أنواع الشهداء في الدنيا والآخرة للشيخ عبدالناصر بليح
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره،
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل
فلا هادي له،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده
ورسوله اللهم صلاة وسلاماً عليك يا سيدي يارسول الله وعلي ألك وصحبك والتابعين لهم
بإحسان إلي يوم الدين أما بعد .
أما بعد:فيا جماعة الإسلام :
روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث
مسروق قال : سألنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن هذه الآية " وَلاَ
تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ
عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ "قال : أما أنا قد سألنا عن ذلك فقال : (
أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش ، تسرح من الجنة حيث شاءت ، ثم
تأوي إلى تلك القناديل .. . الحديث.
قال ابن النحاس : "جعل الله أرواح
الشهداء في ألطف الأجساد وهو الطير ، الملون بألطف الألوان وهو الخضرة ، يأوي إلى
ألطف الجمادات وهي القناديل المنورة والمفرحة في ظل العرش لتكمل لها لذة النعيم في
جوار الرب الكريم ،
أخوة اٌلإيمان واٌلإسلام :
نتحدث كثيراً عن الشهداء وفضل الشهادة
وقد يظن الكثير فينا ومنا بأن كل من قتل أو مات
في الثورات , هو شهيد . ويطالبون
له بصرف مكافأة علي نفقة الدولة.وتعالوا
بنا اليوم نتعرف علي من هو الشهيد ؟ ولما
سمي بهذا الاسم ؟ وما هي أقسام وأصناف الشهداء ؟
الشَهِيْد:
هو من يُقتل في سيبل الله تعالى ، و شرعاً
هو مسلم مات حال قِتال الكُفار أو بعدها بسببها و لا تُرجىَ حياته .
واختلف في سبب تسمية الشهيد شهيدا ، فقال النضر بن شميل :
لأنه حي فكأن أرواحهم شاهدة أي حاضرة .
وقال ابن الأنبا ري : لأن الله وملائكته يشهدون له بالجنة . وقيل لأنه يشهد عند
خروج روحه ما أعد له من الكرامة . وقيل : لأنه يشهد له بالأمان من النار . وقيل
لأن عليه شاهدا بكونه شهيدا . وقيل لأنه لا يشهده عند موته إلا ملائكة الرحمة .
وقيل لأنه الذي يشهد يوم القيامة بإبلاغ الرسل .وقيل : لأن الملائكة تشهد له بحسن
الخاتمة .وقيل : لأن الأنبياء تشهد له بحسن الاتباع .وقيل : لأن الله يشهد له بحسن
نيته وإخلاصه .وقيل : لأنه يشاهد الملائكة عند احتضاره .وقيل : لأنه يشاهد الملكوت
من دار الدنيا ، ودار الآخرة .وقيل لأنه مشهود له بالأمان من النار .وقيل لأن عليه
علامة شاهدة بأنه قد نجا . وبعض هذه يختص بمن قتل في سبيل الله ، وبعضها يعم غيره
، وبعضها قد ينازع فيه .
أقسام الشهداء:
أخوة الإسلام :
و الشهداء ثلاثة أقسام كما قال العلماء
:
* شهيد الدنيا و الآخرة : و هو
من مات فى المعركة فى حرب الكُفار أو البُغاة و لم يُراءِ و لم يَخُن فى الغنيمة و
لم يُقتل مُدبراً عن القتال ( أى قُتل أثناء هربه من المعركة ) .. و هذا الشهيد لا
يُغَسل و لا يُكَفن و لا يُصلىَ عليه و يُدفن ...
فلا يُغسل من أجل أن يبقى أثر الدم
عليه ، أثر الدم الذى قُتل فى سبيل الله من أجله فيأتى يوم القيامة و جُرحه يثعب (
يسيل ) دماً ، اللون لون الدم و الريح ريح المسك ... و لا يُكفن إنما يُكفن فى ثيابه التى قُتل فيها
حتى يأتى يوم القيامة بهذه الثياب ... و لا يُصلى عليه ؛ لأن الصلاة شفاعة و
المقتول فى سبيل الله لا يحتاج لان يشفع
له أحد لأن الشفاعة له كونه يُعرض رقبته لأعداء الله إعلاءً لكلمة الله ..
وهُم أحياء فى البرزخ حياة خاصة لحديث
: " الشهداء على بارق – نهر بباب الجنة – فى قُبة خضراء يخرج عليهم رزقهم من
الجنة بُكرة و عشياً " (أحمد وابن حبان والطبراني ). و
عن راشد بن سعد عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا قال يا رسول
الله ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد قال كفى ببارقة السيوف على رأسه
فتنة "(النسائي).
* أما شهيد الدنيا فقط : فهو
المقتول فى حرب الكُفار أو البُغاة و قد خان فى الغنيمة أو قاتل رياءً أو قُتل
مُدبراً ،أو خان وطنه وتجسس عليه أو قتل نفسه :"انتحر" فله حُكم الشهادة فى الدنيا فلا يُغسل و لا
يُصلى عليه و لا ثواب له على الشهادة فى الآخرة .. * أما شهيد الدنيا فهو من قتل
في قتال مع الكفار وقد غل في الغنيمة، أو قاتل رياء، أو عصبية عن قومه، أو لأي غرض
من أغراض الدنيا، ولم يكن قصده إعلاء كلمة الله، فهذا وإن طبقت عليه أحكام الشهيد
في الظاهر من دفنه في ثيابه ونحو ذلك لكنه ليس له في الآخرة من خلاق، ونحن نعامل
الناس على حسب الظاهر في الدنيا، والله الذي يعلم الحقائق هو الذي يتولى حسابهم
يوم القيامة.
فقد جاء في الصحيحين عن سهل بن سعد ،
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون فاقتتلوا فلما مال رسول الله
صلى الله عليه وسلم إلى عسكره ومال الآخرون إلى عسكرهم ، وفي أصحاب رسول الله صلى
الله عليه وسلم رجل لا يدع لهم شاذة ولا نادة إلا اتبعها فضربها سيفه ، فقالوا :
ما أجزأ أحدا اليوم كما أجزأ فلان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
أما إنه من أهل النار " فقال رجل من القوم : أنا صاحبه إذن ، قال : فخرج معه
، كلما وقف وقف معه وإذا أسرع ، أسرع معه ، قال : فجرح جرحا شديدا فاستعجل الموت ،
فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه ، فخرج إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أشهد أنك رسول الله ، قال : وما ذلك ؟ قال :
الرجل الذي ذكرت آنفا أنه من أهل النار ، فأعظم الناس ذلك ، فقلت : أنا لكم به ،
فخرجت في طلبه حتى جرح جرحا شديدا فاستعجل الموت ، فوضع نصل سيفه في الأرض وذبابه
بين ثدييه ثم تحامل عليه فقتل نفسه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك :
" إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار ، وإن
الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة " . قال
البرقاني : هما سواء إلا أن في حديث السراج " آنفا " بدلا من قوله :
" إذن " . قال الشيخ الإمام الحافظ أبو بكر رضي الله عنه : هذا الرجل من
المنافقين واسمه : قزمان ، وهذه القصة كانت يوم أحد .
وفي الحديث عن أبي هريرة , وأظنه
رفعه شك يونس ، قال : " ثلاثة يهلكون عند الحساب : جواد ، وشجاع ، وعالم , أو
عابد ، يؤتى بالجواد فيقال له : ما صنعت ؟ فيقول : يا رب أعطيتني مالا , فوصلت
الرحم ، وصنعت المعروف , ابتغاء وجهك ، فيقال : كذبت ، ولكن فعلت , ليقال : إنك
جواد , أو كما قال : فقد قيل فيهلك ، ويؤتى بالشجاع فيقال له : ما صنعت ؟ فيقول :
يا رب قد جاهدت في سبيلك ، وقاتلت عدوك ابتغاء وجهك ، فيقال : كذبت ولكن فعلت ليقال
: إنك شجاع , وقد قيل ، ويؤتى بالعالم , فيقال : ما صنعت ؟ فيقول : يا رب آتيتني
علما فعلمت عبادك ، وأفشيت علمي ابتغاء وجهك ، فيقال : كذبت ، ولكن فعلت ليقال :
إنك عالم فقد قيل ، فيهلك " .(أحمد والبيهقي وابن أبي شيبة).
* و أما شهيد الآخرة فقط :
بمعنى أن له ثواباً خاصاً ... و هو يُغَسل و يُكَفن و يُصَلى عليه و يُدفن ... و
هُم كما قال نبينا محمد ( صلى الله عليه
وسلم ) : " الشهداء سبعة ، سوى القتل في سبيل الله : المطعون شهيد ، والغريق
شهيد ، وصاحب ذات الجنب شهيد ، والمبطون شهيد ، ..الحديث (مالك والحاكم وأحمد).
وروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة
رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الشهداء خمسة ، المطعون ،
المبطون ، والغريق ، وصاحب الهدم ، والشهيد في سبيل الله "
و من شهداء الآخرة أيضاً ما ذكرهم
نبينا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) عندما قال :" من قُتل دون ماله فهو شهيدٌ
، و من قُتل دون دمه فهو شهيدٌ ، و من قُتل دون دينه فهو شهيدٌ ، و من قُتل دون
أهله فهو شهيدٌ " ..
أى من قُتل و هو يُدافع عن ماله من أحد
يريد أخذه منه و سرقته فهو شهيد ، و من قُتل و هو يُدافع عن نفسه من أحد يريد قتله
أو وهو يُدافع عن عرضه فهو شهيدٌ ، و من قُتل و أحد يفتنه عن دينه فهو شهيدٌ ، و
من قُتل و هو يُدافع عن أهله فهو شهيدٌ.
عباد الله:
*أنواع الشهداء في الآخرة:
إن الشهداء أنواع لكن ليسوا في الرتبة
سواء أعلاهم :
* وأولهم :الشهيد في سبيل الله
، وهو من أهريق دمه وعقر جواده . عن سعيد بن زيد مرفوعا من قتل دون دينه فهو شهيد ، ومن قتل دون دمه
فهو شهيد ، ومن قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون أهله فهو شهيد "( الترمذي ).
في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل
الله.(متفق عليه).
فأما الاستشهاد في ساحة القتال فإن أجره عظيم
جداً وهو قمة مراتب الشهادة، ولا يمكن لأي نوع آخر من الشهداء أن يصل إلى هذا
المقام، قال الله تعالى: "وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ
اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا
آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ
بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ
*يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ
أَجْرَ الْمُؤْمِنِين َ(آل عمران169-171)، وقال صلى الله عليه وسلم: (للشهيد عند
الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب
القبر، ويأمن الفزع الأكبر، ويحلى حلية الإيمان، ويزوج من الحور العين، ويشفع في
سبعين إنساناً من أقاربه" ، وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا
رسول الله! ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد، قال:"كفى ببارقة
السيوف على رأسه فتنة"( النسائي ). فترجى هذه الشهادة لمن سألها مخلصاً من
قلبه ولو لم يتيسر له الاستشهاد في المعركة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "من
سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه" ولذلك كان لا بد من سؤال الله بصدق الاستشهاد في
سبيل الله لتحصيل هذا الأجر العظيم، ولو مات الإنسان حتف أنفه.
*الثاني : * المرابط في سبيل الله :
والموت في الرباط في سبيل الله من أعظم
الميتات وأطيبها، قال عليه الصلاة والسلام: "رباط يوم وليلة خير من صيام شهر
وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان"
(مسلم).
وأما من مات على عمل صالح قبض عليه
فإنه من علامات حسن خاتمته، قال صلى الله عليه وسلم: "من قال لا إله إلا الله
ابتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنة، ومن صام يوماً ابتغاء وجه الله ختم له بها
دخل الجنة، ومن تصدق بصدقة ابتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنة"(أحمد
وغيره).
* الموت غازياً:
وكذلك من أنواع الموت الطيبة:" الموت غازياً في سبيل الله؛ لقوله صلى الله عليه
وسلم: " ما تعدون الشهيد فيكم؟" قالوا: يا رسول الله! من قتل في سبيل الله فهو
شهيد، قال: "إن شهداء أمتي إذن لقليل" ، قالوا: فمن هم يا رسول الله؟
قال: "من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد" (مسلم).
.
*الثالث : المبطون . وكذلك فإن
من أنواع شهداء الآخرة: من مات بداء البطن؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : الشهداء
خمسة ، المطعون ، المبطون ، والغريق ، وصاحب الهدم ، والشهيد في سبيل
الله "( البخاري ومسلم).
والمبطون كما يقول النووي : هو صاحب داء
البطن، وهو الإسهال. وقال القاضي : وقيل: هو الذي به الاستسقاء وانتفاخ البطن.
وقيل: هو الذي تشتكي بطنه. وقيل: هو الذي يموت بداء بطنه مطلقًا. وقيل المبطون : الذى يموت بمرض البطن كإسهال أو
استسقاء و غيره ..
*الرابع : الغريق . و الغريق من مات غرقاً و لم يكن قد ألقى بنفسه
فى الماء . عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الغريق في سبيل الله شهيد "(البخاري ).
وسئل ابن تيمية : عن رجل ركب البحر للتجارة فغرق
فهل مات شهيدًا؟ أجاب: نعم مات شهيدًا إذا لم يكن عاصيًّا بركوبه... اهـ
*الخامس : المطعون . ومن أنواع الموت الطيبة التي لها أجر شهيد:
الموت بالطاعون، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :الطاعون
شهادة لكل مسلم "(البخاري). وقال أيضاً لما سئل عن الطاعون: "إنه
كان عذاباً يبعثه الله على من يشاء، فجعله الله رحمة للمؤمنين، فليس من عبد يقع
الطاعون فيمكث في بلده صابراً يعلم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له
مثل أجر الشهيد"(البخاري وأحمد). ، وقال عليه الصلاة والسلام: "يأتي
الشهداء والمتوفون بالطاعون فيقول أصحاب الطاعون: نحن شهداء، فيقال: انظروا فإن
كانت جراحهم كجراح الشهداء تسيل دماً ريح المسك فهم شهداء، فيجدونهم كذلك"(أحمد).
*السادس : صاحب ذات الجنب .
أخوة الإيمان والإسلام :
وكذلك من شهداء الآخرة: الموت بذات
الجنب، كما قال صلى الله عليه وسلم: " وصاحب ذات الجنب شهيد" ( أحمد
والطبراني). وهو ورم يعرض في الغشاء المستبطن للأضلاع، أورام في الجانب يموت
بسببها الإنسان، ونرجو إن شاء الله أن يكون كل مسلم مات بالسرطان أن يكون إذن من
شهداء الآخرة الذين لهم أجر شهيد.
وعن جابر بن عتيك في موت أبي الربيع
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
الشهداء سبعة ، سوى القتل في سبيل الله : المطعون شهيد ، والغريق شهيد ، وصاحب
ذات الجنب شهيد ، والمبطون شهيد"( مالك ). و ذات الجنب : القروح تُصيب
الإنسان داخل جنبه و ينشأ عنها حُمى لازمة و سُعال..
*السابع : الحريق .
أيها المسلمون:" وإن من أعظم أنواع الشهادة
أيضاً: الموت بالحرق، لقوله صلى الله عليه وسلم:"الشهداء سبعة سوى القتل في
سبيل الله، وقال: والحرق شهيد" فالذي يموت محترقاً فهو من أنواع الشهداء.
عن صفوان بن أمية قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : الطاعون والغرق
والبطن والحرق ، والنفساء شهادة لأمتي "( الطبراني).
*الثامن : المرأة تموت بجمع (
أي حامله ) . عن صفوان بن أمية قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : الطاعون
والغرق والبطن والحرق ، والنفساء شهادة لأمتي "( الطبراني). وقوله: المرأة
تموت بجُمع شهيد. أي تموت وفي بطنها ولد، فإنها ماتت مع شيء مجموع فيها غير منفصل
وهو الحمل. وقيل: هي التي تموت بكرًا. والأول أشهر كما قال الحافظ في الفتح
*التاسع : من قتل دون دمه . ومن
الشهداء أيضاً: الموت في سبيل الدفاع عن الدين والنفس، قال عليه الصلاة والسلام: "من
قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد" الذي يقتل دفاعاً عن عرضه
"ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو
شهيد"، وقال عليه الصلاة والسلام: "من قتل دون مظلمته فهو شهيد" وعن
أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
" يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي ؟ قال : فلا تعطه مالك قال
أرأيت إن قاتلني ؟ قال : ( قاتله ) قال : أرأيت إن قتلني ؟ قال : ( فأنت شهيد )
قال : أرأيت إن قتلته ؟ قال : ( هو في النار )
*العاشر : من قتل دون ماله وكذلك الموت في سبيل الدفاع عن المال المراد
غصبه، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال: يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي، قال: فلا تعطه مالك، قال:
أرأيت إن قاتلني؟ قال: قاتله -وليس الأمر للوجوب- قال: قاتله، قال: أرأيت إن قتلني،
قال: (فأنت شهيد)، قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: "هو في النار"( مسلم).
عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : "من أتى عند ماله فقوتل فقتل فهو شهيد" (ابن ماجه). وفي رواية
*الحادي عشر : و من قتل دون
أهله. أي من قتل دفاعاً عن أهله وعرضه وشرفه
في الحديث : ..ومن قتل دون أهله فهو شهيد "(
الترمذي ).
*الثاني عشر :صاحب الهدم ."...
وصاحب الهدم ، والشهيد في سبيل الله
"( البخاري ومسلم). وعن جابر بن عتيك أنه قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم:" الشهداء سبعة سوى القتل
في سبيل الله: المطعون شهيد، والغريق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد،
والحرق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيد. (ابن
ماجه وأبو داود وغيرهما). و الذي يموت تحت الهدم : أي إنسان مات لأن انهدم عليه
البيت أو الجدار أو ما أشبه ذلك ..
*الثالث عشر : النفساء . عن
عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : القتل في سبيل الله شهادة ، والطاعون شهادة ،
والبطن شهادة والغرق شهادة والنفساء شهادة "( أحمد).
عن عبد الله بن بسر قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : القتيل في سبيل
الله شهيد ، والمبطون شهيد ، والمطعون شهيد ، والغريق شهيد ، والنفساء شهيدة
"( الطبراني).
*الرابع عشر : السل . وكذلك من أنواع شهداء
الآخرة: الموت بداء السل، لقوله صلى الله عليه وسلم: " القتل في سبيل الله
شهادة، والنفساء شهادة" قال في
الحديث: "والسل شهادة، والبطن شهادة"فالذي يموت بالسل إذن شهيد إن شاء
الله. عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " السل
شهادة"( أبو الشيخ).
وعن راشد بن حبيش قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : القتل في سبيل الله
شهادة ، والطاعون شهادة ، والبطن شهادة ، والغرق شهادة ، والحرق والسل شهادة
والنفساء يجرها ولدها بسررها إلى الجنة "( أحمد).
*الخامس عشر : من صرع عن دابته . عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : من صرع من دابته فهو
شهيد " ( الطبراني ).
*السادس عشر : من قتل دون مظلمته
. عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : ما من مسلم يظلم مظلمة
فيقاتل إلا قتل شهيدا"( أحمد).وعن سويد بن مقرن أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : من قتل دون مظلمته فهو شهيد "(
النسائي).
السابع عشر :" الساعي علي نفسه وولده ووالديه :
أي من خرج يسعي علي الرزق والكسب
الحلال وفي نيته الخير ومات بأي وسيلة فهو في سبيل الله ..
فعن كعب بن عجرة ، قال : مر على النبي - صلى
الله عليه وسلم - رجل ، فرأى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جلده
ونشاطه ، فقالوا : يا رسول الله : لو كان هذا في سبيل الله ؟ ، فقال رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - : " إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله ،
وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله ، وإن كان يسعى على
نفسه يعفها فهو في سبيل الله ، وإن كان خرج رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان
" (الطبراني في الأوسط والكبير).
وتخلص إلى أن الشهيد هو القتيل في سبيل
الله عن عبد الله بن جبر أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما تعدون الشهادة إلا من قتل في سبيل الله ؟
إن شهداءكم إذن لقليل القتل في سبيل الله
شهادة ، والبطن شهادة ، والحرق شهادة ، والغرق شهادة ، والمغموم يعني الهدم شهادة
، والجنوب شهادة ، والمرأة تموت بجمع "(
النسائي).
وعليه فإن من مات بهذه الميتات وهو موحد فإننا
نرجو له الحصول على أجر الشهادة وإن كان مفرطًّا في بعض الواجبات أو مرتكبًا لبعض
المحرمات، فرحمة الله واسعة وفضله عظيم.
قال الحافظ ابن حجر : وقد اجتمع
لنا من الطرق الجيدة أكثر من عشرين خصلة.. وذكر منهم: اللديغ، والشريق، والذي
يفترسه السبع، والخار عن دابته، والمائد في البحر الذي يصيبه القيء، ومن تردى من
رؤوس الجبال. قال النووي : قال العلماء: وإنما كانت هذه الموتات شهادة يتفضل الله
تعالى بسبب شدتها وكثرة ألمها. اهـ
قال ابن التين : هذه كلها ميتات فيها
شدة تفضل الله على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأن جعلها تمحيصًا لذنوبهم وزيادة
في أجورهم يبلغهم بها مراتب الشهداء. اهـ
ولا يصح التساهل في إطلاق لفظ الشهيد
على الأشخاص، فالله أعلم من الذي يموت شهيداً في سبيله.
نسأل الله تعالى أن يحسن خاتمتنا، وأن
يتوب علينا، وأن يوفقنا لعمل الصالحات وترك المنكرات وحب المساكين.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم،
فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم
مالك يوم الدين، أشهد أن لا إله إلا الله رب الأولين والآخرين، وأشهد أن محمداً
رسول الله سيد الأنبياء وخاتم المرسلين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
الثامن عشر: كل مؤمن سأل الله الشهادة بصدق شهيد:
عباد الله، و كل
من يُقتل دفاعاً عن الدين و المذهب الحق ، أو يتم اغتياله لإيمانه ، أو لسبب له
علاقة بالدين فهو شهيد حتماً ، و الذي يُقتل ظلماً و عدواناً و لو بصورة عشوائية و
لم يكن المقصود شخصياً فهو أيضاً ممن يعامل معاملة الشهيد إن كان مؤمناً في عقيدته
، بل كل مؤمن صادق في إيمانه يُعطيه الله أجر الشهيد و إن مات على فراشه ، تصديقاً لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم
:" وقد ورد في السنة ما يدل على ما ذكرناه من أن من عزم على الجهاد عزما
صادقا ً، وطلب الشهادة ، أعطي كرامتها : عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "مَنْ طَلَبَ
الشَّهَادَةَ صَادِقًا أُعْطِيَهَا وَلَوْ لَمْ تُصِبْهُ "( مسلم ).
وعن سهل بن حنيف رضي الله عنه أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : " مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ
بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ "(
مسلم). وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"مَنْ
سَأَلَ اللَّهَ الْقَتْلَ مِنْ نَفْسِهِ صَادِقًا ثُمَّ مَاتَ أَوْ قُتِلَ فَإِنَّ
لَهُ أَجْرَ شَهِيدٍ "( أبو داود والترمذي).
من قتل مظلوماً بأي سلاح قتل كقتيل
اللصوص ونحوه يلحق بشهيد المعركة في أصح الروايتين في مذهب الإمام أحمد رحمه الله،
وقال بعض العلماء بتغسيله، وكذلك الغريق والمبطون والمرأة التي ماتت في الولادة
فإنهم شهداء في الآخرة يغسلون باتفاق الفقهاء.
ويقول المناوي رحمه الله :" وإن مات على فراشه" لأن كلا منهما نوى
خيرا وفعل ما يقدر عليه ، فاستويا في أصل الأجر ، ولا يلزم من استوائهما فيه من
هذه الجهة : استواؤهما في كيفيته وتفاصيله ، إذ الأجر على العمل ونيته يزيد على
مجرد النية ، فمن نوى الحج ولا مال له يحج به يثاب دون ثواب من باشر أعماله ، ولا
ريب أن الحاصل للمقتول من ثواب الشهادة تزيد كيفيته وصفاته على الحاصل للناوي
الميت على فراشه ، وإن بلغ منزلة الشهيد ، فهما وإن استويا في الأجر لكن الأعمال
التي قام بها العامل تقتضي أثرا زائدا وقربا خاصا ، وهو فضل الله يؤتيه من يشاء ،
فعلم من التقرير أنه لا حاجة لتأويل البعض وتكلفه بتقدير "مِنْ" بَعد
قوله : ( بلغه الله ) ، فأعط ألفاظ الرسول صلى الله عليه وسلم حقها ، وأنزلها
منازلها ، يتبين لك المراد " انتهى." فيض القدير " (6/186)
وبناء عليه فالفضل الوارد في حديث
الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ سِتُّ خِصَالٍ : يُغْفَرُ
لَهُ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ ، وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنْ الْجَنَّةِ ، وَيُجَارُ مِنْ
عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَيَأْمَنُ مِنْ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ ، وَيُوضَعُ عَلَى
رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ ، الْيَاقُوتَةُ مِنْهَا خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا
فِيهَا ، وَيُزَوَّجُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنْ الْحُورِ الْعِينِ ،
وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَقَارِبِهِ"(الترمذي ).
اللهم إنا نسألك عيش السعداء وموت
الشهداء والحشر مع الأتقياء ومرافقة الأنبياء ونعوذ بك ربي من جهد البلاء ودرك
الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء..
اللهم
إنا نسألك رفع الدرجات وزيادة الحسنات وتكفير السيئات، اللهم إنا نسألك النصر
للإسلام والمسلمين، اللهم عجل فرج المسلمين، اللهم عجل فرج المسلمين، اللهم عجل
فرج المسلمين يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك الأمن في أوطاننا ودورنا، اللهم إنا
نسألك النصر على أعدائنا، اللهم إنا نسألك قضاء ديوننا، اللهم إنا نسألك أن تغفر
لنا حقوقك التي علينا يا رب العالمين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام
على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.