تحفة الأريب بالتحذير من إدمان المعاصي والذنوب




عناصر الخطبة
العنصر الأول: إدمان المعاصي و الذنوب
العنصر الثاني: صور من إدمان المعاصي و الذنوب
العنصر الثالث: خطورة إدمان المعاصي و الذنوب
العنصر الرابع :نهاية مدمني الذنوب
العنصر الخامس علاج إدمان المعاصي و الذنوب
الأدلة و البيان
العنصر الأول إدمان المعاصي و الذنوب
أمة الإسلام: حديثنا في هذا اليوم الطيب الميمون عن "تحفة الأريب بالتحذير من إدمان المعاصي الذنوب"
إنها الذنوب التي أدمنها كثير من المسلمين إلا من رحم ربك
و معنى إدمان الذنوب أن الإنسان يواظب على الذنب و لا يستطيع أن يتركه أو أن يبتعد عنه- حتى يصير الذنب له عادة يقول ابن القيم: " حتى إن كثيرا من الفساق ليواقع المعصية من غير لذة يجدها ولا داعية إليها إلا لما يجد من الألم بمفارقتها " اهـ
المنكرات والسيئات، قد عمت وانتشرت وبسبب شؤم هذه المعاصي التي سادت وانتشرت بين المسلمين خرب العمران والبلاد وتعطلت المصالح، وإذا بالغلاء الفاحش يضرب بأطنابه في كل مكان، والمسلمون في كل بقاع الأرض يشكون من هذه الابتلاءات والمصائب المتتابعة عليهم، ألم يعلموا أن الجزاء من جنس العمل؟ إن الله سبحانه وتعالى ما ينزل مصيبة في الأرض ولا بلاءً من السماء ينزل إلى الأرض إلا بسبب معصية، إلا بسبب فاحشة، إلا بسبب شيوع المنكرات والسيئات والمعاصي
نعيب زماننا والعيب فينـا ***وما لزماننا عيب سـوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب *** ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئب *** ويأكل بعضنا بعضاً عيانا
العنصر الثاني: صور من إدمان المعاصي و الذنوب
========================
و لإدمانها عباد الله صورا عديدة تتشكل بحسب المجتمعات و البيئات و خذ على سبيل المثال لا الحصر
* إدمان التهاون بالفرائض و الواجبات : و تلكم عباد الله طامة الطامات حيث نرى و نشاهد من البشر من لا يأبه و لا يبالي بفرائض الله فهو متهاون بالصلاة لا يصلي و لا يصوم و لا يزكي و لا يحج و يأمر بمعروف أو ينهى عن منكر
فاذا نصحته ووعظته ينبري قائلا: ساعة الحساب تفرج ،عيش دنياك ، متحبذهاش يا شيخ
ترى هؤلاء على الشاشات و الفضائيات أمام المقاهي و النوادي أدمنوها حتى أنه يضر بدينه و دنياه و لا يبالي هؤلاء الذين سمى الله تعالى في كتابه {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) } [مريم: 59، 60]
* إدمان الكذب و التدليس على الناس : و هذا من أخطر أوجه الإدمان في ذلك العصر و لقد تلونوا لنا فلبسوا للامة جلود الضأن و قلوبهم قلوب الذئاب يقلبون الحقائق و يلبسون الحق بالباطل المعروف عندهم منكرا و المنكر معروفا و الحق عندهم باطل و الباطل عندهم حق، الظلم في ميزانهم عدل و الجور حق ، و العدل عندهم ظلم
حالهم :
عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ؛ قَالَ: سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ تَخْرُبُ صُدُورُهُمْ مِنَ الْقُرْآنِ، وَتَبْلَى كَمَا تَبْلَى ثِيَابُهُمْ، وَلا يَجِدُونَ لَهُ حَلاوَةً وَلا لَذَاذَةً، إِنْ قَصَّرُوا عَمَّا أُمِرُوا بِهِ؛ قَالُوا: {إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الممتحنة: 12] ، وَإِنْ عَمِلُوا مَا نُهُوا عَنْهُ؛ قَالُوا: {إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلك} [النساء: 48، 116] ، أَمْرُهُمْ كُلُّهُ طَمَعٌ لَيْسَ مَعَهُ خَوْفٌ، لَبِسُوا جُلُودَ الضَّأْنِ عَلَى قُلُوبِ الذِّئَابِ، أَفْضَلُهُمْ فِي أَنْفُسِهِمُ الْمُدَاهِنُ.( المجالسة وجواهر العلم (6/ 395)
عن ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يخرج في آخر الزمان رجال يختلون الدنيا بالدين يلبسون الناس جلود الضأن من اللين ألسنتهم أحلى من السكر وقلوبهم قلوب الذئاب يقول الله عز و جل أبي يغترون أم علي يجترئون ؟ فبي حلفت لأبعثن على أولئك منهم فتنة تدع الحليم منهم حيرانا" أخرجه الترمذي و سنده ضعيف
* إدمان الظلم و البغي بغير الحق حتى زين الشطان لكثير من هؤلاء ان ما يقومن به عدل و رحمة و صدق الله تعالى {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } [فاطر: 8]
حتى ترسخ في نفوسهم قول فرعون {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (26) وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ} [غافر: 26، 27]
فهل هناك أطرف من أن يقول فرعون الضال الوثني، عن موسى رسول الله- عليه السلام- «إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ» ؟!! أليست هي بعينها كلمة كل طاغية مفسد عن كل داعية مصلح؟
أليست هي بعينها كلمة الباطل الكالح في وجه الحق الجميل؟
أليست هي بعينها كلمة الخداع الخبيث لإثارة الخواطر في وجه الإيمان الهادئ؟
إنه منطق واحد، يتكرر كلما التقى الحق والباطل، والإيمان والكفر. والصلاح والطغيان على توالي الزمان واختلاف المكان. والقصة قديمة مكررة تعرض بين الحين والحين.
فأما موسى- عليه السّلام- فالتجأ إلى الركن الركين والحصن الحصين، ولاذ بالجناب الذي يحمي اللائذين، ويجير المستجيرين:
«وَقالَ مُوسى: إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ» ..
قالها. واطمأن. وسلّم أمره إلى المستعلي على كل متكبر، القاهر لكل متجبر، القادر على حماية العائذين به من المستكبرين. وأشار إلى وحدانية الله ربه وربهم لم ينسها أو يتركها أمام التهديد والوعيد. كما أشار إلى عدم الإيمان بيوم الحساب. فما يتكبر متكبر وهو يؤمن بيوم الحساب، وهو يتصور موقفه يومئذ حاسرا خاشعا خاضعا ذليلا، مجردا من كل قوة، ما له من حميم ولا شفيع يطاع.
وهكذا لم يبق باطل في الأرض إلا زينه أهله، بكل وسيلة من الوسائل المتاحة لهم، ودعوا إليه، وأوجدوا له أنصارا يكثرون سواده ضد الحق وأهله.
تحاكموا فاستطالو في تحكمهم *** وإما قليـل كأنمـا الأمـر لم يكـن
لو أنصفوا أنصفوا ولكن بغوا *** فبغى عليهم الدهر بالأحزان والمحن
وأصبحوا ولسان الحال ينشدهم *** هذا بذاك ولا عتب على الزمـن
والمسلمون يصفقون لأمثال هؤلاء ولا يغيرون المنكرات بعد ذلك إذا ابتلاهم الله بالمصائب يضجون ويشكون، ولم يعلموا أن الجزاء من جنس العمل، وأن هذه الابتلاءات والمصائب ما نزلت إلا بسبب ما كسبته أيدينا، ثم بعد ذلك نعيب الزمان عجباً والله إن الزمان لا يفسد إلا بفساد أهله، ولا يصلح إلا بصلاح الناس، إن صلح الناس كان الزمان صالحاً، وإن فسد الناس كان الزمان فاسداً، فرحم الله الإمام الشافعي إذ قال:
نعيب زماننا والعيب فينـا*** وما لزماننا عيب سـوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب ***ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئب*** ويأكل بعضنا بعضاً عيانا
* إدمان شرب المحرمات كالخمر و المخدرات :
=============
و هذا هو سرطان العصر الذي ضرب الأمة في مقتل
فهذا مدمن للدخان
و هذا مدمن للحشيش
و هذا مدمن للبنجو
و هذا مدمن للخمر
كشفت أحدث إحصائية أصدرتها الجمعية المصرية لمكافحة الإدمان أن نسبة مدمني المخدرات في مصر بلغت 6 ملايين مدمن منهم 2 مليون فتاة وسيدة.
وأثبتت الإحصائية كذلك أنه خلال عام 2003- 2004 قد وصلت قضايا المخدرات إلى 38 ألف قضية 75% منها تعاطي، وأن 90% من المدمنين تتراوح أعمارهم ما بين 10 إلى 21 عاماً بمعنى أن 75% من المدمنين الموجودين داخل السجون من الشباب.
كما أثبتت الإحصائية كذلك أن 62% من متعاطي المخدرات من قاطني المناطق العشوائية.
من جانب آخر أثبتت الإحصائية الصادرة عن الجمعية أن حجم الاتجار في المخدرات في مصر وصل إلى 160 ملياراً. بمعنى أن عدد المدمنين يزيد سنوياً برغم كل أشكال المقاومة.
والمصريون ينفقون 28 مليار سنويا تقريبا على الحشيش و 7 مليار على السجائر
كما أوضحت الإحصائية كذلك إن الإدمان في تلك الفترة من 2003- 2004 لكل أنواع \
المخدرات وأن متعاطيها من جميع الفئات
أخي المسلم هذه كانت بعض صور الإدمان للمعاصي و الذنوب على اختلاف أشكالها و ألوانها
العنصر الثالث: خطورة إدمان المعاصي و الذنوب
================
أمة الإسلام إن خطورة ذلك الإدمان لا تأتي على المدمن فحسب بل إنها تدمر الأخضر و اليابس و الأدلة على ذلك كثيرة عباد الله نذكر منها:
*أن الذّنوب تُورِث الذِّلّـة والمهانة:
===============
روى الإمام أحمدُ في الزُّهد وغيرُه عن جُبيرِ بنِ نُفيْر قال: لما فُتِحَتْ قبرص فُرِّقَ بين أهلِها فبكى بعضُهم إلى بعض ، ورأيتُ أبا الدرداءِ جالساً وحدَه يبكي ، فقلتُ : يا أبا الدرداء ! ما يبكيكَ في يومٍ أعـزَّ اللهُ فيه الإسلامَ وأهلَه؟ قال: ويحَك يا جبير؛ ما أهونَ الخلقِ على اللهِ إذا أضاعوا أمرَه. بينا هي أمةٌ قاهرةٌ ظاهرةٌ لهم الملكُ، تركوا أمرَ اللهِ فَصَارُوا إلى ما ترى إنه ليس هناك أحدٌ بينه وبين الله نَسب، ولذا قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه. رواه مسلم.
كان عطاء ابن أبي رباح عُبيداً أسوداً لامرأة من مكة وكان أنفه كأنه باقلاء ، فجاءه سليمان بن عبدالملك وهو أمير المؤمنين جاء هو وابناه إلى عطاء ، فجلسوا إليه وهو يصلي فلما صلى انفتل إليهم ، فما زالوا يسألونه عن مناسك الحج ، وقد حوّل قفاه إليهم ثم قال سليمان لابنيه : قوما ؛ فقاما ، فقال : يا بَني لاتَنِيَا في طلب العلم ، فإني لا أنسى ذلّنا بين يدي هذا العبد الأسود .
وكان محمد بن عبد الرحمن الأوقص عنقُه داخلٌ في بدنه، وكان منكباه خارجين كأنهما زُجّان، فقالت أمه : يا بني لا تكون في مجلس قوم إلا كنت المضحوكَ منه المسخورَ به ، فعليك بطلب العلم ؛ فإنه يرفعك ، فولى قضاء مكة عشرين سنة ، وكان الخصم إذا جلس اليه بين يديه يرعد حتى يقوم . ومرت به امرأة وهو يقول: اللهم اعتق رقبتي من النار، فقالت له : يا ابن أخي وأي رقبة لك !
* أنّ صاحبَ المعصيةِ تلعنُه حتى البهائم ، بخلاف صاحب الطاعة
=============
.قال مجاهدٌ في تفسير قولِه تعالى : (أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ) قال : إن البهائمَ تلعنُ عصاةَ بنى آدم إذا أشتدت السنةُ وأمسكَ المطر ، وتقول : هذا بشؤم معصية ابن ادم . أما صاحب الطاعة عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ حَتَّى النَّمْلُ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتُ فِي الْبَحْرِ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ»
عن قتادَةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَمُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ، فَقَالَ: «مُسْتَرِيحُ، أَوْ مُسْتَرَاحٌ مِنْهُ» قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا مُسْتَرِيحُ وَمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ قَالَ: «الْعَبْدُ الصَّالِحُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَهَمِّهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ» رواه البخاري ومسلم.
* حِرْمانُ الطاعة
===========
كما قال ابن القيم :حُبُّ الكتابِ وحبُّ ألحانِ الغناء في قلبِ عبدٍ ليس يجتمعـان .وذلك أن الطاعة قُربةٌ إلى الملك الديان ، فلا يجد عبدٌ لذة الطاعة إلا بابتعاده عن المعصية ، ولذا قال سبحانه في المنافقين : (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ ()[التوبة:46].
قال الفضيل: إذا لم تقدر على قيام الليل، وصيام النهار، فاعلم أنك محروم مكبل كبلتك خطيئتك .
وقال شابٌ للحسن البصري: أعياني قيام الليل، فقال: قيدتك خطاياك.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الأخرة.
أن الذنوب والمعاصي سبب في زوال الـنِّـعم.
===========
قال سبحانه {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (} [النحل: 112]
قال الإمام الشافعي:
إذا كنت في نعمةٍ فارعَها ***فإن المعاصي تُزيلُ النّعم
وحُطها بطاعةِ ربِّ العباد ***فَرََبُّ العبادِ سريعُ النِّقَم.
*سوء الخاتمة :واعلم علمني الله و إياك و حفظنا الله من المعاصي و الذنوب أن من أثر الذنوب على العبد سوء الخاتمة فمن سنن الله الجارية في عباده أن من عاش على شيء مات عليه
العنصر الرابع :نهاية مدمني الذنوب:
=============
أخي المسلم على طريق الإدمان تسمع الآهات و ترى الحسرات و ترى خاتمة السوء لأن من سنن الله تعالى الجارية في خلقه (أن من عاش على شيء مات عليه)
فهيا نرى الحسرات و الزفرات نسأل الله تعالى حسن الخاتم
قصة: اشرب أنت ثم اسقني
=============
احتضر رجل ممن كان يجالس شرب الخمور، فلما حضره نزع روحه أقبل عليه رجل ممن حوله وقال: قل: لا إله إلا الله، فتغير وجهه وتلبد لونه وثقل لسانه، فردد عليه صاحبه: يا فلان قل: لا إله إلا الله، فالتفت إليه وصاح: لا.. اشرب أنت ثم اسقني، ثم ما زال يرددها حتى فاضت روحه.
قصة ولات حين مناص:
========
كان أحدهم صاحب معاصٍ وتفريط، فلم يلبث أن نزل به الموت ففزع من حوله إليه وانطرحوا بين يديه وأخذوا يذكّرونه بالله ويلقّنونه الشهادة، وهو يدافع عبراته، فلما بدأت روحه تُنزع صاح بأعلى صوته وقال: أقول: لا إله إلا الله ولا تنفعني، لا إله إلا الله وما أعلم أني صليت لله صلاة، ثم مات.
قصة هو كافر بها:
=============
قال عبد العزيز بن أبي داوود: حضرت رجلا عند الموت يلقّن لا إله إلا الله، فقال في آخر ما قال: هو كافر بما تقول. ومات على ذلك، قال: وكان مدمن خمر.
قصة مشيت من هنا إلى الخمارة:
===========
كان أحدهم فاسقاً مفتوناً بشرب الخمر ولا يكاد يفارقها، فلما مرض ونزل به الموت وخارت قواه سأله رجل ممن حوله: هل بقي في جسمك من قوة؟ هل تستطيع المشي؟ فقال نعم.. لو شئت مشيت من هنا إلى الخمارة! .. فقال صاحبه: أعوذ بالله، أفلا قلت: أمشي إلى المسجد؟ فبكى وقال: غلب عليّ ذلك، لكل امرئ من دهره ما تعودا .. وما وجدت عادتي بالمشي إلى المساجد.
قصة : أين الطريق إلى حمام منجاب؟
=========
ذكر ابن القيم الجوزية في كتابه (الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي) قصة لأحد
الأشخاص عن سوء خاتمته في آخر لحظات من حياته حينما نزل به الموت قيل له: قل لا إله إلا الله، فجعل يقول: أين الطريق إلى حمام منجاب؟ قال: وهذا الكلام له قصة، وذلك أن رجلاً كان واقفاً بإزاء داره، وكان بابها يشبه باب هذا الحمام، فمرت به جارية لها منظر، فقالت: أين الطريق إلى حمام منجاب؟ فقال: هذا حمام منجاب، فدخلت ودخل وراءها، فلما رأت نفسها في داره وعلمت أنه خدعها أظهرت له البشر والفرح باجتماعها معه وقالت خدعة منها له وتخيلاً لتتخلص مما أوقعها فيه وخوفاً من فعل الفاحشة: يصلح أن يكون معنا ما يطيب به عيشنا وتقر به عيوننا، فقال لها: الساعة آتيك بكل ما تريدين وتشتهين، وخرج وتركها في الدار ولم يغلقها، فأخذ ما يصلح ورجع، فوجدها قد خرجت وذهبت، ولم تخنه في شيء، فهام الرجل وأكثر الذكر لها وجعل يمشي في الطريق والأزقة ويقول:
يا رب قائلة يوماً وقد تعبت *** أين الطريق إلى حمام منجاب؟
ولم يزل كذلك حتى كان هذا البيت آخر كلامه من الدنيا.
* العنصر الخامس :علاج إدمان المعاصي و الذنوب
===============
أخي الحبيب: نحن في أيام مباركات ترفع فيه الأعمال إلى الكبير المتعال واجب علينا و عليك يا من ادمن المحرمات و يا من تعديت حدود رب الأرض و السماوات أن تراجع نفسك و أن تتوب إلى علام الغيوب
أن تكتب قصة الرجوع بمداد الدموع على ألا تعود
عباد الله : كلنا مذنبون... كلنا مخطئون.. نقبل على الله تارة وندبر أخرى، نراقب الله مرة، وتسيطر علينا الغفلة أخرى، لا نخلو من المعصية، ولا بد أن يقع منا الخطأ، فلست أنا و أنت بمعصومين { كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون } [رواه الترمذي وحسنه الألباني].
والسهو والتقصير من طبع الإنسان، ومن رحمة الله بهذا الإنسان الضعيف أن يفتح له باب التوبة، وأمره بالإنابة إليه، والإقبال عليه، كلما غلبته الذنوب ولوثته المعاصي.. ولولا ذلك لوقع الإنسان في حرج شديد، وقصرت همته عن طلب التقرب من ربه، وانقطع رجاؤه من عفوه ومغفرته.
فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: لَا. فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً. ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ, انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدْ اللَّهَ مَعَهُمْ وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ. فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ, فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ: جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ, وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ. فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ. فَقَالَ: قِيسُوا مَا بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ, فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ فَقَبَضَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ. قَالَ: قَتَادَةُ فَقَالَ الْحَسَنُ ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا أَتَاهُ الْمَوْتُ نَأَى بِصَدْرِهِ)[1]. فسبحان الله ما أكرمه على عباده، يتوب عليهم مهما فعلوا من المعاصي والذنوب إذا رجعوا إليه وأخلصوا التوبة، فهذا الرجل فعل فعلاً عظيماً وهو القتل وليس قتل رجل أو رجلين إنه قتل مائة رجل، لكن الله –عز وجل- قبل توبة وغفر ذنبه وأدخله جنته عندما علم صدق توبته.
فالله عز وجل ينادي عباده فيقول: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً}. وقول تعالى: { والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات}. فباب التوبة مفتوح إلى أن يأتي الإنسان الموت، أو تطلع الشمس من مغربها، قال تعالى: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً) [سورة النساء: 17-18]، وفي الحديث: عَن ابن عُمَرَ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ). وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ).
فعلى المذنب -وكلنا مذنبون- أن يستيقظ من غفلته، و يفيق من سباته ونومه، ويبادر إلى التوبة؛ لأنه لا يدري متى يفاجئه الموت، قال تعالى: (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ)[سورة النساء: 78]، وقال تعالى: (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ)[سورة لقمان: 34]، وقال تعالى: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) [سورة النحل: 61].
والتوبة المقبولة عند الله هي التوبة النصوح، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) [سورة التحريم: 8]
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات