خطورة الشائعات للشيخ أحمد محمد أبو اسلام



عناصر الخطبة
1) منذ فجر التاريخ والشائعات تنشب مخالبها في جسد العالم كله
2) تعريف الشائعة
3)الخاتمة
الخطبة الأولى
=========
الحمد لله مبدع الكائنات، وبارئ النسمات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جزيل العطايا والهبات، وواهب الخيرات والبركات، أمر بالصدق وحرّم الأكاذيب والشائعات. وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله أفضل البريات، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أولي الفضل والمكرمات، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد ...
مقدمة
====
أحبتي في الله
في عالمنا المعاصر الذي يشهد تطوراً تقنياً في وسائل الاتصال أصبحت الإشاعة أكثر رواجًا وأبلغ تأثيرا. وإن الصراع بين الحق والباطل مستمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها، والباطل لا يفتر أبدا في استخدام كل وسيلة تعوق الحق عن مواصلة طريقه، وتحقيق أهدافه لتعبيد الأرض لله رب العالمين، ومن ثم فإنه يستخدم الإشاعات ويحسن صناعتها ليصد الناس عن الحق وأهله، أو ليفرق جمعه، وليثبط أتباعه، أو ليغير صدورهم تجاه بعضهم، أو ليشيع الفاحشة في مجتمعه.
 فما هي الشائعة؟ وما هو خطر الشائعة؟ وماذا فعل الإسلام للشائعات؟ وما هي مفاسد الشائعات؟ وكيف نواجه هذا الشائعات؟ هذا ما سنتناوله معا في هذه الخطبة  بمشيئة الله تعالى.
منذ فجر التاريخ والشائعات تنشب مخالبها في جسد العالم كله
==========================
إخوة الإيمان: ومنذ فجر التأريخ، والشائعات تنشب مخالبها في جسد العالم كله، لا سيما في أهل الإسلام، يروجها ضعاف النفوس والمغرضون من أعداء الديانة، ويتولى أعداء الإسلام عبر التأريخ لا سيما اليهود، قتلة الأنبياء ونقضة العهود، كبر الشائعات بغية هدم صرح الدعوة الإسلامية، والنيل من أصحابها، والتشكيك فيها، ولم يسلم من شائعاتهم حتى الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه، فقد تعرضوا لجملة من الافتراءات والأراجيف ضد رسالتهم تظهر حيناً وتحت جنح الظلام أحياناً: {فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ} [البقرة:87].
الشائعات ضد الأنبياء السابقين
================
فهذا المسيح عليه السلام، تشكك الشائعات المغرضة فيه وفي أمه الصديقة: {يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً} [مريم:28].
والكريم بن الكريم بن الكريم يوسف عليه السلام، نموذج من نماذج الطهر والنقاء ضد الشائعات المغرضة التي تمس العرض والشرف: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف:24].
حادثة الإفك
=======
والسيرة العطرة لرسول الهدى صلى الله عليه وسلم أنموذج يحمل في طياته نماذج حية، لتاريخ الشائعة والموقف السليم منها، فقد رميت دعوته المباركة بالشائعات منذ بزوغها، فرمي بالسحر والجنون والكذب والكهانة، وتفنن الكفار والمنافقون الذين مردوا على النفاق في صنع الأراجيف الكاذبة، والاتهامات الباطلة ضد دعوته عليه الصلاة والسلام.
ولعل من أشهرها قصة الإفك المبين، تلك الحادثة التي كشفت عن شناعة الشائعات، وهي تتناول بيت النبوة الطاهر، وتتعرض لعرض أكرم الخلق على الله صلى الله عليه وسلم وعرض الصديق والصديقة، وصفوان بن المعطل رضي الله عنهم أجمعين، وتشغل هذه الشائعة المسلمين بـ المدينة شهراً كاملاً، والمجتمع الإسلامي يصطلي بنار تلك الفرية، ويتعذب ضميره، وتعصره الشائعة الهوجاء عصراً، ولولا عناية الله لعصفت بالأخضر واليابس، حتى تدخل الوحي ليضع حداً لتلك المآساة الفظيعة، ويرسم المنهج للمسلمين عبر العصور للموقف الواجب اتخاذه عند حلول الشائعات المغرضة.
قال الله: {لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ} [النور:12] إلى قوله سبحانه: {وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ * يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [النور:16 - 17].
فمكثت السيدة عائشة تلك المدة العصيبة لا يرقألها جفن ولا تكتحل عينها بنوم حتى برأها الله من فوق سبع سموات، رضي الله عنها وأرضاها.

ما هي الشائعة؟
الشائعة:مصدر أشاع، وشاع الخبر في الناس شيوعا، أي: انتشر وذاع وظهر. والشائعة هي الأخبار التي لا يُعلم من أذاعها. فلو سألت من ينقل الشائعة عن مصدرها سيقول لك قالوا زعموا .والشائعة نشر الأخبار التي ينبغي سترها، لأن فيها إيذاء للناس .
الشائعات
كم  دمرت من مجتمعات و هدمت من أسر، و فرقت بين أحبة. 
الشائعات
كم أهدرت من أموال، و ضيعت من أوقات. 
الشائعات
كم أحزنت من قلوب، و أولعت من أفئدة، و أورثت من حسرة.
الشائعات
كم أقلقت من أبرياء، وكم حطمت من عظماء وأشعلت نار الفتنة بين الأصفياء. 
فانظروا إلى هذه القصة التي لا أعلم مصدرها ولكنها للعظة والعبرة
روي ان رجلا رأى غلاما يباع وليس به عيب ... (الا انه نمام فقط)... فاستخف بالعيب واشتراه فمكث عنده أياما ثم قال لزوجة سيده : إن سيدي يريد أن يتزوج عليك وقال : انه لا يحبك فان أردت أن يعطف عليك ويترك ما عزم عليه فان نام خذي الموس واحلقي شعرات من تحت لحيته واتركي الشعرات معك .

فقالت في نفسها : نعم. وعزمت على ذلك اذا نام زوجها.
ثم جاء زوجها وقال له : ان سيدتي زوجتك قد اتخذت لها صديقا ومحبا غيرك وتريد ان تخلص منك وقد عزمت على ذبحك الليلة وان لم تصدقني فتظاهر بالنوم الليلة وانظر كيف تجيء اليك وفي يدها شيء تريد أن تذبحك به وصدقه سيده
وقال: لنرى,فلما جاء الليل جاءت المراة بالموس لتحلق الشعرات من تحت لحيته والرجل يتظاهر بالنوم فقال في نفسه: والله لقد صدق الغلام فلما وضعت الموس وأهوت الى حلقه قام وأخذ الموس منها وذبحها به فجاء أهلها فوجدوها مقتولة فقتلوه , فوقع القتال بين الفريقين شؤم ذلك العبد النمام.
كم بهذه الألسنة أرحام تقطعت.. وأوصال تحطمت.. وقلوب تفرقت
كم بهذه الألسنة نزفت دماء.. وقُتل أبرياء.. وعُذب مظلومون
كم بها طُلّقت أمهات.. وقذفت محصنات
كم بها من أموال أُكلت.. وأعراض أُنتهكت.. ونفوس زهقت
هي والله الشائعات فاحذروها فكم فرقت بين الأزواج ودمرت الأسر
الشائعات كم نالت من علماء وعظماء؟! وكم هدّمت الشائعة ؟! وتسبّبت في جرائم؟!
الشائعات كم  أثارت فتناً وبلايا، وحروباً ورزايا، وأذكت نار حروب عالمية، ، وإن الحرب أوّلها كلام، ورب مقالة شرّ أشعلت فتنا، لأن حاقداً ضخّمها ونفخ فيها.
الشائعات
كم هزمت من جيوش، وكم أخّرت  في سير أقوام 
الشائعات
والأراجيف تعتبر من أخطر الأسلحة الفتاكة والمدمرة للمجتمعات والأشخاص بل قد تكون مِعْوَل هدم للدين من الداخل أو الخارج، والضرر بالدعوة  والدعاة.
الخطبة الثانية
=======
الحمد الله كتب العزة والكرامة لمن أطاعه. وقضى بالذل والهوان على من عصاه، نحمده سبحانه ونشكره، لا رب لنا سواه ولا نعبد إلا إياه. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، العالم بما في الكون من حوادثٍ وخطوب، وبما ألم بالمسلمين من شدائدٍ وكروب، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله وبارك عليه وعلى آله وصحبه وكل من سار على نهجه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:

سيدنا الطفيل وخطورة الشائعات
=================
فالشائعات تمنع الخير وتصد عن الإيمان فقد ورد عن عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: كَانَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الدَّوْسِيُّ يُحَدِّثُ أَنَّهُ قَدِمَ مَكَّةَ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا فَمَشَى إِلَيْهِ رِجَالُ قُرَيْشٍ، وَكَانَ الطُّفَيْلُ رَجُلًا شَرِيفًا شَاعِرًا لَبِيبًا، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّكَ قَدِمْتَ بِلَادَنَا وَهَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَرَّقَ جَمَاعَتَنَا، وَشَتَّتَ أَمْرَنَا، وَإِنَّمَا قَوْلُهُ كَالسِّحْرِ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَبَيْنَ أَبِيهِ، وَبَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ أَخِيهِ وَبَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ، وَإِنَّا نَخْشَى عَلَيْكَ وَعَلَى قَوْمِكَ مَا قَدْ دَخَلَ عَلَيْنَا فَلَا تَكْلِمَنَّهُ وَلَا تَسْمَعَنَّ مِنْهُ، قَالَ: فَوَاللهِ مَا زَالُوا بِي حَتَّى أَجْمَعْتُ أَنْ لَا أَسْمَعَ مِنْهُ شَيْئًا وَلَا أُكَلِّمَهُ حَتَّى حَشَوْتُ فِي أُذُنَيَّ حِينَ غَدَوْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ كُرْسُفًا فَرَقًا [خوفاً]مِنْ أَنْ يَبْلُغَنِي شَيْءٌ مِنْ قَوْلِهِ. قَالَ: فَغَدَوْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَقُمْتُ قَرِيبًا مِنْهُ فَأَبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُسْمِعَنِي بَعْضَ قَوْلِهِ، فَسَمِعْتُ كَلَامًا حَسَنًا، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: وَاثُكْلَ أُمَّاهُ، وَاللهِ إِنِّي لِرَجُلٌ لَبِيبٌ شَاعِرٌ، مَا يَخْفَى عَلَيَّ الْحَسَنُ مِنَ الْقَبِيحِ فَمَا يَمْنَعُنِي مِنْ أَنْ أَسْمَعَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ مَا يَقُولُ فَإِنْ كَانَ الَّذِي يَأْتِي بِهِ حَسَنًا قَبِلْتُ وَإِنْ كَانَ قَبِيحًا تَرَكْتُ، قَالَ: فَمَكَثْتُ حَتَّى انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِهِ، فَتَبِعْتُهُ حَتَّى إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ قَالُوا لِي كَذَا وَكَذَا، فَوَاللهِ مَا بَرِحُوا يُخَوِّفُونَنِي أَمْرَكَ حَتَّى سَدَدْتُ أُذُنَيَّ بِكُرْسُفٍ لِئَلَّا أَسْمَعَ قَوْلَكَ، ثُمَّ أَبَى الله عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا أَنْ يُسْمِعَنِيهِ، فَسَمِعْتُ قَوْلًا حَسَنًا فَاعْرِضْ عَلَيَّ أَمَرَكَ، قَالَ: فَعَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ الْإِسْلَامَ وَتَلَا عَلَيَّ الْقُرْآنَ فَلَا وَاللهِ مَا سَمِعْتُ قَوْلًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ، وَلَا أَمْرًا أَعْدَلَ مِنْهُ، فَأَسْلَمْتُ وَشَهِدْتُ شَهَادَةَ الْحَقِّ، وَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ إِنِّي امْرُؤٌ مُطَاعٌ فِي قَوْمِي وَإِنِّي رَاجِعٌ إِلَيْهِمْ فَدَاعِيهِمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَ لِي آيَةً تَكُونُ لِي عَوْنًا عَلَيْهِمْ فِيمَا أَدْعُوَهُمْ إِلَيْهِ، فَقَالَ: «اللهُمَّ اجْعَلْ لَهُ آيَةً» . قَالَ: فَخَرَجْتُ إِلَى قَوْمِي حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِثَنِيَّةٍ يُقَالُ لَهَا كَذَا وَكَذَا تُطْلِعَنِي عَلَى الْحَاضِرِ، وَقَعَ نُورٌ بَيْنَ عَيْنَيَّ مِثْلُ الْمِصْبَاحِ قَالَ: قُلْتُ: اللهُمَّ فِي غَيْرِ وَجْهِي إِنِّي أَخْشَى أَنْ يَظُنُّوا أَنَّهَا مُثْلَةٌ وَقَعَتْ فِي وَجْهِي لِفِرَاقِ دِينِهِمْ، قَالَ: فَتَحَوَّلَ فَوَقَعَ فِي رَأْسِ سَوْطِي كَالْقِنْدِيلِ الْمُعَلَّقِ وَأَنَا أَهْبِطُ إِلَيْهِمْ مِنَ الثَّنِيَّةِ حَتَّى جِئْتُهُمْ فَأَصْبَحَتُ فِيهِمْ. فَلَمَّا نَزَلَتُ أَتَانِي أَبِي وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا، فَقُلْتُ: إِلَيْكَ عَنِّي يَا أَبَتِ، فَلَسْتُ مِنْكَ وَلَسْتَ مِنِّي، قَالَ: لَمَ يَا بُنَيَّ؟ قُلْتُ: أَسْلَمْتُ وَتَابَعْتُ دِينَ مُحَمَّدٍ، قَالَ: يَا بُنَيَّ، فَدِينِي دِينُكَ، قَالَ: قُلْتُ: فَاذْهَبْ يَا أَبَتِ فَاغْتَسِلْ وَطَهِّرْ ثِيَابَكَ، ثُمَّ تَعَالَ  حَتَّى أُعَلِّمَكَ مَا عُلِّمْتُ، قَالَ: فَذَهَبَ فَاغْتَسَلَ وَطَهَّرَ ثِيَابَهُ ثُمَّ جَاءَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمَ. ثُمَّ أَتَتْنِي صَاحِبَتِي فَقُلْتُ لَهَا: إِلَيْكِ عَنِّي فَلَسْتُ مِنْكِ وَلَسْتِ مِنِّي، قَالَتْ: لَمَ؟ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي؟ قُلْتُ: فَرَّقَ الْإِسْلَامُ بَيْنِي وَبَيْنَكِ، أَسْلَمْتُ وَتَابَعْتُ دِينَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: فَدِينِي دِينُكَ، قَالَ: قُلْتُ: فَاذْهَبِي إِلَى حَنَى ذِي الشَّرَى فَتَطَهَّرِي مِنْهُ وَكَانَ ذُو الشَّرَى صَنَمًا لِدَوْسٍ وَكَانَ لِلْحَنَى حِمًى حَوْلَهُ وَبِهِ وَشْلٌ مِنْ مَاءٍ يَهْبِطُ مِنْ جَبَلٍ إِلَيْهِ، قَالَتْ: بِأَبِي وَأُمِّي أَتَخْشَى عَلَيَّ الصِّبْيَةَ مِنْ ذِي الشَّرَى شَيْئًا؟ قَالَ: قُلْتُ لَا، أَنَا ضَامِنٌ لَكِ، قَالَ: فَذَهَبَتْ وَاغْتَسَلَتْ ثُمَّ جَاءَتْ فَعَرَضْتُ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمَتْ. ثُمَّ دَعَوْتُ دَوْسًا إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَبْطَئُوا عَلَيَّ فَجِئْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنَّهُ قَدْ غَلَبَنِي عَلَى دَوْسٍ الزِّنَا، فَادْعُ اللهَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: «اللهُمَّ اهْدِ دَوْسًا» ، ثُمَّ قَالَ: «ارْجِعْ إِلَى قَوْمِكَ فَادْعُهُمْ إِلَى اللهِ وَارْفُقْ بِهِمْ» ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِمْ فَلَمْ أَزَلْ بِأَرْضِ دَوْسٍ أَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ، ثُمَّ قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْ أَسْلَمَ مَعِي مِنْ قَوْمِي، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ، فَنَزَلْتُ الْمَدِينَةَ بِسَبْعِينَ أَوْ ثَمَانِينَ بَيْتًا مِنْ دَوْسٍ، ثُمَّ لَحِقْنَا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ فَأَسْهَمَ لَنَا مَعَ الْمُسْلِمِينَ " قَالَ ابْنُ يَسَارٍ: فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَارْتَدَّتِ الْعَرَبُ، خَرَجَ الطُّفَيْلُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى فَرَغُوا مِنْ طُلَيْحَةَ، ثُمَّ سَارَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْيَمَامَةِ، وَمَعَهُ ابْنُهُ عَمْرُو بْنُ الطُّفَيْلِ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رُؤْيَا فَاعْبُرُوهَا لِي: رَأَيْتُ أَنَّ رَأْسِي قَدْ حُلِقَ، وَأَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ فَمِي طَائِرٌ، وَأَنَّ امْرَأَةً لَقِيَتْنِي فَأَدْخَلَتْنِي فِي فَرْجِهَا، وَرَأَيْتُ أَنَّ ابْنِي يَطْلُبُنِي طَلَبًا حَثِيثًا، ثُمَّ رَأَيْتُهُ حُبِسَ عَنِّي. قَالُوا: خَيْرًا رَأَيْتَ، قَالَ: أَمَا وَاللهِ إِنِّي قَدْ أَوَّلْتُهَا. قَالُوا: وَمَا أَوَّلْتَهَا؟ قَالَ: أَمَّا حَلْقُ رَأْسِي فَوَضْعُهُ، وَأَمَّا الطَّائِرُ الَّذِي خَرَجَ مِنْ فَمِي فَرُوحِي، وَأَمَّا  الْمَرْأَةُ الَّتِي أَدْخَلَتْنِي فِي فَرْجِهَا فَالْأَرْضُ تُحْفَرُ فَأُغَيَّبُ فِيهَا، وَأَمَّا طَلَبُ ابْنِي إِيَّايَ ثُمَّ حَبْسُهُ عَنِّي فَإِنِّي أُرَاهُ سَيَجْتَهِدَ لِأَنْ يُصِيبَهُ مِنَ الشَّهَادَةِ مَا أَصَابَنِي. فَقُتِلَ الطُّفَيْلُ شَهِيدًا بِالْيَمَامَةِ، وَجُرِحَ ابْنُهُ عَمْرٌو جِرَاحًا شَدِيدًا، ثُمَّ قُتِلَ عَامَ الْيَرْمُوكِ شَهِيدًا فِي زَمَنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ [دلائل النبوة للبيهقي مخرجا (5 / 363):]تخيل لو أن الطفيل استجاب للشائعات لكان قد منع نفسه وأهله هذا الخير العظيم وهو الدخول في خير دين على يد النبي الأمين صلى الله عليه وسلم
اللهم أرنا الحقَّ حقًّا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطلَ باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تلبسه علينا فنضل، يا ذا الجلال والإكرام.
أخيراً
 أيها الحبيب احذر ر  تكون   أنت   الانطلاقة لكل شائعة، واحذر   أن تكون   مروجاً لهذه الشائعات، فإذا ما سمعت ـ  أخي المسلم ـ بخبر ما سواءً سمعته في مجلس عام أو خاص، أو قرأته في مجلة أو جريدة،أو انترنت أو شاهدته في قناة فضائية   أو سمعته في إذاعة، وكان ما سمعته يتعلق بجهة مسلمة، سواء كانت طائفة أو مجتمع أو شخص، وكان الذي سمعته لا يسُرّ، أو فيه تنقص أو تهمة، فلا تستعجل   في تقبل الإشاعة دون استفهام أو اعتراض .واحذر ترديد الإشاعة لأن في ترديدها زيادة انتشار لها مع إضفاء بعض بل كثير من الكذب عليها وكما قيل في المثل الروسي :(الكذبة كرة ثلجية تكبر كلما دحرجتها)، واحتفظ بالخبر لنفسك لا تنقله لغيرك، مع أن الذي ينبغي أن يبقى في نفسك هو عدم تصديق الخبر؛ لأن الأصل ـ ـ إحسان الظن بالمسلمين حتى يثبت بالبرهان والدليل والأدلة صدق هذا الاتهام؛ لأن القضية قضية دين والمسألة مسألة حسنات وسيئات.
  فليحافظ كل منا على دينه ووطنه وأمته ، وليحافظ كل منا على حسناته، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
والشائعات تطير من هنا وهناك للنيل من جيشنا العظيم ومصدر هذه الإشاعات المغرضة أعداء من داخل مصر وخارجها حتى لا يكون هناك استقرار ولا أمن في وطننا الحبيب فلا نستسلم لتلك الإشاعات المغرضة ولا بد أن نكون  خلف جيشنا ورئيسنا في مواجهة الإرهاب
اللهم أنا نسألك الحفظ لمصر ورئيسها وجيشها وشعبها
اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين...

كتبه العبد الفقير إلى عفو مولاه / أحمد محمد أحمد أبو إسلام
إمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف المصرية

مديرية أوقاف الشرقية 
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات