صلوا أرحامكم تدخلوا جنة ربكم ويزيد الله في أعماركم للشيخ أحمد أبو اسلام
1)) أعظم البر والصله صلة الوالدين
2)) صلة الرحم من أسباب النجاة من العقوبة
3)) صلة الرحم تصل إلى الجد السابع
4)) المسلمون كلهم رحمك
5)) النبي صلى الله عليه كان نموذجا عظيما
لصلة الرحم
6)) صلة الرحم لا يمنعها عدم المحرمية
الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي لَطَفَ بِالْبَرَايَا
إِذْ بَرَاهُمْ وَبَرَّ، وَرَوَّحَ أَرْوَاحَ أَهْلِ الصَّلاحِ بِرَاحِ الْفَلاحِ وَسَرَّ،
وَاطَّلَعَ عَلَى ضَمِيرِ مَنْ نَوَى وَسَرَّ مَنْ أَسَرَّ، وَقَدَّرَ الأَشْيَاءَ
فَقَضَى الْخَيْرَ وَقَضَى الشَّرَّ، وَأَمَاتَ وَأَحْيَا وَأَفْقَرَ وَأَغْنَى وَنَفَعَ
وَضَرَّ، جَفَّ الْقَلَمُ بِتَقْدِيرِهِ فَمَضَى الأَمْرُ وَاسْتَقَرَّ، بِقُدْرَتِهِ
تَقْطَعُ الْمَرَاكِبُ الْبَحْرَ وَالْمَرْكُوبُ الْبَرَّ، لُطْفُهُ عَظِيمٌ وَجُودُهُ
عَميِمٌ قَدِ اسْتَمَرَّ " رُبَّ أَشْعَثَ أَغْبَرَ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ
لأَبَرَّ " سَمِيعٌ يَسْمَعُ الْمُضْطَرَّ، بَصِيرٌ يَرَى فِي دُجَى اللَّيْلِ
الذَّرَّ، عَلِيمٌ بِانْكِسَارِ مَنْ نَدِمَ وَإِصْرَارِ مَنْ أَصَرَّ، حَلِيمٌ فَإِنْ
سَطَا رَأَيْتَ الأَمْرَ الأَمَرَّ، مَا أَلْطَفَهُ بعبده يدعوه لرفع ما عر {فإذا كشفنا
عنه ضره مر} .
يَمُدُّ رُوَاقَ الظَّلامِ فَإِذَا لاحَ
الصَّبَاحُ فَرَّ، وَيُنِيرُ النَّهَارَ فَإِذَا انْقَضَى عَادَ اللَّيْلُ وَكَرَّ،
فَالْقَمَرُ آيَةُ اللَّيْلِ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ ".
أَحْمَدُهُ عَلَى إِنْعَامٍ كُلَّمَا احْتُلِبَّ
دَرَّ، وَأُقِرُّ بِوَحْدَانِيَّتِهِ عَنْ دَلِيلٍ قَدِ اسْتَقَرَّ، وَأُصَلِّي عَلَى
رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ الَّذِي عَمَّتْ رِسَالَتُهُ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ، وَعَلَى صَاحِبِهِ
أَبِي بَكْرٍ الْمُنْفِقِ حَتَّى تَخَلَّلَ وَزَرَّ، وَعَلَى عُمَرَ الزَّاهِدِ فَمَا
غَرَّهُ مَا غَرَّ، وَعَلَى عُثْمَانَ الَّذِي ارْتَفَعَ بِالْكَرَمِ فَبَرَّ وَأَبَرَّ،
وَعَلَى عَلِيٍّ الَّذِي مَا أَقْدَمَ قَطُّ فَفَرَّ، وَعَلَى عَمِّهِ الْعَبَّاسِ
الْمُقَدَّمِ نَسَبًا وَالْفَخْرُ قَدِ اسْتَقَرَّ.
وبعد:
أعظم البر والصله صلة الوالدين
================
أحبتي في الله على الإنسان الذي يعلم أن
مدة بقائه في هذه الحياة الدنيا قليلة، وأن انتقاله عنها سريع،لذالك لا بد أن يصل أرحامه
قبل أن ينقطع عنهم انقطاعاً لا يجتمع معهم بعده، إلا في الجنة أو في النار، نسأل الله
السلامة والعافية.,وفي هذا يقول أحد الحكماء: وصل حبيبك ما التواصل ممكن فلأنت أو هو
عن قريب ذاهب إما أن تذهب أنت وإما أن يذهب هو، فأنت أو هو عما قريب ذاهب.
كذلك على الإنسان أن يعلم أن فرصه في صلة
الرحم قليلة وستنقطع، فأنت الآن بالإمكان أن تذهب وتزور، وبالإمكان أن تجد فراغاً في
الوقت لصلة الرحم، وبالإمكان أن تقدم جزءاً من مالك في صلة الرحم، لكن سيأتي وقت لا
تجد فيه ذلك، فعليك أن تنتهز هذه الفرصة لهذا العمل الصالح المبارك، الذي يزيد في العمر
ويبارك في الرزق ويعمر الديار، فقد جاء في حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم
أن صلة الرحم تزيد في الأعمار وتعمر الديار وتكثر الأموال والأولاد، فهي سبب لكل هذه
النعم العظيمة.
فعلى الإنسان أن يبادر إليها قبل أن يفوت
الأوان، وأن يعلم أنه ليس بالإمكان دائماً أن يفعل ذلك، فلهذا على الإنسان أن يتذكر
أن صلة قد لا تتأتى في كل الأوقات، فليس كل وقت يتأتى للإنسان فيها أن يصل رحمه أو
أن يفعل معروفاً، فإذا وجد ذلك فليبادر إليه، وإذا وجد محتاجاً يمكن أن يقدم إليه خدمة
فليبادر إلى ذلك، وليعلم أنها امتحان من الله تعالى، كما قال الحكيم: واشكر فضيلة صنع
الله إذ جعلت إليك لا لك عند الناس حاجات فالإنسان إذا كانت الحاجات إليه لا له فقد
أكرمه الله بنعمة عظيمة ينبغي أن يبادر لشكرها، وأن يعلم أنه ممتحن بها، فعن أبي عَبْد
الرَّحْمَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخطَّابِ، رضيَ اللهُ عنهما قَالَ: سَمِعْتُ
رسولَ الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَقُولُ: "انْطَلَقَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ
مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى آوَاهُمُ الْمبِيتُ إِلَى غَارٍ فَدَخَلُوهُ، فانْحَدَرَتْ
صَخْرةٌ مِنَ الْجبلِ فَسَدَّتْ عَلَيْهِمْ الْغَارَ، فَقَالُوا: إِنَّهُ لاَ يُنْجِيكُمْ
مِنْ الصَّخْرَةِ إِلاَّ أَنْ تَدْعُوا الله تعالى بصالح أَعْمَالكُمْ قَالَ رجلٌ مِنهُمْ:
اللَّهُمَّ كَانَ لِي أَبَوانِ شَيْخَانِ كَبِيرانِ، وكُنْتُ لاَ أَغبِقُ قبْلهَما
أَهْلاً وَلا مالاً قَبْلَهُمَا أَهْلاً أَوْ مَالاً، فَلَبِثْتُ وَالْقَدَحُ عَلَى
يَدِى أَنْتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُما حَتَّى بَرَقَ الْفَجْرُ وَالصِّبْيَةُ يَتَضاغَوْنَ
عِنْدَ قَدَمى فَاسْتَيْقظَا فَشَربَا غَبُوقَهُمَا. اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ
ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَة،
فانْفَرَجَتْ شَيْئاً لا يَسْتَطيعُونَ الْخُرُوجَ مِنْهُ.
وتذكر الآخريين عملهما الصالح وانفرجت الصخرة
تماما وخرجوا ولكن الشاهد من الحديث هو ذالك الرجل الذي ظل جالسا إلى الصباح ليطعم
والديه ,فلما كان بارا بوالديه فرج الله عنه وقد أوصى الله عزوجل بالوالدين وصلة الأرحام
,فقد قال الله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ
إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى
وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُكُمْ) [النساء: 36] ، وقال تعالى : (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ
بِهِ وَالْأَرْحَامَ) [النساء: 1] وقال تعالى: (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ
بِهِ أَنْ يُوصَلَ) [الرعد: 21]
وكل هذه الآيات وغيرها تدل على عظم حق الوالدين،وصلة
الأرحام وقد بين الله سبحانه وتعالى حال الأم، وأنها تحمل ولدها وهنا على وهن: أي ضعفاً
على ضعف، من حين أن تحمل به إلى أن تضعه وهي في ضعف ومشقة وعناء وكذلك عند الوضع كما
قال تعالى: (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ,وـ عن أبي عبد الرحمن عبد الله
بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: ((أي العمل أحب إلى الله
تعالى؟ قال ((الصلاة على وقتها)) قلت: ثم أي؟ قال: ((بر الوالدين)) قلت: ثم أي؟ قال
((الجهاد في سبيل الله)) متفق عليه)) ,وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: ((لا يجري ولد والدا إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه)) رواه
مسلم.((شرح رياض الصالحين ))
فعلى عظم فضل البر بالوالدين فإنك لا تقدر
على مكافأة والدك إلا أن تجده مملوكا فتعتقه فكما كان سببا لإخراجك إلى الحياه فتكون
أنت سببا في تحريره من العبودية .أما بغير ذالك لا تقد على مكافأة والدك .
وقد أمر الله بصلة الأرحام ,فقد وردعَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ}
[النساء: 1] قَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ، وَاتَّقُوا الْأَرْحَامَ
وَصِلُوهَا وَرُوِيَ عَنِ الضَّحَّاكِ مِثْلُهُ. وَرُوِيَ عَنِ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ
حَيَّانَ وَعِكْرِمَةَ قَالَا: لَا تَقْطَعُوهَا
((تفسير ابن أبي حاتم، الأصيل - مخرجا
(3 / 854):
وقد ورد عن عِكْرِمَة فِي قَوْله {الَّذِي
تساءلون بِهِ والأرحام} قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم: يَقُول الله تَعَالَى: صلوا أَرْحَامكُم فَإِنَّهُ أبقى لكم فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا
وَخير لكم فِي آخرتكم))
((الدر المنثور في التفسير بالمأثور (2
/ 424):
وهذه الأحاديث تدل فضل صلة الأرحام أيضا
والتقرب إلى عز وجل بالإحسان إلى الوالدين بل إن أفضل الصدقات التي تعطيها هي ما تعطيها
للأقربين لحديث سلمان بن عامر رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
((إن الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة)) .
صلة الرحم تصل إلى الجد السابع
=================
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان
أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً من نخلٍ، كان أحب أمواله إليه بَيْرُحاء, وكانت
مستقبلة المسجد، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخلها ويشرب من ماءٍ فيها
طيب، قال أنس: فلما نزلت هذه الآية {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا
تُحِبُّونَ} قام أبو طلحة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله
إن الله تبارك وتعالى يقول: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}
وإن أحبَّ أموالي إليَّ بَيرُحا , وإنها صدقة لله أرجو برَّها وذخرها عند الله، فضعها
يا رسول الله حيث أراك الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((بَخ ، ذلك مال
رابح ، ذلك مال رابح، وقد سمعتُ ما قلت وإني أرى أن تجعلها في الأقربين)) فقال أبو
طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه)). وفي لفظ: ((فجعلها
في حسان بن ثابت وأبي بن كعب)).
قال الإمام النووي رحمه الله: ((وفي هذا
الحديث من الفوائد ... أن الصدقة على الأقارب أفضل من الأجانب إذا كانوا محتاجين، وفيه
أن القرابة يرعى حقها في صلة الأرحام, وإن لم يجتمعوا إلا في أبٍ بعيد؛ لأن النبي
- صلى الله عليه وسلم - أمر أبا طلحة أن يجعل صدقته في الأقربين, فجعلها في أبي بن
كعب وحسان ابن ثابت، وإنما يجتمعان معه في الجد السابع)) .
صلة الأرحام (1 / 37):
((تفسير ابن أبي حاتم، الأصيل - مخرجا
(3 / 854):
صلة الرحم من أسباب النجاة من العقوبة؛
===================
لأن قطيعة الرحم تسبب العقوبة، في الدنيا
والآخرة. ,فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذِ بك من القطيعة)).
قال: ((نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟)) قالت: بلى يا رب، قال: ((فهو
لك))، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((اقرؤوا إن شئتم {فَهَلْ عَسَيْتُمْ
إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ
الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ
الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا>.
صلة الرحم من صفات المؤمنين بالله واليوم
الآخر؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من كان
يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه،
ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)) وهذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم:
((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره)). وفي لفظ: ((فلا يؤذي جاره، ومن كان
يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً
أو ليسكت))
صلة الأرحام (1 / 25):
المسلمون كلهم رحمك
===========
أحبتي في الله المسلمون كلهم رحملك ولا
بد وأن تصلهم , فما شرعت العبادات إلا لتوحيد صف المسلمين وما شرعت إلا للتحاب في الله
فنحن قد اجتمعنا على الصيام والقيام والطاعه فها نحن الان نجتمع على الإحتفال بعيد
الأضحى وهو يوم الفرح فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لذالك كان النبي والصحابة رضي
الله عنهم يهنئون بعضهم بيوم العيد فعَنْ وَاثِلَةَ قَالَ: لَقِيتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عِيدٍ، فَقُلْتُ: تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكَ
, قَالَ: " نَعَمْ , تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكَ ". السنن الكبرى
وهذا يولد الحب في الله
============
فالحب في الله والأخوة في دينه من أفضل
القربات وألطف ما يستفاد من الطاعات فما أحلى حبا كان قبل الوجود نعم قبل الوجود فعن
عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم ((الأرواح جنود
مجنده فما تعارف منها إئتلف وما تناكر منها اختلف )) رواه البخاري
ولقد امتن الله على نبيه صلى الله عليه
وسلم بالألفة والمحبة بينه وبين أصحابه يقول الله عز وجل ((وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ
لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ
اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ))سورة الأنفال ايه 63
وقد طبق هذا الحب الصحابة مع بعضهم
"فقد ورد أن عبد الرحمن بن عوف قدم المدينة، فآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم
بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري، فقال سعد: أي أخي، أنا أكثر أهل المدينة مالاً،
فانظر شَطْر مالي فخذه، وتحتي امرأتان فانظر أيهما أعجب إليك حتى أطلقها؛ قال عبد الرحمن:
بارك الله لك في أهلك ومالك، دلوني على السوق؛ فدلوه على السوق.. قال عبد الرحمن: فلقد
رأيتني ولو رفعت حجراً لرجوت أن أصيب ذهباً وفضة".
قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: " حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَوَاصِلِينَ
فِيَّ ، وحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَصَافِينَ فِيَّ ، أَوْ قَالَ : حَقَّتْ مَحَبَّتِي
لِلْمُتَبَاذِلِينَ فِيّ المتحابين في على منابر من نور يغبطهم بمكانهم النبيون والصديقون
والشهداء )) صححه الألباني في صحيح الجامع
أحبتي في عليكم بصلة الأرحام فإنها من المحبة
في الله توصلك إلى الجنه فعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ،
فَقَالَ القَوْمُ: مَا لَهُ مَا لَهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «أَرَبٌ مَا لَهُ» فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«تَعْبُدُ اللَّهَ لاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ،
وَتَصِلُ الرَّحِمَ،))
وعن جبير بن مطعم أنه سمع رسول الله صلى
الله عليه وسلم يَقُولُ: «لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعٌ» بل إذا أردت أن يطيل الله
في عمرك ويزيد في رزقك فلتصل رحمك
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ سَرَّهُ
أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ»
صحيح البخاري (8 / 5):
وإن قلت لي أنا أصل أرحامي وهم يقاطعونني
وأحسن إليهم ويسئوا إلى
أقول لقد سئل رسول صلى الله عليه وسلم عن
ذالك فانظر وتأمل إجابة النبي صلى الله عليه وسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا
قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ
إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقَالَ:
«لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ وَلَا يَزَالُ مَعَكَ
مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ» صحيح مسلم (4 / 1980): (تسفهم
المل) المل هو الرماد الحار أي كأنما تطعمهموه (ظهير) الظهير المعين والدافع لأذاهم]
الخطبة الثانية
=======
الحمد لله الهادي إلى سبيل الرشاد. أحمده
تعالى وأعوذ به من مفاتن الدنيا ونزعات الفساد. وأشكره وأسأله التوفيق المتواصل والسداد.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أمرنا بالأكل من طيبات الأموال. ونهانا عن
كل ما فيه خطر على كياننا من الأعمال. وأشهد أن سيدنا ونبينا مُحمداً عبده ورسوله صلى
الله وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أحبتي في الله
النبي صلى الله عليه كان نموذجا عظيما لصلة
الرحم
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا
على صلة الأرحام ,فعن أبي هريرة رضي الله عنه في حديثه في دعوة النبي - صلى الله عليه
وسلم - لقريش حينما جمعهم وقام على الصفا، وفيه: (( ... يا بني هاشم انقذوا أنفسكم
من النار، يا بني عبد المطلب انقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة أنقذي نفسك من النار؛
فإني لا أملك لكم من الله شيئاً، غير أن لكم رَحِماً، سأبلُّها ببلالها))
((صلة الأرحام (1 / 23):
فها هم قرابة الرسول عليه الصلاة والسلام
فاسمع ماذا فعلوا؟ أخرجوه من داره, في مكة , حاربوه في أكثر من سبع عشرة غزوة, قاتلوه,
سبوه, شتموه, ضربوه, كسروا ثنيته, أسالوا دمه, ما تركوا مكيدة في الدنيا إلا دبروها,
فلما انتصر عليهم طوقهم بالجيش وهم جلوس في الحرم, فقال: ماذا ترون أني فاعل بكم؟ قالوا:
أخ كريم وابن أخ كريم, قال: غفر الله لكم، فتباكوا يقول جابر: [[حتى اختلطت أصوات بكاء
الشيوخ بالأطفال وبالنساء, فقام أبو سفيان فقال: لا إله إلا الله ما أبرَّك! ولا إله
إلا الله ما أوصلك! ولا إله إلا الله ما أرحمك! ولا إله إلا الله ما أحلمك]] فيقول
الله له: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4] وقال الله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ
مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ
حَوْلِكَ} [آل عمران:159] وقال: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ
عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:128]
هذا رسولنا عليه الصلاة والسلام, الرسول العظيم الذي أتى بالخلق حياةً واقعية في حياة
الناس وضمائرهم.
وهاهي أخت النبي صلى الله عليه وسلم من
الرضاعة جاءته وهو في الطائف وهو يوزع الإبل على الناس, فأتته وهو يتظلل من الشمس,
وكانت عجوزاً قد نسيها عليه الصلاة والسلام، وكانت رضعت معه في بادية بني سعد قريباً
من الطائف وهو طفل صغير , وعمره حين جاءته ما يقارب خسمين سنة, فأتت تشق الصحابة, واستأذنت
عليه وهو يوزع الغنائم, فقالوا: يا رسول الله! هنا عجوز تقول: هي أختك من الرضاعة,
قال: مرحباً بأختي, وقام من بين الناس فعانقها وبكى وهو يعانقها, وقال: حياكم الله,
كيف حالكم؟ كيف أهلكم؟ وأخذ يسألها, ثم أجلسها مكانه, وقام يظللها من الشمس, فقال:
أتريدين أن تعيشي معي, أو تعودي إلى أهلك؟ -يعني: هل تريدين البقاء معي, وأبقى أنا
الأخ الوصول- فقالت: تريد العودة إلى أهلها, فأخذ مائة ناقة من أحسن الجمال ومن أحسن
النوق وأعطاها, وقال: تزوريننا, أو كما قال عليه الصلاة والسلام, ثم أخذ يشيعها حتى
اختفت عن العيون فأخذ الصحابة يتباكون من هذا المنظر.
كان النبي صلى الله عليه وسلم أوصل الناس
وأبر الناس وأرحم الناس, نسأل الله أن يوفقنا لاتباع سنته, ويجعلنا على طريقته حتى
نلقى الله عز وجل ونحن أخيار بررة : دروس الشيخ عائض القرني
صلة الرحم لا يمنعها عدم المحرمية
===============
وصلة الرحم لا يمنعها عدم المحرمية، بل
على الإنسان أن يزور قريباته، حتى لو لم يكن محارم له، فإن كان للإنسان بعض النساء
اللواتي بينه وبينهن رحم لكنه ليس محرماً لهن فإن ذلك لا يمنع زيارته وصلته، بل عليه
أن يزورهن وأن يتفقد أحوالهن وأن يقدم لهن بعض ما آتاه الله من أنواع الخيرات في أي
مجال من المجالات.,وقد كان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما يذهبان إلى أم أيمن مولاة رسول
الله صلى الله عليه وسلم فيزورانها كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها، فأتياها
بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جلسا إليها وسلما بكت أم أيمن بكاءً شديداً،
فقالا لها: وما يبكيك؟! أما علمت أن ما عند الله خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم
من هذه الدنيا؟! فقالت: أما إني لا أبكي لأني لا أعلم أن ما عند الله خير لرسوله من
هذه الدنيا، ولكني أبكي لانقطاع الوحي من السماء، فأبكتهما فبكيا بكاءً شديداً حتى
قاما. دروس للشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي:
اللهم وفقنا إلى ما تحبه وترضاه
الدعاء
أقم الصلاة