يوم كنا خير أمة للشيخ محمد عبد التواب سويدان





العنصر الأول:
تاريخ مشرق
العنصر الثاني:
يوم كنا خير أمة
العنصر الثالث :
كيف كنا وكيف أصبحنا

نص الخطبه

الحمد لله الذي أعز خير أمة أخرجت للنآس بالإسلام ورفعهآ بالقرآن ..
واشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك أتم النعمة وأكمل الدين وأشهد أن خير البريه وخير من صلى وصام رسول الله محمد بن عبد الله الصادق الأمين
صلاة وسلاما عليه وعلي آله وأصحابه والتابعين
اما بعد:أيها الكرماء الأجلاء عباد الله لقد فخرت هذه الأمة وحق لها أن تفخر بما شهد الله لها به وفضلها على غيرها حيث يقول الله
سبحانه: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ )
قال عكرمة ومقاتل : نزلت في ابن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنهم ، وذلك أن مالك بن الصيف ووهب بن يهودا اليهوديين قالا لهم : نحن أفضل منكم وديننا خير مما تدعوننا إليه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية .
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) الذين هاجروا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ،
وقال قتادة : هم أمة محمد وقال الضحاك : هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة الرواة والدعاة الذين أمر الله المسلمين بطاعتهم.
وفي التاريخ الإسلامي أيام لا تنسي وذكريات لا تمحي ومواقف خالدة حفرها أبطال الإسلام في سجل التاريخ بمداد من ذهب
وإنني أنقل نفسي وإياكم إلى سماء القرن الأول؛ لنقف على أسرار سموه للسماء لنقول: هذه هي المراقي فارتقِ هذا هو النموذج لا غيره والمثال فصلاحه ضُرِبَت به الأمثال، وقدمت عليه البراهين، وقام غائبه مقام العيان، وخلدته بطون التواريخ، واعترف به الموافق والمخالف، ولَهَج به الراضي والساخط، وسجلته الأرض والسماء، فلو نَطَقَت الأرض لأخبرت أنها لم تشهد مذْ دحاها الله وطحاها وبراها أمةً أصلب على الحق وأهدى به من أول هذه الأمة، ولم تشهد فئةً اتحدت سرائرُها وظواهرُها على الخير مثل أول هذه الأمة، ولم تشهد مذ مهَّدها الله أمةً وحدت الله فاتحدت قواها على الخير قبل هذه الطبقة الأولى من هذه الأمة.هذه شهادة الأرض تؤديها صامتة، فيكون صمتها أبلغ في الدلالة من نطق جميع الناطقين، ثم يشرح هذه الشهادةَ الواقعُ، ويفسرُها العيان التي لم تحجبه بضعة عشر قرناً من الزمان.
إنها حقائق تاريخية ناطقة ينبغي الوقوف أمامها في كل مكان وزمان.فقد تنطق الأشياء وهي صوامتٌ وما كل نطق المخبرين كلامُ
*يومـ كنا خير أمة
كان للحق مكانـا
كان للأقوال فعل فاسمعوا للترجمانـا
يومـ كان الناس فيهمـ شرعة الله منارا
كان للناس سرورا هديه يؤتي ـ جهارا
يومـ أن كنا جميعا
لم تشتتنا دروبا
يومـ أن كنا أسودا دربنا درب الجهاد يومها كنا جنودا
لانبالي بالأعادي
كانـ في القلب يقين أن نصر الله آت
أن نصر الله فتح إن حيينا بالثبات

أيها الكرماء الأجلاء عباد الله:
يوم كنا خير أمة
كنا أعزة

حين صرخت الهاشمية الحرة التي غدر بها الروم فأسروها، فصاحت صيحتها التي غدت مثلا"وامعتصمــــــــاه.!
فأجابها المعتصم، من عراق التاريخ والأمجاد: أن (يـا لبيــــك)!
وجهز جيشاً لجباً، قاده بنفسه، واقتحم به عمورية، ولم يرجع إلا بالأسيرة المسلمة، وهي حرة عزيزة، ولا تزال كلمات أبي تمام التي خلد بها تلك الملحمة الرائعة تجري في عروقنا، والتي قال فيها:
السيف أصدق إنباءً من الكتبِ في حدّه الحدٌّ بين الجدِّ واللعبِ

**ومن هناك.. من وراء البحار.. من الأندلس الخضراء، صدح صوت امرأة مسلمة، غدر بها الأعداء فأسروها، فصاحت: واغـوثـــاه بــك يا حكم
(الحكم الأول بن هشام الأول ملك قرطبه)وانطلق النداء يجلجل في أرجاء الكون، حتى بلغ الحكم ملك قرطبة، فصاح من فوق عرشه:أن(يــالبيــــك).
وتحرك من فوره على رأس جيش حتى دهم العدو في عقر داره، وخلص إلى الأسيرة المسلمة، وقال لها: هل أغاثك الحكم يا أختـــــاه.!؟
فانكبت الأسيرة تقبل رأسه، وهي تقول: والله، لقد شفى الصدور، وأنكى العدو، وأغاث الملهوف، فأغاثه الله، وأعز نصره..
**ولما وصل نبأ لصلاح الدين الأيوبي أن القائد الأفرنجي أرناط حاكم الكرك قام بقطع الطريق على الحجاج المسلمين، وقتل النساء، والأطفال، والشيوخ،
وكان يقول: قولوا لمحمدكم أن يدافع عنكم،!!
وشاء الله تعالى أن يفر رجل بنفسه ويذهب إلى صلاح الدين ويخبره بما حدث،فاعتزل صلاح الدين في بيته، وأخذ بالتضرّع والبكاء يومين كاملين، وهو يقول: يا رب هل تسمح لي أن أنوب عن رسولك في الدفاع عن أمته ؟
وما زال يكررها حتى اليوم الثاني ثم أعد جيشه، وقال فيهم هذه الخطبة الصغيرة:
يا جند محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ إن أرناط حاكم الكرك قد تجبر وعلا وقتل حجاج بيت الله الحرام، وسفك دماء الأطفال والنساء، وهو يقول: " قولوا لمحمدكم أن يدافع عنكم" وأنا قد وهبت نفسي وروحي لأنوب عن رسوله في الدفاع عن أمته، فمن أراد الذهاب معي فليلحقني، فقال جنده جميعاً بصوت واحد:
كلنا فداء لرسول الله،
وعندما دارت المعركة، معركة حطين وانتصر فيها صلاح الدين وأُسر أرناط
قال صلاح الدين له: أنت الذي قلت قولوا لمحمدكم أن يدافع عنكم ؟قال: نعم، فأجاب صلاح الدين:
وأنا العبد الفقير الذي تراه أمامك ، قد ناب عن رسول الله في الدفاع عن أمته،

أحبتي الكرام
إننا يوم كنا خير أمة
كنا متحابين

روي أن أبا بكر عيَّن عمر بن الخطاب قاضياً على المدينة، فمكث عمر سنة كاملة لم يختصم إليه اثنان، لم يعقد جلسة قضاء واحدة، وعندها طلب من أبي بكر إعفاءه من القضاء، فقال أبو بكر: أمن مشقة القضاء تطلب الإعفاء يا عمر! قال عمر: لا يا خليفة رسول الله ولكن لا حاجة بي عند قوم مؤمنين، عرف كل منهم ما له من حق، فلم يطلب أكثر منه، وما عليه من واجب فلم يقصر في أدائه، أحب كل منهم لأخيه ما يحب لنفسه، إذا غاب أحدهم تفقدوه، وإذا مرض عادوه، وإذا افتقر أعانوه، وإذا احتاج ساعدوه، وإذا أصيب عزوه وواسوه، دينهم النصيحة، وخلقهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ففيمَ يختصمون؟ ففيمَ يختصمون؟
أقول هنيئاً، ثم هنيئاً، ثم هنيئاً لمن اكتحلت عيناه برؤية ذلك الجمع.
أولئك النَّاسُ إنْ عُدُّوا وإنْ ذُكِرُوا وما سِوَاهُم فَلَغْوٌ غَيْرُ مَعْدُودِ
واحرَّ شَوقِي إليهِم كُلَّمَا هَجَست نفسِي فنفسي بهمْ مجنونة الكَلَفِ
كَرِّرْ عَليَّ حدِيثَهُم يَا حادِي فحدِيثُهُم يَجْلُو الفؤادَ الصَّادِي

**ويجسد لنا عبد الرحمن بن عوف هذه المؤاخاة التي لم ولن تعرف البشرية لها مثيلاً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، تجسيداً بليغاً، فيقول
[آخا رسول الله بيني وبين سعد بن الربيع الأنصاري، فقال لي سعد -وكان من أكثر الأنصار مالاً: يا عبد الرحمن! أنا أكثر الأنصار مالاً، وسأقسم مالي بيني وبينك شطرين، وعندي امرأتان فانظر أعجبهما إليك لأطلقها، حتى إذا انقضت عدتها تزوجتها، وعندي امرأتان فانظر أعجبهما إليك لأطلقها، حتى إذا انقضت عدتها تزوجتها].
فقال عبد الرحمن بن عوف: [بارك الله لك في أهلك ومالك، ولكن أين السوق؟] فدله على سوق بني قينقاع فذهب عبد الرحمن فباع واشترى، ثم منَّ الله عليه بالربح، فدخل على النبي يوماً وعليه أثر صفرة، أي عليه أثر الطيب فقال له النبي: (مهيم) أي: ما لي أشم عليك رائحة الطيب يا عبد الرحمن؟ فقال: [تزوجت امرأةً من الأنصار يا رسول الله! قال: (وما سقت لها) قال: سقت إليها مقدار نواة من ذهب]
فقد يئن الآن كثيرٌ من الإخوة ويقولون: رحم الله زمان سعد بن الربيع، أين من يعطي الآن عطاء سعد؟ وأنا أقول: وأين من يتعفف الآن عفة عبد الرحمن؟
والحر تكفيه الإشاره
قال الله(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ)
ُقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى )
أيها الإخوه :

يوم كنا خير أمة
كنا رحماء ■

كان عمر بن الخطاب.يجول في احد الأسواق تفقدا للرعية .إذ به يرى عجوزا قد احدودب ظهره من كبره ,و هو يتسول من الناس فعجب منه عمر و سأله .من أنت يا رجل؟فقال له أنا رجل يهودي قد أفقرني عمر بن الخطاب بالجزية التي فرضها علينا وإنني أمد يدي قصد دفع الجزية.فبكى عمر رضي الله عنه بكاء شديدا و قال له اتبعني ثم أمر أن
يفرض لهذا و أمثاله ما يغنيه و يغنى عياله فخصص له راتبا شهريا يكفيه و يكفى عياله من بيت مال المسلمين و أوقف عنه الجزية إلى الأبد،
أحبتي الكرام
*يوم كنا خير أمة*
*ﻗﺎﻝ أﺳﻠﻢ ﻣﻮﻟﻰ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺧﺮﺟﺖُ
ﻟﻴﻠﺔ ﻣﻊ ﻋﻤﺮ ﺇﻟﻰ ﺣﺮﺓ ) ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ
ﺍﻟﻤﻤﺘﻠﺊ ﺑﺎﻟﺼﺨﻮﺭ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﻌﺐ ﺍﻟﻤﺸﻲ
ﻋﻠﻴﻪ ( ﻭﺃﻗﻤﻨﺎ ﺣﺘﻰ ﺇﺫﺍ ﻛﻨﺎبصرار ﻓﺈﺫﺍ ﺑﻨﺎﺭ
ﻓﻘﺎﻝ ﻳﺎ أﺳﻠﻢ ﻫﺎ ﻫﻨﺎ ﺭﻛﺐ ﻗﺪ ﻗﺼﺮ ﺑﻬﻢ
ﺍﻟﻠﻴﻞ إﻧﻄﻠﻖ ﺑﻨﺎ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻓﺄﺗﻴﻨﺎﻫﻢ ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻣﺮﺃﺓ
ﻣﻌﻬﺎ ﺻﺒﻴﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﻭﻗﺪﺭ ﻣﻨﺼﻮﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺭ
ﻭﺻﺒﻴﺎﻧﻬﺎ ﻳﺒﻜﻮﻥ ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻢ
ﻳﺎ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻀﻮﺀ ) ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺃﺩﺑﻪ ﺭﺿﻲ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻓﻠﻢ ﻳﺤﺐ ﺇﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﺴﻼﻡ
ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻳﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ ( ﻗﺎﻟﺖ ﻭﻋﻠﻴﻚ ﺍﻟﺴﻼﻡ
ﻗﺎﻝ أأﺩﻧﻮ ﻗﺎﻟﺖ أﺩﻥ ﺃﻭ ﺩﻉ ﻓﺪﻧﺎ ﻓﻘﺎﻝ ﻣﺎ
ﺑﺎﻟﻜﻢ ﻗﺎﻟﺖ ﻗﺼﺮ ﺑﻨﺎ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﺒﺮﺩ ﻗﺎﻝ ﻓﻤﺎ
ﺑﺎﻝ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺼﺒﻴﺔ ﻳﺒﻜﻮﻥ ﻗﺎﻟﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻮﻉ ﻓﻘﺎﻝ ﻭﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻗﺎﻟﺖ ﻣﺎﺀ ﺃﻋﻠﻠﻬﻢ ﺑﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﺎﻣﻮﺍ ﻓﻘﺎﻟﺖ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﻴﻦ ﻋﻤﺮ ﻓﺒﻜﻰ ﻋﻤﺮ ﻭﺭﺟﻊ ﻳﻬﺮﻭﻝ ﺇﻟﻰ ﺩﺍﺭ
ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ ﻓﺎﺧﺮﺝ ﻋﺪﻻ ﻣﻦ ﺩﻗﻴﻖ ﻭﺟﺮﺍﺏ
ﺷﺤﻢ ﻭﻗﺎﻝ ﻳﺎ ﺍﺳﻠﻢ ﺍﺣﻤﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮﻱ
ﻓﻘﻠﺖ أنا أﺣﻤﻠﻪ ﻋﻨﻚ ﻳﺎ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ
ﻓﻘﺎﻝ ﺃﺃﻧﺖ ﺗﺤﻤﻞ ﻭﺯﺭﻱ ﻋﻨﻲ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻓﺤﻤﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮﻩ ﻭﺍﻧﻄﻠﻘﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻓﺄﻟﻘﻰ ﻋﻦ ﻇﻬﺮﻩ ﻭﻭﺿﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ ﻓﻲ
ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻭﺃﻟﻘﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺤﻢ ﻭﺟﻌﻞ ﻳﻨﻔﺦ
ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻭﺍﻟﺪﺧﺎﻥ ﻳﺘﺨﻠﻞ ﻟﺤﻴﺘﻪ ﺳﺎﻋﺔ ﺛﻢ ﺍﻧﺰﻟﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﻗﺎﻝ إاﺗﻨﻲ ﺑﺼﺤﻔﻪ ) ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻮﺿﻊ ﻓﻴﻪ ﺍﻷﻛﻞ ( ﻓﺄﺗﻰ ﺑﻬﺎ ﻓﻐﺮﻓﻬﺎ ﺛﻢ ﺗﺮﻛﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺍﻟﺼﺒﻴﺎﻥ ﻭﻗﺎﻝ ﻛﻠﻮﺍ ﻓﺄﻛﻠﻮﺍ ﺣﺘﻰ ﺷﺒﻌﻮﺍ ﻭﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺗﺪﻋﻮﺍ ﻟﻪ ﻭﻫﻰ ﻻ ﺗﻌﺮﻓﻪ ﻓﻠﻢ ﻳﺰﻝ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺣﺘﻰ ﻧﺎﻡ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭﺛﻢ ﺃﻭﺻﻰ ﻟﻬﻢ ﺑﻨﻔﻘﺔ ﻭﺍﻧﺼﺮﻑ ﺛﻢ ﺍﻗﺒﻞﻋﻠﻲ ﻓﻘﺎﻝ ﻳﺎ أﺳﻠﻢ ﺍﻟﺠﻮﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺳﻬﺮﻫﻢ ﻭﺃﺑﻜﺎﻫﻢ.
وهكذا كنا

*يوم كنا خير أمة*
كناخَيْر الْجِيرَانِ ■

*فهذا عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، كَانَ لَهُ جَارٌ يَهُودِيٌّ، وَكَانَ إِذَا ذَبَحَ الشَّاةَ، قَالَ: احْمِلُوا إِلَى جَارِنَا مِنْهَا؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ"
**وكان لأبي حنيفة جار سكير يسكر في كل ليلة، ويبدأ بالرّقص والغناء، ويزعج أبا حنيفة في خلوته مع ربّه، وكان إذا سكر يغني ويقول 'أضاعوني وأيّ فتى أضاعوا ليوم كريهة وسداد ثغر'.
وفي يوم من الأيّام لم يسمع أبو حنيفة صوت الغناء والرقص، فسأل عن جاره فأجابوه أنّه أخذه العسعس: وهي الشرطة الليلية، وهو محبوس في المخفر، فصلّى أَبُو حنيفة صلاة الفجر من غد، وركب بغلته، واستأذن على الأمير.
قال الأمير: ائذنوا له، وأقبلوا بِهِ راكباً، ولا تَدَعوه ينزل حتى يطأ البساط، ففعل، فلم يزل الأمير يوسّع له من مجلسه، وقال: ما حاجتك؟ قَالَ: لي جار إسكاف أخذه العسس منذ ليال، يأمرالأمير بتخليته.فقال: نعم، وكل من أخذ في تلك الليلة، فأمر بتخليتهم أجمعين، فركب أَبُوحنيفة والإسكاف يمشي وراءه، فَلَمَّا نزل أَبُوحنيفة مضى إِلَيْهِ، فقال: يافتى،أضعناك؟ فقال لا، بل حفظت ورعيت، جزاك الله خيراً عن حرمة الجوار ورعاية الحق، وتاب الرجل ولم يعد إلى السكّر والخمر من يومه هذا.
قال الله {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ}

أيها الإخوة:
*يوم كنا خير أمة*
كنا أبر الناس ■

يقول المعلى بن أيوب، سمعت المأمون، يقول: " لم أر أبر من الفضل بن يحيى بأبيه، بلغ من بره بأبيه: أن يحيى كان لا يتوضأ إلا بالماء الحار، وكان في السجن، فمنعهما السجان من إدخال الحطب في ليلة باردة، فقام الفضل حين أخذ يحيى مضجعه إلى قمقم يسخن فيه الماء، فملأه، ثم أدناه من نار المصباح، فلم يزل قائما وهو في يده حتى أصبح
*وحكى غير المأمون: أن السجان فطن لارتفاقه بالمصباح في تغيير الماء، فمنعهم من الاستصباح في الليلة القابلة، فعمد الفضل إلى القمقم مملوءا فأخذه معه في فراشه، وألصقه بأحشائه حتى أصبح وقد فتر الماء.
البر والصلة لابن الجوزي

*وكان طلق بن حبيب يقبل رأس أمه، وكان لا يمشي فوق ظهر بيتٍ هي تحته إجلالاً لها. بر الوالدين للحافظ

*وعن عمر بن ذر: أنه لما مات ابنه، قيل له: كيف كان بره؟ قال: ما مشى معي نهارا قط إلا كان خلفي، ولا ليلا إلا كان أمامي، ولا رقى على سطح أنا تحته. البر والصلة لابن الجوزي

**وعبدالله بن عون : ونادته أمه فأجابها , فعلا صوته صوتها , فأعتق رقبتين*
قال الله(وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا)
أيها الكرماء الأجلاء عباد الله:
حقا كنا خير أمة يوم كنا وحدة واحدة ، عربا وعجما لا فضل لأحدنا على الآخر إلا بالتقوى،يوم كنا دولة واحدة لم يفصل بين أقطارها حدود نستظل بنظام الاسلام ونحتكم إلي القرآن يوم كنا نعتصم بحبل الله المتين ، يوم كان بعضنا أولياء بعض ، ينصر قوينا ضعيفنا ، نقاتل عدونا صفا واحدا .يوم كنا نحمل رسالة الإسلام ، تخوض لنشرها معارك الجهاد ، وتفتح لأجلها البلاد ، لتخرج الناس من الظلمات إلى النور ومن الكفر إلى الإيمان . يوم كنا خير أمة
اقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم

الخطبة الثانيه
الحمد لله وكفي وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفي وبعد:
معاشر المسلمين:
والذي لا إله إلا هو لولا النقل الصحيح المتواتر القطعي لقيل:
ذاك طيف من خيال
بل هو الشيء المحال
قد تقولون: مُحال!
ذاك ضرب من خيال
قد تقولون ولكني أقول:
إنها تربية السبع الطوال!
لا محال
إنه هدي الكتاب
لا محال
فعلى وقع التلاوات تخضَرُّ التلال
لا محال
إنهم جيل المصاحف
لا محال
إنه جيل المحاريب وأساد النبال
إنهم شم الجبال
لا محال**
حقا كنا خير أمة
*ولكن التغني بالماضي بلا عمل لا ينفع، فنحن أبناء الحاضر، ومن أراد العز عمل، وإلا فليشرب كأس الذل
فإنه لما استُلب مُلك أحد الملوك بكى، فقالت أمه: "إبكي كالنساء مجدًا لم تحافظ عليه كالرجال".
ونحن لما تخلينا عن كتاب الله وركنا إلى أعداء الله تنازعنا وفشلنا وذهبت ريحنا ، فغدونا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا . فحال حالنا، وتغيرت أحوالنا فدالت دولتنا وزال سلطاننا، وجزئت بلادنا فغدونا دويلات متعددة ، وأقطارا متباعدة ، وصرنا عربا وعجما ، وأتراكا وأكرادا ، ورسخت فينا النعرة القومية ، وعمقت لدينا الإقليمية .
وضعفت فينا رابطة الأخوة الإسلامية وصرنا متفرقين ، فلم نعد نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر وتخلينا عن سنة نبينا فجردنا انفسنا إلا من رحم الله من ميزة وصفنا الله بها خير أمة أخرجت للناس .
فتخادلنا وصارت الأمم تحمل الينا مبادئها وتفرض علينا حضارتها ، فغزونا بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ، والسلام الشامل الجائر ، وبالمفاهيم المغلوطة حتى صار الجود عدلا ، والذل عزا ، والهزيمة نصرا . والحق باطلا ،
ورحم الله القائل :
رأيت الحق منبوذا غريبا…فظهر العدل مكشوف وعاري
رأيت الصدق مغلوبا حزينا…وصاحبه لباطلهم يداري
رأيت حقائق الأشياء تخفى…ويبدو زيفها والزور جار
**ونحن اليوم ننظر ونتساءل:
أين المسلمون من دينهم؟
وأين المسلمون من كتاب ربهم وسنة نبيهم؟
أين كرامة المسلمين وعزتهم؟
أين مجدهم وشرفهم؟
أين البلاد التى فتحها السلف الصالح ثم ضيعها الخلف الذين تنكروا لدينهم.
ونبذوا كتاب ربهم وراء ظهورهم؟
نتساءل وحال المسلمين اليوم لا يخفى على أحد، وتكاد القلوب تتقطع حسرات على ما وصل إليه حال المسلمين. نتساءل أليس في الإمكان أن يعود المسلمون اليوم عودة حميدة إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم، ونرى جيلاً صالحاً كريماً كالجيل الأول؟ نتساءل هل يمكن هذا؟
هل يمكن أن تتكرر الصورة المشرقة المضيئة التى أرها السلف الصالح للدنيا كلها؟
أيمكن أن تعود صورة المسلمين الأولى بجمالها وبهائها؟
إن الخُلق هو أبرز ما يراه الناسُ، ويُدركونه من سائر أعمال الإسلام؛ فالناس لا يرون عقيدةَ الشخص؛ لأن محلَّها القلبُ، كما لا يرون كلَّ عباداته، لكنهم يرَوْن أخلاقه، ويتعاملون معه من خلالها؛ لذا فإنهم سيُقيِّمون دِينَه بِناءً على تعامله، فيحكُمون على صحتِه من عدمه عن طريق خُلقه وسلوكه، لا عن طريق دعواه وقوله، وقد حدَّثَنا التاريخ أن الشرق الأقصى ممثَّلاً اليوم في إندونسيا والملايو والفلبين وماليزيا، لم يعتنقْ أهلُها الإسلام بفصاحة الدعاة، ولا بسيف الغزاة، بل بأخلاقِ التجَّار وسلوكِهم، من أهل حضرموت وعمان؛ وذلك لما تعاملوا معهم بالصدق والأمانة والعدل والسماحة.
فإذا أردنا العزة في الدنيا وفي الآخرة، وإذا أردنا المجد في الدارين، وإذا أردنا أن ننال رضا الله سُبْحَانَهُ
وتعالي فعلينا أن نعود الي اخلاق الاسلام والي التمسك بما قال الله(َواعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)
وبما قال رسوله تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدها أبدا كتاب الله وسنتي
اقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم واقم الصلاه

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات