الإسلام دين الرحمة والإنسانية للشيخ أحمد أبو إسلام

عناصر الخطبة

1))الله كتب على نفسه الرحمة

2))السلام اسم من أسماء الله

3))تحية الإسلام السلام

4))الملائكة تعرف رحمة رب العالمين

5))سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة

6))المجتمع المسلم لا بد وأن يتحلى بصفة الرحمة

7)) وفي الختام

الخطبة الأولى

========

الحمد لله، الحمد لله ذي الطَّول والآلاء، أحمده على ما أسال من وابِل العطاء، وأسبَلَ من جميل الغِطاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له حكَمَ على خلقه بالموت والفناء، والبعث إلى دار الجزاء، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله خاتمُ الرسل والأنبياء، الشافعُ المُشفَّعُ يوم الفصل والقضاء، صلَّى الله وسلَّم عليه وعلى آله الأتقياء، وصحابته الأوفياء.

أما بعد، فيا أيها المسلمون:اليوم نتحدث عن خلق عظيم وجليل وجميل من أخلاق هذا الدين

خلق ينبعث من شعور العبد بما يقاسيه غيره من آلام وهموم وأحزان فيحمل ذالك على الوقوف إلى جانبه وإسداء المعروف إليه خلق من خلق الأنبياء والمرسلين وسمة من سمات عباد الله الصالحين إنه خلق الرحمة والتراحم والإنسانية ,فالإسلام دين الرحمة والإنسانية والسلام

الله عزو جل كتب على نفسه الرحمة

===================

فالله عز وجل كتب على نفسه الرحمة تفضلا منه سبحانه وتعالى فقد قال الله عز وجل : {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [الأنعام: 54] فالله رحيم بعباده أكثر من الأم بولدها فقد ورد في صحيح البخارى عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيٌ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ قَدْ تَحْلُبُ ثَدْيَهَا تَسْقِي، إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ، فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتُرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ» قُلْنَا: لاَ، وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لاَ تَطْرَحَهُ، فَقَالَ: «لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا», فالله  عز وجل رحيم بعباده أمر عباده أن يتراحموا فيما بينهم فالإسلام يراعي الإنسان كإنسان وشرع له ما يناسبه ويناسب ضعفه فكان التشريع رحمة له لذا أوصى الله عز وجل الإنسان أن يكون رحيما بأخيه هذا هوديننا وهذا هوشرعنا الحنيف الإسلام فقد ورد في صحيح البخاري أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا، وَأَنْزَلَ فِي الأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا، فَمِنْ ذَلِكَ الجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الخَلْقُ، حَتَّى تَرْفَعَ الفَرَسُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا، خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ»أرأيتم عظم رحمة الله عز وجل فإن رحمة الله عز وجل تسبق غضبه فقد ورد في صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ وَهُوَ يَكْتُبُ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ وَضْعٌ عِنْدَهُ عَلَى العَرْشِ إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ [ص:121] غَضَبِي»,وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ مَا طَمِعَ بِالْجَنَّةِ أَحَدٌ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ مَا قَنَطَ مِنَ الْجَنَّةِ أَحَدٌ، خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِائَةَ رَحْمَةٍ، فَوَضَعَ وَاحِدَةً بَيْنَ الْخَلْقِ فَيَتَرَاحَمُونَ بِهَا، وَعِنْدَ اللَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ رَحْمَةً»

ما أرحم الله عز وجل الذي جعل الرحمة مائة جزءا تسعة وتسعين عنده وجعل جزءا واحدا في الأرض ليتراحم به الخلق فيجعل الأم ترحم ولدها حتي الحيوانات أعزكم الله ترحم بعضها حتي الفرس ترفع حافرها عن ولدها , وقد ورد في كتاب الأريعين في فضل الرحمة والراحمين عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنَ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ , أنَّ رَجُلًا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي آخُذُ الشَّاةَ أُرِيدُ أَنْ أَذْبَحَهَا، فَأَرْحَمُهَا، قَال: «وَالشَّاةُ إِنْ رَحِمْتَهَا رَحِمَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَّلَّ»,

السلام اسم من أسماء الله

==============

ومن أسماء الله عز وجل السلام فقد قال قال الله عز وجل : {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) } [الحشر: 23، 24]

السلام تحية الإسلام

===========

والسلام هو تحية الإسلام فقد ورد في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» والله جعل لإفشاء السلام أجرا ,فقد ورد في سنن الترمذي في الحديث الصحيح عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَشْرٌ» ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عِشْرُونَ». ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثُونَ» لذالك حرصت الصحابة على إفشاء السلام لعلمهم بفضله العظيم فقد ورد عن عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ؛ أَنَّ الطُّفَيْلَ بْنَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ كَانَ يَأْتِي عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ. فَيَغْدُو مَعَهُ إِلَى السُّوقِ. قَالَ: فَإِذَا غَدَوْنَا إِلَى السُّوقِ. لَمْ يَمْرُرْ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ عَلَى سَقَاطٍ يعني بائع رديء المتاع، وَلاَ صَاحِبِ بِيعَةٍ ، وَلاَ مِسْكِينٍ، وَلاَ أَحَدٍ إِلاَّ سَلَّمَ عَلَيْهِ.قَالَ الطُّفَيْلُ: فَجَئْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ يَوْماً. فَاسْتَتْبَعَنِي إِلَى السُّوقِ. فَقُلْتُ لَهُ: وَمَا تَصْنَعُ فِي السُّوقِ، وَأَنْتَ لاَ تَقِفُ عَلَى الْبَيْعِ ، وَلاَ تَسْأَلُ عَنِ السِّلَعِ، وَلاَ تَسُومُ بِهَا، وَلاَ تَجْلِسُ فِي مَجَالِسِ السُّوقِ؟قَالَ، وَأَقُولُ: اجْلِسْ بِنَا هَهُنَا نَتَحَدَّثْ. قَالَ، فَقَالَ لِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: يَا أَبَا بَطْنٍ - وَكَانَ الطُّفَيْلُ ذَا بَطْنٍ - إِنَّمَا نَغْدُو مِنْ أَجْلِ السَّلاَمِ. نُسَلِّمُ عَلَى مَنْ لَقِيَنَا. ((موطأ مالك ت الأعظمي (5 / 1400))

فالإسلام يدعوا إلى نشر السلام إفشاء السلام فالإسلام دين الإنسانية

الملائكة تعرف رحمة رب العالمين

===================

والرحمة عرفت الملائكة رحمة رب العالمين فقد ورد في سنن الترمذي الحديث الذي  حسنه الترمذي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَمَّا أَغْرَقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ قَالَ: {آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ} [يونس: 90] " فَقَالَ جِبْرِيلُ: يَا مُحَمَّدُ فَلَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا آخُذُ مِنْ حَالِ البَحْرِ فَأَدُسُّهُ فِي فِيهِ مَخَافَةَ أَنْ تُدْرِكَهُ الرَّحْمَةُ: ((قال عنه الأمام الألباني صحيح لغيره ))

فالله رحيم بعباده لذالك خاف جبريل من أن تدرك فرعون رحمة رب العالمين ,ففرعون على الرغم من جبروته وطغيانه وايذاءه لعباده المؤمنين الموحدين وادعائه بإنه اله ورغم ذالك لو أنه لو قال آمنت بالله وكان موافقا لقلبه ولسانه وقال آمنت بالله بإخلاص لأدركتة رحمة الله عز وجل فالله عز وجل يغيث من استغاثه ويغفر لمن استغفره ,فق ورد عن  هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ , يَقُولُ: " مَا مِنْ لَيْلَةٍ اخْتَلَطَ ظَلَامُهَا وَأَرْخَى اللَّيْلُ سِرْبَالَ سِتْرِهَا إِلَّا نَادَى الْجَلِيلُ جَلَّ جَلَالُهُ : مَنْ أَعْظَمُ مِنِّي جُودًا , وَالْخَلَائِقُ لِي عَاصُونَ وَأَنَا لَهُمْ مُرَاقِبٌ , أَكْلَؤُهُمْ فِي مَضَاجِعِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَعْصُونِي وَأَتَوَلَّى حِفْظَهُمْ كَأَنَّهُمْ لَمْ يُذْنِبُوا مِنْ بَيْنِي وَبَيْنِهِمْ , أَجْوَدُ بِالْفَضْلِ عَلَى الْعَاصِي وَأَتَفَضَّلُ عَلَى الْمُسِيءِ مَنْ ذَا الَّذِي دَعَانِي فَلَمْ أَسْمَعْ إِلَيْهِ أَوْ مَنْ ذَا الَّذِي سَأَلَنِي فَلَمْ أَعْطِهِ أَمْ مَنْ ذَا الَّذِي أَنَاخَ بِبَابِي وَنَحَّيْتُهُ أَنَا الْفَضْلُ وَمِنِّي الْفَضْلُ أَنَا الْجَوَادُ وَمِنِّي الْجُودُ أَنَا الْكَرِيمُ، وَمِنِّي الْكَرْمُ، وَمِنْ كَرَمِي أَنْ أَغْفِرَ لِلْعَاصِي بَعْدَ الْمَعَاصِي وَمِنْ كَرَمِي أَنْ أُعْطِيَ التَّائِبَ كَأَنَّهُ لَمْ يَعْصِنِي , فَأَيْنَ عَنِّي تَهْرَبُ الْخَلَائِقُ وَأَيْنَ عَنْ بَابِي يَتَنَحَّى الْعَاصُونَ "(( حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (8 / 92):

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، أحيا قلوب المؤمنين بالقرآن وبسنة سيد المرسلين، فلربنا الحمد والشكر على هذا الفضل المبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القوي المتين، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله الصادق الوعد الأمين، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

أحبتي في الله

سيدنا محمد نبي الرحمة

=====================

وهاهو النبي صلى الله عليه وسلم هو الرحمة الذي قال الله عنه الذي نشر الرحمة والسلام في ربوع الأرض مع أهله وأحفاده فقد ورد في صحيح البخاري  أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا، فَقَالَ الأَقْرَعُ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: «مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ»

انظروا احبتي إلى رحمة النبي صلى الله عليه وسلم مع أحفاده وينتقد غيره من أجل قسوة قلبه مع أولاده ,وقد ورد في صحيح مسلم عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَدِمَ نَاسٌ مِنَ الْأَعْرَابِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: أَتُقَبِّلُونَ صِبْيَانَكُمْ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ، فَقَالُوا: لَكِنَّا وَاللهِ مَا نُقَبِّلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَأَمْلِكُ إِنْ كَانَ اللهُ نَزَعَ مِنْكُمُ الرَّحْمَةَ» فلتكونوا رحماء بأولادكم وأحفادنا وقدوتنا في ذالك سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ,وكان رحيما بولده ابراهيم  عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، قَالَ: «كَانَ إِبْرَاهِيمُ مُسْتَرْضِعًا لَهُ فِي عَوَالِي الْمَدِينَةِ، فَكَانَ يَنْطَلِقُ وَنَحْنُ مَعَهُ فَيَدْخُلُ الْبَيْتَ وَإِنَّهُ لَيُدَّخَنُ، وَكَانَ ظِئْرُهُ ((هي المرضعة ولد غيرها وزوجها ظئر لذلك الرضيع فلفظة ظئر تقع على الأنثى والذكر))قَيْنًا، فَيَأْخُذُهُ فَيُقَبِّلُهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ»

قَالَ عَمْرٌو: فَلَمَّا تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ ابْنِي وَإِنَّهُ مَاتَ فِي الثَّدْيِ وَإِنَّ لَهُ لَظِئْرَيْنِ تُكَمِّلَانِ رَضَاعَهُ فِي الْجَنَّةِ»,فرغم أن إبراهيم كان مسترضعا في مكان بعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم الا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذهب إليه ويحنوا عليه ويعطف عليه ويهتم به ويرعى شئونه مما يدل على رحمة النبي صلى الله عليه وسلم وقد ورد في صحيح البخاري  عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذُنِي فَيُقْعِدُنِي عَلَى فَخِذِهِ، وَيُقْعِدُ الحَسَنَ عَلَى فَخِذِهِ الأُخْرَى، ثُمَّ يَضُمُّهُمَا، ثُمَّ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ ارْحَمْهُمَا فَإِنِّي أَرْحَمُهُمَا»,وقد ورد في سنن الترمذي  في الحديث الصحيح  عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، - يَرْوِيهِ قَالَ: ابْنُ السَّرْحِ - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا فَلَيْسَ مِنَّا»

النبي صلى الله عليه وسلم يعلم امته ويعلم الرحمة للعالمين وكان رحيما بأمته صلى الله عليه وسلم ,فقد ورد في صحيح مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَلَا قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِبْرَاهِيمَ: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي} [إبراهيم: 36] الْآيَةَ، وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118]، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: «اللهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي»، وَبَكَى، فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: «يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَرَبُّكَ أَعْلَمُ، فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟» فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ، وَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ اللهُ: " يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ، وَلَا نَسُوءُكَ " ما أعظم رحمتك ياسيد الخلق قد قال الله عز وجل في حقك  : «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين »

المجتمع المسلم لا بد وأن يتحلى بهذه الصفة فلما كان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة في ذالك فلا بد وأن يكون المجتمع المسلم متحليا بهذه الصفة ألا وهي صفة الرحمة , فقد ورد في صحيح مسلم عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» ,فتراحموا فيما بينكم وهذه وصية النبى صلى الله عليه وسلم أن نتراحم فيما بيننا حتى نستحق رحمة رب العالمين

وكما يقول القائل:

 واشكر لمولاك من نعم         فالشكر يستوجب الإفضال والكرما

وارحم بقلبك خلق الله وارعهم         فإنما يرحم الرحمن من رحما

رحمة سيدنا عمر بن الخطاب

=================

وانظروا إلى رحمة الصالحين ورفقهم  فهذا هو سيدنا عمر بن الخطاب

يكَلَّمَ النَّاسُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ أَنْ يُكَلِّمَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي أَنْ يَلِينَ لَهُمْ؛ فإنه [قد] أَخَافَ الْأَبْكَارَ فِي خُدُورِهِنَّ؛ فَكَلَّمَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَالْتَفَتَ عُمَرُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ! إِنِّي لا أَجِدَ لَهُمْ إِلَّا ذَلِكَ، وَاللهِ لَوْ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ مَا لَهُمْ عِنْدِي مِنَ الرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالشَّفَقَةِ؛ لَأَخَذُوا ثَوْبِي  عَنْ عَاتِقِي,((إسناده ضعيف ))وقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَوْمًا: لَقَدْ خَطَرَ عَلَى قَلْبِي شَهْوَةُ الطَّرِيِّ مِنْ حِيتَانٍ، قَالَ: فَيَخْرُجُ يَرْفَأُ فَرَحَلَ رَاحِلَةً لَهُ، فَسَارَ لَيْلَتَيْنِ مُدْبِرًا وَلَيْلَتَيْنِ مُقْبِلًا، وَاشْتَرَى مِكْتَلًا فَجَاءَ. قَالَ: وَيَعْمِدُ يَرْفَا إِلَى الرَّاحِلَةِ فَغَسَلَهَا، فَقَالَ عُمَرُ: انْطَلِقْ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَى الرَّاحِلَةِ، فَنَظَرَ عُمَرُ ثُمَّ قَالَ: نَسِيتَ أَنْ تَغْسِلَ هَذَا الْعَرَقَ الَّذِي تَحْتَ أُذُنِهَا، عَذَّبْتَ بَهِيمَةً مِنَ الْبَهَائِمِ فِي شَهْوَةِ عُمَرَ، لَا وَاللَّهِ لَا يَذُوقُهُ عُمَرُ، عَلَيْكَ بِمِكْتَلِكَ.

((فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل (1 / 319):

عبدالله بن محمد بن عائشة

==============

وهذا عبدالله بن محمد بن عائشة قال محمد بن زكريا الغلابي شهدت عبد الله بن محمد بن عائشة ليلة وقد خرج من المسجد بعد المغرب يريد منزله وإذا في طريقه غلام من قريش سكران وقد قبض على امرأة فجذبها فاستغاثت فاجتمع الناس عليه يضربونه فنظر إليه ابن عائشة فعرفه فقال للناس تنحوا عن ابن أخي ثم قال إلي يا ابن أخي فاستحيا الغلام فجاء إليه فضمه إلى نفسه ثم قال له امض معي فمضى معه حتى صار إلى منزله فأدخله الدار وقال لبعض غلمانه بيته عندك فإذا أفاق من سكره فأعلمه بما كان منه ولا تدعه ينصرف حتى تأتيني به فلما أفاق ذكر له ما جرى فاستحيا منه وبكى وهم بالانصراف فقال الغلام قد أمر أن تأتيه فأدخله عليه فقال له أما استحييت لنفسك أما استحييت لشرفك أما ترى من والدك فاتق الله وانزع عما أنت فيه فبكى الغلام منكساً رأسه ثم رفع رأسه وقال عاهدت الله تعالى عهداً يسألني عنه يوم القيامة أني لا أعود لشرب النبيذ ولا لشيء مما كنت فيه وأنا تائب فقال ادن مني فقبل رأسه وقال أحسنت يا بني فكان الغلام بعد ذلك يلزمه ويكتب عنه الحديث وكان ذلك ببركة رفقه بهذا الغلام))(( إحياء علوم الدين (2 / 335):

الرحمة توجب الجنة

============

أحبتي في الله الرحمة توجب الجنة فقد ورد في صحيح مسلم عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا، فَأَطْعَمْتُهَا ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ، فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً، وَرَفَعَتْ إِلَى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا، فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا، فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ، الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بَيْنَهُمَا، فَأَعْجَبَنِي شَأْنُهَا، فَذَكَرْتُ الَّذِي صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ، أَوْ أَعْتَقَهَا بِهَا مِنَ النَّارِ»

لذالك الصالحون كانوا رحما بغيرهم فهاهو الإمام ابن تيمية كَانَ مارا يَوْمًا فِي بعض الازقة فَدَعَا لَهُ بعض الْفُقَرَاء وَعرف الشَّيْخ حَاجته وَلم يكن مَعَ الشَّيْخ مَا يُعْطِيهِ فَنزع ثوبا على جلده وَدفعه اليه وَقَالَ بِعْهُ بِمَا تيَسّر وأنفقه وَاعْتذر اليه من كَونه لم يحضر عِنْده شئ من النَّفَقَة((الأعلام العلية في مناقب بن تيمية ))

وفي الختام

-------------

احبتي في الله لا بد وأن أن نتراحم فيما بيننا وننشر الرحمة وننزع الحقد والضغينة والكراهية من قلوبنا فقبل أن نبحث السلام في الإسلام علينا ترسيخ السلام في ضمائرنا حتى نعكس الصورة الصحيحة للإسلام وتسامحه ., وانظروا إلى سيدنا النبي صلى الله عليه كيف يراعي الفرد في غزواته وكيف كان متسامحا في غزواته فكان يأمر بعدم قطع الشجر وعدم التعرض لكبار السن والنساء والأطفال وأيضا عدم التعرض للمتعبدين وهذا تطبيق عملى للتسامح والسلام والرحمة الذين كان يتحلى بهم المصطفى صلى الله عليه وسلم وهذا نموذج للمسلمين وللناس عامة فحق في نبينا صلى الله عليه وسلم  قول الله عز وجل ((وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ))

الدعاء      أقم الصلاة