إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا للشيخ أبو سيف الأزهري





الحمد لله رب العالمين
الحمد لله الذي قسم الميراث بنفسه في كتابه المبين .. وأمر بإلحاقها بأهلها عن طريق رسوله الأمين ..
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هو أعدل من قسم… أنزل الشريعة هدى للناس ورحمة وجعلها طريقاً واضحاً لسعادة الدارين في الدنيا والآخرة ..
وأشهد أن سيدنا ونبينا محمد عبد الله ورسوله القائل :” إن الرجل ليعمل أو المرأة بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضاران بالوصية فيجب لهما النار . ” ثم قرأ أبو هريرة “مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ”(أبوداود)
اللهم صلاة وسلاماً عليك يا سيدي يا رسول الله وعلى آلك وصحبك الطيبين الطاهرين وسلم تسليماً كثيراً .
وبعد:...
يقول الله تعالى: { لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً }
#عبادالله:
لعلكم تلاحظون معى هذا الموكب المهيب الذى لا قيمة له مقارنة بثمنه
موكب الحاج فلان الذى جمع ثمنه من سحت وظلم وحرام ليحج البيت الحرام
لعله ظن انه طالما ان البيت اسمه الحرام فلا بد من زيارته بمال حرام
أيها الحاج فلان توقف قليلا وتذكر انك تتمرغ فى نعمة ليست لك
تذكر يوما جمعت فيه الاموال من سحت وظلم
تذكر يوم لوثتها ببخس حق وهضم
تذكر يوم حرمت بنتك واختك من ميراثها
تذكر واعلم انك .. إذَا حَجَجْت بِمَالٍ أَصْلُهُ سُحْتٌ .. فَمَا حَجَجْت وَلَكِنْ حَجَّتْ الْعِيرُ
#ايهاالاخوة:
اعلموا جيدا انه في زمن شاعت فيه أخلاق اللئام، ونامت فيه أخلاق الكرام، حيث لا ناصحَ ينصحُ؛ ولا زاجرَ يزجر، فلا أبٌ صالحٌ، ولا ابنٌ فالحٌ. .
الأبُ يُقْسِمُ قسمةً ضيزى،
والابن يأكلُ ما ليس له،
ثم هو يقول: قد باء والدي بالذنب! وليت شعري!
ليته يعلمُ أن الإثم قد تحّملاه معًا، كالزانيةِ والزاني،
ويموت الأبُ الذي لم يعدلْ؛ فلا الابنَ يشكرُ، ولا البنتَ تغفر. .
الابن فوق الأرض حيًا يتمرغ في نعمةٍ ليست له،
والأب تحت الأرض ميتًا يُحاسَب عليه،
والبنت المظلومة بين هذا وذاك، تقول: اللهم العن هذا والعن ذاك،
فلعنة الله على الظالمين، أَجمعين، أَكتعين، أَبصعين، أَبتعين، ولوكانوا آباءنا الأولين.
#حقا
إن الإسلام دين الحق والعدالة، ودين لا يقبل الظلم، ووضع أشد العقوبة للظالمين؛ فالظلم ظلمات يوم القيامة، وربنا عز وجل أعطى لكل صاحب حق حقَّه، وجعل حدودًا لا يتعداها إلا من ظلم نفسه، ﴿ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ﴾
وإننا اليوم نتحدث عن حدٍّ من حدود الله تعالى، ألا هو حد الميراث.
#نعم
لقد حدد الله تعالى ميراث النساء في كتابه الكريم وتولى القسمة سبحانه بنفسه مما لا يجعل لأحد عذراً بعدم العدل فالله تعالى هو أعدل العادلين وأحكم الحاكمين
فجعل للأم السدس إن كان لابنها الميت أولاد، والثلث إن لم يكن له أولاد فقال سبحانه: ﴿ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا
وجعل للبنت النصف إن كانت لوحدها، ونصف حظ الولد أو الاشتراك في الثلث إن كن ّ اثنتين فأكثر إن كان للميت أبناء ذكور فقال سبحانه: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ﴾
كما حدد الله سبحانه وتعالى نصيب الأخوات والزوجات، وحدد نصيب الجدة والأخوات لأم وبنات الأخ وغيرهن من النساء الوارثات بأنصبة محددة لا تزيد ولا تنقص، وهو ملك لهن لا ينازعهن فيه أحد،
لكن وللأسف الشديد هناك من يأكل ميراث النساء ولا يعطيهن حقوقهن،
🔴═◄إنه أكلِ حقوق البناتِ في الميراث،
وكأن آكلي حقوقَ البنات أبوا أن يَخرجوا من عصر أبي جهل وأبي لهب، حيث كان الجاهليون وعبدةُ الأوثانِ يأكلون حقوق البنات، أو أن هؤلاء الفاسقون العصريون أبوا على الإسلامِ أن يُعطيَ المرأةَ حقها في الميراثِ، أو كأنهم آمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعضه، فهم يصلّون ويؤمنون بقول الله تعالى في سورة النساء
{إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً}النساء103،
ولسان حالهم وفعالهم ، أنهم لا يؤمنون بقول الله تعالى في نفس السورة:
{لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ}
═◄ونقولُ لهؤلاء الذين فرقوا دينهم، وطبقوا آية وعطلوا أخرى، وصلوا ثم ظلموا، وزكوا ثم بخلوا، وصاموا ثم تركوا، وحجوا ثم ختموا حياتَهم بحجة إلى الشيطان ـ إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: " اللهم إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ: الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ "
[أخرجه أحمد وأورده الألباني في السلسلة الصحيحة].
أَي: أُضيقه وأُحرمه على مَن ظلمهما.بغي وخُبثٌ وإثم:
وينادى المولى تبارك وتعالى على آكلي حقوق الضعيفين (اليتيم والمرأة):
{وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ، وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ، وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً}
◄فمن احتالَ على إسقاط الفرائِض والمقادير، وتغيير الأنصِباء والسِّهام، وأجحفَ في تقسيمِه، وحافَ في توزيعِه، وقطعَ وارِثًا من ميراثِه، وحبسَ مالَ التَّرِكة، أخفَى أصولَها وأعيانَها، وغيَّبَ إثباتَها وإسنادَها، واستأثرَ بالتصرُّف فيها، وماطلَ في قسمتِها، ورام استِغلالها، وألجأَ الوارِثَ إلى التنازُل عن سَهمه، والرِضا بجُزءٍ من قَسمه؛ فقد تعدَّى حُكمَ الله وفريضتَه وقسمتَه وحُدودَه.
#فـــيـــا هذا...
إذا نصحك الناصحُ وقال لك اعطِ أختَك حقَها: قلتَ ـ وقولك الزور ـ: (إن البنات لا يرثن أرضًا)، ألا فتعلمْ أن البنتَ ترثُ مما ورثتَ أنت، و{لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ}
═◄وإذا قيل لك لماذا منعتَها حقَها، وقلتَ ـ وقولك الباطل ـ: " لماذا أُعطيها وهي في عنقٍ رجلٍ غني "، ألا فلتعلمَ أنها ترثُ من أبيها ولو كانت متزوجةً من وزيرٍ يَحْثُو الْمَالَ حَثْيًا لا يَعُدُّهُ عَدَدًا!
═◄وإذا زجرك الزاجرُ، وقال: لا تتحايلْ على حقِ أختك، قلتَ ـ وقولك الفسل ـ: " لا أعطيها شيئًا، حتى لا يذهبَ المالُ إلى الغريب، فهي متزوجة من فلان ابن فلان الغريبِ البعيد"! قلنا: وهل المالُ مالك ؟ وهل زوجُ أختك غريبٌ ؟ وهل ذنبُ أختِك أنها أختُك، أم أن ذنبَها أنها متزوجةٌ زواجًا شرعيًا من فلان ؟ أم هي لن تطالَ منك شيئًا سواء كانتَ أم لم تكن؟
بل هو الطمع، الذي أعمى القلوب، والجشع الذي لن يُشبعَ البطونِ، وحالك معهن حالُ البخيلِ الشحيح، الذي إذا سَأل أَلْحَف وإذا سُئِل سَوَّف، إذا سُئِل أَرَز وإذا دُعى انتهز، انتبه! استفق! لا يدخلُ الطمعُ مدخلاً إلا أعقبه الدمار، ولا يدخل الشرهُ مدخلاً إلا أعقبه البوار.
═◄ألم أقل لكم إن عهد الجاهلية قد تشبهنا به اليوم فلقد بلغ بنا الأسى ووصل بنا الظلم إلى أن الذي نال حظه من التعليم أو حصل على قدر ولو يسير يحجب حجب حرمان أو نقصان من ميراثه : نقول : بالله عليكم ما ذنب هذا المتعلم ؟ إن العلم رزق ساقه الله إليه فهو رزق الله يسوقه لمن يشاء ويمنعه ممن يشاء ” من يرد الله به خيراً يفقه في الدين وإنما أنا قاسم والله عز وجل معطي ” (البخاري).
فما هو الذنب الذي اقترفه هذا الذي تعلم ؟ هل لأنه تعلم يحرم من ميراثه ؟ الذي يحجب من الميراث إنما هو المرتد وقاتل أبيه لأنه تعجل الشيء قبل أوانه فيعاقب بحرمانه .
🔴═◄ألا فلتعلمَ أن ما أكلتَ من حق أخيك أوأختك؛ من مال وعقار؛ ستُطوقه يومَ القيامة بإذن الله، لو ظلمتها جنيهًا سيأتي عليك نارًا، ولو ظلمتها شبرًا من أرضِ فسيأتي حول عنقك يومَ القيامة نارًا من سبع أرضين، قال الصادق المصدوق ُالذي لا ينطق عن الهوى: " مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنْ الأرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ" [أخرجه البخاري، في كتاب المظالم].
═◄وهذا الحديثُ له قصةٌ عجيبة في صحيح مسلم؛ وذلك أَنَّ أَرْوَى بِنْتَ أُوَيْسٍ ادَّعَتْ عَلَى سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ ـ رضي الله عنه ـ أَنَّهُ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ أَرْضِهَا فَخَاصَمَتْهُ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، فَقَالَ سَعِيدٌ ـ وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة ـ: أَنَا كُنْتُ آخُذُ مِنْ أَرْضِهَا شَيْئًا بَعْدَ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ؟ قَالَ: وَمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ: "مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنْ الأرْضِ ظُلْمًا طُوِّقَهُ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ".
فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: لا أَسْأَلُكَ بَيِّنَةً بَعْدَ هَذَا! فَقَالَ سَعِيدُ بْن زَيْدٍ ـ رضي الله عنه ـ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً؛ فَعَمِّ بَصَرَهَا، وَاقْتُلْهَا فِي أَرْضِهَا!
═◄قال بعض الرواة: فَمَا مَاتَتْ حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهَا، ثُمَّ بَيْنَا هِيَ تَمْشِي فِي أَرْضِهَا إِذْ وَقَعَتْ فِي حُفْرَةٍ فَمَاتَتْ [أخرجه مسلم 3022، في كتاب المساقاة]
وقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " َخَمْسٌ لَيْسَ لَهُنَّ كَفَّارَةٌ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَتْلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ، أَوْ نَهْبُ مُؤْمِنٍ، أَوْ الْفِرَارُ يَوْمَ الزَّحْفِ، أَوْ يَمِينٌ صَابِرَةٌ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالاً بِغَيْرِ حَقٍّ" [أخرجه أحمد، وحسنه الألباني في صحيح الجامع].
═◄وأحسب ـ والله ـ أن جريمة أكلِ حقوقِ البنات ـ في الميراث ونحوه ـ من " نَهْب المُؤْمِن"، بل هي من السبع المهلكات ـ ولا سيما في حال اليتيمات ـ
قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ!!! " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُنَّ ؟ قَالَ: " الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ، إِلا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلاتِ [أخرجه البخاري]
#ايهاالاخوة:
إن الناظر إلى آكل الميراث، فإنه يجده واقعًا في مخالفات وليس مخالفة واحدة.
نذكر من هذه المخالفات أربعًا:
أولًا:
التمرد على أحكام رب العالمين، ومخالفة أمر من أوامره عز وجل، تقع به الفتنة ويقع به العذاب، كما أخبر ربنا عز وجل: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63]، انتظر الفتنة وانتظر العذاب يا من لم ترض بقضاء الله وحُكمه في الميراث.
كم قرأنا هذه الآية في كتاب الله، وكم سمعناها! ولكن هل وعيناها؟ وهل تنبهنا إلى ما فيها من تحذير ووعيد؟ نعم، إنه تحذير شديد اللهجة، مصدره ليس أحدًا من البشر ولا حتى نبيًّا من الأنبياء، بل هو صادر عن الواحد الأحد رب العالمين تبارك وتعالى، ومِن ماذا يحذرنا؟ إنه يحذرنا من مخالفة أمر الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
إنَّ الميراث أمر وحكم من الله يجب قبوله والانقياد له بالتسليم والعمل؛ لأن الإيمان قول وعمل،
ثانيًا:
أكل الميراث أكل لأموال الناس بالباطل، وقد نهانا الشرع وحرَّم علينا هذا؛ حيث قال تعالى: ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾ ، وأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ مَن أكل الحرام حرم به من الجنة، فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لَنْ يَدْخُلَ الجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ))؛ أي: من حرام؛ أخرجه الترمذي وغيره،
ثالثًا:
أكل الميراث ظلمٌ؛ لأنَّ الظلم معناه وضع الشيء في غير موضعه، ويطلق على مجاوزة الحد، والتصرف في حقِّ الغير بغير وجه حقٍّ، وهذا كله متوفر فيمَن جحد الميراث ولم يعطه لأصحابه أو أنكره، فهو ظلم لا مغالطةَ فيه، والظلم محرَّم، وربنا توعد الظالم في كتابه بالعاقبة الوخيمة، حيث قال الله تعالى: ﴿ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ﴾ [القصص: 40]، وتوعدهم بالعذاب غير المقطوع الدائم المقيم وقال: ﴿ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ ﴾ [الشورى: 45]، قال ابن كثير: "أي: دائم سرمدي أبدي، لا خروج لهم منها، ولا محيد لهم عنها؛ لأنكم بأكلكم للحرام اكتسبتم هذا العذاب ﴿ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ﴾
رابعًا:
أكل أموال الميراث سبب لقطيعة الرحم:
لا شك في أن انتقاص الحقوق وأخذها بعدما بينها المشرع عز وجل - يسبب كرهًا وشحناء في الصدور وقطيعةً في الغالب؛ لأن كل صاحب حق أولى بحقه، وخاصةً إذا كانت الأخت أو البنت في حاجة لحقِّها، وقد جعله الشرع لها: ﴿ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا ﴾ [النساء: 7]؛ فهو مفروض لها من الله، ومنعُها منه يسبب العداوة والقطيعة، وقاطع الرحم مقطوع من الله عز وجل، ومُفسِدٌ في الأرض، ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾ ، قيل في تفسير هذه الآيات: "وهذا التعبير ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ ﴾ يفيد ما هو متوقع من حال المخاطبين، ويلوح لهم بالنذير والتحذير، احذروا؛ فإنكم منتهون إلى أن تعودوا إلى الجاهلية التي كنتم فيها: تفسدون في الأرض وتقطعون الأرحام، كما كان شأنكم قبل الإسلام".
#وأخــــيــــرا
في يوم الاحتفال بتولي أبي جعفر المنصور للخلافة وكان جالساً بجواره وزيره فدخل عليه مقاتل بن سليمان وكان عالم عصره …… وكان جريئاً على الحكام ” قال أمير المؤمنين لوزيره فلأبدأه أي اطلب منه أن يعظني .. قال عظني : قال أعظك بما سمعت أم بما رأيت يا أمير قال لا بل بما رأيت.
قال : والله يا أمير المؤمنين لقد مات هشام بن عبد الملك وكان ميراث إحدى زوجاته الأربعة من المال السائل ” بخلاف القصور والضياع ” ثمانين ألف دينار ومات عمر بن عبد العزيز وخلف ستة عشر ديناراً ، أُشتريَّ له كفناً بخمسة وقبراً بأربعة ووزع الباقي على ورثته وكانوا أحد عشر وسئل ماذا أبقيت لأولادك قال تقوى الله فإن كانوا صالحين فلن ينفعهم إلا تقوى الله وإن كانوا غير ذلك فلن أترك لهم شيء يستعينون به على معصية الله ووالله يا أمير المؤمنين لقد رأيت أحد أبناء عمر بن عبد العزيز يسوق أمامه مائة فرس في سبيل الله ورأيت أحد أبناء هشام بن عبد الملك يسأل الناس في الطرقات وفي أسواق دمشق ثم تلا عليه قوله تعالى :”وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً “
═◄فيا رجال اعلموا
أن غالبية النساء لا يجرؤون على المطالبة بالميراث خشية القطيعة أو حياء ، أوخوفا من أن تحارب وتقاطع
فتضطر بعض النساء للتنازل عن حقها في الميراث ،،
لكي لا يتخلى عنها أخوها ويقاطعها خاصة في الأعياد والمناسبات ،، ولا (يعزمها) مرة واحدة في السنة، فتضطر مكرهة على التنازل عن ميراثها
فإذا طالبت بحقها استحقت اللعنة والقطيعة ، وغضب عليها جميع أفراد العائلة، ويكرهها إخوتها، وتصبح "منبوذة" بين أهلها وبين مجتمعها
أيها الوصي!
أيها الأب!
أيها الأخ الأكبر!
أيها الورثةُ أجمعون!
اعلموا ـ جميعًا ـ أنها أموالهم، وأن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، "وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ"،
ثم اعلموا يا من أكلتم حق البنات أنكم أكلتم خبيثًا، وأن آثارَ ما أكلتموه سيظهرُ على أجسامكم بالأمراض العُضال، وبالأسقام العُجاب؛ وسيظهر في حياتكم بالسنين العِجاف، وبالخراب والدمار والمصائب واليباب، "وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ"، ومع ذلك لا زال الله تعالى يناديكم: {وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ}، فهو فليس مالكُم، {إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً}، وإثمًا فظيعًا.
إن الله قد توعد من عصاه في قسمة الميراث بوعيد شديد في سورة النساء وهذا الوعيد ختم الله به بعدما فصل فيه قسمة الميراث
فقال سبحانه : ((وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّحُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ))
فماذا أنتم فاعلون ؟؟؟
اتكتمون الحق وأنتم تعلمون ؟؟؟
◄إن أحكام الميراث أحكام تعبدية فرضها الله تعالى فلا صلاح لأحوال الناس إلا بالقيام بها كما أمر ربنا جل جلاله وأي تقصير أو تفريط في أحكام المواريث يبوء صاحبه بالإثم ويتبع ذلك مشاكل متعددة تؤثر على استقرار المجتمع وتشتت الأسر وتؤرق المحاكم.
من كان يظن أن أخا يشتكي أخاه في المحاكم؟
من كان يظن أن الأخوة والأخوات بعد الوصال والحب تهاجروا وتباغضوا؟
ترى لو علم والدهم ومورثهم أكان يرضيه ذلك؟
◄فيا مَن وجدَ مالَ الترِكَة سهلاً!
مهلاً ..
يا من استولَى على ميراث الإناث، وأغراهُ ضعفُهنَّ وسُكوتُهنَّ وحياؤُهنَّ .. يا من استولَى على ميراثِ الأيامَى واليتامَى، وغرَّه صِغَرُهم وعجزُهم وانقِطاعُهم ..
تبَّت يداكَ، وخابَ مسعاك، ودامَ شقاك.

أقول قولي هذا وأستغفرُ الله العظيمَ لي ولكم.
والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.........!
======================
🔻 الخطبة الثانية 🔻
الحمد لله حمدا كثيرا كما امر
والصلاة والسلام على محمد سيد البشر
الشفيع المشفع فى المحشر
صلى الله وسلم وبارك عليه ما اتصلت عين بنظر او سمعت اذن بخبر
فقد قال تعالى ولم يزل قائلا عليما وآمرا حكيما; تشريفا لقدر المصطفى صلى الله عليه وسلم وتعظيما;
إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ...
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين ...
وبعد:
═◄ثمرة هذه الخطبة تتمثل فى ذلكم الحديث الذى رواه الامام مسلم فى صحيحه عن ابن عباسٍ - رضي الله عنهما -، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «اقسِموا المالَ بين أهل الفرائِض على كتابِ الله، فما تركَت الفرائِضُ فلأولَى رجلٍ ذكَر»
والله جل وعلا يقول:
(( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ))
بقول عمر -رضي الله عنه-: "والله إنا كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمرًا حتى أنزل الله فيهن ما أنزل، وقسم لهن ما قسم".رواه البخارى
وكانوا يقولون في ذلك: لا يرثنا إلا من يحمل السيف
فجاء الإسلام فرفع شأن المرأة في هذا الجانب وأقر لها حقا في الميراث زوجة وأما وبنتا وأختا قال الله تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا}
فيا مسلم!
أيسرك أن تأكل ثمرةَ فاكهة ٍمسمومةٍ، أو أن تطعمها أولادك، أو أن ترى رجلاً غافلاً يهم بأكلها وتتركه؟ أيسرك ذلك ؟
والله..
لأكلُك حقًا ليس لك لهو أخفَُ ضرراً من أكلك طعامًا مسمومًا يقتلك؛ إذا أن أكلَك حقًا ليس لك يؤدي بك إلى نار جهنم التي تشوي لحوم الظالمين.
ولئن تتركَ ولدَك يشربُ سمًا ناقعًا زُعافًا؛ لهو خيرٌ لك وله من أن تتركه يأكل حق أخِته من إرثك الذي خلفت.
ولئن تُنقذَ إنسانًا من الوقوع في جريمة أكل حقوق البنات لَذَلك أعظمُ خيرًا وبركةً من إنقاذه من الموت.
فالعملَ العمل.

اللهم يا حى يا قيوم ياذا الجلال والإكرام نسألك............... مع الدعاء

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات