الإيجابية من منظور إسلامي للشيخ السيد مراد سلامة
الخطبة الأولى
أما بعد:
كل عام أنتم بخير وجعل الله عامكم هذا خير من عامكم المنصرم وعمره الله تعالى بالطاعات والقربات والنصر في جميع المجالات
حديثنا في هذا اليوم الأغر عن [الإيجابية من منظور إسلامي] فحي هلا عباد الله لنتعرف على معنى الإيجابية وعن الإيجابية في القران الكريم والسنة المطهر.
فيا شباب الحق أيها الباحثون عن السر التقدم والرقي:
العنصر الأول: تعريف الإيجابية
الإيجابية والسلبية كلمتان شاع استعمالهما في الفترة الأخيرة استعمالاً كثيراً على كافة المستويات فما معناهما؟
الإيجابية حالةٌ في النفس تجعل صاحبها مهمومًا بأمر ما، ويرى أنه مسئول عنه تجاه الآخرين، ولا يألو جهدًا في العمل له والسعي من أجله.
والإيجابية تحمل معاني التجاوب، والتفاعل، والعطاء، والشخص الإيجابي: هو الفرد، الحي، المتحرك، المتفاعل مع الوسط الذي يعيش فيه، والسلبية: تحمل معاني التقوقع، والانزواء، والبلادة، والانغلاق، والكسل.
والشخص السلبي: هو الفرد البليد، الذي يدور حول نفسه، لا تتجاوز اهتماماته أرنبة أنفه، ولا يمد يده إلى الآخرين، ولا يخطو إلى الأمام.
والمجتمع السلبي الذي يعيش فيه كل فرد لنفسه على حساب الآخرين مجتمع زائل لا محالة، كما أن المجتمع الإيجابي مجتمع راقٍ عالٍ لا شك.
الفرق بين السلبي والإيجابي:
إنه الفرق بين الليل والنهار.. الجماد والكائن الحي.. الفرق بين الوجود والعدم. والدليل على هذا قوله تعالى ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَم لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [النحل:76] لقد سمى الله السلبي في هذه الآية " كّلاً" والإيجابي بـ " يأمر بالعدل".. "كلّ" أصعب من سلبي. لأن سلبي معناها غير فعال أما كلّ فمعناها الثقيل الكسول وقبل هذا فهو "أبكم" لا يتكلم ولا يرتفع له صوت.
مِن هنا نُعرِّف الرجل الإيجابيَّ بأنه رجل لا يهدأ له بال، ولا تَنطفِئ له جَذوة، ولا يكلُّ ولا يملُّ؛ حتى يُحقِّق هدفه الذي يَسعى إليه وغايتَه المنشودة.
قال الشاعر:
أحزانُ قَلبي لا تَزولْ
حتَّى أُبشَّر بالقَبولْ
وأرى كتابي باليمينْ
وتقرَّ عَيْني بالرَّسولْ
العنصر الثاني: القرآن يدعو إلى الإيجابية وينهى عن السلبية:
أمة الإسلام القرآن الكريم جاء ليغرس الفضائل في نفوس المؤمنين ويشحذ الهمم إلى معالي الأمور وينهى عن السلبية وعن سفاسف الأمور ومن أوضح المظاهر ظاهرة الإيجابية وإليكم أيها الأحباب أحباب رسول الله بعض تلك المظاهر
• إيجابية التعاون على البر والتقوى: قال تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ ﴾ [المائدة: 2].
فهو يدعو إلى أن يكون المجتمع مجتمع مثالي يتعاون الجميع في رقية والنهوض به ولا يكون ذلك إلا بالبر والتقوى.
• إيجابية التفاعل الاجتماعي وأن يكون المسلم عضوا فعالا في بيئته فهو يتحسس الفقراء والمساكين ويحنو على اليتامى والأرامل.
وهو يصلح بين أفراد المجتمع ويزيل الشحناء والبغضاء.
وهو يجود بماله ووقته من اجل ان يعيش غيره في سعادة وهناء.
قال تعالى: ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 114].
والصلح وفقاً للمدرسة الإسلامية في التربية، يعد خيرا يقول تعالى: ﴿ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بَيْنِكُمْ ﴾ [الأنفال:1].
ومن أقوى المشاعر الإيجابية أن المسلم يتربى على الإيمان بأن المسلمين جميعاً إخوانه يقول تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الحجرات: 10].
• ومن مظاهر الإيجابية في القران ان يعمل المسلم ولا يكون كلا على غيره فالإسلام يدعونا للنشاط والحيوية وحب العمل يقول تعالى: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة:10] وفي هذا المعنى الكريم يقول رسولنا العظيم: «لأن يأخذ أحدكم أحبله ثم يأتي الجبل فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها، فيكف الله بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه» (رواه البخاري).
• ومن مظاهر الإيجابية: محاربة الفساد بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [آل عمران: 110]
ومن أروع مظاهر الإيجابية في حياة خير البرية -صلى الله عليه وسلم- تلك الصورة التي تنقلها لنا السيدة خديجة –رضي الله عنها- عند قالت واصفة النبي – صلى الله عليه وسلم- عن عائشة –رضي الله عنها- " فرجع بها ترجف بوادره، حتى دخل صلى الله عليه وسلم على خديجة رضي الله عنها، فقال: " زملوني زملوني " فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال صلى الله عليه وسلم: " يا خديجة، ما لي " فأخبرها الخبر، وقال: " قد خشيت على نفسي " فقالت له صلى الله عليه وسلم: كلا أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق أخرجه البخاري.
العنصر الثالث: قصص القران عن الإيجابية:
أيها المسلم الكريم: بعدما تعرفنا على مفهوم الإيجابية ومشاهد الإيجابية في سنة رسول الله هيا لنعرج على بعض القصص القرآني وهو يقص علينا أحسن القصص في الإيجابية.
إيجابية النملة:
النملة رغم أنها كائن ضعيف لا يأبه به الإنسان إلا أن المك الديان سمى سورة في القران الكريم باسمه و أورد إلينا قصة النملة مع نبي الله سليمان عليه السلام- و الهدف من القصة أن يتعلم المسلم و المسلمة دراسا عظيما ألا وهو الإيجابية و المشاركة الفاعلة في الأمن و سلامة الأخرين قال الله تعالى: ﴿ وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ َ... ﴾ [النمل:17-19].
فها هو سليمان –عليه السلام – ينطلق بجيشه العرمرم الذي يشمل الإنس والجن و الطير و هو يسيرون في صفوف منتظمة وفجأة رات النملة هذا الجيش الجرار فلم يكن حالها كما يقول البعض في المثال (اذا جاءك الطوفان ضع ولدك تحت رجليك)
كلا وإنما وقفت ثابتة لم تخش على نفسها و إنما تذكر أبناء جنسها و أرادت لهم النجاة قبلها.
ولقد كانت هذه النملة على درجة عالية من البلاغة، استمعوا معي لقولها تجدونه يتضمن التالي:
1- يا أيها النمل: نداء.
2- ادخلوا: أمر.
3- لا يحطمنكم: نهي.
4- سليمان: خصصت.
5- جنوده: عممت.
6- وهم لا يشعرون: اعتذرت عنهم، أي عن غير قصد منهم؛ فهذه
ليست أخلاق جيش سليمان، فجيش الحق والخير لا يقتل حتى النمل، والمؤمن لا يؤذي حتى النمل.
ولهذا تبسم سليمان من قولها؛ لأنه تضمن إيجابية، والاعتذار عن الجيش. ثم شكر الله على أن وهبه القدرة على سماع ذبذبات صوت النمل.
العنصر الرابع: قصص الإيجابية في تاريخ الأمة الإسلامية:
إيجابية عمر عام الرمادة:
جيء لعمر بن الخطاب في عام الرمادة بخبز مفتوت بسمن فدعا رجلاً بدويًّا ليأكل معه، فجعل البدوي يتبع باللقمة الودك في جانب الصفحة، فقال له عمر: كأنك مقفر من الودك، فقال البدوي: أجل، ما أكلت سمنًا ولا زيتًا، ولا رأيت أكلاً له منذ كذا وكذا إلى اليوم، فحلف عمر لا يذوق لحمًا ولا سمنًا حتى يحيا الناس، ولقد أجمع الرواة جميعًا أن عمر كان صارمًا في الوفاء بهذا القسم، ومن ذلك، أنه لما قدمت إلى السوق عكة سمن ووطب من لبن، فاشتراهما غلام لعمر بأربعين درهمًا ثم أتى عمر فقال: يا أمير المؤمنين قد أبر الله يمينك وعظم أجرك، وقدم السوق وطب من لبن وعكة من سمن ابتعتهما بأربعين درهمًا، فقال عمر: أغليت فتصدق بهما، فإني أكره أن آكل إسرافًا.
ثم أردف قائلاً: كيف يعنيني شأن الرعية إذا لم يمسني ما مسهم. فهذه جملة واحدة في كلمات مضيئة، يوضح فيها الفاروق مبدأ من أروع المبادئ الكبرى التي يمكن أن تعرفها الإنسانية في فن الحكم: كيف يعنيني شأن الرعية إذا لم يمسني ما مسهم. وقد تأثر عمر في عام الرمادة حتى تغير لونه فعن عياض بن خليفة قال: رأيت عمر عام الرمادة وهو أسود اللون، ولقد كان رجلاً عربيًّا يأكل السمن واللبن فلما أمحل الناس حرمهما، فأكل الزيت حتى غير لونه وجاع فأكثر، وعن أسلم قال: كنا نقول: لو لم يرفع الله تعالى المحل عام الرمادة لظننا أن عمر يموت همًّا بأمر المسلمين، وكان يصوم الدهر، فكان عام الرمادة، إذا أمسى أتى بخبز قد ثرد بالزيت إلى أن نحر يومًا من الأيام جزورًا، فأطعمها الناس، وعرفوا له طيبها، فأتي به، فإذا قدر من سنام ومن كبد، فقال: أنى هذا؟ قالوا: يا أمير المؤمنين من الجزور التي نحرنا اليوم. قال: بخ بخ بئس الوالي أنا إن أكلت طيبها وأطعمت الناس كراديسها، ارفع هذه الصحفة هات لنا غير هذا الطعام. فأتي بخبز وزيت، فجعل يكسر بيده ويثرد ذلك بالزيت، ثم قال: ويحك يا يرفأ، احمل هذه الجفنة حتى تأتي بها أهل بيت بثمغ -اسم مكان-فإني لم آتهم منذ ثلاثة أيام وأحسبهم مقفرين، فضعها بين أيديهم.
إيجابية مثمرة:
في حقبة الثلاثينات ألتحق طالب جديد بكلية الزراعة في إحدى جامعات مصر، وعندما حان وقت الصلاة بحث عن مكان ليصلي
فيه فأخبروه أنه لا يوجد مكان في الكلية للصلاة فيه؛ غير غرفة صغيرة (في القبو) تحت الأرض..
ذهب الطالب وهو في قمة الذهول والاستغراب من الناس في الكلية لعدم اهتمامهم بموضوع الصلاة..
وتساءل ترى هل هم يصلون أم لا؟!
المهم دخل الغرفة فوجد فيها حصير قديم وكانت عبارة عن غرفة صغيرة ضيقة وغير مرتبة ولا نظيفة، ووجد فيها عاملا يصلي وحده.
فسأله الطالب: هل تصلي هنا؟؟
فأجاب العامل: أيوه، محدش بيصلي من الناس اللي فوق ومافيش مكان للصلاة غير هذه الغرفة.
فقال الطالب بكل اعتراض:
أما أنا فلا أصلي في هذا المكان تحت الأرض.
وخرج من القبو إلى الأعلى، وبحث عن أكثر مكان واضح في الكلية وعمل شيء غريب جدا !!! وقف وأذن للصلاة بأعلى صوته!!
تفاجأ الطلاب بما حدث وأخذوا يضحكون عليه ويشيرون إليه بأيديهم.. ويتهمونه بالدروشة والجنون.
غير أنه لم يبالي بهم، جلس قليلا ثم نهض وأقام الصلاة وبدأ يصلي وكأنه لا يوجد أحد حوله.
صلى لوحده.. يوم.. يومين.. على نفس الحال من ضحك الطلاب..
ثم بعدها وكأنهم اعتادوا على فعله هذا في كل يوم.. فلم يعد يسمع صوت ضحكاتهم وتندرهم به..
ثم حصل تغيير صغير.. إذ خرج العامل الذي كان يصلي في القبو للصلاة معه جماعة..
ثم أصبحوا أربعة وبعد أسبوع صلى معهم أحد أساتذة الكلية !!
أنتشر الموضوع وكثر الكلام عنه في كل أرجاء الكلية.. حينها أستدعى عميد الكلية هذا الطالب..
وقال له:
لا يجوز هذا الذي يحصل، أنتم تصلون في وسط الكلية !، وبدلاً من ذلك نحن سنبني لكم مسجد عبارة عن غرفة نظيفة مرتبة يصلي فيها من يشاء في أوقات الصلاة..
وهكذا بني أول مسجد في كلية جامعية.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، إذ أن طلاب باقي الكليات أحسوا بالغيرة وقالوا اشمعنا كلية الزراعة عندهم مسجد، فبني مسجد في كل كلية في الجامعة..
ولا يزال هذا الشخص سواء كان حياً أو ميتاً يأخذ إلى اليوم حسنات وثواب كل مسجد بنى في جامعات مصر ويذكر فيها اسم الله
هذا الطالب تصرف بإيجابية في موقف واحد في حياته فكانت النتيجة أعظم من المتوقع.. هذا ما أضافه للحياة..
وهنا يأتي السؤال.. ماذا أضفنا نحن للحياة..!؟
لنكن مؤثرين في أي مكان نتواجد فيه، ولنحاول أن نصحح الأخطاء التي من حولنا.. وأن لا نستحي من الحق.. نرجو من الله التوفيق والسداد...
أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم الكريم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما.
أما بعد:
العنصر الخامس: أسباب السلبية:
أيها الأحباب:
لماذا يقع بعض الشباب في السلبية؟ ما هو السبب الذي جرهم إلى ذلك، مع أن المنطلق كان صحيحا؟ هذا يرجع في الحقيقة إلى عدة أسباب منها:
أولاً: عدم الفهم الصحيح للعقيدة الإسلامية:
كمن يظن أن الإسلام والالتزام هو الانزواء جانبا والجلوس في المساجد وترك العمل وهذا هو الفهم الخاطئ للإسلام فالتدين الصحيح هو الذي يدفع صاحبه للعمل و السعي في الأرض قال الله تعالى ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة: 9، 10].
ثانياً: اعتقاد الإنسان أن من شروط الإيجابية حصول الكمال:
وهذه شماعة يعلق عليها السلبيون سلبيتهم ويحتجون بأنهم ليسوا من أهل الكمال ليتحركوا ويعملوا و هذا خطا فتأملوا عباد الله في حال مؤمن أل يس لم يكن نبيا و لا عالما بل كان شخصا عاديا و على الرغم من ذلك تحرك فخد الله ذكره في الأخرين قال الله تعالى: ﴿ وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ *اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ * وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلاَ يُنقِذُونِ * إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ * إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ* قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ﴾ [يس:20-27].
ويأتي رجل ليس بنبي، بل رجل عادي. تخيل معي أخي، لو أن المدينة التي تعيشين فيها بها ثلاثة أنبياء، هل هناك حاجة إليك؟ بالطبع هناك حاجة إليك.
كان من الممكن جدًا ألا يبالي هذا الرجل، ويقول: وما دخلي أنا؟ ولاحظوا أنه جاء من أقصى المدينة، أي ليس من أثرياء البلد، ولا من أصحاب النفوذ، فمن المحتمل أن يقتل ولن يعبئوا به، فلماذا يقدم على دعوة هؤلاء القوم؟
لم يستطع السكوت أو الجلوس في مكانه، بل دعا بكل إصرار وعزيمة، وانظروا معي، من أعلى مقامًا وأعلم وأتقى؟ الرجل أم الأنبياء الثلاثة؟ الأنبياء بالطبع، لكن القرآن ركز على الرجل، لماذا؟ لكي يخبرك بأنك عظيم وغالي عند الله إن كنت إيجابيًا، لا تنقص من قدر نفسك أمام الدعاة، بل ادعو إلى الله أنت أيضًا.
ثالثاً: دعوى أن المبادرة، مدعاة للرياء:
هذه حيلة شيطانية، تحول بين الإنسان وبين العمل الصالح. إذا صلحت نيتك الأولى لم يضرك ما قد يقع من ثناء الناس، أو حصول مغنم، بادر في هذا المشروع الطيب، وكن رأساً فيه، فإذا رأيت من هو أولى منك، فكن عوناً له.
قال الفضيل: ترك العمل من أجل الناس رياء والعمل من أجل الناس شرك والإخلاص أن يعافيك الله منهما.
قال يزيد بن هرون طلبنا العلم لغير الله فأبى إلا أن يكون لله
وقد ذكر بعض العلماء: أن من كان يعمل عملا خفيا، ثم حضر بعض الناس فتركه من أجلهم خشية الرياء، أنه يدخل في الرياء، لأنه يضعف في نفسه أن يخلص النية لله، وفي هذا بعد ومشقة.
رابعاً: التربية الرخوة:
ومن أسباب السلبية تربية الجيل على الترهل وعدم الترجل وعلى سلبية فيخرج الولد كلا لا يستطيع ان يطعم نفسه.
فهو أما نائم أو هائم على وجهه إما شبكات التواصل الاجتماعي.
فتأملوا كيف كانوا يربون أبنائهم على خشونة العيش ويعدونهم للإيجابية الفعالة.
فهذه صفية –رضي الله عنها كانت تضرب الزبير –رضي الله عنه-وهو صغير وتغلظ عليه، فعاتبها نوفل وقال: ما هكذا يضرب الولد، إنك لتضربينه ضرب مبغضة فرجزت به صفية:
من قال إنّي أبغضه فقد كذب
وإنّما أضربه لكي يلب
ويهزم الجيش ويأتي بالسّلب
ولا يكن لماله خبأ مخب
يأكل في البيت من تمر وحب
يقول- عزَّ شأنُه -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك نبينا محمد الحبيب المُصطفى، والنبي المُجتبى، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجُودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، واخذل الطغاة والملاحدة وسائر أعداء الملة والدين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين.