لو كان هذا الشيءُ حياة أمِّه.

ثم أخذه بعضُ أهله إليها؛ ليُلقي النظرة الأخيرة عليها، مؤمَّلين أن يرقَّ قلبه حين يراها في سكرات الموت، وذهب سعد ورأى مشهد أمِّه يذيب الصَّخر، بيـد أن إيمانه بالله وبرسوله كان قد تفوَّق على كلِّ صخرٍ، وعلى كلِّ فولاذٍ.

ويأتي سيدنا سعد إلى أمِّه، وينظرُ إليها وهي في لحظاتها الأخيرة، فنظر إليها وأطال النظر، وظن أقرباؤه أنه سيتراجع عن إسلامه؛ لأن أمه ستموت، والله إنه لموقفٌ صعبٌ لا يثبت أمامَه إلا الصادقون.

فاقترب من وجه أمِّه، وصاح بها لتسمعه: "تعلمين والله يا أمـه، لو كانت لك مائةُ نفس، فخرجت نفسًا نفسًا، ما تركت ديني هذا لشيءٍ، فكُلِي- إن شئت - أو لا تأْكُلي".

ومباشرةً يرجع إلى معلِّمه صلى الله عليه وسلم وقبل أن يتكلَّم سيدنا سعد، قال له المصطفىصلى الله عليه وسلم: ماذا فعلت مع أمِّك يا سعد؟ لقد أنزل الله فيك قرأنًا يُتْلى إلى يوم القيامة: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [العنكبوت: 8].

هذه هى ثمرةُ الصدق والثبات على المبدأ، فليت البائعين لدينهم وعقيدتهم يتعلمون الثبات على المبدأ وعلى الدين من هذا الصحابي الجليل.

----------------------- .قصه
كان إسماعيل -عليه السلام- غلامًا صغيرًا، يحب والديه ويطيعهما ويبرهما. وفي يوم من الأيام جاءه أبوه إبراهيم -عليه السلام- وطلب منه طلبًا عجيبًا وصعبًا؛ حيث قال له: {يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى} [الصافات: 102] فرد عليه إسماعيل في ثقة المؤمن برحمة الله، والراضي بقضائه: {قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين}
[الصافات: 102].
وهكذا كان إسماعيل بارًّا بأبيه، مطيعًا له فيما أمره الله به، فلما أمسك إبراهيم -عليه السلام- السكين، وأراد أن يذبح ولده كما أمره الله، جاء الفرج من الله -سبحانه- فأنزل الله ملكًا من السماء، ومعه كبش عظيم فداءً لإسماعيل، قال تعالى: {وفديناه بذبح عظيم} [الصافات: 107] ----------------------------------- .قصة
يحكي لنا النبي صلى الله عليه وسلم قصة ثلاثة رجال اضطروا إلى أن يبيتوا ليلتهم في غارٍ، فانحدرت صخرة من الجبل؛ فسدت عليهم باب الغار، فأخذ كل واحد منهم يدعو الله ويتوسل إليه بأحسن الأعمال التي عملها في الدنيا؛ حتى يفرِّج الله عنهم ما هم فيه، فقال أحدهم: اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت أحضر لهما اللبن كل ليلة ليشربا قبل أن يشرب أحد من أولادي، وتأخرت عنهما ذات ليلة، فوجدتُهما نائمين، فكرهت أن أوقظهما أو أعطي أحدًا من أولادي قبلهما، فظللت واقفًا -وقدح اللبن في يدي- أنتظر استيقاظهما حتى طلع الفجر، وأولادي يبكون من شدة الجوع عند قدمي حتى استيقظ والدي وشربا اللبن، اللهم إن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاء وجهك ففرِّج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة، وخرج الثلاثة من الغار قصة من فضائل أويس القرني رضي الله عنه:

((أَنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ وَفَدُوا إِلَى عُمَرَ وَفِيهِمْ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ يَسْخَرُ بِأُوَيْسٍ، فَقَالَ عُمَرُ: هَلْ هَاهُنَا أَحَدٌ مِنْ الْقَرَنِيِّينَ ؟ فَجَاءَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ: إِنَّ رَجُلاً يَأْتِيكُمْ مِنْ الْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ لَا يَدَعُ بِالْيَمَنِ غَيْرَ أُمٍّ لَهُ قَدْ كَانَ بِهِ بَيَاضٌ فَدَعَا اللَّهَ فَأَذْهَبَهُ عَنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ الدِّينَارِ أَوْ الدِّرْهَمِ فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُمْ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ ))

[ رواه مسلم عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ]

(( إِنَّ خَيْرَ التَّابِعِينَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ وَلَهُ وَالِدَةٌ وَكَانَ بِهِ بَيَاضٌ فَمُرُوهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ))

[ رواه مسلم عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ]
وقد ورد في كتب السيرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمرَ بن الخطاب وعليِّ بن أبي طالب: إذا لقيتما أويساً القرني فاسألاه أن يستغفر لكما فإنه مجاب الدعوة. فترصدا موسم الحج عشر سنين يدعوان أهل الموسم من اليمن على طعام فما ظفرا بضالّتهما، ثم جاء العام الذي يليه فقال عمر لرئيس وفد اليمن: أبقي أحد لم يحضر وليمتنا، قال: لا، إلا فتىً خامل الذكر يرعى إبلاً لنا، فقال له سيدنا عمر: أهو آدم أشهل ذو صهوبة ؟ فقال: كأنك تعرفه يا أمير المؤمنين، فذهب عمر وعلي إليه، فلما أتياه قالا: من الرجل ؟ قال: راعي إبل وأجير قوم، قالا: لسنا نسألك عن ذلك ما اسمك ؟ قال: عبد الله، قال له علي رضي الله عنه: قد علمنا أن كل من في السماوات والأرض عبيد لله، ما اسمك الذي سمتك به أمك ؟ قال: يا هذان من أنتما وما تريدان مني ؟ فقال عمر: أنا عمر بن الخطاب، وهذا علي بن أبي طالب، فانتفض واقفاً، وقال: جزاكما الله عن الإسلام خيراً يا أمير المؤمنين، ويا صهر رسول الله، أما أنتما فقد كان لكما شرف الصحبة، وأما أنا فقد حرمت هذا الشرف، فقال له سيدنا عمر: كيف تتصور النبي يا أويس ؟ قال: أتصوره نوراً يملأ الأفق، فبكى عمر شوقاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال عمر: يا أويس إن النبي أمرنا أن تستغفر لنا، وأن تدعو لنا، قال: ما أخص بالدعاء أحداً، ولكن أعمم ! قال عمر: يا أويس عظني، قال: يا أمير المؤمنين، اطلب رحمة الله عند طاعته، واحذر نقمته عند معصيته، ولا تقطع رجاءك منه، قال سيدنا عمر: أفلا نأمر لك بصلة ؟ قال: يا أمير المؤمنين أخذت على عملي أربعة دراهم، ولي على القوم ذمة، متى تراني أنفقها ؟ وعليّ رداء وإزار، متى تراني أخرقهما ؟ يا أمير المؤمنين إن بين يدي ويديك عقبة كؤود لا يقطعها إلا كل مخفّ مهزول، فبكى عمر، وقال: ليت أم عمر لم تلد عمر، قال: يا أويس ألا تقيم عندنا ؟ قال: أريد الكوفة، قال: أفلا أكتب لك إلى عاملها ؟ قال: أحب أن أكون في دهماء الناس، ومضى إلى سبيله، ومات في غمار خيمة من خيام المسلمين خاملاً في الأرض علماً في السماء.
إنها السكينة التي يسعد بها الإنسان ولو فقد كل شيء، ويشقى بفقدها ولو ملك كل شيء. -------------------------------------------------------------------- من أحسن القصص :قصة جريج الراهب وأمه...
عن أبى هريرة-رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما تكلم مولود من الناس في مهد إلا عيسى بن مريم صلى الله عليه [وسلم] وصاحب جريج"
قيل: يا نبي الله! وما صاحب جريج؟
قال: "فإن جريجا كان رجلاً راهباً في صومعة له، وكان راعي بقر يأوي إلى أسفل صومعته، وكانت امرأة من أهل القرية تختلف إلى الراعي، فأتت أمه يوما ، فقالت: يا جريج! وهو يصلى،
فقال في نفسه - وهو يصلي - أمي وصلاتي؟ فرأى أن يؤثر صلاته،
ثم صرخت به الثانية،
فقال في نفسه: أمي وصلاتى؟ فرأى أن يؤثر صلاته.
ثم صرخت به الثالثة
فقال: أمي وصلاتى. فرأى أن يؤثر صلاته.
فلما لم يجبها قالت: لا أماتك الله يا جريج! حتى تنظر في وجه المومسات.(وفي رواية مسلم:فَجَاءَتْ أُمُّهُ ، قَالَ حُمَيْدٌ : فَوَصَفَ لَنَا أَبُو رَافِعٍ صِفَةَ أَبِي هُرَيْرَةَ ، لِصِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّهُ حِينَ دَعَتْهُ كَيْفَ جَعَلَتْ كَفَّهَا فَوْقَ حَاجِبِهَا ، ثُمَّ رَفَعَتْ رَأْسَهَا إِلَيْهِ تَدْعُوهُ ، فَقَالَتْ يَا جُرَيْجُ : أَنَا أُمُّكَ كَلِّمْنِي ، فَصَادَفَتْهُ يُصَلِّي ،
فَقَالَ : اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلَاتِي ، فَاخْتَارَ صَلَاتَهُ ، فَرَجَعَتْ ،
ثُمَّ عَادَتْ فِي الثَّانِيَةِ ، فَقَالَتْ يَا جُرَيْجُ : أَنَا أُمُّكَ فَكَلِّمْنِي ،
قَالَ : اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلَاتِي ، فَاخْتَارَ صَلَاتَهُ ،
فَقَالَتْ : اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا جُرَيْجٌ وَهُوَ ابْنِي وَإِنِّي كَلَّمْتُهُ ، فَأَبَى أَنْ يُكَلِّمَنِي اللَّهُمَّ فَلَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ الْمُومِسَاتِ ،
قَالَ : وَلَوْ دَعَتْ عَلَيْهِ أَنْ يُفْتَنَ لَفُتِنَ )، ثم انصرفت (وفي رواية مسلم : فَتَذَاكَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ جُرَيْجًا وَعِبَادَتَهُ ، وَكَانَتِ امْرَأَةٌ بَغِيٌّ يُتَمَثَّلُ بِحُسْنِهَا ،
فَقَالَتْ : إِنْ شِئْتُمْ لَأَفْتِنَنَّهُ لَكُمْ ،
قَالَ : فَتَعَرَّضَتْ لَهُ ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا ، فَأَتَتْ رَاعِيًا كَانَ يَأْوِي إِلَى صَوْمَعَتِهِ ، فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ )، فأُتَيَ الملك بتلك المرأة ولدت (1). فقال: ممن؟ قالت: من جريج. قال: أصاحب الصومعة؟ قالت: نعم.
قال: اهدموا صومعته وأتوني به،
فضربوا صومعته بالفئوس، حتى وقعت. فجعلوا يده إلى عنقه بحبل؛ ثم انطلق به، فمر به على المومسات، فرآهن فتبسم، وهن ينظرن إليه في الناس.
فقال الملك: ما تزعم هذه؟
قال: ما تزعم؟
قال: تزعم أن ولدها منك.
قال: أنت تزعمين؟ قالت: نعم.
قال: أين هذا الصغير؟
قالوا: هذا في حجرها،
فأقبل عليه.(وفي رواية مسلم: فَقَالَ : دَعُونِي حَتَّى أُصَلِّيَ ، فَصَلَّى فَلَمَّا انْصَرَفَ أَتَى الصَّبِيَّ فَطَعَنَ فِي بَطْنِهِ ) فقال: من أبوك؟
قال: راعي البقر.
قال الملك: أنجعل صومعتك من ذهب؟
قال: لا.
قال: من فضة؟
قال: لا.
قال: فما نجعلها؟
قال: ردوها كما كانت.
قال: فما الذي تبسمت؟
قال: أمراً عرفته، أدركتنى دعوة أمي، ثم أخبرهم "قصة الصحابي الذي وصفه النبي بأنه أبر الناس بأمه؟--------------------------- كان لكل صحابي من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ميزة تميزه يرتقي بها إلى مراتب الصالحين، فيكونوا بذلك نبراسًا ونجوم يهتدي بهم من يأتي بعدهم إلى مكارم الأخلاق والأفعال.

واليوم حديثنا عن صحابي جليل .. كان فيه خصلة عظيمة من خصال الخير، حتى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد سمع صوته في الجنة وهو يقرأ القرآن، ومدحه وقال عنه إنه أبر الناس بأمه.

هذا الصحابي رضي الله عنه من الأنصار، وكان قد أسلم على يد مصعب بن عمير أول سفراء النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة تمهيدًا للهجرة، وكذلك أسلمت أمه جعدة بنت عبيد وأسلمت كذلك أسرته كلها.

وعندما جاءت الهجرة النبوية المشرفة استقبل هذا الصحابي الجليل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكان يتردد على الدار التي نزل فيها كثيرًا حيث نزل عند قريبه أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه، بل كان من كرم أخلاقه أنه لما علم أن الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قد تزوج السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها في بيت بعيد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تنازل عن منزله القريب من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لإمام علي والسيدة فاطمة رضي الله عنهما، لكي تقر عين سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقربهما.

وتكرر نفس الأمر عندما تزوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أم المؤمنين السيدة صفية رضي الله عنها، فترك لهما منزله كذلك وانتقل لمنزل أخر.

إنه الصحابي الجليل حارثة بن النعمان، صاحب القدر الكبير الذي كان بارًا بوالديه، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت :قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "نمت فرأيتني في الجنة فسمعت صوت قارىء يقرأ ، فقلت: من هذا؟ .. قالوا: هذا حارثة بن النعمان. فقال لها رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: "كذاك البر، كذاك البر "، وكان أبر الناس بأمه".

وكان من بر حارثة بأمه كما ذكرت السيدة عائشة رضي الله عنها أنه كان يطعمها بيده، ولم يستفهمها كلامًا قط تأمر به، حتى يسأل مَن عندها بعد أن يخرج: ماذا قالت أمي؟.

ونال هذا الصحابي البار بأمه شرف رؤية أمين الوحي سيدنا جبريل عليه السلام مرتين، فيحكي لنا حارثة بن النعمان فيقول: "رأيت جبريل من الدهر مرتين :يوم الصورتين " موضع بالمدينة " حين خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى بني قريظة، مر بنا في صورة دحية، فأمرنا بلبس السلاح .

ويوم موضح الجنائز حين رجعنا من حنين ، مررت وهو يكلم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلم أسلم.

فقال جبريل: من هذا يا محمد؟ قال: "حارثة بن النعمان ، فقال: أما إنه من المائة الصابرة يوم حنين الذين تكفل الله بأرزاقهم في الجنة، ولو سلم لرددنا عليه" قصة .رجل بر بأمه فصار رفيق موسى في الجنة:
كان موسى كان يدعو الله فيقول يا رب يا رب أرني رفيقي في الجنة أريد أن أعرف من سيرافقني في الجنة فأوحى الله عز وجل إلى موسى يا موسى أول رجل يمر عليك هو رفيقك في الجنة أول رجل فانتظر موسى عليه السلام من سيمر علي من سيمر عليّ فإذا برجل لا يعرفه موسى وهو لا يعرف موسى عليه السلام رجل عادي حاله حال الناس تعجب موسى، موسى ظن أن الإجابه ستكون نبي من الأنبياء ستكون رجلا مشهورا بصلاحه هذا الرجل غيرمعروف فتبعه موسى عليه السلام يريد ان يرى لماذا هذا الرجل صار رفيقه في الجنة يقول فدخل بيتا بيت مفتوح بيت قديم فدخل الرجل وجلس أمام إمرأة عجوز وموسى عليه السلام يرقبه من بعيد ، إمرأة عجوز على الأرض جالسة إمرأة كبيرة في السن فدخل هذا الشاب إليها فسلم عليها يقول فإذا به يشوي اللحم يصنع الطعام ويأتي بالطعام هو الذي جاء بالطعام فصنعه وشوى اللحم ووضع الطعام بالقرب منها وجاء بالماء ثم أخذ الطعام وأخذ يُلقمها في فمها يُلقم هذه العجوز في فمها يضع الطعام ثم يسقيها بالماء ثم بعد أن رتب البيت ونظف البيت وغسل فم هذه العجوز خرج من بيته
الرجل لا يعلم أن هذا موسى عليه السلام فسلم عليه موسى فقال له : يا فلان من هذه العجوز التي دخلت عندها وأطعمتها الطعام وسقيتها الشراب و غسلتها وفعلت . فقال هذا الشاب : إنها أمي

فقال موسى عليه السلام : وهل تدعو لك هذه الأم ، قال نعم تدعو لي كثيرا لكنها لها دعاء لا تغيره ، فقال موسى عليه السلام : وبما تدعو لك هذه الأم
قال له : تدعو لي بدعوة واحده دوما تقول اللهم اللهم اجعل ابني هذا مع موسى ابن عمران في الجنة
فقال له موسى : أبشر أبشر يا عبد الله فقد استجاب الله دعاءها وأنا موسى ابن عمران وأنت رفيقي في الجنة

قال تعالى:((" وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ")) نعم نعم إنه دعاء الأم أين نحن من أمهاتنا ماذا فعلنا ماذا صنعنا معهن إن دعوة أم أستجاب الله عز وجل لها فجعل هذا الرجل المسكين المتواضع المغمور بين الناس جعله رفيق موسى في الجنة يعيش مع موسى في الجنة بدعوة من ؟ بدعوة أمه ربما الإنسان يصلي طوال عمره ويفعل من الصالحات ما يفعل ولكن لا يصل لهذه الدرجة لكن بدعوة صادقة من أمه ، إلزم رجلها إلزم رجلها فتضمن

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات