دور الشباب في البناء والتعمير للشيخ احمد أبو عيد
أو
الحمد لله الذي أحاط ملكه بسياج القدرة
والقهر، وتعددت أبسطة رحمته فكان منها البر والجو والبحر، وتسربلت في مكنون غيبه أسرار
إيجاده للحصى والدر، وتلونت أطياف رحمانيته بخلقه فكان النفع والضر، ومكن التمييز في
إدراك الكائنات معاشها بالحلو والمر، توجهت قلوبنا إليه بالشكر واللسان بالحمد أقر،
ورفعنا الأكف إليه ضراعة أن يرزقنا حين البلاء الصبر.
وأشهد أن لا إله إلا الله المنزه عن خواطر
العقل وأوهام الفكر، المتفضل بإعلامنا أن من جملة أسمائه البر، المسبغ نعمائه على خلقه
سواء ما خفي منها وما ظهر، الممتن على عباده بالدلالة على سبيل الخير وسبل الضرر، الباسط
كف رحمته للمستغفرين بالسحر، بشر المتقين بجنات ونهر، ومقعد صدق عند مليك مقتدر، وحذر
الكافرين من عذاب نار ترمى بالشرر.
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله خير البشر،
تفضل الله عليه فأجرى على لسانه بيان ما نهى وما أمر، وجعل طاعته واتباع نهجه سبيلا
إلى جنة ذات أنهار وثمر، وجعل عصيانه ومخالفة أمره سببا لمس سقر، أسرى به إلى المسجد
الأقصى وعلى الأنبياء ظهر، وعرج به إلى السموات العلى فما زاغ البصر، اللهم صل وسلم
وبارك عليه وعلى آله وصحبه السادة الغرر، ما تعاقب الليل والنهار وكلما أشرقت الشمس
أو بزغ القمر.
العناصر
أولًا: أهمية الشباب ثانيًا:
دور الشباب في الإسلام
ثالثًا: نماذج وقصص رابعًا: علاج
انحراف الشباب
الموضوع
أولًا:
أهمية الشباب
إن الشباب في كلِّ زمان ومكان – وفي جميع
أدوار التاريخ إلى زماننا هذا – عماد أُمة الإسلام وسِرُّ نَهضتها، ومَبعث حضارتها،
وحاملُ لوائها ورايتها، وقائدُ مَسيرتها إلى المجد والنصر. إن الإسلام لَم ترتفع في
الإنسانية رايتُه، ولَم يمتدَّ على الأرض سُلطانه، ولَم تَنتشر في العالمين دعوته
– إلاَّ على يد هذه الطائفة المؤمنة التي تَربَّت في مدرسة النبي – صلَّى الله عليه
وسلَّم – وتخرَّجت في جامعته الشاملة.
جعل
الله القوة في الشباب: قال تعالي (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ
جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً
يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ) الروم (54) .
إن الشباب هم أعظم ثروة في الأمة ،فثروة الأمم ليست في الذهب الأبيض
ولا في الذهب الأسود ، وإنما في الإنسان فهو أغلى من كل شيء ، وأعظم ما يكون
الإنسان في حالة الشباب لأن حالة الشباب هي مرحلة القوة والعطاء ، فالشباب قوة بين
ضعفين ، ضعف الطفولة وضعف الشيخوخة .
من السبعة الذين يظلهم الله
في ظله : عن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:{سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ
اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ: الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ
نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ} ([1])
مدح
الله الشباب: قال تعالي (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ
هُدًى ) الكهف (13)
إجادتهم لقراءة القرآن : عن علقمة قال {كنا جلوسا مع
ابن مسعود فجاء خباب فقال يا أبا عبد الرحمن أيستطيع هؤلاء الشباب أن يقرؤوا كما تقرأ
؟ قال أما إنك لو شئت أمرت بعضهم يقرأ عليك ؟ قال أجل قال أقرأ يا علقمة فقال زيد بن
حدير أخو زيد بن حدير أتأمر علقمة أن يقرأ وليس بأقرئنا ؟ قال أما إنك إن شئت أخبرتك
بما قال النبي صلى الله عليه وسلم في قومك
وقومه ؟ فقرأت خمسين آية من سورة مريم فقال عبد الله كيف ترى ؟ قال قد أحسن قال عبد
الله ما أقرأ شيئا إلا وهو يقرؤه ثم التفت إلى خباب وعليه خاتم من ذهب فقال ألم يأن
لهذا الخاتم أن يلقى قال أما إنك لن تراه علي بعد اليوم فألقاه} ([2])
[ ( قومك وقومه ) يشير إلى ثناء النبي صلى الله عليه وسلم على النخع قوم علقمة وذم بني أسد قوم زيد . ( ألم
يأن . . ) ألم يجئ وقت إلقائه ويحمل لبس خباب رضي الله عنه لخاتم الذهب على أنه لم
يبلغه التحريم فقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من ذهب ثم نزعه وحرم الذهب
على الرجال وكثيرا ما كان أحد الصحابة رضي الله عنهم يسمع حكما أو يشاهد عملا من رسول
الله صلى الله عليه وسلم ثم يغيب عنه في الغزوات ونحوها فيحدث في غيبته نسخ أو تخصيص
أو تقييد فيفوته معرفة ما حدث حتى يبلغه ذلك في الوقت المناسب كما حصل هنا مع خباب
وابن مسعود رضي الله عنهما ]
بعثة الأنبياء في سن الشباب: قال تعالى: (قَالُوا سَمِعْنَا
فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60)) الأنبياء
وقال تعالى: (ا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا
(12))مريم.
وقال تعالى: ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاستَوَى آتَينَاهُ حُكماً
وَعِلماً وَكَذَلِكَ نَجزِي المُحسِنِينَ ) القصص .
ومن المعلوم أن أنصار نبينا محمد – صلي الله عليه وسلم – كانوا شباباً
،حيث تخرجوا من مدرسة دار الأرقم ، ونهلوا من توجيهات الرسول – عليه الصلاة والسلام
- ، وعندما ندرس كتب السيرة نعرف أن رسولنا الأكرم –صلي الله عليه وسلم– عندما نزل
الوحي عليه بالرسالة كان شابا في سن الأربعين ،وكذلك صاحبه أبي بكر الصديق – رضي الله
عنه- أول من أسلم من الرجال، كان شاباً حيث كان عمره سبعة وثلاثين عاما ،وكذلك كان
عمر بن الخطاب –رضي الله عنه – يوم دخل الإسلام كان عمره سبعة وعشرين عاماً ، وهكذا
معظم الصحابة أمثال عثمان بن عفان ، وعلى بن أبي طالب ، وبلال بن رباح ، ومصعب بن عمير
، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعيد بن زيد ، وعبد الله بن مسعود ، وسعد بن أبي وقاص – رضي
الله عنهم أجمعين - فقد كانوا شباباً .
شباب الحق يا أمــــلاً يداعب فجرنـــا الزاهـــر
ويا صوتاً يُشيعُ الرعبَ في قلب الدجى الغادر
ويا درعاً يصونُ الديــنَ يحمي عرضنا الطاهــر
الأمر باغتنام الشباب: عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل
هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك} ([3])
من جد وجد ومن زرع حصد: قال ابن الجوزيّ: تأمّلت أحوال
النّاس في حالة علوّ شأنهم فرأيت أكثر الخلق تبين حسراتهم حينئذ، فمنهم من بالغ في
المعاصي من الشّباب، ومنهم من فرّط في اكتساب العلم ومنهم من أكثر من الاستمتاع باللّذات،
فكلّهم نادم في حالة الكبر حين فوات الاستدراك لذنوب سلفت، أو قوى ضعفت، أو فضيلة فاتت،
فيمضي زمان الكبر في حسرات، فإن كانت للشّيخ إفاقة من ذنوب قد سلفت، قال: وا أسفاه
على ما جنيت؟ وإن لم يكن له إفاقة صار متأسّفا على فوات ما كان يلتذّ به.
فأمّا من أنفق عصر الشّباب في العلم فإنّه في زمن الشّيخوخة يحمد
جنى ما غرس ويلتذّ بتصنيف ما جمع، ولا يرى ما يفقد من لذّات البدن شيئا بالإضافة إلى
ما يناله من لذّات العلم.
هذا مع وجود لذّاته في الطّلب الّذي كان يأمل به إدراك المطلوب،
وربّما كانت تلك الأعمال أطيب
ممّا نيل منها، كما قال الشّاعر: أهتزّ عند تمنّي وصلها طربا
... وربّ أمنيّة أحلى من الظّفر
ولقد تأمّلت نفسي بالإضافة إلى عشيرتي الّذين أنفقوا أعمارهم في
اكتساب الدّنيا، وأنفقت زمن الصّبوة والشّباب في طلب العلم، فرأيتني لم يفتني ممّا
نالوه إلّا ما لو حصل لي ندمت عليه، ثمّ تأمّلت حالي فإذا عيشي في الدّنيا أجود من
عيشهم، وجاهي بين النّاس أعلى من جاههم، وما نلته من معرفة العلم لا يقاوم. فقال لي
إبليس: ونسيت تعبك وسهرك، فقلت له: أيّها الجاهل. تقطيع الأيدي لا وقع له –أي لا
ألم له- عند رؤية يوسف، وما طالت طريق أدّت إلى صديق: جزى الله المسير إليه خيرا
... وإن ترك المطايا –الدابة- كالمزاد –القربة الخالية من الماء- ، ولقد كنت في حلاوة
طلبي العلم ألقى من الشّدائد ما هو عندي أحلى من العسل لأجل ما أطلب وأرجوا ، كنت في
زمان الصّبا آخذ معي أرغفة يابسة فأخرج في طلب الحديث وأقعد على نهر عيسى فلا أقدر
على أكلها إلّا عند الماء، فكلّما أكلت لقمة شربت عليها، وعين همّتي لا ترى إلّا لذّة
تحصيل العلم، فأثمر ذلك عندي أنّي عرفت بكثرة سماعي لحديث الرّسول صلّى الله عليه وسلّم
وأحواله وآدابه وأحوال أصحابه وتابعيهم - رضي
الله عنهم أجمعين-. ([4])
السؤال عن العمر يوم
القيامة: عن أَبي برزة - براء ثُمَّ زاي - نَضْلَة بن عبيد الأسلمي - رضي الله عنه - ،
قَالَ : قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ
يَومَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أفنَاهُ ؟ وَعَنْ عِلمِهِ فِيمَ
فَعَلَ فِيهِ ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أيْنَ اكْتَسَبَهُ ؟ وَفيمَ أنْفَقَهُ ؟ وَعَنْ
جِسمِهِ فِيمَ أبلاهُ ؟ )) ([5])
ثانيًا: دور
الشباب في الإسلام
جهد كبير في خدمة الإسلام: مصعب بن عمير –رضي الله عنه-
فتي قريش المدلل ، كان لباسه من الحرير ، وشراك نعله من الذهب ،كان في مطلع شبابه عندما
لبى دعوة النبي – صلى الله عليه وسلم - ، وصبر على الأذى وتحمل شظف العيش ، بعد أن
كان يعيش عيشه الأغنياء ، وحاولت أمه – وكانت من الأثرياء – أن تصده عن الدخول في الإسلام
، ولكنه ثبت على الدين الحق ، وكان أول المهاجرين إلى المدينة المنورة بتكليف من النبي
– صلى الله عليه وسلم – لكي يعلم أهلها أحكام الإسلام ، وبسببه أسلم عدد كبير من أهل
المدينة ، وقد استشهد –رضي الله عنه - في غزوة
أحد بعد أن أبلى بلاء حسناً من أجل إعلاء كلمة الله ، ووقف – صلى الله عليه
وسلم- في أعقاب غزوة أحد وعيناه مملوءتان بالدموع
، وهو يرى شهداء هذه المعركة ، وقرأ هذه الآية الكريمة : {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا
اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا
تَبْدِيلًا} الأحزاب.
المشاركة في الغزوات: عن أنس بن مالك رضي الله عنه
قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم ( أخذ
الراية زيد فأصيب ثم أخذها جعفر فأصيب ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب - وإن عيني
رسول الله صلى الله عليه وسلم لتذرفان - ثم
أخذها خالد بن الوليد من غير إمرة ففتح له ) ([6])
لقد أعطي النبي صلى الله عليه وسلم الشباب الثقة ومنحهم المسئولية
خلافاً لما يعيشه كثيرٌ من الناس اليوم. إن النبي صلى الله عليه وسلم قد منح زيد بن
حارثة وهو شاب وجعفر بن أبي طالب وهو شاب وعبد الله بن رواحة وهو شاب منحهم الثقة،
وسلمهم قيادة جيش مؤتة وما أدراك ما مؤتة ! أول معركة بين المسلمين والرومان! بل إن
النبي صلى الله عليه وسلم أعطى أسامة بن زيد قيادة جيش فيه رجال من كبار الصحابة أمثال
أبي بكر وعمر رضي الله عنهم، وقد كان عمر أسامة آنذاك ثماني عشرة سنة.
ففي الناحية العسكرية أيضا
فقد برع عدد كبير من الصحابة الشباب – رضي الله عنهم أجمعين – أمثال : على بن
أبي طالب ، وحمزة بن عبد المطلب ،وجعفر بن أبي طالب ،وزيد بن حارثة ،وعبد الله بن رواحة
وأبو عبيدة عامر بن الجراح ، وخالد بن الوليد –سيف الله المسلول-الذي دوَّخ الروم ،وعمرو
بن العاص الذي فتح مصر ، وسعد بن أبي وقاص قائد القادسية ، هؤلاء الأبطال الذين انتصروا
على القياصرة في اليرموك ، وعلى الأكاسرة في القادسية ،ونشروا الإسلام في ربوع العالم
، وما أسامة بن زيد عنا ببعيد ، هذا الشاب الذي لم يتجاوز الثمانية عشر عاما ، حيث
جعله –عليه الصلاة والسلام- قائداً على الجيش الإسلامي لمقاتلة الرومان ،ثم أكمل أبو
بكر الصديق – رضي الله عنه – المهمة بعد ذلك .
لقد كان هؤلاء الشباب يعلمون أن مكانتهم عند الله بمقدار ما يضحون
، وبمقدار ما يؤدون ، فقاموا بواجبهم خير قيام ، ونشروا الإسلام في أرجاء المعمورة
، بعلمهم وأخلاقهم وصفاتهم الحميدة ، فطأطأ لهم الشرق
والغرب إجلالاً واحتراماً
.
سيدنا على بن أبي طالب: إنه ابن عم رسول الله صلى الله
عليه وسلم، إنه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، الذي قتل يوم بدر خمسة عشر رجلا من صناديد
قريش، ولقد نام في فراش النبي صلى الله عليه وسلم في أصعب ليلة مرت بها الدعوة، نام
في الفراش وهو يعلم أن على الباب رجالاً لا يريدون إلا رأس النائم في الفراش، وفي غزوة
أحد يقتل عليٌّ رضي الله عنه أبا أمية بن أبي
حذيفة ورجلاً آخر، وفي غزوة الخندق أيضا قتل عمرو بن عبد وُدّ فارس قريش في يوم الأحزاب
(كبش الكتيبة )، فكبر المسلمون لذلك، فلله دره من شاب كان أول من أسلم من الصبيان!!
حتى بلغ هذه المنزلة فعَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِعَلِىٍّ { أَنْتَ مِنِّى بِمَنْزِلَةِ
هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلاَّ أَنَّهُ لاَ نَبِىَّ بَعْدِى } ([7])
بطولات طفوليه: عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عَوْفٍ،
قَالَ: بَيْنَا أَنَا وَاقِفٌ فِي الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ، فَنظَرْتُ عَنْ يَمِينِي
وَشِمَالِي، فَإِذَا أَنَا بِغُلاَمَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ حَدِيثَةٍ أَسْنَانُهُمَا،
تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ بَيْنَ أَضْلَعَ مِنْهُمَا، فَغَمَزَنِي أَحَدُهُمَا، فَقَالَ:
يَا عَمِّ هَلْ تَعْرِفُ أَبا جَهْلٍ قُلْتُ: نَعَمْ، مَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ يَا ابْنَ
أَخِي قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَالَّذِي
نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ رَأَيْتُهُ لاَ يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوتَ
الأَعْجَلُ مِنَّا فَتَعَجَّبْتُ لِذلِكَ فَغَمَزَنِي الآخَرُ، فَقَالَ لِي مِثْلَهَا
فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ يَجُولُ فِي النَّاس، قلْتُ: أَلاَ
إِنَّ هذَا صَاحِبُكُمَا الَّذِي سَأَلْتُمَانِي فَابْتَدَرَاهُ بِسَيْفِيْهِمَا، فَضَرَبَاهُ
حَتَّى قَتَلاَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرَاهُ،
فَقَالَ: أَيُّكُمَا قَتَلَهُ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا قَتَلْتُهُ؛ فَقَالَ:
هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا قَالاَ: لاَ فَنَظَرَ فِي السَّيْفَيْنِ، فَقَالَ:
كِلاَكُمَا قَتَلَهُ، سَلَبُهُ لِمُعَاذٍ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ وَكَانَا مُعَاذَ
بْنَ عَفْرَاءَ، وَمُعَاذَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ) ([8])
الدعوة إلى الله: عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ
بن جبل حين بعثه إلى اليمن ( إنك ستأتي قوما أهل كتاب فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا
أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد
فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض
عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم
أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينه وبين الله حجاب )([9])
كثرة قراءة القرآن: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو
- رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « اقْرَإِ
الْقُرْآنَ فِى كُلِّ شَهْرٍ ». قَالَ قُلْتُ إِنِّى أَجِدُ قُوَّةً. قَالَ « فَاقْرَأْهُ
فِى عِشْرِينَ لَيْلَةً ». قَالَ قُلْتُ إِنِّى أَجِدُ قُوَّةً. قَالَ « فَاقْرَأْهُ
فِى سَبْعٍ وَلاَ تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ »([10]).
فكانوا شبابا همهم حمل الدعوة وتبليغها وكثرة قراءة القرآن فاين
شباب اليوم الذين يهمهم الأغاني والأفلام والمسلسلات والموضة والانحراف بكل أنواعه....
حب العلم والنشاط فيه: عن زيد بن ثابت قال : {قال لي
رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتحسن السريانية
فقلت : لا قال : فتعلمها
فإنه يأتينا كتب فتعلمها في سبعة عشر يوما}([11])
قال الأعمش: كانت تأتي النبي صلى الله عليه وسلم كتب لا يشتهى أن
يطلع عليها إلا من يثق به، من هنا أطلق عليه لقب ترجمان الرسول . ترجمان الرسول صلي
الله عليه وسلم كم عمره 13 سنة !! وبعد ذلك يكلف بجمع القرآن في عهد سيدنا أبو بكر،
وقال زيد في عظم المسئولية: (والله لو كلفوني نقل جبل من مكانه، لكان أهون علي مما
أمروني به من جمع القرآن)، وأنجز المهمة على
أكمل وجه وجمع القرآن في أكثر من مصحف. وجمعه مرة أخري عهد سيدنا عثمان رضي الله عنهم
جميعا.
ثالثًا: نماذج
وقصص
رفض الانحراف والضلال: سيدنا النبي إبراهيم عليه السلام ، كان يتطلّع إلى الآفاق
الواسعة ، ويفتش عن الحقائق الناصعة ، ويملك الشجاعة العالية ، فيتأمل ويفكر في ملكوت
السموات والأرض ، حتى دله الله تعالى على الحقيقة ، فآمن بالله وتبرأ من الأصنام ومن
كل المشركيـن ، قال تعالى: ( وَكَذلكَ نُري إِبرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَمَاوَاتِ وَالأرضَ
وَلِيَكونَ مِنَ المُوقِنِيـنَ ) الأنعام: 78. وبهذا يصبح سيدنا إبراهيم
عليه السلام القدوة لكل الفتيان والشباب الموحدين الشجعان الرافضين للوثنية والشرك
والانحراف والضلال.
العفاف والطهر: سيدنا يوسف عليه السلام آتاه
الله العلم والحكمة عندما بلغ أشده ، وأصبح الفتـى ، القوي ، الصابر ، الصامد أمام
عواصف الشهوة ، والإغراء بالجنس ، والاغراء بالمال والجاه ، وأمام ضغوط الاضطهاد ،
والقمع ، والمطاردة ، والتهديد بالسجن ، والنفي ، والفتى الثائر ، المكسر لكل القيود
، وأغلال العبودية ، وأغلال الشهوات ، وكذلك أغلال المجتمع الفاسد، قال تعالى : ( وَلَمَّا
بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَينَاهُ حُكماً وَعِلماً وَكَذَلِكَ نَجزِي المُحسِنِينَ ) يوسف
: 22 ، وقال تعالى: ( وَرَاوَدَتهُ التي هُوَ فِي بَيتِهَا عَن نَفسِهِ
وَغَلَّقَتِ الأَبوَابَ وَقَالَت هَيتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحَسنَ
مَثوايَ إِنَّهُ لا يُفلِحُ الظالِمُونَ ) يوسف. فلماذا لم يستجب يوسف لهوى
المرأة؟؟ وكان يمكن أن يستجيب وربما عذره الكثيرون، قالوا إنه شاب والشباب شعلة من
الجنون، وهو عبد والعبد يفعل ما يستحي منه الأحرار، وهو عزب ليس له زوجة تعفه، وهو
غريب عن وطنه، والغريب يفعل ما لا يفعل الإنسان في بلده، وهو .. وهو ..، هناك أكثر
من سبب كان يجعل يوسف يستجيب للمرأة ولكنه أبى كما ظهر ذلك. إنه نموذج للشاب الطاهر
العفيف .
البحث عن الحق والصمود في
وجه الباطل: قال الله تعالى: ( إِنَّهُم فِتيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِم وَزِدنَاهُم هُدىً وَرَبَطنَا
عَلَى قُلُوبِهِم إِذ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ لَن
نَدعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً لَقَد قُلنَا إِذاً شَطَطاً ) الكهف ، إن هذه
الصور والأمثلة الواقعية الجميلة والمعبِّرة عن الأبعاد المختلفة تنطلق من مفهوم صحيح
للفتوة ، والشباب ، والقوة ، وهو التوحيد في العبودية ورفض العبوديات الأخرى ، والسيطرة
على الشهوات والرغبات ، ونصرة المظلومين والدفاع عنهم ، ومساعدة الضعفاء والمحتاجين
، والتمرد على الواقع الفاسد ورفضه بشجاعة
وتضحية .
طلب العلم والتفوق فيه
الإمام البخاري : يقول: محمد بن أحمد بن الفضل
البلخي ، سمعت أبي يقول : ذهبت عينا محمد بن إسماعيل في صغره ، فرأت والدته في المنام
إبراهيم الخليل -عليه السلام- ، فقال لها : يا هذه ، قد رد الله على ابنك بصره لكثرة
بكائك ، أو كثرة دعائك -شك البلخي - فأصبحنا وقد رد الله عليه بصره
وارتحل هنا وهناك في طلب الحديث والعلم حتى صار شيخًا للمحدثين في
تاريخ الإسلام العظيم. وهو جبل الحفظ وإمام وقته أمير أهل الحديث، الذي لم يشهد تاريخ
الإسلام مثله في قوة الحفظ ودقة الرواية والصبر على البحث مع قلة الإمكانات، حتى أصبح
منارة في الحديث، وفاق تلامذته وشيوخه على السواء، وهو صاحب أصح كتاب بعد القرآن الكريم،
والذي صنفه في ست عشرة سنة، وجعله حجة فيما بينه وبين الله تعالى، فلا يكاد يستغني
أحد عنه، لقد كان -رحمه الله- يحفظ أكثر من مائة ألف حديث، دوّن منها في صحيحه سبعة
آلاف فقط، وكان ذا منهج متميز في تخيُّر أحاديثه وقبولها.
الإمام الشافعي –رحمه الله: الذي وضع علم أصول الفقه ، الشافعي
هذا ولد في مدينة غزة ومات في الخمسين من عمره ، متى صنع هذا الفقه ؟ في شبابه ،وهو
الذي يقول عن نفسه : أنه ما كان عبداً لمال ، ولا لجاه ،ولا يُتبع نفسه شيئاً من هذا ، حيث يقول في ديوانه :
أمطري لؤلؤاً جبال سرنديب **
وفيضـى آبار تكرور تبرا
أنا إن عشت لست أعدم قوتا **
وإذا مِتُّ لست أعدم قبرا
همتي همة الملوك ونفسي **
نفس حر ترى المذلة كفرا
هذا إمام من أئمة الفقه
الإسلامي .... هذا شاب من علماء المسلمين ، كم الأمة اليوم بحاجة إلي علماء أفذاذ في
شتى المجالات ، ليبصروا الناس بدينهم ،ويرشدوهم إلي الصراط المستقيم .
رابعًا: علاج
انحراف الشباب
إن الانحراف في مرحلة الشباب خطير ومخيف، فمنحرف اليوم هو مجرم الغد،
مالم تتداركه عناية الله، وعلى قدر الرعاية بالشباب والعناية بشؤونهم يتحدد مصير الأمة
والمجتمع.
إن انحراف شبابنا من أعظم المسائل المطروحة اليوم، وأهم القضايا
التي تقلق الآباء والمربين.
تتملك بعض كتّابنا ومفكرينا العاطفة، وتقودهم السطحية أحيانا في
التعامل مع ظاهرة الانحراف فنظل نلوك المشكلة ونفجر جراحها ونردد آهاتها مرة وثانية
وثالثة دون طائل.
والعلاج الناجع إعمال العقل وإمعان النظر، واستشراف المستقبل بتحليل
الظاهرة، ودراسة أسبابها، والعمل على الوقاية منها بموضوعية ومنهجية على أساس من الدين
والشرع، وليس غريبا أن يهتم المختصون بظاهرة الانحراف في أوساط الشباب لتجفيف منابعه،
واجتثاث جذوره، لأن الشباب أمل الأمة، وعدة المستقبل،
وذخيرة المجتمع، والعصب الفعال في حياة الأمم، والشباب كغيره يخطئون
ويصيبون.
إلا أن هذه الأمة التي كتب
الله لها الخيرية بين الأمم لا ترضى لشبابها إلا أن يكونوا على الأرض سادة، وفي الأخلاق
قادة .
ولكن في عصرنا تنوعت مسالك الشبهات، وتأججت نوازع الشهوات، وغدا
شبابنا معرَّضاً لسهام مسمومة، ورماحِ غزوٍ ذاق مرارتها المجتمعُ في غلو وتكفير، وانحلال
خلقي مقيت.
ومن الانحراف ما يهدد الأخلاق ويحطم القيم ويشكل أضراراً جسيمة بنظام
المجتمع وسلامته. فالانحراف قد يكون فكرياً وقد يكون أخلاقيا وهما من الخطورة بمكان
سلامة القاعدة الأخلاقية في حياة
الأمة سبيل استقرارها، ومناط قوتها، وإذا انحرف سلوك الأفراد وانفجر بركان الشهوات وسيطرت
النزوات أشرفت الأمة على الهلاك وآذنت بالزوال، قال تعالى: ( وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ
نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ
فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا )(الاسراء: 16).
وإننا نحمل مسؤولية هذا
الانحراف كلا من الأسرة وأقصد بها الأبوين، حيث أنه لا يشك عاقل أن الآباء حين يمارسون
التربية الصحيحة ويجعلونها أولى المهمات في حياتهم، فعندئذ يوفرون المناعة الكافية
ضد الانحراف والوقاية من المصير الألي، وأيضا
للمدرسة دور كبير في الانحراف حيث أن المعلم محور التربية والتعليم به نقاوم الانحراف
ونحصن الشباب إذا كان مستقيما في سلوكه صالحا في خلقه، متقنا لعمله يحمل هم أمته ومجتمعه
،وتلك أهم سمات المعلم في المجتمع المسلم .
استغلال الوقت بما ينفع
والبعد عن الفراغ ، لأن الوقت إذا لم يوظف توظيفا سليما فانه ينقلب بآثاره السيئة
على صاحبه ويكون أكثر استعدادا للانحراف، فيجب على الوالدين أن يتبينا أين وكيف تقضى
ساعات الفراغ، ومن الجدير بالذكر في هذا المجال أيضا أن ينتبه الوالدين إلى الرفقة
الذين يرافقهم ابنهم؛ لأن القرين السيء من المهلكات، كما أن الرفقة الصالحة لها أثر
كبير في اكتساب القيم والسلوك فعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: { المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل }([12])
التمسك بالقرآن: إن الواجب عليكم أيها الشباب
أن تتمسكوا بكتاب ربكم ،وسنة نبيكم –صلي الله عليه وسلم- ، فهما سبب العزة والكرامة
، وسبب الفلاح والنجاح فعَنْ أَبي هريرةَ - رضي الله عنه - : أنَّ رَسُول الله - صلى
الله عليه وسلم - ، قَالَ : {كُلُّ أُمَّتِي يَدخُلُونَ الجَنَّةَ إلاَّ مَنْ أبَى}
. قيلَ : وَمَنْ يَأبَى يَا رَسُول الله ؟ قَالَ : { مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ
، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أبَى } وكما قال سيدنا عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - :
( كنا أذلاء ، فأعزنا الله بالإسلام ، فإذا ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله ) ، فلا
عزة لنا إلا بالإسلام ، ولا وحدة لنا إلا بالقرآن .
معرفة العاقبة السيئة للانحراف:
ابن سيدنا
نوح عليه السلام حيث قال تعالى : ( وَنَادَى نُوحٌ ابنَهُ وَكَانَ فِي مَعزِلٍ يَا
بُنَيَّ اركَب مَعَنَا وَلا تَكُن مَعَ الكَافِرِين * قَالَ سَآوي إِلَى جَبَلٍ يَعصِمُنِي
مِنَ المَاءِ قَالَ لا عَاصِمَ اليَومَ مِن أَمرِ اللهِ إِلا مَن رَحِمَ وَحَالَ بَينَهُمَا
المَوجُ فَكَانَ مِنَ المُغرَقِينَ ) هود : 42-43 .
ومثال آخر يتحدث عنه القرآن الكريم، يعبر عن حالة الانحراف في الشباب
حيث العقوق للوالدين والتمرد على الله تعالى والتوغل في الجهل والغي ، فقال تعالى
: ( وَالذِي قَالَ لِوَالِدَيهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَن أُخرَجَ وَقَد خَلَت
القُرُونُ مِن قَبلِي وَهُمَا يَستَغِيثَانِ اللهَ وَيلَكَ آمِن إِنَّ وَعدَ اللهِ
حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ
عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ
إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (18) ) الأحقاف : 17
قول تعالى ذكره: هؤلاء الذين هذه الصفة صفتهم، الذين وجب عليهم عذاب
الله، وحلَّت بهم عقوبته وسخطه، فيمن حلّ به عذاب الله على مثل الذي حلّ بهؤلاء من
الأمم الذين مضوا قبلهم من الجنّ والإنس، الذين كذّبوا رسل الله، وعتوا عن أمر ربهم،
وقوله(إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ) يقول تعالى ذكره: إنهم كانوا المغبونين ببيعهم
الهدى بالضلال والنعيم بالعقاب. ([13])
علاج بعض المواقف: لقد عالج – صلى الله عليه وسلم
– بعض الحالات الشاذة هنا وهناك بحكمته المعهودة
، فعن أبي أمامة قال : إن فتى شابا اتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا
رسول الله ! {ائذن لي بالزنى . فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا مه مه ! فقال : ادنه
. فدنا منه قريبا . قال : فجلس . قال أتحبه لأمك ؟ قال : لا والله جعلني الله فداك
. قال : ولا الناس يحبونه لأمهاتهم . قال أفتحبه لابنتك ؟ قال : لا والله يا رسول الله
! جعلني الله فداك . قال : ولا الناس يحبونه لبناتهم . قال أتحبه لأختك ؟ قال : لا
والله جعلني الله فداك . قال : ولا الناس يحبونه لأخواتهم . قال أتحبه لعمتك ؟ قال
: لا والله جعلني الله فداك . قال : ولا الناس يحبونه لعماتهم . قال أتحبه لخالتك ؟
قال : لا والله جعلني الله فداك . قال : ولا الناس يحبونه لخالاتهم . قال : فوضع يده
عليه وقال : اللهم ! اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه . فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت
إلى شيء } ([14]).
وهكذا ينبغي ان نعالج المواقف لا ان نسدها ونمنعها بالقوة فحسب
بل يواجه الفكر بالفكر فحينما يقتنع الشاب بضرر شيء ما سيحاول تجنبه من تلقاء
نفسه.
القيام بالدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة
الحسنة، قيام
المسجد برسالته، وإحياء دوره في
التوجيه والإصلاح، وقيام
الدعاة والمربين بواجبهم وتحمل مسؤوليتهم.
اختيار
الصديق الحسن: وقد حصر الإمام ابن القيم أنواع الأصدقاء
فقال: "الأصدقاء ثلاثة، الأول: كالغذاء لا بد منه، والثاني: كالدواء يحتاج إليه
وقت دون وقت، والثالث: كالداء لا يُحتاج إليه قط"، فالأول هو الجليس الصالح، والثالث
هو الجليس السوء، والثاني هو الجليس الذي به بعض صفات السوء ولكن يُرتجى منه الخير.
البعد
عن أصدقاء السوء: قال تعالى:﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ
الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا
(27) يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28)
لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ
خَذُولًا (29) ﴾[الفرقان: 27].
وغيرها من الوسائل الكثير والكثير التي بها نحافظ على أبنائنا
ونجعلهم منارة للإسلام ونقيهم بها شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.
وصلِّ
اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
إعداد: الشيخ احمد أبو عيد
01098095854
%%%%%%%%