عفو الله الكريم للشيخ ماهر خضير
وقفات مع الموضوع
⚘الوقفة الأولى / العفو في القرآن والسنة
⚘⚘الوقفة الثانية / من مظاهر عفو الله على عباده
⚘⚘⚘الوقفة الثالثة / من موجبات عفو الله سبحانه
...................................................
أما بعـــــد / عباد الله نحن اليوم على موعد مع موضوع يبعث السكينة والطمأنينة في النفس ويلملم من شعثها ويطيب من خاطرها، موضوع ما أحوجنا إليه وبخاصةٍ في عصرٍ الكل فيه يبحث عن راحة النفس وسكون الروح ، حديثنا اليوم عباد الله وأرجوا ان تنتبهوا معي حديثنا اليوم عن (عفو الله الكريم سبحانه ) فعفوُ الله كلمةٌ تبعثُ السَّكينةَ في النفس، والطُّمأنينةَ في القلب، والثقةَ فيما عند الله
🌸ورد في القرآن الكريم خمس مرات:
🌷في قوله تعالى: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا﴾ سورة النساء:43
قال ابن جرير الطبري : إن الله لم يزل عفوًا عن ذنوب عباده، وتركه العقوبة على كثير منها ما لم يشركوا به
🌷🌷وفي قوله: ﴿فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا﴾ سورة النساء:99
🌷🌷🌷وفي قوله: ﴿إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا﴾ سورة النساء:149
🌷🌷🌷🌷وفي قوله: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ﴾ سورة الحج:60 .
🌷🌷🌷🌷🌷وفي قوله: ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ﴾ سورة المجادلة:2 .
🌸وأما في السنة المطهرة
🌹فعن عائشة أنها قالت: «قلت: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَدْعُو؟، قَالَ" تَقُولِينَ: «اللهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي»» [رواه ابن ماجه] 🌹🌹و عن أبي بكر قال:« قام رسول الله على المنبر ثم بكى، فقال: سلوا الله العفو والعافية، فإن أحدًا لم يعط بعد اليقين خيرًا من العافية» رواه الترمذي
🌹🌹🌹عن عبد الله بن عمر قال :«لم يكن رسول الله يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح «اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي واحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بك أن أغتال من تحتي»
🌻🌻والعفو يدلّ على معنيين أصليّين: ترك الشّيء وطلبه
فمن المعنى الأوَّل عفو الله تعالى عن خلقه، وذلك تركه إيّاهم فلا يعاقبهم، فضلاً منه تعالى. قال الخليل "العفو : تركُكَ إنسانًا استوجَبَ عُقوبةً فعفوتَ عنه تعفُوِ والله العَفُوُّ الغَفور" (كتاب العين: [2/258]).
والثانى قولنا (أعطيتُه من مالي عفواً): أي أعطيته شيئاً طيباً من حلال مالي، عن رضا نفس، دون أن يسأل "...يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ..." (البقرة:219) وهذا أفضل ما تنفقون من مالكم.
🌺والعفو أبلغ من المغفرة لذا قال الغزالي رحمه الله في المقصد الأسنى«العَفْوُّ: هو الذي يمحو السيئات ويتجاوز عن المعاصي وهو قريب من الغَفور ولكنه أبلغ منه، فإن الغفران ينبيء عن الستر والعفو ينبيء عن المحو والمحو أبلغ من الستر»
🌲تأملوا هذا المثال: سيدنا يوسف عليه السلام عندما التقى بإخوته وندموا على ما فعلوا في حقه، قال لهم: " قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ – ثم انظر لبقية الآية - يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ...." (يوسف:92) فهل سيدنا يوسف هنا غفر أم عفا ؟ بل غفر، لا تثريب: أي لا عقوبة، ولكن هل عفا ؟ ثم بعد ذلك بعدة آيات قال: "...وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ..." (يوسف:100) فلم يقل: إذ أخرجني من البئر، لأنها مُسِحَت وانتهى الأمر، فهنا قد عفا وزالت الآثار.
🌿مثال للفرق بين العفو والغفور يوم القيامة: حديث: ( يأتي العبد يوم القيامة، فيقول له الله تبارك وتعالى: ادنُ عبدي، فيقترب العبد، فيرخي الله تبارك وتعالى عليه ستره، فيقول له الله: أتذكر ذنب كذا؟ أتذكر ذنب كذا؟ - لاحظوا أن الذنوب موجودة في الصحيفة - فيقول: نعم يا رب، فيظن العبد أنه هالك، فيقول له الله: سترتها عليك في الدنيا وها أنا أغفرها لك اليوم) هذه مغفرة، لكن العفُوّ ماذا يقول لك يوم القيامة؟ ( يا فلان، إني راضٍ عنك لما فعلت في الدنيا، قد رضيت عنك وعفوت عنك، اذهب فادخل جنتي) أرأيت الفرق بين هذه وتلك؟ فأي منزلة تريد أنت؟ والعفُوّ تلقاه يوم القيامة فيقول لك: ( تمنَّ يا عبدي واشتهي، فإني قد عفوت عنك، فلن تتمنى اليوم شيئاً إلا أعطيتك إياه).
🌾🌿عباد الله أما عن مظاهر عفو الله بعباده فان القلم عندها يقهر عن الجولان في هذا الميدان خشية الملل والنسيان، فالمظاهر من هذا النوع كثيرة وهي عظيمة الشأن .
🌳🌳عبد الله أليس من عفو الله تعالى فتح باب التوبة لك بل ويفرح بتوبتك وهو الغنى عنك القادر عليك ، قال تعالى: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)
وقال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم -: «للهُ أشدُّ فرحًا بتوبة عبدِه المؤمن من رجُلٍ في أرضٍ دوِّيَّةٍ مهلِكة، معه راحلَتُه عليها طعامُه وشرابُه، فنامَ فاستيقظَ وقد ذهبَت، فطلبَها حتى أدركَه العطش، ثم قال: أرجعُ إلى مكاني الذي كنتُ فيه فأنامُ حتى أموت، فوضعَ رأسَه على ساعِدِه ليموت، فاستيقظَ وعنده راحِلتُه وعليها زادُه وطعامُه وشرابُه، فالله أشدُّ فرحًا بتوبة العبدِ المؤمن من هذا براحلتِه وزادِه».
🌳🌳عبد الله أليس من عفو الله تعالى أن سترك وانت تعصه وتتجرأ عليه ورزقك وأعطاك ورحم الله بعض السلف كان يقول: أصبح بنا من نعم الله ما لا نُحْصيه, مع كثرة ما نَعْصِيه, فما ندري أيها نشكر؟ أجميلُ ما ظهر؟ أم قبيح ما سَتر؟.
قال رجلٌ لأحد السلف: كيف أصبحتَ؟ قال: "أصبحت بين نعمتين, لا أدري أيَّتهُمَا أفضل: ذنوبٌ سترها الله -عز وجل-, فلا يستطيع أن يعيرني بها أحدٌ؛ ومودةٌ قذفها الله -عز وجل- في قلب العباد, لم يبلغها عملي".
وفي الناس شرٌ لو بدا ما تَعَاشَرُوا *** ولكنْ كساهُ اللهُ ثوبَ غِطاءِ
فمن عفو الله -يا عبد الله- أن كساك ثوب السِّتر, وأنْ حجب عيون الناس عن رؤيةِ معاصيْك, فلو أنك في كلِّ مرةٍ أذنبت بانت عليك سِمَةٌ أو علامة تَكْشِفُ وتَفْضح الذنب الذي أذنبت واقترفت, فكيف سيكون حالك؟.
🌳🌳عبد الله أليس من عفو الله تعالى أن منحك من الطاعات والعبادات ما تكفر ذنوبك وجدير بنا أن نذكر ببعضها :-
🍀• التوبة الصادقة : قال صلى الله عليه وسلم : (( من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها ، تاب الله عليه )) رواه مسلم
🍀• إسباغ الوضوء : قال صلى الله عليه وسلم : (( من توضأ فأحسن الوضوء ، خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره)) رواه مسلم
🍀• ذكر الله عقب الفرائض : قال صلى الله عليه وسلم : (( من سبح دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين ، وحمد ثلاثاً وثلاثين ، وكبر ثلاثاً وثلاثين فتلك تسعة وتسعون ، قم قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، غفرت له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)) رواه مسلم
🍀• الشهادة في سبيل الله : قال صلى الله عليه وسلم : (( يغفر الله للشهيد كل شيء ، إلا الديّن)) رواه مسلم
🍀• كثرة الخطا إلى المساجد : قال صلى الله عليه وسلم : (( ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ، ويرفع به الدرجات )) ؟ قالوا : (( بلى يا رسول الله )) قال : (( إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطا إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، فذلكم الرباط ، فذلكم الرباط)) رواه مسلم
صيام رمضان إيماناً واحتساباً: قال صلى الله عليه وسلم : (( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) البخاري ومسلم
قيام ليلة القدر إيماناً واحتساباً : قال صلى الله عليه وسلم (( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) البخاري ومسلم
🍀• قول سبحان الله وبحمده مائة مرة : قال صلى الله عليه وسلم : (( من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)) رواه البخاري ومسلم
🍀• إتباع السيئة الحسنة : قال تعالى: (( إن الحسنات يذهبن السيئات)) هود 114. وقال صلى الله عليه وسلم : ((وأتبع السيئة الحسنة تمحها)) رواه أحمد والحاكم
🍀• صلاة ركعتين إذا أذنب ذنباً : قال صلى الله عليه وسلم : (( ما من عبد يذنب ذنباً فيحسن الطهور ، ثم يقوم فيصلي ركعتين ، ثم يستغفر الله إلا غفر له)) رواه الترمذي
🍀• كفارة المجلس : قال صلى الله عليه وسلم : (( من جلس جلسة فكثر لغطه ، فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك : (( سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت ، استغفرك وأتوب إليك ، إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك )) رواه داود والترمذي.
🍀• العمـــــــــــــرة : قال صلى الله عليه وسلم : (( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما)) رواه البخاري ومسلم
🍀• الحـــج : قال صلى الله عليه وسلم : (( من حج لله فلم يرفث ، ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه)) رواه البخاري ومسلم
الصلاة المفروضة : قال صلى الله عليه وسلم : (( الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر )) البخاري ومسلم
🍀• من قال حين يسمع المؤذن : قال صلى الله عليه وسلم : (( أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله ، رضيت بالله رباً ، وبمحمدٍ رسولاً ، وبالإسلام ديناً ، غفر له ذنبه)) رواه مسلم
🍀• الصدقة : قال صلى الله عليه وسلم : (( الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار)) رواه الترمذي
🍀• صيام يوم عرفة : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : عن صيام يوم عرفة فقال : (( يكفر السنة الماضية والباقية )) رواه مسلم
🍀• صيام يوم عاشورا : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : عن صيام يوم عاشورا فقال : (( يكفر السنة الماضية)) رواه مسلم
🍀• التهليـــل : قال صلى الله عليه وسلم : (( من قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة ، كانت عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة ...)) رواه البخاري ومسلم
🍀• موافقة تأمين المصلي لتأمين الملائكة : قال صلى الله عليه وسلم : (( إذا قال أحدكم آمين وقالت الملائكة في السماء آمين فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه)) متفق عليه
🍀• الصبــر : قال صلى الله عليه وسلم : (( ما يصيب المسلم من نصب ، ولا وصب ، ولا هم ، ولا حزن ، ولا أذى ، ولا غم ، حتى الشوكة يشاكها ، إلا كفر الله بها من خطاياه )) رواه البخاري
اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عنا
أقول قولى هذا واستغر الله لى ولكم فاستغفروه انه غفور رحيم
🌷⚘🌷⚘⚘🌷⚘🌷⚘🌷⚘🌷⚘🌷⚘🌷⚘🌷⚘
الخطبة الثانية / أما بعد
موجبات عفو الله سبحانه وتعالى
1) كثرة الدعـــاء باسم الله العَفْوُّ وسؤال الله العفو والعافية ورد دعاء المسألة بالاسم المطلق في حديث عائشة أنها قالت: "قلت: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَدْعُو؟، قَالَ" تَقُولِينَ: «اللهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي» (رواه ابن ماجه وصححه الألباني: 3850). وعن أبي بكر قال: قام رسول الله على المنبر ثم بكى، فقال: «سلوا الله العفو والعافية، فإن أحدًا لم يعط بعد اليقين خيرًا من العافية» (رواه الترمذي وصححه الألباني، مشكاة المصابيح: 2489). وعن ابن عمر قال : "لم يكن رسول الله يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح" «اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي واحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بك أن أغتال من تحتي» (رواه ابن ماجه وصححه الألباني: 3871).
2) الاستغفار والتوبـة والعمل الصالــح: فمن كمال عفوه سبحانه أنه مهما أسرف العبد على نفسه ثمَّ تاب إليه ورجع، غفر له جميع جُرْمِهِ، كما قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53].
3) اعفُ يُعْفَ عنك وقد حثَّ الله تعالى عباده على العفو والصفح وقبول الأعذار، وقد كان أبو بكر الصديق يتصدَّق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه، فلما شارك المنافقين في اتهام أم المؤمنين عائشة بالإفك وبرأها الله عزَّ وجلَّ، قال أبو بكر: "وَاللهِ لاَ أُنْفِقُ عَلى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ مَا قَال لعَائِشَةَ"، فَأَنْزَل اللهُ سبحانه وتعالى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور:22]، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: "بَلى، وَاللهِ إِنِّي لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لي"، فَرَجَعَ إِلى مِسْطَحٍ الذِي كَانَ يُجْرِي عَليْهِ. (صحيح البخاري).
ولقد جاء إعرابيّ إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يطلب شيئًا فأعطاه ثمّ قال له: “هل أحسنت إليك؟ قال الإعرابي:”لا، ولاَ أجملتَ“. فغضب المسلمون وقاموا إليه فأشار إليهم أن كفّوا، ثمَّ قامَ ودخلَ منزله وأرسل إلى الإعرابي وزاده شيئا ثمّ قال أحسنت إليك؟ قال:”نعم فجزاك الله من أهلٍ وعشيرةٍ خيرًا“فقال له النبيء عليه الصلاة والسلام:”إنّك قلت ما قلت وفي نفس أصحابي شيء من ذلك فإن أحببت فقل بين أيديهم ما قلت بين يدي حتى يذهب من صدورهم ما فيها عليك“. قال الإعرابي نعم، فلمّا كانَ الغداة أو العشيّ جاء فقال النبيء صلى الله عليه وسلم:”إنّ هذا الإعرابي قال ما قال،فزدناه فزعم أنّه رضي، أكذلك؟ قال الإعرابي نعم فجزاك الله من أهلٍ وعشيرة خيرا،“. فقال الرسول عليه الصلاة والسلام إنّ مَثَلي ومثل هذا الإعرابي كمثل رجل كانت له ناقة فشردت عليه فأتبعها الناس فلم يزيدوها إلا نفورًا، فناداهم صاحب الناقة خلّوا بيني وبين ناقتي فإني أرفق بها وأعلم فتوجه لها بين يديها فأخذ لها من قُمَام الأرض فردّها هونًا هونًا حتّى جاءت واستناخت وشدّ عليها رحلها واستوى عليها”. صلى الله وسلّم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين ما أحلمه.
4) التجاوز عن المُعسِر والعفو عنه، وعدم مؤاخذته على عدم استطاعته سداد الدّين .. فعليك أن تتجاوز، حتى يتجاوز الله تعالى عنك، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: «أُتِيَ اللَّهُ بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِهِ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَقَالَ لَهُ: مَاذَا عَمِلْتَ فِي الدُّنْيَا؟، قَالَ: وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا، قَالَ: يَا رَبِّ آتَيْتَنِي مَالَكَ فَكُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ وَكَانَ مِنْ خُلُقِي الْجَوَازُ فَكُنْتُ أَتَيَسَّرُ عَلَى الْمُوسِرِ وَأُنْظِرُ الْمُعْسِرَ، فَقَالَ اللَّهُ: أَنَا أَحَقُّ بِذَا مِنْكَ، تَجَاوَزُوا عَنْ عَبْدِي»، فَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ وَأَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ: هَكَذَا سَمِعْنَاهُ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ (صحيح مسلم).
5) عدم المجاهرة بالذنــب: عَنْ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ: يَا فُلَانُ، عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ» (متفق عليه).
الدعـــــــــــــــــــــــــاء