وحى السنة والقرآن فى ضرورة اصطفاف أهل الإيمان للشيخ احمد رضوان
وحى السنة والقرآن فى ضرورة اصطفاف أهل الإيمان
عناصــــــــــــر الخطــــــــبة
1ـ دواعى وحـــــــدة الأمة الإســــــــلامية
2ـ لماذا حــــــذرنا ديننا من الفــــــرقة والتنـــازع ؟؟
3ـ فضــــــــــــــائل الوحـــــــدة الاســـــــــلامية
سبب تفــــرق الأمـــة
4ـ شـــــؤم التفــــرق وخــطورة التنــازع ::
5ـ من مقومات الوحدة الإسلامية لعودة مقدساتنا
عباد الله
مــــــــا أكثــر دواعى وحـــــــدة الأمة الإســــــــلامية ،، ومـــــا أكــثر أســــــباب تآلفها وتناصــــــرها
فى كل المجالات // الاعتقادية ، والتعبدية ،، والأخــــلاقية
يجتمع المسلمون فى كل يوم خمس مرات ،،
وفى كل أسبوع يجتمعون اجتمــاعا أكبر فى صــــــــلاة الجمعة ،
ويجتمعـــون فى كل شهــــــــر ثلاثة أيام عــلى إحـياء سنة الصـيام "الأيام البيض القمرية "
ويجتمعون فى كل عـــــــام على صـــــيام الفريضة فى "شهــــــــر رمضان" ،،
وفى كل عـــــــــام يجتمعون لحج بيت الله الحـــــــــرام مرة لمن استطاع اليه سبيلا
كما يجمعهم التكافل والمحــــــبة بإخـــراج الاغنياء زكـاة أموالهم للفقراء ،، ثــم صــــلة الارحـــام من اركان الاسلام ،، والاحسان للوالدين فــــــــرض عين ،، وإكــــرام الضيف والجـار دليل الإيمان بالواحد الغفــــــار
والســـــــــــــــــــــــــؤال :: هل يبقى مع كــــــــــل هذه الاجــــــــتماعات أثـــــــــــــر لبغضــــــاء أو مكــــــــان لتنـــازع !!!
،،إن هــــــــــذه الشعــــــــائر التى تجمع المسلمين كفيلة ــ لو فهم المسلمون ــ مقصـــودها أن تنزع كـــل سبب للفرقة فتجعله ألفــــــة ومحبـــة ونصــــــــــرة وإخــــــــــاء فى الله واعتصـــــــــاما بحبل اللــــــــــــه
هـــــــذا حالنا فى بـــاب العبادات ،
وفى بــــاب الاعتقاد ، مـــــا أعظم دوافــــع الاتحـــاد والتناصر
فإلــهنا واحــــــــــد ، وقِــبلتــــــنا واحــــــــــدة ،،نؤمن بجميع الرسل ،، والكــــــتب السماوية
هـــــذا ...........
وقـــــد بعث الله الأنبياء بالاجتماع، ووحدة الصف:
(شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فيه) الشورى
قال البغوي رحمه الله: "بعث الله الأنبياء كلهم بإقامة الدين والألفة والجماعة، وترك الفرقة والمخالفة"
وهكذا جاءت نصوص السنة تأمر بالاجتماع، وتنهى عن الفرقة والاختلاف، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
(إن الله يرضى لكم ثلاثاً...: أن تعبدوه، ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً، ولا تفرقوا ) رواه مسلم
وقال عليه الصلاة والسلام
(عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة؛ فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة)
حسن لغيره
لماذا حــــــذرنا ديننا من الفــــــرقة والتنـــازع ؟؟
** لأن الفرقة تعطيل، ولأن الفرقة هلاك، وقد قال تعالى:
(وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) الأنفال
فالتنازع سبب الهزيمة والفشل.
(إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) الأنعام
والأمة محتاجة لوحدة الصف، وهذا أمر فطري تتعلق به أفئدة جميع المسلمين، وخاصة عندما يظهر تكالب الأعداء، وإذا كان الاجتماع ضرورياً في كل وقت وحين، فالأمة اليوم أحوج إليه بكثير من ذي قبل، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن مواجهة المسلمين للمحنة إذا نزلت ببعضهم، وعن البلاء إذا حل بطائفة منهم
(مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)
[أخرجه البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير]
كم يستغيث بنا المستضعفون وهـم
قتلى وأسرى فما يهتز إنســــان
ماذا التقاطع في الإسلام بينـكــم
وأنتم ياعبــاد اللـه إخـــوان
ألا نفوس أبيّات لهـا هـمـــم
أما على الخير أنصار وأعــوان
يامن لذلة قوم بـعد عــزهــم
يا ربّ أم وطفل حيل بينهـــمـا
كما تفــرق أرواح وأبــــدان
وطفلة مثل حسن الشمس إذ طلعـت
كأنما هي ياقوت ومرجــــــان
يقودها العلج للمكروه مكرهـــــة
والعين باكية والقلب حيـــــران
لمثل هذا يذوب القلـب من كمــد
إن كان في القلب إسلام وإيمــــان
فضــــــــــــــائل الوحـــــــدة الاســـــــــلامية
1ـــ من أساليب القرآن في الحث على الاتحـــاد والاجــتماع // أن الله جعل من أخص صفات المؤمنين أنهم أولياء بعض قال الله عز وجل
( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) التوبة 71
2ــ ويكفى المؤمنين المتحدين شرفا أن الله يحبهم
(إن اللّه يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص)
3ــ وعـــــــد النبى المؤمنين بالجنـــــة حال اتحـــــــــادهم وحذرهم من التــنازع ومفارقة الجماعة، ففي سنن الترمذي عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بِالْجَابِيَةِ فَقَالَ:( يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قُمْتُ فِيكُمْ كَمَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ فِينَا، ثم ذكر خطبة جاء فيها ((عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ، وَهُوَ مِنْ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمْ الْجَمَاعَةَ، مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ، فَذَلِكُمْ الْمُؤْمِنُ))
وعن أبي الدرداء وقال : ((ما من ثلاثة لا تقام فيهم الصلاة إلا وقد استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب القاصية)
أسباب تفــــرق الأمـــة
1ــ الإعـــراض عن الدين والانغماس فى المعاصى والفواحش ـ إلا ما رحــــــم ربى ــ
فكلما ابتعدنا عن ديننا كلما افترقنا ،، وكلما تمسكنا بديننا كلما توحدنا
"وهذا التفريق الذي حصل من الأمة -علمائها، ومشايخها، وكبرائها- هو الذي أوجب تسلط الأعداء عليها، وذلك بتركهم العمل بطاعة الله ورسوله، كما قال تعالى:
(ومِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) المائدة:
وهكذا متى ترك الناس بعض ما أمرهم الله به وقعت بينهم العداوة والبغضاء" بن تيمية رحمه الله:
2ــ غيــاب روح العفــــــو .... وتمكُّن العصبية عند الاختــلاف
لما كَسَع غلامٌ من المهاجرين غلامًا من الأنصار في غزاة بني المصطلق، واستغاث الأول: يا لَلْمهاجرين، ونادى الآخر: يا لَلأنصار، سمِع ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «مَا بَالُ دَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ»، فحكوا له ما جرى، فقال -صلى الله عليه وسلم-: «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ». فى الصحيحين
وإن كثيرًا من الشراح ليذهبون إلى أن المراد بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ» هُتافُ الغلامين: يا لَلْمهاجرين، و: يا لَلأنصار.
لقد تربص أعداؤنا بنا كثيراً، واجتمعوا، وقالوا كما قال أولياؤهم قديماً
(فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفّاً وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى)سورة طـه:
وتواصوا فيما بينهم:
(وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ) سورة ص:
وأقاموا المجالس والهيئات التي راح المسلمون يدورون عبثاً في فلكها لا تزيدهم إلا تفرقاً وضعفاً.
يقول "لويس التاسع" ملك فرنسا الذي أنهكته الحروب مع المسلمين حتى وقع أسيرًا وحُبس في دار ابن لقمان بالمنصورة بمصر،
وقد فكر في محبسه وخط وثيقة ترسم طريقًا للتغلب على المسلمين بغير حرب و لا نزال فكتب للغرب تلك الوثيقة التي ما زالت محفوظة في دار الوثائق القومية بباريس يقول فيها،إنه لا يمكن الانتصار على المسلمين من خلال حرب وإنما باتباع ما يلي:
1- إشاعة الفرقة بين قادة المسلمين.
2- عدم تمكين البلاد العربية والإسلامية أن يقوم فيها حكم صالح.
3- إفساد أنظمة الحكم في البلاد الإسلامية بالرشوة والفساد والنساء حتى تنفصل القاعدة عن القمة.
4- الحيلولة دون قيام جيش قوي مؤمن بحق وطنه عليه ويضحِّي في سبيل مبادئه.
5- العمل على الحيلولة دون قيام وحدة عربية في المنطقة.
6- العمل على قيام دولة غريبة في المنطقة العربية تمتد لتصل إلى الغرب.
وهــــــذا يدفعنــــــا نحـــــــــو العفـــو والتصـــــالح لنغيظ اعداءنا كما فعل الصحب الكــــــرام
" لما رأى ملك الروم اشتغال معاوية بحرب عليّ بعث الى سيدنا معــاوية رضى اللع عنه
من قيصر الروم لمعاوية :
علمنا بما وقع بينكم و بين علي بن أبي طالب ، و إنّا لنرى أنكم أحق منه بالخلافة ، فلو أمرتني أرسلت لك جيشاً يأتون إليك برأس علي ..
فــــــارسل له معاوية
من معاوية لهرقل :
أخَـوان و تشاجرا فما بالك تدخل فيما بينهما !
إن لم تخرس أرسلت إليك بجيش أوله عندك و آخره عندي يأتونني برأسك أُقدِّمه لعلي !!
بهــــــذا الاصطفاف والألفة وصف الله المؤمنين فى القرآن والتــــــــوراة والانجــــــــــيل
(أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ
وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)
إن مؤامرة عبد الله بن سبأ لا تزال مستمرة، وإن اتصال الفكرة اليهودية القديمة بالحديثة، والمؤامرة التي تعود إلى مئات السنين وراء للتمزيق، وهكذا كما خرجوا على الخليفة عثمان رضي الله عنه، وأرادوا تمزيق وحدة المسلمين والتفافهم حول خليفتهم، فنجحوا حقيقة في بذل الفرقة والفتن، وحصل في أهل الإسلام من التفرق والفتنة والقتل أمر عجب.
ولا عجب فى ان ينصر الكافرون بعضهم بعضا
لكن العجيب أن يتقاتل المسلمون ويتنازعوا مخالفين بذلك أمر الله وأمر رسولهم
قال تعالى ::
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِير)
(والذين كفروا بعضهم أولياء بعض)
يقول: بعضهم أعوان بعض وأنصاره,
والمؤمنون احـــق وأولى بأن يكونوا لبعضهم اولياء وانصاراً.
وقد حذر الله عز وجل هذه الأمة من محنة الفرقة وبين لهم أن الفرقة هي السبب المباشر في هلاك أمّتِهم فقال عز وجل: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) آل عمران 105
إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) أي : إن لم تجانبوا المشركين وتوالوا المؤمنين ، وإلا وقعت الفتنة في الناس ، وهو التباس الأمر ، واختلاط المؤمن بالكافر ، فيقع بين الناس فساد منتشر طويل عريض . تفسير بن كثير رحمه الله
وقال ابن إسحاق : جعل الله المهاجرين والأنصار أهل ولاية في الدين دون من سواهم ، وجعل الكافرين بعضهم أولياء بعض ، ثم قال : ( إلا تفعلوه ) وهو أن يتولى المؤمن الكافر دون المؤمن ( تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) فالفتنة في الأرض قوة الكفر ، والفساد الكبير ضعف الإسلام .
تفسير البغوى
والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير
لما عقد الولاية بين المؤمنين، أخبر أن الكفار حيث جمعهم الكفر فبعضهم أولياء بعض فلا يواليهم إلا كافر مثلهم.
وقوله: إلا تفعلوه أي: موالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين، بأن واليتموهم كلهم أو عاديتموهم كلهم، أو واليتم الكافرين وعاديتم المؤمنين.
تكن فتنة في الأرض وفساد كبير فإنه يحصل بذلك من الشر ما لا ينحصر من اختلاط الحق بالباطل، والمؤمن بالكافر، وعدم كثير من العبادات الكبار، كالجهاد والهجرة، وغير ذلك من مقاصد الشرع والدين التي تفوت إذا لم يتخذ المؤمنون وحدهم أولياء بعضهم لبعض.
إن الغرب يعمل جاهداً على تغذية كل سبب يغذي الفرقة بين المسلمين، ويكرس تباعدهم، ويزيد من تناحرهم.
لقد كثر الحديث عن دويلة في شمال العراق، وآخرى في جنوب السودان، ودويلات في جنوب لبنان، ولم يغمض لأوروبا جفن إلا بعد انقسمت البوسنة والهرسك، وبدأت بقع من اندونيسيا بالانفصال، وهكذا.
وفي المقابل ها هي أوروبا تسعى بكل ما تستطيع لتحقيق أكبر قدر من الوحدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لقد سارعوا بعد أن طحنتم حروب ضروس في الحربين العالمية الأولى والثانية، إلى الاستعلاء على الخلافات الشخصية وتناسي أحقاد الماضي، وتجاوز الفوارق العقدية، وصهر حدود الفرقة.
*وكـــأن المسلمين ــ إلا مار حم ربى ــ نسوا قول النبى - صلى الله عليه وسلم -:
"الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ".
رواه أبو داود في سننه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه
شـــــؤم التفــــرق وخــطورة التنــازع ::
أن يصبح حــال الأمـــة كالأيتـــام على موائـــد اللئــام
وكــم حذرنا رسولنا من تلك الحـــالة المهينة !!
فعن ثوبان، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها»، فقال قائل: ومِن قلة نحن يومئذ؟ قال: «بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن»، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن ؟ قال: «حب الدنيا، وكراهية الموت». أخرجه أبو داود في سننه
حب الدنـــيا يـــؤدى للتنازع عليها ولأجلها ،
والمعاداة والموالاة للدنيا يجعل المسلمين واعدائهم ســــــــواء فى المعصية
قال عمر بن الخطاب لسعد بن أبي وقاص يوم القادسية : " يا سعد ، اعلم أن ذنوب الجيش أخوف عليه من عدوه ، وأننا ننتصر علي عدونا بطاعتنا لله ومعصية عدونا له ، فإذا استوينا في المعصية ، كانت لعدونا الغلبة ، بالعدد والعدة "
وإن التاريخ يشهد أن من أهم أسباب سقوط الدول على اختلاف عقائدها ومللها التفرق والاختلاف،
فقد سقطت الخلافة العباسية بعد أن تفرقت الدول الإسلامية في ذلك الوقت..
وسقطت الدولة الإسلامية في الأندلس بعد أن أصبحت دويلات متفرقة متناحرة.. لا همّ لأحدهم سوى الملك والسلطان
وها هو العالم الإسلامي اليوم. .منقسم إلى دويلات متفرقة تعيش على هامش التاريخ وتتجرع ألوان الهوان بين الأمم .. ورغم أنهم يمتلكون أكبر ثروات العالم .. إلا أنهم مصنفون من الدول الفقيرة أو النامية كما يسمونها .. والسبب في ذلك كله هو الفرقة والإختلاف
من مقومات الوحدة الإسلامية ... لعـــودة مقدســاتنا
1ــ تحقيق التـــقوى والعبـــودية لله ... طــــريقنا لنكــــون أمــــة واحدة
ويـــدل على هذا المعنـــى آيتان
ف بمقــــدار ما يحـــقق المســـلمون من توحــــــيد وعـــبودية لله وتقـــــــــوى يكونون أمـــــــــة واحـــــدة
(إنَّ هَذِهِ أُمَّتكُمْ أُمَّة وَاحِدَة وَأَنَا رَبّكُمْ فَاعْبُدُونِ ) الأنبياء
(وإنَّ هَذِهِ أُمَّتكُمْ أُمَّة وَاحِدَة وَأَنَا رَبّكُمْ فاتقون) المؤمنون
وقد تنوعت أساليب القرآن والسنة في الدلالة على وجوب الوحدة.. فتارة تأمر بالوحدة أمراِ صريحاً
كما في قول الله عز وجل:
(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ) آل عمران
حبل الله : هو الإسلام – كما قال بعض المفسرين – وقال آخرون : هو القرآن . وهذا يسميه المفسرون تفسير تنوع ، إذ المعنى واحد ، إذن نفهم من هذه الآية أن الاجتماع يجب أن يكون على كتاب الله ، وعلى سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهذا هو الذي جاء به النبي – صلى الله عليه وسلم – ودرج عليه الأئمة من بعده ، كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي – رضي الله عنهم أجمعين – .
فإذا اختلفنا فعلينا أن نرجع إلى كتاب الله – تعالى – وإلى سنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – وذلك عملا بقول الله – عز وجل –
﴿ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾
قال القرطبي رحمه الله: “فإن الله تعالى يأمر بالألفة وينهى عن الفرقة، فإن الفرقة هلكة، والجماعة نجاة”،
ورحم الله ابن المبارك حيث قال: إن الجماعة حبل الله فاعتصموا …منه بعروته الوثقى لمن دانا
وأخرج الطبري عن عبدالله بن مسعود قال:
(حبل الله الجماعة)
وعن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:
(لا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ))
كما أخرج الطبري عن ابن عباس في قول الله تعالى:
(وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)آل عمران 105
قال: في هذا ونحوه من القرآن أمرَ الله جل ثناؤه المؤمنين بالجماعة فنهاهم عن الاختلاف والفرقة وأخبرهم أنما هلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات في دين الله…
وعن زَكَرِيَّا بْنَ سَلَّامٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ قَالَ انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ وَهُوَ يَقُولُ:
أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ، أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ))
ثَلَاثَ مِرَارٍ، قَالَهَا إِسْحَاقُ وعن النعمان بن بشير عن رسول الله قال:
((الجماعة رحمة، والفرقة عذاب))
وعلى هـــذا فإن أهم خصائص هذه الأمة أنها أمة واحدة .
وفى سبيل تحقيق الوحدة الاسلامية
2ــ حارب الإسلام العصبيات محاربة شديدة
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(ومن قاتل تحت راية عمية؛ يغضب لعصبة، أو يدعو إلى عصبة، أو ينصر عصبة، فقتل؛ فقتلة جاهلية)،
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
(يا أيها الناس، ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى)، وقال عليه الصلاة والسلام:
(إن الله عز وجل قد أذهب عنكم عُبِّية الجاهلية، وفخرها بالآباء؛ مؤمن تقي، وفاجر شقي، أنتم بنو آدم، وآدم من تراب، ليدعن رجال فخرهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن).
بعض الأمثلة التاريخية لشعور الكيان الواحد
فعندما تشتت الكيان الإسلامي في الأندلس في القرن الخامس الهجري إلى ممالك عديدة، يتصارع أكثرها، ويستعين بعضها على بعض، ولا يستحيي بعض ملوكها من طلب العون من نصارى الأندلس القشتاليين على إخوانه في الدين.
فاغتنم العدو النصراني هذه الفرصة الذهبية، ووَسَّع أراضيَه على حساب ممتلكات المسلمين، وكاد أن يلتهم شِبْه الجزيرة الأندلسية بأَسْرها، وصار المسلمون في الأندلس في موقف عصيب جدًا، فاقترح بعض ملوك الطوائف الاستغاثة بدولة المرابطين التي كانت تحكم آنذاك المغرب الأقصى، ومساحة شاسعة من غرب القارة الإفريقية، وتقيم العدل، وتُعْلِي راية الجهاد في سبيل الله.
وقد سارع المرابطون إلى تلبية النداء، وجاء أميرهم يوسف بن تاشفين بنفسه على رأس الجيوش المرابطية المجاهدة، وأنزل بنصارى قشتالة هزيمة ساحقة في المعركة التاريخية الخالدة المعروفة بالزَّلَّاقة، وتَعَفَّف عن أخذ شيء من المَغانِم بعد المعركة.
وقد كان المسلمون السابقون غيارى للإسلام، قاموا لنجدة إخوانهم في جنح الليل، وفي حر الظهيرة، وقد دل على ذلك صراخ: وا معتصماه، فالعالم الإسلامي يحتاج إلى مثل هذا المستغيث الضعيف والمغيث العبقري العصامي، فأنّى لنا ذلك؟ ومن يعيد هذا التاريخ المشرق اليوم؟
قال معن بن زائدة:
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا *** وإذا افترقن تكسرت أفراداً
كونوا جميعـاً يا بني إذا اعترى ***خـطـــب ولا تــتــفرقوا آحاداً
3ــ وأعطانا الله كتاباً واحداً، وحفظه لنا، وضمن لنا حفظه
(قُرْآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)
الزمر: ،
(وَكَذَٰلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً) الرعد
ولذلك كانت اللغة العربية من سمات وحدة المسلمين؛ لأن الله أنزل كتابه بها
(وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ )فصلت
4ــ ثم لا بد من الاستبصار برأي أهل العلم والفقه والبصيرة:
(وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) النساء
وهكذا
(فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) النحل:
فلا بد من العودة إلى أهل العلم. ولا بد أن يسعى المصلحون في رأب الصدع، وتدارك الخلاف
5ــ ومن أسباب الاجتماع. أن نحافظ على صلاة الجماعة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان؛ فعليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب القاصية)، قال السائب:"يعني بالجماعة الجماعة في الصلاة"
6ــ ثم لا بد من البعد عن البغي والحسد والهوى؛
فإن كثيراً من الخلافات شخصية، شخصية! وليست عقدية شرعية، ومع ذلك تستقطب هؤلاء وهؤلاء، ويصبحوا فرَقاً متناحرة، وبعض الخلافات أسبابها دنيوية: (فوالله لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بُسطت على من كان قبلكم؛ فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم).
وأيضاً فلا بد من رفع لواء الأخوة، وبيان مكانة الأخوة، والمحافظة على الأخوة، وما يقوي الأخوة، والنأي عمَّا يجرح الأخوة، ويخدش الأخوة.
الأخوة لها آداب، الأخوة ثمرة لهذا الدين: (لا تؤمنوا حتى تحابوا).
""""""""""""""""""""""""""""
احمد رضوان
إمـــام وخطيب بالأوقــاف