حياة النبي ﷺ مع زوجاته نموذج عملى لنطبقه في حياتنا









الحمد لله الذي ملَك فحكَم فعدَل، قدر الأمور من الأزل، فلحكمة لم يفعل ولحكمة فعل.
وأشهد أن لا إلاه إلا الله وحده لا شريك جعل الزواج نعمة عظيمة ووصى به أنبياءه، وما جعل لسواه بدل.
وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله الذي إذا قال فعل، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على من به اعوجاج الملَّة اعتدل، وبنور سنته الشرع اكتمل، واجعله الشفيع لنا إذا ما الروح حين البعث بالجسد اتصل، وأصبح الهلاك هو دون النجاة المحتمل.
العـناصـــر
أولًا: أسباب المشكلات الزوجية                                     
ثانيًا: كيفية علاج المشكلات
الموضــوع
أولًا: أسباب المشكلات الزوجية
لا تخلو الحياة من مشاكل: يمكن أن نقول إنّه تكاد لا تخلو حياة زوجية من مشاكل، وهذا الأمر طبيعي وليس مستغرباً، فعند اختلاف الثقافات والتجارب والأنماط الفكرية في التحليل والاستنتاج، من المسلّم به في هذه الحالة أن يكون تنوُّع الآراء والمواقف هو الحاكم وسيّد الموقف. وهذا عامل قوّة في الحياة الزوجية وليس ضعفاً، كما يظنّ البعض؛ لأنّ هذا الخلاف من المفترض أن يتحوّل إلى أرضية خصبة وصالحة لبدء نقاش بنّاء وفعّال بين الزوجين، مع ما سوف يصاحب هذا النقاش من عملية إقناع متبادل وتلاقي في الفكر، ومحاولة لفهم الطرف الأخر أكثر فأكثر. وبالتالي، نحن أمام فرصة حقيقية لتطوير العلاقة بين الزوجين وتمتينها وتقويتها من خلال الحوار والنقاش المباشر؛ بهدف إيجاد الحلول المناسبة والصحيحة للخلافات التي يمكن أن تطرأ على الحياة الزوجية، ولكن بشرط أن يكون هذا النقاش خاضعاً للمعايير والضوابط الدينية والتربوية.
الاختيار على أساس خاطئ من البداية: عن أبي حاتم المزني قال قال رسول الله r إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد قالوا يا رسول الله وإن كان فيه قال إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ثلاث مرات ([1])
ومعنى قوله تعالى: " إِلا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ " أي: إن لم تجانبوا المشركين وتوالوا المؤمنين، وإلا وقعت الفتنة في الناس، وهو التباس الأمر، واختلاط المؤمن بالكافر، فيقع بين الناس فساد منتشر طويل عريض.
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -r- قَالَ «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ» ([2])
وسأل رجل سيدنا الحسن قائلاً: جاء لإبنتى فلان وفلان، لمن أزوجها؟، قال زوجها لرجل صالح إذا أحبها أكرمها، وإذا كرهها لم يهنها، أو لم يظلمها.
فقد حدد رسول الله r المعايير التي يتم اختيار الزوجين على أساسها، فمن سار على هذه المعايير كانت المشكلات بينهما قليلة جدا وأمكن حلها بسهولة لأنهما يخشيان الله تعالى فلا يفعلان ما نهاهما عنه فمتى ذُكِّرا به تذكرا وعادا إليه.
أما من لا يخشون الله فتكثر المشكلات بينهما ويصعب حلها.............
عدم الالتزام بالشرع المقدّس: لقد وضع الله تعالى القوانين لتنظيم العلاقة الزوجيَّة، وجعلها على أفضل وجه؛ من أجل تأمين حياة زوجية سعيدة، وعندما يتخلّى الإنسان عن هذه الحدود الشرعية ويتجاوزها؛ فإنّه سيُهدّد الحياة الزوجيَّة برمّتها. من هنا، كان من الواجب على كلا الزوجين أن يتعرّفا على الأحكام الشرعية المتعلّقة بحقوق كلّ منهما تجاه الآخر، وأن يحيط كلّ منهما علماً بالحقوق الزوجيَّة وآداب العلاقة التي ينبغي أن تحكم هذه الحياة الخاصّة، حتى يتمّ تحصيل الحصانة اللازمة التي تحمي بنيان الأسرة من التصدّع.
سوء التقدير الناشىء، عن الجهل بالطرف الآخر، والجهل بخصوصيّاته البدنيّة والروحيّة. فالرجل ليس كالمرأة، بل لكلٍّ منهما خصائصه ومميّزاته الجسديّة والنفسيّة، وهذا ما سوف ينعكس على شخصية الإنسان وأفكاره ومواقفه وبالتالي على تفاعله مع الأحداث والمواقف الحياتية المختلفة. لذا ليس من الصحيح أن يعامل كلّ منهما الآخر من منطلق تكوينه الشخصيّ وطريقته الخاصّة، بل ينبغي ـ قبل كلّ شيء ـ الإقرار بوجود هذا الاختلاف والتفاوت، ثمّ العمل على أساسه. أمّا عدم الإقرار بهذه الحقيقة التكوينية، أو الإقرار بها مع عدم العمل بمقتضاها؛ فهذا ما سوف يؤدّي إلى الدخول في دوّامة المشاكل الزوجية التي لا تنتهي، وبالتالي سيشكّل خطراً حقيقياً على ديمومة هذه الحياة واستمراريّتها. لذلك، فإنّ المعرفة الدقيقة والصحيحة بالطرف الآخر يساعد كثيراً على فهمه وفهم تصرّفاته وسلوكيّاته، بنحو يساعد على تحصيل التوافق والانسجام بدرجة أكبر.
عدم الواقعية: إنَّ التصوّرات الخاطئة أو الخياليّة عن الحياة والمستقبل تُعدّ من المشاكل التي غالباً ما تعترض الأزواج، فالشاب والفتاة أحياناً كثيرة يعيشان في عالمٍ من الأحلام الورديَّة، ويتصوَّران أنَّ المستقبل سيكون جنَّة وارفةً الظِّلال كما في القصص الخيالية، حتى إذا دخلا دنياهما الجديدة باحثين عن تلك الجنّة الموعودة فلا يعثران عليها، فيلقي كلّ منهما اللوم على الآخر محمّلاً إياه مسؤولية ذلك الفشل. لتبدأ بعد ذلك فصول من النزاع المرير الذي يُفقد الحياة طعمها ومعناها. فكلٌّ يتّهم الآخر بالتقصير والخداع، ملقياً بالتبعة على شريكه. في حين أنّ الأمر لا يتطلّب سوى نظرة واقعية للأمور.
البحث عن العيوب: قد ينشب النزاع في بعض الأحيان بسبب البحث عن العيوب أو التنقيب عن النقائص، فترى أحد الزوجين لا همّ له سوى ترصّد ومراقبة الطرف الآخر، فإذا وجد فيه زلّة ما شهّر به وعابه بقسوة. وهذه العادة والعداء لن ينجم عنها سوى الشعور بالمهانة والإذلال، وسوف تدفع بالزوج أو الزوجة إلى الكراهية والحقد وربما دفعت إلى التمرّد والنزاع أيضاً. ففي الحديث المروي عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أنه قال: "حَقُّ المرأة على زوجها أن يَسُدَّ جَوْعتَها وأَن يَسْتُرَ عَوْرَتهَا ولا يُقَبِّحَ لها وَجْهاً، فإذا فعل ذلك فقد  والله أدَّى حَقَّهَا". والمقصود منه هو: التستّر على العيوب والأخطاء التي قد تقع فيها الزوجة، فلا يُعيِّرها بها، ولا يفضحها في مجالسه.
التقريع الدائم واللوم: أن نتصوّر الزوج أو الزوجة إنساناً معصوماً عن الخطأ لهو أمر بعيد عن الصّحة والواقع، فالإنسان مخلوق يُخطىء ويُصيب، بالرغم من سعيه الدائم نحو الكمال والتكامل ومحاولة الحدّ من الأخطاء. يجب أن يعرف كلا الزوجين أنّ احتمالات الوقوع في الخطأ موجودة دائماً في الحياة الزوجية. وهذا أمر طبيعي جدّاً. فإذا صدر خطأ ما من أحدهما فالأمر لا يستحقّ تقريعاً أو لوماً يُعكّر صفو الحياة.
عدم الرفق بالطرف الآخر: قد ينشب النزاع بين الزوجين بسبب المضايقات المستمرّة؛ كإقدام الرجل ـ مثلاًـ على فتح أبواب منزله للأصدقاء والمعارف دون مراعاة حال الزوجة وظروفها النفسيّة والصحّيّة، محمّلاً المرأة أعباء خدمتهم وضيافتهم، أو بالعكس تقوم المرأة بدعوة أهلها وأقربائها باستمرار؛ ما يؤدّي إلى إرهاق الرجل مادّيّاً ونفسيّاً، لذا، ينبغي على كلا الزوجين أن يراعي كل منهما حال الطرف الآخر ويشعر معه، فلا يُقدِم على ما يُسبِّب له الأذيّة والضرر على كلا المستويين المادّيّ والمعنويّ، بل ينبغي أخذ إمكانات كلّ طرف بنظر الاعتبار، واحترام الزوجين كل منهما لمشاعر الآخر. فعن الإمام أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال: "ما زوي الرفق عن أهل بيت إلّا زوي عنهم الخير"
الانشغال بوسائل التواصل: اذا نظرت في حال كثير من البيوت وجدت أن الزوج منشغل بهاتفه عن زوجته، وهي كذلك منشغله بهاتفها عن زوجها، وكذلك الأبناء كلٌ منشغل عن الآخر، فلا يوجد بينهم حوار بناء ولا مناقشة لأحوالهم، ولا اجتماع بينهم للعلم عن الله ورسوله r وترك ما لا يفيد من أخبار غالبيتها ضياع للأوقات التي سيحاسبوا عليها.
حتى وجدنا أنه لما تحدث مشكلة للزوجة مثلا تضع المشكلة على وسائل التواصل لتبين سوء أخلاق الزوج، أو الزوج يبين سوء أخلاق الزوجة، فلا تنحصر المشكلة بينهما داخل البيت ، وانما ليعلم بها العالم كله ، وكأن هذا هو الحل لسائر المشكلات.
, أفاد التقرير الوثائقي باسم “ثورة الطلاق”، الذي عرضه الإعلامي مصطفى كفافي، في برنامج “زووم”، على قناة “الغد”، بأن وسائل التواصل الاجتماعي وعلى رأسها موقع “فيس بوك”، ساهمت بشكل كبير في حالات الطلاق بنسبة تصل إلى 20% على الأقل وفقًا لبيانات من محاكم الأسرة، في مصر.
أوضح التقرير أن انشغال الزوج في لعب “البلاي ستيشن” تسبب في وقوع 600 ألف حالة طلاق وخلع، كما تسببت لعبة “كاندي كراش”، بانشغال الزوجة، ووقوع 8 آلاف حالة طلاق وخلع.
عدم معرفة الزوجة يما يحب الزوج والعكس: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى» قَالَتْ: فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: " أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لاَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قُلْتِ: لاَ وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ " قَالَتْ: قُلْتُ: أَجَلْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ) ([3])
فإن عرفا ما يحبا وما يكرها كان أبعد عن الوقوع في المشكلات.
عدم معرفة حقوق كل منهما على الآخر والالتزام بها: أمامة بنت الحارث الشيباني زوجة عوف بن ملحم الشيباني وقد عرفت بالعقل والحكمة وسداد الرأي وبعد النظر والفصاحة وقوة البيان، توصي ابنتها ليلة زفافها: أي بنية: إن الوصِية لو تركت لفضل أدب لتركت ذلك لكِ، ولكنها تذكرة للغافل ومعونة للعاقل.. ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها وشدة حاجتهما إليها كنتِ أغنى الناس عنه، ولكن النساء للرجال خلقن ولهن خلق الرجال.
 أي بنية: إنك فارقت الجو الذي منه خرجتِ، وخلفتِ العش الذي فيه درجتِ إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصبح بملكه عليكِ رقيبا ومليكا، فكوني له أمة يكن لكِ عبداً وشيكا.. واحفظي له خصالاً عشراً يكن لك ذخراً..
 أما الأولى والثانية: فالخشوع له بالقناعة وحسن السمع له والطاعة.
وأما الثالثة والرابعة: فالتفقد لموضع عينه وأذنه.... فلا تقع عينه منكِ على قبيح ولا يشم منكِ إلا أطيب ريح.
وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت منامه وطعامه. فإن تواتر الجوع ملهبة، وتنغيص النائم مغضبة.
وأما السابعة والثامنة: فالاحتراس بماله والإرعاء على حشمِه وعياله... وملاك الأمر في المال حسن التقدير، وفي العيال حسن التدبير.
وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعصين له أمراً ولا تفشين له سراً.... فإنك إن خالفت أمره أوغرت صدره وإن أفشيت سره لم تأمني غدره.... ثم إياك والفرح بين يديه إن كان مهتما والكآبة بين يديه إن كان فرحاً.
وأوصى الصحابي الجليل أبو الدرداء رضي الله عنه زوجته فقال لها: "إذا رأيتني غضبت فرضني، وإن رأيتك غضبى رضيتك، وإلا لم نصطحب"
خذي العفو مني تستديمي مودتي، ولا تنطقي في سَورتي حين أغضب، ولا تنقريني نقرك الدف مرة فإنك لا تدرين كيف المغيب ، ولا تكثري الشكوى فتذهب بالقوى ويأباك قلبي والقلوب تقلب
فإني رأيت الحب في القلب والأذى ، إذا اجتمعا لم يلبث الحب يذهب
فإن عرف كل واحد منهما حق الآخر عليه والتزم به لا توجد مشاكل بإذن الله، لكن عدم الالتزام بالحقوق يؤدي إلى كثرة المشاكل.
ضرب الزوجة لاتفه الأسباب وكأنها لعبة تحت يديه: أيها المسلم : كيف هان عليك ان تضربها وتقسوا عليها بعد ان تركت كل اهلها لتجعلك انت وحدك اهلها؟
كيف هان عليك ان تجعلها تنام وفى قلبها قهر وفى عينيها دمعة تخنقها؟
كيف هان عليك ان تسافر وتتركها واولادها وانت لا تدرى عن مرار تربيتها لاولادك وهم يأكلون ويشربون ويمرضون ويعالجون - وانت علاقتك بهم كالبنك فقط ؟
كيف هان عليك ان تجعل البيت سجنا لزوجتك بدلا من ان تجعله جنة بها ؟
كيف هان عليك ان تجرح قلب زوجتك باهمال..؟
كيف هان عليك ان تعتصر قلب زوجتك بجفاء او استهزاء..؟
كيف هان عليك ان تتحكم امك او اختك او اباك او صديقك فى مصير زوجتك التى بيدك عصمتها...؟
كيف هان عليك أن تخرب بيتك بيدك ؟؟!!
كيف هان عليك ان تحزنها والله لا يرضى لها حزنا...فقال سبحانه: (كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ)
(أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ)، (فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي) ، (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7)) ، وضحت اﻵيات أن حزن المرأة عميق ، وألمه شديد لا يتحمله قلبها فرفقا بالقوارير تشبيه بليغ منه ، فهي إذا حزنت أنكسر قلبها.
قال الشاعر:
رأيتُ رجالاً يضربون نساءهـم *** فشُلَّت يميـنـي يـوم تُضرب زينبُ
أأضربها من غير ذنب أتـت به *** فما العدلُ مني ضرب من ليس يذنبُ
فزينبُ شمسٌ والنساءُ كواكبٌ *** إذا طلعت لـم يبدِ منهـنَّ كوكبُ
وجود الشيطان بين الزوجين: عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ " قَالَ الْأَعْمَشُ: أُرَاهُ قَالَ: «فَيَلْتَزِمُهُ» ([4]، (فيلتزمه) أي يضمه إلى نفسه ويعانقه إعجابا بما فعل.
فهذا هو هدف الشيطان الأسمى التفريق بين الزوجين لتزداد البغضاء والكراهية وتصل الأمور إلى ما لا يحمد عقباه.
ثانيًا: كيفية علاج المشكلات
اعلم أن الزواج نعمة عظيمة: لا بد من التأكيد على أن الإسلام شرع الزواج كنعمة عظيمة ومنّة من الله عز وجل، ففي الزواج يجد الإنسان السكن والراحة والرحمة والمودة، حيث يقول سبحانه وتعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، «سورة الروم: الآية 21»، وهكذا يؤكد الشرع الحكيم، أن في الزواج سكناً ورحمة وهدوءاً وسعادة وسكينة وقرة عين لكلا الزوجين، بالأبناء كنعمة عظيمة من نعم الرحمن علينا، كذلك في الزواج أجرٌ عظيم وثواب جزيل لمن أصلح نيَّته وأطاع ربَّه في زوجته وأبنائه، وكذلك المرأة تحصل على الثواب العظيم إن هي اتقت الله في زوجها وأبنائها، ولأن الحياة لا تخلو من المشكلات، فقد تحدث الخلافات الزوجية لكن لا بد أن يعي كل زوج أو زوجة أن الخلافات قد تمر كسحابة صيف». وتضيف النجار: «الأصل أن تظل السكينة تسود العلاقة الزوجية مهما حدث من منغصات وقد تستمر وتتفاقم دون داع وهنا لا بد من وقفة، فالخلافات لا تعرف المنزل الذي تربى فيه الزوج والزوجة على خلق الإسلام، فمن تربى على خلق الدين الحنيف سيعي حق الآخر عليه، وسيعمل ما في وسعه لإرضائه ابتغاء وجه الله.
تقوى الله هي التي تمنع كلا الزوجين من الوقوع فيما يغضب الله سبحانه، قال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) ﴾ [الطلاق: 3]، وقال تعالى: ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 4].
الصبر والتحمل: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» ([5])
(نصب) تعب، (وصب) مرض، (هم) كره لما يتوقعه من سوء، (حزن) أسى على ما حصل له من مكروه في الماضي، (أذى) من تعدي غيره عليه، (غم) ما يضيق القلب والنفس، (خطاياه) ذنوبه]
فكل مشكلة أو تعب أو هم أو غيره انما هو بأجر لذا لا ينبغي أن يحزن المسلم لأن هذا لا يضيع هباءًا وإنما له أجر عليه.
فليس كل مشكلة يكون حلها هو هدم البيوت وتدميرها كما روى وعن عبد الرحمن بن محمد بن أخي الأصمعي قال قال عمي للرشيد في بعض حديثه يا أمير المؤمنين بلغني إن رجلا من العرب طلق في يوم واحد خمس نسوة قال وكيف ذلك وإنما لا يجوز للرجل غير أربعة قال يا أمير المؤمنين كان متزوجا بأربعة فدخل عليهن يوما فوجدهن متنازعات وكان شريرا فقال إلى متى هذا النزاع ما أظن هذا إلا من قبلك يا فلانة لامرأة منهن اذهبي فأنت طالق فقالت له صاحبتها عجلت عليها بالطلاق ولو أدبتها بغير ذلك لكان أصلح فقال لها وأنت أيضا طالق فقالت له الثالثة قبحك الله فوالله لقد كانتا إليك محسنتين فقال لها وأنت أيضا أيتها المتعددة أياديهما طالق فقالت الرابعة وكانت هلالية ضاق صدرك إلا أن تؤدب نساءك بالطلاق فقال لها وأنت طالق أيضا فسمعته جاره له فأشرفت عليه وقالت له والله ما شهدت العرب عليك ولا على قومك بالضعف إلا لما بلوه منكم ووجدوه فيكم أبيت إلا طلاق نسائك في ساعة واحدة فقال لها وأنت أيتها المتكلمة فيما لا يعنيك طالق إن أجازني بعلك فأجابه زوجها قد أجزت لك ذلك فعجب الرشيد من ذلك([6])
اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء والتقرب له بالطاعات والصدقة وكثرة الاستغفار مع عقد النية خلال الاستغفار بانكما تتقربان إلى الله ليفرج همكما ويحل مشكلتكما قال سبحانه تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10)  يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12)  ( سورة نوح
المعاشرة بالمعروف: قال تعالى: ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (النساء).
هلاَّ تعلم شبابنا أن الحياة بين الزوجين ينبغي أن تُؤسَّس على المعاشرة بالمعروف، والكلمة الطيبة، والبسمة الصادقة، والمداعبة بين الزوجين - التي أسَّسها الدين، وبينها سيِّد الأولين والآخرين، عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ قَالَتْ: فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقْتُهُ عَلَى رِجْلَيَّ فَلَمَّا حَمَلْتُ اللَّحْمَ سَابَقْتُهُ فَسَبَقَنِي قَالَ: «هَذِهِ بِتِلْكَ السَّبْقَةِ» ([7])
تجد الزوج في خارج البيت يتعامل مع الناس كأنه ملكٌ من الملائكة، فإذا دخل المنزل كأنه وحشٌ مفترس، يتعامل مع الناس بالبسمة الدائمة، فإذا دخل المنزل تحولت البسمة إلى تكشيرة، عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي وَإِذَا مَاتَ صَاحِبُكُمْ فَدَعُوهُ» يظن الرجل أن كل الذي عليه أن يوفِّر للمنزل وأهله ما يحتاجون إليه من طعام أو شرابٍ أو كساءٍ وفقط، ونسي أنهم يحتاجون أكثر إلى الود وإلى الحنان وإلى المحبة وإلى الرحمة وإلى الشفقة وإلى العطف وإلى اللين وإلى الأخلاق الكريمة، فإن الكلمة الطيبة تفعل ما لاتفعله الأموال في تغيير النفوس وحبِّها لبعضها.
تذكر وصية رسول الله r بالنساء: قال رسول الله r (فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ) ([8])
لا يوجد انسان كامل فقد لا تكون المصلحة والخير دائماً في ما يحبّ الإنسان ويشتهي، بل قد تكون المصلحة والخير على عكس ما يرغب أو يظنّ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ سورة النساء، لذا، ينبغي على كلا الزوجين أن ينظرا إلى الحياة الزوجية والخلافات الناجمة عنها نظرة واقعية بعيداً عن الأحلام والأماني الوردية، ويحاولا الاستفادة من هذه الخلافات للانطلاق في حوار هادئ وبنّاء يؤسّس لعلاقة وطيدة بين الزوجين؛ ليكشف ما يجهله كلّ منهما عن الآخر، إذ غالباً ما تكون مشاكل كهذه عاملاً مهمّاً من عوامل الحوار والتفاهم، شرط أن يحسن الإنسان التعامل معها والاستفادة منها.
محاسبة نفسك قبل القاء اللوم على الطرف الأخر وإن كان مُخطئاًفربما قد سُلط عليكِ بسبب ذنوبك مصداقا لقوله تعالى: ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)سورة الشورى  ) أو ربما كانت هذه المشكلة إبتلاءً من الله لكِ وإنذار منه لتحمد نِعَمَهُ سبحانه وتعالى وتبتعد عن معصيته جلّا في علاه.
قال الفضيل بن عياض: "ما عملت ذنبا إلا وجدته في خلق زوجتي ودابتي".
ليس كل شيء يمكن تغييره: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ» ([9])
(استوصوا بالنساء) تواصوا فيما بينكم بالإحسان إليهن. (ضلع) أحد عظام الصدر والمعنى أن في خلقهن عوجا من أصل الخلقة. (أعوج شيء في الضلع أعلاه) أي وكذلك المرأة عوجها الشديد في خلقها وفكرها. (تقيمه) تجعله مستقيما. (كسرته) أي وكذلك المرأة إن أردت منها الاستقامة التامة في الخلق أدى الأمر إلى طلاقها]
بعض الأزواج بعد الزواج يريد أن تتغير زوجته من عادتها وأحوالها التي عاشت عليها لفترات طويلة إلى عاداته وأحواله هو وهذا أمر لا يمكن حدوثه بسهوله لذا ينبغي قبول المرأة على ما هي عليه وإلا تهدمت البيوت وكثر الطلاق فلذا ينبغي التنازل عن بعض الأمور من الطرفين حتى تسير الأمور على خير حال.
النظر لجوانب المشكلة نظرة عادلة، فأنتما أدرى الناس بظروف مشكلتكما، اسبابها، وملابستها، وعدم البحث فيما سبق من مشكلات مرّت منذ زمن، فليكن الحديث في المشكلة الحالية فحسب، وتفائلا بالخير تجداه، ولاتيأسا مهما عظمت المشكلة وتفاقمت، فالله سبحانه وتعالى قادر على تبديل الأحوال، فما بين غمضة عيناً وانتباهتها ...... يغير الله من حالٍ الى حال.
ألا يعرف أحد بالمشكلة: إن عرف أحد بالمشكلة ستصبح تفاصيل حياتك حديث المجالس، وبذلك ستتسع الفجوة بينك وبين زوجك ويتضاعف حجم المشكلة ويصعب حلها بعد ذلك، مع أنه كان من الممكن انتهاء المشكلة بدون أن يعرف أحد بها، فانتبها لذلك بارك الله فيكما.
وإن كبرت المشكلة بحيث احتجتما لتدخل شخص ما فلابد أن يكون ممن يتقي الله ويكون عاقلا يستطيع وزن الأمور وعنده القدرة على حل المشاكل مع عدم افشاءه للأسرار، ويفضل أن يكون على الحياد بحيث لا يميل إلى طرف على حساب الطرف الآخر.
والسرّ فاكتمْهُ ولَا تنطقْ بِهِ * * * فهوَ الأسيرُ لديكَ إذْ لا ينشِبُ
واحرصْ علَى حفظِ القلوبِ من الأذَى * * * فرجوعُها بعدَ التنافرِ يصعُبُ
إنَّ القلوبَ إذا تنافرَ ودُّهَا * * * مثلُ الزجاجةِ كسرُهَا لا يُشعبُ
حكمة الأهل في معالجة الأخطاء بمجرد معرفتها: عن النعمان بن بشير قال: جاء أبو بكر يستأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، فسمع عائشة وهي رافعة صوتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأذن له، فدخل، فقال: يا ابنة أم رومان - وتناولها - أترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قال: فحال النبي بينه وبينها. قال: فلما خرج أبو بكر جعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول لها - يترضاها -: فذكر الحديث. قال: ثم جاء أبو بكر فاستأذن عليه، فوجده يضاحكها، فأذن له، فدخل ، فقال له أبو بكر: يا رسول الله! أشركاني في سلمكما، كما أشركتماني في حربكما) ([10]) هكذا ينبغي أن يكون الوالدين، وليس كما نراه في هذه الأيام إذا رأى مشكلة ما بين ابنته وزجها دعاها لأن تترك بيت الزوجية وتغضب عنده في بيته، بحجة أن هذا سيؤدب الزوج فهل يعقل هؤلاء الأخلاق النبوية.
ذكر نقاط الاتفاق فطرح الحسنات والإيجابيات والفضائل عند النقاش مما يرقق القلب ويبعد الشيطان ويقرب وجهات النظر وييسر التنازل عن كثير مما في النفوس، قال تعالى: (ولا تَنْسَوا الفضل بينكم) سورة البقرة ، فإذا قال أحدهما للآخر أنا لا أنسى فضلك في كذا وكذا، ولم يغب عن بالي تلك الإيجابيات عندك، ولن أتنكر لنقاط الاتفاق فيما بيننا، فإن هذا حري بالتنازل عن كثير مما يدور في نفس المتحاور.
التمس العذر لشريك حياتك
 لا تغفل أو تتجاهل ما يمر به من ظروف أو ضغوط عمل،
فربما كان لها دور كبير فيما حصل بينكما ،أو ربما هناك عيناً حاسدةً قد أصابتكما ،
أو أن هناك من يسعى للوشاية بينكما، وبجرد أن يعتذر اليك فاقبل عذره
إذا اعتذر الحبيبُ إليك يوماً ** فجاوز عن مساويه الكثيره
فإنَّ الشافعي روى حديثاً ** بإسناد صحيحٍ عن مغيره
عن المختارِ: أنَّ اللهَ يمحو ** بعذرٍ واحدٍ ألفي كبيره
وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ﴾ [البقرة: 237].
إن الوفاء على الكرام فريضة ** واللؤم مقرون بذي النسيان
وترى الكريم لمن يعاشر حافظا ** وترى اللئيم مضيع الإخوان
عالج الأمر بحكمة: عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتِ الَّتِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهَا يَدَ الخَادِمِ، فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ، فَجَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ، وَيَقُولُ: «غَارَتْ أُمُّكُمْ» ثُمَّ حَبَسَ الخَادِمَ حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا، وَأَمْسَكَ المَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ ) ([11]) ، (بصحفة) إناء كالقصعة المبسوطة. (فانفلقت) تكسرت. (فلق) قطع جمع فلقة.
فلم يعنفها رسول الله r أو يعتدي عليها بالضرب كما يفعل الكثير من الناس الآن، وإنما عالج الموقف بكلمة قضت على المشكلة قبل بدايتها.
التنازل عن بعض الحقوق، فإنه من الصعب جداً حل المشاكل الزوجية إذا تشبَّت كل من الطرفين بجميع حقوقه، ويجب أن يكون كل واحد من الزوجين هادئاً، غير متهور ولا متعجل، ولا متأفف ولا متضجر، فالهدوء وعدم التعجل والتهور من أفضل مناخات الرؤية الصحيحة والنظرة الصائبة للمشكلة، وغض الطرف عن الهفوة والزلة والخطأ غير المقصود
كن أنت من يبدأ بالسلام: فعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لاَ يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ: فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ " ([12](يهجر) يقاطع. (فيعرض) بوجهه وينصرف. (خيرهما) أفضلهما وأكثرهما ثوابا]
لا تجعل الشيطان حائل بينك وبين حل النزاع بينكما، وانما ابدا بحل المشكلة وابدا أنت بحديثها، وحاول أن ترضيها لتنتهي المشكلة، وكذلك أنتي أيتها الزوجة لا تنتظري شيئا بل ابدأي فورا بمعالجة المشكلة بكلمة طيبة وكوني أنتي من يبدأ بالسلام.
أيها الزوجان اياكما والهجر وكثرة الشقاق والخلاف فهذا مما نهى عنه نبينا r حتى لا يورث بينكما الكره والعداء ويجعل المشاكل بينكما بعد ذلك لأتفه الأسباب.
ولتكبري في نظر زوجك وقلبه فمن بذر الورد لن يحصد الا ورداً.
الاعتراف بالخطأ عند استبانته، وعدم اللجاجة فيه، وأن يكون عند الجانبين من الشجاعة والثقة بالنفس ما يحمله على ذلك، وينبغي للطرف الآخر شكر ذلك وثناؤه عليه لاعترافه بالخطأ (فالاعتراف بالخطأ خير من التمادي في الباطل)، والاعتراف بالخطأ طريق الصواب، فلا يستعمل هذا الاعتراف أداة ضغط، بل يعتبره من الجوانب المشرقة المضيئة في العلاقات الزوجية يوضع في سجل الحسنات والفضائل التي يجب ذكرها والتنويه بها.
نسأل الله تعالى أن يجمعنا على الحق ويردنا إليه ويطرد الشيطان من بيوتنا ويلين قلوب المسلمين لبعضهم، ويجعل بينهم المودة والسكينة والرأفة والرحمة إنه ولي ذلك والقادر عليه
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
إعداد: الشيخ أحمد أبو عيد
0109 809 58 54
نسألكم الدعاء


([1]) صحيح سنن الترمذي
([2]) صحيح مسلم
[3])) متفق عليه
[4])) صحيح مسلم
[5])) صحيح البخاري
[6])) المستطرف 2/496
[7])) صحيح ابي داود
[8])) صحيح مسلم
[9])) متفق عليه
[10])) السلسلة الصحيحة
[11])) صحيح البخاري 
[12])) متفق عليه



التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات