نبذ الإسلام للعنف والعنصرية والكراهية للشيخ / محمد حســـــن داود
الموضـــــوع : الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه العزيز( يَا أَيُّهَا
النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ
لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ
خَبِيرٌ )الحجرات13) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا
محمدا عبده ورسوله،القائل في حديثه الشريف " إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى
صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ
"متفق عليه) اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم
الدين، وبعد
لقد جاءت الرسالة المحمدية تدعو إلى السماحة واليسر والوسطية والاعتدال، قال
تعالى (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ
لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي
الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ
)آل عمران159) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ
في الدِّينِ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالْغُلُوِّ في الدِّينِ
"سنن بن ماجة) ، مرغبة في الرفق واللين، فقد قال رسول الله صلى الله عيه وسلم
إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ
إِلَّا شَانَهُ " رواه مسلم ) ، محذرة من التشدد والعنف على اختلاف الألوان فقد
قال تعالى (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ
أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ
)فصلت34) وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ . قَالَهَا ثَلَاثًا
" رواه مسلم) يقول النووي في "شرح مسلم" : " أي : المتعمقون ،
الغالون ، المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم " اهـ . وعَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ يَهُودَ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: عَلَيْكُمْ، وَلَعَنَكُمُ اللَّهُ،
وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ. قَالَ: " مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ،
وَإِيَّاكِ وَالعُنْفَ وَالفُحْشَ " قَالَتْ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟
قَالَ: " أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ؟ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ، فَيُسْتَجَابُ
لِي فِيهِمْ، وَلاَ يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ " رواه البخاري) فالرفق من صفات
الأبرار، وخصال المتقين التي تباعدهم عن النار وتورثهم الدرجات العلى من جنة الغفار،
وتستميل قلوب الناس مودة ومحبة وألفة وتماسكا وترابطا فقد قال الله تعالى (فَبِمَا
رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا
مِنْ حَوْلِكَ)آل عمران159)فهو سبب للخير كله؛ إذ يتأتى معه من الخير ما لا يتأتى مع
غيره، ويثيب الله تعالى عليه من الفضل ما لا يثيب على ما سواه، فقد قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم " إنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ
مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ "رواه
مسلم) أما من خلت أفعاله وأقواله من اللين والرفق، واتصف بالغلظة والعنف ، فقد ذهب
عنه الخير وبعد عنه الناس، ونفروا منه بغضا، وكان شرهم منزلة يوم القيامة ، فقد قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم " إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً
يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ " رواه البخاري)
والناظر في حياة النبي صلى الله عليه وسلم يرى الرفق في الأمور كلها، وكيف لا
؟ والله تعالى يقول في حقه صلى الله عليه وسلم (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً
لِلْعَالَمِينَ)الأنبياء107) وقال ﴿لقدْ جاءكُمْ رسُولٌ مِّنْ أنفُسِكُمْ عزِيزٌ عليْهِ
ما عنِتُّمْ حرِيصٌ عليْكُم بِالْمُؤْمِنِين رءُوفٌ رّحِيمٌ ﴾ التوبة 128) فعَنْ أَنَسِ
بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ "، فَأَدْرَكَهُ
أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، حَتَّى " نَظَرْتُ إِلَى
صَفْحَةِ عَاتِقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَثَّرَتْ
بِهَا حَاشِيَةُ البُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ"، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ
مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ، " فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ"
رواه البخاري) وعن أبى هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي الْمَسْجِدِ
فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: " دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ أَوْ ذَنُوبًا مِنْ
مَاءٍ ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ
"رواه البخاري) فالعنف مذموم والرفق محمود، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم " إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ ".
ومن مظاهر العنف التي نبذها الإسلام بل وحاربها : العنف ضد المرأة : فلقد اعتنى
الإسلام بالمرأة أيما عناية فهى نواة المجتمع وركيزة استقراره، شقيقة الرجل وصانعة
للحضارات والأجيال، هيَ أمّ وأخت وابنه وزوجة، ولقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ " .رواه
أحمد، فقد جاءت النصوص صريحة توصى بها خيرا إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
" وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ".وعنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ
كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ ، أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ ، أَوِ ابْنَتَانِ ، أَوْ أُخْتَانِ
، فَأَحْسَنَ صُحْبَتَهُنَّ ، وَاتَّقَى اللَّهَ فِيهِنَّ فَلَهُ الْجَنَّةُ
"رواه الترمذي )كما نهى الإسلام عن الإساءة إليها أو الإضرار بها او فقال تعالى
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا
وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ
بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ
أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا )النساء19) وقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم " لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ
مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ" ولعلنا نقترب من بيوت النبوة لنرى الرفق
في حياة خير البرية مع أهل بيته،تحقيقا للمودة والرحمة اذ يقول الله تعالى(وَمِنْ آيَاتِهِ
أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ
بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً)الروم21) ويقول سبحانه (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف)النساء19)فعَنْ
عَائِشَةَ ، أَنَّهَا سُئِلَتْ : كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِذَا خَلا فِي بَيْتِهِ ، قَالَتْ : " كَانَ أَلْيَنَ النَّاسِ وَأَكْرَمَ
النَّاسِ وَكَانَ رَجُلا مِنْ رِجَالِكُمْ إِلا أَنَّهُ كَانَ ضَحَّاكًا بَسَّامًا
". كان حنونا ودودا، يكرم ولا يهين، يوجه وينصح، ولا يعنف أو يجرح؛ فعَنْ عَائِشَةَ،
قَالَتْ " مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا
قَطُّ بِيَدِهِ ، وَلَا امْرَأَةً ، وَلَا خَادِمًا ، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ،" رواه مسلم) كان أول من يواسى ويكفكف الدموع ويقدر المشاعر ويسمع الشكوى
ويخفف الأحزان، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : كَانَتْ صَفِيَّةُ مَعَ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَهَا،
فَأَبْطَأْتُ فِي الْمَسِيرِ ، فَاسْتَقْبَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَهِيَ تَبْكِي ، وَتَقُولُ : حَمَلْتَنِي عَلَى بَعِيرٍ بَطِيءٍ ، فَجَعَلَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ بِيَدَيْهِ عَيْنَيْهَا
وُيُسْكِتُهَا"رواه النسائي) بل كان يملأ المكان والزمان مع أهل بيته فرحا وسرورا
فكان يتلطف بهن ويشفق عليهن، فتراه يلاطف السيدة عائشة فيناديها يا "عائش"وتراه
" يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ وَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا
عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ "رواه البخاري عن انس) وتراه يسابق السيدة عائشة
إذ تقول " سَابَقَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَبَقْتُهُ
، فَلَبِثْنَا حَتَّى إِذَا أَرْهَقَنِي اللَّحْمُ سَابَقَنِي فَسَبَقَنِي ، فَقَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" هَذِهِ بِتِلْكَ "رواه
بن حبان )
ومِن جميل رفقه صلى الله عليه وسلم بهن ، صبره عليهن؛ فعَنِ النُّعْمَان بْنِ
بَشِيرٍ قَالَ: جَاءَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَسَمِعَ عَائِشَةَ وَهِيَ رَافِعَةٌ صَوْتَهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ: يَا ابْنَةَ أُمِّ رُومَانَ
وَتَنَاوَلَهَا أَتَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، قَالَ: فَحَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ
وَبَيْنَهَا، قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهَا يَتَرَضَّاهَا " أَلَا تَرَيْنَ أَنِّي قَدْ
حُلْتُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَكِ" قَالَ: ثُمَّ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَاسْتَأْذَنَ
عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ يُضَاحِكُهَا، قَالَ: فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو
بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشْرِكَانِي فِي سِلْمِكُمَا كَمَا أَشْرَكْتُمَانِي فِي
حَرْبِكُمَا . رواه أحمد في مسنده ). فما أحوجنا ان نقتدي برسولنا صلى الله عليه وسلم
لا سيما في الرفق بالمرأة، فعَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ
لِأَهْلِي , " . رواه الترمذي)
وكما حارب الإسلام العنف فقد حارب العنصرية ، هذا منهج الشرع الحكيم، إذ يدعو
الناس للتالف والتكاتف تسودهم المحبةُ والتراحمُ والتفاهمُ، إنها دعوة الإسلام،بعد
جاهلية من سماتها العصبية،فالناس في الإسلام متساوون في الحقوق والواجبات لا فرق بين
عربي ولا اعجمى إلا بالتقوى فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يَا أَيُّهَا
النَّاسُ ، أَلاَ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ ، أَلاَ لاَ
فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ ، وَلاَ لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ ، وَلاَ أَحْمَرَ
عَلَى أَسْوَدَ ، وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ ، إِلاَّ بِالتَّقْوَى". إذ قرر
الإسلام مبدأ المساواة بين البشر، ونبذ العنصرية، والمفاخرات العرقية، فسمع هذا الصوت
الغني والفقير، والأبيض والأسود ، فالأصل البشرى واحد مهما اختلفت الألوان والأجناس
ولقد قال الله تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى
وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ
أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )الحجرات13) فالتفاضل ليس مرده إلى مال
أو جاه أو سلطان أو نسب بل مرده إلى التقوى، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" " إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا ، حَتَّى لَا يَبْغِي
بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ ، وَلَا يَفْخُر أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ " رواه مسلم) ،
وقال صلى الله عليه وسلم " إن اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ
وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ ، إِنَّمَا هُوَ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ ، النَّاسُ
كُلُّهُمْ بَنُو آدَمَ ، وَآدَمُ خُلِقَ مِنْ تُرَاب) رواه الترمذي)و عَنْ أُبَيِّ
بْنِ كَعْبٍ ، قَالَ : انْتَسَبَ رَجُلَانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا : أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بْنُ فُلاَنٍ
، فَمَنْ أَنْتَ لَا أُمَّ لَكَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : " انْتَسَبَ رَجُلَانِ عَلَى عَهْدِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام ،
فَقَالَ أَحَدُهُمَا : أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ حَتَّى عَدَّ تِسْعَةً ، فَمَنْ
أَنْتَ لَا أُمَّ لَكَ ؟ قَالَ : أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ، ابْنُ الْإِسْلَامِ
، قَالَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّ هَذَيْنِ الْمُنْتَسِبَيْنِ
، أَمَّا أَنْتَ أَيُّهَا الْمُنْتَمِي أَوْ الْمُنْتَسِبُ إِلَى تِسْعَةٍ فِي النَّارِ
فَأَنْتَ عَاشِرُهُمْ ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا هَذَا الْمُنْتَسِبُ إِلَى اثْنَيْنِ فِي
الْجَنَّةِ ، فَأَنْتَ ثَالِثُهُمَا فِي الْجَنَّةِ " رواه احمد ).
وكما نبذ الإسلام العنف والعنصرية، فقد نبذ الكراهية، وذمها، وحذر منها، فلقد
قال الله تعالى في أهل الجنة (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا
عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ) الحجر47) اذ جاء الإسلام حريصا على أن تكون القلوب
واحدة تسودها عواطف الحب المشترك، والود الشائع، والتعاون على البر والتقوى، دون فرقة
أو كره أو بغى، وقد جاءت الآيات القرآنية والآثار النبوية متضافرة لتحقيق ذلك المقصد
الشرعي العظيم فقد قال تعالى( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ
أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )الحجرات10)وقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم " لَا تَقَاطَعُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا،
وَلَا تَحَاسَدُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ
أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ " ولقد ضرب الصحابة رضي الله عنهم أروع
الأمثلة في سلامة القلوب ونبذ الكره ، فكان لهم من هذه الصفة أوفر الحظ والنصيب، فلقد
كانوا رضي الله عنهم صفًا واحدًا، يعطف بعضهم على بعض، ويرحم بعضهم بعضًا، ويحب بعضهم
بعضًا، كما وصفهم جل وعلا بذلك حيث قال( وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا
أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) الحشر9)
ولقد كان لسلامة القلب من الكراهية عند السلف الصالح منزلة كبرى، حتى إنهم جعلوها سبب
التفاضل بينهم، قال إياس بن معاوية بن قرة عن أصحاب النبي : كان أفضلهم عندهم أسلمهم
صدرًا وأقلهم غيبة. وقد قال سفيان بن دينار لأبي بشر أحد السلف الصالحين: أخبرني عن
أعمال من كان قبلنا، قال: كانوا يعملون يسيرًا ويؤجرون كثيرًا، قال سفيان: ولم ذاك؟!
قال أبو بشر: لسلامة صدورهم. و عن زيد بن أسلم ـ رحمه الله ـ أنه قال: " دُخِلَ
عَلَى ابن أَبِي دُجَانَةَ وَهُوَ مَرِيضٌ، وَكَانَ وَجْهُهُ يَتَهَلَّلُ، فَقِيلَ
لَهُ: مَا لِوَجْهِكَ يَتَهَلَّلُ؟ فَقَالَ: مَا مِنْ عَمَلِي شَيْءٌ أَوْثَقُ عِنْدِي
مِنَ اثْنَتَيْنِ: أَمَّا إِحْدَاهُمَا فَكُنْتُ لَا أَتَكَلَّمُ فِيمَا لَا يَعْنِينِي،
وَأَمَّا الْأُخْرَى فَكَانَ قَلْبِي لِلْمُسْلِمِينَ سَلِيماً ". إذ أن الكراهية
معول هدم إن تملكت من مجتمع أضرته في وحدته وحجبت عنه الخير، ولقد علمتم قول رسولنا
صلى الله عليه وسلم " إِنِّي خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ وَإِنَّهُ
تَلَاحَى فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَرُفِعَتْ" وقوله صلى الله عليه وسلم " تُفْتَحُ
أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ
عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ
شَحْنَاءُ فَيُقَالُ أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى
يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا”
ويكفى لصاحب القلب السليم من الكراهية، شهادة النبي صلى الله عليه وسلم انه
من خير الناس، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو , قَالَ : قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : " كُلُّ
مَخْمُومِ الْقَلْبِ صَدُوقِ اللِّسَانِ " , قَالُوا : صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ
, فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ , قَالَ : " هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ , لَا إِثْمَ
فِيهِ , وَلَا بَغْيَ , وَلَا غِلَّ , وَلَا حَسَدَ " سنن بن ماجه) عَنِ أَنَسُ
بْنُ مَالِكٍ قَالَ : كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ،
فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ تَنْطِفُ لِحْيَتُهُ مِنْ وُضُوئِهِ قَدْ تَعَلَّقَ
نَعْلَيْهِ فِي يَدِهِ الشِّمَالِ ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِثْلَ الْمَرَّةِ
الْأُولَى ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ أَيْضًا ، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى
مِثْلِ حَالِهِ الْأُولَى ، فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
تَبِعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ : إِنِّي لَاحَيْتُ
أَبِي فَأَقْسَمْتُ أَنْ لَا أَدْخُلَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُؤْوِيَنِي
إِلَيْكَ حَتَّى تَمْضِيَ فَعَلْتَ ، قَالَ : نَعَمْ . قَالَ أَنَسٌ : وَكَانَ
عَبْدُ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَاتَ مَعَهُ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلَاثَ فَلَمْ
يَرَهُ يَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ شَيْئًا غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا تَعَارَّ وَتَقَلَّبَ
عَلَى فِرَاشِهِ ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكَبَّرَ حَتَّى يَقُومَ لِصَلَاةِ
الْفَجْرِ ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ يَقُولُ إِلَّا
خَيْرًا ، فَلَمَّا مَضَتْ الثَّلَاثُ لَيَالٍ ، وَكِدْتُ أَنْ أَحْتَقِرَ عَمَلَهُ
قُلْتُ يَا عَبْدَ اللَّهِ ، إِنِّي لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي غَضَبٌ ،
وَلَا هَجْرٌ ثَمَّ ، وَلَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ لَكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ
أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَطَلَعْتَ أَنْتَ الثَّلَاثَ مِرَارٍ فَأَرَدْتُ أَنْ آوِيَ
إِلَيْكَ لِأَنْظُرَ مَا عَمَلُكَ فَأَقْتَدِيَ بِهِ ، فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَثِيرَ
عَمَلٍ ، فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ . قَالَ : فَلَمَّا وَلَّيْتُ
دَعَانِي ، فَقَالَ : مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ غَيْرَ أَنِّي لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي
لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا وَلَا أَحْسُدُ أَحَدًا عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ
اللَّهُ إِيَّاهُ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ وَهِيَ
الَّتِي لَا نُطِيقُ .رواه احمد )
إن الإسلام دائما ما يدعونا إلى الوحدة والمودة والتماسك والتعاضد ولن يكون
ذلك إلا بنبذ العنف والعنصرية والكراهية ، ولك أن ترى ذلك جليا في سيرة الصحابة الأطهار
عندما نبذوا العنف والعنصرية والكراهية من بينهم رق بعضهم لبعض فكانوا صفا واحدا في
خدمة وطنهم، إخوة يؤثرون على انفسهم، فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , أَنَّهُ
قَالَ : " قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَآخَى رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ وَكَانَ
كَثِيرَ الْمَالِ ، فَقَالَ سَعْدٌ : قَدْ عَلِمَتْ الْأَنْصَارُ أَنِّي مِنْ أَكْثَرِهَا
مَالًا سَأَقْسِمُ مَالِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ شَطْرَيْنِ , وَلِي امْرَأَتَانِ فَانْظُرْ
أَعْجَبَهُمَا إِلَيْكَ فَأُطَلِّقُهَا حَتَّى إِذَا حَلَّتْ تَزَوَّجْتَهَا ، فَقَالَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ : بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ" رواه البخاري ) بل انظر
معي كيف يكون هذا التماسك والترابط والوحدة والمحبة اثر نبذ العنف والعنصرية والكراهية
إذ يقول أبو جهم بن حذيفة العدوي : انطلقت يوم اليرموك بعد انتهاء المعركة أطلب ابن
عم لي ومعي قليل من الماء وإناء فقلت : إن كان به رمق سقيته من الماء ومسحت به وجهه،
فإذا أنا أسمع صوتًا يقول : آه.. آه. فأتيته فإذا هو ابن عمي فقلت له : أسقيك ؟ فأشار
إلي أن نعم، فإذا بصوت رجل آخر يقول : آه.. آه.. فأشار ابن عمي أن انطلق به إليه، فجئته
فإذا هو هشام بن العاص فأتيته وقلت له : أسقيك ؟ فأشار إلي أن نعم.. فإذا بصوت رجل
آخر يقول : آه آه... فأشار هشام أن انطلق به إليه، فجئته فإذا هو قد مات، ثم رجعت إلى
هشام إذا هو قد مات، ثم أتيت إلى ابن عمي فإذا هو قد مات !! . لذلك ولغيره قال نبينا
صلى الله عليه وسلم " لَا يُبَلِّغُنِي أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِي عَنْ أَحَدٍ شَيْئًا
فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَخْرُجَ إِلَيْكُمْ وَأَنَا سَلِيمُ الصَّدْرِ" رواه أبو
داود) فما أحوجنا أن نكون على نهجه صلى الله عليه وسلم نجاة لنا في دنيانا وآخرتنا
فلقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ
لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ".
لا يحملُ الحقدَ من تَعْلُو به الرُّتبُ *** ولا ينالُ العلا مَن دأبُه الغضبُ
(نسال الله أن يحفظ مصر وأهلها من مكر الماكرين وفساد المفسدين)