أهل القرآن هم أهل الله وخاصته للشيخ أحمد محمد أبو اسلام





 

عناصر الخطبة
1)فضل القرآن
2)نماذج من أهل القرآن العاملين به
3)وفي الختام
الخطبة الأولى
الْحَمْدُ لِمَوْلَانَا الْكَرِيمِ , وَأَفْضَلُ الْحَمْدِ مَا حَمِدَ بِهِ الْكَرِيمُ نَفْسَهُ , فَنَحْنُ نَحْمَدُهُ بِهِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا} [الكهف: 2] وَ {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ} أَحْمَدُهُ عَلَى قَدِيمِ إِحْسَانِهِ وَتَوَاتُرِ نِعَمِهِ حَمْدَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّ مَوْلَاهُ الْكَرِيمَ عَلَّمَهُ مَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُهُ عَلَيْهِ عَظِيمًا وَأَسْأَلُهُ الْمَزِيدَ مِنْ فَضْلِهِ , وَالشُّكْرَ عَلَى مَا تَفَضَّلَ بِهِ مِنْ نِعَمِهِ , إِنَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ , وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ وَنَبِيِّهِ وَأَمِينِهِ عَلَى وَحْيِهِ وَعِبَادِهِ , صَلَاةً تَكُونُ لَهُ رِضًا , وَلَنَا بِهَا مَغْفِرَةٌ , وَعَلَى آلِهِ أَجْمَعِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا طَيِّبًا
أَمَّا بَعْدُ:
أحبتي في الله
فضل أهل القرآن
أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْقُرْآنَ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَعْلَمَهُ فَضْلَ مَا أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ , وَأَعْلَمَ خَلْقَهُ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ أَنَّ الْقُرْآنَ عِصْمَةٌ لِمَنِ اعْتَصَمَ بِهِ , وَهُدًى لِمَنِ اهْتَدَى بِهِ , وَغِنًى لِمَنِ اسْتَغْنَى بِهِ , وَحِرْزٌ مِنَ النَّارِ لِمَنِ اتَّبَعَهُ , وَنُورٌ لِمَنِ اسْتَنَارَ بِهِ , وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ , وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ خَلْقَهُ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ , وَيَعْمَلُوا بِمُحْكَمِهِ فَيُحِلُّوا حَلَالَهُ , وَيُحَرِّمُوا حَرَامَهُ , وَيُؤْمِنُوا بِمُتَشَابِهِهِ , وَيَعْتَبِرُوا بِأَمْثَالِهِ وَيَقُولُوا {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: 7]فإذا هم صاروا كذالك صاروا من أهل الله فقد ورد  عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِلَّهِ مِنَ النَّاسِ أَهْلُونَ» قِيلَ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَهْلُ الْقُرْآنِ هُمْ أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ»
فأهل القرآن هم في رقي وارتقاء وسعادة في الدنيا والآخرة فقد ورد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: اقْرَأْ وَارْقَ فِي الدَّرَجَاتِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ كُنْتَ تَقْرَؤُهَا "
بل إن عدد درجات الجنة بعدد آيات القرآن فمن قرأ القرآن كله وصل إلى أعلى جنة عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو , وَعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُقَالُ اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا , فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: وَرَوِيَ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ أَنَّهَا قَالَتْ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَمَّنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ مِمَّنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ: مَا فَضْلُهُ عَلَى مَنْ لَمْ يَقْرَأْهُ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ عَدَدَ دَرَجِ الْجَنَّةِ بِعَدَدِ آيِ الْقُرْآنِ , فَمَنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ مِمَّنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلَيْسَ فَوْقَهُ أَحَدٌ
حبيبي في الله من قرأ القرآن فله الأجر الجزيل من رب العالمين ,فقد ورد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "  تَعَلَّمُوا هَذَا الْقُرْآنَ وَاتْلُوهُ فَإِنَّكُمْ تُؤْجَرُونَ عَلَى تِلَاوَتِهِ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ , أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ: {ألم} [البقرة: 33] عَشْرٌ , وَلَكِنِ الْأَلِفُ عَشْرٌ , وَاللَّامُ عَشْرٌ , وَالْمِيمُ عَشْرٌ , إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مَأْدُبَةُ اللَّهِ , فَتَعَلَّمُوا مِنْ مَأْدُبَةِ اللَّهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنْ هُوَ حَبْلُ اللَّهِ , هُوَ النُّورُ الْمُبِينُ , وَالشِّفَاءُ النَّافِعُ وَنَجَاةُ مَنِ اتَّبَعَهُ , وَعِصْمَةُ مَنْ تَمَسَّكَ بِهِ , لَا يَعْوَجُّ فَيُقَوَّمَ وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ , وَلَا يَخْلَقُ عَنْ كَثْرَةِ الرَّدِّ
ومن قرأ القرآن وعمل به كان سبباً في إسعاد والديه وإدخالهم الجنة ,فقد ورد  عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ الْجُهَنِيِّ , عَنْ أَبِيهِ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ , أُلْبِسَ وَالِدَيْهِ تَاجًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ , ضَوْءُهُ أَحْسَنُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ , فِي بُيُوتِ الدُّنْيَا لَوْ كَانَتْ فِيهِ », وقدوردعَنْ خَيْثَمَةَ , قَالَ: " مَرَّتِ امْرَأَةٌ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فَقَالَتْ: طُوبْي لِحِجْرٍ حَمَلَكَ وَلِثَدْيٍ رَضَعْتَ مِنْهُ فَقَالَ عِيسَى: طُوبَى لِمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ ثُمَّ عَمِلَ بِهِ ",
 فلا بد من العمل بالقرآن فكم من قارئ للقرآن ولا يعمل به بل وتجده أخلاقه سيئة ومعاملته سيئة مع غيره هذا لا يليق بأهل القرآن فقد ورد  عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَقَدْ أَتَى عَلَيْنَا حِينٌ وَمَا نَرَى أَنَّ أَحَدًا يَتَعَلَّمُ الْقُرْآنَ يُرِيدُ بِهِ إِلَّا اللَّهَ , فَلَمَّا كَانَ هَاهُنَا بِأَخْرَةٍ , خَشِيتُ أَنَّ رِجَالًا يَتَعَلَّمُونَهُ يُرِيدُونَ بِهِ النَّاسَ وَمَا عِنْدَهُمْ , فَأَرِيدُوا اللَّهَ بِقُرْآنِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ , وَإِنَّا كُنَّا نَعْرِفُكُمْ إِذْ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَإِذْ يَنْزِلُ الْوَحْيُ , وَإِذْ يُنْبِئُنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ , فَأَمَّا الْيَوْمَ فَقَدْ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَانْقَطَعَ الْوَحْيُ , وَإِنَّمَا أَعْرِفُكُمْ بِمَا أَقُولُ: مَنْ أَعْلَنَ خَيْرًا أَجَبْنَاهُ عَلَيْهِ , وَظَنَنَّا بِهِ خَيْرًا , وَمَنْ أَظْهَرَ شَرًّا بَغَضْنَاهُ وَظَنَنَّا بِهِ شَرًّا , سَرَائِرُكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ",قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: فَإِذَا كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَدْ خَافَ عَلَى قَوْمٍ قَرَءُوا الْقُرْآنَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِدَرَاهِمَ إِلَى الدُّنْيَا فَمَا ظَنُّكَ بِهِمُ الْيَوْمَ؟ وَقَدْ أَخْبَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ يَكُونُ أَقْوَامٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يُقِيمُونَهُ كَمَا يُقِيمُونَ الْقِدْحَ , يَتَعَجَّلُونَهُ , وَلَا يَتَأَجَّلُونَهُ , يَطْلُبُونَ بِهِ عَاجِلَةَ الدُّنْيَا , وَلَا يَطْلُبُونَ بِهِ الْآخِرَةَ» وتعليق محمد بن الحسين هذا كان في القرآن في القرن الثالث الهجري أو الرابع وكان يقول ان بعض قارئي القرآ ن في زمانه لا يعملون بالقرآن فما بالكم أحبتي في هذا الزمان نسأل الله القبول والإخلاص [اخلاق أهل القرآن ]
وكان الصحابة يعطون لأهل القرآن قدرهم , فقد ورد َعنْ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ وَكَانَ عَامِلَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَلَى مَكَّةَ، فَخَرَجَ يَتَلَقَّى عُمَرَ فِي بَعْضِ حَجَّاتِهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: «مَنِ اسْتَعْمَلْتَ عَلَى مَكَّةَ» ، قَالَ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي أَبْزِيِّ.
قَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: «تَسْتَعْمِلُ رَجُلًا مِنَ الْمَوَالِي عَلَى قُرَيْشٍ؟» قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي لَمْ أَدَعْ خَلْفِي أَحَدًا أَقْرَأَ لِلْقُرْآنِ مِنْهُ، قَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: «نَعَمْ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَفَعَ بِالْقُرْآنِ رِجَالًا، وَوَضَعَ رِجَالًا وَإِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي أَبْزَى مِمَّنْ رَفَعَهُ اللَّهُ بِالْقُرْآنِ»[ تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي (1 / 420):]
الخطبة الثانية
الحمد الله كتب العزة والكرامة لمن أطاعه. وقضى بالذل والهوان على من عصاه، نحمده سبحانه ونشكره، لا رب لنا سواه ولا نعبد إلا إياه. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، العالم بما في الكون من حوادثٍ وخطوب، وبما ألم بالمسلمين من شدائدٍ وكروب، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله وبارك عليه وعلى آله وصحبه وكل من سار على نهجه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
نماذج من أهل القرآن العاملين بما فيه
وإليكم نماذج من العاملين بالقران ولا شك أن أعظمهم وسيدهم
 سيد الخلق محمد, فقد ورد في صحيح البخاري  عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْرَأْ عَلَيَّ»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آقْرَأُ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ، قَالَ: «نَعَمْ» فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى أَتَيْتُ إِلَى هَذِهِ الآيَةِ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ، وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا} [النساء: 41]، قَالَ: «حَسْبُكَ الآنَ» فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ
وهذا هو سيدنا أبو بكر الصديق كما ورد في صحيح البخاري  عن السيدة عائشه زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،أنها قَالَتْ: " لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، طَرَفَيِ النَّهَارِ: بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، فَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ القُرْآنَ، فَيَقِفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ المُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ، يَعْجَبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً، لاَ يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إِذَا قَرَأَ القُرْآنَ ، فَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ المُشْرِكِينَ "
وانظر ألى عبدالله بن عمرو بن العاص وحرصه على قراءة القرآن وختم القرآن فقد ورد في صحيح البخاري عن عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: أَنْكَحَنِي أَبِي امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ، فَكَانَ يَتَعَاهَدُ كَنَّتَهُ، فَيَسْأَلُهَا عَنْ بَعْلِهَا، فَتَقُولُ: نِعْمَ الرَّجُلُ مِنْ رَجُلٍ لَمْ يَطَأْ لَنَا فِرَاشًا، وَلَمْ يُفَتِّشْ لَنَا كَنَفًا مُنْذُ أَتَيْنَاهُ، فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «القَنِي بِهِ»، فَلَقِيتُهُ بَعْدُ، فَقَالَ: «كَيْفَ تَصُومُ؟» قَالَ: كُلَّ يَوْمٍ، قَالَ: «وَكَيْفَ تَخْتِمُ؟»، قَالَ: كُلَّ لَيْلَةٍ، قَالَ: «صُمْ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثَةً، وَاقْرَإِ القُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ»، قَالَ: قُلْتُ: أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: «صُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فِي الجُمُعَةِ»، قُلْتُ: أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: «أَفْطِرْ يَوْمَيْنِ وَصُمْ يَوْمًا» قَالَ: قُلْتُ: أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: «صُمْ أَفْضَلَ الصَّوْمِ صَوْمَ دَاوُدَ صِيَامَ يَوْمٍ وَإِفْطَارَ يَوْمٍ، وَاقْرَأْ فِي كُلِّ سَبْعِ لَيَالٍ مَرَّةً» فَلَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَاكَ أَنِّي كَبِرْتُ وَضَعُفْتُ، فَكَانَ يَقْرَأُ عَلَى بَعْضِ أَهْلِهِ السُّبْعَ مِنَ القُرْآنِ بِالنَّهَارِ، وَالَّذِي يَقْرَؤُهُ يَعْرِضُهُ مِنَ النَّهَارِ، لِيَكُونَ أَخَفَّ عَلَيْهِ بِاللَّيْلِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَقَوَّى أَفْطَرَ أَيَّامًا وَأَحْصَى، وَصَامَ مِثْلَهُنَّ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتْرُكَ شَيْئًا،
وهاهو حمزة بن عمارة الزيات صاحب قراءة حمزة المشهورة يجعل الله له كرامة في الدنيا ,فيقول سليم بن عيسى: دخلت على حمزة بن حبيب الزيات فوجدته يمرغ خديه في الأرض ويبكي. فقلت: أعيذك بالله. فقال: لماذا استعذت؟ رأيت البارحة في منامي كأن القيامة قد قامت وقد دعي بقراء القرآن، فكنت فيمت حضر فسمعت قائلاً يقول بكلام عذب: لا يدخل علي إلا من عمل بالقرآن. فرجعت القهقرى فهتف باسمي: أين حمزة بن حبيب الزيات؟ فقلت: لبيك داعي الله. فبدرني ملك فقال: قل: لبيك اللهم،فقلت: لبيك، كما قال لي. فأدخلني داراً فسمعت فيها ضجيج القرآن فوقفت أرعد فسمعت قائلاً يقول: لا بأس عليك ارق واقرأ فأدرت وجهي فإذا أنا بمنبر من در أبيض، دفتاه من ياقوت أصفر، مراقيه من زبرجد أخضر فقال لي: ارق واقرأ فرقيت فقال لي: اقرأ سورة الأنعام، فقرأت وأنا لا أدري على من أقرأ. حتى بلغت الستين آية فلما بلغت {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} قال لي: يا حمزة ألست القاهر فوق عبادي؟ فقلت: بلى. قال: صدقت، اقرأ. فقرأت حتى ختمتها ثم قال لي: اقرأ فقرأت الأعراف حتى بلغت آخرها فأومأت إلى الأرض بالسجود فقال لي: حسبك ما مضى، لا تسجد يا حمزة. من أقرأك هذه القراءة؟ فقلت: سليمان. قال: صدقت من أقرأ سليمان؟ قلت: يحيى. قال: صدق يحيى على من قرأ يحيى؟ فقلت: على أبي عبد الرحمن السلمي. قال: صدق أبو عبد الرحمن السلمي، من أقرأ أبا عبد الرحمن؟ فقلت: ابن عم نبيك علي. فقال: صدق علي، فمن أقرأ علياً؟ قلت: نبيك محمد صلى الله عليه وسلم. قال: ومن أقرأ نبيي؟ قال: قلت: جبريل عليه السلام. قال: ومن أقرأ جبريل؟ قال: فسكت. فقال لي: يا حمزة قل أنت. قال: فقلت: ما أجسر أن أقول. فقال: فقلت: أنت. قال: صدقت يا حمزة وحق القرآن لأكرمن أهل القرآن لا سيما إذا عملوا بالقرآن، يا حمزة القرآن كلامي وما أحب أحداً كحبي أهل القرآن. ادن يا حمزة فدنوت فضمخني بالغالية وقال: ليس أفعل بك وحدك، قد فعلت ذاك بنظرائك ممن فوقك ومن دونك. ومن أقرأ القرآن كما أقرأته لم يرد بذلك غيري وما خبأت لك يا حمزة عندي أكثر فأعلم أصحابك بمكاني من حبي لأهل القرآن وفعلي بهم فهم المصطفون الأخيار، يا حمزة وعزتي وجلالي لا أعذب لساناً تلا القرآن بالنار، ولا قلباً وعاه، ولا أذناً سمعته، ولا عيناً نظرته.
فقلت: سبحانك سبحانك وأنى ترى؟ فقال: يا حمزة أين نظار المصاحف؟ فقلت: يا رب أفحفاظ هم؟ قال: لا ولكني أحفظه لهم حتى يوم القيامة فإذا لقوني رفعت لهم بكل آية درجة –ثم قال حمزة لتلميذه  أفتلومني أن أبكي وأتمرغ في التراب.
وقال أبو مسحل قال: رأيت الكسائي في النوم كأن وجهه البدر فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي بالقرآن. فقلت: ما فعل بحمزة الزيات؟ قال: ذاك في عليين، ما نراه إلا كما يرى الكوكب الدري.
وفي الختام
أيها الأحبه القران فيه الهدايه وفي قراءته الطمأنينة وكيف لا وأنت تقرأ كلام الله عز وجل فإذا تدبر المسلمون  القرآن وطبقوا آدابه وأخلاقه وأوامره ونواهيه صرنا في مجتمع مثالى ليس فيه حقد ولا ضغينة ولا جور ولا ظلم ولصارت البركة في جميع مناحي الحياة
وكما قال الشاعر:

أَكْـرِمْ بقـومٍ أَكْرَمُـوا القُرآنـا

وَهَبُـوا لَـهُ الأرواحَ والأَبْـدَانـا

قومٌ.. قد اختـارَ الإلـهُ قلوبَهُـمْ

لِتَصِيرَ مِنْ غَرْسِ الهُـدى بُسْتَانـا

زُرِعَتْ حُروفُ النورِ.. بينَ شِفَاهِهِمْ

فَتَضَوَّعَتْ مِسْكـاً يَفِيـضُ بَيَانَـا

رَفَعُوا كِتابَ اللهِ فـوقَ رُؤوسِهِـمْ


لِيَكُونَ نُوراً في الظـلامِ... فَكَانـا

سُبحانَ مَنْ وَهَبَ الأُجورَ لأهْلِهَـا

وَهَدى القُلُوبَ وَعَلَّـمَ الإنسانـا

أسأل الله أن يجعلنا جميعاًمن أهل القرآن

الدعاء


أقم الصلاة 
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات