أطب مطعمك للشيخ أحمد محمد أحمد أبو إسلام






عناصر الخطبة
1) أمرنا الله عز وجل بتحري الحلال الطيب
2) النبي صلى الله عليه وسلم حذر من أكل السحت
3) الصالحون وتحريهم للحلال
4) من مضار أكل الحرام
الخطبة الأولى
========
الحمد لله الأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء والظاهر الذي ليس فوقه شيء والباطن الذي ليس دونه شيء، أحمده سبحانه خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد
أمرنا الله عز وجل بتحري الحلال الطيب
======================
اعلم – رعاك الله – أن طلب الحلال واجب على كل مسلم , وقد جاء الشرع الحنيف بالحث على السعي في تحصيل المال واكتسابه على أنه وسيلة لغايات محمودة ومقاصد مشروعة، وجعـل للحصول عليه ضوابط وقواعـد واضحة المعالم، لا يجوز تجاوزها ولا التعدي لحدودها كي تتحقق منه المصالح للفرد وللمجتمع قال الله تعالى . {يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168)} [البقرة: 168] لَمَّا بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَأَنَّهُ الْمُسْتَقِلُّ بِالْخَلْقِ، شَرَعَ يُبَيِّنُ أَنَّهُ الرَّزَّاقُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ، فَذَكَرَ [ذَلِكَ] فِي مَقَامِ الِامْتِنَانِ أَنَّهُ أَبَاحَ لَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ فِي حَالِ كَوْنِهِ حَلَالًا مِنَ اللَّهِ طَيِّبًا، أَيْ: مُسْتَطَابًا فِي نَفْسِهِ غَيْرَ ضَارٍّ لِلْأَبْدَانِ وَلَا لِلْعُقُولِ، وَنَهَاهُمْ عَنِ اتِّبَاعِ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ، وَهِيَ: طَرَائِقُهُ وَمَسَالِكُهُ فِيمَا أَضَلَّ أَتْبَاعَهُ فِيهِ مِنْ تَحْرِيمِ البَحَائر وَالسَّوَائِبِ وَالْوَصَائِلِ وَنَحْوِهَا مِمَّا زَينه لَهُمْ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ، كَمَا فِي حَدِيثِ عِيَاضِ بْنِ حمَار الذِي فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ كُلَّ مَا أمنحُه عِبَادِي فَهُوَ لَهُمْ حَلَالٌ" وَفِيهِ: "وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفاء فَجَاءَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وحَرَّمتْ عَلَيْهِمْ مَا أحللتُ لَهُمْ" ,وقد ورد . عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: تُليت هَذِهِ الْآيَةُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالا طَيِّبًا} فَقَامَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ، فَقَالَ. "يَا سَعْدُ، أَطِبْ مَطْعَمَكَ تَكُنْ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ، وَالذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنَّ الرَّجُلَ ليَقْذفُ اللُّقْمَةَ الْحَرَامَ فِي جَوْفه مَا يُتَقبَّل مِنْهُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَأَيُّمَا عَبْدٍ نَبَتَ لَحْمُهُ مِنَ السُّحْت وَالرِّبَا فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ"[تفسير ابن كثير ],
النبي صلى الله عليه وسلم حذر من أكل السحت
==================
فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من أكل السحت فقد ورد في [شعب الإيمان] عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: قَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا كَعْبُ كَيْفَ بِكَ إِذَا كَانَ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ؟ فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ فَصَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَا أَنَا مِنْهُ، وَلَا يَرِدُ عَلَيَّ حَوْضِي، يَا كَعْبُ، إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ، وَلَا دَمٌ نَبَتَا مِنْ سُحْتٍ كُلُّ لَحْمٍ وَدَمٍ نَبَتَا مِنْ سُحْتٍ، فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ، يَا كَعْبُ، النَّاسُ رَجُلَانِ غَادِيَانِ، وَرَائِحَانِ غَادٍ فِي فَكَاكِ رَقَبَتِهِ فَمُعْتِقُهَا، وَغَادٍ فَمُوبِقُهَا، يَا كَعْبُ، الصَّلَاةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُذْهِبُ الْخَطِيئَةَ، كَمَا تَذْهَبُ الْجَامِدَةُ عَلَى الصَّفَا " قَالَ الشَّيْخُ: " كَذَا كَانَ فِي الْكِتَابِ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى، وَأَنَا أَظُنُّهُ أَبَا بَكْرِ بْنَ بُشَيْرِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ "
سيدنا أبو بكر وبعده عن أكل الحرام
===================
لذالك كان الصالحون أبعد الناس عن الحرام ,فقد ورد في [حلية الأولياء وطبقات الأصفياء] عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: " كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ مَمْلُوكٌ يَغُلُّ عَلَيْهِ , فَأَتَاهُ لَيْلَةً بِطَعَامٍ فَتَنَاوَلَ مِنْهُ لُقْمَةً، فَقَالَ لَهُ الْمَمْلُوكُ: مَا لَكَ كُنْتَ تَسْأَلُنِي كُلَّ لَيْلَةٍ وَلَمْ تَسْأَلْنِي اللَّيْلَةَ؟ قَالَ: حَمَلَنِي عَلَى ذَلِكَ الْجُوعُ , مِنْ أَيْنَ جِئْتَ بِهَذَا؟ قَالَ: مَرَرْتُ بِقَوْمٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَرَقِيتُ لَهُمْ فَوَعَدُونِي , فَلَمَّا أَنْ كَانَ الْيَوْمُ مَرَرْتُ بِهِمْ فَإِذَا عُرْسٌ لَهُمْ فَأَعْطَوْنِي , قَالَ: إِنْ كِدْتَ أَنْ تُهْلِكَنِي , فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي حَلْقِهِ فَجَعَلَ يَتَقَيَّأُ , وَجَعَلَتْ لَا تَخْرُجُ , فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ هَذِهِ لَا تَخْرُجُ إِلَّا بِالْمَاءِ , فَدَعَا بِطَسْتٍ مِنْ مَاءٍ فَجَعَلَ يَشْرَبُ وَيَتَقَيَّأُ حَتَّى رَمَى بِهَا , فَقِيلَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللهُ كُلُّ هَذَا مِنْ أَجْلِ هَذِهِ اللُّقْمَةِ , قَالَ: لَوْ لَمْ تَخْرُجْ إِلَّا مَعَ نَفْسِي لَأَخْرَجْتُهَا , سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُلُّ جَسَدٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ» , فَخَشِيتُ أَنْ يَنْبُتُ شَيْءٌ مِنْ جَسَدِي مِنْ هَذِهِ اللُّقْمَةِ " وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ , وَالْمُنْكَدِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ نَحْوَهُ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللهُ: وَكَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقْدَمُ عَلَى الْمَضَارِّ لِمَا يُؤْمَلُ فِيهِ مِنَ الْمَسَارِّ. وَقَدْ قِيلَ: «إِنَّ التَّصَوُّفَ السُّكُونُ إِلَى اللهِيبِ فِي الْحَنِينِ إِلَى الْحَبِيبِ»
لقد نهى الإسلام عن الكسب الحرام لأنه شؤم وبلاء على صاحبه، فبسببه يقسو القلب، وينطفئ نور الإيمان، ويحل غضب الجبار، ويمنع إجابة الدعاء ,بل إن وبال الكسب الحرام يكون على الأمة كلها فبسببه تفشو مساوئ الأخلاق من سرقة وغصب ورشوة وربا وغش واحتكار وتطفيف للكيل والميزان وأكل مال اليتيم وأكل أموال الناس بالباطل , وشيوع الفواحش ما ظهر منها وما بطن .
ولقد أخبرنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بأنه سوف يأتي على الناس زمان يتهاونون فيه في قضية الكسب فلا يدققون ولا يحققون في مكاسبهم ,. فقد ورد في صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، لاَ يُبَالِي المَرْءُ مَا أَخَذَ مِنْهُ، أَمِنَ الحَلاَلِ أَمْ مِنَ الحَرَامِ»,فقد حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الزمان الذي يتيه فيه الحلال مع الحرام على أكل الحلال الطيب ,فقد ورد . عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: تُليت هَذِهِ الْآيَةُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالا طَيِّبًا} فَقَامَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ، فَقَالَ. "يَا سَعْدُ، أَطِبْ مَطْعَمَكَ تَكُنْ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ، وَالذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنَّ الرَّجُلَ ليَقْذفُ اللُّقْمَةَ الْحَرَامَ فِي جَوْفه مَا يُتَقبَّل مِنْهُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَأَيُّمَا عَبْدٍ نَبَتَ لَحْمُهُ مِنَ السُّحْت وَالرِّبَا فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ" وهو حديث ضعيف. لكن معنى هذا الحديث ثابت في أحاديث أُخرمن هذه الأحاديث من هذه الأحاديث ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا، إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51] وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172] ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟ "
فأكل الحلال يكون معه البركة وهو علامة على التقوى لله عز وجل فأكل الحلال دليل على الطاعة لله جل في علاه ,وأكل الحرام دليل على المعصية لله جل في علاه والعياذ بالله
لذالك يقول القائل :
الْمَالُ يَذْهَبُ حِلُّهُ وَحَرَامُهْ ... يَوْمًا وَيَبْقَى فِي غَدٍ آثَامُهْ
لَيْسَ التَّقِيُّ بِمُتَّقٍ لِإِلَهِهِ ... حَتَّى يَطِيبَ شَرَابُهُ وَطَعَامُهْ
وَيَطِيبَ مَا يَحْوِي وَيَكْسِبُ كَفُّهُ ... وَيَكُونَ فِي حُسْنِ الْحَدِيثِ كَلَامُهْ
نَطَقَ النَّبِيُّ لَنَا بِهِ عَنْ رَبِّهِ ... فَعَلَى النَّبِيِّ صَلَاتُهُ وَسَلَامُهْ"
فعليك -يا أخي في الله! يا من تريد أن تستقيم وتلتزم وتستمر وتثبت- أن يكون كسبك حلالاً، وأن تراجع نفسك باستمرار في قضية تصفية الكسب، أي شيء يأتيك فيه حرام أوقفه، ولا يقول لك الشيطان: إن هذا يقلل من دخلك ويهز ميزانيتك لا وألف لا، من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه
قال قائل :
لا ترغبنْ في كثيرِ المالِ تكنزهُ * * * من الحرامِ فلا ينمى وإِن كَثُرا
واطلبْ حلالاً وإِن قلَّتْ فواضلهُ* * * إِن الحلالَ زكيٌ حيثما ذُكِرا
الخطبة الثانية
========
الحمد لله الأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء والظاهر الذي ليس فوقه شيء والباطن الذي ليس دونه شيء، أحمده سبحانه خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
الصالحون وتحريهم للحلال الطيب
===================
وهناك نماذ ج رائعة في تحري الصالحين للحلال الطيب حتى ولو كانوا في جوع شديد ,فقد ورد عن الْجُنَيْدَأنه قال:: كَانَ الْحَارِثُ كَثِيرَ الضُّرِّ فَاجْتَازَ بِي يَوْمًا وَأَنَا جَالِسٌ، عَلَى بَابِنَا فَرَأَيْتُ فِيَ وَجْهِهِ زِيَادَةَ الضُّرِّ مِنَ الْجُوعِ فَقُلْتُ لَهُ: يَا عَمِّ لَوْ دَخَلْتَ إِلَيْنَا نِلْتَ مِنْ شَيْءٍ عِنْدَنَا فَقَالَ: أَوَ تَفْعَلُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ وَتَسُرُّنِي بِذَلِكَ وَتَبَرُّنِي فَدَخَلْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَدَخَلَ مَعِي وَعَمَدْتُ إِلَى بَيْتِ عَمِّي وَكَانَ أَوْسَعَ مِنْ بَيْتِنَا لَا يَخْلُو مِنْ أَطْعَمَةٍ فَاخِرَةٍ لَا يَكُونُ مِثْلُهَا فِي بَيْتِنَا سَرِيعًا فَجِئْتُ بِأَنْوَاعٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الطَّعَامِ فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَمَدَّ يَدَهُ وَأَخَذَ لُقْمَةً فَرَفَعَهَا إِلَى فِيهِ فَرَأَيْتُهُ يَلُوكُهَا وَلَا يَزْدَرِدُهَا فَخَرَجَ وَمَا كَلَّمَنِي فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ لَقِيتُهُ فَقُلْتُ: يَا عَمِّ سَرَرْتَنِي ثُمَّ نَغَّصْتَ عَلَيَّ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ «أَمَّا الْفَاقَةُ فَكَانَتْ شَدِيدَةً وَقَدِ اجْتَهَدْتُ أَنْ أَنَالَ مِنَ الطَّعَامِ الَّذِي قَدَّمْتَهُ إِلَيَّ وَلَكِنْ بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّهِ عَلَامَةٌ إِذَا لَمْ يَكُنِ الطَّعَامُ عِنْدَ اللَّهِ مَرْضِيًّا ارْتَفَعَ إِلَى أَنْفِي زَمَنُهُ فَوْرَةً، فَلَمْ تَقْبَلْهُ نَفْسِي فَقَدْ رَمَيْتُ بِتِلْكَ اللُّقْمَةِ فِي دِهْلِيزِكُمْ وَخَرَجْتُ»
سيدنا ابراهيم بن أدهم وتحري الحلال
====================
وقد ورد عن عَبْدِ اللهِ بْنِ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ بَشَّارٍ، - وَهُوَ خَادِمُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ يَقُولُ: قُلْتُ: " يَا أَبَا إِسْحَاقَ، كَيْفَ كَانَ أَوَائِلُ أَمْرِكَ حَتَّى صِرْتَ إِلَى مَا صِرْتَ إِلَيْهِ , قَالَ: غَيْرُ ذَا أَوْلَى بِكَ , فَقُلْتُ لَهُ: هُوَ كَمَا تَقُولُ رَحِمَكَ اللهُ , وَلَكِنْ أَخْبَرَنِي لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَنْفَعَنَا بِهِ يَوْمًا , فَسَأَلْتُهُ الثَّانِيَةَ فَقَالَ: وَيْحَكَ اشْتَغِلْ بِاللهِ , فَسَأَلْتُهُ الثَّالِثَةَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ , إِنْ رَأَيْتَ قَالَ: كَانَ أَبِي مِنْ أَهْلِ بَلْخٍ , وَكَانَ مِنْ مُلُوكِ خُرَاسَانَ , وَكَانَ مِنَ الْمَيَاسِرِ , وَحُبِّبَ إِلَيْنَا الصَّيْدُ , فَخَرَجْتُ رَاكِبًا فَرَسِي , وَكَلْبِيَ مَعِي , فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ فَثَارَ أَرْنَبٌ أَوْ ثَعْلَبٌ , فَحَرَّكْتُ فَرَسِي , فَسَمِعْتُ نِدَاءً مِنْ وَرَائِي: لَيْسَ لِذَا خُلِقْتَ , وَلَا بِذَا أُمِرْتَ , فَوَقَفْتُ أَنْظُرُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً فَلَمْ أَرَ أَحَدًا , فَقُلْتُ: لَعَنَ اللهُ إِبْلِيسَ , ثُمَّ حَرَّكْتُ فَرَسِي , فَأَسْمَعُ نِدَاءً أَجْهَرَ مِنْ ذَلِكَ: يَا إِبْرَاهِيمُ , لَيْسَ لِذَا خُلِقْتَ , وَلَا بِذَا أُمِرْتَ , فَوَقَفْتُ أَنْظُرُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً فَلَا أَرَى أَحَدًا , فَقُلْتُ: لَعَنَ اللهُ إِبْلِيسَ , ثُمَّ حَرَّكْتُ فَرَسِي , فَأَسْمَعُ نِدَاءً مِنْ قُرْبُوسِ سَرْجِي: يَا إِبْرَاهِيمُ , مَا لِذَا خُلِقْتَ , وَلَا بِذَا أُمِرْتَ , فَوَقَفْتُ فَقُلْتُ: أَنَبْتُ , أَنَبْتُ , جَاءَنِي نَذِيرٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ , وَاللهِ لَا عَصَيْتُ اللهَ بَعْدَ يَوْمِي ذَا , مَا عَصَمَنِي رَبِّي , فَرَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي فَخَلَّيْتُ عَنْ فَرَسِي، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رُعَاةٍ لِأَبِي , فَأَخَذْتُ مِنْهُمْ جُبَّةً، وَكِسَاءً , وَأَلْقَيْتُ ثِيَابِي إِلَيْهِ , ثُمَّ أَقْبَلْتُ إِلَى الْعِرَاقِ , أَرْضٌ تَرْفَعُنِي , وَأَرْضٌ تَضَعُنِي , حَتَّى وَصَلْتُ إِلَى الْعِرَاقِ , فَعَمِلْتُ بِهَا أَيَّامًا , فَلَمْ يَصْفُ لِي مِنْهَا شَيْءٌ مِنَ الْحَلَالِ , فَسَأَلْتُ بَعْضَ الْمَشَايخِ عَنِ الْحَلَالِ , فَقَالُوا لِي: إِذَا أَرَدْتَ الْحَلَالَ فَعَلَيْكَ بِبِلَادِ الشَّامِ , فَصِرْتُ إِلَى بِلَادِ الشَّامِ , فَصِرْتُ إِلَى مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا الْمَنْصُورَةُ - وَهِيَ الْمِصِّيصَةُ - فَعَمِلْتُ بِهَا أَيَّامًا , فَلَمْ يَصْفُ لِي شَيْءٌ مِنَ الْحَلَالِ , فَسَأَلْتُ بَعْضَ الْمَشَايخِ فَقَالُوا لِي: إِنْ أَرَدْتَ الْحَلَالَ الصَّافِيَ فَعَلَيْكَ بِطَرَسُوسَ , فَإِنَّ فِيهَا الْمُبَاحَاتِ وَالْعَمَلَ الْكَثِيرَ , فَتَوَجَّهْتُ إِلَى طَرَسُوسَ , فَعَمِلْتُ بِهَا أَيَّامًا أَنْظُرُ الْبَسَاتِينَ , وَأَحْصِدُ الْحَصَادَ , فَبَيْنَا أَنَا قَاعِدٌ عَلَى بَابِ الْبَحْرِ إِذْ جَاءَنِي رَجُلٌ فَاكْتَرَانِي أَنْظُرُ لَهُ بُسْتَانَهُ , فَكُنْتُ فِي بَسَاتِينَ كَثِيرَةٍ , فَإِذَا أَنَا بِخَادِمٍ قَدْ أَقْبَلَ وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ , فَقَعَدَ فِي مَجْلِسِهِ ثُمَّ صَاحَ: يَا نَاظُورُ , فَقُلْتُ: هُوَ ذَا أَنَا , قَالَ: اذْهَبْ فَأْتِنَا بِأَكْبَرِ رُمَّانٍ تَقْدِرُ عَلَيْهِ وَأَطْيَبِهِ , فَذَهَبْتُ فَأَتَيْتُهُ بِأَكْبَرِ رُمَّانٍ , فَأَخَذَ الْخَادِمُ رُمَّانَةً فَكَسَرَهَا فَوَجَدَهَا حَامِضَةً , فَقَالَ لِي: يَا نَاظُورُ أَنْتَ فِي بُسْتَانِنَا مُنْذُ كَذَا، تَأْكُلُ فَاكِهَتِنَا , وَتَأْكُلُ رُمَّانَنَا لَا تَعْرِفُ الْحُلْوَ مِنَ الْحَامِضِ؟ قَالَ إِبْرَاهِيمُ: قُلْتُ: وَاللهِ مَا أَكَلْتُ مِنْ فَاكِهَتِكُمْ شَيْئًا , وَمَا أَعْرِفُ الْحُلْوَ مِنَ الْحَامِضِ , فَأَشَارَ الْخَادِمُ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَمَا تَسْمَعُونَ كَلَامَ هَذَا؟ ثُمَّ قَالَ: أَتُرَاكَ لَوْ أَنَّكَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ مَا زَادَ عَلَى هَذَا , فَانْصَرَفَ , فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ ذَكَرَ صِفَتِي فِي الْمَسْجِدِ , فَعَرَفَنِي بَعْضُ النَّاسِ , فَجَاءَ الْخَادِمُ وَمَعَهُ عُنُقٌ مِنَ النَّاسِ , فَلَمَّا رَأَيْتُهُ قَدْ أَقْبَلَ مَعَ أَصْحَابِهِ اخْتَفَيْتُ خَلْفَ الشَّجَرِ , وَالنَّاسُ دَاخِلُونَ , فَاخْتَلَطْتُ مَعَهُمْ وَهُمْ دَاخِلُونَ وَأَنَا هَارِبٌ، فَهَذَا كَانَ أَوَائِلَ أَمْرِي وَخُرُوجِي مِنْ طَرَسُوسَ إِلَى بِلَادِ الرِّمَالِ "[حلية الأولياء وطبقات الأصفياء
من أضرار أكل الحرام
============
أضرار أكل الحرام كثيرة منها
عدم قبول العمل الصالح
=============
الكسب الحرام سبب من أسباب قبول العمل . عن ابن عباس والذي نفس محمد بيده، إن الرجل ليَقْذفُ اللقمة الحرام في جَوْفه ما يُتَقبَّل منه أربعين يومًا، وأيّما عبد نبت لحمه من السُّحْت والربا فالنار أولى به" . المعجم الأوسط للطبراني برقم (5026).

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: قُتِلَ نَفَرٌ يَوْمَ خَيْبَرَ " فَقَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ حَتَّى ذَكَرُوا رَجُلًا فَقَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَلَّا إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي عَبَاءَةٍ أَوْ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا» ثُمَّ قَالَ لِي: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ قُمْ فَنَادِ فِي النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ، فَقُمْتُ فَنَادَيْتُ فِي النَّاسِ
[تعليق المحقق] إسناده حسن
نسأل الله عز وجل أن يرزقنا الحلال الطيب
الدعاء

أقم الصلاة 
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات