مخاطر التطرف الفكري والإنفلات الإخلاقي للشيخ احمد محمد أبو اسلام


للتحميل PDF اضغط هنا

للتحميل WORD اضغط هنا



عناصر الخطبة
1)مفهوم التطرف والإرهاب
2)الخوارج والغلو في الدين
3)مقتل سيدنا عثمان على أيديهم
4)قتلوا سيدنا علياً
5)الخاتمة
الخطبة الأولى
الْحَمْدُ للَّهِ مُدَبِّرِ اللَّيَالِي وَالأَيَّامِ، وَمُصَرِّفِ الشُّهُورِ وَالأَعْوَامِ، الْمُنْفَرِدِ بِالْكَمَالِ وَالتَّمَامِ، الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ السَّلامِ، تَنَزَّهَ جَلالُهُ عَنْ دَرَكِ الأَفْهَامِ، وَتَعَالَى كَمَالُهُ عَنْ إِحَاطَةِ الأَوْهَامِ، لَيْسَ بِجِسْمٍ فَيُشْبِهُ الأَجْسَامَ، وَلا بِمُتَجَوِّفٍ فَيَحْتَاجُ لِلشَّرَابِ وَالطَّعَامِ، ارْتَدَى بِرِدَاءِ الْكِبْرِيَاءِ وَالإِعْظَامِ، وَأَبْصَرَ مَا فِي بَوَاطِنِ الْعُرُوقِ وَدَوَاخِلِ الْعِظَامِ، وَسَمِعَ أَخْفَى الْقَوْلِ وَأَلْطَفَ الْكَلامِ، لا يَعْزُبُ عَنْ سَمْعِهِ صَرِيفُ الأَقْلامِ، وَلا يَخْفَى عَلَى بَصَرِهِ دَبِيبُ النَّمْلِ تَحْتَ سِجْفِ الظَّلامِ، إِلَهٌ رَحِيمٌ عَظِيمُ الإِنْعَامِ، وَرَبٌّ قَدِيرٌ شَدِيدُ الانْتِقَامِ، قَدَّرَ الأُمُورَ فَأَحْسَنَ إِحْكَامَ الأَحْكَامِ، وَصَرَّفَ الْحُكْمَ فِي فُنُونِ النَّقْضِ وَالإِبْرَامِ، بِقُدْرَتِهِ هُبُوبُ الرِّيحِ وَتَسْيِيرُ الْغَمَامِ، {ومن آياته الجواري في البحر كالأعلام} .
أَحْمَدُهُ حَمْدًا يَبْقَى عَلَى الدَّوَامِ، وَأُقِرُّ بِوَحْدَانِيَّتِهِ موحداً للواحد الديان . وَأُصَلِّي عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ شَفِيعِ الأَنَامِ، وَعَلَى صَاحِبِهِ أَبِي بَكْرٍ أَوَّلِ سَابِقٍ إِلَى الإِسْلامِ، وَعَلَى عُمَرَ الَّذِي كَانَ إِذَا رَآهُ الشَّيْطَانُ هَامَ، وَعَلَى عُثْمَانَ الَّذِي أَنْهَضَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ بِنَفَقَتِهِ وَأَقَامَ، وَعَلَى عَلِيٍّ الْبَحْرِ الْغَطَامِطِ وَالأَسَدِ الضِّرْغَامِ، وَعَلَى عَمِّهِ الْعَبَّاسِ أَبِي الْخُلَفَاءِ الأَعْلامِ.
أما بعد :
أحبتي في الله
إن المرء ليقف متعجباً أمام أحداث الزمان فإنه رغم تباعد الزمن بين خوارج الأمس وخوارج اليوم يجد أن خوارج اليوم يتبعون نهج سلفهم وكأنهم يعيشون مع بعضهم في عصر واحد ولم يفصل بين زمانهم وزمان أسلافهم هذا البعد السحيق من الزمن والمستعرض لفكر سلف الخوارج يجدهم كانوا يغالون ويبالغون في معتقدهم وغرسوا في عقول غيرهم التطرف والإرهاب فحتى نكون على بينة
مفهوم التطرف والأرهاب
ما هو مفهوم التطرف؟ التطرف  في العرف الدارج - في هذا الزمان -: الغلو في عقيدة أو فكرة أو مذهب أو غيره يختص به دين أو جماعة أو حزب.
ووصف الغلو بالتطرف لأن لأن العقيدة لها طرفان طرفٌ فيه اليسر وطرف فيه التشدد والغلو فيإخذ صاحب العقيدة الجانب الذي فيه التشدد والعنف, كما قال الأول:
لا تغلُ في شيء من الأمر واقتصد ... كلا طرفي قصد الأمور ذميمُ
فالتطرف يعني الغلو في الدين فقد ورد في سنن النسائى في الحديث الصحيح عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ , فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ , الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ "
هؤلاءالمغالون  يكفرون من خالفهم في المنهج فأخذوا يعادونهم فصاروا يخوفون ويرهبونهم هل تعرفون ما معنى الإرهاب؟
معنى الإرهاب
=======
الإرهاب لغة: مصدر مأخوذ من رَهب كعلم يرهب رهبا ورهبابا وأرهابا بالفتح والكسر , وهو الإخافة والتخويف ,ويدور معنى الإرهاب شرعا على شدة الخوف والتخويف الواقع على الفرد أو على الجماعة وهو في حقيقته وحكمه
بل هو محرم وممنوع: في تخويف الآمنين وإدخال الرعب والفزع عليهم , سواء كانوا مسلمين أو مستأمنين أو معاهدين أهل ذمة أو غيرهم. فهو على المسلمين حرابة وعلى غيرهم ظلم! وهو في الجميع إفساد في الأرض جاء النهي عنه صريحا في القرآن والسنة وفي إجماع العلماء. فمناط ذلك على الظلم , حيث تخويف الآمن وإرهابه ظلم واعتداء , وهو محرم بإجماع الملل والشرائع السماوية. فقد روى الإمام أحمد وغيره بإسناد صحيح عن أبي ذر - رضي الله عنه - يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: قال الله عز وجل:
«يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا» .
وفي صريح القرآن قوله تعالى من سورة يونس: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [يونس:44] وقوله في سورة الممتحنة: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8] .
هذا فضلا عما ورد من أدلة شريفة في وجوب الوفاء بالعهد وإيفاء الوعد , وتحريم قتل النفس بغير حق, وتحريم قتل المرأة والوليد والراهب والشيخ الكبير من غير المسلمين
. [الجذور التاريخية لحقيقة الغلو والتطرف والإرهاب والعنف],
الخوارج والغلو في الدين
عرف أهل العلم الخوارج كما قال أبو الحسن الأشعري أن اسم الخوارج تقع على تلك الطائفة التي خرجت على سيدنا على ابن أبي طالب ومن العلماء من قال بأن الخوارج كانوا في عصر النبي صلى الله عليه وسلم وكما ورد في كتاب البداية والنهاية أن أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قال : بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْيَمَنِ بِذُهَيْبَةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا.
قَالَ: فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةٍ، بَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ  ، وَالْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ، وَزَيْدِ الْخَيْلِ، وَالرَّابِعُ إِمَّا علقمة بْنَ عُلَاثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ  .,فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: كُنَّا نَحْنُ أَحَقُّ بِهَذَا مِنْ هَؤُلَاءِ.,فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم فَقَالَ: " أَلَا تَأْمَنُونِي؟ وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ، يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً " قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ، نَاشِزُ الْجَبْهَةِ كَثُّ اللِّحْيَةِ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ، مُشَمَّرُ الْإِزَارِ.,فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اتَّقِ الله! فقال: ويلك أو لست أَحَقَّ النَّاس أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ؟ ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ قَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ قَالَ: لَا لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي قَالَ خَالِدٌ: وَكَمْ مِنْ مُصَلٍّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم إني لم أومر أَنْ أُنَقِّبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاس وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ. قَالَ: ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ وَهُوَ مُقْفٍ فقال: " أنه يخرج من ضئضئي  هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ رَطْبًا لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ " - أَظُنُّهُ قَالَ: لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ -,.وقد ورد في صحيح البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ، جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذِي الخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِيُّ، فَقَالَ: اعْدِلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: «وَيْلَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ» قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَهُ، قَالَ: " دَعْهُ، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا، يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ
 مقتل عثمان بن عفان - رضي الله عنه على أيديهم –
=======================
نجح الحاقدون الكاذبون في إزاحة الوليد بن عقبة عن ولاية الكوفة، وعين عثمان - رضي الله عنه - سعيد بن العاص واليا جديدا على الكوفة، وعندما وصل سعيد إلى ولايته صعد المنبر، وبعدما حمد الله وأثنى عليه قال: والله لقد بعثت إليكم وإني لكاره، ولكني عندما أمرني عثمان، لم أجد بدًّا من التنفيذ، ألا وإن الفتنة قد أطلت رأسها فيكم، والله لأضربن وجهها حتى أقمعها أو تغلبني، وإني رائد نفسي اليوم  , واطلع سعيد على أحوال الكوفة، وعرف توجهات الناس فيها، وأدرك تعمق الفتن فيها، وضلوع مجموعة من الخوارج  والحاقدين وأعداء الإسلام في التآمر والكيد والفتنة وسيطرة الرعاع والغوغاء والأعراب على الرأي فيها.,وكتب سعيد رسالة إلى أمير المؤمنين عثمان يخبره فيها بالأوضاع المتردية في الكوفة، ومما قال فيها: إن أهل الكوفة قد اضطرب أمرهم,.. فرد عليه سيدنا عثمان - رضي الله عنه - برسالة طلب منه فيها إعادة ترتيب أوضاع أهلها وتصنيفهم على أساس السبق والجهاد، وتقديم أهل العلم والصدق والجهاد على غيرهم، واحفظ لكل إنسان منهم منزلته وأعطهم جميعا قسطهم بالحق، فإن المعرفة بالناس يتحقق بها العدل بينهم. وقام سعيد بتنفيذ توجيهات عثمان - رضي الله عنه - وأخبر الخليفة بما فعل، وجمع عثمان أهل الحل والعقد في المدينة، وأبلغهم بأوضاع الكوفة ورسوخ الفتنة فيها، وإجراءات سعيد بن العاص لمواجهتها، فقالوا: أصبت بما فعلت، ولا تسعف أهل الفتنة بشيء ولا تقدمهم على الناس، ولا تطعمهم فيما ليسوا له بأهل، فإنه إذا تولى الأمور من ليس أهلا لها، لم يقم بها بل يفسدها، فقال عثمان لهم: يا أهل المدينة، إن الناس قد تحركوا للفتنة، فاستعدوا لمواجهتها، واستمسكوا بالحق، وسوف أخبركم بأخبارها وأنقلها لكم أولا بأول فتأذى الرعاع وأجلاف الأعراب من تقديم أصحاب السابقة والجهاد والبلاء والعلم والتقوى في المجالس والرئاسة والاستشارة، وصاروا يعيبون على الولاة تقديم هؤلاء عليهم واستشارتهم دونهم ويعتبرون هذا تمييزا, وجفوة وإقصاء لهم، واستغل الحاقدون  هذا الأمر في نفوسهم، وغرسوا فيهم كره الخليفة والدولة ورفض أعمال الوالي سعيد بن العاص، ونشر الإشاعات ضده بين الناس، ورفض عامة الناس في الكوفة كلام الم الخارجين، فسكت هؤلاء الحاقدون وصاروا يخفون شبهاتهم ولا يظهرونها؛ لرفضمعظم المسلمين لها، ولكنهم كانوا يسرون بها إلى من يؤيدهم من الأعراب أو الغوغاء أو المعاقبين المغررين.,وكان أعداء الإسلام يتآمرون على الإسلام والمسلمين، وينشرون الإشاعات الكاذبة ضد الخليفة والولاة، ويستثمرون الأخطاء التي تصدر عن بعضهم في تهييج العامة ضدهم، ويزيدون عليها الكثير من الافتراءات والتزويرات، وهم يهدفون من ذلك إلى نشر الفوضى وتعميق الفرقة بين المسلمين، وذلك لتغذية غيظهم وحقدهم على الإسلام, ، وجند هؤلاء الأعداء لتحقيق أهدافهم الرعاع والسذج والبلهاء والتف حولهم الحاقدون ممن أدَّبهم أو حدَّهم أو عزَّرهم الخليفة أو أحد ولاته، ونظم هؤلاء الأعداء (جمعية سرية) خبيثة جعلوا أعضاءها هؤلاء الذين استجابوا لهم، وجعلوا لهم أتباعا في المدن الكبيرة والأقاليم العديدة، وكونوا شبكة اتصالات سرية بينهم. وكانت أهم فروع جمعيتهم الخبيثة في: الكوفة، والبصرة، ومصر، ولهم بعض العناصر في المدينة المنورة والشام ,وكان عبدالله بن سبأ على رأس هذه العصابة ,وأوصى أتباعه المجرمين في جمعيته السرية الخبيثة، المنتشرين في بلاد المسلمين، فقال لهم: انهضوا في هذا الأمر، فحركوه وابدأوا بالطعن على أمرائكم وولاتكم الذين يعينهم الخليفة، وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتستميلوا الناس إليكم، وادعوهم إلى هذا الأمر. وبث عبد الله بن سبأ دعاته في الأمصار، وكاتب أتباعه الذين أفسدهم في الأمصار وضمهم إليه وكاتبوه، وتحرك أتباعه في البلدان بدعوتهم ودعوا مؤيديهم في السر إلى ما هم عليه من الخروج على الولاة والخليفة، والعمل على عزل عثمان عن الخلافة، وكانوا في الظاهر يظهرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ليؤثروا في الناس، ويستميلوهم ويخدعوهم، وصار أتباع ابن سبأ يؤلفون الأكاذيب والافتراءات عن عيوب أمرائهم وولاتهم، وينشرونها في كتب يرسلها بعضهم إلى بعض في الأمصار، وصار أهل كل مصر منهم يكتبون كتبا بهذه الأكاذيب إلى أهل مصر آخر، فيقرأ أهل كل مصر تلك الكتب المزورة على الناس عندهم فيسمع الناس عندهم عن عيوب وأخطاء الوالي في ذلك البلد فيقولون: إنا لفي عافية مما ابتلى به المسلمون في ذلك البلد، ويصدقون ما يسمعون. وبذلك أفسد السبئيون الأرض وأفسدوا المسلمين، ومزقوا كلمتهم، وزعزعوا أخوتهم ووحدتهم، وهيجوا الناس على الولاة والأمراء، ونشروا الافتراءات ضد الخليفة عثمان نفسه، وكانوا يقومون بهذه الجرائم المنظمة والمدروسة بمهارة يريدون غير ما يظهرون، ويسرون غير ما يعلنون، ويهدفون إلى عزل عثمان والقضاء على دولة الإسلام .,وتوجه ابن سبأ إلى الشام ليفسد بعض أهلها ويؤثر فيهم، ولكنه لم ينجح في هدفه الشيطاني، فقد كان له معاوية - رضي الله عنه - بالمرصاد. ودخل البصرة ليجند الأتباع له من المارقين أو الحاقدين أو الرعاع البلهاء، وكان والي البصرة عبد الله بن عامر بن كريز، وكان حازما عادلا صالحا، ولما وصل ابن سبأ البصرة، نزل عند رجل خبيث من أهلها كان لصا فاتكا، هو حكيم بن جبلة .,وبلغ عبد الله بن عامر أن رجلا غريبا نازل على حكيم بن جبلة، وكان حكيم بن جبلة لصا، وعندما كانت تعود جيوش الجهاد إلى البصرة، كان حكيم يتخلف عنها ليسعى في أرض فارس فسادا، ويغير على أرض أهل الذمة، ويعتدي على أرض المسلمين، ويأخذ منها ما يشاء، فشكاه أهل الذمة والمسلمون إلى عثمان، فكتب عثمان إلى عبد الله بن عامر، وقال له: احبس حكيم بن جبلة في البصرة، ولا تتركه يخرج منها حتى تأنس منه رشدا، فحبسه ابن عامر في بيته، وكان لا يستطيع أن يخرج من البصرة، وبينما كان اللص ابن جبلة تحت الإقامة الجبرية في بيته، نزل عليه اليهودي عبد الله بن سبأ، واستغل ابن سبأ حقد  ابن جبلة وانحرافه ولؤمه فجنده لصالحه، وصار ابن جبلة رجل ابن سبأ في البصرة، وصار ابن جبلة يقدم لابن سبأ أمثاله من المنحرفين ، فيغرس ابن سبأ في نفوسهم أفكاره، ويجندهم بجمعيته السرية. ولما علم ابن عامر بابن سبأ، استدعاه، وقال له: ما أنت؟ قال ابن سبأ: أنا رجل من أهل الكتاب رغب في الإسلام فأسلم، ورغب في جوارك فأقام عندك. قال ابن عامر: ما هذا الكلام الذي يبلغني عنك؟ اخرج عني. أخرجه ابن عامر من البصرة، فغادرها ابن سبأ بعد أن ترك فيها رجالا وأتباعا له، وجعل فيها فرعا لحزبه السبئي اليهودي.
ذهب ابن سبأ إلى الكوفة فوجد فيها رجالا من المنحرفين جاهزين لاستقباله، فجندهم لجماعته وحزبه، ولما علم به سعيد بن العاص أخرجه من الكوفة، فتوجه إلى مصر، فأقام فيها وعشش فيها ، وفرخ فيها وأفسد، واستمال أناسا هناك من الرعاع والبلهاء، ومن الحاقدين والموتورين، ومن العصاة والمذنبين. وكان ابن سبأ يرتب الاتصالات السرية بين مقره في مصر، وبين أتباعه في المدينة والبصرة والكوفة، ويتحرك رجاله بين هذه البلدان. واستمرت جهود ابن سبأ وأعوانه حوالي ست سنوات، حيث بدأوا أعمالهم الشيطانية سنة ثلاثين، ونجحوا في آخر سنة خمس وثلاثين في قتل الخليفة عثمان، واستمر إفسادهم طيلة خلافة علي - رضي الله عنه -، وقرر (السبئيون) أن تكون بداية الفتنة في الكوفة
.الخطبة الثانية
=========
الخوارج هم من قتلوا سيدنا علياً
===================
الحمد لله المعروف بأسمائه وصفاته، المتحبب إلى خلقه بجزيل هباته.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، المتفرد بالألوهية والوحدانية، المتوحد في العظمة والكبرياء والمجد والربوبية.,وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أكمل الخلق في مراتب العبودية، وأعلاه في كل خصلة حميدة فهو خير البرية.
اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه الأخيار. وعلى التابعين لهم بالأقوال والأفعال والإقرار.
أما بعد
قتلوا سيدنا عليا رضي الله عنه
قتلو سيدنا علياً هم يظنون أنهم بذالك أنهم يحسنون صنعا لقد عمت أبصارهم وخربت عقلهم وغالوا في الدين وتشددوا في الدين حتى صاروا من أعدائه فقتلوا أولياء الله
كان ابن ملجم وأصحابه اجتمعوا، فتذاكروا أمر الناس، وعابوا على ولاتهم، ثم ذكروا أهل النهر، فترحموا عليهم، وقالوا: ما نصنع بالبقاء بعدهم شيئا، إخواننا الذين كانوا دعاة الناس لعبادة ربهم، والذين كانوا لا يخافون في الله لومة لائم، فلو شرينا أنفسهم فأتينا أئمة الضلالة فالتمسنا قتلهم فأرحنا منهم البلاد، وثأرنا بهم إخواننا، فقال ابن ملجم: أنا أكفيكم علي بن أبي طالب -وكان من أهل مصر- وقال البرك بن عبد الله: وأنا أكفيكم معاوية، ، فتعاهدوا وتواثقوا إرءيت إنهم يتعاهدون بالله ليقتلوا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها عقول خربة متشددة فبدلاًمن أن يوجهوا قوتهم للأعداء الحقيقيين يوجهوا ضرباتهم لأفضل خلق الله بعد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ,فقالوا لا يترك رجل منا عن صاحبه الذي توجه إليه حتى يقتله أو يموت دونه، فأخذوا أسيافهم، فسمموها وتواعدوا  في السابع عشر من رمضان أن يثب كل واحد منهم على صاحبه الذي توجه إليه، وأقبل كل رجل منهم إلى المكان  الذي صاحبه فيه يطلب.,فأما ابن ملجم المرادي ، فخرج فلقي أصحابه بالكوفة وكاتمهم أمره كراهة أن يظهروا شيئا من أمره، فإنه رأى ذات يوم أصحابا من تيم الرباب -وكان علي قتل منهم يوم النهر عشرة- فذكروا قتلاهم، ولقي من يومه ذلك امرأة من تيم الرباب يقال لها: قطام ابنة الشجنة - وقد قتل أبوها وأخوها يوم النهر، وكانت فائقة الجمال، فلما رآها التبست بعقله، ونسى حاجته التي جاء لها، ثم خطبها، فقالت: لا أتزوجك حتى تشفي لي، قال: وما يشفيك؟ قالت: ثلاثة آلاف وعبد وقينة وقتل علي بن أبي طالب، قال: هو مهر لك، فأما قتل علي فلا أراك ذكرته لي وأنت تريديني، قالت: بلى التمس غرته، فإن أصبت شفيت نفسك ونفسي، ويهنئك العيش معي، وإن قتلت فما عند الله خير من الدنيا وزينة أهلها،انظروا احبتي إنها تمنيه بما عند الله من خير  ,فقال ابن ملجم فوالله ما جاء بي إلى هذا المكان  إلا قتل علي، فلك ما سألت، قالت: إني أطلب لك من يسند ظهرك، ويساعدك على أمرك، فبعثت إلى رجل من قومها من تيم الرباب يقال له: وردان، فكلمته فأجابها، وأتى ابن ملجم رجلا من أشجع يقال له: شبيب بن بجرة فقال له: هل لك في شرف الدنيا والآخرة؟ قال: وما ذاك؟ قال: قتل علي بن أبي طالب، قال: ثكلتك أمك، لقد جئت شيئا إدا، كيف تقدر على علي، قال: نجتمع  له في المسجد فإذا خرج لصلاة الغداة اجتمعنا  عليه فقتلناه، فإن نجونا شفينا أنفسنا وأدركنا ثأرنا، وإن قتلنا فما عند الله خير من الدنيا وما فيها، قال: ويحك لو كان غير علي لكان أهون علي، قد عرفت بلاءه في الإسلام، وسابقته مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وما أجدني أنشرح لقتله، قال: أما تعلم أنه قتل أهل النهر العباد الصالحين؟ قال: بلى، قال: فنقتله بمن قتل من إخواننا، فأجابه، فجاءوا إلى قطام وهي في المسجد الأعظم معتكفة -فقالوا لها- قد أجمع رأينا على قتل علي، قالت: فإذا أردتم فأتوني، ثم عاد إليها ابن ملجم في ليلة الجمعة- التي قتل في صبيحتها علي سنة 40 - فقال: هذه الليلة التي وعدت فيها صاحبي أن يقتل كل منا صاحبه، فدعت لهم بالحرير فعصبتهم به، وأخذوا أسيافهم وجلسوا مقابل السدة التي يخرج منها علي، فلما خرج ضربه شبيب بالسيف، فوقع سيفه بعضادة الباب أو الطاق، وضربه ابن ملجم في قرنه بالسيف وهرب وردان حتى دخل منزله فدخل عليه رجل من بني أبيه وهو ينزع الحرير عن صدره، فقال: ما هذا الحرير والسيف؟ فأخبره لما كان وانصرف، فجاء بسيفه فعلا به وردان حتى قتله، وخرج شبيب نحو أبواب كندة في الغلس، وصاح الناس، فلحقه رجل من حضرموت يقال له عويمر، وفي يد شبيب السيف، فأخذه وجثم عليه الحضرمي فلما رأى الناس قد أقبلوا في طلبه، وسيف شبيب في يده، خشي على نفسه، فتركه، ونجا شبيب في غمار الناس فشدوا على ابن ملجم، فأخذوه، إلا أن رجلا من همدان يكنى أبا أدماء أخذ سيفه فضرب به رجله، فصرعه، وتأخر علي، ورفع في ظهره جعدة بن هبيرة بن أبي وهب، فصلى بالناس الغداة قال علي: علي بالرجل، فأدخل عليه، ثم قال: أي عدو الله، الم أحسن إليك؟، قال: بلى، قال: ما حملك على هذا؟ قال: شحذت هذا السيف  أربعين صباحا، وسألت الله أن يقتل به شر خلقه، فقال علي -رضي الله عنه- لا أراك إلا مقتولا به، ولا أراك إلا من شر خلقه. [أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه (2 / 1030):]
الخاتمة
====
.وما زال خوارج العصر كأسلافهم يتهمون من هو خير منهم بالضلالة لا ينحازون إلا لبعضهم فلا ينحازون لخير وطنهم بل المهم مصالحهم الشخصية فالخوارج ما وجدت في عصر إلا وكانت بلاءً على هذ العصر وما تسلطوا على مجتمع إلا وأفسدوه وقتلوا أبناءه وشردوا أهله لذالك فإنه لا بد من محاربتهم  حتى لا يستشري فسادهم في المجتمع وإفساح المجال للمنابر الوسطية المعتدلة وعلى رأسها الأزهر الشريف لتوعية الناس وتصحيح أفكارهم ونشر الفكر الوسطي المعتدل والمؤسسة وعلى رأسها شيخ الأزهر لها  جهد دائم ونشاط لا ينقطع في محاربة أصحاب الأفكار المتطرفة التي سممت العقول بأفكارهم المسمومة .
نسأل الله أن يحفظ مصر وجميع أبنائها وجيشها وشرطتها من كل مكروه وسوء
الدعاء
أقم الصلاة

كتبه /أحمد محمد أحمد أبو إسلام 
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات