ظاهرة الطلاق (أضرارها ـ أسبابها ـ الوقاية منها) للشيخ السيد طه



الحمد لله رب العالمين ...جعل الأسرة هي الركن الأساسى فى بناء كل مجتمع أو أمة... وأوجد ّالإنسانية كلها ، بقدرته من أسرة واحدة فقال تعالى} يا أيها الناس اتقواْ ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رجالاً كثيراً ونساءً(1) {[النساء] . 
 وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو علي كل شيئ قدير ..أقام الأسرة علي المودة والرحمة فقال تعالي }وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) { [الروم].
وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم .. بين أن الأسرة أمانة ومسئولية يحاسب عليها العبد يوم القيامة  فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) [ متفق عليه ].
فاللهم صل علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلي يوم الدين .                      
أما بعـــد .. فيا أيها المؤمنون .....   
 فالنكاحُ من نِعَمِ الله تعالى التي امتنَّ بها على عِبادِه ، من أقوى الرَّوابط والعلاقات الاجتماعيَّة، وسمَّاه الله تعالى مِيثاقًا غليظًا ،قال تعالي } وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا{ [النساء: 20، 21]
 وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم في خطبة الوداع: (فاتَّقُوا الله في النِّساء فإنَّكم أخَذتموهنَّ بأمانةِ الله، واستَحلَلتُم فُروجهنَّ بكلمةِ الله) أخرجه مسلم.                    
ولقد وضع الله تعالي أحكامًا وحدوداً يجبُ احترامها والوقوفُ عندها}وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ (1){ [الطلاق].                                                                                  
وكما أنَّ لعقد النكاح أحكامًا وآدابًا فلفضِّ هذا العقد والميثاق أحكامًا وآدابًا، ولقد انتشرت في هذه الآونة الأخيرة ظاهرة الطلاق وخاصة بين الشباب وأصبح الطلاق أمرا سهلا وشيئا عاديا عند حدوث أي مشكلة صغرت أم كبرت ، دون النظر إلي عواقبه .                             
فالطلاق في مصر صار ظاهرة مخيفة بعد ارتفاع معدلاته بشكل لافت في السنوات الأخيرة، وخاصة في الزيجات الحديثة بين الشباب .              
فلابد لهذه المشكلة من علاج وحلول حتي يستقيم المجتمع بأفراده ويسعد ، فأصبح الحديث في هذا الموضوع من الأهمية بمكان وهو (ظاهرة الطلاق : أضرارها ـ أسبابها ـ الوقاية منها))  وذلك من خلال هذه العناصر الرئيسية التالية ...
1ـ حكمة مشروعية الطلاق .                                                       
 2ـ أضرار الطلاق .                                                                                                                     3ـ أسباب وقوع الطلاق .                                                                                                              4ـ الوقاية من وقوع الطلاق .                                                                                                       5ـ ضوابط الطلاق .                                                                                                                     العنصر الأول : حكمة الإسلام في تشريع الطلاق :ـ
الطلاق فهو حل للرابطة الزوجية وإنهاء للعلاقة بينهما، فكان العرب قبل الإسلام في الجاهلية كان للرجل أن يطلق زوجته ما شاء أن يطلقها فإذا أوشكت عدتها أن تنقضي راجعها ثم طلقها فأنزل الله تعالى قوله:}الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان{البقرة .
وفي الديانة اليهودية المنحرفة الطلاق بيد الرجل ويحق له أن يطلق زوجته لعيب خُلقي أو خَلقي وليس للمرأة أن تطلب الطلاق.                                                                          
وفي الديانة النصرانية المنحرفة الطلاق محرم جاء في إنجيل متّى: (ما جمعه الله لا يفرقه إنسان) لذا يعيش كل منهما حياته الخاصة بين الخليلات في عهر ودعارة منهيان رابطة العلاقة الزوجية بينهما.              
وفي إسلامنا الطلاق بيد الرجل ولكن للمرأة الحق أن تطلب الطلاق وللقاضي أن يفرق بين الزوجين إذا أثبتت الزوجة أن ضررا وإيذاء لحق بها من قبل الزوج. يقول الحق جلا وعلا:}الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان (229){ (البقرة).
 فالطلاق من أبغض الحلال إلى الله عز وجل، والطلاق علاج للحالات المستعصية التي لا يمكن فيها الإصلاح بين الزوجين والجمع بينهما، ويكون فراقهما خير من اجتماعهما .
كثيراً ما يحدث بين الزوجين من الأسباب والدواعي ، ما يجعل الطلاق ضرورة لازمة ، ووسيلة متعينة لتحقيق الخير ، والاستقرار العائلي والاجتماعي لكل منهما ، فقد يتزوج الرجل والمرأة ، ثم يتبين عدم صلاح الزوجة في دينها أو في خلقها أو هما معا ، أوعجز الزوج عن القيام بحقوق الزوجة كالنفقة والمعاشرة ونحوها. أو نشوز الزوجة، وتعاليها على زوجها. ، فيرى كل من الزوجين نفسه غريباً عن الآخر ، نافراً منه ، وقد يطّلع أحدهما من صاحبه بعد الزواج على ما لا يحب ، ولا يرضى من سلوك شخصي ، أو عيب خفي ، وقد يظهر أن المرأة عقيم لا يتحقق معها أسمى مقاصد الزواج ، وهو لا يرغب التعدد ، أولا يستطيعه ، إلى غير ذلك من الأسباب والدواعي ، التي لا تتوفر معها المحبة بين الزوجين ولا يتحقق معها التعاون على شؤون الحياة ، والقيام بحقوق الزوجية كما أمر الله ،فيكون الطلاق لذلك أمراً لا بد منه للخلاص من رابطة الزواج التي أصبحت لا تحقق المقصود منها ، والتي لو ألزم الزوجان بالبقاء عليها ، لأكلت الضغينة قلبيهما ، ولكاد كل منهما لصاحبه ، وسعى للخلاص منه بما يتهيأ له من وسائل ، وقد يكون ذلك سبباً في انحراف كل منهما ، ومنفذاً لكثير من الشرور والآثام، لهذا شُرع الطلاق وسيلة للقضاء على تلك المفاسد ، وللتخلص من تلك الشرور ، وليستبدل كل منهما بزوجه زوجاً آخر ، قد يجد معه ما افتقده مع الأول ، فيتحقق قول الله تعالى} وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته ، وكان الله واسعاً حكيماً { البقرة .
 والإسلام عندما أباح الطلاق ، لم يغفل عما يترتب على وقوعه من الأضرار التي تصيب الأسرة ، خصوصاً الأطفال ، إلا أنه لاحظ أن هذا أقل خطراً ، إذا قورن بالضرر الأكبر ، الذي تصاب به الأسرة والمجتمع كله إذا أبقى على الزوجية المضطربة ، والعلائق الواهية التي تربط بين الزوجين على كره منهما ، فآثر أخف الضررين ، وأهون الشرين
العنصر الثاني : أضرار الطلاق :ـ
عند وقوع الطلاق لابد من أضرار تعود علي المجتمع بأسره وهي ..
 1ـ التفكك الأسري :ـ
لأن المجتمع أصلا مكون من أسر مترابطة معا , فبحدوث الطلاق يحدث التفكك لهذه الأسر مما يسبب اضطرابات عديدة يعاني منها المجتمع .       
2- زرع الكراهية والحقد في المجتمع :ـ  عند حدوث الإنفصال و الطلاق فذلك ينمي الكراهية والحقد و الغضاء بين الطرفين مما يؤدي إلى حدوث مشاجرات ،وعدم استقرار في المجتمع ,و في معظم الأحيان يكون الأهل مصدرا للخصام و زيادة المشاكل بدلا من أن يساعدو على إصلاح ذات البين
 3- كثرة الجرائم وزعزع الأمن في المجتمع و زيادة الإنحراف و الأمراض النفسية , كل ذلك يعود سببه إلى تشرد الأطفال بعد طلاق الوالدين و قلة الرعاية لهم و التفكك الأسري الذي دفعهم لأن يتجهو إلى سلوكات غيرسوية ........
 العنصر الثالث : أسباب وقوع الطلاق :ـ
الأسباب التي تؤدي إلي الشقاق الزوجي الذي ينجم عنه الطلاق وهي :ـ
 1 ـ الجهل :ـ
الجهل هو أعدى أعداء الإنسان ، فالجاهل عدو نفسه، ويفعل في نفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به ، الأزمة في حياتنا عدم المعرفة وعدم استعمال العقل ،إنها أزمة العلم ، حتى أهل النار يحكي عنهم المولي عز وجل في قوله تعالي }وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10){ (الملك)
نجد من المفارقات العجيبة : أنه ما من عقد زواج وإلا ويقول العاقد : على كتاب الله وسنة رسوله ، فهل عرف الزوجان ما في كتاب الله وفي سنة رسوله من أحكام الزواج ؟ هم لا يفهون في الزواج إلا الفراش وفقط وهذا جرم كبير .
 هل عرف الزوج حقوق زوجته وواجباته تجاهها ؟ هل عرفت الزوجة حقوق زوجها وواجباتها تجاهه وتجاه أولادها ؟                                   
هل عرفوا الحدود التي ينبغي أن يقفوا عندها ؟ هل عرفوا المرجعية التي ينبغي أن تحكم علاقتهما ؟
 نجد أن النبي عليه الصلاة والسلام يخاطب النساء عامة من خلال امرأة قال : عن أسماء بنت يزيد الأنصارية قال رسول الله صلي الله عليه وسلم}اعلمي أيتها المرأة ، وأعلمي من دونك من النساء أن حسن تبعل المرأة زوجها يعدل الجهاد في سبيل الله{[أخرجه ابن عساكر وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان]
 2 ـ ضعف الإيمان :ـ  
ربما تجد الزوجين علي علم كامل بالحقوق والواجبات والحدود ،والقيود ،ولكنهما لا يستطيعان تطبيق ما يعرفان ولذلك لضعف الإيمان بالله عز وجل ، فالقناعة شيء ، وأن تحمل نفسك على أن تفعل ما أنت مقتنع به شيء آخر ، هناك من يعرف الحلال والحرام ، والواجبات والحقوق ، لكنه أضعف من أن يقوم بهما ، فقوة الإيمان تقوي الإرادة ، هذه الإرادة القوية من نتائج قوة الإيمان ، فإذا قوي إيمان الزوجين قويت إرادتهما ، وقوة إرادتهما تعينهما على أن يطبقا ما تعلماه من منهج الله عز وجل .
لا يكفي أن أتعلم الحقوق والواجبات والحدود والقيود لابد من أن أملك إرادة قوية على تطبيق ما أنا مقتنع به ، ذلك أن الزوجين المؤمنين يشعران أن الله بين الزوجين ، فكل طرف منهما يخاف الله أن يظلم الآخر ،وكل منهما يتقرب إلى الله بخدمة الطرف الآخر ، فإذا كان الزوجان مؤمنين فإيمانهما بالله ، وأنه يراقبهما، وبأن الله سبحانه وتعالى سيكافئهما على عملهما ، هذا أكبر ضمانة لنجاح الزواج في ظروف الإيمان .
وقد قال بعضهم : لا تزوج ابنتك إلا من مؤمن، وسئل الإمام الحسن :إن لي ابنه لمن أزوجها ؟ قال لا تزوجها إلا لتقي إن أحبها أكرمها وإن كرهها لم يظلمها .
 3 ـ سوء الإختيار :ـ
إن التسرع في اختيار شريك الحياة وسوء الاختيار من البداية هو مؤشر لعدم استقرار الحياة الزوجية بل وهدمها قبل بدايتها أو بعد ذلك، لأنه لا يحدث تفاهم بين الزوجين وخاصة في القضايا الأساسية ، وقد تزايدت في السنوات الأخيره ظاهرة الطلاق بسبب سوء الاختيار.                                             
4ـ عدم تحمل المسئولية :ـ
لم يتربي الولد منذ نعومة أظفاره علي تحمل المسئولية ، فتجد الأب يقوم بكل بشيئ لولده من تجهيز شقة، وجهاز، ومهر، واختيار الزوجه ، ولا يقوم الشاب بفعل أي شيئ غير أنه تزوج فقط ، فهو لم يمارس المسئولية من قبل ، فتجده عند أول مشكلة في حياته الزوجية وهذا أمر طبعي ،لا يستطيع أن يواجه المشكلة فيهرب منها بالطلاق لأنه لم يتعب في تجهيز ولا غيره ، وكذلك الفتاة ،فأصبح الطلاق أسهل حل عند كثير من الشباب .
 5ـ تدخل الأطراف الخارجية :ـ
مثل تبعية الولد لأحد من أقاربه كأن يسلم عقله له تماما يفكر له ويحركه كيفما شاء، وكذلك تبعية الفتاة لأمها أوأختها ،أولصديقتها، فهذا يؤدي غالبا إلي فشل الحياة الزوجية لأنهم يحكمون الأهواء الشخصية قلما تجد حكيما ، فعن عبدالله ابن عمر رضي عنهما قال :قال النبي صلي الله عليه وسلم } ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه{ (رواه الطبراني في معجمه الأوسط، وقال الألباني: "حسن لغيره"؛ كما في صحيح الترغيب والترهيب).
  6ـ التقليد الأعمى :
 التقليد الأعمى معول هدم للحياة الزوجية ،وذلك من خلال القنوات الفضائية ومواقع الإنترنت والتي تجعلان الرجل والمرأة يعيشان في الخيال ،وإذا ما نزلا للواقع اصطدما بالحقيقة ، فيؤدي إلي حدوث مشكلات كبيرة بينهما ، وأيضا قصص الخيانة الزوجية ،خيانة الزوج للزوجته ،وخيانة الزوجة لزوجها ، وأيضا نشر الإختلاط بين الرجال والنساء والسفور والإباحية التي تدعو إلي التحلل والتفسخ ، فيحدث الطلاق .
  7ـ الخرس الزوجي :ـ
وهو نضوب مشاعر الحب بين الزوجين ،فيبعث على مشاعر اليأس لدى كثير من السيدات،حيث ترى زوجها إذا كان خارج البيت يضحك ويمازح فإذا ما دخل إلى بيته أصيب بسكتة كلامية , كما أن هذا الخرس يستثير الرجل ويزعجه بصورة كبيرة، ويترتب على الصمت الذي تغرق فيه العلاقة الزوجية حدوث أزمة حقيقية يترتب عليها مشاكل صحية، ونفسية واجتماعية , بل ويتأثر به الأولاد تأثرا مباشرا فلا يعرفون فن الحوار ولا يجيدون فن الاتصال والتواصل مع الناس ،ويكون سببه :ـ 
أ.عامل التنشئة : فقد ينشأ الزوجان في بيت يعاني من هذا المرض فيتوارثانه , ولا يستطيعان التخلص منه.
ب .انعدام الكفاءة بين الزوجين : فقد تختلف ثقافة واهتمامات كل منهما عن الآخر لعامل السن أو التعليم أو التربية فلا يستطيعان التواصل .                                                                                     
جـ . بعض السلوكيات المنفرة من أحد الزوجين : فالسلوكيات والتصرفات المنفرة من أحد الزوجين قد تدفع الطرف الآخر إلى تجنب الحديث معه إيثاراً للسلامة وبعدا عن الشقاق والخلاف .
 د .عدم استماع الزوج إلى زوجته , وعدم استماعها إليه , إضافة إلى عدم اهتمام كل منهما بمشاعر الآخر وباهتماماته وهواياته.
 هـ . ضغوط الحياة الاقتصادية وكثرة الأعباء والمسئوليات قد تجعل أحد الزوجين ينصرف عن الآخر
 و. التكبر والتعالي من أحد الزوجين : فقد يتكبر أحد الزوجين ويتعالى على الآخر وينظر إليه بازدراء فيضطر الطرف الآخر للانصراف عنه , أو قد يفهم بعض الرجال مفهوم القوامة على غير وجهها الصحيح فيظن أن القوامة تعالياً على الزوجة ووضع للفواصل بينه وبينها , وينسى قول الله تعالى } هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ (187){  (البقرة
  العنصر الرابع : الوقاية من وقوع الطلاق :ـ                                                    
عظمة هذا الدين أنه منهج قويم يبدأ من الأسرة ، وينتهي بالعلاقات الدولية ، فالزوج والزوجة إذا بنيا بيتهما على طاعة الله تولى الله في عليائه التوفيق بين الزوجين ، أما إذا بنيا منزلهما على معصية فيتولى الشيطان التفريق بينهما .
 وحتي نقي البيت من الفشل والإنهيار لابد من أخذ الأسباب والضمانات الوقائية التي تحفظ للبيت استقراره وسعادته بعد توفيق الله تعالي من هذه الأسباب :ـ
1ـ حسن الإختيار :ـ 
 إن حسن الإختيارأهم عنصر فى ترسيخ استقرار الأسرة المسلمة ، فإذا ما تلاقت الطباع ، وتوافقت النفوس ، وتقاطعت الثقافات كان ذلك عامل قوى لمجتمع أمتن روابط بين أسره وأَشَد صلة وألفة بين أفراده .
إن أهم قرار تتخذه في حياتك هو قرار اختيار الزوجة, حيث يتحدد مستقبل حياتك في الدنيا والآخرة من خلاله, فالأمر مفصلي في حياتك، هل ستعيش حياة سعيدة أم حياة فيها شقاء؟                 
إن أعظم قرار ينبغي أن تستهل به، وتراجع به نفسك كثيراً هو قرار اختيار شريكة حياتك وأُم أولادك وحاملة اسمك.
 وكذلك بالنسبة للمرأة  ،من هذا الذي الذي سترضين أن يقترن اسمه باسمك ويكون أباً لأولادك ، وكذلك الشاب من ذا الذي يقع عليها الإختيار حتي تحمل اسمك وتكون أما لأولادك ، وتكون شريكتك في الدنيا والآخرة .
 ولقد تحدث الشرع الحنيف عن هذا الجانب جانب الاختيار واعتبره العمود الفقرى الذى تقوم عليه الأسرة المسلمة .
 وهذا الجانب هو ما يسميه الفقهاء بالكفاءة فى الزواج فى الدين والورع والعبادة وفى الأموال وفى الثقافات ونحو ذلك ...   
فالإسلام يأمر الرجل أن يكون هدفه نبيل وغايته شريفة فيطلُب المرأة ، ويختارها لدينها لا لجسدها ، ولورعها ونبلها لا لأموالها
وليس معنى ذلك أنْ يتغاضى عن جمال المرأة !! كلاَّ بل أمرنا الإسلام أن نتزوج الجميلات ولكن الجمال المقرون بالخلق والدين .                                                                                                       
 بل إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمَرَ المغيرة بن شعبة وقد خطب امرأة ليتزوجها أن ينظرإليها وقال له :أنظرت إليها ؟        
قال:لا فقال له النبى صلى الله عليه وسلم انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما .     
 وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال خطب رجل امرأة فقال له النبى صلى الله عليه وسلم }انظرإليها فإنَّ فى أعين الأنصار شيئاً {.                                                                               
 الأُسُسُ التى يُبنى عليها الاختيار:ـ 
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم }تخيروا لنطفكم, فانكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم{[ البخاري]
كان عثمان بن أبي العاص يقول لأولاده }يا بني الناكح مغترس , فلينظر امرئ حيث يضع غرسه والعرق السوء قلَ ما ينجب إلا مثله{                                                                                                     
 ووضَعَ الإسلام أُسُساً قويمة أَوْجَبَ عَلى الإِنسَان أَنْ يأْخُذَها فى عين الاعتبار حين قدومه على اختيار الزوجة، وهي :ـ الإسلام والصلاح والوعي والحياء والطاعة والأصل .               
 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم}ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيراً له من زوجة صالحة, إن أمرها أطاعته وإن نظر إليها سرته وإن أقسم عليها أبرته وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله{ [ابن ماجه]
فروى ابْنُ مَاجَةَ بسندهِ عَنْ أَبى هُريْرَة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال } تنكح النساء لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك { .                                                                           وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال}الدنيا متاع، وخيرُ متاعها المرأةُ الصالحة{ رواه مسلم .                                                                             
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم} لكل دين خلق وخلق الإسلام الحياء{[ مالك
 وكيف يعرف الشاب أن هذه الفتاة مطيعة؟ يعرف ذلك من خلال أمها وأختها؛ لأن الغالب: أن البنت ابنة أمها وتلميذة أختها،عندما تجد الأم هي صاحبة الكلمة الأولي ، وأختها كذلك مع زوجها ،لا تتزوج هذه الفتاة لأن البنت تتعلم من أمها في الغالب، و السمة العامة أن الفتاة  تتعلم من أمها وأختها، ولكن خذ من عائلة تكون فيها الأم مطيعة للأب.                            
وعن سعد بن أبي وقَّاص رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال } أربعٌ من السعادة: المرأةُ الصالحة، والمسكنُ الواسع، والجارُ الصالح، والمركبُ الهنيء، وأربعٌ من الشقاء: الجارُ السوء، والمرأةُ السوء، والمركبُ السوء، والمسكنُ الضيّق{ (رواه ابن حبان ، وأحمد وذكره الألباني في السلسة الصحيحة)  
وعن ثَوبان قال: لما نزل في الفضة والذهب ما نزل، قالوا: فأيُّ المالِ نتخذُ؟؟ فقال صلى الله عليه وسلم} لِيتخذْ أحدكم قلباً شاكراً، ولساناً ذاكراً، وزوجةً مؤمنةً تُعينُ أحدَكم على أمرِ الآخرة{ (رواه ابن ماجه  في النكاح، وأحمد والترمذي ).             
وأن تكون ولوداً: وذلك لما ورد في الكتاب الكريم والسنة المطهرة، من تحبيب بطلب الذرية الصالحة، وحثٍ على التكاثر في النسل، بما يحقق الغرض الأسمى من الزواج، والمتمثل في استمرار النوع البشري، وإنجاب الذرية، ودوام عمارة الإنسان للأرض، التي هي من الغايات الأساسية التي خلقه الله من أجلها
 وعن معقل بن يسار، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:( تزوَّجوا الودودَ الولودَ، فإنّي مكاثرٌ بكم الأمم)
 وهكذا نرى أنَّ النبى صلى الله عليه وسلم  بَيَّن للرِّجَالِ طريقةَ الاختيار ووضع منظومة كاملة ينبغى للإنسان أَنْ يُراعيها عند اختياره من دين وجمال وبكارة ونحو ذلك... وهذا كله من دعائم استقرار الأسرة وأحرى لدوام هُدوئِها واستمرارِ معيشتها ، ولا مانع أن يختار الرجل لابنته إذا وجد كفئا كما حدث من قبل، وهذه أمثلة علي ذلك :ـــ  سيدنا شعيب عليه السلام :ـ 
 من السنن الغائبة والمستغربة التي هجرها أكثر المسلمين وقد جاء ذكر هذه السنة في القرآن الكريم حين عرض الشيخ الصالح ابنته على موسى عليه السلام في قوله تعالى} قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ(27){ القصص .                           
فصاحب مدين يعرض ابنته على موسى عليه السلام ، وقد جاء غريباً مهاجراً ولم يتحرج من هذا العرض ، ولم يشترط في موسى أن يكون من قومه أو وطنه أو جلدته وإنما اكتفى بشرط هو الدين والخلق والكفاءة .
أما السنة المطهرة فقد أكدت فكرة عرض الرجل ابنته على الرجل الصالح .. 
سيدنا عمر ابن الخطاب رضي الله عنه :ـ                                                                     
 أخرج الإمام البخاري في باب ( عرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير ) أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين تأيمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوفي بالمدينة فقال عمر بن الخطاب أتيت عثمان فعرضت عليه حفصة فقال سأنظر في أمري ، فلبثت ليالي ثم لقيني فقال قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا ، قال عمر فلقيت أبا بكر الصديق فقلت له إن شئت زودتك حفصة بنت عمر ؟ فصمت أبو بكر فلم يرجع إليّ شيئاً وكنت أوجد عليه مني على عثمان ، فلبثت ليالي ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إياه فلقيني أبو بكر فقال لعللك وجدت علي حين عرضت عليّ حفصة فلم أرجع إليك فيما عرضت علي إلا أني كنت علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرها فلم أكن أفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم لقبلتها ) . رواه البخاري .                                                                                                                                              ابحث في زوج ابنتك أو أختك  عن الإسلام أولا ثم ثانياً الصلاح ، وخلقه، ودينه قال صلي الله عليه وسلم }إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير {  ثم ابحث هل له عمل أو وظيفة ، له سكن ، ثم ابحث هل هو كفؤ لها أم لا والكفاءة في التدين والإلتزام والورع والوظيفة والحسب والنسب .
 2ـ البساطة والتيسير في التكاليف :ـ
من الأشياء المعوجة في النكاح أن يكون صفقة تجارية ، الكل يريد أن يربح والكل يريد أن لا يخسر، الأمر الذي يجعل بعد ذلك النفوس متوترة ثم تبادل الاتهامات والأقاويل والخداع
 يقول النبي صلي الله عليه وسلم }أعظم النكاح بركة أيسره صداقا{( رواه أحمد والبيهقي) لأنه لا طمع فيه، تأمل معي هذه القصة:ـ
 سعيد ابن المسيب يرفض زواج ابن الخليفة :ـ
 خطب أمير المؤمنين عبد الملك ابن مروان ابنة سعيد بن المسيب إلى ابنه الوليد ،فرفض سعيد بن المسيب إمام التابعين وسيدهم، ورعا ومخافة من الله تعالى أن تعيش ابنته في بيت الخلافة وكثيرا ما تكون بيوت الخلافة فيها شيء من المظالم.
 فيبعث أمير المؤمنين من يرغب سعيد ومن يرهبه فلا يلتفت إلى ذلك كله.
ويفتقد سعيد بن المسيب أحد تلامذته عبدالله ابن أبي وداعة يوماً، فلما أتاه بعد ذلك، قال: لم تغيبت بالأمس؟ قال: ماتت زوجتي، قال: ألا تريد أن تتزوج؟ قال: ليس معي مال، قال: وما عندك، قال: درهمين فقال سعيد بن المسيب زوجتك ابنتي على درهمين.                                                                                                          يعود بعد ذلك مساء ابن أبي وداعة إلى بيته فإذا بالباب يطرق، قال: من؟ فأجابه الطارق: سعيد بن المسيب، فقال: ابن أبي وداعة، عله جاء يعتذر عما أبرمه مسرعا، ففتح الباب يقول: فرأيت وراء سعيد ظل امرأة، فقال سعيد: كرهت أن تبيت أعزب وهذه زوجتك، ودفعها وأغلق الباب، فقال: فاستغربت فعله، فخرجت إلى الجيران، قلت: استروني ستركم الله، والله ليس عندي طعام أطعم به ابنة سعيد بن المسيب، فيقول: فاحضروا لي الطعام، ولما كان الصباح أردت أن أذهب إلى سعيد حتى أطلب منه العلم، فقالت لي زوجتي: إلي أين؟ قلت: أطلب العلم من والدك، فقالت: اجلس أعلمك علم سعيد بن المسيب
 3ـ التأهيل قبل الزواج :ـ
 كل من يمضي باتجاه أمرٍ ينبغي أن يؤهل نفسياً , لا يحق ولا يجوز ولا يستقيم ولا يكمل أمر بدون تأهيل نفسي , الشاب الذي سيذهب نحو الزواج ينبغي أن يُؤهل نفسياً , الفتاة الذاهبة نحو الزواج ينبغي أن تُؤهل نفسياً , هناك مشكلة إذا لم نؤهل الشباب للزواج وهناك مشكلة أكبر إذا أهلناه تأهيلاً مضاداً ،الآن بعض الفتيات وبعض الشباب أو كثير يؤهلون بطريقة غير صحيحة في القنوات الفضائية وفي الغناء وفي المسلسلات وفي الأفلام في كثير أو عدد من البرامج كأن الزواج حب وفقط , كأن الزواج عشق وفقط , كأن الزواج غرام وهيام ووصال ووئام وسلام وفقط , الحق أن الحب جزء من الزواج , ولكن هناك أجزاء أخرى ،جديرة بالإهتمام . فلابد من الإعداد والتأهيل النفسي للزوجين ، فهناك ثلاث مفاهيم مهمة جدا للطرفين:
أولا: الزواج مسؤولية:ـ
لو أردنا أن نضغط الزواج كله في كلمة واحدة لكانت هذه الكلمة ، الزواج مسؤولية , باختصار كل شاب سيذهب نحو الزواج ، ذاهب نحو تحمل مسؤولية جديدة , أنت قبل زواجك كنت مسؤولاً عن نفسك ربما تكون مسؤولاً عن أمك وأبيك بنفقة معينة إذا كانا كبيرين وأنت الذي تنفق على البيت , لكنك بعد الزواج ستصير مسؤولاً عن نفسك وعن أمك وأبيك وعن زوجتك , وبعد سنة من الزواج ستصير مسؤولاً عن مولود جديد عن ابن , الزواج مسؤولية ، إذا كنت مستعد لتحمل مسؤولية جديدة ،اذهب نحو الزواج , قبل الزواج كنت تسهر إلى ساعات متأخرة خارج البيت , بعد الزواج لا يستقيم لك ذلك الأمر، إن تلك المرأة العفيفة التي تنتظرك في البيت من حقها أن تعود إليها مبكرا
الزواج مسؤولية وأنت أيتها الفتاة قبل الزواج كنت تستيقظين في ساعة متأخرة صباحاً في الساعة الثامنة أو التاسعة  أوالعاشرة لأن أمك كانت هي التي تعتني بالبيت لأن أمك هي التي كانت تعد لكم البيت والطعام وما شابه , بعد الزواج لا يستقم لك هذا الأمر أبداً لأن هذا الزوج الذاهب إلى العمل في كل صبيحة , هو ينتظر زوجة تستيقظ قبله لتجهز له الدار وتجهز له الطعام وتجهز الثياب .                                                                   
 لقد اختصر الله عز وجل في القرآن الكريم مسؤوليات الرجل ومسؤوليات المرأة في الزواج في آية من سورة النساء وهي {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ(34)}.
ثلاث مسؤوليات للرجل في هذه الآية وثلاث مسؤوليات للمرأة .                                       
المسؤولية الأولي للرجل: القوامة :ـ             
 {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ} قوّامون جمع قوام , قوّام صيغة مبالغة من قائم , قائم قوّام ,والقائم هو الذي يعمل أكثر , هو الذي يجتهد أكثر ،هو الذي يخدم أكثر, {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ} يقومون بكثرة على رعاية زوجاتهم .   أول مسؤولية على كل شاب ذاهب نحو الزواج القوامة : أن يقوم على رعاية زوجته , هل أنت مستعد لرعاية هذه الزوجة..؟ لابد أيها الأخوة أن يؤهل الشاب لهذه المسؤولية مسؤولية القوامة .
 المسؤولية الثانية للرجل:مسؤولية التربية :
 لأن التربية جزء من القوامة , مسؤول أنت أن تدعو أهل بيتك إلى طاعة الله  مسؤولاً أنت أن تدعو زوجتك إلى مرضاة الله تعالى , وكلما ازددت أيها الزوج من دعوتك لزوجتك وأمرها وترغيبها وتحبيبها كلما ازدادت أجورك وازددت قرباً من الله تعالى
  المسؤولية الثالثة للرجل:مسؤولية النفقة:
هذه كلها على الرجل, المرأة في الإسلام ملكة بكل ما تعني الكلمة من معنى وأبعاد إذا كانت صغيرة فنفقتها على أبيها , إذا تزوجت نفقتها على زوجها , إذا صارت أماً وقد مات زوجها نفقتها على أولادها , إذا لم يكن لها أولاد النفقة على إخوانها من الرجال والشباب , المرأة ملكة في الإسلام , لقد رفع الإسلام هذه المرأة ورفع لها قدراً عالياً والرجل أنت المسؤول عن النفقة , ولو كانت زوجتك موظفة ولها راتب يفوق راتبك بأضعاف لا يلزمها قانون ولا شرع أن تنفق على هذا البيت ولكنها لو ساعدت زوجها في نفقة البيت فهذا أفضل ولها ثواب مساعدة زوجها . فأنت أيها الشاب المسؤول الأول عن النفقة .  
 فالرجل هو الذي ينفق على الأسرة وهو الذي يتولى مسئوليتها في الدنيا وأمام الله عز وجل يوم القيامة. ويتولى حمايتها وهو أكثر تحكما بعواطفه من المرأة فهو الأنسب في سياسة الأسرة والقوامة عليها .  
إذن الزواج مسؤولية فعلينا أن نؤهل أولادنا لتحمل هذه المسؤولية ، هل الشاب مستعد لتحملها أم لا ؟ مستعد ليتحمل القوامة والنفقة والتربية لهذه الزوجة أم لا ؟ أم أنه ما زال معتمدا علي أبيه في كل شيئ ؟ فإن كان مستعد لتحمل المسؤولية فعليه أن يقدم علي الزواج وإذا لم يكن مستعد لذلك فعليه أن يتأخر حتي يتدرب علي المسؤولية ،حتى نبني أسرة صحيحة.                                                             
 مسؤوليات المرأة ثلاثة أيضا :ـ  (الطاعة وحفظ الأولاد وحفظ البيت) 
المسؤولية الأولي :الطاعة :ـ
 قال الله تعالى {فَالصَّالِحَاتُ} والآن ما معنى امرأة صالحة ؟ نحن نقول الصالحات المصليات الصائمات القائمات العبادات المعتمرات الحاجات هكذا نقول لكن القرآن يقول أمراً آخر يقول {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ}
ومعنى القانت : هو المطيع الصالحات قانتات يعني طائعات .
 أول مسؤوليات المرأة أن تطيع زوجها , المرأة ستُسأل يوم القيامة هل أطاعتِ زوجكها أم لا ؟
 لعل فتاة تقول : أنا ما اعتدت على الطاعة ، في الزواج لابد أن تتعودي على الطاعة , العالم كله قائم على الطاعة , العالم كله نظامه يقوم على رئيس يأمر ومرؤوس يطيع ، على مدير يأمر وعلى موظف يطيع , على أستاذ يأمر وعلى طالب يطيع , لا يوجد في الأرض أسرة  أو مؤسسة أو هيئة تقوم إلا بهذه الطريقة , أرأيتم إلى الطائرة فيها ربّان فيها كابتن وفيها مساعد كابتن , الكابتن هو الذي يأمر ماذا يفعل مساعد الكابتن يطيع , هل يعيب أحد منا مساعد الكابتن إذا أطاع الكابتن أبداً وما رأيكم إذا قال مساعد الكابتن للكابتن قال له يا أخي أنت طيار وأنا طيار وبالفعل المساعد والكابتن بدرجة واحدة من المهارات غالباً ، يقول : أنت طيار وأنا طيار , أنت تقول أمراً وأنا أقول أمرين , ليس لي أن أطيعك ليس لي أن تطعني ما رأيكم ماذا سيحدث بالطائرة ..؟ ستسقط أرضاً , ربان السفينة يأمر والمساعدون يطيعون وإذا لم يطع المساعدون ستغرق السفينة, الزوج مدير في الأسرة وباقي أفراد الأسره مطيعون ، فإذا لم يطع المساعدون ستنهدم الأسرة  سريعا . قال الله تعالى {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ} يعني طائعات لأزواجهن وطائعات لله تعالى.                                                                     
فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:} أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة{. رواه الترمذي.                              
وعن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:} إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت{. رواه ابن حبان في صحيحه.
 ولكن التربية المعوجة هي التي أثمرت لنا المرأة المسترجلة التي شابهت الرجال الأمر الذي أصبح بعد ذلك سببا من أسباب الطلاق وهو فقدان الاحترام والمودة بين الزوجين، والأصل أن الأسرة تقوم على المودة، تقوم على الرحمة:  وجعل بينكم مودة ورحمة   [الروم:21].
 ولكن التربية هي التي تجعل المرأة تعقل عظيم حق زوجها عليها، ورسول الله  يقول: (لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها) (ابن ماجة).
 يقول أنس كان الأصحاب إذا زفوا امرأة إلى زوجها يوصونها برعاية حقه وبطاعته.   
 المسؤولية الثانية والثالثة : حافظات للغيب بما حفظ الله:ــ
 يحفظن دورهن في غياب أزواجهن ، ويحفظن أولادهن في حضرة وغياب أزواجهن ,
 ومن حفظ الزوج عدم نكران المعروف والإحسان، فقد أوصي النبي صلي الله عليه وسلم بذلك فقال }لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه{( النسائي والبزار ).
 ويقول صلي الله عليه وسلم:(يا معشر النساء إني رأيتكن أكثر أهل النار، قالوا: مم يا رسول الله؟ قال: لأنكن تكفرن، قلن: نكفرن بالله؟ قال: تكفرن العشير(أي الزوج) لو أحسن الزوج إليكن الدهر كله ثم أساء قلتن: ما رأينا منك خيرا قط) (البخاري)
إن الزوجة برعايتها لبيتها ورعايتها لأولادها تصنع صناعة كبيرة وقديماً قالوا :وراء كل عظيم امرأة وبالحق أيها الأخوة إنكم لم تروا عظيماً إلا ورائه زوجة هي التي دعمته هي الذي حمت ظهره حتى صار هو في هذه العظمة , حدثوا عن الإمام الأوزاعي وهو إمام بلاد الشام من لبنان من بعلبك هذا الإمام مات أبوه وهو صغير يقولون نشأ الأوزاعي يتيم في حجر أمه ربته أمه تربية تعجز الملوك أن تربي أولادها تربيته , كان الذي ينبغي على سامع كلام الأوزاعي أن يسجل كل كلمة يقولها نحن بحاجة إلى أم تربي لنا أوزاعياً جديداً تربي لنا عمر بن الخطاب تربي لنا صلاح الدين الأيوبي .
دور البيت في التأهيل :ـ
 أ . وصية أمامة بنت الحارث لابنتها يوم زفافها :ـ
 امرأة قبل الإسلام اسمها أمامة بنت الحارث ، أوصت ابنتها يوم زفافها ، فقالت : أي بنية ، إن الوصية لو تركت لفضل أدبٍ تركت لذلك منك ، ولكنها تذكرة للغافل ، ومعونة للعاقل ، ولو أن المرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها ، أو لشدة حاجتهما إليها لكنت أغنى الناس عنه ،ولكن النساء للرجال خُلِقن،ولهن خُلِق الرجال ،أي بنية ،إنك فارقت الجو الذي منه خرجت ، وخلفت العش الذي فيه درجتِ ، إلى وكر لم تعرفيه ، وقرينٍ لم تألفيه ، فأصبح بملكه عليك رقيباً ومليكاً ، كوني له أَمَة يكن لك عبداً ، أي بنية ، خذي عني عشر خصال تكن لك ذخراً وأجراً : الصحبة بالقناعة ، أعظم النساء بركة أقلهن مؤونة ومهراً ، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة ، والتفقد لمواضع عينه وأنفه ، فلا تقع عينك منه على قبيح ، ولا يشم منك إلا أطيب ريح ، ولا كحل إلا أحسن الحسن ، والماء أطيب الطيب المفقود ، والتفقد لوقت منامه وطعامه ، فإن حرارة الجوع ملهبة ، وتنغيص النوم مغضبة ، والاحتراس لماله والرعية على حشمه وعياله ، وملاك الأمر في المال حسن التدبير ، وفي العيال حسن التقدير ، ولا تعصِ له أمراً ، ولا تفشِ له سراً ، فإنك إن عصيت أمره أوغرتِ صدره ، وإن أفشيت سره لن تأمني غدره ، ثم يا بنيتي ، إياك والفرح بين يديه إن كان ترحاً ، والكآبة بين يديه إن كان فرحاً ، فإن الأولى من التقصير ، والثانية من التكدير ، واعلمي أنه لن تَصلي إلى ما تحبين حتى تؤثري رضاه على رضاك ، وهواه على هواك فيما أحببت أو كرهت ، والله يختار لك .
 ب. وصية الإمام ابن حنبل لابنه يوم زواجه , رحمة الله !!
 أي بني: إنّك لن تنال السعادة في بيتك إلا بعشر خصال تمنحها لزوجك فاحفظها عني واحرص عليها:
   أما الأولى والثانية
إنّ النّساء يحببن الدلال ويحببن التصريح بالحب، فلا تبخل على زوجتك بذلك،فإن بخلت جعل بينك وبينها حجابًا من الجفوة ونقصًا في المودة.
وأما الثالثة:                                   
 إن النساء يكرهنَ الرجل الشديد الحازم ويستخدمن الرجل الضعيف اللين فاجعل لكل صفة مكانها فإنه أدعى للحب وأجلب للطمأنينة.
وأما الرابعة
 إنّ النساء يُحببن من الزوج ما يحب الزوج منهنّ من طيب الكلام وحسن المنظر ونظافة الثياب وطيب الرائحة فكن في كل أحوالك كذلك.
أما الخامسة:
إنّ البيت مملكة الأنثى وفيه تشعر أنّها متربعة على عرشها وأنها سيدة فيه، فإيّاك أن تهدم هذه المملكة التي تعيشها، وإياك أن تحاول أن تزيحها عن عرشها هذا، فإنّك إن فعلت نازعتها ملكها، وليس لملكٍ أشدّ عداوةً ممن ينازعه ملكه.
أما السادسة:                                                         
 إنّ المرأة تحب أن تكسب زوجها ولا تخسر أهلها، فإيّاك أن تجعل نفسك مع أهلها في ميزان واحد، فإمّا أنت وإمّا أهلها، فهي وإن اختارتك على أهلها فإنّها ستبقى في كمدٍ تُنقل عَدْواه , حياتك اليومية.
والسابعة
 إنّ المرأة خُلِقت مِن ضِلعٍ أعوج وهذا سرّ الجمال فيها، وسرُّ الجذب إليها وليس هذا عيبًا فيها "فالحاجب زيّنه العِوَجُ"، فلا تحمل عليها إن هي أخطأت حملةً لا هوادة فيهاتحاول تقييم المعوج فتكسرها وكسرها طلاقها، ولا تتركها إن هي أخطأت حتى يزداد اعوجاجها وتتقوقع على نفسها فلا تلين لك بعد ذلك ولا تسمع إليك، ولكن كن دائما معها بين بين.                              
أما الثامنة:
  إنّ النّساء جُبلن على كُفر العشير وجُحدان المعروف، فإن أحسنت لإحداهنّ دهرًا ثم أسأت إليها مرة قالت: ما وجدت منك خيرًا قط، فلا يحملنّك هذا الخلق على أن تكرهها وتنفر منها، فإنّك إن كرهت منها هذا الخلق رضيت منها غيره.                  
أما التاسعة:
 إنّ المرأة تمر بحالات من الضعف الجسدي والتعب النفسي، حتى إنّ الله سبحانه وتعالى أسقط عنها مجموعةً من الفرائض التي افترضها في هذه الحالات فقد أسقط عنها الصلاة نهائيًا في هذه الحالات وأنسأ لها الصيام خلالهما حتى تعود صحتها ويعتدل مزاجها، فكن معها في هذه الأحوال ربانيا كماخفف الله سبحانه وتعالى عنها فرائضه أن تخفف عنها طلباتك وأوامرك.                     
 أما العاشرة:                                                                                              
 اعلم أن المرأة أسيرة عندك، فارحم أسرها وتجاوز عن ضعفها تكن لك خير متاع وخير شريك .
 ثانيا : الزواج تضحية :ـ                                                       
من أراد أن يتزوج ومن أرادت أن تتزوج فليكن مستعد للتضحية,فالزواج تضحية وكم ضحت أمهاتنا لأجلنا وكم ضحى آبائنا لأجلنا.                                                 
 ما من طبيب ولا مهندس ولا حرفي ولا تاجر ولا صانع ولا طالب ناجح ما من فتاة ناجحة إلا لها أم هي التي صنعتها ضحت لأجلها ولأجل أخوانها وأخواتها ،إلا لها أب ضحى من أجلها ومن أجل أخوانها وأخواتها .       
اسمعوا إلى هذه القصة من سيد ولد آدم على هذه الأرض سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ...
أم هانئ بنت أبي طالب أخت سيدنا علي رضي الله عنه وعنها وهي ابنة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم , كانت متزوجة مات زوجها وخلف لها أيتام،  يتقدم سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لخطبتها لنفسه , بالله عليكم هل تأبى امرأة أن تكون سيدة أولى في العالم , لأن زوجة سيدنا محمد تسمى أماً للمؤمنين وتسمى بالعرف المعاصر السيدة الأولى، لما جاءها رسولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قالت : أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ملئ العين والسمع ولست عنه بمستغني ولكني امرأة مؤتمة عندي أيتام أخاف إن اعتنيت بحقه أن أقصر في حقهم وإن اعتنيت بحقهم أن أقصر بحقه أنا أعتذر يا رسول الله عن الزواج , بلغ الخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم  فقال}نسَاءُ قُرَيْشٍ خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الْإِبِلَ أَحْنَاهُ عَلَى طِفْلٍ وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ {[مسلم]  . 
 لقد ضحت أم هانئ بمنصب أنت تكون السيدة الأولى في الدنيا والآخرة لقاء أن ترعى هؤلاء الأيتام, لقد قال النبي صلى الله عليه وسلم }أَنَا وَامْرَأَةٌ سَفْعَاءُ الْخَدَّيْن لقد أجهدتها الحياة لقد أجهدتها المشقة حتى رسم ذلك على خديها كَهَاتَيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى ، امْرَأَةٌ ذَاتَ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ ، آمَتْ مِنْ زَوْجِهَا مات عنها زوجها وخلف لها أيتام، حَبَسَتْ نَفْسَهَا عَلَى أَيْتَامِهَا حَتَّى بَانُوا ، أَوْ مَاتُوا{.   
 وهذا سيدنا جابر بن عبد الله رضي الله عنه وعن أبيه يموت أبوه وقد ماتت أمه في السابق وخلف أبوه له سبعة أخوات بنات وجابر شاب والشاب يحب أن يتزوج فتاة بكراً جميلة صبية فتية فلما أراد أن يتزوج تزوج امرأة ثيباً قال له النبي صلى الله عليه وسلم}يَا جَابِرُ تَزَوَّجْتَ قَالَ : قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَبِكْرٌ أَمْ ثَيِّبٌ قَالَ قُلْتُ بَلْ ثَيِّبٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَهَلَّا بِكْرً تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ أَوْ قَالَ تُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُكَ قَالَ قُلْتُ لَهُ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ هَلَكَ وَتَرَكَ تِسْعَ بَنَاتٍ أَوْ سَبْعَ وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ آتِيَهُنَّ أَوْ أَجِيئَهُنَّ بِمِثْلِهِنَّ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَجِيءَ بِامْرَأَةٍ تَقُومُ عَلَيْهِنَّ وَتُصْلِحُهُنَّ قَالَ : فَبَارَكَ اللَّهُ لَكَ أَوْ قَالَ لِي خَيْرًا { [متفق عليه]                                                           
 أردت زوجة كبيرة حتى تعينني على تربية أخواتي البنات, لقد ضحى بشيء يخصه لأجل أن يرعى أخواته البنات. ثالثا:الزواج قبول للاختلاف:ـ 
 إن الاختلاف سنة ربانية لا مخلص منها، فالناس يختلفون في ألوانهم، وأشكالهم وقبائلهم وميولهم وعقولهم، وفي كل شيء،وقد قال الله تعالى}ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين(22){ [الروم].
ونجد كلا الزوجين من بيئة مختلفة ويحملان طباع مختلفة لأن كل طرف تربي علي طريقة مختلفة عن الآخر فلابد أن يختلفا ،فمستحيل أن يتطابق زوجان مع بعضها انطباق الكف على الكف لا تصدقوا , لا تصدقوا أن زوجاً وزوجته متفقين أو متفقان بدون أي اختلاف , إذا انتفى كل فارق انتفت الإثنينيه ما دمت أنا وأنت اثنين إذا نحن مختلفان, فإذا تزوجت فأعلم أن زوجتك ستكون مختلفة معك وأنت راض بهذا الاختلاف .
 وقد أوصي النبي صلي الله عليه وسلم الرجال أن يعرفوا طبائع النساء لغلبة الجانب العاطفي فيهن يقول عليه الصلاة والسلام }استوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع أعوج، وأعوج ما في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقومه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستمتعوا بهن على عوجهن{( رواه البخاري ومسلم ). 
و يقول صلي الله عليه وسلم }لا يفرك (لا يبغض) رجل امرأته فإن كره منها خلقا أحب فيها آخر{( رواه مسلم).
ويقول المولي عز وجل }فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا(19){[النساء].
 ومن المفاهيم المهمة في الزواج أن نعلم أن أصعب عام في الزواج هو العام الأول،لذلك لا يتشاءم المتزوجون, لكن هذه هي الحقيقة, أصعب عامٍ في الزواج هو العام الأول, العام الثاني أحسن, والثالث أحسن ،لذلك إذا نجوت في العام الأول, وإذا صبرت في العام الأول, بإذن الله سيمشي المركب, لكنه أخطر عام هو العام الأول ، لذلك تجد الآن أن نسبة الطلاق كثيرة في العام الأول .
فلا تصدقوا أن هناك شيء اسمه شهر عسل, وأن هناك( بالمثل الدارج ) شيء اسمه برميل أعلاه عسل ، وأسفله بصل, العام الأول فيه صعوبة لأن هناك شخصان( رجل وامرأة ) مختلفان سيشتركان مع بعضهما البعض في كل صغيرةٍ وكبيرة ,لا تنس أنكَ تأخذ أجراً بمقدار الصعوبة.                                                                       منهج الإسلام في حل المشاكل الزوجية :ـ
 فللبيوت أسرارُها، وللعلاقات الزوجية سماتُها، وفي حياة كل زوجين أفراح وأتراح، فيومًا تطيب العشرة بين الزوجين، فيصبحان وكأنهما أسعد زوجين، ينعمان بعيشة هَنيّة وحياة زوجية هانئة هادئة، ويومًا يحدث في البيت ما يُعكّر صفوه ويُكدّر هناءه، فتتباعد القلوب، وتستوحش النفوس، ويضيق البيت على سعته بساكنيه، وبين هذين اليومين أيام وأيام تكون شَوْبًا من المودّة والبغض وخليطًا من الحب والكراهية، فيا ترى هل هناك بيت يخلو من المشاكل والمنغّصات بين الزوجين؟! ومَن الزوج المثالي الذي يحسن إدارة منزله ويجيد قيادة مركب العائلة حتى لا تغرقه أمواج الشقاق ويبتلعه طوفان المشكلات؟!
ومن ظن أنه قد يخلو بيت من المشكلات فقد أبعد النُّجْعَة وطلب محالاً، فإذا كان محمد وهو سيد البشر وأفضلهم وأتقاهم ونساؤه أمهات المؤمنين ولم يكن لربه سبحانه أن يزوجه إلا من ذوات الفضل والخلق والمعدن الكريم، ومع ذلك لم يخل بيته من تلك المشكلات المعتادة في البيوت فبيوت غيره من الناس أحرى.
 فلنا في رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الأسوةُ الحسنة بالصبر والتحمُّل والرفق بالزوجات.
ها هو سيدنا عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه يحدثنا وهو والد إحدى زوجات النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عمَّا علمه وسمعه وشاهَدَه، فيقول فيما أخرجه البخاري: كنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نغلبُ النساء، فلمَّا قدمنا على الأنصار إذا قوم تغلبُهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يأخُذنَ من أدبِ نساء الأنصار، فصخبت على امرأتي فراجعَتْني فأنكرتُ أنْ تراجعني قالت: ولِمَ تنكر أنْ أراجعك فوالله إنَّ أزواج النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ليُراجِعنَه، وإنَّ إحداهن لتهجُره اليومَ حتى الليل، فأفزعني ذلك وقلت لها: قد خاب مَن فعَل ذلك منهنَّ، ثم جمعت عليَّ ثيابي فنزلت فدخلت على حفصة زوج النبي، صلى الله عليه وسلم فقلت لها: أي حفصة، أتغاضب إحداكنَّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم اليوم حتى الليل؟ قالت: نعم، فقلت: قد خبتِ وخسرتِ، أفتَأمَنين أنْ يغضَبَ الله لغضبِ رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم فتهلكي؟!
وأخرج البخاري عن أنسٍ رضي الله عنه قال: كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمَّهات المؤمنين بصحفةٍ فيها طعامٌ فضربت التي النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في بيتها يد الخادم فسقطت الصحفة فانفلقت، فجمع النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فلقَ الصحفة، ثم جعَل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول (غارت أمُّكم) ثم حبس الخادم حتى أُتِي بصحفةٍ من عند التي هو في بيتها فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كُسِرت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت.
 الخطوات القرآنية للتعامل مع المشكلات الزوجية :ـ
  الطلاق حلٌّ شرعي يلجأُ إليه الزوجان عند استحالة العيش سويًّا، ولكنَّ الذي يجبُ العلم به والتنبه إليه أنَّ الطلاق ليس أوَّل خطوةٍ في علاج المشاكل الزوجيَّة.
ولقد وضع القرآن الكريم خطوات حكيمة لإصلاح العلاقة الزوجية عندما ينشب أي خلاف أو نشوز من الزوجة ، أونشوز من الزوج  ، فقال تعالي }وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا(34) { النساء . فأوَّل هذه الخطوات:ـ
1ـ الوعظ والتذكير بحقِّ الزوج:ـ
 قال القرطبي: "قوله تعالى ﴿ فعظوهن ﴾أي: بكتاب الله؛ أي: ذكِّروهنَّ ما أوجَبَ الله عليهنَّ من حُسن الصحبة وجميل العِشرة للزوج والاعتِراف بالدرجة التي له عليها"، أ.هـ
وممَّا ورد في بَيان عظمِ حقِّ الزوج ما أخرَجَه الإمام أحمد رحمه الله عن الحصين بن محصن أنَّ عمَّةً له أتت النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في حاجةٍ ففرغت من حاجتها، فقال لها النبي صلَّى الله عليه وسلَّم (أذات زوج أنت؟) قالت: نعم، قال: (كيف أنت له؟) قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال: (فانظُري أين أنت منه، فإنما هو جنَّتك ونارُك).  
كما تُذكَّر الزوجة الناشز بخطورة الشقاق وأثره السيِّئ على الزوجين والأولاد، فإنْ لم يجدْ معها هذا العِلاج المبدئي استعمل الزوج علاجًا ثانيًا.                                                         
 2ـ الهجر في الفِراش عند النوم:ـ
  ذكر الطبري: "عن الحسن قال: لا يهجرها إلا في المبيت في المضجع ليس له أنْ يهجر في كلامٍ ولا شيء إلا بالحق"، فإنْ لم ينفعْ هذا الأسلوب معها لجأ الزوج إلى...
  3ـ  الضرب الخفيف غير المبرح:ـ
  فليس ضربَ تَشَفٍّ أو حقدٍ أو تصفية حسابات، بل هو ضربٌ لطيفٌ يُشعِرُ بشيءٍ من القسوة والجديَّة في الموضوع، وليس المقصود منه الإيلام، ومع ذلك فإنَّ للضرب نطاقًا ضيقًا لا ينبغي تجاوزه.                                  
فقد أخرَجَ أبو داود ،عن إياس بن عبدالله بن أبي ذباب قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم (لا تضرِبُوا إماءَ الله)، فجاءَ عمرُ إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: ذَئِرن النساء على أزواجهن أي: نشزن فرخص في ضربهن، فأطاف بآل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم نساء كثير يشكون أزواجهنَّ، فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم (لقد طافَ بآل محمد نساءٌ كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم).
 • قال القرطبي: "قوله تعالى ﴿ واضربوهن ﴾ أمَر الله أنْ يبدأ النساء بالموعظة أولاً ثم بالهجران، فإنْ لم ينجعا فالضرب؛ فإنَّه هو الذي يصلحها له ويحملُها على توفية حقِّه، والضرب في هذه الآية هو الضرب غير المبرح، وهو الذي لا يكسرُ عظمًا، ولا يشينُ جارحة؛ كاللكزة ونحوها، فإنَّ المقصود منه الصلاح".
قال القرطبي: "قوله تعالى﴿ فإن أطعنكم ﴾؛ أي: تركوا النشوزَ ﴿ فلا تبغوا عليهن سبيلاً ﴾؛ أي: لا تجنُوا عليهنَّ بقولٍ أو فعلٍ، وهذا نهيٌ عن ظُلمهنَّ بعدَ تقريرِ الفضل عليهنَّ والتَّمكين من أدبهنَّ، وقيل: المعنى: لا تكلفوهن الحبَّ لكم، فإنَّه ليس إليهن".            
 4ـ الدور الخارجي :ـ
والتدخُّل الخارجي يتمثل في اختيار حكمين صالحين قريبين من الزوجين، يهمُّهما الإصلاح بينهما، وتلمُّس سبب النِّزاع والشقاق، وبذل الجهد في ذلك ،وفي ذلك يقول الله تعالي }وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا(35) { [النساء] ،
 وقال تعالي}وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ(128){ [النساء]، ويقول تعالي } وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا(129) { [النساء].
والصُّلح بين الزوجين مُرغَّب فيه شرعًا، فلأحدهما أنْ يقدم مالاً أو يتنازَل عن بعض حُقوقِه في سبيل المحافظة على رباط الزوجيَّة 
 وخير مثال يٌقتدي به خير بيت علي وجه الأرض هو بيت النبي صلي الله عليه وسلم ،حدث خلاف ذات مرة بين النبى صلي الله عليه وسلم والسيدة عائشة رضى الله عنها- فقال لها :” مَنْ ترضين حكما بينى وبينك ؟ أترضَيْن بعمر ؟!                         
فقالت: لا إنى أهاب شدَّته وغلظته، فقال :” أترضَيْن بأبى عبيدة ؟! ” قالت: لا، إنه يحبك وسيحكم لك، فقال :” أترضين بأبيك أبى بكر ؟ ” فقالت: نعم .. فبعث إليه النبى صلي الله عليه وسلم ، فلما دخل عليهما قال النبى صلي الله عليه وسلم للسيدة عائشة :” تتكلمين أنت أوَّلاً أم أتكلم أنا ؟ ” فقالت: تكلَّمْ يا رسول الله ولا تَقُلْ إلا حقاً. فقام سيدنا أبو بكر رضي الله عنه إلى ابتنه ليضربها، فاحتَمَتْ بظهر النبى صلي الله عليه وسلم الذى قال لأبى بكر: ” دعوناك محَّكماً ولم نَدْعُكَ مؤَدِّبا ، فاخرج فما لهذا دعوناك ” ، فلما خرج أبو بكر تنحَّت السيدة عائشة جانبا، فأراد النبى صلي الله عليه وسلم أن يلاطفها فقال لها :” ادْن منى ” ، فلم تقترب، فقال لها :” لقد كنتِ من قبلُ شديدة اللزوق بظهرى ” (يقصد أنها كانت منذ لحظات تحتمى بظهره خوفا من أبيها) فضحكت رضى الله عنها وضحك المصطفى صلي الله عليه وسلم ، ودخل عليهما الصديق رضي الله عنه وهما يضحكان فقال لهما : أَشْركانى في سِلْمكما كما أشرْكتمانى في حربكما . (أخرجه الإمام أحمد في مسنده) .                    
 أيها المؤمنون ...
لابد أن نأخذ بكل هذه الإجراءات والوسائل قبل أن نصل إلى الطلاق ،فحين يتمُّ الطلاق بعد استنفاذ تلك الوسائل العلاجيَّة، يكون قد اتخذ قَراره بهدوء وتَرَوٍّ، أمَّا إذا كان الطلاق لأدنى مشكلةٍ وأدنى تقصيرٍ، فهنا الطامَّة، فنعجبُ إنْ سمعنا خبرَ زوجٍ طلَّق زوجته بسبب وجبةٍ أو عنادٍ في أمرٍ حقير
فلا ينبغي فصم ما وصل الله وأحكمه ، ما لم يكن ثَمَّ من الدواعي الجادة الخطيرة الموجبة للافتراق ، ولا يصار إلى ذلك إلا بعد استنفاد كل وسائل الإصلاح.                                   
 5ـ  آخر الدواء الكي :ـ  
 ومتى استحكَمَ النِّزاع والخلاف، وانسدَّ باب الإصلاح، وتعذَّر الوفاق يأتي العلاج الأخير لهذه المعضلة وهو:
الطلاق والفراق، فهو علاجٌ ناجع، ولكنْ يسبقه مراحل علاجيَّة وجرعات متفاوتة، ومتى وقَع الطلاق بهذه الطريقة كان الزوجان حرَّيْن بأنْ يتحقَّق لهما الوعدُ الكريم }وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا(130){ [النساء]، فأرزاق الله مُتوافرة ونعمُه متواصلة، وهو سبحانه قادرٌ على أنْ يُيسِّرَ للزوج المطلِّق زوجًا أخرى يأنسُ بها ويرتاح لعشرتها، كما أنَّه سبحانه قادرٌ على أنْ يرزق المطلَّقة زوجًا كريمًا يحفظُها ويوفرُ لها عيشةً كريمة تُنسيها ما سبق من العلاقة المتعثِّرة، والله تعالى حكيمٌ بعباده، عليمٌ بما يصلحهم، وفي التزام ما شرَعَه الخيرُ والفلاحُ للجميع، فلله الحمدُ أولاً وآخرًا.     
 ضوابط الطلاق في الإسلام:ـ
للطلاق أحكامٌ شرعيَّة، وآدابٌ لا بُدَّ من مُراعاتها، تمسُّ الحاجة إلى معرفتها والتقيُّد بها، ومتى غفل الناس عنها فقَدُوا ما في تشريع الطلاق من الحكمة والرحمة بالزوجين والأسرة والمجتمع قاطبة.
مَن عزم على الطلاق وأراد فراق زوجته فليعلمْ أنَّ هناك أحكامًا شرعيَّة وحدودًا مرعيَّة لا بُدَّ من معرفتها:ـ
1ـ عدم الطلاق من غيرسبب مقنع :ـ
  ينبغي على المرأة ألا تسأل زوجها الطلاق من غير بأس ومن غير ضرر حقيقي لحق بها ورسول الله  يقول:}أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة{( رواه أبو داود والترمذي ).
 2ـ عدم خروج المرأة من بيت الزوجية في الطلقة الأولى أو الثانية في فترة العدة:ـ   
لا يجوز للمرأة في الحالة أن تخرج من بيت الزوجية ،ولا يجوزُ إخراجُها منه، استمعوا إلى هذه الآية الكريمة واعتَبِروا بما فيها من الحكمة والرحمة بالزوجين والشَّفقة بهما، وتأمَّلوا ما فيها من النهي عن تعدِّي حُدود الله ولا سيَّما في الطلاق:﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ﴾ [الطلاق: 1].
يقول الإمام ابن كثيررحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية: عن ابن عباسٍ في قوله تعالى﴿ فطلقوهن لعدتهن ﴾ قال: لا يُطلِّقها وهي حائضٌ، ولا في طهرٍ قد جامَعَها فيه، ولكنْ يتركها حتى إذا حاضت وطهرت طلَّقَها تطليقةً، وقوله تعالى﴿ لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن ﴾ أي: في مدَّة العدة لها حقُّ السكنى على الزوج ما دامت معتدَّةً منه، فليس للرجل أنْ يُخرجها، ولا يجوزُ لها أيضًا الخروجُ... إلى أنْ قال رحمه الله  وقوله تعالى ﴿ لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ﴾ أي: إنما أبقَيْنا المطلَّقة في منزل الزوج في مدَّة العدَّة؛ لعلَّ الزوج يندمُ على طَلاقها ويخلق الله في قلبه رجعتَها، فيكون ذلك أيسر وأسهل.. ﴿ فإذا بلغن أجلهن ﴾؛ أي: قاربت العدَّة على الانقضاء ﴿ فأمسكوهن بمعروف ﴾ أي: بحسن صحبة ﴿ أو فارقوهن بمعروف ﴾ أي: من غير مقابحة ولا مشاتمة ولا تعنيف، بل يُطلِّقها على وجهٍ جميلٍ وسبيل حسن، انتهى كلامه رحمه الله.                                                            
أمَّا في حال الطلاق الثلاث فلا تبقَى المطلَّقة في بيت زوجها، لكونها لا تحل له إلا بعد زوجٍ ، أخرج النسائي عن فاطمة بنت قيس قالت: أتيتُ النبيَّ  صلَّى الله عليه وسلَّم فقلت: أنا بنت آل خالد، وإنَّ زوجي فلانًا أرسل إليَّ بطلاقي، وإنِّي سألت أهله النفقة والسُّكنى فأبوا عليَّ، فقالوا: يا رسول الله، إنَّه قد أرسل إليها بثلاث تطليقات، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم (إنما النفقة والسُّكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها الرجعة).
  3ـ  مراعاة الصفة الشرعية للطلاق ( الوقت المُعتَبر والعَدَدِ المعتبر) :ــ
فطلاق السُّنَّة ما أخبر به النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فيما أخرجه البخاري عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنَّه طلَّق امرأته وهي حائضٌ على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فسأل عمر بن الخطاب رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن ذلك فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم }مُرْهُ فليُراجعها، ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إنْ شاء أمسك بعدُ وإنْ شاء طلَّق قبلْ أن يمسَّ، فتلك العدة التي أمَر الله أنْ تُطلَّق لها النساء
 وعن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: طلاق السُّنَّة أنْ يُطلِّقها طاهرًا في غير جماعٍ؛ أخرجه النسائي.
فطلاق السُّنَّة أنْ يُطلِّق الزوج زوجتَه في حال طهرٍ لم يُجامِعْها فيه، أو تكون حاملاً وتبيَّن حملُها.
ويكون الطلاق بطلقةٍ واحدة فقط، أمَّا إذا كان الطلاق على عوضٍ فمباحٌ مطلقًا.       
مَن منَّا يرضى أنْ يأتي أمرًا يغضبُ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم؟ أخرج النسائيُّ عن محمود بن لبيد رضي الله عنه قال: أُخبِرَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن رجل طلق امرأته ثلاثَ تطليقات جميعًا، فقام غضبان ثم قال}أيلعبُ بكتاب الله وأنا بين أظهُركم{ حتى قام رجل وقال: يا رسول الله، ألا أقتله؟
 • وعند مسلم حين سُئِل ابن عمر رضي الله عنهما عن رجلٍ طلق زوجته وهي حائضٌ فقال: وأمَّا أنت طلَّقتها ثلاثًا، فقد عصيت ربَّك فيما أمرَكَ به من طلاق امرأتك وبانت منك.
وعند أبي داود  عن مجاهدٍ قال: كنتُ عند ابن عباس فجاءَه رجلٌ فقال: إنَّه طلَّق امرأته ثلاثًا، قال: فسكت حتى ظننت أنَّه رادها إليه، ثم قال: ينطلق أحدكم فيركب الحموقة! ثم يقول: يا ابن عباس، يا ابن عباس، وإنَّ الله قال: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2]، وإنَّك لم تتَّقِ الله فلم أجدْ لك مخرجًا، عصيت ربك وبانت منك امرأتُك، وإنَّ الله قال:﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ ﴾ [الطلاق: 1]، في قبل عدَّتهن.
 • فانظُر يا عبدالله إلى ما أمرَكَ الله تعالى به من الطلاق في الوقت المُعتَبر وبالعَدَدِ المعتبر وهو الواحدة فقط، فمَن خالَف في ذلك أَثِمَ ووقَع الطلاق عند جمهور العلماء.                                                                          
 • ولو تأمَّلنا في هذا الوقت المُعتَبر للطلاق وهو أنْ تكون المرأة في حال طهرٍ لم تجامعْ فيه لبانَتْ لنا حكمةٌ عظيمةٌ يرعاها الشرع ويحضُّ عليها، وهي التأنِّي في إيقاع الطلاق، فلا يكون قَرارًا مُرتجلاً يقدمُ عليه الزوج لأدنى سببٍ وإن كان تافهًا، بل يكونُ قرارًا قد اتُّخِذَ على هدوءٍ وفي حال تَرَوٍّ وتفكُّر، وتكون نفس الزوج قد طابت من زوجته، وعزمت على الفراق بدليل عدم قُربانها في حال طهرٍ كامل.
 • ولو راعَى الأزواج هذه الحكمةَ والتزموا بما شرَع الله لقلَّ المطلِّقون الذين نراهُم ونسمعُهم يطرقون أبوابَ العلماء ويستفتُون هذا وذاك يسألونهم عن طلاقٍ بدعي وقَع بالثلاث أو في حال غضب أو في حال حيض، وكلُّهم نادمٌ على ما حصَل، ويسألُ العودة.
4ـ الرجعة تكون في العدة :ـ
أنَّ الطلاق إذا وقع بطلقةٍ واحدة وهو المطلوب فإنَّ الزوجة تعتدُّ حسَب حالها، وللزوج مُراجعتها ما دامت في عدَّتها، والرَّجعة تحصل بالقول وبالفعل، فيبقى مع الزوج وقتٌ آخَر للتروِّي والنظَر، وإمكان المراجعة في ذلك القَرار المتَّخذ، وهو وقتٌ ليس بالقليل، لعلَّ الزوج أنْ يُراجع نفسه ويتذكَّر عِشرته مع زوجِه التي طلَّقها، وعساه أنْ يتصور مُعاناة أولاده وصِغاره من جرَّاء هذا الطلاق.                                                  
 5ـ إعلام الزوجة بطلاقها :ـ
يجبُ إعلامُ الزوجة بطَلاقها لتعتدَّ العدَّة الشرعيَّة التي ينبني عليها أحكامٌ كثيرة.       
 6 ـ إعطاء المرأة حقها :ـ 
 إن إيقاع الطلاق يترتب عليه تبعات مالية ، يُلزم بها الأزواج: فيه يحل المؤجل من الصداق إن وجد ، وتجب النفقة للمطلقة مدة العدة ، وتجب المتعة لمن تجب لها من المطلقات ، كما يضيع على الزوج ما دفعه من المهر ، وما أنفقه من مال في سبيل إتمام الزواج ، وهو يحتاج إلى مال جديد لإنشاء زوجية جديدة ، ولا شك أن هذه التكاليف المالية التي تترتب على الطلاق ، من شأنها أن تحمل الأزواج على التروي ، وضبط النفس ، وتدبر الأمر قبل الإقدام على إيقاع الطلاق ، فلا يقدم عليه إلا إذا رأى أنه أمر لا بد منه ولا مندوحة عنه.
أما الزوجة فإنه لا يصيبها من مغارم الطلاق المالية شيء ، حتى يحملها على التروي والتدبر قبل إيقاعه – إن استطاعت – بل هي تربح من ورائه مهراً جديداً ، وبيتاً جديداً ، وعريساً جديداً.
فمن الخير للحياة الزوجية ، وللزوجة نفسها أن يكون البت في مصير الحياة الزوجية في يد من هو أحرص عليها وأضن بها.
 فنسال الله العظيم رب العرش الكريم أن يحفظ بيوت المسلمين وأن يجعل السعادة ترفرف عليها إنه ولي ذلك ومولاه .

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات