يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ للشيخ أبو سيف الأزهري
الحمد لله رب العالمين
الحمد لله الرقيب ، سبحانه وَسِعَ كلَّ شَيءٍ
عِلمًا، وقهَر كلَّ مخلوقٍ عزَّة وحُكمًا، يعلَمُ ما بين أيديهم وما خلفَهم ولا يُحِيطون
به عِلمًا
وأشهد أن لا إله إلا الله الحسيب ،الملك الكبير
اللطيف الخبير،
لكل صوت منـه سمــع حاضـر *** فالسـر والإعــلان
مستويـان
والسمع منـه واسـع الأصـوات لا *** يخفى عليه
بعيــدها والدانــي
وهو البصير يرى دبيب النملة السـ *** ـسوداء
تحت الصخـر والصـوان
ويرى مجـاري القـوت في أعضائهـا *** ويرى بيـاض
عروقها بعيــان
ويـرى خيانـات العيـون بحطـهـا *** ويرى كذاك
تقلـب الأجفـان
وهو العليم أحـاط علمًـا بالــذي *** في الكون
من سـر ومن إعـلان
وبكـل شيء علمـه سبحــانـه *** فهو المحيط وليـس
ذا نسيــان
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله اللبيب ،الرسول
المُجتَبى، الداعي إلى أكمَلِ الدِّين والهُدَى، صاحب المقام المحمود، واللِّواء المَعقُود،
والحوض المورود،
صلى الله وسلم عليه وعلى كل صاحب وحبيب . .
:
وبعد:............
يقول الله تعالى :﴿ اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ
كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ
بِمِقْدَارٍ * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ * سَوَاءٌ
مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ
وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ )
#عبادالله:
اعلموا جيدا ان الميزان الحقيقي الذي ينبغي
للعبد أن يقيس به
مدى التزامه بأوامر الله تعالى والانتهاء عن
نواهيه،
ومدى قربه منه والاستجابة له:
هو السرّ،
هو اجتناب معاصي الخلوات،
هو مدى مراقبته لله -عز وجل- إذا خلا بمحارمه
وليس أمام أقرانه من البشر،
فإذا وضع المسلم نفسه على ميزان السر فرجحت
كفته فهو من المفلحين،
وإذا وضعها فرأى أعماله تطيش يمينًا وشمالاً
فعليه أن يعيد حساباته من جديد، ويربي قلبه على الوقوف على حدود الأدب في خلوته بالله
تعالى،
فالذي يستخفي بمعصيته عن الخلق ولا يستخفي بها
عن الله المطلع على سرائره ودقائقه شخص موهوم،
غرَّه احتجابه عن الناس وإغلاقه بابه على نفسه
وإمهال الكريم له، فهي صورة داعية إلى السخرية وازدراء هذا الموهوم، الذي لم يكفه كون
الله سبحانه محيطًا به يعلم ما يسر وما يعلن، فإذا استخفى في أشد بقعة ظلامًا في الكون،
واستغشى أغطيته وثيابه، فلا يغير ذلك من علم الله شيئًا، فالظلمة عنده ضوء باهر، والسر
عنده علانية: (سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ
هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ) [الرعد: 10]، فكل الحالات لديه
سواء، والكل مكشوف تحت المجهر الكاشف، يعلم سبحانه من السر ما يعلم من العلانية، ويعلم
من العلانية ما يعلم من السر..
◀والغَفلة عن هذا المقام هي التي جعَلتْ بعضَ
الناس
يَنامُون عن صَلاة الفجر مُطمئنِّين غير مُبالِين،
وآخَرين يَأكُلون أموالَ الناس مُحتالِين،
وفريقًا يَلُوذون عن أنظار المسلمين في البيوت
ونحوها، فيُباشِرون فَظِيعَ الإجرام، وينتَهِكون العرض الحرام،
فلو كان لهؤلاء قلوبٌ يَقِظةٌ حيَّة تعتَقِد
أنَّه لا يحجز بصَر الله حاجزٌ،
ولا يردُّ حكمه رادٌّ، ولا يُجِير من عذابه
مُجِيرٌ - لما بارَزُوا الله بالعِصيان، وارتكَبُوا أنواع الإثم والعُدوان، ولكن غفَلتِ
القُلوبُ، فتَراكَمتِ الذنوب، حتى استَهانُوا بوعيد علاَّم الغُيُوب، والله - تعالى
- يقول: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا
يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ
◀ صَحَّ في الحديث عن نبيِّكم - صلَّى الله عليه وسلَّم - قولُه: ((الإحسان
أنْ تعبُد الله كأنَّك تَراه، فإنْ لم تكن تَراه فإنَّه يَراك
#ايهاالاخوة:
🔴 ◀ المراقبة سرّ بين الله تعالى وبين العبد، يعظم
العبد ويعزّ في عين الله تعالى وأعين المخلوقين على قدر عظمة هذه المنزلة وصغرها في
قلبه،
فإذا أراد أن يتكلّم بكلمة نظر لماذا يخرجها
الآن؟
وما المصالح المترتبة على إخراجها؟
وهل هي في مرضاة الله أو سخطه وغضبه؟
وهل هي في ميزان الحسنات أو ميزان السيئات؟
وهكذا كل أعماله التي يعملها ينبغي أن ينظر
لها بمثل هذا النظر،
وهذا هو العمل بمقتضى اسم الله تعالى الرقيب،
ونظرٌ خاص إلى الأعمال التي يعملها، فيصحح أولاً مقصدها والمراد منها، ويخلص فيها القيام
لرب الأرض والسماء، فإذا صحح نظر البداية اهتمّ بالأداء وصححه على وفق السنة، وعالج
فيها أسباب القبول، وحرص على أن يقدمها لله وهي في أزكى صورة وأبهى حلة، ونظر في نهايتها
بالاستغفار والتوبة ليختم نهايتها بالقبول، وهكذا المؤمن في صلاته وصدقته وصيامه وحجه
وسائر أعماله الظاهر منها والباطن، ومتى كان المؤمن يستشعر عظيم مراقبة الله تعالى
صحت منه الخواطر، وسلمت الظواهر، وكان القبول أحرى وأولى وأعجل.
وقد أحسن القائل حين قال:
إذا ما خلوت الدهر يومًا فلا تقل: خلوت ولكن
قل عليّ رقيب
ولا تَحسبـن الله يغفـل ساعـة ولا أن مـا يخفى
عليه يغيب
لهونـا عن الأيـام حتى تتابعـت ذنوبٌ على آثارهنّ
ذنـوب
🔴 ◀ أيها المسلم،
نحن في أمس الحاجة إلى التربية العظيمة على
هذا الخلق في حياتنا
ولقد حكى الله تعالى أحوال قوم يقدمون على الله
تعالى فتفضحهم جوارحهم، وتشهد عليهم بما عملوا كما قال تعالى: حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا
شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي
أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَمَا
كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا
جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ
وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمْ الَّذِي ظَنَنتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنْ
الْخَاسِرِينَ .
وليس هناك بين يدي الله تعالى يوم القيامة غير
هذه المواقف عافانا الله وإياكم شر الغفلة عن رب العالمين.
وإذا كان هذا يوم القيامة حين لا ينفع الندم
ولا الحسرة فإن بين يدي الدنيا آثارًا عاجلة لضعف هذا الخُلُق، فلا تجد في الغالب الأعم
ممن يقع في حرمات الله تعالى إلا وقد ضاع صيته بالسوء، وانتشرت عليه القالة بين الناس،
وعاد حامده ذامًّا، وأنت تراه لا تقبله القلوب، بل تفرّ منه، ولا تقوى على السكن إليه،
وهذا سر من أسرار الله تعالى، وهو واضح مشاهد لا يحتاج إلا دليل.
🔴 ◀ كان هناك رجل اسمه نوح ابن مريم كان ذي نعمة ومال وثراء وجاه، وفوق ذلك
صاحب دين وخلق، وكان له ابنة غاية في الجمال، ذات منصب وجمال. وفوق ذلك صاحبة دين وخلق.
وكان معه عبد اسمه مبارك، لا يملك من الدنيا
قليلا ولا كثيرا ولكنه يملك الدين والخلق، ومن ملكهما فقد ملك كل شيء.
أرسلَه سيده إلى بساتين له، وقال له اذهب إلى
تلك البساتين واحفظ ثمرها وكن على خدمتها إلى أن آتيك.
مضى الرجل وبقي في البساتين لمدة شهرين.
وجاءه سيده، جاء ليستجم في بساتينه، ليستريح
في تلك البساتين.
جلس تحت شجرة وقال يا مبارك، أتني بقطف من عنب.
جاءه بقطف فإذا هو حامض.
فقال أتني بقطف آخر إن هذا حامض.
فأتاه بآخر فإذا هو حامض.
قال أتني بآخر، فجاءه بالثالث فإذا هو حامض.
كاد أن يستولي عليه الغضب، وقال يا مبارك أطلب
منك قطف عنب قد نضج، وتأتني بقطف لم ينضج.
ألا تعرف حلوه من حامضه ؟
قال : والله ما أرسلتني لأكله وإنما أرسلتني
لأحفظه وأقوم على خدمته.
والذي لا إله إلا هو ما ذقت منه عنبة واحدة.
والذي لا إله إلا هو ما رقبتك ، ولا رقبت أحداً
من الكائنات، ولكني راقبت الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
أعجب به، وأعجب بورعه وقال الآن أستشيرك، والمؤمنون
نصحة، والمنافقون غششه، والمستشار مؤتمن.
وقد تقدم لابنتي فلان وفلان من أصحاب الثراء
والمال والجاه، فمن ترى أن أزوج هذه البنت ؟
فقال مبارك:
لقد كان أهل الجاهلية يزوجون للأصل والحسب والنسب.
واليهود يزوجون للمال.
والنصارى للجمال.
وعلى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يزوجون
للدين والخلق.
وعلى عهدنا هذا للمال والجاه.
والمرء مع من أحب، ومن تشبه بقوم فهو منهم.
أي نصيحة وأي مشورة ؟
نظر وقدر وفكر وتملى فما وجد خيرا من مبارك،
قال أنت حر لوجه الله (أعتقه أولا).
ثم قال لقد قلبت النظر فرأيت أنك خير من يتزوج
بهذه البنت.
قال أعرض عليها.
فذهب وعرض على البنت وقال لها:
إني قلبت ونظرت وحصل كذا وكذا، ورأيت أن تتزوجي
بمبارك.
قالت أترضاه لي ؟
قال نعم.
قالت : فإني أرضاه مراقبة للذي لا يخفى عليه
شيء في الأرض ولا في السماء.
فكان الزواج المبارك من مبارك.
فما الثمرة وما النتيجة ؟
حملت هذه المرأة وولدت طفلا أسمياه عبد الله،
لعل الكل يعرف هذا الرجل.
إنه عبد الله ابن المبارك المحدث الزاهد العابد
الذي ما من إنسان قلب صفحة من كتب التاريخ إلا ووجده حيا بسيرته وذكره الطيب.
إن ذلك ثمرة مراقبة الله عز وجل في كل شي.
أما والله لو راقبنا الله حق المراقبة لصلح
الحال، واستقامة الأمور .
🔴 ◀
ايها الاخوة:
لقد تفشى داء غياب المراقبة تفشيًا عظيمًا،
حتى لا نكاد نلمس أثرًا للإيمان في صلاح الفرد أو الجماعة أو بناء الحضارة التي عَصَبُها
الإسلام،
فالمجتمع يضجّ
بالمصلين
والصائمين
والمتصدقين،
وعرصات الحج لا تكاد تجد فيها موضعًا لقدم مِنْ
تزاحم الحجاج على بيت الله الحرام، في مشهد يفرح العين ويسرّ القلب،
فأين أثر ذلك في محاربة الفساد والسرقة والزنا
والربا،؟
واستقواء أهل الباطل على أهل الحق، ؟
وانتصار أعداء الدين على أهل الملة الإسلامية
في غير ما دولة في أرض الله الواسعة؟!
أليس ذلك مدعاة للتفكير في مدى تحقق مراد الله
تعالى من تلك العبادات؟! أليس في ذلك دعوة لمراجعة مدى تطابق إقامة العبادة في مجتمعنا
مع المجتمع النبوي الأول، الذي قام أول ما قام على تخلية القلب من كل ما سوى الله تعالى
وغرس بذرة المراقبة في أعماقه، فأنبتت وأزهرت حضارة أبهرت العالمين؛؟
ذلك أنها لم تحوِ هذا الفصام الذي يعيشه الناس
ما بين الشعائر التعبدية والحياة الدنيوية، بل كانا أمرًا واحدًا وطريقًا واحدًا بدايته
في الدنيا ونهايته في الآخرة، أما الآن
فهناك ممن يحج كل عام
ويعتمر في رمضان
وله نصيب من صلاة الليل
ولكنه مفسد في الأرض، يشهد الزور، ويأكل الربا،
ويغش في تجارته، ويظلم زوجته، ويقطع رحمه،
وهذا وربي قامع للازدهار والتقدم والتحضر والمدنية،
فلا حضارة تُبنى على أنقاض القيم والمبادئ، ولا مدنية تُشيد بمعزل عن الرقابة الذاتية
على النفس، فبناء الحضارة بناء تراكمي، يشارك فيه كل فرد من أبناء المجتمع بِحَجَرٍ،
ومما يجهض هذا البناء تلك الحالة من الانفصام التي تعيشها مجتمعاتنا التي هي فصل للدين
عن الحياة، فهي علمانية جزئية يمارسها البعض دون أن يدري، فيفصل ما بين أفكاره ومعتقداته
وعباداته وبين ما يمارسه في حياته من ضرب في الأرض وسعي في مناكبها.
◀ لو أن الناس راقبوا ربهم في منازلهم هل ستبقى
الأجهزة المحرمة في البيوت؟ الجواب: لا.
لو أن الناس راقبوا ربهم هل يأخذ إنسان مال
إنسان آخر؟
الجواب: لا.
لو أن الناس راقبوا ربهم هل يوجد في المحاكم
معاملات من ظالم على مظلوم؟ الجواب: لا ،
لكن ضعفت مراقبتنا لله في كثير من أمور حياتنا
فعصينا ربنا في الخلوات ،
🔴 ◀أيها المؤمن،
إن عينَ اللهِ تلاحقُك أينما ذهبت،
وفي أي مكان حللت،
في ظلامِ الليل،
وراء الجدران،
وراء الحيطان،
في الخلوات
في الفلوات،
ولو كنتَ في داخلِ صخورٍ صم،
هل علمتَ ذلك واستشعرتَه ؟ فاتقيتَ اللهَ ظاهراً
وباطنا ؟ فكانَ باطنُك خيرُ من ظاهرِك .
🔴 ◀ كلام نفيس لحاتم الأصم في معنى المراقبة.
قال حاتم: تعهد نفسك في ثلاثة مواضع: إذا عملت
فاذكر نظر الله إليك، وإذا تكلمت فاذكر سمع الله إليك، وإذا سكت فاذكر علم الله فيك.
نعم
إذا عملت عملاً فاذكر نظر الله إليك
إن استحضار هذا المعنى يوقف العبد عن كثير من
المعاصي فإن كثيراً من المعاصي التي يقع فيها العبد بسبب أنه لايستحي من الله.
واستمع إلى هذا الحديث الذي يهز القلب عَنْ
ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «لَأَعْلَمَنَّ
أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ
تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا» ، قَالَ
ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ
مِنْهُمْ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ: «أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ،
وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا
بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا»
رواه ابن ماجة وصحح إسناده البوصيري ، وصححه
الألباني في الصحيحة
وإذا تكلمت بكلمة فاذكر سمع الله منك فلا تقل
إلا خيراً ولا تنطق إلا بحق فإن أكثر مايدخل الناس النار هذا اللسان ألم تسمع إلى وصية
النبي لمعاذ وهو يقول له أَلَا أُخْبِرُكَ بِمِلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟» قُلْتُ: بَلَى،
فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ، فَقَالَ: «تَكُفُّ عَلَيْكَ هَذَا» قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ
وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ قَالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ
وَهَلْ يُكِبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ فِي النَّارِ، إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟
وإذا سكت فاذكر علم الله بك وفي هذا يقول الله
تعالى {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا
أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ
🔴 أين الذين آثروا حب الدرهم والدينار؟! فجدّوا
للحصول عليهما بأي طريق؟! ولم يبالوا بمصدرها؟! فيظلمون ويخدعون! ويغشون ويرابون، ويبخسون
المكاييل والموازين، ولا يتقون الله في بيعهم وشرائهم! ويتساهلون في أداء زكاة أموالهم؛
حتى كانوا سببًا في منع القطر من السماء بسوء أفعالهم!
🔴 أين هؤلاء من مراقبة الواحد الديان؟!
أين الذين أطلقوا جوارحهم في الحرام؟! فألسنتهم
تقع في المحرمات! في الغيبة والنميمة! والكذب والسب والشتم! ونسوا قول المصطفى -عليه
الصلاة والسلام-: "وهل يَكُبُّ الناس في النار على وجوههم -أو قال- على مناخرهم،
إلا حصائد ألسنتهم". كما أطلقوا فروجهم وأيديهم وأرجلهم، وآذانهم، وجعلوها تواقع
الحرام، ممارسةً وسماعًا، ونظرًا وبطشًا ومشيًا! أين هؤلاء من قوله تعالى: (يَوْمَ
تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
وقوله: (حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ
عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ؟!
أنسوا أن الله سبحانه مستنطقٌ هذه الجوارح في
يومٍ يجعل الولدان شيبًا؟!
🔴 أين الشباب المنغمس في أوحال الرذائل والمنكرات،
فلا يعرفون الجماعات، ولا يؤدون الصلوات؟! أين هم من مراقبة الله؟!
أغرهم ما هم فيه من صحةٍ وفتوة؟!
أنسوا أن الموت يأتي بغتة، ولا يفرق بين صغير
وكبير؟!
🔴 أين النساء اللاتي سرنَ في ركاب الجاهلية الأولى
والأخرى، فلا يبالين بتعاليم الدين الحنيف، بل اتبعنَ أهواءهن، فوقعن فيما حرم الله
عليهن؟!
أين هؤلاء كلهم من مراقبة الله؟! (أَلا يَظُنُّ
أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ
الْعَالَمِينَ) .
فأفيقوا من غفلتكم -أيها المسلمون-، وأديموا
مراقبة مولاكم، واستشعروا قرب آجالكم، وموقفكم أمام ربكم: (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ
لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ)
.
أسأل الله سبحانه أن يجعلني واياكم من الذين
يستمعون القول فيتبعون أحسنه
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم
والتائب من الذنب كمن لا ذنب له .........!
=======================
🔻 الخطبة الثانية 🔻
الحمد لله حمدا كثيرا كما امر
والصلاة والسلام على محمد سيد البشر
الشفيع المشفع فى المحشر
صلى الله وسلم وبارك عليه ما اتصلت عين بنظر
او سمعت اذن بخبر
فقد قال تعالى ولم يزل قائلا عليما وآمرا حكيما;
تشريفا لقدر المصطفى صلى الله عليه وسلم وتعظيما;
إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى
النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
...
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين ...
وبعد:
═◄ثمرة هذه الخطبة تتمثل فى ما رواهُ رواه الترمذي
وقَالَ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ عَنْ أَبِى ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ
لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ
وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ
" .
أيها المسلم . . أيتها المسلمة . . نحن مأمورون
بمراقبة الله تعالى على كل حال وفى الحديث اشارات عظيمة
ففى تعاملك مع الله اتق الله حيثما كنت - مراقبة
وفى تعاملك مع نفسك اتبع السيئة الحسنة تمحها
- مراقبة
وفى تعاملك مع الناس خالق الناس بخلق حسن -
مراقبة
⬅ اللهم يا حى يا قيوم ياذا الجلال والإكرام
نسألك............... مع الدعاء