الشائعات في وسائــل التواصـل الاجتماعي وتأثيراتها السلبية للشيخ السيد مراد سلامة




 
الحَمْدُ لله الدَّاعي إلى بابه، الموفِّق من شاء لصوابِهِ، أنعم بإنزالِ كتابِه، يَشتملُ على مُحكم ومتشابه، فأما الَّذَينَ في قُلُوبهم زَيْغٌ فيتبعونَ ما تَشَابَه منه، وأمَّا الراسخون في العلم فيقولون آمنا به، أحمده على الهدى وتَيسيرِ أسبابِه، وأشهد أنْ لا إِله إلاَّ الله وحدَه لا شَريكَ له شهادةً أرْجو بها النجاةَ مِنْ عقابِه، وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه أكمَلُ النَّاس عَملاً في ذهابه وإيابه، صلَّى الله عليه وعلى صاحبه أبي بكرٍ أفْضل أصحَابه، وعَلَى عُمر الَّذِي أعَزَّ الله بِهِ الدِّيْنَ واسْتَقَامَتِ الدُّنْيَا بِهِ، وَعَلَى عثمانَ شهيدِ دارِهِ ومِحْرَابِه، وعَلى عليٍّ المشهورِ بحَلِّ المُشْكِلِ من العلوم وكَشْفِ نِقابه، وَعَلَى آلِهِ وأصحابه ومنْ كان أوْلَى بِهِ، وسلَّمَ تسليماً.

أولا : خطورة مواقع التواصل الاجتماعي ونشرها الشائعات الضارة بالأمن العام والأمن المجتمعي 

===================== 
أمة الإسلام:
تعد وسائل التواصل الاجتماعي همزة الوصل بين جميع طوائف المجتمع فلا يخلو بيت من البيوت الا ووجدت فيه مشاركا على تلك المواقع على اختلاف ألوانها وأشكالها 
ومواقع التوصل الاجتماعي سلاح ذو حدين فهو في بعض الأحيان نعمة يجب شكرها وفي بعض الأحيان الأخرى نقمة وبلية يجب الحذر منها 
فالأخبار والأنباء والشائعات كان الناس يتناقلونها عبر الصحف أو المجلات أو وسائل الإعلام المحدودة في الفترات السابقة لذا كانت محدودة التأثير بخلاف وسائل التواصل الاجتماعي فقد فشت و عمت كما ذكرت فلا يخلو بيت منها 
وإن من أخطار و أثار تلك الوسائل الغير مضبوطة بشرع و لا بعرف و لا بقانون إنها ربما تنشر الفزع و الخوف في نفوس متابعيها و أنها ربما تضر بالأمن العام للامة و للأوطان بسبب ما ينشر فيها و يتناقله رودها دون تثبت ولا روية 
وتنتشر الشائعات
وتعد تلك المواقع مصنعا لترويج الشائعات والأكاذيب التي تهدف إلى إيجاد جو من القلق و الخوف و نزع الثقة بين الفرد و بين الدولة بين الراعي و الرعية 
( إن وسائل التواصل الإجتماعي أصبحت بإمكانها الوصول إلى أفراد الجبهة الداخلية والخارجية على حد سواء، ولا حاجة لطائرات لإيصال هذه الرسائل، بل هو محتوى مؤثر يتم صياغته بعناية، ويتطوع الكثير من أبناء البلد السذج في نشر هذا المحتوى الخطير، والذي يؤثر في المعنويات مع اختلاف أساليبه، تارة يكون بتهويل أمر العدو وإظهار قوته المزعومة، وتارة بالتهوين من شأن الاجهزة الامنية و الجيش والحط من قدرهم واستعداداتهم، بالإضافة إلى تشويه صورة الوطن والمواطن من خلال التنميط التراكمي الخفي
وإذا كانت هذه الشائعات المغرضة تستهدف رموز الدولة، ورئيسها، فإن هناك شائعة أخرى تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي تتعلق بالأمن الوطني. إن انتشار هذه الشائعات المغرضة يثير بدوره العديد من التساؤلات، حول ماهية الشائعة؟ وطبيعة تأثيرها على الأمن الوطني للدولة بمفهومه الشامل؟ وطبيعة الدور الذي تقوم به وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الشائعات؟ وكيفية التصدي لمثل هذه الشائعات؟
في الحقيقة تمثل الشائعات إحدى أدوات الحرب الحديثة، وتندرج ضمن ما يسمى "الجيل الرابع" من الحروب، والذي تعد فيه الإشاعة أحد الأساليب المهمة، وترويجها في موضوع معين لا يتم بشكل عشوائي، وإنما قد تقوم أجهزة معينة تابعة لبعض الدول بترويج بعض الإشاعات عن قيادات دولة ما أو الوضع الاقتصادي لدولة ما لتحقيق مجموعة من الأهداف التي تخدم الدولة التي روجت هذه الإشاعة، وتأثير هذه النوعية من الإشاعات قد يكون شديد الخطورة على جميع النواحي سياسياً واقتصادياً، فقد يؤثر بالسلب على اقتصاد الدولة ويسهم في إعلان إفلاسها، فضلاً عن الإشاعات السياسية التي من الممكن أن تؤدى لتباين وجهات النظر والاستقطاب في داخل هذه الدولة. وفي الآونة الأخيرة أضحت الشائعة أحد الأدوات التي تلجأ إليها الدول لتبرير سياستها الخارجية.)( )
وينشط مروجوها خلال "أوقات توقع الخطر"، وهي أوقات الحروب والكوارث والفوضى؛ لأن الناس يتوقعون حدوث الشر خلال هذه الأوقات، وهذا هو سبب انتشار الشائعة لأن الناس، في هذا التوقيت، حينما يسمعون أي معلومة يتناقلونها فيما بينهم من دون التحقق من صحتها خوفاً منهم على أبنائهم وممتلكاتهم.
الخطير في الأمر أن الشائعات تنتشر هذه الأيام بسهولة، ليس لتنامي مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي فقط، وإنما لأن الأحداث والتطورات المتصاعدة التي تشهدها المنطقة من حولنا تجعل من الأكاذيب بيئة خصبة للنمو والتكاثر أيضاً، خاصة إذا كانت هذه النوعية من الشائعات تستهدف رجال السياسة والإعلام، والشائعات حول الأمراض والأوبئة، وغيرها من القضايا التي لا تنفصل عن الأمور الحياتية لأفراد المجتمع
ثانيا : تصنيف مروجي الشائعات عبر التواصل الاجتماعي
============================================ 
إخوة الإسلام و يمكن لنا أن نصنف مروجي الشائعات عبر تلك المواقع إلى قسمين
القسم الأول :
==============
يروج الشائعات عن عمد و ترصد و إصرار على ترويجها فهو على يقين تام بما ينشر و قد حدد أهدافه التي يسعى الى تحقيقها من تلك الشائعات فقائد هؤلاء قديما عبد الله بن أبي بن سلول راس المنافقين الذي عمل على ترويج حادثة الإفك فقد نشرها عن سبق إصرار و ترصد ووضع لنفسه أجندة لتلك الشائعة { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } [النور: 19]
القسم الثاني :
===============
قسم ينشرها من باب الفضول و الجهل بخطرها وضررها فهو لا يهدف الى خلق جو من الفزع و الخوف و القلق و لكنه الفضول الذي يدفعه الى نشرها فهو ينتشر بشكل عفوي و هذا لا يعفيه من المسؤولية أمام الله ثم أمام القانون قال الله تعالى {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [النور: 15 - 17
وقد حذر الشارع أشد التحذير من نقل الشخص لكل ما يسمعه فعن حفص بن عاصم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع ) ( ).
وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع )( ) 
"قَالَ النَّوَوِيّ : فَإِنَّهُ يَسْمَع فِي الْعَادَة الصِّدْق وَالْكَذِب فَإِذَا حَدَّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ فَقَدْ كَذَبَ لإِخْبَارِهِ بِمَا لَمْ يَكُنْ , وَالْكَذِب الإِخْبَار عَنْ الشَّيْء بِخِلَافِ مَا هُوَ وَلا يُشْتَرَط فِيهِ التَّعَمُّد " .
وعن المغيرة بن شعبة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ) ( )
يقول الحسن البصري : "المؤمن وقاف حتى يتبين" .
عن أنس بن مالك : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : التأني من الله و العجلة من الشيطان و ما شيء أكثر معاذير من الله و ما من شيء أحب إلى الله من الحمد ( ) 
قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل
عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ لأَبِى عَبْدِ اللَّهِ أَوْ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لأَبِى مَسْعُودٍ مَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ فِى « زَعَمُوا ». قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هَذَا حُذَيْفَةُ. " ( ) 
قال العظيم آبادي : " ( بِئْسَ مَطِيَّة الرَّجُل ) : الْمَطِيَّة بِمَعْنَى الْمَرْكُوب (زَعَمُوا) : الزَّعْم قَرِيب مِنْ الظَّنّ أَيْ أَسْوَأ عَادَة لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَّخِذ لَفْظ زَعَمُوا مَرْكَبًا إِلَى مَقَاصِده فَيُخْبِر عَنْ أَمْر تَقْلِيدًا مِنْ غَيْر تَثَبُّت فَيُخْطِئ وَيُجَرَّب عَلَيْهِ الْكَذِب قَالَهُ الْمَنَاوِيُّ .
ولذلك حرص سلفنا الصالح على التثبت والحذر من الإشاعات: قال عمر رضي الله عنه : ( إياكم والفتن فإن وقع اللسان فيها مثل وقع السيف ).
واجب المسلم حيال تلك الشائعات 
=================
كيف نواجه الشائعات؟
======================
أحباب رسول الله – صلى الله عليه وسلم-كانت هذه هي أهم و أخطر الأسباب الدفعة إلى ترويج الشائعات و ها نحن نصف لكم الدواء من كتاب رب الأرض و السماء 
فلو داواك كل طبيب داء بغير كلام ربي ما شفاكا
الحث على مُراقَبة الله في كل أمر من الأمور:
نواجه الشائعات بمراقبة رب الأرض والسماوات وبالإمساك عن الوقوع فيها و أن يعلم العبد انه مراقب مراقبة كاشفة للسر قبل العلانية 
لقد حثَّنا الله - عزَّ وجل - في أكثر مِن آية على مُراقَبة الإنسان لأفعاله التي تَصدُر منه، ومن هذه الآيات قوله تعالى: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]، وقوله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [المجادلة: 7]، وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ﴾ [آل عمران: 5].
وهذا ما وجَّهَنا إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث جبريل المشهور: "فأَخبِرْني عن الإحسان"، قال: ((أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يَراك))، وعنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ((اتَّق الله حيثما كنتَ، وأَتبِع السيِّئة الحسَنة تَمحُها، وخالِق الناس بخلُقٍ حسن))، وعن أنس - رضي الله عنه - قال: "إنكم لتعمَلون أعمالاً هي أدقُّ في أعينِكم من الشَّعر، كنَّا نَعدُّها على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِن المُوبِقات"؛ أي: المُهلِكات هكذا كانت أول الوسائل، ألا وهي تقوية الجانب الرُّوحي بين الإنسان وخالِقه.
التثبُّت عند سماع أمر من الأمور:
=================
أرسى القرآن قاعدة منهجية أساسية في التعاطي مع الأخبار وهي التبيّن، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [الحجرات: 6]، ومدلول الآية عامٌّ، وهو يتضمَّن مبدأ التمحيص والتثبُّت مِن خبر الفاسِق، فأما الصالح، فيؤخَذ بخبره؛ لأن هذا هو الأصل في الجَماعة المُؤمِنة، وخبر الفاسق استثناء، والأخْذ بخبر الصالح جزء مِن منهج التثبُّت؛ لأنه أحد مَصادِره، أما الشكُّ المُطلَق في جميع المَصادر وجميع الأخبار، فهو مُخالف لأصل الثِّقة المَفروض بين الجَماعة المؤمِنة، ومُعطِّل لسَير الحياة وتنظيمها في الجماعة، والإسلام يدع الحياة تسير في مجراها الطبيعي، ويضع الضمانات والحواجز فقط لصيانتها لا لتعطيلها ابتداء، وهذا نموذج من الإطلاق والاستِثناء في مصادر الأخبار
فالمؤمن الحصيف والإنسان السوي هو الذي يتثبت من كل كلمة يسمعها لا يتناقلها ولا يصدقها و لا يروجها بل يسعى إلى التثبت و التبين و اليقظة مما يثار 
أهمية الكلمة وبيان خُطورتها:
إخوة الإيمان :ومِن الوسائل التي تُساعد في مُواجَهة الإشاعات أن يَعرِف الفرد أهمية الكلمة التي يَنطِق بها وخطورتها؛ قال تعالى: ﴿ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 15]، وهي صورة فيها الخفَّة والاستهتار وقلَّة التحرُّج، وتناوُل أعظم الأمور وأَخطرها بلا مُبالاة ولا اهتِمام ﴿ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ ﴾ لسان يتلقى عن لسان، بلا تدبُّر، ولا تروٍّ، ولا فحص، ولا إنعام نظر، حتى لكأنَّ القول لا يمرُّ على الآذان، ولا تتملَّؤه الرؤوس، ولا تتدبَّره القلوب! ﴿ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ ﴾ بأفواهكم لا بوعْيِكم ولا بعَقلِكم ولا بقَلبِكم، إنما هي كلمات تَقذِف بها الأفواه، قبل أن تستقرَّ في المدارك، وقبل أن تتلقاها العقول، ﴿ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا ﴾، ولقد كان ينبغي أن تجفل القُلوب من مجرَّد سماعِه، وأن تتحرَّج مِن مجرَّد النُّطق به، وأن تُنكِر أن هذا يكون موضوعًا للحديث.
وتأملوا عباد الله إلى ورع المؤمنين و المؤمنات و كيف خافوا الله تعالى و عصموا أنفسهم من الانسياق خلف الشائعات ففي حادثة الإفك و هي من اخطر الشائعات و أشهرها في التاريخ فقد أمسك كثير من الصحابة عن الولوغ تلك الشائعة و كيف عصمهم الورع فقد اخرج البخاري و مسلم حديث تلك الشائعة و فيه (وكان رسول الله {صلى الله عليه وسلم} سأل زينب بنت جحش عن أمري فقال يا زينب ما علمت ما رأيت فقالت يا رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أحمي سمعي وبصري والله ما علمت عليها إلا خيراً قالت عائشة
وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي {صلى الله عليه وسلم} فعصمها الله بالورع قال وطفقت أختها حمنة تحارب لها فهلكت فيمن هلك من أصحاب الإفك ( )
وقد وجَّهَنا النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى خُطورة الكلمة؛ عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يُبلِّغُني أحد مِن أصحابي عن أحدٍ شيئًا؛ فإني أحبُّ أن أَخرُج إليكم وأنا سَليم الصدْر))( )
وجاء في الصحيحَين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - قال: ((إن العبد ليتكلَّم بالكلمة مِن رضوان الله لا يُلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يَهوي بها في نار جهنم))، وفي صحيح مسلم: ((إن العبد ليتكلَّم بالكلمة ما يتبيَّن فيها، يزلُّ بها في النارأبعد ما بين المشرق والمغرب)). ( )
الوعيد الشديد لمن يروِّج الإشاعات بين الناس:
وهذا ما أخبرنا به - سبحانه وتعالى - في كتابه، فقال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النور: 19]، وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 58]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ﴾ [البروج: 10]، فهذه الآيات عامَّة في كل أذًى يصيب المسلمَ أو فتنة مما يؤثِّر على أمنِه وسَعادته، وعنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((كفى بالمرء كذبًا أن يُحدِّث بكل ما سمع))( )
وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات