أمانة غـض البصر للشيخ أحمد أبو عيد

  




pdf


word


الحمد لله رب الأرض ورب السماء، خلق آدم وعلمه الأسماء، وأسجد له ملائكته، وأسكنه الجنة دار البقاء، وحذره من الشيطان ألد الأعداء، ثم أنفذ فيه ما سبق به القضاء، فأهبطه إلى دار الابتلاء، وجعل الدنيا لذريته دار عمل لا دار جزاء.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ليس له أنداد ولا أشباه ولا شركاء، خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء، خلق الخلق فمنهم السعداء ومنهم الأشقياء، محيط بخلقه فليس لهارب منه نجاه، قادر مقتدر فكل الممكنات في قدرته سواء، سميع بصير يرى النملة السوداء في الليلة الظلماء.

وأشهد أن سيدنا محمدًا خاتم الرسل والأنبياء، وإمام المجاهدين والأتقياء، والشهيد يوم القيامة على الشهداء، المعصوم ﷺ فما أخطأ قطُّ وما أساء، دعا أصحابه إلى الهدى فلبَّوُا النداء، فإذا ذاته رحمة لهم ونور، وإذا سلوكه إشراق وضياء.

العناصر

أولًا: غَضُّ الْبَصَرِ وأنواعه                                     ثانيًا: فضل نعمة البصر

ثالثًا: عواقب النظر للحرام                                     رابعًا: كيفية الوقاية من النطر للحرام

الموضوع

أولًا: تعريف غَضُّ الْبَصَرِ وأنواعه

قال الشوكاني: هو إطباق الجفن على العين بحيث تمتنع الرؤية

ومنه قول جرير: فغض الطرف إنك من نمير ** فلا كعبا بلغت ولا كلابا

وقول عنترة: وأغض طرفي ما بدت لي جارتي ** حتى تواري جارتي مأواها

والمعنى غض البصر عما يحرم والاقتصار به على ما يحل.

أنواع غض البصر في الشريعة:

قال ابن تيمية: والله سبحانه قد أمر فى كتابه بغض البصر وهو نوعان:

1 -  غض البصر عن العورة: كغض الرجل بصره عن عورة غيره.

2-  غضه عن محل الشهوة: كالنظر إلى الزينة الباطنة من المرأة الأجنبية فهذا أشد من الأول كما أن الخمر أشد من الميتة والدم ولحم الخنزير وعلى صاحبها الحد وتلك المحرمات إذا تناولها مستحلا لها كان عليه التعزير لأن هذه المحرمات لا تشتهيها النفوس كما تشتهى الخمر. ([1])

3- غض البصر عن بيوت الناس فبيت الرجل يستر بدنه كما تستره ثيابه وقد ذكر سبحانه غض البصر وحفظ الفرج بعد آية الاستئذان ، وذلك أن البيوت سترة كالثياب التي على البدن ، كما جمع بين اللباسين في قوله تعالى { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (81) } سورة  النحل فكل منهما وقاية من الأذى الذى يكون سموما مؤذيا كالحر والشمس والبرد وما يكون من بنى آدم من النظر بالعين واليد وغير ذلك .

ثانيًا: فضل غض البصر

البصر من نعم الله على العباد: قال تعالى: (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2)سورة الإنسان ، قال تعالى: (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8)سورة الغاشية

دخول الجنة: عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: " اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنُ لَكُمُ الْجَنَّةَ: اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ وأدوا إِذا ائتمتنم واحفظوا فروجكم وغضوا أبصاركم وَكفوا أَيْدِيكُم " ([2])

الامتثال لأمر الله الذي هو غاية سعادة العبد في معاشه ومعاده وليس للعبد في دنياه وآخرته أنفع من إمتثال أوامر ربه تبارك وتعالى وما سعد من سعد في الدنيا والآخرة إلا بامتثال أوامره وما شقي من شقى في الدنيا والآخرة الا بتضييع أوامره ([3]).

وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ t، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ»، فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ، إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ: «فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجَالِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا»، قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: «غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ» ([4])، (إياكم) أحذركم. (بد) غنى عنه. (المجالس) الجلوس في تلك المجالس. (حقها) ما يليق بها من آداب. (غض البصر) خفض النظر عمن يمر في الطريق من النساء وغيرهن مما يثير الفتنة. (كف

الأذى) عدم التعرض لأحد بقول أو فعل يتأذى به.

من السبعة الذين الله في ظله: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الإِمَامُ العَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ، أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ " ([5])

لا يخفى على الله شيء: قال تعالى: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19)سورة غافر

يُخْبِرُ عزَّ وجلَّ عَنْ عِلْمِهِ التَّامِّ الْمُحِيطِ بِجَمِيعِ الْأَشْيَاءِ، جَلِيلِهَا وَحَقِيرِهَا، صَغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا، دَقِيقِهَا وَلَطِيفِهَا لِيَحْذَرَ النَّاسُ ربهم، فيتقوه حَقَّ تَقْوَاهُ، وَيُرَاقِبُوهُ مُرَاقَبَةَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يراه، فإنه عزَّ وجلَّ يعلم العين الخائنة، ويعلم مَا تَنْطَوِي عَلَيْهِ خَبَايَا الصُّدُورِ مِنَ الضَّمَائِرِ والسرائر، قال ابن عباس {يَعْلَمُ خَآئِنَةَ الأعين وَمَا تُخْفِي الصدور} : هو الرَّجُلُ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ بَيْتَهُمْ، وَفِيهِمُ الْمَرْأَةُ الْحَسْنَاءُ، أَوْ تَمُرُّ بِهِ وَبِهِمُ الْمَرْأَةُ الْحَسْنَاءُ، فَإِذَا غَفَلُوا لَحَظَ إِلَيْهَا، فَإِذَا فَطِنُوا غض بصره عنها، فإذا غفلوا لخظ، فإذا فطنوا غض، وقد اطلع الله تعالى من قلبه أنه ود ولو اطلع على فرجها، وَقَالَ الضَّحَّاكُ {خَآئِنَةَ الْأَعْيُنِ} : هُوَ الْغَمْزُ، وَقَوْلُ الرجل رأيت ولم ير، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْلَمُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْعَيْنِ فِي نَظَرِهَا هَلْ تُرِيدُ الْخِيَانَةَ أَمْ لا؟ {وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} يَعْلَمُ إِذَا أَنْتَ قَدَرْتَ عَلَيْهَا هَلْ تَزْنِي بِهَا أَمْ لَا؟ وَقَالَ السُّدِّيُّ: {وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} أَيْ مِنَ الْوَسْوَسَةِ.  ([6])

أمر الله بغض البصر عن الحرام: قال تعالى: ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ إن الله خبير بما يصنعون .وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ......) سورة النور 

قال القرطبي: البصر هو الباب الأكبر إلى القلب وأعمر طرق الحواس إليه وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته ووجب التحذير منه وغضه واجب عن جميع المحرمات وكل ما يخشى الفتنة من أجله.

قال ابن كثير: هَذَا أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ عَمَّا حَرَّمَ عليهم، فلا ينظروا إلاّ لما أباح لهم النظر إليه، وأن يغمضوا أَبْصَارَهُمْ عَنِ الْمَحَارِمِ، فَإِنِ اتَّفَقَ أَنْ وَقَعَ الْبَصَرُ عَلَى مَحْرَمٍ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَلْيَصْرِفْ بصره عنه سريعاً، فعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي» ([7])  (نظر الفجاءة) أن يقع نظره على الأجنبية من غير قصد فلا إثم عليه في أول ذلك فيجب عليه أن يصرف بصره في الحال فإن صرف في الحال فلا إثم عليه وإن استدام النظر أثم. ([8])

وقال القرطبي: البصر هو الباب الأكبر إلى القلب وأعمر طرق الحواس إليه وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته ووجب التحذير منه وغضه واجب عن جميع المحرمات وكل ما يخشى الفتنة من أجله، وقالوبدأ بالغض قبل الفرج لأن البصر رائد للقلب كما أن الحمى رائدة الموت وأخذ هذا المعنى بعض الشعراء فقال: ألم تر أن العين للقلب رائد فما تألف العينان فالقلب آلف، وقال: غض البصر وحفظ الفرج أطهر في الدنيا وأبعد من دنس الأنام{ إن الله خبير } أي عالم { بما يصنعون} : تهديد ووعيد ([9])

وغض البصر لا يقتصر على الرجال فحسب فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ الرِّجَالَ عَاقِدِي أُزُرِهِمْ فِي أَعْنَاقِهِمْ مِثْلَ الصِّبْيَانِ مِنْ ضِيقِ الْأُزُرِ خَلْفَ النَّبِيِّ ﷺ. فَقَالَ قَائِلٌ: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ لَا تَرْفَعْنَ رُءُوسَكُنَّ حَتَّى يَرْفَعَ الرِّجَالُ» ([10])

(عاقدي أزرهم) الأزر جمع إزار مثل كتب في جمع كتاب قال القاضي عياض فعلوا ذلك لضيق الأزر وخوف الانكشاف ولهذا أمر النساء أن لا يرفعن قبلهم لئلا تقع أبصارهن على ما ينكشف من الرجال وكان هذا في بدء الإسلام لضيق الحال، فإذا كان النبي ﷺ يأمرهن بغض البصر في المسجد؛ فما بالك بخارجه.

نور القلب وصحة الفراسة :قال أبو شجاع الكرماني : من عمر ظاهره باتباع السنة وباطنه بدوام المراقبة وكف نفسه عن الشهوات وغض بصره عن المحارم واعتاد أكل الحلال لم تخطئ له فراسة ، وقد ذكر الله سبحانه قصة قوم لوط وما ابتلوا به ثم قال بعد ذلك {: إن في ذلك لآيات للمتوسمين } [الحجر : 75 ] وهم المتفرسون الذين سلموا من النظر المحرم والفاحشة ، وقال تعالى عقيب أمره للمؤمنين بغض أبصارهم وحفظ فروجهم : { الله نور السموات والأرض ) سورة النور
وسر هذا : أن الجزاء من جنس العمل فمن غض بصره عما حرم الله عز وجل عليه عوضه الله تعالى من جنسه ما هو خير منه فكما أمسك نور بصره عن المحرمات أطلق الله نور بصيرته وقلبه فرأى به ما لم يره من أطلق بصره ولم يغضه عن محارم الله تعالى . وهذا أمر يحسه الإنسان من نفسه فإن القلب كالمرآة والهوى كالصدأ فيها فإذا خلصت المرآة من الصدأ انطبعت فيها صور الحقائق كما هي عليه وإذا صدئت لم تنطبع فيها صور المعلومات فيكون علمه وكلامه من باب الخرص والظنون ([11])

قال محمد بن سعيد الوراق: من غض بصره عن محرم أورثه الله بذلك حكمة على لسانه يهتدي بها سامعوه ومن غض نفسه عن شبهة نور الله قلبه نورا يهتدي به إلى طريق مرضاة الله([12])
ويتفرع عن هذه الثمرة أن نور القلب وإشراقه يظهر في العين وفي الوجه وفي الجوارح كما أن إطلاق البصر يورثه ظلمة تظهر في وجهه وجوارحه ([13]).

 أنه يقوي عقله ويزيده ويثبته فإن إطلاق البصر وإرساله لا يحصل إلا من خفة العقل وطيشه وعدم ملاحظته للعواقب فإن خاصة العقل ملاحظة العواقب، ومرسل النظر لو علم ما تجني عواقب نظره عليه لما أطلق بصر.

 أنه يفتح له طرق العلم وأبوابه ويسهل عليه أسبابه وذلك بسبب نور القلب فإنه إذا استنار ظهرت فيه حقائق المعلومات وانكشفت له بسرعة ونفذ من بعضها إلى بعض ومن أرسل بصره تكدر عليه قلبه وأظلم وانسد عليه باب العلم وطرقه.

 أنه يورث القلب سرورا وفرحة وانشراحا أعظم من اللذة والسرور الحاصل بالنظر وذلك لقهره عدوه بمخالفته ومخالفة نفسه وهواه.

 أنه يخلص القلب من أسر الشهوة فإن الأسير هو أسير شهوته وهواه، و يخلصه من رقدة الغفلة فإن إطلاق البصر يوجب استحكام الغفلة عن الله والدار الآخرة ويوقع في سكرة العشق .

سبب في دخول الغير للإسلام: شاب أمريكي في مقتبل العمر وبدأ يتعلم أحكام الدين، ومنها: غض البصر، وكان من متطلبات عمله أن يودع في البنك المجاور لعمله أرباح كل يوم في صباح الغد، وفي ذلك البنك أعجبته فتاة عاملة في المحاسبة، فكان كلما مد يده بالنقود إليها أغمض عينيه حتى أنها قد تقبض المبلغ دون أن يشعر إلا بعد قليل، حاولت هذه الفتاة أن تحادثه أو تبتسم إليه، لكنه مصر على إغماض عينيه، وفي يوم من الأيام قررت هذه الفتاة أن تعرف سبب هذا التصرف العجيب فسألته فأجابها وهو مغمض عينيه، قال لها: يُحرِّم علي ديني أن أنظر لغير محارمي، فطلبت كتابًا يتكلم عن الإسلام ودخلت هذه الفتاة في الإسلام، ويسر الله زواجهما على العفاف والتقى"   ([14])

ثالثًا: عواقب النظر للحرام

النظر هو بداية الفتن: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ» وَفِي حَدِيثِ ابْنِ بَشَّارٍ: «لِيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ» ([15])

 (إن الدنيا حلوة خضرة) يحتمل أن المراد به شيئان أحدهما حسنها للنفوس ونضارتها ولذتها كالفاكهة الخضراء الحلوة فإن النفوس تطلبها طلبا حثيثا فكذا الدنيا والثاني سرعة فنائها كالشيء الأخضر في هذين الوصفين (إن الله مستخلفكم فيها) أي جاعلكم خلفاء من القرون الذين قبلكم فينظر هل تعملون بطاعته أم بمعصيته وشهواتكم (فاتقوا الدنيا واتقوا النساء) هكذا هو في جميع النسخ فاتقوا الدنيا ومعناه اجتنبوا الافتتان بها وبالنساء وتدخل في النساء الزوجات وغيرهن وأكثرهن فتنة الزوجات لدوام فتنتهن وابتلاء أكثر الناس بهن.

فيبدأ الانسان بنظرة ويتبعها بأخرى فتدخل الفتنة الى قلبه وتتابع النظرات حتى يصل الأمر الى ما لا يحمد عقباه من زنا وغيره.

قال مجاهد: إذا أقبلت المرأة جلس الشيطان على رأسها فزينها لمن ينظر فإذا أدبرت جلس على عجزها فزينها لمن ينظر . ([16])

من أعظم الفتن: عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ t، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ» ([17]) (فتنة) سببا للفتنة وذلك بتكليف الرجال من النفقة ما لا يطيق أحيانا وبإغرائهن وإمالتهن عن الحق إذا خرجن واختلطن بالرجال لا سيما إذ كن سافرات متبرجات. (أضر) أكثر ضررا وأشد فسادا لدينهم ودنياهم]

وقال بعض العارفين: ما أيس الشيطان من إنسان قط إلا أتاه من قبل النساء لأن حبس النفس ممكن لأهل الكمال إلا عنهن لأنهن من ذوات الرجال وشقائقهم.

عموم البلاء وانتشار الفتنة في هذا العصر بسبب الانفجار الإعلامي عبر وسائل الإعلام المتعددة وعرضها الصور المحرمة، مثل: المجلات، البرامج  التلفزيونية، القنوات الفضائية، شبكة الإنترنت.

غربة الحجاب الشرعي _بكل ما يحويه من مفردات _ في كثير من بلاد المسلمين، وانتشار مظاهر التبرج والسفور سواء في وسائل الإعلام أو الطرقات أو الأسواق أو الأماكن العامة. فحيثما توجه المسلم العفيف فإنه في الغالب سيواجه في طريقه شيئاً من هذه المظاهر، والله المستعان .

عدم الحياء من الله:

إذا ما قال لي ربي أما استحييت تعصيني ؟
فكيف أجيبُ يا ويحي ومن ذا سوف يحميني؟
وأنسى ما وراءُ الموت ماذا سوف تكفيني
وجاءت سكرة الموتُ الشديدة من سيحميني؟؟
سأسأل ما الذي قدمت في دنياي ينجيني
ويا ويحي ألــــم أسمع كلام الله يدعوني؟؟
ألـــم أسمع مُنادي الموت يدعوني يناديي
سوى رب غفور واسعُ للحقِ يهدييني
وخفَفَ في جزائي أنتَ أرجـى من يجازيني

**

**

**

**

**

**

**

**

وتُـخفي الذنبَ عن خلقيَ وبالعصيانِ تأتيني
أسُلي النفس بالآمالِ من حينٍ الى حيني ..
كأني قد ضّمنتُ العيش ليس الموت يكفيني!
نظرتُ الى الوُجوهِ أليـس منُهم سيفدينـــي؟
فكيف إجابتي من بعد ما فرطت في ديني
ألــــم أسمع بما قد جاء في قاف ويسِ
فيا ربــــاه عبدُ تــائبُ من ذا سيؤويني ؟
أتيتُ إليكَ فارحمني وثقل في موازيني

السؤال عن نعمة البصر يوم القيامة: قال تعالى: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) سورة الإسراء

شهادة الأعضاء على صاحبها: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَضَحِكَ، فَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مِمَّ أَضْحَكُ؟» قَالَ قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: " مِنْ مُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ، يَقُولُ: يَا رَبِّ أَلَمْ تُجِرْنِي مِنَ الظُّلْمِ؟ قَالَ: يَقُولُ: بَلَى، قَالَ: فَيَقُولُ: فَإِنِّي لَا أُجِيزُ عَلَى نَفْسِي إِلَّا شَاهِدًا مِنِّي، قَالَ: فَيَقُولُ: كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ شَهِيدًا، وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ شُهُودًا، قَالَ: فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ، فَيُقَالُ لِأَرْكَانِهِ: انْطِقِي، قَالَ: فَتَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ، قَالَ: ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلَامِ، قَالَ فَيَقُولُ: بُعْدًا لَكُنَّ وَسُحْقًا، فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ " ([18]) ، (لأركانه) أي جوارحه (أناضل) أي أدافع وأجادل

يؤدي إلى ضياع الحسنات: فعَنْ ثَوْبَانَ t ، عَنِ النَّبِىِّ r أَنَّهُ قَالَ : " لأَعْلَمَنَّ أَقْوَاماً مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضاً ، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُوراً " ، قَالَ ثَوْبَانُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا ، جَلِّهِمْ لَنَا ، أَنْ لاَ نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ ، قَالَ : " أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ

جِلْدَتِكُمْ ، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا "([19])

دع عنك ما قد فات في زمن الصبا

**

واذكر ذنوبك وابكها يا مذنب



لم ينسه الملكان حين نسيته

**

بل أثبتاه وأنت لاه تلعب




  

والروح منك وديعة أودعتها

**

ستردها بالرغم منك وتسلب  
 

وغرور دنياك التي تسعى لها

**

دار حقيقتها متاع يذهب

الليل فاعلم والنهار كلاهما

**

أنفاسنا فيها تعد وتحسب

 باب من أبوب الزنا ومن أخطر وسائله وذرائعه الموصلة إليه: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال :مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لا مَحَالَةَ فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي ، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ ([20])

قال الغزالي : ونبه به على أنه لا يصل إلى حفظ الفرج إلا بحفظ العين عن النظر وحفظ القلب عن الفكرة وحفظ البطن عن الشبهة وعن الشبع فإن هذه محركات للشهوة ومغارسها قال عيسى عليه السلام : إياكم والنظر فإنه يزرع في القلب الشهوة وكفى بها لصاحبها فتنة ثم قال الغزالي : وزنا العين من كبار الصغائر وهو يؤدي إلى الكبيرة الفاحشة وهي زنا الفرج ومن لم يقدر على غض بصره لم يقدر على حفظ دينه([21])

أنه يورث الغفلة واتباع الهوى وانفراط الأمر: فإن صحة القلب أن يفرغه للفكرة في مصالحه والاشتغال بها، وإطلاق البصر يشتت عليه ذلك ويحول عليه بينه وبينها فتنفرط عليه أموره ويقع في اتباع هواه وفي الغفلة عن ذكر ربه قال تعالى } ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا } وإطلاق النظر يوجب هذه الأمور الثلاثة بحبسه ([22]).

سب لكثير من المفاسد: والنظرة تفعل في القلب ما يفعل السهم في الرمية فإن لم تقتله جرحته وهي بمنزلة الشرارة من النار ترمى في الحشيش اليابس فإن لم يحرقه كله أحرقت بعضه كما قيل 

كل الحوادث مبداها من النظر
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها
والمرء ما دام ذا عين يقلبها
يسر مقلته ما ضر مهجته

**

**

**

**

ومعظم النار من مستصغر الشرر
فتك السهام بلا قوس ولا وتر
في أعين الغيد موقوف على الخطر
لا مرحبا بسرور عاد بالضرر

والناظر يرمي من نظره بسهام غرضها قلبه وهو لا يشعر فهو إنما يرمي قلبه ولي من أبيات :

يا راميا بسهام اللحظ مجتهدا
وباعث الطرف يرتاد الشفاء له

**

**

أنت القتيل بما ترمي فلا تصب
توقـه إنـه يأتيك بالعطب

من خطوات الشيطان: قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} سورة النور

والنظر أصل عامة الحوادث التى تصيب الانسان فإن النظرة تولد خطرة ثم تولد الخطرة فكرة ثم تولد الفكرة شهوة ثم تولد الشهوة إرادة ثم تقوى فتصبر عزيمة جازمة فيقع الفعل ولا بد ما لم يمنع منه مانع وفى هذا قيل : الصبر على غض البصر أيسر من الصبر علي ألم ما بعده ([23]) .

قد يخرج من الإسلام: يذكر ابن كثير رحمه الله في أحداث عام 277هـ: " توفي عبدة بن عبد الرحيم -قبحه الله-، ذكر ابن الجوزي أن هذا الشقي كان من المجاهدين كثيرًا في بلاد الروم، وكان في بعض الغزوات والمسلمون يحاصرون بلدة من بلاد الروم إذ نظر إلى امرأة من نساء الروم في ذلك الحصن فهويها، فراسلها: ما السبيل إلى الوصول إليك؟ قالت: أن تتنصر وتصعد إلي، فأجابها في ذلك، فما راع المسلمين إلا وهو عندها، فاغتم المسلمون بسبب ذلك غمًا شديدًا، وشق عليهم مشقة عظيمة، فلما كان بعد مدة مروا عليه وهو مع تلك المرأة في ذلك الحصن فقالوا: يا فلان ما فعل قرآنك؟ ما فعل علمك؟ ما فعل صيامك؟ ما فعل جهادك؟ ما فعلت صلاتك؟ فقال: اعلموا أني أنسيت القرآن كله إلا قوله: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ * ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الحجر:2-3]، وقد صار لي فيهم مال وولد". ([24])

وقد علم الكفار خطورة الشهوة في صد الناس عن سبيل الله؛ فسعيا إلى إغراق الأمة في الشهوات، يقول أحد أقطاب المستعمرين: "كأس وغانية يفعلان في تحطيم الأمة الإسلامية أكثر مما يفعله ألف مدفع، فأغرقوها في حب المادة والشهوات"!

رابعًا: كيفية الوقاية من النطر للحرام

وجوب شكر الله عليها وشكر الله على هذه النعمة بحفظها وغضها عن الحرام: قال تعالى: (وَاللَّهُ

أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78)سورة النحل، وقال تعالى: (قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (23)سورة الملك

البعد عن أماكن الفتن وإثارة الشهوات: دل على هذا العلاج حديث النبي ﷺ إذ قال لأصحابه: «إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ». فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا. قَالَ: «فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلا الْمَجَالِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا». قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: «غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّ الأَذَى وَرَدُّ السَّلامِ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ» ([25]).

إذا كان النبي ﷺ ينهى عن الجلوس في طرقات المدينة النبوية المطهرة التي لا تمر فيها امرأة إلا بكامل حجابها، فماذا نقول عن طرقاتنا اليوم، بل ماذا نقول عن شواطئ البحار، والملاهي الليلية؟! وكيف بمن يَدخل على الفتن وهو في بيته بالقنوات الإباحية والمواقع المشبوهة والمجلات الساقطة؟! فهذه الأماكن لا يجوز لمسلم أن يتواجد فيها .

كف النظر عن العورات عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلَا الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ، وَلَا يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَلَا تُفْضِي الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ» ([26])

وذلك لأن النفس ضعيفة أمام رؤية العورات.

الاستئذان: قال ﷺ: «إِنَّمَا جُعِلَ الاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ» ([27])، فحتى لا ترى عورات أهل بيت يجب أن تستأذن عليهم، بل يجب أن تستأذن على محارمك.

عدم الخلوة بالأجنبية: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ t، أَنَّهُ: سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ، يَقُولُ: «لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ، وَلاَ تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ»، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، وَخَرَجَتِ امْرَأَتِي حَاجَّةً، قَالَ: «اذْهَبْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ» ([28])

فبماذا تتوقع أن يأمرهما الشيطان؟! أسيأمرهما بالعفة وغض الأبصار؟!

ترك الاختلاط المستهتر والخضوع بالقول والمصافحة للأجنبية، فكل هذا داعية إطلاق الأبصار، بل داعية الوقوع في الفاحشة.

تربية الأولاد على غض الأبصار: فهذه مسئولية الآباء والأمهات وأولياء الأمور، وكذلك المعلمين

 في المدارس والمساجد، فسعيد بن جبير كان يقول لابنه: "يا بني امش وراء الأسد والأسود، ولا تمش وراء امرأة"، وصدق رحمه الله فلو مشى ابنه وراء أسد فأكله ضاعت دنياه، وهي هينة على الله، أما لو مشى وراء امرأة فسيضيع دينه، وهذه هي الكارثة. فالعجب ممن يترك أولاده أمام القنوات المشبوهة والمواقع الإباحية! أما المدرسون فإن بعضهم يحدث الطلاب أحاديث تثير الغرائز حتى يحبونه!

مراقبة الله عز وجل: سئل الجنيد: "بم يستعان على غض البصر؟"، قال: "بعلمك أن نظر الله إليك أسبق إلى من تنظر إليه". والله عز وجل الذي نراقبه {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر:19]، ويقول الله تعالى بعد الأمر بغض البصر: {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}، والخبير: هو العليم ببواطن الأمور، فسبحانه لا تخفى عليه خافية. وسوف يسأل اللهُ العبد عن نظراته يوم القيامة: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً} [الإسراء من الأية:36]. وإن لم تجب أنت عندما تسأل فسوف يجيب بصرك ويشهد عليك، ويعترف بغدراتك: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ . حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [فصلت:19-20]. وسوف تشهد عليك الملائكة التي تحصي كل شيء: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار:10-12]، فإن هذه الملائكة لا تدع شاردة ولا واردة، لا نظرة ولا همسة إلا كتبوها.

تأكد أن الله يراك ونظره إليك يسبق ما تنظر أنت إليه: قال تعالى: { أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) سورة البلد وقال تعالى: { يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19) } سورة غافر

إذا ما خلوت بريبة في ظلمة
فاستح من نظر الإله وقل لها

**

**

والنفس داعية إلى العصيان
يا نفس إن الذي خلق الظلام يراني

وقال آخر:

إِذَا مَا خَلَوْتَ الدَّهْرَ يَوْمًا فَلا تَقُلْ
وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ يَغْفَلُ سَاعَةً
لَهَوْنَا لَعَمْرُ اللهِ حَتَّى تَتَابَعَتْ
فَيَا لَيْتَ أَنَّ اللهَ يَغْفِرُ مَا مَضَى

**

**

**

**

خَلَوْتُ وَلَكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيْبُ
وَلا أَنَّ مَا يَخْفَى عَلَيْهِ يَغِيْبُ
ذُنُوبٌ عَلَى آثَارِهِنَّ ذُنُوْبُ
وَيَأْذَنَ في تَوْبَاتِنَا فَنَتُوْبُ

وذكر أبو الفرج ابن الجوزي: أن امرأة جميلة كانت بمكة، وكان لها زوج، فنظرت يومًا إلى وجهها في المرآة فقالت لزوجها: أترى أحدًا يرى هذا الوجه ولا يفتن بقفال: نعم. قالت: مَنْ؟ قال: عبيد بن عمير قالت: فائذن لي فيه فلأفتنه، قال: قد أذنت لك. فأتته كالمستفتية، فخلا معها في ناحية في المسجد الحرام، فأسفرت عن وجه مثل فلقة القمر، فقال لها: يا أَمَةَ الله استتري، فقالت: إني قد فتنت بك. قال: إني سائلك عن شيء، فإن أنت صدقتني نظرت في أمرك. قالت: لا تسألني عن شيء إلا صدقتك. قال: أخبريني لو أن ملك الموت أتاكِ ليقبض روحك أكان يَسُرُّكِ أن أقضي لك هذه الحاجة؟ قالت: اللهم لا. قال: صدقت. قال: فلو أُدخلتِ قبركِ، وأجلستِ للمسألة أكان يَسُرُّكِ أني قضيتها لك؟ قالت: اللهم لا. قال: صدقت. قال: فلو أن الناس أعطوا كتبهم، ولا تدرين أتأخذين كتابك بيمينك أم بشمالك أكان يَسُرُّكِ أني قضيتها لك؟ الت: اللهم لا. قال: صدقت. قال: فلو أردت الممر على الصراط، ولا تدرين هل تنجين أو لا تنجين، أكان يَسُرُّكِ أني قضيتها لك؟ قالت: اللهم لا. قال: صدقتِ. قال: فلو جيء بالميزان، وجيء بك، فلا تدرين أيخف ميزانك أم يثقل أكان يَسُرُّكِ أني قضيتها لك؟ قالت: اللهم لا. قال: صدقتِ. قال: اتقي الله، فقد أنعم عليك وأحسن إليك. قال: فرجعت إلى زوجها. فقال: ما صنعتِ؟ قالت: أنت بطالٌ ونحن بطالون، فأقبلت على الصلاة والصوم والعبادة، فكان زوجها يقول: مالي ولعبيد بن عمير أفسد على امرأتي، كانت في كل ليلة عروسًا فصيرها راهبة ([29]).

الدعاء: لما جاء الشاب يستأذن النبي ﷺ في الزنا فصرفه النبي ﷺ عن ذلك بأنك لا تحبه لأمك، وابنتك، وأختك، وخالتك، وعمتك، وكذلك الناس لا يحبونه لهن، وضع النبي ﷺ يده الحانية عليه، ثم دعا له فقال: «اللهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ» ([30]). وكان من دعاء النبي ﷺ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي، وَمِنْ شَرِّ بَصَرِي، وَمِنْ شَرِّ لِسَانِي، وَمِنْ شَرِّ قَلْبِي، وَمِنْ شَرِّ مَنِيِّي» ([31]). ومن دعائه أثناء الذهاب إلى المسجد: «وَاجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا» ([32]).

أيها المسلم لابد أن تأخذ القرار الآن فالإنسان الذي لا يُحسن السباحة ماذا يصنع؟ ينزل إلى البحر ويبدأ في تطبيق برامج السباحة تحت إشراف أحد المدربين أو أحد أقاربه، ومع الأيام يُصبح سبَّاحًا ماهرًا، أما لو تركناه هكذا دون أن يأخذ أي مهارة فإنه من المتعذر عليه جدًّا حقيقة أن يُجيد السباحة، كذلك لو ترك الإنسان نفسه بدون قرار فإنه من المتعذر عليه أن يترك هذه المعصية أو غيرها.

الإستعاذة بالله من الشيطان: قال تعالى: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ

 (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201) ) سورة آل عمران

على الفور إذا وسوس لك الشيطان بالنظر للحرام فاستعذ بالله منه فورا وسيعصمك الله منه، وانظر أخي الحبيب إلى ما فعل سيدنا يوسف لما دعته امرأة العزيز قال تعالى: (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) ) سورة  يوسف اعتصم بالله فورا ولذلك نجاه الله، وكذلك أنت اعتصم بالله بصدق وسينجيك الله تعالى.

حكي عن بعض السلف أنه قال لتلميذه: ما تصنع بالشيطان إذا سول لق الخطايا ؟ قال : أجاهده .قال : فإن عاد ؟ قال : أجاهده .قال : فإن عاد ؟ قال : أجاهده .قال : هذا يطول أرأيت إن مررت بغنم فنبحك كلبها أو منعك من العبور ما تصنع ؟ قال : أكابده وأرده جهدي .قال : هذا يطول عليك ، ولكن استعن بصاحب الغنم يكفه عنك .- إن صدقت هذه الرواية - لم يكن تاركاً الدنيا كسباً، بل قلباً([33])

وروى : أنّ رجلاً تزوّج امرأة من بلدة ، وكان بينهما مسيرة شهر ، فأرسل إلى غلام له من تلك البلدة ليحملها إليه فسار بها يوماً ، فلما جنّه الليل أتاه الشيطان فقال له : إنّ بينك وبين زوجها مسيرة شهر فلو تمتعت بها ليالي هذا الشهر إلى أن تصل إلى زوجها ، فإنها لا تكره ذلك وتثني عليك عند سيدك فتكون أحظى لك عنده ، فقام الغلام يصلي فقال : يا رب ، إنّ عدوك هذا جاءني فسوّل لي معصيتك ، وإنه لا طاقة لي به في مدة شهر وأنا أستعيذك عليه يا رب فأعذني عليه ، واكفني مؤونته ، فلم تزل نفسه تراوده ليلته أجمع وهو يجاهدها حتى أسحر فشّد على دابة المرأة وحملها وسار بها ، قال : فرحمه اللّه تعالى ، فطوى له مسيرة شهر فما برق الفجر حتى أشرف على مدينة مولاه ، قال : وشكر اللّه تعالى له هربه إليه من معصيته فنبأه ، فكان نبيّاً من أنبياء بني إسرائيل ([34]).

اصرف بصرك، ولا تتبع النظرة النظرة: عن جرير بن عبد الله t قال: "سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي"([35]). وأوصى النبي ﷺ عليًا t فيقول له: «يَا عَلِيُّ لاَ تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّ لَكَ الأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الآخِرَةُ» ([36])

الزواج: عن ابن مسعود t قال: قال لنا رسول الله ﷺ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ

 فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» ([37]) وهذا هو الواقع، فالشاب من خلال الزواج يجد وسيلة مباحة لتفريغ شهوته؛ لذلك على الزوجة الصالحة أن تتزين لزوجها وأن تستجيب لدعوته لها مهما كان الحال، ويؤكد النبي ﷺ على أن من رأى من أي امرأة شيئًا ففي أهله غنية عنها، ولكن المشكلة أن الشيطان يبغض الزوجة لزوجها ويزين الأجنبية له؛ فعن جابر بن عبد الله t: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَأَى امْرَأَةً فَأَتَى امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ وَهِيَ تَمْعَسُ مَنِيئَةً لَهَا فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: «إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ فَإِذَا أَبْصَرَ أَحَدُكُمْ امْرَأَةً فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ» ([38])

الصوم: وهو البديل عن الزواج -كما في الحديث-، فإن الصوم يضعف الشهوة، والشهوة تستعر بكثرة الأكل والشرب، والصوم الذي هو وجاء فعلاً الصوم الذي قد استوفى شروطه؛ ليحقق به معانيه وغاياته، ونؤكد على الصوم في هذه الأيام التي أصبح شهر رمضان وشعبان ورجب يأتي في فصل الصيف حيث تبرج كثير من النساء، وحيث يعرض في نهار رمضان من الأفلام التي تضيع على العبد صيامه.

الصحبة الصالحة: وهي من أكثر ما يعين المسلم على غض البصر فإن الشاب الفاسد لو سار مع الصالحين يستحيي أن يطلق بصره في الحرام أمامهم، وعلى العكس فلو سار صالح مع مجموعة من الفاسدين لقالوا: انظر إلى هذا المنكر وانظر إلى هذه الجميلة، وصدق من قال: "الصاحب ساحب"، فإما أن يسحبك إلى مجالس العلم والقرآن والخير وإما أن يسحبك إلى السينما والمسرح وأماكن اللهو، عَن أبي سعيد أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «لاَ تُصَاحِبْ إِلاَّ مُؤْمِنًا، وَلاَ يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلاَّ تَقِيٌّ» ([39])

ترك فضول النظر: فإن كثرة الالتفات والنظر إلى ما لا يعني توشك أن توقع العبد في النظر المحرم. مرَّ حسان بن أبي السنان بغرفة فقال: "متى بنيت هذه؟ ثم أقبل على نفسه فقال: تسألين عما لا يعنيك لأعاقبنك سنة فصامها"، وعن نافع: "أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ دَخَلُوا عَلَى ابْنِ عُمَرَ، فَرَأَوْا عَلَى خَادِمٍ لَهُمْ طَوْقًا مِنْ ذَهَبٍ، فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَقَالَ: مَا أَفْطَنَكُمْ لِلشَّرِّ" ([40])

مجاهدة النفس على غض البصر: قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69]، فلو جاهد العبد نفسه على غض البصر فإن الله سيوفقه -بإذن الله

حسان بن أبي السنان لما خرج يوم العيد قيل له: "ما رأينا عيدًا أكثر نساءً منه". فقال: "ما تلقتني امرأة حتى رجعت"، من شدة حفظه للبصر لم ير امرأة أصلاً. ولما عاد إلى بيته يوم العيد قالت له امرأته: "كم امرأة حسنة قد نظرت اليوم، فلما أكثرت عليه قال: ويحك ويحك... ما نظرت إلا في إبهامي هذا منذ خرجت من عندك حتى رجعت إليك"؛ فكان يُدرِّب نفسه على غض البصر بالنظر في أصبعه الإبهام.

يحكي سفيان الثوري عن الربيع بن خثيم أنه مر به نسوة فأطرق إطراقًا شديدًا -نظر إلى الأرض بشدة- حتى ظن النسوة أنه أعمى فتعوذن بالله من العمى! واستوعب سفيان الدرس فلما جاء العيد قال: "أول ما نبدأ به اليوم غض البصر". ويقول أنس بن مالك t: "إذا مرت بك امرأة فغمض عينيك حتى تجاوزك". وقال العلاء بن زياد: "لا تتبع بصرك حسن رِدف المرأة، فإن النظر يجعل الشهوة في القلب".

وكان محمد بن واسع يكثر الزيارة لصديق له فإذا طرق الباب فتحت الجارية فيغمض عينيه ويقول لها: أين سيدك؟ فتدخل فتقول لسيدها: رجل يريدك على الباب، فيقول: من هو؟ فتقول: "صاحبك الأعمى الذي يأتيك كل يوم". فمنهم من درّب نفسه على غض البصر بتغميض عينيه ومنهم من ينظر في أصبعه، ومنهم من ينظر إلى الأرض، ومنهم من يعاقب نفسه بالصيام، ومنهم من يعاقبها بعدم رفع رأسه إلى السماء، فكذلك جاهد أنت نفسك وابتكر وسائل لمجاهدة النفس على غض البصر.

شغل الأوقات بالطاعات: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ "  ([41]فمعنى الحديث: أنه بسبب انشغاله بالطاعات المختلفة أصبح لا يبصر إلا ما يحبه الله، وكما قالوا: "نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل"، فالمسلم المنشغل بالطاعات لن يكون متفرغًا للنظر إلى المحرمات.

الخوف من سوء الخاتمة: تخيل أخي لو أنك مت فكانت آخر نظرة نظرتها إلى حرام فماذا ستقول

 لربك؟! ماذا لو خرجت روحك أمام مشاهدة الفيلم أو الصورة العارية؟! يحكي أحد الإخوة -وهو مغسل للأموات- أنه جاء ليغسل شابًا وقد اسود وجهه ويده مربوطة بالشاش فأراد أن يفك الشاش فعارض أهل الشاب فصمم على فك الشاش فإذا بيده "ريموت" وأهله قد دخلوا عليه وهو ميت وأمامه على الشاشة فيلم إباحي! نعوذ بالله من سوء الخاتمة، ونسأله الستر في الدنيا والآخرة.

 تذكر الحور العين: فإن المسلم إذا تذكر الحور العين وجمالهن، وأن الله أعدهن لمن صبر عن الحرام في الدنيا؛ كان ذلك عونًا له على غض البصر عن الحرام.

التوبة والرجوع إلى الله: قال الله تعالى (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) سورة الشورى

نسأل الله تعالى أن يحفظ أبصارنا من الحرام، وأن يرزقنا النظر إلى وجهه الكريم 

وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

%%%%%%%%

 



[1])) مجموع الفتاوى 15 / 414

[2])) السلسلة الصحيحة

[3])) الجواب الكافي

[4])) صحيح مسلم

[5])) متفق عليه

[6])) تفسير ابن كثير

[7])) صحيح مسلم

[8])) تفسير ابن كثير

[9])) تفسير القرطبي

[10])) متفق عليه

[11])) إغاثة اللهفان ج: 1

[12])) البداية والنهاية ج: 11 ص: 167

[13])) روضة المحبين ج: 1 / 97

[14])) كتاب قصص لن أنساها

[15])) صحيح مسلم

[16])) تفسير القرطبي

[17])) صحيح مسلم

[18])) صحيح مسلم

([19]) السلسلة الصحيحة

[20])) صحيح البخاري

[21])) فيض القدير

[22])) الجواب الكافي ج: 1

[23])) الجواب الكافي ج: 1 ص: 106

[24])البداية والنهاية

[25])) متفق عليه

[26])) صحيح مسلم

[27])) متفق عليه

[28])) متفق عليه

([29]) روضة المحبين

[30])) السلسلة الصحيحة

[31])) صحيح الجامع

[32])) صحيح مسلم

[33])) تلبيس إبليس 35

[34])قوت القلوب 2/235.

[35])) صحيح مسلم

[36])) صحيح الجامع

[37])) متفق عليه

[38])) صحيح مسلم

[39])) صحيح الجامع

[40])) صحيح الأدب المفرد

[41])) صحيح البخاري

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات