الإضاءة في تــقريـظ النـظافـة للشيخ / محمـــد جــــودة عيـــــد




عناصر الخطبة :
أولاً : موقف الإسلام من النظافة :-
ثانياً : الكشف العلمي عن ضرورة النظافة للوقاية من الأمراض :-
ثالثاً : وجه الإعجاز العلمي في القرآن والسنة من خلال تشريع النظافة :-
رابعاً : لنحول النّظافة الى سلوك مجتمعي
الــموضـــــــــــــــوع
  الْحَمْدُ للهِ الذِي حَثَّ عِبَادَهُ عَلَى الطُّهْرِ وَالنَّقَاءِ ، وَأَمَرَهُمْ بِالتَّجَمُّلِ وَالصَّـفَاءِ .                                                                                      وَأَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، جَعَلَ النَّظَافَةَ مِنْ صِفَاتِ أَولِيَائِهِ المُؤمِنِينَ، وَكَتَبَ مَحَبَّـتَهُ لِلتَّوَّابِينَ وَالمُتَطَهِّرِينَ .                                               
وَأَشْهَدُ أَنَّ سيَّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ مِنْ خَلْقِهِ وَحَبِيبُهُ، أَنْظَفُ النَّاسِ فِي جَسَدِهِ وَثِيَابِهِ، وَأَطْيَبُهُمْ رِيْحًا بَيْنَ أَهلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَأَكْثَرُهُمْ تَمَسُّـكًا بِتَعالِيمِ الدِّينِ وَآدَابِهِ، ، صلي اللهم عليه وسلم ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ طَاهِرِي المَظْهَرِ وَالمَخْبَرِ، وَعَلَى أَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ البَعْـثِ وَالمَحْـشَرِ  
أما بعد:
أولاً : موقف الإسلام من النظافة :-
أيها الإخوة المؤمنون :
 من شمائل النبي صلى الله عليه وسلَّم ، نظافته صلى الله عليه وسلم ،!!!!!!  فقد كان صلى الله عليه وسلم أنظف خلق الله تعالى بدناً ، وثوباً ، وبيتاً ، ومجلساً ، فلقد كان بدنه الشريف نظيفاً وضيئاً ـ وضاءة النظافة ـ وكان كما وُصِف أنور المُتجرِّد ، أي أن الأعضاء المجرَّدة من الثياب مُنيرة ، وهذه الإنارة أسبابها كثرة منها النظافة ، فعن أنسٍ رضي الله عنه أنه قال : ’’ مَا مَسِسْتُ حَرِيرًا وَلا دِيبَاجًا أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلا شَمِمْتُ رِيحًا قَطُّ أَوْ عَرْفًا قَطُّ أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ أَوْ عَرْفِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ’’.                                                                                                                وعن أبي قِرْصافة قال :  ذهبت أنا وأمي وخالتي ، فأسلمنا وصافحنا وبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأمي وخالتي ، ورجعنا من عنده منصرفين قالت لي أمي وخالتي : يا بني : ما رأينا مثل هذا الرجل ، ولا أحسن منه وجها ، ولا أنقى ثوبا ولا ألين كلاما ، ورأينا كأن النور يخرج من فيه ـ أي من فمه ـ صلى الله عليه وسلم  ” ، [ من كنز العمال : عن قرصافة ]                                                 .                                                                                                                         ولقد وصف الصحابة - رضوان الله عليهم - جمال النبي صلى الله عليه وسلم ، فكان مما قالوه أنه : “ كان يتلألأُ وجهُه تلألأَ القمر ليلة البدر“.                                                                                                                  وكان يتأذَّى من إهمال حُسن المنظر والزِّينة ؛ رأى رجلاً شعثًا قد تفرَّق شعرُه ، فقال: “ أما كان هذا يجِدُ ما يُسكِّنُ به شعرَه ؟! ”؛                                                                                                                                     ورأى أبا الأحوص الجُشميّ وعليه أطمارٌ (يعني : ثيابًا بالِية) ، فقال : “هل لك مالٌ ؟” قلت : نعم . قال : “من أي المال ؟ ” قال : من كل ما آتى الله من الإبل والشاه ، قال: “ فلتُرَ نعمتُه وكرامتُه عليك ” (رواه أحمد)                                                                                                                    وفي صحيح مسلم ، ومسند أحمد - واللفظ له - ،عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “لا يدخلُ النارَ من كان في قلبِه مثقالُ حبَّةٍ من إيمان ، ولا يدخلُ الجنةَ من كان في قلبِه ذرَّةٌ من كِبْر” ، فقال رجلٌ: يا رسول الله : إنه يُعجِبُني أن يكون ثوبي غسيلاً، ورأسي دهينًا ، وشِراكَ نعلي جديدًا ” وذكرَ أشياء حتى ذكرَ عُلاقة السوط “ فمِن الكِبْر هذا يا رسول الله ؟!  قال : “لا، ذاك الجمال، إن الله جميلٌ يحبُّ الجمال ، ولكن الكِبر من سفِهَ الحقَّ وازدرَى الناس“.                                                                                                                                         يقول ابن القيم: “إن الله جميلٌ يحبُّ الجمال، يتناولُ هذا جمالَ الثياب المسؤولَ عنه في الحديث، ويدخلُ فيه بطريق العُموم الجمالُ في كل شيء“.
إن قيمة النظافة من أهم القيم الإسلامية ، والإسلام ينظر إليها على أنها جزء لا يتجزأ من الإيمان ، الأمر الذي جعلها تحظى باهتمام بالغ في الشريعة الإسلامية ، اهتمام لا يدانيه اهتمام من الشرائع الأخرى ، فلم يعد ينظر إليها على أنها مجرد سلوك مرغوب فيه أو متعارف عليه اجتماعياً يحظى صاحبه بالقبول الاجتماعي فقط ؛ بل جعلها الإسلام قضية إيمانية تتصل بالعقيدة ، يُثاب فاعلها ويأثم تاركها في بعض مظاهرها ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ -أَوْ: بِضْعٌ وَسِتُّونَ- شُعْبَةً ، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ» (رواه البخاري، ومسلم).
ومن مظاهر اهتمام الإسلام بالنظافة أن جعلها سمة من سمات الذين يحبهم الله تعالى ، ولن يكون المرء راجحاً في ميزان الإسلام ، محترم الجانب ، إلا إذا تعهد جسمه بالتنظيف والتهذيب ، وكان في مطعمه ، ومشربه ، وملبسه ، وهيئته الخاصة بعيداً عن الأدران المكدرة ، والأحوال المنفرة ، وليست صحة البدن وطهارته سلاحاً مادياً فقط ، بل إن أثرها عميق في تزكية النفس ، فالإنسان حينما يكون نظيفاً ، وحينما يكون ثوبه حسناً ، - ولا أقصد أن يكون غالي الثمن- ، أي يكون ثوبه نظيفاً ليس فيه عيب منفر، لا يرتدي لبسةً مهجورة ، ولا لبسةً مشهورة ، إذا كان كذلك يشعر بقوة في نفسه ، وقد يقف موقفاً أكثر حكمةً وأكثر تأثيراً مما لو كان في جسمه قذر أو في ثوبه وسخ .
وهذه السِّمة جعلتهم ينالون شرف محبة الله تعالى لهم ، قال تعالى : { لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} ، [التوبة:108] ،
وليس عجيباً أن يجعل دين الله عز وجل الطهارة مفتاحاً لأولى عبادته ألا وهي الصلاة ، فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: (( كَانَتْ عَلَيْنَا رِعَايَةُ الإِبِلِ فَجَاءَتْ نَوْبَتِي فَرَوَّحْتُهَا بِعَشِيٍّ فَأَدْرَكْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا يُحَدِّثُ النَّاسَ ، فَأَدْرَكْتُ مِنْ قَوْلِهِ : مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ مُقْبِلاً عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ إِلا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ)) ، [مسلم عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ]                                                                                                                 ولقد قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرضى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} ، [المائدة:6]. وجعل سبحانه وتعالى التيمم بالصعيد الطيب عوضاً في حالة عدم القدرة على الماء، وذلك من أسمى مظاهر الاهتمام بالطهارة والنظافة في الإسلام ، والتيمم يعكس أيضاً مدى حرص الإسلام على الطهارة، قال تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة من الآية:6]، كما أن الله سبحانه وتعالى لم يجعل هذا التكلف من قبيل الحرج والعناء على المؤمنين، ولكن تشريفاً وتكريماً لهم، قال تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة:6]، أي أن هذه الطهارة التي نأمركم بها ليس المقصود منها إرهاقكم بها ولكنها نعمة من نعمنا التي لا تُحصى عليكم والتي تستحق الشكر.
والمتأمِّل حال الطهارة والنظافة في القرآن الكريم يجد أن الله سبحانه وتعالى يُعاقِب على عدم الالتزام بها أشد وأبلغ عقاب، وقد أهلك الله سبحانه وتعالى أُمَّة كاملة لنجاستهم وعدم طهارتهم ، وهم قوم لوط عليه السلام ، قال تعالى : {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ . فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ} [الحجر:73-74].
وقد حرّم الله إتيان المرأة حال حيضها لأنه أذى ، وبعد انتهاء الحيض شريطة الطهارة قال تعالى : {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} ، [البقرة:222]، وتأمَّل نظرة الإسلام إلى من يأتي امرأته حال حيضها وقبل طهورها وهي زوجته ، فذلك الشخص لم يجعل الله له حد جلد ولا رجم مثل الزنا وشرب الخمر؛ بل عقوبته أشد من ذلك وهي الطرد من رحمة الله، نسأل الله العفو والعافية ، وكذا الحال مع من يأتي المرأة في دبرها .
ولقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم النظافة نصف الإيمان، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن -أو: تملأ- ما بين السماء والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حُجة لك أو عليك، كل الناس يغدو فبايع نفسه فمعتقها أو موبقها» (رواه مسلم ، والترمذي ، وابن ماجة).  يرد هذا الحديث على من يعتقدون أن النظافة والطهارة إنما هي من ابتكار الغرب ، وأن أُمَّة الإسلام ليس لها علاقة بها بسبب تصرُّفات بعض المنتسبين إلى الإسلام ، فإن كانت بعض الأديان أولت النظافة جزء من اهتمامها فقد جعلها الإسلام نصف الإيمان ، كما جعلها شرط لبعض العبادات .                                                                                                                           فعناية الإسلام بالنظافة والتجمل والصحة والتطهر جزء من عنايته بقوة المسلم .                                                                                             إن المطلوب أجسام تجري في عروقها دماء العافية، وتمتلئ أبدان أصحابها قوة وفتوة ، فالأجسام المهزولة لا تطيق حملاً، والأيدي القذرة غير المتوضئة لا تقدم خيراً ، ورسالة الإسلام أوسع في أهدافها وأصلب في كيانها من أن تحيا في أمة مريضة ،موبوءة ، عاجزة ........... وبالمناسبة فهناك تقرير نشرته من منظَّمة الصحَّة العالميَّة ـ قبل عامين ـ ، بأن ثلاثمائة مليون إنسان في العالم مصابون بأمراض أسبابها القذارة، وانتشار هذه الأمراض أقل ما يكون في العالَم الإسلامي بسبب الوضوء، والطهارة، والخِتان، وبسبب تنفيذ تعليمات النبي صلى الله عليه وسلَّم .                                                                                 والحمد الله رب العالمين !!!!!!!!!!!
ولقد امتن الله على بني آدم كلهم بلبس الزينة حين قال عز شأنه : ( يَـابَنِى آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوارِى سَوْءتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىا ذالِكَ خَيْرٌ ) [الأعراف:26] . وقال تعال : ( يَـابَنِى ءادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) [الأعراف:31] .                                                                                  إن حب الزينة والتزين من أقوى غرائز البشر الدافعة لهم إلى إظهار سنن الله في الخليقة .
يقول أهل العلم: خص سبحانه الريش بالذكر لأنه ليس في أجناس الحيوان كالطير في كثرة أنواع ريشها ، وبهجة مناظرها ، وتعدد ألوانها فهي جامعة لجميع أنواع المنافع والزينة .
يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله : ولمحبته سبحانه للجمال أنزل على عباده الجمالين : اللباس ، والزينة تجمل ظواهرهم ، والتقوى تجمل بواطنهم ، وقال في أهل الجنة : (وَلَقَّـاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً ، وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُواْ جَنَّةً وَحَرِيراً) ، [الدهر:11، 12] . فجمّل وجوهم بالنضرة ، وبواطنهم بالسرور، وأبدانهم بالحرير .
وفي خبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: "خمس من الفطرة: الاستحداد، والختان، وقص الشارب ، ونتف الإبط ، وتقليم الأظافر" ، إنها الفطرة وسنن المرسلين ؛ اتفقت عليه الشرائع ودعت إليها الديانات. وترك ذلك وإهماله مزرٍ بالجسم ، وتشبه بالوحوش والسباع ، بل تشبه بالكفار المبتعدين عن صحيح الفطرة وهدي المرسلين .
ومن أجل هذا أيها الإخوة كان الإسلام حريص على أخذ أبنائه بنظافة الحس مع نظافة النفس ، وصفاء القلب مع نقاء البدن ، وسلامة الصدر مع سلامة الجسد ، فالله يحب المطهرين ويحب المتطهرين .                              
وإذا قرأت التاريخ ورجعت إليه قليلا فستجد أن محاكم التفتيش التي أقامها الأسبان للمسلمين في بلاد الأندلس ، لأجل تعذيبهم واضطهادهم ، كانت هذه المحاكم تكتشف المسلمين عن طريق الاغتسال ، فقد كان كثيرا من المسلمين يخفون إسلامهم خوفا من الاضطهاد والتعذيب، فكانوا يعرفونهم بكثرة اغتسالهم ، وظهور نظافتهم ؛ لأن النصارى وغيرهم ، كانوا لا يغتسلون إلا قليلا .
ثانياً : الكشف العلمي عن ضرورة النظافة للوقاية من الأمراض :-
لم يكن معلوماً لدى أحد وجود الجراثيم والميكروبات حتى تمكن الإنسان من اكتشاف المجاهر والميكروسكوبات وذلك في القرن الثامن عشر. فماذا وجد الإنسان ؟
·                      أثبت علماء الجراثيم وجود أعداد هائلة من الجراثيم على السنتيمتر المربع من الجلد الطبيعي وفي المناطق المكشوفة يتراوح العدد بين 1-5 مليون جرثومه وفي كل سنتميتر مربع واحد ، وتتكاثر هذه الجراثيم بصورة مستمرة وللتخلص منها لا بد من غسل الجلد باستمرار ويتم ذلك بالوضوء الذي أمرنا الله تعالى به وحثنا عليه رسولنا الكريم لأنه يتكرر يومياً عدة مرات وبصورة دائمة، و جلد الإنسان عليه أعداد من الجراثيم لا يمكن حصرها ، وخير تشبيه لها ما ذكره الدكتور كليجمان في كتابه الخاص بجراثيم الجلد ، حيث شبه الجلد بما عليه من أنواع الجراثيم البكترية والفيروسية والفطرية والطفيلية التي لا يعلم عددها إلا الذي خلقها ، وما بينها من عداوات وحروب ، وما لها من أشكال ومتطلبات شبهه – أي الجلد - بالكرة الأرضية !! ، بما عليها من مخلوقات حية وما بينها من اختلافات شتى ، وربما يفوق عدد الجراثيم المختلفة على الجلد الطبيعي ،عدد سكان الأرض قاطبة ، وقد أثبت البروفيسور فانيدوف في دراسته أن الاستحمام الواحد يزيل من جلد الإنسان أكثر مائتي مليون جرثومة .                                                                                                         وبما أن الجراثيم لا تقف لحظة عن التكاثر ، فلا بد من إزالتها بشكل دوري ومستمر لتبقى أعدادها قليلة ، بحيث يستطيع الجسم مجابهتها وقد شرع لنا رسول الله أكثر من سبعة عشر غسلاً ،
·                      كما أنه  تستقر في الفم أعداد وأنواع كثيرة من الجراثيم تزيد على مائة نوع يتراوح عددها ما بين خمسمائة إلى خمسة ألف مليون جرثومة في المليمتر الواحد من اللعاب وهي تتغذى على بقايا الطعام بين الأسنان وعليها وينتج عن نموها وتكاثرها ، أحماض وإفرازات كثيرة تؤثر على الفم ورائحته ، وعلى لون الأسنان وأدائها ، فإذا لم تتم إزالة هذه الجراثيم عدة مرات في اليوم فإنها تسبب التسوس وأمراض اللثة .                                                                                     وقد أثبت العلم الحديث أن التسوس يحدث نتيجة عدة عوامل منها فضلات الطعام ووجود الجراثيم وتخرش سطح السن ، كما أثبت أن للسواك أثراً فعالاً في الحفاظ على الأسنان فإنه يزيل الجراثيم على أليافه ويقتل بعضها كيميائيا .                                                                                       
·                 وترك الأظافر مجلبة للمرض ، فإن الجيوب الظفرية بين تلك الزوائد ونهاية الأنامل تتجمع فيها الأوساخ والجراثيم وغيرها من مسببات العدوى كبيوض الطفيليات، وخاصة من فضلات البراز والتي يصعب تنظيفها ، فتتعفن وتصدر روائح كريهة ويمكن أن تكون مصدراً للعدوى للأمراض التي تنتقل عن طريق الفم ، كالديدان المعدية والزحار والتهاب الأمعاء ، خاصة وأنّ النساء هُنّ اللواتي يحضرون الطعام ، ويمكن أن يلوثن بما يحملن من عوامل ممرضة تحت مخالبهن الظفرية .
·                 أما ترك شعر العانة ، فقد أصبح مسؤولاً عن انتشار مرض تقمل العانة ، والذي ينتشر بشكل كبير في أوربا .                                                  
·                 والبول أيضاً ، عبارة عن مجموعة من المواد السامة يتخلص منها الجسم عن طريق البول ، وإضافة لذلك فإنه - البول - ملوث جرثومياً ، لذا فالتنزه منه أمر صحي ، وبالغ الأهمية ، والعلم الحديث يقول أن الغرام الواحد من براز الإنسان فيه أكثر من مائة ألف مليون جرثومة ، وله دور كبير في نشر الأوبئة إن ترك هنا وهناك ..
ثالثاً : وجه الإعجاز العلمي في القرآن والسنة من خلال تشريع النظافة :-
يمكن تلخيص أوجه الإعجاز في القرآن والسنة في هذه القضية فيما يلي:                                                                                            سبق الإسلام سائر الشرائع والديانات السابقة والفلاسفة والأطباء والمخترعين بهذه التشريعات الوقائية العجيبة والفريدة ، وإن من أسرار الطب الوقائي في الإسلام أنه جعل النظافة :
أولا : أمراً تعبدياً مما جعل فيها روحاً وديمومة لا يستطيعها أي قانون آخر.
ثانيا : البساطة في التكليف واليسر في التنفيذ بحيث لا يستلزم كلفة مادية ولا جهداً مرهقاً يقعد الهمم .
ثالثا : الذاتية في التنفيذ أي أن المسلم يقوم بالتطبيق تعبداً لله فهو لا يحتاج إلى مدير يراقبه فواعظ المؤمن ينبع من أعماق نفسه لذا فالمجتمع الإسلامي في غنى عن الرقابة الحكومية في تنفيذ هذه القواعد الصحية
رابعا : الديمومة إذ الالتزام بالأوامر الإسلامية الصحيحة ليس مرهوناً بمدة أو بسن معينة بل تبقى وتطبق ما دام الإنسان قادراً على العبادة .
خامسا :  من رزق تضلعاً في القرآن الكريم والسنة النبوية يعلم أن الإسلام لم يترك شيئاً من الطب الوقائي إلا وأشار إليه بعموميات فوضع بذلك الخطوة الأولى وترك لعقل الإنسان ومختبراته أن يبحث على هداها ،
·                       أنّى لنبي أمي لا يقرأ ولا يكتب أن يعرف هذه الأسرار العجيبة وأن يحدد الوسائل المناسبة لتحقيق النظافة وإبادة الجراثيم والميكروبات ولم يكن لديه أي وسيلة علمية من المجاهر والميكروسكوبات والتي لم تكتشف إلا في القرن الثامن عشر.. ومع ذلك يسن كثيراً من السنن والشرائع لم يصل إليها العلم الحديث حتى بعد أن تمكن من اكتشاف المجاهر الإلكترونية ووجود مئات المعامل والمختبرات إلا أن يكون هذا وحي أوحاه الله إليه كما قال تعالى "وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم .

رابعاً : توجيهات النبي الكريم الوقائية بشأن الطهارة والنظافة :-
1 – الوضوء :
شرع الوضوء للصلوات الخمس في اليوم والليلة ، بما فيها من تعهد للأعضاء الظاهرة من الإنسان ، الأكثر تعرضاً للتلوث ، وجعلها شرطاً لقبول الصلاة، قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقبل صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول " [3].                                                                                               كما حث النبي  صلى الله عليه وسلم ، على إسباغ الوضوء، قال - صلى الله عليه وسلم -: " من توضأ للصلاة فأسبغ الوضوء ، ثم مشى إلى الصلاة المكتوبة ، فصلاها مع الناس ، أو مع الجماعة ، أو في المسجد غفر الله له ذنوبه ".                                                                                                       وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: " إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقياً من الذنوب"[رَوَاهُ مُسْلِمٌ].                                                                                   
2 – الغسل :
أوجب الشارع غسل جميع البدن ، بعد الجماع وبعد الحيض والنفاس ، وغير ذلك من المواطن التي يلزم معها الغسل ، قال تعالى : ’’ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا  ’’                                                                                                                                                                            كما حث عليه وندب إليه في مناسبات عادية وخاصة ، وفي مواطن الاجتماع والازدحام ، كالجمع والعيدين ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل " [4] .                                                                                                                                            كما أن الإسلام وضع حد أقصى لمدة الغسل، وذلك إذا لم يوجد ما يوجب الغسل ، فالسنة ألا يمر أكثر من سبعة أيام على آخر غسل ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حق لله على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يغسل رأسه وجسده " [5].
 نظافة اليد :
 أيها الأخوة الكرام
إذا دخلنا في تفاصيل نظافة اليد، لما كانت اليد أكثر أعضاء الجسم استعمالاً لذا تعهدها الإسلام بالغسل قبل الطعام وبعده، وقد ورد في الأثر أنه ينبغي أن تتوضأ قبل الطعام وبعد الطعام، بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده، وقد فسر العلماء الوضوء قبل الطعام غسل اليدين والفم ، وكذلك بعد الطعام .
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( مَنْ بَاتَ وَفِي يَدِهِ رِيحُ غَمَرٍ فَأَصَابَهُ شَيْءٌ فَلا يَلُومَنَّ إِلا نَفْسَهُ )) ، [ الترمذي]
 وأيضاً وجب أن تغسل يديك قبل أن تأوي إلى فراشك ، فعن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ ثُمَّ لِيَنْثُرْ، وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، وَإِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا فِي وَضُوئِهِ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ )) ،[ متفق عليه] ، وهذا أمرٌ دقيق جداً من توجيهات النبي عليه الصلاة والسلام.
 تقليم الأظافر :
تقليم الأظافر من علامات النظافة ، ومن دلالات الجمال ، جعلها النبي صلى الله عليه وسلم من خصال الفطرة ومحاسن العادات ، لما لها من آثار واضحة على نظافة الفرد ، فقد تتراكم الفضلات والجراثيم والنجاسات تحتها وذلك يتنافى مع الطهارة المطلوبة، فضلاً عما قد تحدثه من آثار صحية سلبية.                                                                   ولقد وجهنا النبي عليه الصلاة والسلام إلى تقليم الأظافر فقال: (( قصوا أظافركم )) ، [ الترمذي عن عبد الله بن بشر رفعة ] ، وفي خبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : "خمس من الفطرة : ........... - ومنها -، وتقليم الأظافر"
5 ـ العناية بالرأس :
 شيء آخر العناية بالرأس : فقد أباح النبي صلى الله عليه وسلم توفير الشعر، أو حلقه ، فقد قالصلى الله عليه وسلم  في حديث ابن عمر: " احلقوا كله ، أو ذروا كله "،  [أبو داود، وصححه الألباني في الصحيحة] ، وقد أمر - صلى الله عليه وسلم - من وفر شعره أن يكرمه فعن أبي هريرة – رضي الله عنه عن رسول الله قال : (( مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ )) ، [ انفرد به أبو داود، وصححه الألباني] ، وإن إكرام الشعر تنظيفه ، وترجيله – أي تسريحه وتمشيطه - ، والنبي عليه الصلاة والسلام نهى عن أن يدع الإنسان رأسه هكذا.                                                                                                               ولما رأى رجلاً شعثًا قد تفرَّق شعرُه ، قال: “ أما كان هذا يجِدُ ما يُسكِّنُ به شعرَه ؟! ”؛                                                                             كما أنه  صلى الله عليه وسلم نهى عن القزع ، عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن القزع ، قال " أبى عبيد الله " قلت لنافع : وما القزع ؟ قال: يحلق بعض رأس الصبى ويترك بعض "  [البخاري ، ومسلم ] .. ، وذلك حفاظاً على سمت المسلم وهيئته، واستجلاباً للوقار والاحترام، فلا شك أن حلق بعض الرأس دون البعض ، يجلب الاستهانة بصاحبه ويذهب بالهيبة والوقار، فضلاً عن أن إكرام الشعر والاعتناء به يضفي على صاحبه الجمال والزينة اللذان تأنس بهما النفوس، وتنفر من ضدهما.                 
6 ـ نظافة العين :
 وفي بعض الأحاديث يشير إلى ذلك، نظافة العين، من حق العين على المرء وهي أدق عضو من أعضاء جسمه أن يتعهدها بالنظافة ، وأن يتجنب في ذلك استعمال اليد لأنها ربما تكون ملوثةً .                                                                                                                                    أيها الأخوة الكرام:                                                                                                                                                      روى الترمذي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( إِنَّ خَيْرَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ اللَّدُودُ وَالسَّعُوطُ وَالْحِجَامَةُ وَالْمَشِيُّ، وَخَيْرُ مَا اكْتَحَلْتُمْ بِهِ الإِثْمِدُ فَإِنَّهُ يَجْلُو الْبَصَرَ، وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ، وَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُكْحُلَةٌ يَكْتَحِلُ بِهَا عِنْدَ النَّوْمِ ثَلاثًا فِي كُلِّ عَيْنٍ)) ، والإثمد حجر يدق ناعماً ويكتحل به يقوي البصر ويجليه.
7 ـ نظافة الأنف :
 وأما عن نظافة الأنف ، فمن نسنن النبي عليه الصلاة والسلام في الوضوء ،أن نستنشق الماء في الأنف ، وأن نستنثره .
8 ـ نظافة الفم :
ونظافة الفم من الروائح الكريهة ، ونظافة الأسنان مما يعلق بها من بقايا طعام وخلافه ، تكون بالسواك ، أو ما يقوم مقامه في العصر الحديث كالفرشاة ومعجون الأسنان وغيرها : فعن سليمان بن صرد :أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال : ’’ إستاكوا، وتنظفوا، و أوتروا ؛ فإن الله عز وجل وتر يحب الوتر’’،  [من الجامع الصغير] ومعنى أوتروا _ أي الدلك ثلاث مرَّات ، والاستياك ثلاث مرَّات، والتنظيف ثلاث مرَّات ،.. وقد قال صلى الله عليه وسلم : (( لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ )) ،[البخاري عن أبي هريرة]                                                                                                          وقال النبي صلى الله عليه وسلَّم: ’’ قصوا أظافركم، وادفنوا قلاماتكم ـ والقلامة الظفر المقصوص ـ ونقوا براجمكم ، ونظفوا لثاتكم ـ جمع لثَّة ـ من الطعام ، واستاكوا، ولا تدخلوا علي قحرا بخرا ’’ [من الجامع الصغير : عن عبد الله بن بسر] ومعنى : قحراً - أي بأسنان صفراء من شدة الإهمال- ، وبخراً : -رائحة الفم كريهة .
-                   ويطيب لنا أن نذكر ما أوردته مجلة “المجلة” الألمانية الشرقية في عددها الرابع [1961] ، مقالاً للعالم رودات - مدير معهد الجراثيم في جامعة روستوك - يقول فيه : "قرأت عن السِّواك الذي يستعمله العرب كفرشاة للأسنان في كتاب لرحّالة زار بلادهم ، وقد عرض للأمر بشكل ساخر، اتخذه دليلاً على تأخر هؤلاء القوم الذين ينظفون أسنانهم بقطعة من الخشب في القرن العشرين . وفكرت،  لماذا لا يكون وراء هذه القطعة الخشبية حقيقة علمية؟!!!!! وجاءت الفرصة سانحة عندما أحضر زميل لي من العاملين في حقل الجراثيم في السودان عدداً من تلك الأعواد الخشبية ، وفوراً بدأت أبحاثي عليها، فسحقتها وبللتها ، ووضعت المسحوق المبلل على مزارع الجراثيم، فظهرت على المزارع آثار كتلك التي يقوم بها البنسلين"... وإذا كان الناس قد استعملوا فرشاة الأسنان من مائتي عام فقط فلقد استخدم المسلمون السِّواك منذ أكثر من 14 قرناً.
-                   ويذكر محمد نزار ، بعد استعراضه لبعض الأبحاث التي تناولت عود الأراك ، وهكذا يمكننا اعتبار المسواك، الفرشاة الطبيعية المثالية، والمزودة بمعجون ربّاني، من موادّ مطهرة، ومنظفة تفوق ما تملكه معاجين الأسنان الصناعية من مواصفات، ولعل أهمها أن المعجون المطهر لا يستمر تأثيره أكثر من 20 دقيقة ثم يرجع الفم إلى حالته العادية، لكن من المنتظر بعد استعمال السِّواك ألا يعود مستوى الجراثيم الفموية إلى حالته إلا بعد ساعتين على الأقل ، من كتاب[ روائع الطب الإسلامي، محمد نزار الدقر، موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، نقلاً عن مجموعة من الأطباء ]..                                                                                                                                                   وصدق من قال : (( السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ )) ، [البخاري عن عائشة] .                                                                            
9 - النظافة من آثار الطعام والشراب :
الآن من توجيهاته صلى الله عليه وسلَّم، حثُّه على التنظُّف من آثار الطعام والشراب ، قال النبي صلى الله عليه وسلَّم : ’’ بَرَكَةُ الطَّعَامِ الْوُضُوءُ قَبْلَهُ وَالْوُضُوءُ بَعْدَهُ ’’ ،  والوضوء هذا وضوء لغوي، وهناك وضوء شرعي ، فالوضوء الشرعي هوضوء الصلاة ، أما الوضوء اللغوي فهوغسل اليدين والفَم ، فالإنسان في أثناء النهارقد يمس شيئا ملوَّثا ، أو يضع يده على مكان غير طاهر، فإذا أراد أن يأكل فعليه أن يغسل يديه غسلاً جيداً قبل الطعام وبعده ، وأن يغسل فمه ، هذا وضوء الطعام ، فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول : ’’ بَرَكَةُ الطَّعَامِ الْوُضُوءُ قَبْلَهُ وَالْوُضُوءُ بَعْدَهُ ’’ ،[من سنن الترمذي عن سلمان] . ولا تنسوا أن أكثر الأمراض المعدية أسبابها عدم العناية بالنظافة .                                                                                                                            ولعلَّ أصحاب النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فهموا من الوضوء الوضوءَ الشرعي ، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ الْخَلَاءِ فَقُرِّبَ إِلَيْهِ طَعَامٌ فَقَالُوا أَلَا نَأْتِيكَ بِوَضُوءٍ ؟ قَالَ : ’’ إِنَّمَا أُمِرْتُ بِالْوُضُوءِ إِذَا قُمْتُ إِلَى الصَّلَاةِ ،[من سنن الترمذي] ، إذاً معنى الوضوء هذا غسل اليدين والفم فقط ، أما الوضوء الشرعي فهو وضوء الصلاة ، أما للطعام فغسل اليدين غسلاً جيداً .                                
10 ـ نظافة الثوب :                                                                                                                                                     حث الإسلام على هندمة الملابس وتنسيقها وأمر بتطهيرها ، قال تعالى: ﴿ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾  [المدثر: 4] ، كما أ وصى النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه وهم قادمون من سفر: " إنكم قادمون على إخوانكم فأصلحوا رحالكم وأصلحوا لباسكم حتى تكونوا شامة في الناس، فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش" [30].                                                                                                                                                                      وقال النبي صلى الله عليه وسلَّم : ’’ من كرامة المؤمن على الله تعالى نقاء ثوبه، ورضاه باليسير ’’ فعلى الإنسان أنْ يراقب ثيابه، فقد يكون فيها بقعة تثير الانتباه ، وقد تكون جواربه غير مغسولة                                                                                                                               وعَنِ الْأَشْعَثِ عَنْ عَمَّتِهِ رُهْمٍ عَنْ عَمِّهَا عُبَيْدَةَ بْنِ خَلَفٍ قَالَ : قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَأَنَا شَابٌّ مُتَأَزِّرٌ بِبُرْدَةٍ لِي مَلْحَاءَ أَجُرُّهَا فَأَدْرَكَنِي رَجُلٌ فَغَمَزَنِي بِمِخْصَرَةٍ مَعَهُ ثُمَّ قَالَ ’’أَمَا لَوْ رَفَعْتَ ثَوْبَكَ كَانَ أَبْقَى وَأَنْقَى فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا هِيَ بُرْدَةٌ مَلْحَاءُ قَالَ وَإِنْ كَانَتْ بُرْدَةً مَلْحَاءَ أَمَا لَكَ فِي أُسْوَتِي فَنَظَرْتُ إِلَى إِزَارِهِ فَإِذَا فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ وَتَحْتَ الْعَضَلَةِ                                                                                                                               فهذا يمشي في المدينة وثيابه طويلة، يجرُّها على الطريق، يكنس بها الطريق، فقال له: ارفع إزارك فإنه أنقى ـ أنظف ـ ، وأتقى ـ أي أكثر تواضعًا ـ وأبقى ـ لهذا الإزار من التلف ـ                                                                                                                                                        وقال صلى الله عليه وسلم : (( ألْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ )) ، [الترمذي عن ابن عباس] ، والثوب الأبيض يعلم النظافة ، ويحتاج إلى دقة بالغة ، وإلى ملاحظة بليغة ، وإلى عناية بالغة ،                                                                                                   فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: (( أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى رَجُلاً شَعِثًا قَدْ تَفَرَّقَ شَعْرُهُ، فَقَالَ: أَمَا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يُسَكِّنُ بِهِ شَعْرَهُ، وَرَأَى رَجُلاً آخَرَ وَعَلْيِهِ ثِيَابٌ وَسِخَةٌ، فَقَالَ: أَمَا كَانَ هَذَا يَجِدُ مَاءً يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ )) ، [ أبو داود عَنْ]                                                                                      والإسلام أيها الأخوة : حضنا على أن يكون لنا ثوب نلبسه يوم الجمعة وهذا توجيه رائع جداً، فلابد من ثوب جديد ترتديه في مناسبات خاصة لأنك سفير الإسلام ، أنت مؤمن ، ومن خلال تصرفاتك ومظهرك يحكم على دينك أحياناً، لذلك قال عليه الصلاة والسلام: (( مَا عَلَى أَحَدِكُمْ إِنْ وَجَدَ أَوْ مَا عَلَى أَحَدِكُمْ إِنْ وَجَدْتُمْ أَنْ يَتَّخِذَ ثَوْبَيْنِ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ )) ، [ أبو داود عن مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ ] ، له ثياب لمهنته ، وثوب يرتديه يوم الجمعة لأن الجمعة يوم عيد.                                                                                                                                                                  بعض الجهال والأجلاف يحسبون فوضى اللباس وإهمال الهيئة والزينة من تمام التدين وكمال التعبّدِ، وهذا جهل وخروج عن الجادة، ونقص في الفطرة وجمال الأدب.                                                                                                                                                                    يروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله :                                                                                                                                       أجد الثياب إذا اكتسيت فإنها *** زين الرجال بها تعز وتكرم
ودع التواضع في الثياب تحوبا *** فالله يعلم ما تجن وتكتم
فرثاث ثوبك لا يزيدك زلفة *** عند الإله وأنت عبد مجرم
وبهاء ثوبك لا يضرك بعد أن *** تخشى الإله وتتقي ما يحرم
قال ابن رجب -رحمه الله-: “ ولم يزل علماء السلف يلبسون الثياب الحسنة ، ولا يعدون ذلك كبراً “.
11- التطيب بالمسك وغيره :
ومن مجالات تطبيق النظافة في الإسلام التطيب بالمسك وغيره، من أنواع الطيب الذي يسر النفس، ويبهجها، ويبعث على النشاط والقوة، ويسٌر المؤمنين، ويؤلف بينهم، فقد حث - صلى الله عليه وسلم - على التطيب وعلى قبول الطيب .                                                                                            فقال : صلى الله عليه وسلم : " حبب إلي من الدنيا، النساء، والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة " ، [رواه أحمد، والنسائي، وصححه الألباني في صحيح الجامع ] .                                                                                                                                                                 وعن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر امرأة من بنى إسرائيل حشت خاتمها مسكاً والمسك أطيب الطيب " ، [مسلم " والترمذي، والنسائي، وأبو داود].                                                                                                                                                   وعن أبى هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من عرض عليه ريحان فلا يرده، فإنه خفيف المحمل طيب الريح " ، [مسلم والنسائي، وأبو داود].
12 ـ نظافة البيوت :                                                                                                                                                     عن صالح ابن أبي حسان قال سمعت سعيد بن المسيب يقول: إن الله طيب يحب الطيب نظيف يحب النظافة كريم يحب الكرم جواد يحب الجود فنظفوا - أراه قال - : أفنيتكم ولا تشبهوا اليهود ، فقال حدثنيه عامر بن سعد عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله إلا أنه قال: " نظفوا أفنيتكم " [الترمذي، وخرجه الألباني في المشكاة وقال حسن ].. " هذا أمر نبوي كريم والنبي عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، والأفنية جمع فناء وهو بهو البيت وساحته.
13- نظافة المسجد :                                                                                                                                                     أمر الإسلام بتطهير المساجد، ومجامع الناس ، فقال تعالى : (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) ، [الحـج: 26] ومن توجيهات النبي صلى الله عليه وسلَّم في تنظيف المساجد ، قوله صلى الله عليه وسلَّم :((عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي حَتَّى الْقَذَاةُ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ آيَةٍ أُوتِيهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا))  ، [من سنن الترمذي]                                                                                                      فإذا رأى الإنسان قشَّة أو أذى على أرض المسجد فالتقطها، هذا من العمل الصالح ، وهذا من تعظيم شعائر الله عزَّ وجل، فكلَّما كان المسجد نظيفًا، فهذا شيء يدل على الإيمان ، وإذا كان مهملاً دلَّ على ضعف الإيمان .                                                                                                            وعن عائشة رضي الله عنها قالت : أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ وَأَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ ،[من سنن الترمذي] .                                                                                                                       إنّ الإنسان يصلي قيام الليل في بيته ، ويصلي السنة في بيته ، وقد يصلي الفرض أحياناً مع أهله وأولاده ، وكأن النبي أراد أن تكون غرفة الصلاة أجمل غرفة ، فهذا المكان في البيت سمَّاه النبي مسجدًا ، فأمرنا النبي صلى الله عليه وسلَّم ببناء المساجد في الدور، وأن تنظَّف وتطيَّب .
14 ـ عدم التنفس في الإناء أثناء الشرب :                                                                                                                                ثبت أن هناك أمراضاً تنتقل بالعدوى عن طريق الزفير، فإذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء، أبعد القدح عن فيك وهذا من توجيهات النبي عليه الصلاة والسلام الوقائية ، فعَنْ عَبْد اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قال : قال صلى الله عليه وسلم ((إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلا يَتَنَفَّس )) ، [ متفق عليه]
15 ـ ألا يبال في الماء الراكد :                                                                                                                                             نهى النبي - صلى الله عليه وسلم -، عن التبول في الماء الراكد ، لأنه ينجس بذلك ، ولا يأمن من أن يأتي غيره فيستعمله ، فنهيه صلى الله عليه وسلم من قبيل الوقاية والطهارة.                                                                                                                                                               فعَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ )) ،[ مسلم ]                                                                             وقال - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبى هريرة: " لا تُبل في الماء الدائم الذي لا يجرى، ثم تغتسل منه " ، [البخاري ، ومسلم ] .
 وفي حديث ثالث:(( لا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي مُسْتَحَمِّهِ فَإِنَّ عَامَّةَ الْوَسْوَاسِ مِنْهُ )) ، [ البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ ]
16 ـ ألا يبال على الحجر أو الأرض الصماء أوالأماكن التي يركن إليها الناس للاستراحة مثل الظلال وغيرها :
 شيء آخر أيها الأخوة الكرام: نهى النبي عليه الصلاة والسلام أن يبال على الحجر، والأرض الصماء الصخرية ، حتى لا يتطاير البول عليه فيؤذي الثياب ، أو في مكان  ، أوظل ظليل يستظل به المارة ، فمن قضى حاجته أو بال في هذا المكان ملعون عند رسول الله ، ومن قضى حاجته أو بال في قارعة الطريق ملعون عند رسول الله ، هذا الذي يجري الآن في مداخل الأبنية أحياناً إنسان شارد ، إنسان بعيد عن كل معاني الإنسانية يقضي حاجته في مدخل البناء وهذا يحدث كثيراً .                                                                                                                                                               فقد قال صلى الله عليه وسلم : (( اتَّقُوا الْمَلاعِنَ الثَّلاثَةَ؛ الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَالظِّلِّ )) ،[ أبو داود ،عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ]                                                                                                                       وعن ابْنَ عَبَّاسٍ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (( اتَّقُوا الْمَلاعِنَ الثَّلاثَ، قِيلَ مَا الْمَلاعِنُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ أَنْ يَقْعُدَ أَحَدُكُمْ فِي ظِلٍّ يُسْتَظَلُّ فِيهِ أَوْ فِي طَرِيقٍ أَوْ فِي نَقْعِ مَاءٍ )) ، [ أحمد ] و- أَنْ يَقْعُدَ أَحَدُكُمْ - ، كناية لطيفة عن قضاء الحاجة. انظر الآن ترى المياه سوداء.                                                                                وفي حديث آخر: ((اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ، قَالُوا: وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ )) ،[ مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]
17- نظافة الأماكن العامَّة ، والطّرقات، مسئولية شرعية :-     
لقد دعا الإسلام إلى النَّظافة العامَّة ، لتشمل الشَّوارع والطّرقات ، والحدائق العامَّة ،وأماكن الجلوس فيها ، وكذلك نظافة مياه الأنهار والبحار،والمزارع والحقول ، والأبنية العامة ، وجعلها مسؤوليَّة شرعيَّة ، فقد ورد في الحديث : "الإيمان تسع وسبعون شعبة، أفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطّريق".                                                                                                                                                            وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الطُّرُقَاتِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَنَا بُدٌّ مِنْ مَجَالِسِنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلا الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ قَالُوا وَمَا حَقُّهُ ؟ قَالَ غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّ الأَذَى وَرَدُّ السَّلامِ وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ)) ، [ متفق عليه ]  .                                                                                                                                               قال علماء الحديث : كف الأذى باليد واللسان والعين ، ألا تنظر إلى عورة ، وألا يستطيل لسانك على أعراض الناس وأنت في الطريق، وألا تؤذي أحداً بيدك. والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، وإذا جلس الإنسان في الطريق لا يجلس ليكذب ، أو ينم، أو يغتاب، أو يتآمر، أو يسخر، وهذا كف أذى سلبي ،                                                                                                                                                                     أما كف الأذى الإيجابي فأن تزيح عن الطريق كل شيء يؤذي المارة ، قشور بعض الفاكهة - الموز - إقامة الحجر من الطريق، هناك من يضع حجراً عند إقلاع سيارته من الطريق العام ، إذا تركوا هذا الحجر قد يسبب حادثاً يذهب ضحيته عشرات الركاب ، فأن تكف الأذى عن الطريق أي أن تزيل عن الطريق ما يؤذي المسلمين .                                                                                                                                                       فالكف السلبي أن تمتنع عن كل شيء يؤذي المسلمين ، أما الكف الإيجابي فأن تزيل بيدك من الطريق كل شيء يؤذي المسلمين:
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:(( بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ )) ،[متفق عليه]
 إذا أزلت ما يؤذي الناس في طريقهم كحجر أو غيره لك أجر، فعَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  يُصْبِحُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى كُلِّ سُلامَى مِنِ ابْنِ آدَمَ صَدَقَةٌ ، ثُمَّ قَالَ إِمَاطَتُكَ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ وَتَسْلِيمُكَ عَلَى النَّاسِ صَدَقَةٌ وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ وَنَهْيُكَ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ وَمُبَاضَعَتُكَ أَهْلَكَ صَدَقَةٌ قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَقْضِي الرَّجُلُ شَهْوَتَهُ وَتَكُونُ لَهُ صَدَقَةٌ قَالَ نَعَمْ أَرَأَيْتَ لَوْ جَعَلَ تِلْكَ الشَّهْوَةَ فِيمَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ وِزْرٌ قُلْنَا بَلَى قَالَ فَإِنَّهُ إِذَا جَعَلَهَا فِيمَا أَحَلَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَهِيَ صَدَقَةٌ )) ،[أحمد]                                                                                                             وعَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الْأَذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ )) [مسلم] ، فمن أماط أذى من طريق المسلمين كتبت له حسنة ، ومن تقبلت منه حسنة دخل الجنة .                                                                                      وكان معاذ يمشي ومعه رجل فرجع فرفع حجراً من الطريق ، قال: ما هذا ؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من رفع حجراً من الطريق كتبت له حسنة ومن كانت له حسنة دخل الجنة ".                                                                                                                             وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَتْ شَجَرَةٌ فِي طَرِيقِ النَّاسِ تُؤْذِي النَّاسَ فَأَتَاهَا رَجُلٌ فَعَزَلَهَا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ فقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَتَقَلَّبُ فِي ظِلِّهَا فِي الْجَنَّةِ )) ، [أحمد]
رابعاً : لنحول النّظافة الى سلوك مجتمعي :-
أيّها الأحبَّة...                                                                                                                                                                   هذا هو الإسلام الّذي جاء به رسول الله (ص)، الإسلام الّذي لم يجعل النَّظافة ، كما لم يجعل الجمال ، على هامش تشريعاته ، فالله جميلٌ يحبُّ الجمال ، والنّظافة جمالٌ بحدِّ ذاتها.                                                                                                                                                             وقد استطاع الإسلام منذ بزوغ فجره ، أن يصيِّر المجتمع البدويّ الوسخ القذر، مجتمعاً يعتبر النَّظافة جزءاً أساسيّاً من تكوين شخصيّته الإيمانيّة ، وجعل النّظافةَ أمراً تعبّدياً للفرد...                                                                                                                                                     هذا ما يريده ديننا العظيم. ولكن أيّها الأحبّة، هل هذا ما نريده؟ وهل هذا هو واقعنا؟                                                                                      هل إنَّ الصّورة الّتي تنطبع في أذهاننا عن المجتمع الإسلاميّ، عندما نتجوَّل في الأماكن العامَّة للمسلمين ؟ أو نسير في الطرقات ، أو ننظر إلى المياة التي نشربه ؟ هل صحيح أنّه ينطبق علينا شعار "النّظافة من الإيمان" ؟!                                                                                                          هذا الشّعار قد يسمعه الجميع ويطلقونه ، ويرددونه ، ويتغنون في ، ولكن مع الأسف ، لا يعيشونه ، ولا يُحدِث لديهم تغييراً جذريّاً .!!!!!!!!!!!!!!!!                                                                                                                                    وهنا سؤالٌ مفصليّ نطرحه على أنفسنا ، وقد نجد الحلّ عند الإجابة عنه : هل يشعر كلّ فردٍ منّا بأنَّ النَّظافة هي مسؤوليَّته الشّرعيَّة ؟ وأنها واجبه كما هي بقيّة الواجبات ؟، أو فريضة كبقيّة الفرائض ؟، وهل يتحمّل مسؤوليتها أمام الله ؟، هل إنّ كلّ فردٍ مستعدّ لأن يقف موقف المسؤوليّة أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم الّذي أمر بالنّظافة والطّهارة والمظهر الحسن للفرد والمجتمع ؟                                                                                                                      إنك لتعجب من بعض الناس يخرج من بيته بقمامته فيرميها في طريق الناس وشوارعهم ، وقد يلتصق بعض الأوساخ أو النجاسات بأحذية أو ثيابهم من يمشون في الطريق ، أو بعض الأطفال ، وقد يسير عشرات الأمتار إلى أن يصل قرب الصندوق المخصص وما بينه وبينه إلا مسافة قصيرة ، فيرمي بكيسه بعيداً عن البرميل أو بجانبه ، فتتكاثر الأوساخ وتنبعث الروائح الكريهة مؤذية للجيران ومؤذية لعابري الطرق ،وتتجمع حولها الحشرات مما يزعج الساكنين ويؤذي العاملين في النظافة الذين يتعبون في جمع هذه المخلفات من هنا وهناك ،  ويأتي آخر فيعمل مثله في صورة تعكس ثقافة التخلف الذي نعيشها ، وللأسف المجتمعات المسلمة في بعد عن ما وصى الله به من الطهارة والنظافة وحفظ حقوق المسلمين، وعدم الإضرار بهم، وبعض الناس قد يرسل أطفاله برمي القمامة ، فهؤلاء ينبغي أن يرشدوا أبناءهم إلى وضعها في أماكنها المخصصة ، وهذا من التربية السليمة على الفضائل والمحاسن .  إن بعض الناس قد يتساهل في هذا الأمر وهو عند الله ليس بهين، بل هو عظيم .                                                                                
أيّها الأحبّة..                                                                                                                                                                  إنّ الشّعور بالمسؤوليّة هو الّذي يقول للّذي يريد أن يتخلّص من نفاياته وهو في سيّارته ، أو من على شرفته  أو الّذي يرمي نفاياته كيفما كان وأينما كان : مهلاً، هل أنت حقّاً تتخلّص منها ، أم تتخلّص منها لتعود إليك مجدّداً ؟
المشكلة أيّها الأحبّة ، هو هذا المفهوم الضيّق الّذي يعتبر أنّ البيت الّذي نملكه بسندٍ ، هو فقط ما نملك ، وهو فقط ما نحن مسؤولون عنه. وللأسف ، حتّى البيت المستأجَر، قد لا يتعاطى معه البعض بمسؤوليّة ، أليس هذا مفهوماً ضيّقاً للحياة ولطريقة العيش ولما يريده الله منّا ؟... فلقد خلق الله الكون ، وجعلنا مسئولين عنه ، ومؤتمنين عليه، فهل نحن نحفظ هذه الأمانة حقّاً ؟ ، فالواجب على المؤمن إذا غادر مكاناً تركه أنظف مما كان، ولكن المخجل أن نجد عكس ذلك في مجتمعاتنا، حتى في أمكنة العبادة.
النّظافة قيمة لا تتجزّأ ، تماماً كبقية القيم ، ولا يوجد أيّ مبرّرٍ لأيّ فردٍ ولا لأيٍ مجتمعٍ لكي لا يكون نظيفاً.                                                          أيّها الأحبّة ،،،،،،                                                                                                                                                              إن الاستضعاف ليس عذراً ، فأنت لا تحتاج إلى أيِّ إمكاناتٍ كي تمتنع عن رمي قارورةٍ هنا أو قارورةٍ هناك ، أو رمي بقايا طعامك وأنت تسير على الطّريق ... لا شأن للاستضعاف بتاتاً بهذا السّلوك ..... كما لا يمكن ان نعتبر غياب النّظام حجّة ، فالنّظام يجب أن ينبع من ذاتك أنت. ومن المفارقة ، أن تجد الشّخص نظيفاً خارج بلاده إحتراماً للقانون هناك ، وخوفاً من العقاب ، في حين أنه لا يأبه بإيمانه ولا بالنّتائج الّتي تترتّب على سلوكه في بلاده .
أيّها الأحبَّة،،،،،،،،،،                                                                                                                                                    فلنحوّل النَّظافة إلى سلوكٍ مجتمعيّ ، حتَّى لا يشعر من ينادي بها بالغربة ، أو كأنَّه يقوم بعملٍ خطأ ، ولنترجم إماطة الأذى عن الطَّريق إلى عملٍ جماعيّ حضاريّ.
وأخيراً  ،،،،،،،،                                                                                          فليبدأ كلٌّ منَّا ، ليتعوَّد كل واحد منا أن لا يغادر مكاناً يجلس فيه قبل أن يتأكَّد أنَّ مكانه نظيف ، نعم، نحن لسنا أقلَّ شأناً من الدّول النَّظيفة ، وبلادنا لا تقلُّ عن بلادهم ، وعلينا ان نتحمل مسؤوليتنا عن هذه البلاد التي نسكنها ، وأن نُدخل النّظافة بالسّلوك والقدوة في تربيتنا وتربية أولادنا ، من خلال البرامج المدروسة ، ومن خلال وسائل الإعلام ، من خلال الجمعيّات واللّجان، ومن خلال القوانين والتّشريعات ، وحتى من خلال العقوبات…
"النّظافة من الإيمان"، فلنردِّدها ونطبِّقها ، ونحن نعي جيّداً أن لا إيمان كاملاً بلا نظافة كاملة ، لنكن، أيّها الأحبّة، قدوة العالم في الخير والجهاد والتَّقوى والسّلوك ، بهذا نُقبل عند الله، ونكون خير أمّةٍ أخرجت للنّاس، تعمل للخير وتدعو إليه.                                                                          
عباد الله: وإن من صور التواصي بالحق أنك إذا رأيت شخصاً يرمي بفضلاته ومخلفاته في غير موضعها أن تنهاه عن ذلك وتزجره وهذا من تمام الولاية بين المؤمنين: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة: 71].
 و لنعلم أبنائنا معنى النظافة ، وأنها ليست كلمة تقال وإنما هي سلوك يظهر، ونعلمهم أيضاً أنها من الدين ، ونبين لهم مخاطر التهاون في النظافة ، وأن يكون المربيين قدوة لهم في ذلك ، وينبغي أن نعلمهم أداب النظافة وصورها ، ونخص بالذكر بعض السلوكيات التي يقع فيها الأطفال خاصة مثل : إلقاء أغلفه المأكولات السريعة في الطرقات ، وأكل المسليات ورمى القشر في الطريق ، وما إلى ذلك .      
 هذه أخلاق المؤمنين أيها الأخوة ، هذه توجيهات النبي ، نظافة البدن ، ونظافة الثوب ، ونظافة المكان ، ونظافة المنزل ، ونظافة الطريق ، ونظافة السلوك الشخصي ، هذه جزء من نمط سلوك المسلم ، وحينما يكون المسلمون متقيدين بشرعهم يكون لهم حال مع الله غير هذا الحال.

التعليقات
1 التعليقات

هناك تعليق واحد:

  1. شركة تنظيف بالبخار بمكة
    نحن شركة تنظيف بالبخار بمكة تستخدم افضل ادوات التنظيف بالبخار التى تقدم لك خدمات تنظيف فلل بمكة و تنظيف مجالس بمكة كما اننا شركة تنظيف شقق بمكة نوفر لك الخدمة 24 ساعة حتى تستطيع ان تحصل على جميع مهام التنظيف فى اسرع وقت ممكن دون انتظار العديد من الوقت حتى تستطيع الحصول على خدمات التنظيف
    شركة تنظيف شقق بمكة
    https://elbshayr.com/5/House-clearance

    ردحذف