دروس من رحلة الاسراء للشيخ أبو سيف الأزهري






الحمد لله رب العالمين
الحمد لله الذي رفع قدر نبينا محمد صلى الله عليه وسلّم في الدنيا وفي الأخرى ، 
وأسرى به ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى فأعظم بذلك فخراً ،
وقدمه جبريل فصلى بالأنبياء والمرسلين فكان بذلك المقام أحرى ،
ثم رقيَ إلى السموات العلا إلى سدرة المنتهى ، ورأى من آيات ربه الكبرى 
فسبحانه من إله نزه نفسه بنفسه في مقام الإنباء عن الإسرا ،فقال جل ذكره سبحان الذي أسرى 
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تتوالى علينا إمداداتها تترى ، 
وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله الذي بعثه رحمة للعالمين وكنزاً لهم وذخراً ،
صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وتابعيهم خصوصاً وارثيه الذين أشاد الله تعالى لهم في الخالقين ذكراً.
وبــــــــعـــد:..........
يقول الله تعالى : ( مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾
اعلموا جيدا ان رحلة الاسراء كانت 
نفحةً بعد لَفْحة، 
ورحمةً بعد قسوة،
ومنحةً بعد زحمة، 
وتكريمًا بعد تمحيص، 
واصطفاء بعد ابتلاء؛ 
فقد مرَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بضوائق كثيرة، وتعرَّض لعوائق وفيرة، وهو في طريق الدعوة الكبيرة؛ دعوة الإسلام العظيمة.
والدعاة السائرون على دَرْبِه والمتمسكون بسنَّته والمحافظون على دعوته كذلك، يتعرَّضون لذات الابتلاء؛ لينعموا بقسطٍ من الاصطفاء.
إنها سنَّة الله للمرسلين، ومِن بعدهم الصحابة والتابعون والصالحون من عباده المؤمنين إلى يوم الدين، طريقة لن تتبدَّل، وسنَّة لن تتحوَّل؛ ﴿ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً ﴾
إنه صلى الله عليه وسلم يعلِّمنا أن الطريقَ إلى الله عز وجل محفوف بالمخاطِر، وأن الطريق إلى جنَّته كلُّه أشواكٌ، حدث هذا مع الأنبياء والرسل والصالحين، وسيحدث كذلك مع أصحابِ الدعوات إلى يوم الدين، والله تعالى يسوق الأحداثَ والشدائدَ ليَمِيز الخبيثَ من الطَّيِّب، والمؤمنَ من الكافر، والجاحدَ من الشاكر، والناسي من الذاكر؛ ﴿ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ
يعلِّمنا النبي الكريم أن المؤمن يخرج من هذه الأحداث أصلب عودًا، وأقوى إيمانًا، وأثبت يقينًا، وأعظم مناعةً تمكِّنه من الصمود في وجه العوادي، والنَّكبَات تمكِّنه من الثبات، مع طول السفرِ ووعثَاء الطريق، وأن الإيمان دعوى تحتاج إلى دليلٍ، وهذه الشدائد والابتلاءات، والفِتَن والأشواك، ما هي إلا خير دليلٍ؛ ﴿ الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾
 من هنا كانت هذه الرحلة العظيمة قوة للامة بل ان شئت فقل عيد للامة له عاداته وتقاليده، يستخلصوا منه العبرة من وقائعها، ويستفيدوا من دروسها، التي سنذكر بعضا من ومضاتها..........
🔴 الدرس الأول:
ان الإيمان برحلة الإسراء والمعراج جزء من عقيدة المسلم ، ذلكم أنه إحدى المعجزات التي أيد الله بها نبيه عليه الصلاة والسلام، والإيمان بالمعجزة جزء من العقيدة الإسلامية، وهو امتحان لإيمان المؤمنين وارتياب المنافقين . ولهذا ارتد من ارتد عن الدين لضعف إيمانهم وقلة يقينهم، وفاز بالصدق والصديقية أبو بكر رضي الله عنه فسمي صديقاً، لإيمانه وتصديقه الجازم بمعجزة الإسراء والمعراج، وهكذا الصحابة الكرام ممن امتحن الله قلوبهم بالتقوى، ففازوا بالإيمان الراسخ والعقيدة الثابتة .
🔴 الدرس الثانى :
لطف الله تعالى بعباده ، ونصرته لأوليائه والدعاة إلى سبيله ، فقد جاءت رحلة الإسراء والمعراج بعد أن اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الأذى ؛ تكريماًُ من الله تعالى لهم ، وتجديداً لعزيمتهم وثباتهم على الدين ، وثقتهم بالله رب العالمين .
🔴 الدرس الثالث :
ان الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي كان بيد بني إسرائيل فيه إشارة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم سيرث قيادة الأمة، وسترث أمته هذه البلاد، وفي عروج الله بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماوات العلى، ورفعه مكانا عليا فوق جميع البشر، بشارة بأن الله سيرفع كلمته ويظهر دينه على الدين كله 
🔴 الدرس الرابع :
ومنها: أن في صلاته صلى الله عليه وسلم بالأنبياء جميعا ، واقتدائهم به وهم في عالم البرزخ ، إشارة إلى أنهم لو كانوا أحياء في الدنيا لم يكن في وسعهم إلا اتباعه ، وكأن الأنبياء عليهم السلام بصلاتهم خلفه يقولون لمن لم يتبعه من اليهود والنصارى وغيرهم ، إننا لو كنا أحياءً لاتبعناه، فما بالكم لا تتبعونه وهو بين أظهركم .
🔴 الدرس الخامس :
أن في هذه الحادثة دلالة على عظم شأن الصلاة ، فقد اختصها الله من بين العبادات بأن تفرض في السماء عندما كلم رسوله صلى الله عليه وسلم بدون واسطة .
لقد شرعت الصلاة عباد الله لتكون معراجا ترقى بالناس كلما تدنت بهم شهوات النفوس وأعراض الدنيا، وأكثر الناس اليوم لا يصلون الصلوات التي شرعها الله، فصلاتهم لا حياة فيها ولا روح، إنما هي مجرد حركات جوفاء، لأن علامة صدق الصلاة أن تعصم صاحبها من الوقوع في الخطايا، وأن تخجله من الاستمرار والبقاء عليها إن هو ألم بشيء منها .. وإن من لطف الله تعالى بعباده أن خفف عنهم الخمسين صلاة على يد محمد صلى الله عليه وسلم وبمشورة موسى عليه السلام حتى بلغت خمس صلوات في اليوم والليلة، فلله الحمد لله والمنة أن خفف عنا، وأثبت لنا أجر الخمسين، والويل لمن نقص من هذه الخمس ، فلم يأت بها كاملة في أوقاتها ، وفي بيوت الله كما أمر الله .
نسأل الله أن يعيننا على أداء الصلوات ، والمحافظة عليها ...
🔴 الدرس السادس:
درس في الصحوة الإسلامية تأمل العلماء الربط بين إسراء النبي من مكة البيت الحرام إلى بيت المقدس فذكروا أن مكة هي رمز للإسلام لدين الله وبيت المقدس هو رمز لحال المسلمين فما يجري في تلك الأرض هي علامة صحوة المسلمين أو غفلتهم 
أن في هذه الرحلة تذكير للمسلمين بالأمانة العظيمة ، أعني ديار الإسراء والمعراج أرض الأقصى المباركة التي ربطها الله برباط العقيدة ، فهي أمانة في أعناق المسلمين جميعاً، نسأل الله أن يطهرها من اليهود الغاصبين .
فقد غدا المسجد الأقصى المبارك مستباحاً من قبل عصابات المتطرفين والمستوطنين اليهود، الذين سمحت لهم سلطات الاحتلال بالدخول إليه بالقوة وفي ظل حماية الشرطة الإسرائيلية، التي حولت المسجد الأقصى المبارك إلى ثكنة عسكرية؟ في الوقت الذي تمنع فيه سلطات الاحتلال أبناء المسلمين من الوصول إلى المسجد الأقصى، وتعرقل الإعمار ومواد الصيانة اللازمة، مما يؤدي إلى إمكانية الانهيار في مرافق المسجد كما حصل قبل فترة بجدار المتحف الإسلامي الغربي الواقع في المسجد الأقصى
🔴 الدرس السابع :
عظم جزاء الصابر المحتسب، الذي يشتغل بالدعوة إلى الله تعالى، فيتحمل في سبيلها الأذى والمشقة، لأنه لا يقصد إلى لعاعة فانية، ولا إلى شهرة مهلكة، ولا إلى مكانة زائلة. فقد توالت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأحزان والآلام: حاصره قومه في شِعب أبي طالب ثلاث سنوات، لاقى فيها هو وأصحابه الجوع والحرمان، ثم فقد رِدءه ومؤازره: زوجته خديجة- رضي الله عنها-، ومات مناصره مسانده: عمه أبو طالب، فازدادت جراءة كفار قريش عليه، حتى كان أبو لهب يلاحقه في الأسواق والمجامع، يسبه، ويسفهه، ويرميه بالحجارة، ويخبر بأنه كذاب، وبعد أن عرض دعوته على ثقيف بالطائف، لعله يجد منهم النصير والمساعد، فما وجد منهم إلا الصدود والاستهزاء، بل سلطوا عليه سفهاءهم وصبيانهم وعبيدهم، فسخروا منه، ورجموه بالحجارة حتى أدموا قدميه الشريفتين، فجاء الإسراء والمعراج ليكون تسلية له لأحزانه وتعويضا، ورفعا من معنوياته وتعضيدا.
فإذا كان قد ذهب إلى الطائف ماشيا، فقد حمل إلى بيت المقدس على البراق، الذي أتي به - صلى الله عليه وسلم - "مُلْجَمًا مُسْرَجًا، فَاسْتَصْعَبَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: أَبِمُحَمَّدٍ تَفْعَلُ هَذَا؟ فَمَا رَكِبَكَ أَحَدٌ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْهُ، فارْفَضَّ عَرَقًا" صحيح سنن الترمذي.
وإذا كان صاحبه إلى الطائف خادمه زيد بن حارثة، فإن صاحبه في رحلة الإسراء والمعراج كان جبريل عليه السلام، سيد الملائكة وأشرفهم.
وإذا استقبله أهل الطائف بالسخرية والاتهام والتكذيب، فقد استقبله أنبياء الله في السماوات العلى وآمنوا به وصدقوه: آدم في السماء الدنيا، ويحيى وعيسى في السماء الثانية، ويوسف في السماء الثالثة، وإدريس في السماء الرابعة، وهارون في السماء الخامسة، وموسى في السماء السادسة، وإبراهيم في السماء السابعة، كلهم يقول:"مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح".
وإذا ضاقت به الأرض في الطائف، فخرج منها مهموما هائما على وجهه، ففي الإسراء والمعراج انفتحت له أرجاء السماوات، وكان الفضاء كله له مأوى، حتى قُدم على أهل السماء. ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾
🔴 الدرس الثامن :
إن صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأنبياء إماما لهم في بيت المقدس، دليل على وحدة الأديان السماوية، وأنها كلها من مشكاة واحدة، وأن الدين الخاتم، الذى نسخ الأديان قبله، وأصبح على كل من عرفه أن يؤمن به هو الإسلام. قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85]. ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده، لو كان موسى حيا، ما وسعه إلا أن يتبعني" حسنه في الإرواء. ويحسم هذه المسألة قول النبي - صلى الله عليه وسلم - الصريح: "وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ: يَهُودِىٌّ وَلاَ نَصْرَانِي، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ" مسلم.
فهل هو دين واحد، نسعى لإقناع غيرنا به بالتي هي أحسن، أم هو التعايش بين الإسلام وأديان أخرى تناقض التوحيد، وتشرك برب العالمين؟.
🔴 الدرس التاسع :
رحلة الإسراء والمعراج دليل على صراع التصديق والتكذيب، ونصرة التصديق وأهله. فقد أسري بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وعرج به في ليلة واحدة، بروحه وجسده، ولذلك اعتقد كفار قريش المكذبون أنهم وجدوا مغمزا للطعن على دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأخذوا يشنعون عليه، ويسخرون من قوله، واعتقدوا أنهم سيشعلون فتيل العداوة بينه وبين صاحبه أبي بكر الصديق، فجاؤوه فقالوا له:"هل لك في صاحبك يزعم أنه جاء إلى بيت المقدس، ثم رجع إلى مكة في ليلة واحدة؟ فقال أبو بكر: أو قال ذلك؟ قالوا: نعم. قال: فأنا أشهد لئن كان قال ذلك لقد صدق. قالوا: فتصدقه في أن يأتي الشام في ليلة واحدة ثم يرجع إلى مكة قبل أن يصبح؟ قال: نعم، أنا أصدقه بأبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء" الصحيحة.
قال تعالى: ﴿ وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾
حقا اته درس في بناء الرجال والرجال لا يمكن بناؤهم إلا من خلال المواقف 
🔴 الدرس العاشر:
وفي الإسراء والمعراج مبشرات عظيمة للمؤمنين الصالحين، فقد قال سيدنا إبراهيم للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا محمد، أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر" ص. الترمذي. وفي رواية قال له: "يا محمد، مر أمتك فليكثروا من غراس الجنة، فإن تربتها طيبة، وأرضها واسعة. قال: وما غراس الجنة؟ قال: لا حول ولا قوة إلا بالله" صحيح الترغيب.
وقال عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود - رضي الله عنه -: "لَمَّا أُسْرِىَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، انْتُهِيَ بِهِ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى.. فَأُعْطِىَ ثَلاَثًا: أُعْطِىَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَأُعْطِىَ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَغُفِرَ الْمُقْحِمَاتُ (الذنوب العظام التى تقحم أصحابها فى النار) لِمَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ مِنْ أُمَّتِهِ شَيْئًا " مسلم.
🔴 الدرس الحادى عشر:
التواضع....وصل إلى سدرة المنتهى .. ثم عاد يأكل
مع الفقراء وينام على الحصير !
صلوات ربي وسلامه عليه
والبعض وصل إلى بلاد الكفر ثم عاد
متغطرساً لا تكاد تحمله الأرض 
ينتقد دينه وعادات بلده ومعيشة أهله
ومافقد الماضون مثل محمدٍ ..
ولا مثله حتى القيامة يُفقَد ..
من خصائص هذا الدين الحنيف: أنَّه يقف في وجهِ الطُّغاة والمستبدِّين، يقف للبغاةِ والظالمين، المنكبِّين على الدنيا، الهائمين في ملذَّاتها وشهواتِها ونَزواتِها، المفسدين فيها؛ ليرشدهم ويَعِظهم وينذرهم.
وعندما لا يتَّفق هذا مع أهوائهم يتعرَّضُ أصحابه لما يتعرَّضون له من صدٍّ وبلاء، مِن ظلمٍ وابتلاء، مِن قَمْعٍ وإيذاء، والحال أبلغ من المقال.وإذا فقد المصلح أمله فقد دخل المعركة بلا سلاح يقاتل به، بل بلا يد تمسك بالسلاح، فأنّى يرتجى له انتصار؟ أو يأتي إليه فلاح، أما إذا استصحب الأمل فإن الصعب سيهون، والضر سينكشف، والبعيد سيدنو فالأيام تقرب البعيد والزمن جزء من العلاج.
ومنذ أن وُجد الخيرُ والشر، منذ أن وُجد الهدى والضلال، منذ أن وُجد الحقُّ والباطل، والصراع على أشدِّه، لكن النتيجة الحتمية لهذا الصراع؛ هي أن الحقَّ دائمًا في انتصارٍ وازدِهار، وأن الباطل في اندحارٍ واندثار، دولة الباطلِ ساعة ودولة الحقِّ إلى قيام الساعة؛ ﴿ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ﴾،
﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾
﴿ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ ﴾،
((لا تزال طائفةٌ من أمَّتي ظاهرين على الحقِّ، لا يضرُّهم مَن خذلهم حتى يأتِي أمرُ الله وهم كذلك))؛ أخرجه البخاري ومسلم.
#ايهاالاخوة:
إن حدث الاسراء والمعراج من معالم الإسلام الكبرى، 
يأتي بجلاله 
ويظلنا بمنظومته وأفكاره، 
ونعيشه بكل مرائيه وتحليلاته،
فهو يكشف الواقع المرير بآلامه وآماله، 
ويرسم منهج الإصلاح والتغيير لمستقبل أرشد، 
إن الإسراء حقا من أكبر الدروس التي يمكن أن تبصّرنا بالخروج من الحيرة التي نحن فيها، والتشرذم الذي نحياه أفرادا ومجتمعات، 
إن الناظر لواقعنا يرانا في تخبط وعَمَه يتطلب حلا ناجعا، وعملا نافعا ينقذنا من آلامنا، ويبشرنا بمستقبل تسعد فيه أمتنا ومجتمعاتنا.
أسأل الله سبحانه أن يوفقنا لمراضيه
وأن يجعل مستقبل حالنا خير من ماضيه
أقول قولى هذا واستغفر الله لى ولكم
والتائب من الذنب كمن لا ذنب له...............!
======================= 
🔻 الخطبة الثانية 🔻
الحمد لله حمدا كثيرا كما امر
والصلاة والسلام على محمد سيد البشر
الشفيع المشفع فى المحشر
صلى الله وسلم وبارك عليه ما اتصلت عين بنظر او سمعت اذن بخبر
فقد قال تعالى ولم يزل قائلا عليما وآمرا حكيما; تشريفا لقدر المصطفى صلى الله عليه وسلم وتعظيما;
إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ...
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين ...
وبعد:
═◄ثمرة هذه الخطبة تتمثل فى الدرس العام من هذه الرحلة الارضية السماويه
وهو ان
هذه الرحلة كانت فى حقيقتها تفريجا لكرب - وتيسيرا لعسر - وإزاحة لهم وغم اصاب النبى صلى الله عليه وسلم
فيا من لا ترى الا الضيق والنكد 
لا تضق ذرعا بالايام فمن المحال دوام الحال -فالحكيم سبحانه كل يوم هو فى شأن
دع المقادير تجري في اعنتها..*... ولا تبيتن الا خالي البال 
ما بين غمضة عين وانتباهتها...*.. يغير الله من حال الى حال.
صح عند احمد عن ابن عباس انه صلى الله عليه وسلم قال - واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً 
◄أرأيتم بعد كل هذه المآسى والالام التى مر بها الحبيب صلى الله عليه وسلم جاء الفرج من الله فيا كل مهموم 
يا كل مكروب
يا كل مصاب
يا كل محزون ومبتلى
ابشر بفرج الله
يا صاحب الهم إن الهم منفرج ,, أبشر بخير فــإن الفـــارج الله 
اليأس يقطــع أحيانا بصاحبـــه ,, لا تيأســـن فـــإن الكافـــي الله 
الله يحـــدث بعد العسر ميســرة ,, لا تجزعـــن فــإن القاســم الله 
إذا بليــت فثق بالله وارضَ بــه ,, إن الذي يكشف البلوى هو الله 
والله , مالَكَ غير الله مــن أحــد ,, فحسبـــك الله فـي كـــلٍ لك الله

 اللهم يا حى يا قيوم ياذا الجلال والإكرام نسألك............... مع الدعاء

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات