تحذير الأجيال من خطورة الإهمال للشيخ السيد مراد سلامة
عناصر الخطبة:
1- تعريف الإهمال.
2- صور من الإهمال.
3- إهمال الأسرة.
4- الإهمال في الطرق والمواصلات.
5- إهمال الراعي لرعيته.
6- الإهمال في أخذ العدة.
7- الإهمال في المستشفيات.
••••
أمة الحبيب الأعظم ماذا أقول والفواجع مؤلم والمصائب جمة؟
ماذا يخط بناني؟
وماذا يقول لساني؟
في أقل من ثلاثة أيام مُني الشعب المصري بعدة حوادث الحادث الأول حادث سوهاج حيث ماتت فتيات في سن الظهور في حادث سير مؤلم ولم تمض عليه إلا ساعات وحدث حادث البحيرة المُريع الذي يدمي القلوب و يدمع العيون أبناء و بنات كانوا عماد ظهور آبائهم و أمهاتهم كانوا قرة أعين لهم.
كان الآباء والأمهات والأبناء والبنات يؤملون مستقبل مليء بالنجاح والأفراح ولكن:
ما كل ما يتمناه المرء يدركه ♦♦♦ تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن
فإن قلت ما هو سبب تلك الفواجع وما هو سبب تلك الحوادث؟
الجواب في كلمة واحدة
إنه: الإهمال الذي أصبح سجية عند كثير من أبناء ذلك المجتمع.
إهمال في الأسرة
إهمال في المدرسة
إهمال في الطرق والمواصلات
إهمال الراعي لرعيته.
تُرى ما هو ذلك العدو اللدود الذي يسمى بالإهمال؟
وما هي صوره؟
وما هي عقوبة المهمل في الشرع؟
هذا ما سنحاول بيانه بحول الله تعالى وطوله.
أمة الإسلام:
1- تعريف: الإْهْمَال: التَّرْكُ عَنْ عَمْدٍ أَوْ نِسْيَانٍ، وَيُقَال: أَهْمَلَهُ إِهْمَالاً إِذَا خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ، وَيَأْتِي عِنْدَ الْفُقَهَاءِ بِمَعْنَى التَّرْكِ
الإهمال هو نوع من الضرر أو الجرم، جنائياً كان أم مدنياً، يستحق عقوبة جزائية. والإهمال يستشري في الدول المتخلفة لغياب الوازع أو الرادع.
و هو أيضا سلوك سلبي ناشئ عن إخلال الجاني بواجبات الحيطة والحذر التي تفرضها قواعد الدين والقانون أو الخبرة الإنسانية.
2- صور الإهمال و خطورتها:
1- الإهمال الأسري: فكم وكم نرى من أباء وأمهات يهملون أبناءهم ويتركونهم للأفلام والمسلسلات وللمواقع الهابطة التي تربي في نفسة الأبناء الأخلاق المذمومة وتحبب اليهم الجرائم والفواحش وربما تجره إلى الإلحاد والمخدرات فكم من أبناء حادوا عن الصراط المستقيم ولنتأمل أضرار الإهمال الأسري.
1- انتشار الفواحش والأمراض الأخلاقية في المجتمع:
فكل آفة يراها الناس في طريق المسلمين، وكل خلق سيئ انتشر في بلادهم، وكل مرض أخلاقي أصاب شبابهم، سببه الأول هم الآباء الذين أهملوا تربية أبنائهم وبناتهم، وقصروا في صيانتهم وحفظهم عن الشرور والأخلاق الذميمة.
2- ظهور العقوق والتفكك الأسري:
ومن الأمراض المنتشرة ظهور عقوق الوالدين وتفكك الأسر، وهذا من أظهر آثار إهمال تربية الأولاد، وقد قال بعض أهل العلم إن الله سبحانه يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبل أن يسأل الولد عن والده فإنه كما أن للأب على أبنه حقا فللابن على أبيه حق، فكما قال تعالى: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً ﴾ [العنكبوت: 8] قال تعالى: ﴿ قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ [التحريم: 6].
قال ابن القيم معلقا على قوله: "فوصية الله للآباء بأولادهم سابقة على وصية الأولاد بآبائهم… فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى فقد أساء إليه غاية الإساءة وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغارا فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارا كما عاتب بعضهم ولده على العقوق فقال يا أبت إنك عققتني صغيرا فعققتك كبيرا وأضعتني وليدا فأضعتك شيخا".
3- انحطاط الأمة الإسلامية وذلها لأعداء الدين:
وما أصاب المسلمين في العصور المتأخرة من ذل وصغار أما المشركين والكفار، إلا لأنهم ابتعدوا عن تعاليم دينهم عن عقائده الصحيحة وأخلاقه القويمة، ولأن التمكين في الأرض منحة ربانية يهبها الله تعالى لمن يشاء وينتزعها ممن يشاء، حسب الأسباب المقتضية لها، فأعز الله تعالى المسلمين لما كانوا قائمين على الإسلام، فلما تخلوا عنه تخلى الله عنهم وعاقبهم، قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11]، وإذا أردنا أن نُرجع إلى هذا الدين عزته وكرامته فما علينا إلى أن نرجع إلى ديننا وأن نربي الأجيال الناشئة عليه، وقد قال مالك بن أنس: "لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها".
4- ظهور أخطاء تربوية شنيعة:
ومما يجعل المسلم يدرك أهمية التربية أن يعلم أن المسلمين - وقد يكون هو واحدا منهم - واقعون في أخطاء تربوية كثيرة، لا تعلم ولا تدرك إلا بتعلم المنهج التربوي النبوي، ومن هذه الأخطاء: الإفراط في استعمال التخويف الذي يربي الأولاد على الجبن والضعف، وإهمال التعليم واللجوء إلى أساليب العقاب التي نهي عنها شرعا، والتربية على الميوعة والليونة، وعدم مجالسة الأولاد، وعدم العدل بين الأولاد في العطية، وإظهار التسخط بالبنات، وتسمية الأولاد بالأسماء السيئة وتلقيبهم بالألقاب الشنيعة أو الرخوة، والتدخين والتلفظ بالكلام غير اللائق أمامهم، وعدم مراقبة ما يشاهدونه من برامج تلفزيونية، والتساهل في سماع الغناء، والتساهل في أمر اللباس المخالف للشرع، والدعاء على الأولاد بالشر وغيرها كثير مما سيأتي بيانه في هذه السلسلة.
كيد أعداء الأمة في هذا الميدان:
ومما يبين لنا أهمية التربية أن أعداء الإسلام والمسلمين من يهود ونصارى وغيرهم، قد اعتمدوا منذ القديم أسلحة كثيرة في حربهم ضد المسلمين، والسلاح الذي لم يتخلوا عنه ولم يتركوه حتى في أيام السلم هو سلاح إفساد العقائد ومسخ الأخلاق، لذلك فهم يسعون جاهدين لنشر الأفكار الهدامة من العقائد الضالة والرذائل وإبعاد المسلمين عن دينهم، وذلك عبر أربع نقط أساسية ضمن خطة متكاملة:
1- نشر الفساد عبر وسائل الإعلام المختلفة المكتوبة والمسموعة والمرئية.
2- إفساد الأنظمة التعليمة وعرقلتها، ونشر البرامج التعليمية المعمِّقة للجهل والمبعدة للنشء عن حقائق الدين وعن الأخلاق الفاضلة.
3- إفساد الروابط الأسرية وضرب استقرار البيوت بطرق أهمها إخراج المرأة من بيتها وإغرائها بمظاهر المدنية والحضارة الزائفة باسم حقوق المرأة والحرية والمساواة مع الرجل.
4- وأخيرا الاجتهاد في إبعاد المسلمين عن التربية الدينية، والسعي إلى تحجيم دور المؤسسات الدينية وتطويقها حتى لا تؤدي دورها في هذا المجال.
الإهمال في الطرق و المواصلات:
ومن أخطر صور الإهمال التي توجهنا في كل ساعة من الساعات الإهمال في الطرق والمواصلات و اذا أردت ان تقف على خطورة ذلك فاسمع عدد الحواد و الضحايا التي تحدث في المواصلات:
• تحتل مصر المرتبة الأولى عالميًا حوادث الطرق، بحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، ويبلغ عدد الوفيات الناجمة عنها 12 ألفًا، فيما بلغ عدد المصابين 40 ألفًا في نهاية عام 2012.
ويتراوح المعدل العالمي لقتلى حوادث الطرق لكل 10 آلاف مركبة، ما بين 10 و12، لكنه يصل في مصر إلى 25، أي ضعف المعدل العالمي، وأيضا يبلغ عدد قتلي حوادث الطرق لكل 100 كم في مصر 131 قتيلاِ، في أن حين أن المعدل العالمي يتراوح ما بين 4 و20 قتيلًا، أي أن المعدل في مصر يزيد على 30 ضعف المعدل العالمي، وأيضا فإن مؤشر قسوة الحادث يوضح أن مصر يحدث بها 22 قتيلًا لكل 100 مصاب، في حين أن المعدل العالمي 3 قتلي لكل 100 مصاب.
• صور الإهمال في المواصلات:
• كسر إشارة المرور ومن الإهمال تعدي إشارة المرور كسرها وهذا قد يسبب في إرباك حرك المرور و يؤدي إلى مالا يحمد عقباه و هو عبارة عن استهتار بالأرواح وتعدي للقوانين التي وضعها ولي الأمر فهو فعل محرم شرعا.
"إن المتخطي والمستخف بإشارة المرور آثم، والمتجاوز لها عاص ويتحمل وزراً"، ودعا المفتي الناس لترويض أنفسهم على الأدب واحترام إشارات المرور وعدم العبث بها، حتى لو كانت الشوارع خالية.
• السير عكس الاتجاه: ومن الأخطاء و المخالفات التي يرتكبه بعض السائقين السير عكس الاتجاه و هذا من الأمور التي يعاقب عليها القانون بالغرامة و الحبس ففي القانون المصري: تنص المادة 76 من قانون المرور الجديد بالحبس و الغرامة من 1200 إلى 3000 جنيه.
• عدم الالتزام بالسرعة المحددة: من الإهمال التي تجلب المصائب و تزهق النفوس عدم التزام السائق بالسرعة المحددة له و إنك ترى طيش كثير من السائقين حيث إنهم يسيرون بسرعة جنونية و يخالفون بذلك القوانين المرورية التي تحدد السرعة للسائقين وليس تحديد السرعة أمر اعتباطيا و إنما هو أمر جد خطير فالسائق الذي يقود السيارة يحمل معه أرواحا واجب عليه أن يحافظ عليها و هي أمانة بين يديه و هو مسؤول عنها أمام الله تعالى – كذلك هناك أرواح تسير على الأرض، وتعال لنرى إحصائيات حوادث المرور لنعلم أن كل ذلك بسبب الخروج عن القوانين التي سنها ولي الأمر.
• ومن صور الإهمال العفو عن أخطاء المستهترين بالأرواح مما يجعله يستهين و يهمل لأنه يعلم انه لا عقاب فمن امن العقاب أساء الأدب.
• ومن صور الإهمال عدم الحزم مع كثير من السائقين الذين يتعاطون المخدرات والمنشطات فحسب الدراسات التي أجراها مركز بحثي، علي عينه عشوائية على عدد 2000 سائق يحملون رخص قيادة، وجاءت النتيجة أن 90 % منهم يتعاطون المخدرات أثناء قيادة السيارات.
فماذا تكون النتيجة؟
حوادث مفزعة وإزهاق لأرواح الأبرياء وإضاعة للأموال.
أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم الكريم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
••••
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما.
أما بعد:
4- إهمال ولي الأمر ومن دونه للرعية و عدم الإحساس بالمسؤولية أمام الله تعالى:
عباد الله، إن من كمال هذه الشريعة اهتمامها بجميع شؤون الحياة التي تتعلق بالإنسان، ولهذا أمرت كل فرد القيام بمسئوليته على قدر موقعه ومكانته، في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم قال: "كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ ومَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ".
أيُّها المسلم، في هذا الحديث يبين صلى الله عليه وسلم كثيرا من أصناف المسئولين عن رعاية المجتمع المسلم:
فيبدأ بالإمام، والإمام كل من يقتدى به، وكل مسؤول قل مسئوليته أو كثرة، ولاشك أن الإمام العام هو أولى بتلك المسؤولية لكمال مكانته وعلو شأنه.
فالإمام العام وهو المسؤول عن الأمة، ومسئول عن رعيته عن شؤون رعيته، فيسوسهم سياسة حكيمة في شؤونهم وأمورهم سياسة تفرض من الصلاح قدر الاستطاعة.
ومن حق الرعية عليه: حل مشاكلهم، وما يواجهونه وما يعانونه من مشكل حل هذه المشكل بقدر الاستطاعة والإمكان.
ومن حقهم عليه: تأمين حاجاتهم كلها، حاجة حياتهم والسعي في تحقيها وتسهيل المهمة قدر ما استطاع.
ومن حقهم عليه: أن يسوسهم بالعدل في المعاملة والرعاية، ولا يفرق بينهم بغير سبب شرعي، فإن العدل سبب لصلاح المجتمع، والعدل سبب لصلاح الأمة وانتظام الدولة وشؤونها، وبالعدل تآلف القلوب وتجتمع الكلمة ويقل الشر والفساد.
والذي يتأمل حال كثير من مؤسسات الدولة يجد ان الإهمال ضارب بجذوره متغلغل فيها فاين ولاة الأمر من تقصير الموظفين.
أيها المسئول في جميع دوائر الدولة، كل مسئول، الوزير مسئول في وزارته، والمدير في إداراته، وكل مسئول عن مهمته.
عنِ الْحَسَنِ، أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ زِيَادٍ عَادَ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَقَالَ لَهُ مَعْقِلٌ: إِنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللهُ رَعِيَّةً، فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ، إِلاَّ لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ. أخرجه أحمد والبخاري.
• قصص عن تحمل المسؤولية و عدم إهمال الراعي لها:
الرقابة الذاتية على نفسه ومحاسبتها: وعن داود بن علي قال: قال عمر رضي الله عنه "لو ماتت شاة على شط الفرات ضائعة، لظننت أن اللّه عز وجل سائلي عنها يوم القيامة.
وعن عبد اللّه بن عمر قال: كان عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يقول: لو مات جدي بطف5 الفرات لخشيت أن يحاسب اللّه به عمر.
وعن علي رضي الله عنه قال: "رأيت عمر بن الخطّاب رضي الله عنه على قتب يعدو، فقلت: "يا أمير المؤمنين أين تذهب؟ قال: "بعير نَدَّ من إبل الصدقة أطلبه" فقلت: "لقد أذللت الخلفاء بعدك، فقال: "يا أبا الحسن لا تلمني فوالذي بعث محمداً بالنبوة لو أن عناقاً أخذت بشاطئ الفرات لأخذ بها عمر يوم القيامة" ابن الجوزي: مناقب عمر بن الخطاب رضي الله عنه ص 161.
وقد كان الخليفة العباسي المأمون يُخَصِّصُ يوم الأحد من كل أسبوع للنظر في المظالم، وفي يوم من أيام جلوسه جاءته امرأة في ثياب رثّة فقالت:
يَا خَيْرَ مُنْتَصِفٍ يُهْدَى لَهُ الرَّشَدُ
وَيَا إمَامًا بِهِ قَدْ أَشْرَقَ الْبَلَدُ
تَشْكُو إلَيْكَ عَمِيدَ الْمُلْكِ أَرَمَلَةٌ
عَدَا عَلَيْهَا فَمَا تَقْوَى بِهِ أَسَدُ
فَابْتَزَّ مِنْهَا ضِيَاعًا بَعْدَ مَنْعَتِهَا
لَمَّا تَفَرَّقَ عَنْهَا الأَهْلُ وَالْوَلَدُ
فأطرق المأمون يسيرًا ثمَّ رفع رأسه وقال:
مِنْ دُونِ مَا قُلْتِ عِيلَ الصَّبْرُ وَالْجَلَدُ
وَأَقْرَحَ الْقَلْبَ هَذَا الْحُزْنُ وَالْكَمَدُ
هَذَا أَوَانُ صَلاَةِ الظُّهْرِ فَانْصَرِفِي
وَأَحْضِرِي الْخَصْمَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَعِدُ
الْمَجْلِسُ السَّبْتُ إنْ يُقْضَ الْجُلُوسُ لَنَا
أُنْصِفْكِ مِنْهُ وَإِلاَّ الْمَجْلِسُ الأَحَدُ
فانصرفت وحضرت يوم الأحد في أوَّل النَّاس، فقال لها المأمون: من خصمك؟ فقالت: القائم على رأسك العبَّاس بن أمير المؤمنين [ابنه]، فقال المأمون لقاضيه يحيى بن أكثم: أجلسها معه وانظر بينهما. فأجلسها معه، ونظر بينهما بحضرة المأمون، وجعل كلامها يعلو، فزجرها بعض حجَّابه، فقال له المأمون: دعها فإنَّ الحقَّ أنطقها والباطل أخرسه. وأمر بردِّ ضياعها عليها. ففعل المأمون في النَّظر بينهما حيث كان بمشهده، ولم يباشره بنفسه لما اقتضته السِّياسة؛ من وجهين: أحدهما: أنَّ حكمه ربَّما توجَّه لولده، وربَّما كان عليه، وهو لا يجوز أن يحكم لولده، وإن جاز أن يحكم عليه. والثَّاني: أنَّ الخصم امرأةٌ يجلُّ المأمون عن محاورتها... وباشر المأمون تنفيذ الحكم وإلزام الحقِّ. الماوردي: الأحكام السلطانية ص146، 147.
5- الإهمال في أخذ العدة:
حيث ان اخذ العدة فرض على اللامة: والإهمال في أخذ العدة، سواء أكانت عدة معنوية بقوة القلوب وشدتها، أم كانت عدة مادية بالاستعداد لمقاومة الأعداء، وهذه لا يمكن أن يتقنها ويجيدها إلا الناس الذين اشتغلوا بمعالي الأمور، وأعرضوا عن السفاسف، أما صرعى الشهوات فليسوا أهلاً لذلك، بل إن مجرد الكلام عن الحرب يخيفهم، مجرد إخراج إعلان أو تحذير عن الحرب تجده يخيفهم ويرعبهم، فضلاً عن الخوض في المعركة، هذا مع أننا حين نقول العذاب لا نعني العذاب عن طريق حرب من عدونا لا، ﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ﴾ [المدثر:31].
6- الإهمال في المستشفيات و إهمال الأطباء:
فكم و كم سمعنا عن صور مبكية من الإهمال في كثير من المستشفيات فكم من مريض مات و لم يلتفت اليه صبيب الرحمة و كم امن مصاب يظل الليل البهيم يان و يتالم من المرض ولا مسعف له، وما قصة المرأة التي ولدت خارج المستشفى منا ببعيد.
فبعض الأطباء لا يخافون الله، وفي الحالات الخطرة تجد إهمالاً وتسيباً من بعضهم، وقد يموت المريض نتيجة إهمال الطبيب فيكون الطبيب عليه كفارة قتل الخطأ، وبعضهم قد يصرف دواء لا يتقي الله فلا يتدبر ولا يفكر ولا يتأكد فيصرف هكذا وقد يكون هذا الدواء أو هذه الإبرة سبباً في موت المريض وعند ذلك يجب عليه التوبة إلى الله توبة عظيمة لأنه تسبب في قتل وعليه كفارة القتل.
أسال الله جل وعلا أن يرزقنا وإياكم العلم النافع وأن يفقهنا وإياكم في الدين وأن يحفظنا وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن إنه على كل شيء قدير.
اللهم استرنا ولا تفضحنا وأكرمنا ولا تهنا وكن لنا ولا تكن علينا اللهم لا تدع لأحد منا في هذا المقام الكريم ذنبا إلا غفرته ولا مريضا إلا شفيته ولا دينا إلا قضيته، ولا هما إلى فرجته، ولاميتا إلا رحمته، ولا عاصيا إلا هديته، ولا طائعا إلا سددته، ولا حاجة هي لك رضا ولنا فيها صلاح إلا قضيتها يا رب العالمين.
اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما، وتفرقنا من بعده تفرقا معصوما ولا تجعل فينا ولا منا ولا معنا شقيا أو محروما.
اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى.
اللهم إن أردت بالناس فتنة فاقبضنا إليك غير خزايا ولا مفتونين ولا مغيرين ولا مبدلين برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم احمل المسمين الحفاة واكسوا المسلمين العراة وأطعم المسلمين الجياع.
اللهم لا تحرم مصر من الأمن والأمان.
اللهم لا تحرم مصر من التوحيد والموحدين برحمتك يا أرحم الراحمين.
أحبتي في الله..
هذا وما كان من توفيق فمن الله وما كان من خطأ أو سهو أو زلل أو نسيان فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه براء وأعوذ بالله أن أكون جسرا تعبرون عليه إلى الجنة ويلقى به في جهنم ثم أعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه.
وصل اللهم وسلم وزد وبارك على محمد صلى الله عليه وسلم.
وأقم الصلاة.