فضل القرآن الكريم وواجبنا نحوه للشيخ أحمد أبو عيد





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين واشهد أن لا اله إلا الله ولي الصالحين واشهد أن محمدا عبد الله ورسوله إمام النبيين
وبعد
العناصـــر
أولاً:تعريف القرآن
ثانياً:فضل القران الكريم
ثالثا: واجبنا نحو كتاب الله تعالى
رابعاً: رابعاً:حرمة هجر القران
المـــوضــــوع
أولاً:تعريف القرآن
لغة:لفظ القرآن مصدر مشتق من ( قرأ ) يقال قرأ ، يقرأ ،قراءة ، وقرآناً ومنه قوله تعالى" إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه "
اصطلاحاً: كلام الله المنزل علي نبيه محمد  المعجز بلفظه المتعبد بتلاوته المنقول بالتواتر المكتوب في المصاحف من أول سورة الفاتحة إلي آخر الناس.
ثانياً:فضل القران الكريم
1-الخروج من ظلمات الجهل إلى نور الإيمان
قال تعالى : " كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ "
2-تحدى الله جميع المخلوقين أن يأتوا بمثله
قال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}[البقرة: 23].
وقال تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}الإسراء
وقال تعالى :{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}[هود: 13]
3-السعادة في الدنيا والآخرة
قوله تعالى: { فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى *  وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه:123، 126]
4-الذين يتبعونه هم أولو الألباب
قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 18].
وقال تعالى: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾
5-سبيل الهداية الى الصراط المستقيم
قال تعالى:{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ}الشورى
6-تبشير المؤمنين وإنذار الكافرين
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا * مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا ﴾ الكهف: 1 - 3.
وقال في سورة الإسراء: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ الإسراء: 9..
7-شفاء ورحمة للمؤمنين
وقال تعالى: "وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا "(الإسراء: 82)
8-خير من جمع المال
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة فقال: ((أيكم يحب أن يغدو كل يوم بطحان أو العقيق فيأتي بناقتين كوماوين في غير إثم بالله ولا قطع رحم؟ فقلنا: يا رسول الله كلنا نحب ذلك فقال: فلئن يغدو أحدكم كل يوم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين وثلاث خير له من ثلاث وأربع خير له من أربع ومن أعدادهن من الإبل)) مسلم
9-تولى الله حفظه
قال يحيى بن أَكْثم: كان للمأمون - وهو أميرٌ إذْ ذاك - مجلِسُ نظر،
 فدخَل في جملة الناس رجلٌ يهودي، حسَنُ الثَّوب، حسن الوجه، طيِّب الرائحة، قال: فتكلَّمَ فأحسن الكلامَ والعبارة.
 فلما تقوَّض المجلسُ دعاه المأمون، فقال له: إسرائيليٌّ؟ قال: نعم.
 قال: أسلِم حتى أفعل بك وأصنعَ، ووعَدَه، فقال: ديني ودين آبائي، وانصرف، قال: فلمَّا كان بعد سنة جاء مسلمًا، فتكلَّم على الفقه، فأحسنَ الكلام، فلما تقوَّض المجلسُ دعاه المأمون، وقال: ألست صاحِبَنا بالأمس؟ قال: بلى، قال: فما كان سبب إسلامك؟ قال: انصرفتُ من حضرتك، فأحببتُ أن أمتحِن هذه الأديان، وأنت تراني حسَنَ الخطِّ، فعمدتُ إلى التوراة، فكتبت ثلاث نُسَخ، فزِدْتُ فيها ونقَصْت، وأدخلتُها البيعة، فاشتُرِيت منِّي، وعمدتُ إلى الإنجيل، فكتبت ثلاث نسخ، فزدتُ فيها ونقصت، وأدخلتها الكنيسة، فاشتُرِيت مني،وعمدت إلى القرآن، فحملت ثلاث نسخ، وزدت فيها ونَقَصْت، وأدخلتُها الورَّاقين، فتصفَّحوها،فلما وجدوا فيها الزِّيادة والنقصان، رموا بها فلم يشتروها، فعلمتُ أنَّ هذا كتابٌ محفوظ، فكان هذا سببَ إسلامي، وصدق الله تعالى إذ يقول: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ الحجر: 9
10-اطمئنان القلوب
قال تعالى:﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾
11-أحسن الحديث
فقال سبحانه وتعالى: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ [الزمر: 23.
12-أهل القران هم أهل الله وخاصته
وروى النسائي وابن ماجة والحاكم بإسناد صحيح عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ"، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ:"هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ
13-جواز جعل القران مهرا
عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت: إنها قد وهبت نفسها لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((ما لي في النساء من حاجة، فقال رجل: زوجنيها، قال: أعطها ثوبا، قال: لا أجد، قال: أعطها ولو خاتما من حديد، فاعتل له، فقال: ما معك من القرآن: قال: كذا وكذا قال: فقد زوجتكها بما معك من القرآن))
14-هو الكتاب المهيمِنُ على ما عَداه من الكُتُبِ التي أنزَلَها الله - جلَّ وعلا
قال تعالى:﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ﴾ [المائدة: 48]، قال ابن سعدي: "أي: مشتملاً على ما اشتَملتْ عليه الكُتُبُ السابقة وزيادةً في المطالب الإلهيَّة والأخلاق النفسيَّة".
15-أنَّ الغبطةَ الحقيقيَّة والحسَدَ المحمود إنما يكونُ لمن حَفِظَ القُرآن الكريم وقام بحقِّه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لا حسَدَ إلا في اثنتين: رجل علَّمَه الله القُرآنَ فهو يَتلُوه آناءَ الليل وآناءَ النهار، فسَمِعَه جارٌ له، فقال: ليتني أُوتِيتُ مثلَ ما أُوتِيَ فلان، فعملتُ مثلَ ما يعمل...)) الحديث؛ رواه البخاري.
16-علو المنزلة في الدنيا والآخرة
فعن عمرَ بن الخطابِ رضي اللَّه عنهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « إِنَّ اللَّه يرفَعُ بِهذَا الكتاب أَقواماً ويضَعُ بِهِ آخَرين » مسلم
وعن عائشة رضي اللَّه عنها قالتْ : قال رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : "الَّذِي يَقرَأُ القُرْآنَ وَهُو ماهِرٌ بِهِ معَ السَّفَرةِ الكرَامِ البررَةِ ، والذي يقرَأُ القُرْآنَ ويتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُو عليهِ شَاقٌّ له أجْران "  متفقٌ عليه  .
وعن عبد الله بن عمرو (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما)قال: قال رسولُ الله (صلَّى الله عليه وسلم): (يقالُ لصاحبِ القرآن: اقرَأ وارتَقِ، ورتِّل كما كُنْتَ ترتِّل في الدُنيا، فإن منزِلَكَ عندَ آخرِ آية تقرؤها) (سنن أبي داود).
وعن أبي أمامة (رضي الله عنه) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: (يُؤْتَى بِالْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ تَقْدُمُهُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَآلُ عِمْرَانَ). وَضَرَبَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) ثَلاَثَةَ أَمْثَالٍ مَا نَسِيتُهُنَّ بَعْدُ، قَالَ: (كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ ظُلَّتَانِ سَوْدَاوَانِ بَيْنَهُمَا شَرْقٌ أَوْ كَأَنَّهُمَا حِزْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا) (صحيح مسلم)
وروى البخاري عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالْأُتْرُجَّةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ، وَالَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالتَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلَا رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا مُرٌّ وَلَا رِيحَ لَهَا"متفق عليه
17-الجزاء بعد الموت
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : "إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ".الترغيب والترهيب
 وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ؛ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ". الترغيب والترهيب
17-الشفاعة بين يدي الله
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيَقُولُ يَا رَبِّ حَلِّهِ ، فَيُلْبَسُ تَاجَ الْكَرَامَةِ ، ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ زِدْهُ ، فَيُلْبَسُ حُلَّةَ الْكَرَامَةِ ، ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ ارْضَ عَنْهُ ، فَيَرْضَى عَنْهُ ، فَيُقَالُ لَهُ : اقْرَأْ وَارْقَ وَتُزَادُ بِكُلِّ آيَةٍ حَسَنَةً " أخرجه الترْمذي وقال : حديث حسن صحيح
وعن أَبي أُمامَةَ رضي اللَّه عنهُ قال : سمِعتُ رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقولُ : « اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإِنَّهُ يَأْتي يَوْم القيامةِ شَفِيعاً لأصْحابِهِ " أخرجه مسلم
وعَن النَّوَّاسِ بنِ سَمعانَ رضيَ اللَّه عنهُ قال : سمِعتُ رسول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقولُ : «يُؤْتى يوْمَ القِيامةِ بالْقُرْآنِ وَأَهْلِهِ الذِين كانُوا يعْمَلُونَ بِهِ في الدُّنيَا تَقدُمهُ سورة البقَرَةِ وَآل عِمرَانَ ، تحَاجَّانِ عَنْ صاحِبِهِمَا » [ أخرجه مسلم ] ،
وروى الطبراني في المعجم الكبير عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :"الْقُرْآنُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ، وَمَاحِلٌ مُصَدَّقٌ، مَنْ جَعَلَهُ أَمَامَهُ قادَهُ إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَنْ جَعَلَهُ خَلْفَهُ سَاقَهُ إِلَى
النَّارِ"السلسلة الصحيحة. الماحِلُ: المجادلُ لصاحبه لما يتبع ما فيه.

وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم " يجيء القرآن يوم القيامة كالرجل الشاحب يقول لصاحبه : هل تعرفني ؟ أنا الذي كنت أسهر ليلك واظميء هواجرك وإن كل تاجر من وراء تجارته وأنا لك اليوم من وراء كل تاجر فيعطى الملك بيمينه والخلد بشماله ويوضع على رأسه تاج الوقار ويكسى والداه حلتين لا تقوم لهم الدنيا وما فيها فيقولان : يا رب أنى لنا هذا ؟ فيقال : بتعليم ولدكما القرآن . وإن صاحب القرآن يقال له يوم القيامة : اقرا وارق في الدرجات ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلك عند آخر آية معك" السلسلة الصحيحة

ثالثا: واجبنا نحو كتاب الله تعالى
1-الإيمان به على مقتضى مذهب أهل السنة والجماعة.
فنعلم أنَّ الإيمانَ بالكُتُبِ التي أنزَلَها الله تعالى أحدُ أركان الإيمان
قال تعالى﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ﴾ [النساء: 136].
 وقال - صلى الله عليه وسلم - لما سأَلَه جبريل عن الإيمان: ((أنْ تؤمنَ بالله وملائكته وكُتُبِه ورسله واليوم الآخِر وتؤمنَ بالقدر خيرِه وشرِّه.
 وقال الطحاوي في سِياق ذِكر عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة: "وأنَّ القُرآن كلامُ الله، منه بدَا بلا كيفيَّة قولاً، وأنزَلَه على رسولِه وحيًا، وصدَّقَه المؤمنون على ذلك حقًّا، وأَيْقَنوا أنَّه كلامُ الله تعالى بالحقيقة، ليس بمخلوقٍ ككلام البريَّة... ولا نُجادِلُ في القُرآن، ونشهدُ أنَّه كلامُ ربِّ العالمين، نزَلَ به الرُّوح الأمين، فعلَّمه سيِّد المرسلين محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وهو كلام الله تعالى، لا يُساويه شيءٌ من كلام المخلوقين، ولا نقولُ بخلقِه، ولا نخالفُ جماعةَ المسلمين"، ا.هـ.
 وقال ابن عثيمين: "ونؤمنُ بأنَّ القُرآن الكريم كلام الله تعالى، تكلَّم به حقًّا، وألقاه إلى جبريل، فنزل به جبريل على قلب النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم"، ا.هـ.
2-تلاوته وتدبّره وتحديد ورد ثابت يوميا
فإن في تدبره وتلاوته
أ-التجارة الرابحة التي لا خسارة فيها
قال تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ"
وعن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ» الترمذي/ صحيح.
ب-نزول السكينة والرحمة
عن أبِى هريرة رضِى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده » [ أخرجه مسلم
ج-تدبر آياته
﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 18].
وقال تعالى:﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾
د- تحديد ورد ثابت يوميا
 والسؤال: هل هناك مسلم لا يمكن أن يختم القرآن في حياته؟! هذه مصيبة كبرى! وأنا أسألك أيها القارئ الكريم: أتذكر آخر مرة ختمت فيها القرآن؟! أخشى أن تكون ختمة رمضان الماضي؟!.. وأن يكون مصحفك قد وضع على الرف بعد رمضان وعلاه التراب.. واحذر أن يشهد عليك القرآن أنك هجرته يوم القيامة!! وماذا تفعل لو لم تقرأ وردك اليومي؟!
   بعض الصحابة كان إذا فاته ورده يبكي.. وقد دخلوا على أحدهم ذات مرة فوجدوه يبكي بشدة، فسألوه: أتشتكي وجعا؟ قال: أشد.. أشد، قالوا: وما ذاك؟ قال: نمت بالأمس ولم أقرأ وردي، وما ذلك إلا بذنب أذنبته!!
   إن كثيرا من الناس يقضون أوقاتا طويلة في قراءة الجرائد.. وقد ينزلون بالليل لكي يحصلوا على صحيفة الغد بتلهف واهتمام! فلماذا لا يحظى كتاب الله ولو بمثل هذا الاهتمام؟! أتزهد في ثواب القرآن؟؟؟؟! وبعض الناس يضيع وقته في التفكير والنظر إلى لا شيء وإذا سئل يقول: لا أجد شيئا أعمله!! وهل نسي المسكين كتاب الله؟.   
روي أن عبد الله بن عمر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا
رسول الله في كم أقرأ القرآن؟ فقال: في ثلاثين أي تقرأ كل يوم جزءا؛ فقال ابن عمر: في ثلاثين! إني أطيق أكثر من ذلك! (وانظر إلى هذا النهم وهذا الحب وهذه اللهفة على قراءة القرآن) فقل: ففي عشرين قال: إني أجد قوة ( انا أقوى من هذا) قال: ففي عشر، فقال: فإني أطيق أكثر من ذلك! فقال: ففي خمس قال: يا رسول الله: إني أطيق أكثر من ذلك! قال صلى الله عليه وسلم: في ثلاث ولا أقل من هذا.. وقال صلى الله عليه وسلم: من قرأه في أقل من ثلاث لم يفقهه. رواه الامام أحمد 2\164.
3-وجوب التأثر به
 يجب على المسلم أن يتأثر بالقرآن عند تلاوته ويتفاعل معه فيضطرب أو يهتز قلبه، ويشعر أن القرآن يتنزل عليه هو وفي لحظة قراءته، كما حكي الشاعر الكبير محمد إقبال قال: كان أبي يقول لي: يا بني اقرأ القرآن وكأنما عليك أنزل!! وبهذا يذوق المسلم حلاوة القرآن ويستشعر عظمته..
أ- وهذا هو الرسول الأكرم والمعلم الأعظم يضرب المثل والقدوة في التأثر بالقرآن والتجاوب مع آياته الكريمة، قال يوما لعبد الله بن مسعود: اقرأ عليّ القرآن، فيقول ابن مسعود: يا رسول الله: أأقرأ عليك وعليك انزل؟ فقال: إني أحب أن أسمعه من غيري رواه البخاري  ومسلم
فجلست أقرأ عليه سورة النساء، حتى وصلت إلى قول الله عز وجل: فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} النساء 41، فقال له صلى الله عليه وسلم: حسبك الآن أي كفى، فنظرت إليه فإذا عيناه تذرفان (أي يبكي من التأثر بالقرآن والتعايش معه؛ إذ علم أنه صلى الله عليه وسلم المقصود والمعني بهذه الآية).
وأنا أسألك أخي القارئ العزيز: هل بكيت وأنت تقرأ القرآن ذات مرة؟!.
وهذا صحابي آخر يقول: كنا نسمع  لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ القرآن في الصلاة أزيزا كأزيز المرجل من البكاء (أي أنه صلى الله عليه وسلم كان يحدث مثل الهزة عند القراءة لشدة تأثره بها، وأزيز المرجل هو صوت الإناء الذي يغلي به الماء)!!
 ب- الصديق رضي الله عنه تلميذ النبي الأول ورفيقه في حياته وبعد مماته، لما اشتكى النبي صلى الله عليه سلم مرضه الذي مات فيه قال لآل بيته:مروا أبا بكر فليصل باناس فكأنهم تعجبوا من ذلك وقالوا يا رسول الله: غن أبا بكر رجل أسيف ( شديد التأثر بالقرآن ) إذا قرأ القرآن بكى!! رواه البخاري 664 ومسلم
ج- سيدنا عمر رضي الله عنه كان يسير في الطريق ذات يوم فسمع رجلا يقرأ قوله تعالى من سورة الطور:{ إنّ عذاب ربك لواقع*ماله من دافع}.. فسقط مغشيّا عليه، فحمله الناس الى بيته وظلوا يزرونه شهرا، يظنون أن به مرضا، وما به مرض بل شدة الخوف من الله تعالى واستحضار لمشهد يوم القيامة العظيم، وشدة عذاب الله تعالى للكافرين.
4-وجوب تعلمه وتعليمه
أ-الخيرية في تعلمه وتعليمه
عن عثمانَ بن عفانَ رضيَ اللَّه عنهُ قال : قالَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « خَيركُم مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعلَّمهُ " [ أخرجه البخاري  .
فإنْ كان القُرآن الكريم قد شَرُفَ وعَلَتْ منزلته بين الكتب السماويَّة، وشَرُفَ مَن عمل به، وفاز مَن آمن به، وحاز قارئه الأجرَ الكثير، فإنَّ لحافظِه من البركات والخيرات الشيء الكثير، كيف لا يكون كذلك مَن حوى كتابَ الله تعالى في صدره وملأ قلبَه به وأكثَرَ لسانُه من تلاوته.
وإنَّ لحفظ القُرآن الكريم من الفَضائل والفَوائد ما يدعو المسلمَ إلى المسارعة إلى هذا الخير والمشاركة فيه؛ حتى يكونَ من أهل القُرآن الذين هم أهل الله وخاصَّته، كما في الحديث.
وإذا كان القُرآن الكريم كلامَ الله تعالى، وإليه التحاكُم والحكمُ، وهو المرجع عند النِّزاع والخلاف لدى أمَّة محمد -صلى الله عليه وسلم- فما ظنُّكم بِمَن يحفَظُه ويُعنَى به ويشغل به وقته؟!
ففي الحديث القدسي: "إنما بعثتك لأبتَلِيَك وأبتَلِيَ بك، وأنزلتُ عليك كتابًا لا يغسلُه الماء، تقرؤه نائمًا ويقظان))؛ رواه مسلم.
قال النووي: فمعناه: محفوظ في الصُّدور، لا يتطرَّق إليه الذهاب، بل يبقى على مَرِّ الزمان.
وقال ابن حزم: اتَّفقوا على أنَّ حِفظ شيءٍ من القُرآن واجبٌ، واتَّفقوا على استِحباب حفظ جميعِه، وأنَّ ضبطَ جميعِه واجبٌ على الكفاية لا متعين، ا.هـ.
وقال الزركشي: قال أصحابنا: تعلُّم القُرآن فرضُ كفاية، وكذلك حفظه واجبٌ على الأمَّة، ا.هـ.
وقال ابن خلدون: اعلم أنَّ تعليمَ الولدان للقُرآن شِعار الدِّين، أخَذ به أهل الملة ودرَجُوا عليه في جميع أمصارهم؛ لما يسبقُ فيه إلى القُلوب من رسوخ الإيمان وعقائده، وصار القُرآن أصلَ التعليم الذي ينبَنِي عليه ما يحصلُ بعدُ من الملكات، ا.هـ.
وقال أبو الفضل الرازي: وعلى الحِفظ والتحفُّظ كان الصدر الأوَّل ومَن بعدهم، فلم يكن الفُقَهاء منهم ولا المحدِّثون والوعَّاظ يتخلَّفون عن حِفظ القُرآن الكريم والاجتهاد على استِظهاره، إلى أنْ خلفهم الخلفُ الذين فاتَهُم من طراوتهم وحَداثتهم طلبُ حفظِ القُرآن الكريم وفي أوانه، ولَحِقَهم العجزُ والبَلادةُ على سنِّهم... ا.هـ بتصرُّف يسير.
وجعل الله حفظَه مُيسَّر للجميع، كما قال سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [القمر: 17]، وقد ذكَر العلماء أنَّ من معجزات القُرآن الكريم تيسير حِفظه، كما قال النويري: والقُرآن قد يسَّر الله تعالى حفظَه على الغِلمان في المدَّة القريبة والنِّسوان، وقد رأينا مَن حفظه على كبر سنِّه، وهذا من معجزاته، ا.هـ.
وقال ابن تيميَّة: وأمَّا طلب حِفظ القُرآن فهو مقدَّم على كثيرٍ ممَّا تُسمِّيه الناس علمًا، وهو إمَّا باطلٌ أو قليلُ النَّفع، وهو أيضًا مُقدَّم في التعلُّم في حقِّ مَن يريدُ أنْ يتعلَّم علمَ الدِّين من الأصول والفروع؛ فإنَّ المشروع في حَقِّ مثلِ هذا في هذه الأوقات أنْ يبدأ بحفظ القُرآن؛ فإنَّه أصلُ علوم الدِّين... والمطلوب من القُرآن هو فهم مَعانِيه والعمل به، فإنْ لم تكن هذه همَّة حافظه لم يكن من أهل العِلم والدِّين، ا.هـ.
ب-وجوب تعليمه للأبناء لأنها أمانه ويجب أدائها وعدم خيانتها
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ " متفق عليه
وقال تعالى "يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون "
" وقال تعالى يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم "
وقال تعالى " والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكداً كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون "  الأعراف
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ "  متفق عليه
وقال تعالى ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ﴾ المزمل: 20.
ج- مراجعة ما نحفظ من القرآن:
 فلا يصح لمسلم أن يحفظ كلام الله ثم ينساه، ومما يعين على الحفظ كثرة المراجعة والصلاة بما تحفظ خاصة في قيام الليل.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: عرضت عليّ ذنوب أمتي فلم أجد ذنبا أعظم من سورة أو آية أوتيها رجل ثم نسيها.. رواه أبو داود 461 والترمذي 1916 تحقيق الألباني ( ضعيف ) انظر حديث رقم : 3700 في ضعيف الجامع .
وهذا تحذير من النبي صلى الله عليه وسلم، وبيان لصعوبة موقف المسلم الذي لا يعتني بالقرآن العناية الواجبة، فينساه بعد أن يحفظه.
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال تعاهدوا القرآن فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من
 الإبل في عقلها " رواه مسلم
 ويفضل لمن لا يحفظ شيئا من القرآن أو من يودّ الحفظ بشكل منتطم أن يبدأ من سورة الناس.. وحبذا لو حرصت على قراءة تفسير ما تقرأ أو تحفظ، لأن معرفة التفسير من الوسائل المعينة على تثبيت الحفظ وسرعة التذكر..  وأكرر نصيحتي لك بأن تحرص على أن تقوم الليل بما تحفظ من القرآن.
5-العمل بما فيه
انطِلاقًا من طاعة الله سبحانه الواجبة؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ ﴾ [الأنفال: 20].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ الأنفال:
وفي "صحيح مسلم" عن النَّوَّاس بن سمعان الكلابي قال: سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: ((يُؤتَى بالقُرآنِ يومَ القيامة وأهلِه الذين كانوا يعمَلُون به، تقدمُه سورةُ البقرة وآل عمران كأنهما غَمامتان أو ظُلَّتان سَوْداوان، بينهما شرقٌ أو كأنهما حِزقان - أي: جماعتان - من طيرٍ صوافَّ، تحاجَّان عن صاحبهما))، قال في "النهاية": "الشَّرْقُ هاهنا الضَّوء، وهو الشمس والشقُّ أيضًا".
 أخرج سعيد بن منصور عن مِسعَر قال: أتى عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - رجلٌ فقال: أوصِنِي فقال: "إذا سمعتَ اللهَ - عزَّ وجلَّ - يقولُ في كتابه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ فأصغِ لها سمعَك؛ فإنَّه خيرٌ تُؤمَر به، أو شرٌّ تُصرَف عنه".
وأمرُ الله لا بُدَّ من تنفيذِه وامتِثاله؛ ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا
قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].
ولو تأملنا حال الصحابة الكرام (رضي الله عنهم) مع القرآن الكريم لوجدنا أنهم لم يكتفوا بالقراءة أو الاستماع فقط ، بل قرأوا وتدبروا ، فتعلقت به قلوبهم ، وارتبطت به نفوسهم ، فكانوا يطبقونه قولاً وعملاً ، يأتمرون بأوامره ، ويبتعدون عن نواهيه ، لذلك ما بلغوا ما بلغوه من الفضائل والرفعة إلا بفضل العمل بالقرآن الكريم ، واستجابة لأوامره ، لقد حفظ سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) سورة البقرة في ثماني سنوات ليس لبطء في حفظه ولكن لأنه كان يحرص على العلم والعمل معًا ، يقول أبو عبد الرحمن السلمي (رضي الله عنه): «كُنَّا إِذَا تَعَلَّمْنَا الْعَشْرَ مِنَ الْقُرْآنِ لَمْ نَتَعَلَّمِ الْعَشْرَ الَّتِي بَعْدَهَا حَتَّى نَتَعَلَّمَ حَلَالَهَا وَحَرَامَهَا وَأَمْرَهَا وَنَهْيَهَا» [مصنف عبد الرزاق].
ولأن الصحابة الكرام (رضي الله عنهم أجمعين) كانوا يفقهون آيات القرآن الكريم ويتعايشون معها وجدناهم يسارعون إلى طاعة أوامر الله (عز وجل) واجتناب نواهيه ، فحين نزلت آيات النهي عن شرب الخمر ونادى منادٍ : " ألا إن الخمر قد حُرِّمَت" تجاوبوا جميعًا مع القرآن ، فالذي كان في يده شيء من الخمر رماه ، والذي كان في فمه شربة مجَّها ، والذي كان عنده في أوان أراقها، استجابة لأوامر القرآن الكريم ، حتى امتلأت بها سكك المدينة وقالوا انتهينا يا ربنا ، وكذلك حين نزل قول الله تعالى:{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}[آل عمران: 92] قام سيدنا أبو الدحداح إلى أجمل حديقة عنده وأحبها إليه وتصدق بها، ومن هنا استطاع الصحابة الكرام (رضي الله عنهم) حفظ كتاب الله لأنه لم يكن بالنسبة لهم مجرد كلمات ؛ بل كان منهجًا تربويًّا سلوكيًّا
إيمانيًّا ظهر في تعاملاتهم فيما بينهم؛ بل ومع غيرهم.
6-الأدب مع القرآن الكريم والتخلق بأخلاقه
 فإن من الواجب على قارئ القرآن الكريم أن يتأدب بآدابه ، ويتخلق بأخلاقه ، ويتمسك بتعاليمه ، فبأخلاقه يتحرر الإنسان من أهوائه وشهواته ، وتتقوى نفسه بالأخلاق القويمة ، قال تعالى:{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}[الإسراء: 9] ، وأسوتنا في ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد كان قرآنا يمشي على الأرض ، يتخلق بخلقه ، يرضى برضاه، ويسخط لسخطه ، وقد سئلت السيدة عائشة (رضي الله عنها) عن أخلاقه (صلى الله عليه وسلم) فقالت: «كَانَ خلقه الْقُرْآن»[مسند أحمد].
7-مواجه تحريف الغالين وتأويل المبطلين
الذين يحاولون توظيف القرآن الكريم سياسيًا أو أيديولوجيًا للحصول على مأرب أو مغنم، فيجب أن يُتَلقى القرآن الكريم لفظًا ومعنى من أهل الذكر المتخصصين من علماء الأمة الموثوق بعلمهم الذين يعلمون الناس صحيح الدين ومنهج الإسلام القويم ، والذين لا يوظفونه لمصالحهم أو يفسرونه وفق أهوائهم.
8-توقيره وتوقير أهله العاملين به وصيانته عن أي امتهان
 كاتخاذه للزينة أو اللعب بكتابته كالذين يكتبونه بخط صغير جدّاً في صفحة واحدة، أو اتخاذه للغناء والتجارة، أو كتابته على الميداليات... وغيرها من الأشياء التي يصعب صرفها عن الامتهان والسقوط أو الدخول بها في الخلاء لقضاء الحاجة.. أو الاتكاء عليه أو تركه على الأرض في صورة المهمل، ونحو ذلك مما يشعر بعدم التوقير، أو اتخاذه رمزاً للكوارث والمصائب في المآتم المبتدعة ونحوها، أو خلطه مع الهزل كما يفعلونه في برامج أجهزة الإعلام وافتتاح الحفلات الماجنة أو اتخاذه وسيلة لتملق البشر فيستخدم لمدح الفسقة والطواغيت ويتفنن في ذلك من لا يرجون لله وقاراً ولا يقيمون له وزناً، أو يستخدم لإضحاك الناس ولفت أنظارهم كالذين يدخلونه في النكت أو للدعاية لتجاراتهم وصناعاتهم فيقتبسون منه آيات يضعونها على معان فاسدة غير معانيها التي أنزلت لها، كالساعاتي الذي يعلق عنده قوله عز وجل: {إنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمان: 34]، والحائك الذي يكتب على بابه: {وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً} [الإسراء: 12].
بل بلغ الأمر أن بعض المجرمين الذين يزينون النساء كتبوا على أبوابهم {وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ} [الحجر: 16]... وغير ذلك مما يصل إلى حد السخف والهزل بآيات الله، وذلك من الكفر الذي حذر الله منه: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ 66 لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمَانِكُمْ إن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} [التوبة: 65-66].
رابعاً:حرمة هجر القران
قال تعالى : " وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً "
وعنِ ابنِ عباسٍ رضيَ اللَّه عنهما قال : قال رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «إنَّ الَّذي لَيس في جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنَ القُرآنِ كالبيتِ الخَرِبِ » [ أخرجه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح
وفي رواية الطبراني في معجمه: "مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآَنَ وَلا يَعْمَلُ بِهِ كَمَثَلِ رَيْحَانَةٍ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَلا طَعْمَ لَهَا، وَمَثَلُ الَّذِي يَعْمَلُ بِالْقُرْآنِ وَلا يَقْرَؤُهُ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلا رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الَّذِي يَتَعَلَّمُ الْقُرْآَنَ وَيُعَلِّمُهُ كَمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الَّذِي لا يَقْرَأُ الْقُرْآَنَ وَلا يَعْمَلُ بِهِ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا خَبِيثٌ وَرِيحُهَا خَبِيثٌ". تحقيق الألباني :صحيح ، ابن ماجة ( 214 ) // ، التعليق الرغيب ( 2 / 206 )


وصلى اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
إعداد : الشيخ احمد أبو عيد

لمشاهدة الخطبة على اليوتيوب
برجاء الدخول إلى الرابط التالي:

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات