إياكم والكذب للشيخ أبو سيف الازهري





الحمد لله رب العالمين
الحمد لله مستحق الحمد وأهله، يجزي الصادقين بصدقهم من رحمته وفضله، ويجازي الكاذبين فيعاقبهم إن شاء بحكمته وعدله،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في حكمه،
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أفضل خلقه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه في هديه وسلم تسليماً.
أما بعد:
يقول الله تعالى : (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ)
#عبادالله:
اعلموا جيدا أن الكذب، أساس كل قبح، وسبب كل بلاء، وأنه شريك أساس في جُلِّ أدواء الأخلاق، ومعظم بلاوى الزمان، وأكثر مهاوى الردى،
فهل صُدّ الناس عن الدين، وشُكك في الرسالة، وكُذب الأنبياء، إلا بأسباب الكذب؟.
وهل النفاق إلا معتقَدٌ أساسه الكذب، وبني على الكذب؟
وهل الرياء إلا عمل غُلِّفَ بالكذب، فيتظاهر أنه لله وهو لغير الله؟
وهل البِدَع والخرافات إلا ثمرة للكذب على الله ورسوله؟
وهل التجني على الوحي، والنيل من الصحابة، والانحراف في المعتقد، إلا بأسباب الكذب؟
وهل شوه الدين، ونُفِّر من الإسلام إلا بالكذب؟
وهل الحمَلات الضارية اليوم على المسلمين، والتخويف منهم، والاتهامات لهم إلا بأسباب الكذب؟
وهل استبيحت بلدان، وانتهكت أعراض، ونُهبت مقدسات، واحتُلَّت الأوطان، وسلبت خيرات إلا بالكذب؟.
وهل تبث مئات الشاشات، وعشرات القنوات إلا الكذب؟
هل يُتناقَل عبر كثير من مواقع الإنترنيت إلا الكذب؟
وهل شوهت سمعة أناس، ولُطِّخَتْ كرامة فئات، إلا بالكذب؟
وهل كرِهَت الشعوب حكامَها وولاتها إلا بسبب الكذب؟
وهل تهوَّر أناس وانغمسوا في وُحول الإرهاب إلا بالكذب عليهم، وتقليب الحقائق لهم، وإيهامهم أنهم في جهاد مقدس؟.
وهل نُهبت أموال المساهمين إلا بالكذب؟
وهل أصبحت كثير من البيوت تنام على جمر الفقر والقهر إلا بأسباب الكذب؟
وهل فسدت المودة بين المسلمين شعوبًا وأفرادًا إلا بالكذب؟
وهل حُشيت عقول أجيالنا من خلال الأفلام والمسلسلات والمجلات والصور المتحركة إلا بالكذب؟
وهل ضاعت الثقة بين المسلمين إلا بالكذب؟
فأصبح المسلم يمسي ويصبح وهو لا يكاد يصدق أحدًا، أو يثق بأحد، حتى بأقرب الناس إليه!
وهل مُحِقَتْ بركة التجارة والشراكة والمداينة والتعاون إلا بأسباب الكذب، حينما يُغشُّون ويُحتال عليهم، وتبتز أموالهم؟
وهل فسدت العلاقة في كثير من البيوت وتشتت أعداد من الأقارب، وخيم الفراق والطلاق عند كثير من الناس إلا بأسباب الكذب؟
كذب المفسدين والنمَّامين والمحرضين والحاسدين،
وهل تكره الزوجة زوجها، ويكره الزوج زوجته، في كثير من الأحيان، بل وينقطع حبل المودة، إلا بأسباب كذب أحدهما على الآخر؟
هل رأيتم أشد مقتًا، وأمضى مرارة من امرأة تثق بزوجها، وتصدق له، وتعطيه مشاعرها وأحاسيسها، بل وحياتها، ثم يخدعها ويكذب عليها ويبتزها؟! ورجل يصدق لامرأته، ويقضي عمره يحسن إليها، ويسعى ليسعدها، ويضع ثقته فيها، ثم تكذب عليه وتغشه وتخدعه!.
ما الذي غرَّر بكثير من بنات المسلمين فذُهب بشرفهن، ودنست سمعتهن، إلا حينما يأتي الكذاب المحتال المخادع المتظاهر بالحب، المدَّعِي للرحمةِ والشفقة، المتزين بالأحاسيس المرهفة، المكثر من الوعود، فيتلاعب بمشاعرها حتى يصل إلى مراده ثم يركلها بقدمه، ويصبح كاذبًا في كل ادعاء؟
وهل تروِّج كثير من المطبوعات والمنشورات ما لديها إلا باختلاق أكاذيب غريبة، ووقائع عجيبة؟ وهل أثرى كثير من الناس، وتضخمت أرصدتهم، إلا بالكذب،
وهل.. وهل.. وهل…
🔴فالكفر والنفاق والرياء والفجور والبهتان والخديعة والمكر والظلم والخُلف والرياء والغش والزنا والسرقة والتحايل والغيبة والنميمة
كلها أمراض أستاذها الكذب،
ولو بحثتَ وراء كُلِّ مُصِيبة، وتحتَ كُلِّ خطيئة، فستجد أنها مُتَلَطِّخة بالكَذِب، مغلَّفَة به، أو هو أساسُها وبنيانُها وعِمَادُها،
🔴وهنا يتجلى الإعجاز النبوي الكبير،
هنا تبدو روعة هذا الدين،
هنا تبدو عظمة محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي أراد الله أن تكون أهم صفة له في الجاهلية وفي الإسلام أنه الصادق الأمين، وأن يلقب ثاني رجل بعده بالصدِّيق!.
هنا تبدو عظمته -صلى الله عليه وسلم- حينما يقال له: "يا رسول الله! هل يزني المؤمن؟ قال: "قد يكون ذلك" قيل له: هل يكذب المؤمن؟ قال: "لا" ثم أتبعَها بقوله تعالى: (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ)
انظر: إحياء علوم الدين: 3/135 ، والمغني عن حمل الأسفار للعراقي: 2/808.
وليس المقصود بهذا الحديث أن المؤمن لا يكذب أبدًا، بل قد يقع منه ذلك ويتوب ويتوب الله عليه،
ولكن الأصل فيه أن لا يكذب، وأن يكره الكذب، وتأباه نفسه؛ ويقصد أيضًا بهذا الحديث أن المؤمن لا يطبع على الكذب، فلا يمكن أن يكون مؤمنًا وكذاباً في نفس الوقت!
ويدل على ذلك الحديث الآخر: "كل خصلة يُطْبَعُ عليها المسلم، إلا الكذب والخيانة". المغني عن حمل الأسفار للعراقي:2/810.
فكل الخصال السيئة قد تتكرر في المؤمن وتقع منه إلا الكذب والخيانة، وما ذلك إلا لتعظيم أمر الكذب، وتقبيح أربابه،
🔴وكأني استشعر الرؤيا التي رآها النبي -صلى الله عليه وسلم- "ورؤيا الأنبياء حق" حينما أخبر عنها كما في صحيح الإمام البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال في حديث طويل، وفيه: "… إنه أتاني الليلة آتيان، وإنهما انبعثا لي، وإنهما قالا لي: انطلق وإني انطلقت معهما ثم قص قصة رجل مر به وذكر ما يصيبه من العذاب في البرزخ ثم ذكر قصة رجل ثاني وهو الشاهد في حديثنا، حيث قال".
فانطلقنا، فأتينا على رجل مستلق لقفاه، وإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد، وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه ويشرشر -يقطع- شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، ثم يتحول إلى الجانب الآخر، فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول، فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصبح ذلك الجانب كما كان، ثم يعود عليه فيفعل مثل ما فعل في المرة الأولى، قال: قلت: سبحان الله! ما هذان؟ فقالا لي: انطلق انطلق" حتى قال صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث: "وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، فإنه الرجل يغدو إلى بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق… ".
فيا لله كم ينقل الكاذب من إشاعات تفسد الود، وتنشر السوء والباطل والشر، وتغير الحقيقة.
يقول الله تعالى :
(وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ)
ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً".
#ايهاالاخوة:
لقد كان الكفار في كفرهم وأهل الجاهلية في جاهليتهم لا يمتطون الكذب ولا يتخذونه منهجاً لحياتهم أو بلوغ مآربهم.
هذا أبو سفيان ذهب قبل أن يسلم في ركب من قريش تجار إلى الشام، فلما سمع بهم هرقل ملك الروم بعث إليهم ليسألهم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال أبو سفيان: "فوالله لولا الحياء من أن يأثروا عليّ كذباً لكذبت عنه أو عليه".
هكذا -أيها المؤمنون- الكفار في كفرهم وأهل الجاهلية في جاهليتهم يترفعون عن الكذب، ويستحيون من أن يؤثر عليهم وينسب إليهم،
فكيف بكم أنتم -أيها المؤمنون-؟؟؟؟؟
#ايهاالاخوة:
بين الصادق والكاذب مسافات
فالصادق يحترم كل الناس بلا تمييز
والكاذب لا يحترم الا من فى السلطة او يمتلكها
الصادق يبدى اعجابه بالاخرين ويمدحهم
والكاذب ينتقد الاخرين حتى يظهر انه احسن منهم
الصادق يعبر بوضوح عن رأيه على الملأ
والكاذب دائم الثرثرة والنميمة على الاخرين
الصادق يقوم بالخير دون انتظار الاجر
والكاذب يساعد الاخرين اذا كان هناك مقابل
الصادق يفرح بنجاحه بتواضع دون مبالغة
والكاذب دائما ما يملأ الدنيا ضجيجا بنجاحه
الصادق يجعل الاخرين يحبونه دون مجهود كبير
والكاذب يسعى بقوة كى يثير اعجاب الاخرين
الصادق دائما ما يفى بوعوده
والكاذب يتحدث كثيرا ويعمل قليلا
الصادق لا يهمه ان يكون هو مركز الكون
والكاذب يسعى دائما الى جذب الانتباه

اللهم جنبنا منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء والأدواء، واهدنا لأحسن الأخلاق والأعمال، وحبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.
والتائب من الذنب كمن لا ذنب له..............!
==========================
🔻 الخطبة الثانية 🔻
الحمد لله حمدا كثيرا كما امر
والصلاة والسلام على محمد سيد البشر
الشفيع المشفع فى المحشر
صلى الله وسلم وبارك عليه ما اتصلت عين بنظر او سمعت اذن بخبر
فقد قال تعالى ولم يزل قائلا عليما وآمرا حكيما; تشريفا لقدر المصطفى صلى الله عليه وسلم وتعظيما;
إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ...
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين ...
وبعد:
═◄ثمرة هذه الخطبة تتمثل في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عن الله كذابا"
#لذلك نقول
.كانت امتنا اعز امم الارض
واشرف امم الارض
واعدل امم الارض
يوم ان حولت الصدق فى الاقوال والاعمال والافعال الى منهج حياه
فكان حاكمها اصدق حكام الارض
وقاضيها اعدل القضاه
وعالمها اصدق العلماء
وتاجرها اصدق التجار
ولما ارتفع الصدق شيئا فشيئا وبدأ الكذب ينتشر تغير الحال وتبدل وهوت الامة من عليائها لتستقر فى حضيض غبرائها
فاصبح الكل يكذب وانعدم الصدق بين الجميع مع ان الله ينادى
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ
كونوا مع الصادقين
فلو قدر الله لرائحة الهواء ان تتغير بكلام الكذب لاختنق الناس
= ها هو صبى من صبيان الصحابه فى العاشرة من عمره اسمه عمير بن سعد
مات ابوه فتزوجت امه برجل يقال له - الجلاس بن سويد
وأحبا بعضهما حبا جما وفي السنة التاسعة من الهجرة جلس عمير في مجلس النبي-صلي الله عليه وسلم- وقد رأي النبي-صلي الله عليه وسلم- وهو يحث الصحابة علي النفقة والصدقة لتجهيز جيش العسرة فراح الصحابة يتسابقون ومنهم من عاد يبكي لأنه لا يجد ما يقدمه - فتولوا و أعينهم تفيض من الدمع- وترك عمير المجلس النبوي وذهب لبيته وحكي لزوج أمه ما رأي من مشاهد ونطق الجلاس بالكلمة الخطيرة فقال :والله ان كان محمدا صادقا فيما يدعيه فنحن شر من الحمير . فاحتقن الدم في وجه الفتي المبارك وقال له : والله ما كان علي ظهر الارض بعد رسول الله أحب الي منك فأنت آثر عندي وأجل في عيني ولقد قلت مقالة ان ذكرتها فضحتك وان اخفيتها خنت الله ورسوله وخنت أمانتي وديني واني عازم أن أخبر بها رسول الله-صلي الله عليه وسلم- فكن علي بينة من أمرك .
استوعب بن العاشرة خطر الكلمة وانطلق الي رسول الله-صلي الله عليه وسلم - فأخبره
فأرسل النبي-صلي الله عليه وسلم- في طلب الجلاس وقال له : ما مقالة بلغتنا عنك نقلها الينا عمير ؟ فقال ماذا قال ؟ فأخبره - فرد - كذب علي واني أحلف بالله ما قلت قالتفت النبي-صلي الله عليه وسلم- الي عمير واذ يراه يبكي وسمعه يقول قولة عجيبة غريبة
نظر الفتي الي السماء وبعلو صوته قال : اللهم أنزل علي نبيك بيان ما تكلمت به . فاستجاب الله لعمير ونزلت السكينة ونزل جبريل بالوحي من السماء وسرى عن النبي وهو يقرأ "يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ ...
فصرخ الجلاس وقال كذبت يا رسول الله وصدق عمير - أتوب الي الله - فأخذ النبي-صلي الله عليه وسلم- بأذن عمير وحركها قائلا " وفت أذنك ما سمعت وصدقك ربك"وهو يبتسم...
انه الصدق.........
فهيا لنظلل سماءنا بسحب الصدق من جديد ولنكن صادقين مع الله فى طاعته
صادقين مع رسولنا فى اتباعه
صادقين مع الناس فى تعاملنا وكلامنا ووعودنا
صادقين مع انفسنا بردعها عن هواها
فقط لنكن مع الصادقين كما امرنا الله....
وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ

اللهم يا حى يا قيوم ياذا الجلال والإكرام نسألك............... مع الدعاء

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات