الوقاية خير من العلاج للشيخ أحمد أبو عيد
الحمد لله رب العالمين
وأشهد أن لا إلاه إلا الله ولى الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمدا إمام النبيين
وبعد
العناصر
أولًا: نعمة الصحة والعافية
ثانيًا: وسائل متعددة للوقاية من الأمراض
الموضوع
أولًا: نعمة الصحة والعافية
لا يصاب
الإنسان بشيء إلا بإذن الله: يقول الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا
فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ
(22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ
لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23) } [سورة الأحزاب]
لا عاصم من أمر الله: قال تعالى: { قُلْ مَن ذَا الَّذِي
يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ
رَحْمَةً } [الأحزاب:17]
سؤال الله العافية: عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ،
عَلِّمْنِي شَيْئًا أَسْأَلُ اللَّهَ بِهِ، فَقَالَ: «يَا عَبَّاسُ، سَلِ اللَّهَ الْعَافِيَةَ»
، ثُمَّ مَكَثْتُ ثَلَاثًا، ثُمَّ جِئْتُ فَقُلْتُ: عَلِّمْنِي شَيْئًا أَسْأَلُ اللَّهَ
بِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: «يَا عَبَّاسُ، يَا عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ، سَلِ
اللَّهَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» ([1])
الصحة نعمة عظيمة: عن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه
وسلم -: «نِعْمَتَانِ مَغبونٌ فيهما كَثيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ، وَالفَرَاغُ»
([2])
، ومعنى الغبن أنهم حرموا استغلال الصحة فيما ينفعهم والفراغ فيما
ينفعهم، فمن لم يعمل
في فراغه وصحته فهو مغبون. قال الله تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ
الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} [التغابن (9) ]
وأخبر
صلى الله عليه وسلم: أنه من أصبح متمتعاً بجسده مع أمنه وتوكل معيشته فقد نال
خيراً كثيراً فقال: "مَنْ أَصْبَحَ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي
جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ وليلته فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا
بحذافيرها" ([3])
ودخل ابن السماك على هارون الرشيد يوما؛ فاستسقى
الخليفة فأُتى بكأس به ماء؛ فلما أخذها قال ابن السماك: على رسلك يا أمير
المؤمنين! لو منعت هذه الشربة بكم كنت تشتريها؟! قال: بنصف ملكي. قال: اشرب هنأك
الله تعالى يا أمير المؤمنين. فلما شربها قال: أسألك بالله لو منعت خروجها من بدنك
بماذا كنت تشترى خروجها؟! قال: بجميع ملكي. قال ابن السماك: لا خير في ملك لا
يساوي شربة ماء. فبكى هارون الرشيد
…
ملك يمتد من الصين شرقاً إلى المحيط الأطلسي
غرباً لا يساوي شربة ماء؛ فكم من نِعَمٍ لا نؤدي شكرها!!!
وجوب استغلال هذه الصحة قبل زوالها: فقال صلى الله عليه وسلم:
"اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ
قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ،
وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ" ([4])
ما أنزل الله من داء إلا وجعل له دواء: عَنْ
أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُول الله أفنتداوى؟ قَالَ: «نعم يَا
عبد اللَّهِ تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ شِفَاءً
غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرم» ([5])
وعَنْ جَابِرٍ؛ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: { لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ؛ فَإِذَا
أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ }
. ([6])
ثانيًا: وسائل
متعددة للوقاية من الأمراض
وقاية الأطعمة
والأشربة من الوباء: عن جابر بن عبد الله، قال: سمعت رسول الله ﷺ
يقول: { غطوا الْإِنَاء،
وأوكوا السقاء، فَإِن فِي السّنة لَيْلَة ينزل فِيهَا وباءٌ، لَا يمر بِإِنَاء لَيْسَ
عَلَيْهِ غطاء، أَو سقاء لَيْسَ عَلَيْهِ وعَاء إِلَّا نزل فِيهِ من ذَلِك الوباء}
([7])
وقاية المعدة
بالاعتدال في الطعام والشراب: المقداد بن معد يكرب عن النبي - صلى الله عليه
وسلم - أنه قال: (ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن
صلبه، فإن كان لابد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه) ([8])
الوقاية من أصحاب المرض المُعدي: عن أبي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لاَ يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ» ([9])
(يوردن) يحضرن ويأتين
بإبله. (ممرض) من له إبل مرضى. (مصح) من كانت إبله صحيحة.
وقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم «فِرَّ من المجذوم فرارك من الأسد» ([10])
قال القرطبي:
إنما نهى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن إيراد الممرض على
المصح، مخافةَ الوقوع، فيما وقع فيه أهل الجاهلية من اعتقاد العدوى، أو مخافة
تشويش النفوس، وتأثير الأوهام، وإنْ كنا نعتقد أنَّ الجذام لا يُعْدي، لكنا نجد في
أنفسنا نفرة وكراهية لمخالطته.
وقد رجع عمر بن الخطاب – رضى الله عنه – ولم يدخل
بلاد الشام حينما أراد فتح بيت المقدس فرارًا من الطاعون وتطبيقًا للتعاليم
النبوية ؛ فقيل له: أتفر من قدر الله يا عمر ؟! فقال: نفر من قدر الله إلى قدر
الله
!!
الوقاية من فيروس كورونا باتباع الإرشادات
الطبية الآتية:
اغسِل يديك باستمرار. واستخدِم الماء والصابون أو
محلولاً كحولياً لتعقيم اليدين.
ابتعِد مسافةً آمنة عن أي شخص يسعل أو يعطس.
ضَع كمامة فالكمامات تساعد في منع انتقال الفيروس من الشخص الذي يرتدي الكمامة إلى
الآخرين.
لا تلمس عينيك أو أنفك أو فمك.
احرص على تغطية أنفك وفمك بكوعك أو بمنديل ورقي
عند السعال أو العطس.
ابقَ في المنزل إذا شعرت بالمرض.
اطلب الرعاية الطبية إذا كنت مصاباً بالحمى
والسعال وصعوبة التنفس.
يجب الاتصال بمقدم الرعاية الصحية قبل التوجه
إليه ليتمكن من توجيهك بسرعة إلى مرفق الرعاية المناسب. ويساهم ذلك في حمايتك
وتجنّب انتشار الفيروسات وغيرها من الأمراض.
الكمامات
يمكن أن تساعد الكمامات في منع انتقال الفيروس من
الشخص الذي يرتدي الكمامة إلى الآخرين. مع ذلك، فإنّ الكمامات لا تحمي بمفردها من
الإصابة بكوفيد-19، إنما يجب أيضاً الالتزام بالتباعد الجسدي ونظافة اليدين.
اتّبِع الإرشادات التي تقدمها السلطات الصحية المحلية.
الوقاية من الأذى: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
{كَانَ إِذَا عَطَسَ غَطَّى وَجْهَهُ بِيَدِهِ أَوْ ثَوْبِهِ وَغَضَّ بِهَا صَوْتَهُ} ([11]) ، وقد ثبت علميا أن عدد غير محدود من
الفيروسات والبكتريا تخرج من الفم أثناء العطس، ولذلك فنحمد الله على خروجها من
الجسم.
وقال تعالي: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ
قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ
حَتَّى يَطْهُرْنَ} (البقرة/ 222). فدمَ الحيض أذًى ضارٌّ ولا يجوز
الجماع وقت الحيض حفاظاً على الصحة.
وقاية المكان
من الأقذار: عن أَبي هريرة
- رضي الله عنه - أنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اتَّقُوا اللاعِنَيْنِ» قالوا: وَمَا اللاعِنَانِ؟ قَالَ:
«الَّذِي يَتَخَلَّى في طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ في ظِلِّهِمْ»([12])
وقاية الجسم من الأذى والأوساخ: عن أنس بن مالك قال: (وَقَّتَ
لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمِ الأظفار ونتف الابط وحلق العانة ألا
يُتْرَكُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) فَمَعْنَاهُ لَا يُتْرَكُ تَرْكًا
يَتَجَاوَزُ بِهِ أَرْبَعِينَ لَا أَنَّهُمْ وَقَّتَ لَهُمُ التَّرْكَ أَرْبَعِينَ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ
فترك الأظافر مجلبة للمرض حيث تتجمع تحتها ملايين
الخلايا الجرثومية التي تؤدي دوراً مهماً في نقل الأمراض
وكذلك نظافة الفم والأسنان؛ والشعر والبدن ؛ والثوب
والطعام والشراب؛ والمسكن والطريق والمرافق العامة.
الوقاية من الأوهام بإزالتها عن النفس:
يجب عليكم أن تتخلصوا من الأوهام التي تؤدي بكم إلى الهلكة؛ فكم من
أناس أوهموا أنفسهم بالوباء بمجرد صداع الرأس أو حمى خفيفة؛ فيمرض بسبب الوهم ؛
وقد أجرى أحدهم حوارًا في قصة مع الوباء ليصور لنا الواقع فقال: أن الوباء -أي
المرض أو الطاعون- مر برجل! فقال له الرجل: إلى أين أنت ذاهب؟ قال: ذاهب إلى قرية
كذا وكذا، لأهلك خمسة آلاف رجل قد أمرت بإهلاكهم، وفعلاً انتشر الطاعون في تلك
القرية، ولكن مات خمسون ألفاً بدلاً من خمسة آلاف، ثم رجع الوباء فمر بالرجل، فقال
له: من أين أتيت؟ قال: من قرية كذا وكذا، قال: إنك كذبتني! أخبرتني أنك سوف تقتل
خمسة آلاف، والواقع أنك قتلت خمسين ألفاً، فقال له الوباء: كلا! أنا قتلت خمسة
آلاف، أما الباقون فقد قتلهم الوهم، أي: من شدة الخوف من هذا المرض، توهموا أنهم
أصيبوا بجرثومته، فما زالت بهم الأوهام حتى أودت بهم إلى مراقدهم وإلى قبورهم.
فلذا لابد أن نأخذ بالأسباب وندع الوهم ونسلم
أمرنا لله بيقين أنه سبحانه الشافي والمعافي من كل وباء.
الوقاية من الحسد والعين والسحر بالأذكار:
ورد في السنة النبوية أدعية التحصين من الحسد والعين والسحر ومنها:
«أعوذُ بكلماتِ اللهِ التامَّةِ، مِن كُلِّ شيطانٍ وهامَّةٍ، ومِن كُلِّ عَيْنٍ
لامَّةٍ ومن همزات الشياطين وأن يحضرون» ([13])
وعَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ،
قَالَ: { أَمَا لَوْ قُلْتَ، حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ
مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ تَضُرَّكَ} ([14])
وعَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ
قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ
قَالَ صَبَاحَ كُلِّ يَوْمٍ، وَمَسَاءَ كُلِّ لَيْلَةٍ، ثَلَاثًا ثَلَاثًا: بِسْمِ
اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ
وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ " وَكَانَ أَصَابَهُ طَرَفٌ
مِنَ الْفَالِجِ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَفَطِنَ لَهُ فَقَالَ: إِنَّ الْحَدِيثَ
كَمَا حَدَّثْتُكَ، وَلَكِنِّي لَمْ أَقُلْهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ، لِيَمْضِيَ قَدَرُ
اللَّهِ. ([15])
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
جمع وترتيب: الشيخ أحمد أبو عيد
0109 809 58 54
نسألكم الدعاء
[1])) صحيح
الترمذي
[2]))
صحيح البخاري
[3]))
صحيح البخاري
[4]))
صحيح الجامع
[5]))
صحيح سنن أبي داوود
[6]))
صحيح مسلم
[7]))
متفق عليه
[8]))
سنن الترمذي (صحيح)
[9]))
صحيح مسلم
[10]))
صحيح البخاري
[11]))
سنن الترمذي (صحيح)
[12]))
صحيح مسلم
[13]))
صحيح البخاري
[14]))
صحيح مسلم
[15]))
صحيح سنن أبي داوود