نبذ الإسلام للعنف والعنصرية والكراهية للشيخ فوزي محمد ابوزيد




الحمد لله ربِّ العالمين، اختصَّنا جماعة المسلمين وملأ قلوبنا بخشيته وتقواه، وأنزل لنا قرآناً مبيناً فيه منهج إصلاح الدنيا كلِّها والسعادة يوم لقاء الله.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، يُحِبُّ عباده المؤمنين، ويفرح بقُربهم من حضرته في كل وقت وحين، ويُسَرُّ بهم إذا كانوا دائماً وأبداً إخوة متآلفين متحابين.
وأشهد أن سيدنا محمداً عَبْدُ الله ورسولُه، دليلُ السعداء، وإمامُ الصالحين والأتقياء، وبابُ النَّجاة من كلِّ هول في الدنيا، وسِرُّ السعادة يوم العرض والجزاء.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمد، وارزقنا جميعاً العمل بسنَّته، ووفقنا أفراداً وجماعات للعمل بشريعته، واسلك بنا طريقه المستقيم الذي يوصل إلى جنتك يا أكرم الأكرمين.
أيها الإخوة جماعة المؤمنين:
أنزل الله عزَّ وجلَّ في قرآنه الكريم ملامح المنهج الإلهي الذي ينبغي أن يسير على هديه كل مؤمن كريم، فإذا صار على هدى هذا المنهج الإلهي أصلح الله عزَّ وجلَّ حياته كلها في الدنيا، وكتب الله عزَّ وجلَّ له السعادة العظمى في الآخرة.
ولمَّا كان هذا المنهج يحتاج إلى دليل؛ فَصَّلَ الله عزَّ وجلَّ هذا المنهج في كتابه الكريم، وطبَّقه عملياً نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم.
فالمنهج برُمَّته نظرياً في كتاب الله، والمنهج في تطبيقاته العملية في أفعال وأحوال سيدنا رسول الله. هذا المنهج قال لنا أجمعين فيه الله جلَّ في علاه: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرا (21الأحزاب).
تعالوا معي نستعرض ملامح هذا المنهج؛ لعلنا نطبقه في حياتنا، فيُصلح الله جميع شئوننا، ونفوز بالسعادة يوم لقاء ربنا عزَّ وجلَّ.
جعل الله عزَّ وجلَّ لكلِّ مسلم ولكلِّ مؤمن أسوةً في الحبيب؛ في معاملته لأهله، وفي معاملته لمن حوله من المسلمين، وفي مَنْ يعاديه من الأعداء المحاربين، وجهَّزه الله عزَّ وجلَّ بأسلحة إلهية تستوجب النصر في كل هذه الميادين، أسلحة ربَّانية قرآنية لا تحتاج إلا إلى الاقتداء بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، والمشي على هداه.
أما بالنسبة لأهله صلى الله عليه وسلم؛ فكان يعاملهم بالمودة والرحمة: وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً (21الروم). يعامل المرأة إن كانت زوجة أو أماً أو أختا بالمودة والرحمة لا بالعنف والشدة والأولاد والخدم، وكان صلى الله عليه وسلم يعامل كل من بمنزله الشريف ؛ بمنطق هذه الآية القرآنية، بالمودَّة والرحمة.
وإلا: بالله عزَّ وجلَّ خبِّروني!! رَجُلٌ حُرٌّ التقطه بعض العرب وباعوه عبداً، وأهدته زوجه السيدة خديجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم هدية الزواج، ويبحث عنه أبوه وأعمامه وأخواته، وبعد جهد من البحث وجدوه في مكة عند مُحَمَّدٍ بن عَبَدِ الله وذلك قبل أن يُنزل الله عليه الوحي ويُكلَّف بالرسالة فذهبوا إلى حضرة النبيِّ وقالوا: يا محمد، إنك من معشر قوم يصلون الأرحام، ويُكرمون الضيوف، فهل لنا أن تأذن لنا أن نأخذ ولدنا زيد، ونعطيك ما تريد من الأموال؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (أو لا أدلُّكم على خير لكم من ذلك؟ قالوا: نعم، قال: أترككم معه بمفردكم واستشيروه، فإن رضي أن يذهب معكم تنازلتُ عنه لكم ولن آخذ في مقابل ذلك شيئاً).
فأخذ الأب والأعمام والإخوان يُرغِّبُون زيداً في أن يترك مكة ويذهب معهم إلى حيث القبيلة والعشيرة والأهل، وكلَّما يُرغبونه بأمر يجدونه مُصِرَّاً على أن لا يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومضى يوم وعجزوا عن إقناعه، وطلبوا من حضرته صلى الله عليه وسلم أن يُمد لهم المهلة، فقال: معكم ثلاثة أيام، وحاولوا معه الثلاثة أيام، ولكنه أصرَّ في الختام على أن يبقى رفيقاً للمصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام، فسألهم النبيُّ: ماذا ترون؟ قالوا: إنه لا يريد أن يتركك لحلاوة عشرتك، فقال صلى الله عليه وسلم: وما دام اختارني فلن أفرط فيه.
كان صلى الله عليه وسلم حلو العشرة مع زوجاته، ومع أولاده، ومع خادمه!!!
استمعوا إلى تقرير خادم خدم عند حضرته عشر سنوات، وكان صبيًّا صغيراً، عنده عشر سنين عندما تولى الخدمة، وهو سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه، يقول: {خَدَمْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سِنِينَ، فَمَا قَالَ لِي: أُفٍّ قَطُّ، وَلا قَالَ لِشَيْءٍ فَعَلْتُهُ: لِمَ فَعَلْتَ كَذَا، وَلا لِشَيْءٍ لَمْ أَفْعَلْهُ: أَلا فَعَلْتَ كَذَا} (البخاري ومسلم). هكذا كانت معاملة النَّبِيِّ التي يجمعها في حديثه الوفيّ: {خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي} (سنن الترمذي وابن ماجة)
أما فيما بينه وبين سائر المسلمين، فمشى على المنهج الذي وصفه ووضَّحه ربُّ العالمين: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ (159آل عمران).
اللين مع جميع المسلمين، مع الصغار ومع الكبار، مع النساء ومع الرجال، والمودَّة والرحمة، والمحبَّة والشفقة، والعطف والحنان. كان كأنه أبٌ للجميع، والجميع أولاده وأبناؤه، أبٌ للرجال، وأبٌ للنساء، وأبٌ للصغار، وأبٌ للكبار، يشكون إليه مواجِعهم فيجدون التخفيفَ من حضرته، وكشفَ البلاء من الله عزَّ وجلَّ استجابة لدعوته. لا يسمعون منه إلاَّ إلى قول كريم، أو نُصح حكيم، ولا يرون منه إلا العمل السديد، أو الهدى الرشيد.
لم يكونوا يرون بأعينهم إلا ما تُسَرُّ به العين، ولا يسمعون إلا ما تُسَرُّ به الأذن، ولا يرون ظاهراً أو باطناً من حركاته إلا ويتمنون أن يستضيئوا بِمِشْكَاتِه، وأن يمشوا على حالاته، وأن يقتدوا بهيئاته؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان النموذج الأكمل الأتم في مكارم الأخلاق، وفي مجامع الخصال الطيِّبة في تعامل الخلق مع بعضهم!!
هذه يا أمة النَّبِيِّ معاملةُ النَّبِيِّ للمؤمنين والمسلمين من بني قومه، فأين نحن من ذلك؟!!
حتى مع الأعداء؛ ماذا كان برنامجه؟ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199الأعراف). إن السيوف لا تفتح القلوب، إن السيوف قد تفتح المدن، ولكنها لا تشق القلوب ولا تفتح الضمائر، لكن السيف الذي يفتح القلوب ويهزُّ الضمائر: العفو والصفح، والرأفة والرحمة، حتى بالكافرين!! وأنتم تعلمون في هذا الباب وقائع لا تُعَدُّ ولا تُحَدُّ رُوِيَتْ عن سيِّد الأولين وإمام الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم.
يكفيه أنه - كما تعلمون - ماذا فعل معه وبه وبصحبه أَهْلُ مكة؟ وبعد أن فتح الله عزَّ وجلَّ عليه مكة ودخل البيت الحرام، وصعد إلى الكعبة المشرفة، ووقف على بابها، وتجمَّع حوله حوالي ثلاثة آلاف رجل من المعاندين والمكابرين والمشركين الذين آذوه أشدَّ الإيذاء، قال لهم: يا معشر قريش، ما تظنون أنِّي فاعلٌ بكم؟ قالوا: خيراً، أخٌ كريم وابنُ أخٍ كريم، فقال صلى الله عليه وسلم: { اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ }(تاريخ الطبري). وفي رواية: {فَإِنِّي أَقُولُ كَمَا قَالَ أَخِي يُوسُفُ: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} (سنن النسائي)، فدخلوا جميعاً في دين الله عزَّ وجلَّ أفواجاً، لم يتخلف منهم رجل واحد!!
لم يُدْخِلْ رجلاً منهم في سجن، ولم يُصدر قراراً لرجل منهم بتعذيب بأي آلة من آلات التعذيب؛ لأنه كان رأفة ورحمة بالخلق أجمعين، وكان يُشفق حتى على تعذيب الحيوانات والحشرات والطيور ممن يسعى إلى ذلك من الموحدين.
العفو والصفح كان شعاره في فتح هذه القلوب، وملؤها بحقيقة الإيمان، وخالص الحُبِّ لحضرة علاَّم الغيوب عزَّ وجلَّ، هذا كان هَدْىُ النَّبِيِّ باختصار شديد.
لكن حسبنا جماعة المؤمنين - والمؤمن يكفيه قليل الحكمة - أن نقف على ما عرفناه، ونحاول أن نقوم بذلك عاملين مقتدين بحبيب الله ومصطفاه، تكون حياتنا في بيوتنا كأننا في الجنة، وتكون مجتمعاتنا كأنه مجتمعات الآخرة، ويكون حالنا في الدنيا كلها كقول ربُّ العزَّة عزَّ وجلَّ: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (97النحل).
قال صلى الله عليه وسلم: {إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ} (سنن الدارمي والحاكم)،
أو كما قال: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.
الخطبة الثانية:
الحمد لله ربِّ العالمين، الذي تفضَّل علينا بخيره وبرِّه وجعلنا من عباده المسلمين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يُحِبُّ من خلقه من كان على خُلُقه.
وأشهد أن سيِّدنا محمداً عَبْدُ الله وصفيُّه، وإمامُه من خلقه وخليلُه، سِرُّ السعادتين، ونبيُّ الأمة، وكاشف كلِّ مُلِمَّة، والشفيع الأعظم لجميع الأنام يوم العرض والحساب.
اللهم صل وسلم وبارك على سيِّدنا محمد ويَسِّرْ لنا العمل بشريعته، وهيِّئ لنا الأسباب للاقتداء بسنَّته، ووفِّقنا أجمعين للتخلُّق بأخلاق حضرته،
آمين آمين يا ربَّ العالمين.
أيها الإخوة جماعة المؤمنين:
ما أحوجنا جماعة المؤمنين في كل بقاع مصر وكل بقاع الأرض الآن؛ إلى الرجوع إلى هَدْي النَّبِيِّ في التعامل مع أهل بيته، ومع جيرانه، ومع المؤمنين، وحتى مع الكافرين، فهو الهَديُ الذي يحبُّه الله ويرضاه، ومن مشى عليه كان محبوباً لله، وخرج من الدنيا داخلاً في قول الله: رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ (8البينة).
أحيا الله عزَّ وجلَّ بكم يا أهل الإسلام القيم الإلهية، التي أوشكت على الاندثار في عصرنا، قيمة الصدق لأمة الصدق التي يقول فيها الله في كتاب الصدق: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ (119التوبة) أين الصادقين الآن من أمة حضرة النبي؟! مع أنهم يقرؤون ويسمعون قول رب العالمين: فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61آل عمران) لكنهم لا يرجعون، ولا يتراجعون، ولا حتى يندمون، ولا يعتقدون أن ذلك وزراً أو ذنباً سيحاسبهم عليه الله عزَّ وجلَّ يوم لقياه.
أمة الأمانة التي قرنها حضرة النبي بالإيمان، وقال: {لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ} (مسند أحمد وابن حبان). أين أهل الأمانة الآن؟! والخيانة دبت وتشعبت جذورها في كل مكان، وهذا لا ينبغي أن يكون أبداً في أمة الإسلام والمنتسبين لخير الأنام، إنهم أمناء حتى مع الأعداء، وما نُشر دينهم في ربوع آسيا وأفريقيا إلا بالأمانة التي أدهشت هؤلاء الأقوام، حتى الفقراء منهم الذين لا يكادون يملئون بطونهم من شدة الجوع إلا أنهم كانوا لا يتخلون عن الأمانة طرفة عين ولا أقل.
أمة المروءة، أمة الوفاء، أمة حسن العهد، أمة احترام الصغير للكبير، وعطف الكبير على الصغير، أمة تبجيل الشيوخ والمسنين، امة المحافظة على أعراض نساءهم ونساء إخوانهم المسلمين أجمعين، أمة القيم الإلهية التي إذا اندثرت في أمة حاط بها عذاب الله، وتعرضت لسخط الله وغضب الله، وظهرت فيها الأوبئة التي لم تكن ظاهرة فيما قبلهم من الأقوام، واسمعوا إلى النبي وهو يقول: { لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ إِلا ظَهَرَ فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلافِهِمْ } (سنن ابن ماجة والحاكم)
الذي يحفظنا أفراد وجماعات، أسر ومجتمعات؛ القيم المحمدية، والقيم القرآنية، والقيم الإلهية التي أوصانا بها رب البرية عزَّ وجلَّ.
والقيم ليس لها جند يحرسونها، ولا مخبرين يُبلغون عن من تركها، ولا إدارة في الحكومة تبحث عن أهلها، لأن جميع المسلمين صغاراً وكباراً ورجالاً ونساءً جُند يحافظون على قيم الإسلام، حرصاً على سلامة المجتمع....
انظر معي إلى ما حدث في عهد عمر رضي الله عنه: قتل رجل رجلاً واعترف بالقتل - والاعتراف سيد الأدلة - وجمع عمر الناس في ميدان عام لتنفيذ العقوبة - من قتل يُقتل - وإذا بالرجل يقول: يا أمير المؤمنين إن لي صبية صغاراً وليس لهم عائل غيري، ولي وديعة تركتها في مكان لا يعلمه أحد غيري، فأنظرني حتى أذهب إليهم وأدلّهم على الوديعة، ثم أرجع إليك لتنفيذ حد القتل فيَّ. فقال له عمر: ومَن يضمنك؟ فتفرس الرجل في وجوه القوم، ولم يكن يعرف منهم أحداً، ثم جاء إلى أبي ذر وقال: هذا يضمنني. فقال عمر رضي الله عنه لأبي ذر: أتضمنه؟ قال: نعم. قال: على أنه إذا لم يَعُدْ تُقتل مكانه؟ قال: على أنه إذا لم يَعُدْ أُقتل مكانه. ثم قال للرجل: كم يكفيك من المهلة؟ قال: ثلاثة أيام، قال: فاذهب، وأجَّل تنفيذ الحكم لمدة ثلاثة أيام.
وفي اليوم الثالث، وبعد صلاة العصر تجمَّع الخَلْقُ، واشفقوا على أبي ذر لأن الرجل لم يحضر، وبينما هم كذلك إذا برجل ينظر في الآفاق فقال: إني أجرى أسودةً قادماً – أى: تراباً مثاراً - انتظروا حتى يأتي هذا الرجل، فإذا به هذا الرجل الذي قَتَلَ وحُكِمَ عليه بالقتل!! فقال له عمر أمام الجميع: لِمَ رجعت بعدما نفذت من القتل؟ قال: حتى لا يضيع الوفاء بين الناس!! فقال عمر لأبي ذر: هل كُنْتَ تعرفه؟ قال: لا، قال: ولِمَ ضَمِنْتَهُ ولم تكن تعرفه؟! قال: حتى لا تضيع المروءة بين الناس!! فقال أهل القتيل: عفونا عنه لا يضيع العفو بين الناس!!
كانوا جميعاً رجلاً واحداً في المحافظة على القيم الإلهية، والأخلاق القرآنية، لأنهم يعلمون أنها وحدها التي تحقق الأمن والأمان للمجتمع، والسلامة للأفراد، والحفظ والصيانة للنساء والبنات!! هي التي تجعل المجتمع مجتمعاً تقيًّا نقيًّا، ليس فيه شقيًّا ولا فاجراً ولا بلطجيًّا ولا محروماً.
فلما تهاونت مجتمعاتنا في هذه القيم، وظنُّوا أن أمر الإسلام قاصرٌ على العبادات - من صلاة، وصيام، وزكاة، وحجّ - حدث ما لا يُحمد عُقباه، وهذا ما نراه ونتجرعه الآن يا جماعة المؤمنين.

فهيا بنا جميعاً نرجع إلى القيم الإسلامية، ونربِّي عليها أولادنا وصغارنا، ونذكِّر بها كبارنا وشيوخنا، وننصحُ بها كل مَنْ حولنا من إخواننا وغير إخواننا، فهي الأداة الوحيدة للرجوع إلى الطمأنينة والأمن إلى هذا المجتمع، وتصحيح الأحوال، ونزول الخيرات من السماء، وخروج البركات من الأرض. كلُّ ذلك لن يحدث ولا يحدث إلا إذا غيَّرنا ما بأنفسنا - من أخلاق لا تُرضي الكريم الخلاق - وتخلقنا بالأخلاق التي تخلَّق بها نبيُّنا الكريم، وكان عليها سلفنا الصالح. ...... ثم الدعاء
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات