فضل كفالة اليتيم للشيخ أحمد محمد أبو اسلام
عناصر الخطبة
1)معنى اليتيم
2) اليتم تاج لكل يتيم لأنه من صفات سيدنا النبي الأمين
3)فأما اليتيم فلا تقهر
4) ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن
5)فوائد كفالة اليتيم
الخطبة الأولى
=======
الحمد لله الخبير فلا تخفى عليه خافية يعلم ما توسوس به نفس المرء وما ينطق به سراً أو علانية. أحمده سبحانه أمرنا بحفظ ألسنتنا عن قول الزور والفحشاء وأسأله التوفيق لقول الحق في السراء والضراء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا مُحمداً عبده ورسوله بشر الصادقين بجناتٍ تجري من تحتها الأنهار. وآذن الكاذبين بسوء العاقبة والنار والدمار. صلى الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أهل الصدق في الأقوال والأفعال والبُعد عن الزيغ والضلال وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
معني اليتيم :
========
اليتيم لغة:
======
اليتيم في اللّغة اسم على وزن فعيل مأخوذ من قولهم: يتم الصّبيّ ييتم يتما ويتما، قال الجوهريّ: اليتيم في النّاس من قبل الأب، وفي البهائم من قبل الأمّ
اليتم تاج لكل يتيم لأنه من صفات سيدنا النبي الأمين
===========================
اليتم تاج وفخر لكل يتيم لأن رسول الله كان يتيماً لذالك لا بد أن يشعر اليتيم بالفخر من أجل ذالك ولسان حاله يقول :
أنا يتيمٌ ولكني عـلى ثقــةٍ = بما قضـاهُ إلهي بارئُ النَّـسَــمِ
فكم يتيمٍ حباهُ الله أنعُــمهُ = فصـار في الناس سبَّـاقاً إلى القِـممِ
لو لم يكن ليَ في الدنيا سوى مثلٍ = أعلى , وذاق الذي قد ذقتُ من ألمِ
ذاك الأمينُ الذي ذاعت فضائلهُ = ولا نظير لهُ في البأسِ والكرمِ
صَـلى عليه الذي زكى شمائلهُ = ما أنفذَ اللهُ ما قد خُـطَّ بالقــلمِ
أيها الأحبة ..الله عز وجل يذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بنعمه عليه فقال:[ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى (6)][الضحى آية6]
عَدَّدَ سُبْحَانَهُ مِنَنَهُ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً لَا أَبَ لَكَ، قَدْ مَاتَ أَبُوكَ. فَآوى أَيْ جَعَلَ لَكَ مَأْوَى تَأْوِي إِلَيْهِ عِنْدَ عَمِّكَ أَبِي طَالِبٍ، فَكَفَّلَكَ. وَقِيلَ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ: لِمَ أُوتِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَبَوَيْهِ؟ فَقَالَ: لِئَلَّا يَكُونَ لِمَخْلُوقٍ عَلَيْهِ حَقٌّ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ: هُوَ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ: دُرَّةٌ يَتِيمَةٌ، إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مِثْلٌ. فَمَجَازُ الْآيَةِ: أَلَمْ يَجِدْكَ وَاحِدًا فِي شَرَفِكِ لَا نَظِيرَ لَكَ، فَآوَاكَ اللَّهُ بِأَصْحَابٍ يَحْفَظُونَكَ وَيَحُوطُونَكَ [تفسير القرطبي (20 / 96):]فلما ذكر الله عز وجل النبي صلى الله عليه وسلم بيتمه وذكره بنعمة الله وأن الله آواه أمره الله عز وجل بأن لا يقهر اليتيم
فأما اليتيم فلا تقهر
==========
فقال عز وجل لنبينا صلى الله : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) أَيْ لَا تُسَلَّطْ عَلَيْهِ بِالظُّلْمِ، ادْفَعْ إليه حقه، واذكر يتمك ,وَخَصَّ الله عز وجل الْيَتِيمَ لِأَنَّهُ لَا نَاصِرَ لَهُ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى، فَغَلَّظَ فِي أَمْرِهِ، بِتَغْلِيظِ الْعُقُوبَةِ عَلَى ظَالِمِهِ وَدَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى اللُّطْفِ بِالْيَتِيمِ، وَبِرِّهِ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ، حَتَّى قَالَ قَتَادَةُ: كُنْ لِلْيَتِيمِ كَالْأَبِ الرَّحِيمِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا شَكَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسْوَةَ قَلْبِهِ، فَقَالَ: (إِنْ أَرَدْتُ أَنْ يَلِينَ، فَامْسَحْ رَأْسَ الْيَتِيمِ، وَأَطْعِمِ الْمِسْكِينَ). وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أَنَا وكافل اليتيم له أو لغيره كهاتين). وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى. وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ الْيَتِيمَ إِذَا بَكَى اهْتَزَّ لِبُكَائِهِ عَرْشُ الرَّحْمَنِ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِمَلَائِكَتِهِ: يَا مَلَائِكَتِي، مَنْ ذَا الَّذِي أَبْكَى هَذَا الْيَتِيمَ الَّذِي غَيَّبْتُ أَبَاهُ فِي التُّرَابِ، فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ رَبَّنَا أَنْتَ أَعْلَمُ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِمَلَائِكَتِهِ: يَا مَلَائِكَتِي، اشْهَدُوا أَنَّ مَنْ أَسْكَتَهُ وَأَرْضَاهُ؟ أَنْ أَرْضِيَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (. فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا رَأَى يَتِيمًا مَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَأَعْطَاهُ شَيْئًا. وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [مَنْ ضَمَّ يَتِيمًا فَكَانَ في نفقته، وكفاه مئونته، كَانَ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَسَحَ بِرَأْسِ يَتِيمٍ كَانَ لَهُ بِكُلِّ شعرة حسنة .[ تفسير القرطبي (20 /100 :101):]
بل إن ثواب كفالة اليتيم أعظم من ذالك وهو دخول الجنة ,فقد ورد في سنن الترمذي في الحديث الصحيح عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ»، وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ يَعْنِي: السَّبَّابَةَ وَالوُسْطَى،: [هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ]
كان النبي صلى الله عليه وسلم يسعى لمصلحة اليتيم
=====================
لذالك كان النبي صلى الله عليه وسلم يسعى لمصلحة اليتيم يرعى شئونه ويهتم به فقد ورد في مصنف عبد الرزاق عن كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: أَوَّلُ أَمْرٍ عُتِبَ عَلَى أَبِي لُبَابَةَ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَتِيمٍ عِذْقٌ، فَاخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَضَى بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي لُبَابَةَ فَبَكَى الْيَتِيمُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْهُ لَهُ» فَأَبَى قَالَ: فَأَعْطِهِ إِيَّاهُ وَلَكَ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ، فَأَبَى فَانْطَلَقَ ابْنُ الدَّحْدَاحَةِ فَقَالَ لِأَبِي لُبَابَةَ: بِعْنِي هَذَا الْعِذْقَ بِحَدِيقَتَيْنِ قَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ أَعْطَيْتُ هَذَا الْيَتِيمَ هَذَا الْعِذْقَ أَلِي مِثْلُهُ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ قَالَ: فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كَمْ مِنْ عِذْقٍ مُدْلِكٍ لِابْنِ الدَّحْدَاحَةِ فِي الْجَنَّةِ»
أرأيتم كم كان رفق المصطفى صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم وكيف كان يرعى الأيتام ويهتم بشئونهم ويحفز ويشجع من يقوم بذالك العمل العظيم ويبشره بالأجر الجزيل من رب العالمين
الخطبة الثانية
========
الحمد لله الخبير فلا تخفى عليه خافية يعلم ما توسوس به نفس المرء وما ينطق به سراً أو علانية. أحمده سبحانه أمرنا بحفظ ألسنتنا عن قول الزور والفحشاء وأسأله التوفيق لقول الحق في السراء والضراء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا مُحمداً عبده ورسوله بشر الصادقين بجناتٍ تجري من تحتها الأنهار. وآذن الكاذبين بسوء العاقبة والنار والدمار. صلى الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أهل الصدق في الأقوال والأفعال والبُعد عن الزيغ والضلال وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أحبتي في الله
هاهي قصة واقعية تحفزك وتشجعك لترعى الأيتام وتهنم بشئونهم
قصة عجيبة .. ورؤيا مؤثرة جداً
==================
حبيبي في الله :
هذه حكاية تجعل الأفئدة تطير شوقا إلى ما هناك في جنات عدن
إلى جنة عرضها السماوات والأرض..
يقول رجل من أهل العلم وأحد خطباء المساجد :
أيها الاخوة الأحبة في الله
مواقف لا أنساها أبداً
الموقف هو :أنني كنت مرة مع أخٍ في الله فجعلنا نتذاكر الأيتام .. وحال الأيتام .. وضرورة مراعاة حال الأيتام
فإذا به يقول أنا أقص قصة اليوم .. ما ذكرتها في حياتي قط !! .. ولكنني لا أعلم أني أراني منساقاً إلى أن أذكرها !!
فتشوقت إلى ذكر كلامه فشجعته وعززته عسى أن يقول كلامه
فقال فيما قال :
كنت ليلة .. هي اخر يوم من أيام رمضان .. فأفطرنا .. وكنا ننتظر إما أن يكون هلال العيد أو أن لا يكون
فأعلن عن هلال العيد ذلك اليوم
وكان وقت صلاة العشاء فإذا بامرأة تتصل بي وتقول يا شيخ يا فلان إنني أنا أم لخمسة أطفال أيتام أنا أقسم بالله والليلة ليلة عيد مافي بيتنا طعام لهذه الليلة ، أنا أقسم بالله مافي بيتنا أي شيء
يقول فتنغصت عليَّ الحياة .. وتنكدت .. ولم أجد جواباً .. ولم أدري ما أفعل
وكانت كثير من الشواغل من حولي ذلك اليوم ,ولكنني آليت علي نفسي أن أترك كل شيء وأن أمضي إلى تلك المرأة
قال أخذت عنوانها فأخذت امرأتي ثم مضينا إلى ذلك البيت
دخلت بيت تلك المرأة .. فجعلت أسألها وجعلت تجيبني .. فإذا بيتهم لا شيء فيه أبداً ، لم تشتر ملابس لأبنائها ، لا يوجد لحم في ثلاجتها ، لا طعام ولا خضار ولا فواكه عندها !
فتكسّر قلبي وأقسمت بالله العلي العظيم وقلت أقسم بالله لن أعود إلى بيتي وإلى أبنائي حتى أطمئن أن أبنائك عندهم ما عند أبنائي تماماً
يقول خرجت وتركت زوجتي عندها .. فذهبت أول ما ذهبت إلى بائع اللحم فأتى لهم بكمية كبيرة من اللحم
ثم أتيت صاحب الخضروات فاشتريت الخضروات والفواكه
ثم أتيت محل للملابس فاشتريت ملابسا وتبرع صاحب المحل من عنده
ثم أتيت البيت ، فلما أن أتيت البيت قالت: ما كل هذا ؟! هذا كله سيتلف ، فثلاجتنا اخر عهدي بها عندما كانت تعمل قبل سنوات طويلة
فقلت لها أنا أقسمت بالله أن يفرح أبنائك الليلة كما يفرح أبنائي
فخرجت من بيتها فاتصلت بصاحب محلات كهربائية أعرفه رجل فاضل
اتصلت به فقلت الحال تيك وتيك .. فقال لي لئن اتصلت بي ليس في ليلة عيد والله لو اتصلت بي في وقت صلاة العيد لأتركنَّ صلاة العيد وأفتح لك ذلك المحل
فأتيت معه ، فأخرج ثلاجة من بيته ،ثم اتصل بصاحب السيارة فنقل لها الثلاجة ,فقلت الآن تدخلين اللحم والخضار والفواكه إلى الثلاجة وأعدّي لنا كوباً من الشاي
قال فبكت وقالت :أنا أعتذر كل الإعتذار يمكنني أن آتي لكم من عند جيراننا فقد كان اخر عهد بالغاز كان قبل أكثر من أشهر عندما كنت أستدين مرة بعد أخرى فلا مكان للغاز عندي
فدمعت عيناي وقلت والله لنشربن الشاي الليلة ولا أعود إلى بيتي حتى أشرب الشاي ففعل مع صاحب الغاز ما فعل مع صاحب الثلاجة فجاء لها بالغاز, فقلت الآن أعدي الشاي ,فجاء الأطفال إليّ يرقصون ويقفزون عليَّ ويقبلونني من الفرح قال فشربت كأس الشاي وأنا على يقين أني شربتها مع دمعةٍ من الفرح
يقول فما أن عدت إلى بيتي وإذا الساعه الثانية .. وإذا أبناؤنا قد ناموا .. فقلت ( يا رب ان كنت قد قصرت فيهم فلأجل اخرين
يقول فوالله ما نمت إلا قبل صلاة الفجر بقريب من ساعة فقط
قال فبينما أنا في منامي وإذا أنا أسير في طريق فيه ما لا عين رأت أبداً ولا خطر على قلب بشر.. فأردت أن أقطف .. فقالوا لي [ لا لا هذا ليس لك هذا ، هذا ليس لك هذا لعوام الناس أما أنت فطعامك هناك ] فأشاروا لي إلى السماء .. فجعلت أنظر إلى السماء فإذا فواكه متدلية ما رأيت مثلها أبداً .. فقلت كيف أصل إليها .. مشيراً بيدي .. فإذا هي قد تنزلت عند يدي فأكلت منها قطعة فما إن ذقتها حتى استفقت من حلاوة طعمها.. فاستفقت لأحدث زوجتي .. فإذا زوجتي تقول لي (ما أطيب رائحة فمك ماشممت كرائحتها من قبل قط.
وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
======================
ولقد أكد القرآن الكريم على حقيقة الإحسان إلى اليتيم , وعدم الاعتداء على ماله ,فقد قال الله تعالى:[وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّه.....][سورة الأنعام 152]
في هذه الآية ينهانا ربنا عز وجل أن نقترب من مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن فمن أكرم اليتيم وكان رحيماً به كان هذا اليتيم شفيعاً له يوم القيامة ,فقد حُكيَ عَن بعض السلف قَالَ كنت فِي بداية أَمْرِي مكباً على الْمعاصِي وَشرب الْخمر فظفرت يَوْمًا بصبي يَتِيم فَقير فَأَخَذته وأحسنت أليه وَأَطْعَمته وَكسوته وأدخلته الْحمام وأزلت شعثه وأكرمته كَمَا يكرم الرجل وَلَده بل أَكثر فَبت لَيْلَة بعد ذَلِك فَرَأَيْت فِي النوم أَن الْقِيَامَة قَامَت ودعيت إِلَى الْحساب وَأمر بِي إِلَى النَّار لسوء مَا كنت عَلَيْهِ من الْمعاصِي فسحبتني الزَّبَانِيَة ليمضوا بِي إِلَى النَّار وَأَنا بَين أَيْديهم حقير ذليل يجروني سحباً إِلَى النَّار وَإِذا بذلك الْيَتِيم قد اعترضني بِالطَّرِيقِ وَقَالَ خلوا عَنهُ يَا مَلَائِكَة رَبِّي حَتَّى أشفع لَهُ إِلَى رَبِّي فَإِنَّهُ قد أحسن إِلَيّ وأكرمني فَقَالَت الْمَلَائِكَة إِنَّا لم نؤمر بذلك وَإِذا النداء من قبل الله تَعَالَى يَقُول خلوا عَنهُ فقد وهبت لَهُ مَا كَانَ مِنْهُ بشفاعة الْيَتِيم وإحسانه إِلَيْهِ قَالَ فَاسْتَيْقَظت وتبت إِلَى الله عز وَجل وبذلت جهدي فِي إِيصَال الرَّحْمَة إِلَى الْأَيْتَام وَلِهَذَا قَالَ أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ خَادِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خير الْبيُوت بَيت فِيهِ يَتِيم يحسن إِلَيْهِ وَشر الْبيُوت بَيت فِيهِ يَتِيم يساء إِلَيْهِ وَأحب عباد الله إِلَى الله تَعَالَى من اصْطنع صنعاً إِلَى يَتِيم أَو أرملة وَرُوِيَ إِن الله تَعَالَى أوحى إِلَى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام يَا دَاوُد كن للْيَتِيم كَالْأَبِ الرَّحِيم وَكن للأرملة كالزوج الشفيق وَاعْلَم كَمَا تزرع كَذَا تحصد مَعْنَاهُ أَنَّك كَمَا تفعل كَذَلِك يفعل مَعَك أَي لَا بُد أَن تَمُوت وَيبقى لَك ولد يَتِيم أَو امْرَأَة أرملة وَقَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فِي مناجاته إلهي مَا جَزَاء من أسْند الْيَتِيم والأرملة ابْتِغَاء وَجهك قَالَ جَزَاؤُهُ أَن أظلهُ فِي ظِلِّي يَوْم لَا ظل إِلَّا ظِلِّي مَعْنَاهُ ظل عَرْشِي يَوْم الْقِيَامَة.[ الكبائر للذهبي ]
أيتام غيروا مجرى التاريخ
============
الإمام الشافعي :
========
فقد ورد عن أبي بكر بن إدريس وراق الحميدي، عن الشافعي، رضي الله عنه، قال: كنت يتيما في حجر أمي ولم يكن معها ما تعطي المعلم، وكان المعلم قد رضي من أمي أن أخلفه إذا قام، فلما ختمت القرآن دخلت المسجد، وكنت أجالس العلماء فأحفظ الحديث، أو المسألة، وكان منزلنا بمكة في شعب الخيف فكنت أنظر إلى العظم فأكتب فيه الحديث، أو المسألة، وكانت لنا جرة عظيمة إذا امتلأ العظم طرحته في الجرة[طبقات الشافعيين ]
ولو تتبعنا حياة العظماء والقادة والعلماء، لوجدنا أن اليتامى كانوا في مقدمتهم، وأذكر لكم نماذج من هؤلاء الذين كانت لهم القيادة والزعامة في العلم والدعوة والأخلاق.
من هؤلاء: الصحابي الجليل أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
عبدالرحمن بن صخر الدَّوْسي، كان أكثر الصحابة حفظًا للحديث ونقلًا له.
نشأ يتيمًا، وقدم المدينة فأسلم، ولزم صحبة النبي صلى الله عليه وسلم، فروى عنه 5374 حديثًا، نقلها عنه أكثر من 800 رجل بين صحابي وتابعي، كان أكثرَ مقامه في المدينة، وتوفي فيها
الإمام أحمد بن حنبل
============.
كان يتيمًا، توفي أبوه وعمره ثلاث سنوات، فمن الذي اعتنى به؟ إنها أمه، فقد حفظ القرآن وعمره عشر سنين.
هذا الإمام اليتيم أعز الله به الأمة حين وقعت المحنة، فكان عظيمًا.
قال المرُّوذي: قال لي أبو سِراج بن خُزيمة: كنا مع أبي عبدالله في الكتَّاب، فكان النساء يبعثن إلى المعلم: ابعث إلينا بابن حنبل ليكتب جوابَ كتبهم، فكان إذا دخل إليهن لا يرفع رأسه ينظر إليهن.
قال أبو سراج: فقال أبي - وذكره - فجعَل يعجَبُ مِن أدبه، وحُسن طريقته.
فقال لنا ذات يوم: أنا أُنفق على أولادي وأجيئُهم بالمؤدِّبين على أن يتأَدبوا فما أراهم يُفلِحون، وهذا أحمد بن حنبل غلام يتيم، انظر كيف يخرج! وجعل يعجَب[موقع الألوكة ]
من خلال ما سبق
===========
فقد عرفنا الأجر الجزيل لكافل اليتيم والعقوبة لمن أكل مال اليتيم أو تعامل معه بقسوة لذالك لا بد وأن يكون عندك رفق باليتيم .
من فوائد (كفالة اليتيم)
=============
(1) صحبة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم في الجنّة، وكفى بذلك شرفا وفخرا.
(2) كفالة اليتيم صدقة يضاعف لها الأجر إن كانت على الأقرباء (أجر الصّدقة وأجر القرابة) .
(3) كفالة اليتيم والإنفاق عليه دليل طبع سليم وفطرة نقيّة.
(4) كفالة اليتيم والمسح على رأسه وتطييب خاطره يرقّق القلب ويزيل عنه القسوة.
(5) كفالة اليتيم تعود على الكافل بالخير العميم في الدّنيا فضلا عن الآخرة.
(6) كفالة اليتيم تساهم في بناء مجتمع سليم خال من الحقد والكراهيّة، وتسوده روح المحبّة والودّ.
(7) في إكرام اليتيم والقيام بأمره إكرام لمن شارك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في صفة اليتم، وفي هذا دليل على محبّته صلّى الله عليه وسلّم.
(8) كفالة اليتيم تزكي المال وتطهّره وتجعله نعم الصّاحب للمسلم.
(9) كفالة اليتيم من الأخلاق الحميدة الّتي أقرّها الإسلام وامتدح أهلها .
(10) كفالة اليتيم دليل على صلاح المرأة إذا مات زوجها فعالت أولادها وخيريّتها في الدّنيا وفوزها بالجنّة ومصاحبة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم في الآخرة.
(11) في كفالة اليتيم بركة تحلّ على الكافل وتزيد من رزقه[نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم (8 / 3264):]
الدعاء
أقم الصلاة