حق الطفل في التنشئة السوية والحياة الكريمة للشيخ أحمد أبو عيد






بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين واشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين واشهد أن محمدا عبد الله ورسوله
وبعد
العناصــر
أولاً:نعمة الأولاد في الإسلام
ثانيا:حقـــــــوق الأولاد
ثالثاً:صفات المربي
رابعاً:طرق تربية الأطفال
المــــوضـــــوع
أولاً:نعمة الأولاد في الإسلام
1-الأولاد نعمة يختص الله بها من يشـاء من عباده وقد يكونوا فتنة
 قال تعالى (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ* أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) الشورى 49/50
فالأولاد اختبار وامتحان للإنسان كبقية النعم، قال تعالى: { وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ } قال ابن كثير :” أي: اختبار وامتحان منه لكم؛ إذ أعطاكموها ليعلم أتشكرونه عليها وتطيعونه فيها، أو تشتغلون بها عنه، وتعتاضون بها منه
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ}
وقال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}
2-الترغيب في الإنجاب وتكثير النسل
قال تعالى : "هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا"
فعن معقل بن يسار قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال وإنها لا تلد أفأتزوجها؟ قال: لا، ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة فقال: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم. رواه أبو داود وغيره. وقال الشيخ الألباني: حسن صحيح
3-هم زينة الحياة الدنيا
قال تعالى( الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً )الكهف46
4-الوقاية من النار
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: جاءتني امرأة معها ابنتان لها، فسألتني فلم تجد عندي إلا تمرة واحدة، فأعطيتها، فقسمتها بين ابنتيها، ثم قامت، فخرجت، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته، فقال: " من يلي من هذه البنات شيئاً، فأحسن إليهن، كن له ستراً من النار".
5-فضل الولد الصالح بعد الممات
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ " مسلم
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : "إِنَّ مِمَّا
 يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ".الترغيب والترهيب
6-مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم
فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم" مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا، جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ" وَضَمَّ أَصَابِعَهُ. مسلم
7-الأبناء أمانة ستسأل عنها إمام الله عز وجل
 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ" متفق عليه
وقال تعالى "يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون"
وعن معقل بن يسار رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من عبد يسترعيه الله عز وجل رعية يموت يوم يموت وهو غاش رعيته إلا حرم الله تعالى عليه الجنة " وفي رواية فلم يحطها بنصحه لم يرح رائحة الجنة . رواه البخاري ومسلم
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّ اللهَ سائلٌ كلَّ راعٍ عما استرعاهُ ، أحفظَ أم ضيَّعَ ؟ حتى يُسألَ الرجلُ عن أهلِ بيتِه " السلسلة الصحيحة للالبانى

ثانيا:حقـــــــوق الأولاد
أ-قـــبل الــــولادة
1-أمر الزوج باختيار الزوجة الصالحة ذات الدين
فعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ" البخاري ومسلم
وعن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تخيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء وانكحوا إليهم ".تحقيق الألباني :حسن ، الصحيحة ( 1067 )
قال احد الحكماء لبنيه "لقد أحسنتُ إليكم صغارًا وكبارًا، وقبل أن تولدوا. قالوا: وكيف أحسنت إلينا قبل أن نولد؟ قال: اخترت لكم من الأمهات من لا تُسَبُّون بها".

2-أمر الزوجة باختيار الزوج الصالح ذا الدين والخلق
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ " تحقيق الألباني :
حسن ، الإرواء ( 1668 ) ، الصحيحة ( 1022 )
3-إتباع السنة في المعاشرة الزوجية وطلب الولد الصالح
وذلك بذكر الأدعية التي تحصن المولودوهو نطفة – من الشيطان الرجيم عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ” أَمَا إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ وَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَرُزِقَا وَلَدًا لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ” (البخاري)، وهذا حقٌ وجانبٌ من جوانب التربية الروحية المبكرة للطفل قبل ولادته.
4-أجاز الرسول صلى الله عليه وسلم للحامل أن تفطر في رمضان
إذا كان الحمل يضعفها ويؤثر على صحتها ويلحق الضرر بها؛ وذلك لحرص الإسلام على سلامة الجنين وتغذيته تغذية جيدة.
ب-أثناء الحمل
1-الحفاظ على حياته
قال تعالى( يَا أَيُّهَا النَّبِي إِذَا جَاءكَ الْمُؤمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لا يُشْرِكْن بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلَدَهُنَّ ) الممتحنة12.
و قال تعالى ( وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ) الأنعام
2-الاعتناء بالزوجة والنفقة عليها
قال تعالى ( وَأُوْلاتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنّ) الطلاق 4.
ج-بعد الولادة
1-الاستبشار بالمولود
استحباب الاستبشار بالمولود عند ولادته، وذلك على نحو ما جاء في قوله تعالى عن ولادة سيدنا يحيى بن زكريا عليهما السلام: "فَنَادَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ"آل عمران: 39]، وهذه البشارة للذكر والأنثى على السواء من غير تفرقة بينهما.
2-الرضا برزق الله وترك فعل الجاهلية
قال تعالى " وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً"
وقال تعالى (لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما انه عليم قدير ) الشورى 49
وقال تعالى "وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون " النحل 58 59

3-استحباب تحنيك المولود
فعن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم . رواه مسلم
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال : وُلِدَ لي غلام فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فسماه إبراهيم ، فحنكه بتمرة ، ودعا له بالبركة . رواه البخاري ومسلم .

قال الإمام النووي : اتفق العلماء على استحباب تحنيك المولود عند ولادته بتمر ، فان تعذر فما في معناه وقريب منه من الحلو ، فَيَمْضَغ الْمُحَنِّك التمر حتى تصير مائعة بحيث تُبْتَلَع ثم يَفْتَح فَمَ المولود ويضعها فيه ليدخل شيء منها جوفه . اهـ .

4-إتمام الرضاعة
قال تعالى (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) البقرة233
5-عمل عقيقة للمولود
عن سلمان بن عامر الضبي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دما وأميطوا عنه الأذى " . رواه البخاري
عن سمرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال" كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويسمى فيه ويحلق رأسه رواه أهل السنن كلهم وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح
وعن ابن عمر قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " لا يحب الله العقوق و من ولد له ولد فأحب أن ينسك عنه فلينسك عن الغلام شاتان مكافأتان و عن الجارية شاة "
 قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 7630 في صحيح الجامع

6-التسمية بأفضل الأسماء
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أحب الأسماء إلى الله تعالى عبد الله وعبد الرحمن " رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه

وعن محمد بن عمرو بن عطاء رضي الله عنه قال "سميت ابنتي برة فقالت زينب بنت أبي سلمة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا الاسم وسميت برة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزكوا أنفسكم الله أعلم بأهل البر منكم فقالوا بم نسميها فقال سموها زينب " رواه مسلم وأبو داود

7-بعض الأسماء التي غيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم
 قال أبو داود :غير رسول الله صلى الله عليه وسلم اسم العاصي وعزيز وعتلة وشيطان والحكم وغراب وحباب وشهاب فسماه هشاما وسمى حربا سلما وسمى المضطجع المنبعث وأرضا تسمى عفرة سماها خضرة وشعب الضلالة سماه شعب الهدى وبني الزنية سماهم بني الرشدة وسمى بني مغوية بني رشدة. قال أبو داود تركت أسانيدها اختصارا
 قال الخطابي أما العاصي فإنما غيره كراهية لمعنى العصيان وإنما سمة المؤمن الطاعة والاستسلام والعزيز إنما غيره لأن العزة لله وشعار العبد الذلة والاستكانة
 وعتلة معناها الشدة والغلظ ومنه قولهم رجل عتل أي شديد غليظ  ومن صفة المؤمن اللين والسهولة ، وشيطان اشتقاقه من الشطن وهو البعد من الخير وهو اسم المارد الخبيث من الجن والإنس  والحكم هو الحاكم الذي لا يرد حكمه وهذه الصفة لا تليق إلا بالله تعالى ومن أسمائه الحكم  وغراب مأخوذ من الغرب وهو البعد ثم هو حيوان خبيث المطعم أباح رسول الله صلى الله عليه وسلم قتله في الحل والحرم  وحباب يعني بضم الحاء المهملة وتخفيف الباء الموحدة نوع من الحيات وروي أنه اسم شيطان  والشهاب الشعلة من النار والنار عقوبة الله وأما عفرة يعني بفتح العين وكسر الفاء فهي نعت الأرض التي لا تنبت شيئا  فسماها خضرة على معنى التفاؤل حتى تخضر
8-الختان
ومن حقوق الطفل أيضًا بعد الولادة الختان، وهذا الأمر ثابت في السنة وإجماع العلماء، وهو وإن كان من سنن الفطرة إلا أن العلماء قالوا بوجوبه، ومن الأحاديث التي ثبت بها الختان ما رواه أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الْفِطْرَةُ خَمْسٌ: الاِخْتِتَانُ وَالاِسْتِحْدَادُ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ وَنَتْفُ الإِبِطِ".
والحكمة من ذلك أنه تشريع إلهي شرعه الله لعباده ليكمل به فطرتهم، ولأنه بواسطته يمكن التخلُّص من الإفرازات الدهنية، كما أنه يُقَلِّل من إمكان الإصابة بالسرطان، وأيضًا يُجَنِّب الأطفال من الإصابة بسلس البول الليلي، وهو أيضًا: يجلب النظافة، والتزيين، وتحسين الخِلْقَة، وتعديل الشهوة.

9-الإحسان إليهم وعدم عقوقهم
جاء رجلٌ إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه، يشكو إليه عقوق ابنه ، فأحضر سيدنا عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه ابنه وأنَّبه على عقوقه لأبيه . فقال الابن : " يا أمير المؤمنين أليس للولد حقوقٌ على أبيه ؟ " . قال : " بلى " . فقال " فما هي يا أمير المؤمنين ؟ " . قال : " أن ينتقي أمه ، وأن يحسن اسمه ، وأن يعلِّمه الكتاب ـ القرآن ـ " . فقال الابن : " يا أمير المؤمنين إنه لم يفعل شيئاً من ذلك ، أما أمي فإنها زنجيةٌ كانت لمجوسي ، وقد سماني جُعْلاً ـ أي خنفساء ـ ولم يعلمني من الكتاب حرفاً واحداً " . فالتفت أمير المؤمنين إلى الرجل وقال له : " أجئت تشكو عقوق ابنك ، لقد عققته قبل أن يعقَّك، وأسئت إليه قبل أن يسئ إليك؟ " .
10-ملاعبة الأطفال
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، انه قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلاعِبُ زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ ، وَهُوَ يَقُولُ : " يَا زُوَيْنِبُ ، يَا زُوَيْنِبُ " مِرَارًا . صحيح الجامع
وعَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قال : " بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ , إِذْ أَقْبَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَيْهِمَا السَّلَام , عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَمْشِيَانِ وَيَعْثُرَانِ فَنَزَلَ وَحَمَلَهُمَا , فَقَالَ : " صَدَقَ اللَّهُ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ سورة التغابن آية 15 " رَأَيْتُ هَذَيْنِ يَمْشِيَانِ وَيَعْثُرَانِ فِي قَمِيصَيْهِمَا , فَلَمْ أَصْبِرْ حَتَّى نَزَلْتُ فَحَمَلْتُهُمَا " . سنن النسائي تحقيق الألباني :صحيح
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ ، أَبْصَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يُقَبِّلُ الْحَسَنَ ، فَقَالَ : إِنَّ لِي عَشْرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ وَاحِدًا مِنْهُمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّهُ مَنْ لَا يَرْحَمْ ، لَا يُرْحَمْ " مسلم
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ " جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ؟ فَمَا نُقَبِّلُهُمْ ،فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" أَوَأَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ " البخاري

11-الدعاء لهم بالصلاح والهداية
قال تعالى (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي)إبراهيم40
وقال تعالى :( رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ ٱلدُّعَاءِ) آل عمران 38
وقال تعالى : ( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) الفرقان 74
وقال تعالى: ( رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} الأحقاف 15.

12-عدم الدعاء عليهم
الأولاد فعن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى خَدَمِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لَا تُوَافِقُوا مِنْ اللَّهِ تبارك وتعالى سَاعَةَ نَيْلٍ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبَ لَكُمْ " سنن أبو داود و قال الألباني صحيح

13-العدل بين الأولاد
قال تعالى " قال الله " آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا" النساء
وعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ" انْطَلَقَ بِي أَبِي يَحْمِلُنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْهَدْ أَنِّي قَدْ نَحَلْتُ - نحلت أي أعطيت بلا مقابل- النُّعْمَانَ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِي فَقَالَ أَكُلَّ بَنِيكَ قَدْ نَحَلْتَ مِثْلَ مَا نَحَلْتَ النُّعْمَانَ قَالَ لَا قَالَ فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي فإني لا أشهد على جور ثُمَّ قَالَ أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً قَالَ بَلَى قَالَ فَلَا إِذًا " مسلم
14-زيادة الإيمان في قلبه وثباته عليه
 فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ:" يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ" الترمذي – قال الألباني صحيح
قال تعالى ( وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) لقمان 13،
قال تعالى ( يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بها اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) لقمان 16،

15-غرس الوازع الديني فيهم منذ الصغر
قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهلِيكُم نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم6
قال سفيان الثوري ، عن منصور ، عن رجل ، عن علي رضي الله عنه ، في قوله تعالى : ( قوا أنفسكم وأهليكم نارا ) يقول : أدبوهم ، علموهم؛؛ وقال قتادة : يأمرهم بطاعة الله ، وينهاهم عن معصية الله ، وأن يقوم عليهم بأمر الله ، ويأمرهم به ويساعدهم عليه ، فإذا رأيت لله معصية ، زجرتهم عنها .- تفسير ابن كثير
وقال تعالى "وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا "

16-تعويدهم على الصلاة وغيرها من العبادات
 ليكونوا  متعلقين بفرائض الله تعالى وحريصين على طهارة القلب والبدن ، وفي ذلك يقول الرّسول صلى الله عليه وآله وسلم: " مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ سِنِينَ ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ "رواه أبو داود تحقيق الألباني :حسن صحيح
قال تعالى ( يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) لقمان 17،

17-تعليمهم آداب الطعام
فعن عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ يَقُولُ: كُنْتُ غُلَامًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَا غُلَامُ: سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ" فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ". البخاري

18-تعليمهم الأخلاق الحسنة
قال تعالى (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ) لقمان 18/19
19-تعليمهم القرآن الكريم والعمل به
فعن أبي أمامة (رضي الله عنه) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: (يُؤْتَى بِالْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ تَقْدُمُهُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَآلُ عِمْرَانَ). وَضَرَبَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) ثَلاَثَةَ أَمْثَالٍ مَا نَسِيتُهُنَّ بَعْدُ، قَالَ: (كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ ظُلَّتَانِ سَوْدَاوَانِ بَيْنَهُمَا شَرْقٌ أَوْ كَأَنَّهُمَا حِزْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا) (صحيح مسلم)
وروى البخاري عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالْأُتْرُجَّةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ، وَالَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالتَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلَا رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا مُرٌّ وَلَا رِيحَ لَهَا"متفق عليه
وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم " يجيء القرآن يوم القيامة كالرجل الشاحب يقول لصاحبه : هل تعرفني ؟ أنا الذي كنت أسهر ليلك واظميء هواجرك وإن كل تاجر من وراء تجارته وأنا لك اليوم من وراء كل تاجر فيعطى الملك بيمينه والخلد بشماله ويوضع على رأسه تاج الوقار ويكسى والداه حلتين لا تقوم لهم الدنيا وما فيها فيقولان : يا رب أنى لنا هذا ؟ فيقال : بتعليم ولدكما القرآن . وإن صاحب القرآن يقال له يوم القيامة : اقرا وارق في الدرجات ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلك عند آخر آية معك" السلسلة الصحيحة
ثالثاً:صفات المربي
1-الحلم والأناة والبُعد عن الغضب
ولنا في النبي صلى الله عليه وسلم أسوة وقدوة، ولقد خدم سيدنا أنس بن مالك النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لشيء فعله لِمَ فعلته، ولا لشيء تركه لِمَ تركته، وكان النبي صلى الله عليه وسلم حليمًا في تعليم الأطفال، وروى عمرو بن سلمة قال: "كُنْتُ غُلاَمًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَيَا غُلاَمُ، سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ. فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ".
ولا بُدَّ للقائم على عمليَّة التربية البعد عن الغضب لما له من آثار سلبيَّة على نفسيَّة الطفل، وهذه من وصيَّة النبي صلى الله عليه وسلم عندما سأله رجل أن يوصه، فقال له: "لا تَغْضَبْ"وكرَّر عليه ذلك مرارًا.
2-الرفق واللين
وهاتان الصفتان أساسيَّتان في عملية التربية؛ فالطفل الصغير يحتاج إلى الرفق أكثر من الشدَّة، فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله تعالى رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه " . رواه مسلم . وفي رواية له : قال لعائشة : " عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه "مسلم.
3-الرحمة
وهي من أهمِّ الأسس التي تقوم عليها عملية التربية، فالرحمة من أسس النشأة القويمة والنموِّ النفسي والاجتماعي لدى الأطفال، وبافتقادهم لهذه الصفة تحدث فجوة كبيرة بين الأطفال والمجتمع الذي فيه يعيشون، ولن يكون لهم طريق إلا الانحراف والعنف، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قدوةً في ذلك فكان رحيمًا بالأطفال، وانتقد النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الذي قال له إن لي عشرة من الأبناء ما قبَّلْتُ واحدًا منهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "وَمَا أملك وَقَدْ نَزَعَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِنْ قَلْبِكَ.
4- الاعتدال والوسطية
من صفات المربِّي الناجح الاعتدال والوسطية، فالغلوُّ والتشديد ليس له مكان في ديننا، وغالبًا ما ينفر الأولاد من طابع المربِّي الذي يجنح إلى الشدَّة والغلظة.
5- القصد في الكلام
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم - وهو الذي لا يَمَلُّ من كلامه أحد - يتخوَّل أصحابه بالموعظة مخافة الملل، وليس المقصود من عملية التربية الكلام إنما الهدف هو الفعل.
6-القدوة الحسنة
والقدوة الحسنة لها دور كبير في تنشئة الأولاد، فغالبًا ما يجنح الأولاد إلى التقليد، فالقدوة هنا لها دور كبير في عملية التنشئة، وقد امتدح الله عز وجل الأبوين الصالحَيْنِ وحَفَظَ المال لأبنائهما بصلاحهما فقال تعالى: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ}[الكهف: 82

رابعاً:طرق تربية الأطفال
1- التربية بالملاحظة
وهي ملاحقة الولد وملازمته في التكوين العقدي والأخلاقي، ويدخل فيه التكوين النفسي والاجتماعي، وهذه التربية جسَّدها النبي صلى الله عليه وسلم في ملاحظته لأفراد المجتمع، ويعقبها الترشيد والتوجيه.
ويجب الحذر من أن تتحوَّل الملاحظة إلى تجسُّس، فمن الخطأ أن نفتِّش غرفة الولد المميَّز ونحاسبه على هفوة نجدها؛ لأنه لن يثق بعد ذلك بالمربِّي، وسيشعر أنه شخص غير موثوق به، وقد يلجأ إلى إخفاء كثير من الأشياء عند أصدقائه أو معارفه، ولم يكن هذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تربيته لأبنائه وأصحابه.
كما ينبغي الحذر من التضييق على الولد ومرافقته في كل مكان وزمان؛ لأن الطفل - وبخاصَّة المميَّز والمراهق - يحبُّ أن تثق به وتعتمد عليه، ويحب أن يكون رقيبًا على نفسه، ومسئولاً عن تصرُّفاته، بعيدًا عن رقابة المربِّي، فَتُتَاحُ له تلك الفرصة باعتدال.
وعند التربية بالملاحظة يجد المربِّي الأخطاء والتقصير، وعندها لا بُدَّ من المداراة التي تحقِّق المطلوب دون إثارة أو إساءة إلى الطفل؛ والمداراة هي الرفق في التعليم وفي الأمر والنهي، بل إن التجاهل أحيانًا يُعَدُّ الأسلوب الأمثل في مواجهة تصرُّفات الطفل التي يستفزُّ بها المربي، وبخاصَّة عندما يكون عمر الطفل بين السنة والنصف والسنة الثالثة، حيث يميل الطفل إلى جذب الانتباه واستفزاز الوالدَيْنِ والإخوة، فلا بُدَّ عندها من التجاهل؛ لأن إثارة الضجة قد تؤدِّي إلى تشبُّثه بذلك الخطأ، كما أنه لا بُدَّ من التسامح أحيانًا؛ لأن المحاسبة الشديدة لها أضرارها التربويَّة والنفسيَّة.
2-التربية بالإشارة
والتربية بالإشارة تُستخدَم في بعض المواقف كأنْ يُخطئ الطفل في وجود ضيوف أو في محفل فتكفيه إشارة باليد، أو نظرة غضب؛ وذلك لأن إيقاع العقوبة قد يجعل الطفل معاندًا؛ لأن الناس ينظرون إليه، وتُستخدم الإشارة خاصَّة مع الأطفال ذوي الحسِّ المرهف.
ويدخل ضمنه التعريض بالكلام، فيقال: إن طفلاً صنع كذا وكذا، وعمله عمل ذميم، ولو كرَّر ذلك لعاقبته، وهذا الأسلوب يحفظ كرامة الطفل ويؤدِّب بقيَّة أهل البيت ممن يفعل الفعل نفسه دون علم المربِّي.
3-التربية بالموعظة وهدي السلف
وتعتمد الموعظة على جانبين؛ الأول: بيان الحقِّ وتعرية المنكر. والثاني: إثارة الوجدان، فيتأثر الطفل بتصحيح الخطأ وبيان الحق وتقلُّ أخطاؤه، وأما إثارة الوجدان فتعمل عملها لأن النفس فيها استعداد للتأثُّر بما يُلقى إليها، والموعظة تدفع الطفل إلى العمل المرغب فيه.
ومن أنواع الموعظة:
أ- الموعظة بالقصة، وكلما كان القاصُّ ذا أسلوب متميِّز جذاب استطاع شد انتباه الطفل والتأثير فيه، وهو أكثر الأساليب نجاحًا.
ب- الموعظة بالحوار، وهي تشدُّ الانتباه وتدفع الملل إذا كان العرض حيويًّا، وتُتِيح للمربِّي أن يَعرف الشبهات التي تقع في نفس الطفل فيعالجها بالحكمة.
ج- الموعظة بضرب المثل الذي يُقَرِّب المعنى ويُعين على الفَهم.
د- الموعظة بالحَدَثِ، فكلما حدث شيء معيَّن وجب على المربِّي أن يستغلَّه تربويًّا، كالتعليق على مشاهد الدمار الناتج عن الحروب والمجاعات ليُذَكِّر الطفل بنعم الله، فيؤثِّر هذا في النفس؛ لأنه في لحظة انفعال ورِقَّة فيكون لهذا التوجيه أثره البعيد.
وللمربِّي في ذلك مخاطبة الطفل على قدر عقله، والتلطُّف في مخاطبته ليكون أدعى للقَبول والرسوخ في نفسه، كما أنه يُحسن اختيار الوقت المناسب فيراعي حالة الطفل النفسيَّة ووقت انشراح صدره وانفراده عن الناس، وله أن يستغل وقت مرض الطفل؛ لأنه في تلك الحال يجمع بين رقَّة القلب وصفاء الفطرة، وأما وعظه وقت لعبه أو أمام الأباعد فلا يُحقِّق الفائدة.
ويجب أن يَحْذَر المربي من كثرة الوعظ، فيتخوَّله بالموعظة، ويراعي الطفل حتى لا يملَّ، ولأن تأثير الموعظة مؤقَّت فيحسن تَكرارها مع تباعد الأوقات.
4-التربية بالعادة
لَفَتَ النبي صلى الله عليه وسلم نظر الآباء إلى هذا النوع من التربية في حديثه صلى الله عليه وسلم الذي رواه عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه: "مُروا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلاَةِ لِسَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرِ سِنِينَ" تحقيق الألباني :حسن صحيح
 فالثلاث سنوات كافية ليتعوَّد فيها الإنسان على الصلاة، وكذلك جميع العبادات الأخلاق، فتصبح عادة راسخة في النفس.
هذا ولكي نعوِّد الطفل على العبادات والعادات الحسنة يجب أن نبذل الجهود المختلفة ليتمَّ تَكرار الأعمال والمواظبة عليها بالترغيب والترهيب والقدوة والمتابعة وغيرها من الوسائل التربويَّة.
وترجع أهميَّة التربية بالعادة إلى أن حُسن الخلق بمعناه الواسع يتحقَّق من وجهين: الأول: الطبع والفطرة، والثاني: التعوُّد والمجاهدة، ولما كان الإنسان مجبولاً على الدين والخُلُق الفاضل كان تعويده عليه يرسِّخه ويَزيده، ولكي نعوِّد الطفل على العبادات والعادات الحسنة يجب أن نبذل الجهود المختلفة ليتم تكرار الأعمال والمواظبة عليها بالترغيب والترهيب والقدوة والمتابعة وغيرها من الوسائل التربويَّة.
5-التربية بالترغيب والترهيب
والترهيب والترغيب من العوامل الأساسيَّة لتنمية السلوك وتهذيب الأخلاق وتعزيز القيم الاجتماعيَّة، ويمثِّل الترغيب دورًا مهمًّا وضروريًّا في المرحلة الأولى من حياة الطفل؛ لأن الأعمال التي يقوم بها لأوَّل مرَّة شاقَّة تحتاج إلى حافز يدفعه إلى القيام بها حتى تصبح سهلة، كما أن الترغيب يُعَلِّمه عادات وسلوكيَّات تستمرُّ معه ويصعب عليه تركها.
والترغيب نوعان: معنوي ومادي، ولكلٍّ درجاته فابتسامة الرضا والقبول، والتقبيل والضم،والثناء، وكافَّة الأعمال التي تُبهج الطفل هي ترغيبٌ في العمل. ويرى بعض التربويِّين أن تقديم الإثابة المعنويَّة على الماديَّة أولى؛ حتى نرتقي بالطفل عن حُبِّ المادة، وبعضهم يرى أن تكون الإثابة من جنس العمل، فإن كان العمل ماديًّا نكافئه ماديًّا، والعكس.

وصلى اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
إعداد : الشيخ احمد أبو عيد
فيس بوك










التعليقات
1 التعليقات

هناك تعليق واحد: