الاسلام دين البِر د. محمد حواش
1- من معاني البر
2- قراءة في حديث: البر والإثم
3- أنواع البر.
4- البر مع غير المسلم
5- ثواب البر والأمر بطلبه من الله في كل حال .
جمع وإعداد: د. محمد احمد حواش
من المعاني الجامعة الشاملة لكل خير "البر" ، فالإسلام دين البر فقد امر بكل خير ونهى عن كل شر، ولذلك ليس من الغريب ان نطلق على الاسلام كله انه دين البر فهي اللفظة الجامعة التي ينطوي تحتها كل أفعال الخير وخصاله
والبِر : خير الدنيا والآخرة ، فخير الدُنيا : ما يُيَسّره الله تبارك وتعالى للعبد من الهدى والنعمة والخيرات ، وخير الآخرة : الفوز بالنعيم الدائم في الجنة.
والبر يشمل جميع أنواع الطاعات الظاهرة والباطنة ، كما قال الله تعالى في كتابه العزيز :
" ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون " .
فالإيمان بالله بر، والإيمان باليوم الآخر بر، والايمان بالملائكة بر، والايمان بالكتب بر ،والإيمان بالأنبياء بر وإنفاق المال المحبوب بر ، والإنفاق على القريب واليتيم والمسكين وابن السبيل كل هذا بر ، والصلاة بر والزكاة بر والوفاء بالعهد بر والصبر بر ، وهكذا قرر القران
ان كل خير هو نوع من انواع البر ، ويُطلق على العبد بأنه من الأبرار إذا امتثل تلك الأوامر ، ووقف عند حدود الله وشرعه .
وفي الحديث : البر ما اطمأنت إليه النفس والاثم ماحاك في الصدر وكرهت أن يطلع عليه الناس "
فجعل للبر علامة واحدة وهو اطمئنان النفس وجعل للإثم علامتين : علامة ظاهرة ، وعلامة باطنة .
فأما العلامة الباطنة : فهي ما يشعر به المرء من قلق واضطراب في نفسه عند ممارسة هذا الفعل ، وما يحصل له من التردد في ارتكابه ، فهذا دليل على أنه إثم في الغالب .
وعلامته الظاهرة : أن تكره أن يطلع على هذا الفعل الأفاضل من الناس ، والصالحون منهم ، بحيث يكون الباعث على هذه الكراهية الدين ، لا مجرّد الكراهية العادية ، وفي هذا المعنى يقول ابن مسعود رضي الله عنه : " ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ، وما رأوه سيئا فهو عند الله سيئ " .
وإرجاع الأمر إلى طمأنينة النفس أو اضطرابها يدل على أن الله سبحانه وتعالى قد فطر عباده على السكون إلى الحق والطمأنينة إليه ، وتلك الحساسية المرهفة والنظرة الدقيقة إنما هي للقلوب المؤمنة التي لم تطمسها ظلمات المعصية ورغبات النفس الأمارة بالسوء .
ولكن هل كل ما حاك في الصدر ، وتردد في النفس ، يجب طرحه والابتعاد عنه ؟ وهل يأثم من عمل به ، أم أن المسألة فيها تفصيل ؟إن هذه المسألة لها ثلاث حالات ، وبيانها فيما يلي :
الحالة الأولى : إذا حاك في النفس أن أمرا ما منكر وإثم ، ثم جاءت الفتوى المبنيّة على الأدلة من الكتاب والسنة بأنه إثم ، فهذا الأمر منكر وإثم ، لا شك في ذلك .
الحالة الثانية : إذا حاك في الصدر أن هذا الأمر إثم ، وجاءت الفتوى بأنه جائز ، لكن كانت تلك الفتوى غير مبنيّة على دليل واضح من الكتاب أو السنة ، فإن من الورع أن يترك الإنسان هذا الأمر ، وهذا هو معنى قوله صلى الله عليه وسلم : ( وإن أفتاك الناس وأفتوك ) ، أي : حتى وإن رخّصوا لك في هذا الفعل ، فإن من الورع تركه لأجل ما حاك في الصدر ، لكن إن كانت الفتوى بأن ذلك الأمر جائز مبنية على أدلة واضحة ، فيسع الإنسان ترك هذا الأمر لأجل الورع ، لكن لا يفتي هو بتحريمه ، أو يلزم الناس بتركه .
وقد تكون الفتوى بأن ذلك الأمر ليس جائزا فحسب ، بل هو واجب من الواجبات ، وحينئذٍ لا يسع المسلم إلا ترك ما حاك في صدره ، والتزام هذا الواجب ، ويكون ما حاك في الصدر حينئذٍ من وسوسة الشيطان وكيده ، ولهذا لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة في صلح الحديبية بأن يحلّوا من إحرامهم ويحلقوا ، ترددوا في ذلك ابتداءً ، وحاك في صدورهم عدم القيام بذلك ، لكن لم يكن لهم من طاعة الله ورسوله بد ، فتركوا ما في نفوسهم ، والتزموا أمر نبيهم صلى الله عليه وسلم .
ومثل ذلك إذا كان الإنسان موسوسا ، يظن ويشكّ في كلّ أمر أنّه منكر ومحرّم ، فإنه حينئذٍ لا يلتفت إلى الوساوس والأوهام ، بل يلتزم قول أهل العلم وفتواهم.
الحالة الثالثة : إذا لم يكن في الصدر شك أو ريبة أو اضطراب في أمرٍ ما ، فالواجب حينئذٍ أن يتّبع الإنسان قول أهل العلم فيما يحلّ ويحرم ؛ عملا بقوله تعالى:" فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون "
أنواع البر:
1- بر العطاء .
العطاء من المال ، العطاء من الجاه، العطاء من الوقت ، العطاء من الصحة ، العطاء من الخبرة ، العطاء من الدعاء، فالإنسان حينما يعطي من ماله، من فضل ماله، من فضل خبرته، حينما يبني حياته على العطاء، فهو البار: الإنسان يعطي من علمه، وقد يعطي من ماله، وقد يعطي من خبرته، وقد يعطي من جاهه، وقد يعطي من وقته ،فالصحة رزق ، والجاه رزق ، والولد رزق والمسلم مطالب بالنفقة من الرزق ﴿ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾
والإنسان كلما زاد في الإيمان جعل سعادته في العطاء لا في الأخذ، وكلما ضعف إيمانه توهم أن سعادته في الأخذ لا في العطاء، أحد أكبر أنواع البر العطاء، الله عز وجل
لذلك يدفع في الدنيا ثمن الجنة، وثمن الجنة أن تعطي مما أعطاك الله، هناك صفة ثابتة في المؤمن أن حياته بنيت على العطاء، ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴾
لذلك البر في معناه الكبير هو العطاء والعطاء منوع، بل حتى الفقير له حديث يخصه فالله تعالى لم يحرم الفقير من العطاء حتى بابتسامة " إنكم لن تَسَعوا الناس بأموالكم، فليسعهم منكم بَسْط الوجه وحسنُ الخلق" بل إن الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق:﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً ﴾ إن أي عمل صالح تجاه أي مخلوق يعد قرضاً لله، إن أي عمل صالح بالفطرة تجاه أي مخلوق يعد قرضاً لله، هذا نوع كبير من أنواع البر.
ومن الآيات الجوامع قول الله تعالى :" وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان "
والبر هنا: جماع كل خير وطاعة؛ قال الإمام الماوردي في هذه الآية: "ندَب الله سبحانه إلى التعاون على البر وقرَنه بالتقوى له؛ لأنَّ في التقوى رضاءَ الله وفي البِر رضاء الناس، ومَن جمَع بين رِضاء الله تعالى ورِضا الناس فقد تمَّتْ سعادتُه وعمَّت نعمتُه".
وقد أوجبتِ الآية على المسلمين أن يتعاونوا على كلِّ ما فيه خيرُهم الدِّيني والدنيوي، وألاَّ يضن الفردُ على الجماعة بما يُحسن مِن علم أو صناعة أو خِبرة، وبما يملك من مال، وقد دلَّتِ الآيةُ على تأصُّل روح التعاون في الإسلام، وأنَّه دعا إلى التعاون قبل أن يعرفَ العالم الغربي ذلك ببضعة قُرون.
2 ـ برّ القول : هناك أنواع أخرى في القول، بر القول، ألا تقسو على الناس، أن تكون بهم رفيقاً، أن تلتمس لهم الأعذار، أن تسلم عليهم، أن تسألهم عن أحوالهم، أن تتودد إليهم، ألا تغتابهم، ألا تسخر منهم، ألا تسيء إليهم، ألا تسلمهم إلى أعدائهم، القول عمل كبير، ومن عدّ كلامه من عمله فقد نجا: لَا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ، وَلَا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ، وَلَا يَدْخُلُ رَجُلٌ الْجَنَّةَ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ "وقد عدّ بعض العلماء آفات اللسان تزيد عن عشرين آفة:
" وإن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً، يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً "
إحدى زوجات النبي عليه الصلاة والسلام، السيدة عائشة وصفت أختها صفية بأنها قصيرة فقال عليه الصلاة والسلام:" يا عائشة، لقد قلت كلمة لو مزجت بمياه البحر لأفسدته "
" وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ، أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِم "
لذلك المؤمن يعد كلامه جزءاً من عمله، يضبط لسانه، فبكلمة قد ترقى عند الله إلى أعلى عليين، وبكلمة واحدة قد يسقط الإنسان بها على أسفل سافلين، إذاً من معاني البر القول الحسن، قال تعالى: ﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً ﴾ فالمسلم طالب بالبر في القول والا يكذب والا يسب والا يشتم والا يلعن " ما ينبغي للمسلم ان يكون لعانا ولا سبابا" فإن الساب والشاتم معرض ان يسبه غيره ويسب اباه ويسب امه ففي الحديث:" من اكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه قالوا كيف يلعن الرجل والديه قال يسب الرجل ابا الرجل فيسب اباه ويسب امه فيسب امه"
3 ـ بر العمل :
وأنواع الأعمال المتعلقة بالبر لا تعد ولا تحصى، واجمل مافي بر العمل واحسنه انه يخلد صاحبه فى الجنة ويرفع درجاته كل يوم بعد يوم ويجرى له ثوابه حتى بعد موته وإن من عظيم نعمة الله على عباده المؤمنين أن هيأ لهم أبواباً من البر والخير والإحسان عديدة , يقوم بها العبد الموفق في هذه الحياة , ويجري ثوابها عليه بعد الممات , فأهل القبور في قبورهم مرتهنون , وعن الأعمال منقطعون , وعلى ما قدموا في حياتهم محاسبون ومجزيون , وبينما هذا الموفق في قبره الحسنات عليه متوالية , والأجور والأفضال عليه متتالية , ينتقل من دار العمل , ولا ينقطع عنه الثواب , تزداد درجاته , وتتنامى حسناته وتتضاعف أجوره وهو في قبره , فما أكرمها من حال , وما أجمله وأطيبه من مآلٍ .
وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أموراً سبعة ً يجري ثوابها على الإنسان في قبره بعد ما يموت , وذلك فيما رواه البزار في مسنده من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " سبع يجري للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته :من عَلّم علماً, أو أجرى نهراً , أو حفر بئراً , أو غرس نخلاً , أو بنى مسجداً , أو ورّث مصحفاً , أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته " وتأمل أخي المسلم – ملياً هذه الأعمال , واحرص على أن يكون لك منها حظ ونصيب مادمت في دار الإمهال , وبادر إليها أشد المبادرة قبل أن تنقضي الأعمار وتتصرم الآجال
أولاً : تعليم العلم , والمراد بالعلم هنا العلم النافع الذي يبصر الناس بدينهم , ويعرفهم بربهم ومعبودهم , ويهديه إلى صراطه المستقيم , العلم الذي به يعرف الهدى من الضلال , والحق من الباطل والحلال من الحرام , وهنا يتبينُ عظمُ فضلِ العلماء الناصحين والدعاة المخلصين , الذين هم في الحقيقة سراج العباد , ومنار البلاد , وقوام الأمة , وينابيع الحكمة , حياتهم غنيمة , وموتهم مصيبة , فهم يعلمون الجاهل , ويذكرون الغافل , ويرشدون الضال , لا يتوقع لهم بائقة , ولا يخاف منهم غائلة , وعندما يموت الواحد منهم تبقى علومه بين الناس موروثة , ومؤلفاته وأقواله بينهم متداولة , منها يفيدون , وعنها يأخذون , وهو في قبره تتوالى عليه الأجور , ويتتابع عليه الثواب , وقديماً كانوا يقولون يموت العالم ويبقى كتابه , بينما الآن حتى صوت العالم يبقى مسجلاً في الأشرطة المشتملة على دروسه العلمية , ومحاضراته النافعة , وخطبه القيمة فينتفع به أجيال لم يعاصروه ولم يكتب لهم لٌقِيُّه . ومن يساهم في طباعة الكتب النافعة , ونشر المؤلفات المفيدة , وتوزيع الأشرطة العلمية والدعوية فله حظ وافر من ذلك الأجر إن شاء الله .
ثانياً : اجراءُ النهر , والمراد شق جداول الماء من العيون والأنهار لكي تصل المياه إلى أماكن الناس ومزارعهم , فيرتوي الناس , وتسقى الزروع , وتشرب الماشية , وكم في مثل هذا العمل الجليل والتصرف النبيل من الإحسان إلى الناس , والتنفيس عنهم بتيسير حصول الماء الذي به تكون الحياة , بل هو أهم مقوماتها , ويلتحق بهذا مد الماء عبر الأنابيب إلى أماكن الناس , وكذلك وضع برادات الماء في طرقهم ومواطن حاجاتهم .
2- قراءة في حديث: البر والإثم
3- أنواع البر.
4- البر مع غير المسلم
5- ثواب البر والأمر بطلبه من الله في كل حال .
جمع وإعداد: د. محمد احمد حواش
من المعاني الجامعة الشاملة لكل خير "البر" ، فالإسلام دين البر فقد امر بكل خير ونهى عن كل شر، ولذلك ليس من الغريب ان نطلق على الاسلام كله انه دين البر فهي اللفظة الجامعة التي ينطوي تحتها كل أفعال الخير وخصاله
والبِر : خير الدنيا والآخرة ، فخير الدُنيا : ما يُيَسّره الله تبارك وتعالى للعبد من الهدى والنعمة والخيرات ، وخير الآخرة : الفوز بالنعيم الدائم في الجنة.
والبر يشمل جميع أنواع الطاعات الظاهرة والباطنة ، كما قال الله تعالى في كتابه العزيز :
" ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون " .
فالإيمان بالله بر، والإيمان باليوم الآخر بر، والايمان بالملائكة بر، والايمان بالكتب بر ،والإيمان بالأنبياء بر وإنفاق المال المحبوب بر ، والإنفاق على القريب واليتيم والمسكين وابن السبيل كل هذا بر ، والصلاة بر والزكاة بر والوفاء بالعهد بر والصبر بر ، وهكذا قرر القران
ان كل خير هو نوع من انواع البر ، ويُطلق على العبد بأنه من الأبرار إذا امتثل تلك الأوامر ، ووقف عند حدود الله وشرعه .
وفي الحديث : البر ما اطمأنت إليه النفس والاثم ماحاك في الصدر وكرهت أن يطلع عليه الناس "
فجعل للبر علامة واحدة وهو اطمئنان النفس وجعل للإثم علامتين : علامة ظاهرة ، وعلامة باطنة .
فأما العلامة الباطنة : فهي ما يشعر به المرء من قلق واضطراب في نفسه عند ممارسة هذا الفعل ، وما يحصل له من التردد في ارتكابه ، فهذا دليل على أنه إثم في الغالب .
وعلامته الظاهرة : أن تكره أن يطلع على هذا الفعل الأفاضل من الناس ، والصالحون منهم ، بحيث يكون الباعث على هذه الكراهية الدين ، لا مجرّد الكراهية العادية ، وفي هذا المعنى يقول ابن مسعود رضي الله عنه : " ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ، وما رأوه سيئا فهو عند الله سيئ " .
وإرجاع الأمر إلى طمأنينة النفس أو اضطرابها يدل على أن الله سبحانه وتعالى قد فطر عباده على السكون إلى الحق والطمأنينة إليه ، وتلك الحساسية المرهفة والنظرة الدقيقة إنما هي للقلوب المؤمنة التي لم تطمسها ظلمات المعصية ورغبات النفس الأمارة بالسوء .
ولكن هل كل ما حاك في الصدر ، وتردد في النفس ، يجب طرحه والابتعاد عنه ؟ وهل يأثم من عمل به ، أم أن المسألة فيها تفصيل ؟إن هذه المسألة لها ثلاث حالات ، وبيانها فيما يلي :
الحالة الأولى : إذا حاك في النفس أن أمرا ما منكر وإثم ، ثم جاءت الفتوى المبنيّة على الأدلة من الكتاب والسنة بأنه إثم ، فهذا الأمر منكر وإثم ، لا شك في ذلك .
الحالة الثانية : إذا حاك في الصدر أن هذا الأمر إثم ، وجاءت الفتوى بأنه جائز ، لكن كانت تلك الفتوى غير مبنيّة على دليل واضح من الكتاب أو السنة ، فإن من الورع أن يترك الإنسان هذا الأمر ، وهذا هو معنى قوله صلى الله عليه وسلم : ( وإن أفتاك الناس وأفتوك ) ، أي : حتى وإن رخّصوا لك في هذا الفعل ، فإن من الورع تركه لأجل ما حاك في الصدر ، لكن إن كانت الفتوى بأن ذلك الأمر جائز مبنية على أدلة واضحة ، فيسع الإنسان ترك هذا الأمر لأجل الورع ، لكن لا يفتي هو بتحريمه ، أو يلزم الناس بتركه .
وقد تكون الفتوى بأن ذلك الأمر ليس جائزا فحسب ، بل هو واجب من الواجبات ، وحينئذٍ لا يسع المسلم إلا ترك ما حاك في صدره ، والتزام هذا الواجب ، ويكون ما حاك في الصدر حينئذٍ من وسوسة الشيطان وكيده ، ولهذا لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة في صلح الحديبية بأن يحلّوا من إحرامهم ويحلقوا ، ترددوا في ذلك ابتداءً ، وحاك في صدورهم عدم القيام بذلك ، لكن لم يكن لهم من طاعة الله ورسوله بد ، فتركوا ما في نفوسهم ، والتزموا أمر نبيهم صلى الله عليه وسلم .
ومثل ذلك إذا كان الإنسان موسوسا ، يظن ويشكّ في كلّ أمر أنّه منكر ومحرّم ، فإنه حينئذٍ لا يلتفت إلى الوساوس والأوهام ، بل يلتزم قول أهل العلم وفتواهم.
الحالة الثالثة : إذا لم يكن في الصدر شك أو ريبة أو اضطراب في أمرٍ ما ، فالواجب حينئذٍ أن يتّبع الإنسان قول أهل العلم فيما يحلّ ويحرم ؛ عملا بقوله تعالى:" فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون "
أنواع البر:
1- بر العطاء .
العطاء من المال ، العطاء من الجاه، العطاء من الوقت ، العطاء من الصحة ، العطاء من الخبرة ، العطاء من الدعاء، فالإنسان حينما يعطي من ماله، من فضل ماله، من فضل خبرته، حينما يبني حياته على العطاء، فهو البار: الإنسان يعطي من علمه، وقد يعطي من ماله، وقد يعطي من خبرته، وقد يعطي من جاهه، وقد يعطي من وقته ،فالصحة رزق ، والجاه رزق ، والولد رزق والمسلم مطالب بالنفقة من الرزق ﴿ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾
والإنسان كلما زاد في الإيمان جعل سعادته في العطاء لا في الأخذ، وكلما ضعف إيمانه توهم أن سعادته في الأخذ لا في العطاء، أحد أكبر أنواع البر العطاء، الله عز وجل
لذلك يدفع في الدنيا ثمن الجنة، وثمن الجنة أن تعطي مما أعطاك الله، هناك صفة ثابتة في المؤمن أن حياته بنيت على العطاء، ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴾
لذلك البر في معناه الكبير هو العطاء والعطاء منوع، بل حتى الفقير له حديث يخصه فالله تعالى لم يحرم الفقير من العطاء حتى بابتسامة " إنكم لن تَسَعوا الناس بأموالكم، فليسعهم منكم بَسْط الوجه وحسنُ الخلق" بل إن الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق:﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً ﴾ إن أي عمل صالح تجاه أي مخلوق يعد قرضاً لله، إن أي عمل صالح بالفطرة تجاه أي مخلوق يعد قرضاً لله، هذا نوع كبير من أنواع البر.
ومن الآيات الجوامع قول الله تعالى :" وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان "
والبر هنا: جماع كل خير وطاعة؛ قال الإمام الماوردي في هذه الآية: "ندَب الله سبحانه إلى التعاون على البر وقرَنه بالتقوى له؛ لأنَّ في التقوى رضاءَ الله وفي البِر رضاء الناس، ومَن جمَع بين رِضاء الله تعالى ورِضا الناس فقد تمَّتْ سعادتُه وعمَّت نعمتُه".
وقد أوجبتِ الآية على المسلمين أن يتعاونوا على كلِّ ما فيه خيرُهم الدِّيني والدنيوي، وألاَّ يضن الفردُ على الجماعة بما يُحسن مِن علم أو صناعة أو خِبرة، وبما يملك من مال، وقد دلَّتِ الآيةُ على تأصُّل روح التعاون في الإسلام، وأنَّه دعا إلى التعاون قبل أن يعرفَ العالم الغربي ذلك ببضعة قُرون.
2 ـ برّ القول : هناك أنواع أخرى في القول، بر القول، ألا تقسو على الناس، أن تكون بهم رفيقاً، أن تلتمس لهم الأعذار، أن تسلم عليهم، أن تسألهم عن أحوالهم، أن تتودد إليهم، ألا تغتابهم، ألا تسخر منهم، ألا تسيء إليهم، ألا تسلمهم إلى أعدائهم، القول عمل كبير، ومن عدّ كلامه من عمله فقد نجا: لَا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ، وَلَا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ، وَلَا يَدْخُلُ رَجُلٌ الْجَنَّةَ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ "وقد عدّ بعض العلماء آفات اللسان تزيد عن عشرين آفة:
" وإن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً، يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً "
إحدى زوجات النبي عليه الصلاة والسلام، السيدة عائشة وصفت أختها صفية بأنها قصيرة فقال عليه الصلاة والسلام:" يا عائشة، لقد قلت كلمة لو مزجت بمياه البحر لأفسدته "
" وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ، أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِم "
لذلك المؤمن يعد كلامه جزءاً من عمله، يضبط لسانه، فبكلمة قد ترقى عند الله إلى أعلى عليين، وبكلمة واحدة قد يسقط الإنسان بها على أسفل سافلين، إذاً من معاني البر القول الحسن، قال تعالى: ﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً ﴾ فالمسلم طالب بالبر في القول والا يكذب والا يسب والا يشتم والا يلعن " ما ينبغي للمسلم ان يكون لعانا ولا سبابا" فإن الساب والشاتم معرض ان يسبه غيره ويسب اباه ويسب امه ففي الحديث:" من اكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه قالوا كيف يلعن الرجل والديه قال يسب الرجل ابا الرجل فيسب اباه ويسب امه فيسب امه"
3 ـ بر العمل :
وأنواع الأعمال المتعلقة بالبر لا تعد ولا تحصى، واجمل مافي بر العمل واحسنه انه يخلد صاحبه فى الجنة ويرفع درجاته كل يوم بعد يوم ويجرى له ثوابه حتى بعد موته وإن من عظيم نعمة الله على عباده المؤمنين أن هيأ لهم أبواباً من البر والخير والإحسان عديدة , يقوم بها العبد الموفق في هذه الحياة , ويجري ثوابها عليه بعد الممات , فأهل القبور في قبورهم مرتهنون , وعن الأعمال منقطعون , وعلى ما قدموا في حياتهم محاسبون ومجزيون , وبينما هذا الموفق في قبره الحسنات عليه متوالية , والأجور والأفضال عليه متتالية , ينتقل من دار العمل , ولا ينقطع عنه الثواب , تزداد درجاته , وتتنامى حسناته وتتضاعف أجوره وهو في قبره , فما أكرمها من حال , وما أجمله وأطيبه من مآلٍ .
وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أموراً سبعة ً يجري ثوابها على الإنسان في قبره بعد ما يموت , وذلك فيما رواه البزار في مسنده من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " سبع يجري للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته :من عَلّم علماً, أو أجرى نهراً , أو حفر بئراً , أو غرس نخلاً , أو بنى مسجداً , أو ورّث مصحفاً , أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته " وتأمل أخي المسلم – ملياً هذه الأعمال , واحرص على أن يكون لك منها حظ ونصيب مادمت في دار الإمهال , وبادر إليها أشد المبادرة قبل أن تنقضي الأعمار وتتصرم الآجال
أولاً : تعليم العلم , والمراد بالعلم هنا العلم النافع الذي يبصر الناس بدينهم , ويعرفهم بربهم ومعبودهم , ويهديه إلى صراطه المستقيم , العلم الذي به يعرف الهدى من الضلال , والحق من الباطل والحلال من الحرام , وهنا يتبينُ عظمُ فضلِ العلماء الناصحين والدعاة المخلصين , الذين هم في الحقيقة سراج العباد , ومنار البلاد , وقوام الأمة , وينابيع الحكمة , حياتهم غنيمة , وموتهم مصيبة , فهم يعلمون الجاهل , ويذكرون الغافل , ويرشدون الضال , لا يتوقع لهم بائقة , ولا يخاف منهم غائلة , وعندما يموت الواحد منهم تبقى علومه بين الناس موروثة , ومؤلفاته وأقواله بينهم متداولة , منها يفيدون , وعنها يأخذون , وهو في قبره تتوالى عليه الأجور , ويتتابع عليه الثواب , وقديماً كانوا يقولون يموت العالم ويبقى كتابه , بينما الآن حتى صوت العالم يبقى مسجلاً في الأشرطة المشتملة على دروسه العلمية , ومحاضراته النافعة , وخطبه القيمة فينتفع به أجيال لم يعاصروه ولم يكتب لهم لٌقِيُّه . ومن يساهم في طباعة الكتب النافعة , ونشر المؤلفات المفيدة , وتوزيع الأشرطة العلمية والدعوية فله حظ وافر من ذلك الأجر إن شاء الله .
ثانياً : اجراءُ النهر , والمراد شق جداول الماء من العيون والأنهار لكي تصل المياه إلى أماكن الناس ومزارعهم , فيرتوي الناس , وتسقى الزروع , وتشرب الماشية , وكم في مثل هذا العمل الجليل والتصرف النبيل من الإحسان إلى الناس , والتنفيس عنهم بتيسير حصول الماء الذي به تكون الحياة , بل هو أهم مقوماتها , ويلتحق بهذا مد الماء عبر الأنابيب إلى أماكن الناس , وكذلك وضع برادات الماء في طرقهم ومواطن حاجاتهم .
ثالثاً : حفر الآبار , وقد جاء في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بينما رجل في طريق فاشتد عليه العطش , فوجد بئراً فنزل فيها فشرب , ثم خرج , فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش , فقال الرجل : لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني , فنزل البئر فملأ خفه ماء فسقى الكلب , فشكر الله له فغفر له , قالوا يا رسول الله وإن لنا في البهائم أجراً ؟ فقال : في كل ذات كبدٍ رطبة ٍ أجرٌ " متفق عليه . فكيف إذاً بمن حفر البئر وتسبب في وجودها حتى ارتوى منها خلقٌ , وانتفع بها كثيرون .
رابعاً : غرس النخل , ومن المعلوم أن النخل سيد الأشجار وأفضلها وأنفعها وأكثرها عائدة على الناس , فمن غرس نخلاً وسبل ثمره للمسلمين فإن أجره يستمر كلما طعم من ثمره طاعم , وكلما انتفع بنخله منتفع من إنسان ٍأو حيوان ٍ, وهكذا الشأن في غرس كلما ينفع الناس من الأشجار , وإنما خص النخل هنا بالذكر لفضله وتميزه .
خامساً : بناء المساجد التي هي أحب البقاع إلى الله , والتي أذن الله جلا وعلا أن ترفع ويذكر فيها اسمه , وإذا بُني المسجد أقيمت فيه الصلاة , وتُلي فيه القرآن , وذكر فيه الله , ونشر فيه العلم , واجتمع فيه المسلمون , إلى غير ذلك من المصالح العظيمة , ولبانيه أجرٌ في ذلك كلِّه , وقد ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من بنى مسجداً يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتاً في الجنة " متفق عليه .
سادساً : توريث المصحف , وذلك يكون بطباعة المصاحف أو شرائها ووقفها في المساجد , ودور العلم حتى يستفيد منها المسلمون , ولواقفها أجرٌ عظيم ٌ كلما تلا في ذلك المصحف تالٍ , وكلما تدبر فيه متدبر , وكلما عمل بما فيه عامل .
سابعاً : تربية الأبناء , وحسن تأديبهم , والحرص على تنشأتهم على التقوى والصلاح , حتى يكونوا أبناء بررة ً وأولاد صالحين , فيدعون لأبويهم بالخير , ويسألون الله لهما الرحمة والمغفرة , فإن هذا مما ينتفع به الميت في قبره .
وقد ورد في الباب في معنى الحديث المتقدم مارواه ابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علماً علمه ونشره , وولداً صالحاً تركه , ومصحفاً ورثه أو مسجداً بناه , أو بيتاً لابن السبيل بناه , أو نهراً أجراه , أو صدقةً أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته " وروى أحمد والطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول صلى الله عليه وسلم " أربعة تجري عليهم أجورهم بعد الموت : من مات مرابطاً في سبيل الله , ومن علّم علماً أجرى له عمله ما عمل به , ومن تصدق بصدقة فأجرها يجري له ما وجدت , ورجل ترك ولداً صالحاً فهو يدعو له " ] .
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقةٍ جاريةٍ , أو علم ينتفع به أو ولدٍ صالح يدعو له " وقد فسر جماعةُ من أهل العلم الصدقة الجارية بأنها الأوقاف , وهي أن يحبس الأصل وتسبل منفعته , وجل الخصال المتقدمة داخلةً في الصدقة الجارية .
وقوله : " أو بيتاً لابن السبيل بناه " فيه فضل بناء الدور ووقفها لينتفع بها المسلمون سواءً ابن السبيل أو طلاب العلم , أو الأيتام , أو الأرامل , أو الفقراء والمساكين . وكم في هذا من الخير والإحسان .
وقوله : " ورباط ثغر " شاهده حديث أبي أمامة المتقدم , وما رواه مسلم في صحيحه من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه : قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه , وأمن الفّتَّان " أي ينمو له عمله إلى يوم القيامة , ويأمن من فتنة القبر .
البر مع غير المسلم: ولا يقتصر الأمر بالبر والصلة المسلم وفقط بل يشمل المسلم وغير المسلم لأن الإسلام دين الإحسان لكل الناس قال - تعالى -: " لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ"
والمراد بالبِر هنا: الصِّلة وحُسن المعاملة، وهذا غاية السمو والتسامُح، ألاَّ يمنع الإسلام معتنقيه من الإحسان إلى مَن ليس على دِينهم ما دام مسالمًا ومِن معاملتهم بالحسنة والعدل، وقدْ كان هذا المبدأ هو السائِد والمطبَّق في الدولة الإسلامية في عصورها الذهبيَّة الأولى، ولا يزال إلى يومنا هذا. وفي صحيح البخاريِّ عن أسماءَ قالت: قدمتْ أمِّي مشركة في عهد قريش - يعني: بعد صُلح الحديبيَّة - فاستفتيتُ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقلت: إنَّ أمِّي قدِمت وهي راغبة - يعني: في بِري وصِلتي أو راغبة عن الإسلام - أفأصِلها؟ قال: "نَعمْ، صِلي أمَّكِ"، وفي رواية فأنزل الله: ﴿ لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ ... ﴾ الآية.
البر:ثوابه.الجنة: كما عرَض الحق - تبارك وتعالى - لمعاني البِر في القرآن الكريم عرَض للأبرار وما أعدَّه لهم مِن رفيع المنزلة، وجزيل الثواب؛ قال - تعالى - في سورة الإنسان:﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُورًا ﴾
فالأبرار:
هُم المؤمنون الذين يَعملون الصالحات التي منها هذه الأعمال، وقد أشار الله - سبحانه - إلى ما أعدَّه للأبرار مجملاً مع مقارنته بما أعدَّ للفجار، فقال: "إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ "، ثم كرَّر الله هذه العدة الجميلة والمنزلة الرفيعة بشيءٍ من التفصيل فقال: " إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ "
وقال - تعالى -: في سورة آل عمران: " لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ "
فالبر قيل: المراد به الجَنة ونعيمها، كما رُوي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - إذ البِر سبيلُ الجنة أو الثواب الكثير، كما رُوي عن غيره، والمعنيان متقارِبان، وقيل: المراد به: كمال الإحسان، وأيًّا ما كان المراد فالآية مرغِّبة في الإنفاق، دالَّة على أنه من أفضلِ أنواع البر، وقد أرشدتِ الآية إلى أدَب من آداب الإنفاق، وهو الإنفاق ممَّا يحب لا ممَّا يُبغض ويَكره، وتلك - لعَمر الحق - أمارةٌ من أمارات الإخلاص، وفي الكتاب الكريم أيضًا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ
ولقدْ كان السَّلف الصالح - رضوان الله عليهم - أشدَّ الناس تمسُّكًا بهذا الأدَب، وأحرصَهم على هذا البر، رَوى البخاريُّ ومسلم عن أنس - رضي الله عنه - قال: "كان أبو طلحة - رضي الله عنه - أكثرَ الأنصار بالمدينة مالاً من نخل، وكان أحبّ أمواله إليه بيرحاء، وكانتْ مستقبلة المسجد، وكان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يدخلها ويشرَب مِن ماءٍ فيها طيِّب - أي: عذْب - قال أنس: فلما نزلتْ هذه الآية: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ جاء أبو طلحة إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: يا رسولَ الله، الله تعالى أنزَل عليك: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ وإنَّ أحب أموالي إليَّ "بيرحاء" وإنَّها صدقةٌ لله تعالى أرْجو بِرَّها وذخرها عندَ الله، فضعْها يا رسول الله حيث أراكَ الله.
قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "بخ بخ، ذلك مال رابِح.. ذلك مال رابِح، وقد سمعتُ ما قلتَ وإني أرَى أن تجعلَها في الأقربين، فقال أبو طلحة: أفعلُ يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبنِي عمِّه.
وملخص ثواب البر:
أنه يزيد في العمر. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا يرد القضاء إلا الدعاء ، ولا يزيد في العمر إلا البر وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يزيد في العمر إلا البر ولا يرد القدر إلا الدعاء . وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ما من ذنب أجدر عند الله من أن يعجل لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم ، وكذلك من ثواب البر : أنه: مفتاح التقوى وزيادة الإيمان واستجابة الدعاء .
أنه يجلب الرزق ويبارك في الخلف الصالح وفي النسل .
أنه: أحد أسباب الحصول على السعادة والراحة والأمن في الدنيا.
أنه أحد الطرق المؤدية إلى الفوز بالجنة ونيل الرضوان من الله تعالى .
سادساً :- البر من أحد أسباب حب الخلق للإنسان .
ومن فضل البر وحسن الثوابه أمرنا بالدعاء به وطلب من الحق سبحانه وتعالى فقد أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم أن ندعو بالبر في كل احوالنا خاصة في السفر:
ففي الحديث أن : رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى على بعيره خارجا إلى سفر ، كبر ثلاثا ، ثم قال : سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين . وإنا إلى ربنا لمنقلبون . اللهم ! إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى . ومن العمل ما ترضى . اللهم ! هون علينا سفرنا هذا . واطو عنا بعده . اللهم ! أنت الصاحب في السفر . والخليفة في الأهل . اللهم ! إني أعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنظر ، وسوء المنقلب ، في المال والأهل وإذا رجع قالهن . وزاد فيهن آيبون ، تائبون ، عابدون ، لربنا حامدون .
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقةٍ جاريةٍ , أو علم ينتفع به أو ولدٍ صالح يدعو له " وقد فسر جماعةُ من أهل العلم الصدقة الجارية بأنها الأوقاف , وهي أن يحبس الأصل وتسبل منفعته , وجل الخصال المتقدمة داخلةً في الصدقة الجارية .
وقوله : " أو بيتاً لابن السبيل بناه " فيه فضل بناء الدور ووقفها لينتفع بها المسلمون سواءً ابن السبيل أو طلاب العلم , أو الأيتام , أو الأرامل , أو الفقراء والمساكين . وكم في هذا من الخير والإحسان .
وقوله : " ورباط ثغر " شاهده حديث أبي أمامة المتقدم , وما رواه مسلم في صحيحه من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه : قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه , وأمن الفّتَّان " أي ينمو له عمله إلى يوم القيامة , ويأمن من فتنة القبر .
البر مع غير المسلم: ولا يقتصر الأمر بالبر والصلة المسلم وفقط بل يشمل المسلم وغير المسلم لأن الإسلام دين الإحسان لكل الناس قال - تعالى -: " لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ"
والمراد بالبِر هنا: الصِّلة وحُسن المعاملة، وهذا غاية السمو والتسامُح، ألاَّ يمنع الإسلام معتنقيه من الإحسان إلى مَن ليس على دِينهم ما دام مسالمًا ومِن معاملتهم بالحسنة والعدل، وقدْ كان هذا المبدأ هو السائِد والمطبَّق في الدولة الإسلامية في عصورها الذهبيَّة الأولى، ولا يزال إلى يومنا هذا. وفي صحيح البخاريِّ عن أسماءَ قالت: قدمتْ أمِّي مشركة في عهد قريش - يعني: بعد صُلح الحديبيَّة - فاستفتيتُ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقلت: إنَّ أمِّي قدِمت وهي راغبة - يعني: في بِري وصِلتي أو راغبة عن الإسلام - أفأصِلها؟ قال: "نَعمْ، صِلي أمَّكِ"، وفي رواية فأنزل الله: ﴿ لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ ... ﴾ الآية.
البر:ثوابه.الجنة: كما عرَض الحق - تبارك وتعالى - لمعاني البِر في القرآن الكريم عرَض للأبرار وما أعدَّه لهم مِن رفيع المنزلة، وجزيل الثواب؛ قال - تعالى - في سورة الإنسان:﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُورًا ﴾
فالأبرار:
هُم المؤمنون الذين يَعملون الصالحات التي منها هذه الأعمال، وقد أشار الله - سبحانه - إلى ما أعدَّه للأبرار مجملاً مع مقارنته بما أعدَّ للفجار، فقال: "إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ "، ثم كرَّر الله هذه العدة الجميلة والمنزلة الرفيعة بشيءٍ من التفصيل فقال: " إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ "
وقال - تعالى -: في سورة آل عمران: " لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ "
فالبر قيل: المراد به الجَنة ونعيمها، كما رُوي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - إذ البِر سبيلُ الجنة أو الثواب الكثير، كما رُوي عن غيره، والمعنيان متقارِبان، وقيل: المراد به: كمال الإحسان، وأيًّا ما كان المراد فالآية مرغِّبة في الإنفاق، دالَّة على أنه من أفضلِ أنواع البر، وقد أرشدتِ الآية إلى أدَب من آداب الإنفاق، وهو الإنفاق ممَّا يحب لا ممَّا يُبغض ويَكره، وتلك - لعَمر الحق - أمارةٌ من أمارات الإخلاص، وفي الكتاب الكريم أيضًا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ
ولقدْ كان السَّلف الصالح - رضوان الله عليهم - أشدَّ الناس تمسُّكًا بهذا الأدَب، وأحرصَهم على هذا البر، رَوى البخاريُّ ومسلم عن أنس - رضي الله عنه - قال: "كان أبو طلحة - رضي الله عنه - أكثرَ الأنصار بالمدينة مالاً من نخل، وكان أحبّ أمواله إليه بيرحاء، وكانتْ مستقبلة المسجد، وكان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يدخلها ويشرَب مِن ماءٍ فيها طيِّب - أي: عذْب - قال أنس: فلما نزلتْ هذه الآية: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ جاء أبو طلحة إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: يا رسولَ الله، الله تعالى أنزَل عليك: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ وإنَّ أحب أموالي إليَّ "بيرحاء" وإنَّها صدقةٌ لله تعالى أرْجو بِرَّها وذخرها عندَ الله، فضعْها يا رسول الله حيث أراكَ الله.
قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "بخ بخ، ذلك مال رابِح.. ذلك مال رابِح، وقد سمعتُ ما قلتَ وإني أرَى أن تجعلَها في الأقربين، فقال أبو طلحة: أفعلُ يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبنِي عمِّه.
وملخص ثواب البر:
أنه يزيد في العمر. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا يرد القضاء إلا الدعاء ، ولا يزيد في العمر إلا البر وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يزيد في العمر إلا البر ولا يرد القدر إلا الدعاء . وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ما من ذنب أجدر عند الله من أن يعجل لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم ، وكذلك من ثواب البر : أنه: مفتاح التقوى وزيادة الإيمان واستجابة الدعاء .
أنه يجلب الرزق ويبارك في الخلف الصالح وفي النسل .
أنه: أحد أسباب الحصول على السعادة والراحة والأمن في الدنيا.
أنه أحد الطرق المؤدية إلى الفوز بالجنة ونيل الرضوان من الله تعالى .
سادساً :- البر من أحد أسباب حب الخلق للإنسان .
ومن فضل البر وحسن الثوابه أمرنا بالدعاء به وطلب من الحق سبحانه وتعالى فقد أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم أن ندعو بالبر في كل احوالنا خاصة في السفر:
ففي الحديث أن : رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى على بعيره خارجا إلى سفر ، كبر ثلاثا ، ثم قال : سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين . وإنا إلى ربنا لمنقلبون . اللهم ! إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى . ومن العمل ما ترضى . اللهم ! هون علينا سفرنا هذا . واطو عنا بعده . اللهم ! أنت الصاحب في السفر . والخليفة في الأهل . اللهم ! إني أعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنظر ، وسوء المنقلب ، في المال والأهل وإذا رجع قالهن . وزاد فيهن آيبون ، تائبون ، عابدون ، لربنا حامدون .