حق اليتيم في الإسلام للشيخ احمد ابو عيد


الحمد لله الذي زين قلوب أولياءه بأنوار الوفاق، وسقى أسرار أحبائه شرابا لذيذ المذاق، وألزم قلوب الخائفين الوجل والإشفاق، فلا يعلم الإنسان في أي الدواوين كتب ولا في أيّ الفرقين يساق، فأن سامح فبفضله، وان عاقب فبعدله، ولا اعتراض على الملك الخلاق.
واشهد إن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شيء قدير شهادة أعدها من أكبر نعمه وعطائه، وأعدها وسيلة إلي يوم لقاءه
يا رب:
يظن الناس بي خيرا وإني 

**
لشر الناس إن لم تعف عنـي



ومالي حيلة إلا رجـائـي

**
وجودك إن عفوت وحسن ظني




  
وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه
البشير النذير السراج المنير الذي عم نوره الأفاق، والنور الذي لا يعترض ضياءه كسوف ولا محاق، الحبيب القرب الذي أسري به على البراق، إلى إن جاوز السبع الطباق.
يا سيدي يا رسول الله
يا أجمل ما رأت قط عين

**
ويا أكمل ما ولدت النساء



خلقت مبرأ من كل عيب

**
كأنـك خلقت كما تشاء




  
وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته واقتدى بهديه واتبعهم بإحسان إلى يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين
عناصر الخطبة
أولاً: فضل إكرام اليتيم                             ثانياً: حقوق اليتيم في الإسلام
ثالثاً: نماذج لبعض اليتامى                        رابعًا: التحذير من ظلم اليتيم           
خامسًا: كيف تؤمِّن مستقبل ولدك بعد موتك؟
الموضـــــــــــوع
اليتيم في الناس من فقد أباه، واليتيم في الحيوانات والطيور من فقد أمه، وأصل اليتم في اللغة هو الغفلة، وبه سمي اليتيم يتيماً، أي: لأنه يتغافل عن بره بعد موت أبيه، وقال: وأصل اليتم في اللغة
أيضاً هو: الانفراد، يقال: درة يتيمة، أي فريدة، ويقال: بيت يتيم، أي: بيت منفرد أو وحيد ([1]).
أولا: فضل إكرام اليتيم
مرافقة النبي r في الجنة: عن سهل بن سعد t قال قال رسول الله r أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج  بينهما "([2])
صلاح الوالدين يبقي لليتيم بعد الممات:   قال تعالى: "وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً "
إكرام اليتيم سبيل إلى الفوز بالجنة:  قال تعالى في وصف المؤمنين المتقين: "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا" الإنسان
كفاك بالعلم في الأُمِّيِّ معجزةً

**
في الجاهلية والتأديب في اليتمِ



ذُكِرتَ بِاليُتمِ في القُرآنِ تَكرِمَةً

**
وَقيمَةُ اللُؤلُؤِ المَكنونِ في اليُتُمِ




  
-السعي على اليتيم كالجهاد في سبيل الله: عن أبي هريرة قال رسول الله r : " الساعي على الأرملة والمسكين كالساعي في سبيل الله " وأحسبه قال : " كالقائم لا يفتر وكالصائم لا يفطر "([3])
مسح رأس اليتيم تلين القلب القاسي: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً شَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ r قَسْوَةَ قَلْبِهِ، فَقَالَ لَهُ: إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يَلِينَ قَلْبُكَ فَأَطْعِمِ الْمِسْكِينَ، وَامْسَحْ رَأْسَ الْيَتِيمِ"([4])
وعن أبي الدرداء قال قال رسول الله r "أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك "([5])
دليل علي المحبة والمودة بين المسلمين: عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله r : " ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضوا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " ([6])
ورحم الله عبدالرحمن العشماوي حيث قال:
انظرْ إلى وجه اليتيمِ، ولا تكنْ

**
إلا صديقاً لليتيمِ حميما



وارسمْ حروفَ العطف حَوْل جبينهِ

**
فالعَطْفُ يمكن أنْ يُرى مرسوما




  
وامسح بكفِّكَ رأسه، سترى على

**
كفَّيكَ زَهْراً بالشَّذَا مَفْغُوما
 
ولسوف تُبصر في فؤادكَ واحةً

**
للحبِّ، تجعل نَبْضَه تنغيما

ولسوف تبصر ألفَ ألفِ خميلةٍ

**
تُهديك من زَهْر الحياةِ شَميما

ولسوف تُسعدكَ الرياضُ بنشرها
      
**
وتريكَ وجهاً للحنانِ وسيما

انظرْ إلى وجه اليتيم وهَبْ له

**
عَطْفاً يعيش به الحياةَ كريما

وافتحْ له كَنْزَ الحنانِ، فإنما

**
يرعى الحنانُ، فؤادَه المكلوما


يا كافلَ الأيتامِ، كأسُكَ أصبحتْ

**
مَلأَى، وصار مزاجُها تسنيما

ما اليُتْمُ إلاَّ ساحةٌ مفتوحةٌ

**
منها نجهِّز للحياةِ عظيما

حَسْبُ اليتيم سعادةً أنَّ الذي

**
نشرَ الهُدَى في الناسِ عاشَ يَتيما

تشريف اليُتم بنسبته الى رسول الله r: يتم النبي صلي الله عليه وسلم تكريمٌ إلهي، وقد تشرَّف معنى اليتم ذاته؛ لما نسب إلى الحبيب سيدنا محمد r قال تعالى: " أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى "(الضحى/ 6).
الفرق بين يُتم النبي r وغيره: اليتم في حياة النَّبي r تكريم وكمال نعمة إلهيَّة، فقد تَمَيَّز بحيازة الكمال في التربية برعاية ربِّه له، والذي خاطبه - سبحانه - في معرض المنِّ والتَّذكير بالنِّعمة في قوله - تعالى -: " أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى "(الضحى/6). رَغْمَ أنه انتقل r في أطوار الرعاية الأولى بين حنان الأم الذي لم يدُم سوى ست سنوات من عمره المبارك، وبين رعاية الجد عبدالمطلب، والتي لم تدم بعد فَقْدِ الوالدة سوى عامين، ثم كانت الكفالة من عَمِّه أبي طالب، حتَّى شبَّ عن الطوق، ودخل في سن الشباب r وليست هذه مصادفة وقعت في قلب الأحداث، بل إنَّها من القدر السعيد المُعَدِّ لرسول الله r قال تعالى:" إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ"(القمر/ 49). ، فلا يحدث في ملك الله إلا ما أراد، وشاءت إرادة العَلِي القدير أنْ ينشأ سيد الناس يتيمًا؛ ليجيره رب الناس من شدَّة اليتم وزيغ الآراء؛ طلبًا للهداية إلى طريقةٍ لإصلاح الذين يرتعون في عمايات الجاهليَّة، ثم أغناه الله به عن كل معين ونصير؛ قال تعالى:" أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى  وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى "(الضحى: 8).
ثانيا: حقوق اليتيم في الإسلام
حق الإيواء: قال تعالى " قال الله تعالى ممتناً على حبيبه: "أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى "الضحى: 8"
حق الإحسان:  والإحسان هو فعل ما ينبغي أن يفعل من الخير
يقول تعالى: "وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ   "البقرة
ويقول تَعَالَى: "وَيَسأَلُونَكَ عَنِ اليَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَهُمْ خَيرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللهُ لأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللهَ عَزِيْزٌ حَكِيْمٌ "النساء.
حق الكرم:  الكرم: هو الإعطاء بسهولة دون عوض مادي أو معنوي والكرم إذا كان بالمال فهو الجود وإن كان بكف ضرر مع القدرة عليه فهو العفو وان كان ببذل النفس فهو الشجاعة يقول تعالى: "كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ" الفجر
حق الإطعام:  يقول تعالى: "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيرًا" الإنسان: 8 ويقول تعالى: "أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ. يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ" البلد
حق الإنفاق: يقول تعالى: "وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ" البقرة: 177
قال تعالي "يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ" البقرة.
قَدِّمْ لِنَفْسِكَ خَيْرًا وَأَنْتَ مَالِكُ مَالِكْ

**
مِنْ قَبْلِ أَنْ تُصْبِحَ فَرْدًا وَلَوْنُ حَالِكَ حَالِكْ



وَلَسْتَ وَاللَّهِ تَدْرِي أَيَّ الْمَسَالِكِ سَالِكْ

**
إِلَى جَنَّةِ الْخُلْدِ أَمْ فِي الْمَهَالِكِ هَالِكْ




  
حق القسط: يقول تعالى: "وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ" أي بالعدل
حق الفيء: يقول تعالي: "مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ" الحشر
حق رد مالهم إليهم:  يقول تعالى: "وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ" النساء 2
ثالثًا: نماذج لبعض اليتامى:
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: إن كان الله تعالى قد قدر على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن يكون يتيماً ، فإن لهذا التقدير حكمته العظيمة ، وقد امتن الله عز وجل على نبيه بذلك فقال تعالى :{ ألم يجدك يتيماً فئاوى }وكما نعرف من سيرة نبينا الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم أن أباه توفي وهو في بطن أمه ، وقيل توفي بعد أن ولد ، ثم توفيت أمه آمنة بنت وهب وله من العمر ست سنين ، ثم كان في كفالة جده عبدالمطلب إلى أن توفي ، وله من العمر ثمان سنين ، فكفله عمه أبو طالب ، ثم لم يزل يحوطه وينصره ويرفع من قدره ويوقره ويكف عنه أذى قومه بعد أن ابتعثه الله على رأس أربعين سنه من عمره، فأدى حق الرسالة كما ينبغي وأخرج الناس من ظلمات الجهل والكفر إلى نور الإيمان والهدى   
حَسْبُ اليتيم سعادةً أنَّ الذي * * * نشرَ الهُدَى في الناسِ عاشَ يَتيما
أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: كان أكثر الصحابة حفظًا للحديث ونقلًا له؛ نشأ يتيمًا، وقدم المدينة فأسلم، ولزم صحبة النبي صلى الله عليه وسلم، يقول سيدنا أو هريرة عن نفسه: ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثا عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب، فكان يتبع النبي صلى الله عليه وسلم على ملئ بطنه، وها نحن الآن في كل خطبة لابد أن نذكر حديثا رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الإمام الشافعي رحمه الله: يقول: "كنتُ يتيمًا في حجر أمي، ولم يكن لها ما تعطيه للمعلم، وكان المعلم قد رضي مني أن أخلفه إذا قام، وأخفف عنه". ويقول – أيضا - رحمه الله: "نشأت يتيمًا وأنا بالشام، فجهَّزَتْني أمي للسفر إلى مكة لطلب العلم وأنا ابن عَشْر سنين".
ويقول: "حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين، وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر سنين".
وها نحن الآن نتبع المذهب الشافعي فنأخذ منه الأحكام الفقهية ونتعلم منه أور ديننا.
الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: كان يتيمًا، توفي أبوه وعمره ثلاث سنوات، فاعتنت به أمه، فقد حفظ القرآن وعمره عشر سنين؛ وهو الذي حافظ كثير على سنّة النبي صلى الله عليه وسلم حتى ابتلى بها وقت محنة خلق القرآن وتمسك بالسنة ورفض القول الخطأ بأن يقول أن القرآن مخلوق رغم حبسه وتعذيبه.
وله ما يقرب من تسعة وعشرين كتابا على رأسها مسند الإمام أحمد بن حنبل.
ابن الجوزي رحمه الله: كان أولُ مجلس يتكلم فيه ابن الجوزي على المنبر يعِظُ الناس وعمره إذ ذاك ثلاث عَشْرة سنة، وكان يومًا مشهودًا، صاحب التصانيف الغزيرة ؛ قال الحافظ شمس الدين الذهبي: "وما علمت أحدًا من العلماء صنَّف ما صنَّف هذا الرجل، مات أبوه وله ثلاث سنين، فربَّتْه عمتُه، وأقاربه"؛ وحضر مجلسَه ملوكٌ ووزراء، بل وخلفاء، ويقال في بعض المجالس: حضره مائة ألف.
حافظ إبراهيم: وفاة والده حولته إلى أيقونة للشعر ولد شاعر النيل حافظ إبراهيم عام 1872 على إحدى ضفتى نهر النيل فى إحدى السفن الراسية بمدينة «ديروط» التابعة لمحافظة أسيوط ليكون حافظ ذا ارتباط بالنيل منذ نشأته.
وتشاء الأقدار أن يمر حافظ بأولى مراحل الحزن فى حياته، فيتوفى والده المهندس الزارعى وهو فى الثالثة من عمره، ليتولى خاله تربيته ورعايته حتى يشتد عوده. ومنذ صغره اتخذ «حافظ» من الاطلاع ونظم الشعر مدرسة خاصة له، مما جعله إنسانا رقيق المشاعر وعاطفيا، ولهذا السبب فشل فى بداية حياته فى العمل بالمحاماه، وهنا اتجه للمدرسة الحربية ليساعد خاله فى تحمل أعباء الحياة ليتخرج فى المدرسة عام 1891. وهنا بدأ «حافظ إبراهيم» العمل فى الشرطة، ولكنه لم يرض يوما عن رؤسائه، وكان من المشجعين لثورة «عرابى»، وبسبب مشاركته فيها تم إعفاؤه من وظيفته عام 1903 ليصير بلا عمل إلى أن عين فى دار الكتب الوطنية المصرية حتى تقاعده ووفاته عام 1932.
وكان أيقونة الشعر فى عصره، فقد تميز بقوة الذاكرة وغزارة الإنتاج، وجميع ما كتب كان بسيط التراكيب والمعانى بحيث يفهمه العامة والبسطاء بجانب الملوك والأمراء الذين كانو يطربون عند سماع قصائده.
نيلسون مانديلا: أول رئيس أسود فى جنوب أفريقيا، كافح حتى قضى على العنصرية بين السود والبيض، واستطاع أن يرد كرامة عرق كامل كانت حقوقه مهدورة من قبله، وانتُخب فى أول انتخابات متعددة وممثلة لكل الأعراق.
وبالرغم من أن «مانديلا» سجن لـ27 عاماً وراء القضبان، فإنه بعد خروجه استطاع أن يتلقى 250 جائزة، منها جائزة نوبل للسلام عام 1993.
وأثر وداع «مانديلا» فى 5 ديسمبر 2013 فى العالم كله، بعد أن حفر فى قلوبنا قصة لواحد من أعظم أيتام العالم الذين غيروا شكل التاريخ.
ستيف جوبز.. محاربة اليتم بالتكنولوجيا : لابد وان نجد واحدا من اختراعات الطفل اليتيم «ستيف جوبز» أو أكثر، محيطة بنا، فصاحب شركة «آبل» وأول من وضع نموذج أولى مع «بيل جيتس» للحاسب الآلى استطاع أن يغير وجه العالم الإلكترونى بالكامل، بأجهزة الآى فون والآى باد والآى بود، وتصميمه لثلاثة أجيال من أجهزة الماكنتوش، وامتلاكه شركة «بيكسار» للرسوم المتحركة.
وما لا يعرفه كثيرون أن حرمان جوبز فى الصغر من متعة اللعب كالأطفال العاديين بحكم يتمه كان سببا رئيسيا فى مساهمته بأمواله ومجهوده فى مؤسسة والت ديزنى ليسعد أطفال العالم الآخرين.
رابعًا: التحذير من ظلم اليتيم
حرمة أكل مال اليتيم: يقول تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وسيصلون سعيرا" النساء.
قال السدي : يبعث آكل مال اليتيم يوم القيامة ولهب النار يخرج من فيه ومن مسامعه وأنفه وعينيه يعرفه من رآه يأكل مال اليتيم.
ويقول تعالى: "وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ" الأنعام
ويقول تعالى: "وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا "النساء
ويقول تعالى "وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ "النساء
والمقصود أنَّ الرجل إذا كان في حجره يتيمة يَحل له تزويجها، فتارة يرغب في أن يتزوجها، فأمره الله - عزَّ وجل - أن يمهرها أسوة أمثالها من النِّساء، فإن لم يفعل، فليعدل إلى غيرها من النِّساء، فقد وسع الله - عزَّ وجل - وهذا المعنى في الآية الأولى التي في أوَّل السورة، وتارة لا يكون للرجل فيها رغبة لِدَمَامَتِهَا عنده، أو في نفس الأمر، فنهاه الله - عزَّ وجل - أن يُعضِلها عن الأزواج؛ خشية أن يشركوه في ماله الذي بينه وبينها؛ كما قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: "فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ" "النساء: 127" الآية، فكان الرَّجل في الجاهلية تكون عنده اليتيمة، فيُلقي عليها ثوبه، فإذا فعل ذلك بها، لم يقدر أحد أن يتَزَوَّجها أبدًا، فإن كانت جميلة وهويها، تَزَوَّجَها وأكل مالَها، وإن كانت دميمة،
منعها الرجال أبدًا حتَّى تموت، فإذا ماتت ورثها، فَحَرَّم الله ذلك ونهى عنه"([7])
أكل مال اليتيم من السبع الموبقات: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ ؟ قَالَ : " الشِّرْكُ بِاللَّهِ ، وَالسِّحْرُ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ ، وَأَكْلُ الرِّبَا ، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ" ([8])
تنتهب مال اليتامى ظالما

**
ودع الربا فكلاهما فسقان



حرمة التعدي على حقه: عن أبي هريرة قال قال رسول الله r اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة ([9]).  وَمَعْنَى أُحَرِّجُ: أَيْ أُلْحِقُ الْحَرَجَ وَالإِثْمَ بِمَنْ ضَيَّعَ حَقَّهُمَا.
حرمة قهر اليتيم أو اهانته بأي وسيلة اليتيم: والقهر: هو الغلبة مع عدم القدرة على الانتصار للحق أو الأخذ علي يد المعتدي يقول تعالى: "فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ" الضحى: 9
وقال تعالى: " كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ"
يمشي اليتيم وكل شيء ضده

**
والناس تغلق دونه أبوابها



وتراه ممقوتاً وليس بمذنب

**
ويرى العداوة لا يرى أسبابها




  
حتى الكلاب إذا رأت ذا ثروة

**
خضعت لديه وحركت أذنابها
 
وإذا رأت يومـاً يتيمــــاً عابراً

**
نبحت عليه وكشرت أنيابها


جعل ازدراء اليتيم آية من آيات التكذيب بيوم الدين: يقول تعالى: "أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ. فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ" الماعون.
خامسًا: كيف تؤمِّن مستقبل ولدك بعد موتك؟      
قال تعالي" وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً "النساء 9"، وقال تعالي "وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ "الكهف 80"
 وفي الآية الأخرى: وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً "الكهف 82"
طاعة الوالد، وتقوى الوالد لا تضيع أبداً لا في حياته ولا بعد مماته
دخل مسلمة بن عبد الملك: ابن عم عمر بن عبد العزيز عليه وهو على فراش الموت، فقال له: يا أمير المؤمنين! ألا توصي لأولادك بشيء؟ فهم كثير وقد أفقرتهم ولم تترك لهم شيئاً فقال عمر بن عبد العزيز: أتريد مني أن أوصي لهم بما ليس لي، وهل أملك شيئاً لأوصي لهم به؟ أم تريد أن أوصي لهم بحقٍ لغيرهم، فوالله لا أفعل، فإنهم أحد رجلين: إما أن يكونوا صالحين والله يتولى الصالحين، وإما أن يكونوا غير صالحين فوالله لا أترك لهم ما يستعينون به على معصية الله عز وجل، أدخلوا أولادي عليَّ! فأدخلوا أولاده عليه كالفراخ الصغيرة، وهو على فراش الموت، فودعهم عمر بهذه الكلمات التي تذيب الحجارة، وتفتت الصخور، نظر عمر إلى أولاده وقال: يا بني! إن أباكم قد خير بين أمرين: بين أن تستغنوا ويدخل النار، وبين أن تفتقروا ويدخل الجنة، وقد اختار أبوكم الجنة، انصرفوا فأنتم وديعة عند الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين".
 وليس معني هذا أن ينقطع الآباء إلى العبادة:  وينشغلوا عن الدخول في الأسباب لتوفير المال الحلال الطيب لورثتهم، كلا. فإن الأمر بالتقوى لا يعارض البتة
الدخول في الأسباب، فإن الدخول في الأسباب كما قال الشاطبي في الموافقات: أمر واجب شرعاً.
يجب على وعليك أن ندخل في الأسباب، فلا مانع أن تدبر المال الحلال الطيب لولدك، ولا مانع من أن تسعى ومن أن تكدح، شريطة أن لا تضيع حق الله أو حق ولد من أولادك، فإن كثيراً من الناس قد يظن أن الكدح والسعي على الأولاد لا حرج فيه أن يضيع الصلوات، وإذا ما قلت له يرد عليك ويقول: أليس العمل عبادة؟ أنا في عبادة، فلماذا أترك هذه العبادة لآتي للصلاة، فنقول لمن هذا حاله: لا حرج أن تسعى على رزقك من الحلال لتيسر لأولادك السعة والرخاء في الدنيا وبعد موتك، شريطة ألا يشغلك هذا الكدح عن حق الله جل وعلا أو عن حقوق أولادك، فإننا نرى كثيراً ونقرأ كثيراً عن آباء قد تركوا أولادهم وانصرفوا عنهم، واهتموا بأن يدبروا لهم الطعام والشراب فقط، وظنوا أن الأمر متوقف عند المال، وعند الطعام والشراب، ثم عاد هذا الرجل وهذا الوالد المسكين بعد فترة ليرى ولده -عياذاً بالله وحفظنا الله وإياكم- مدمناً للمخدرات، أو مدمناً للهروين، أو شارباً للخمر، أو زانياً أو مسك في بيت من بيوت الدعارة؛ لأن الوالد المسكين قد ظن أن كل ما عليه تجاه ولده أن يدبر له الطعام والشراب فقط.
وهذا خطأ كبير أحذر نفسي وأحبابي منه، فإن الولد في حاجة إلى أبيه، لا إلى مال أبيه فقط، فإن وفرت له المال ويسرت له السعة والرخاء مع كل ما تملك من فكر ورحمة، وعطاء وحنان وبذل ونصح وإرشاد، وتربية على كتاب الله وسنة رسول الله r، فهو الخير بل هو قمة الخير، بل وجزاك الله عن ذلك كل الخير، والأصل في ذلك أن الرسول r دخل على سعد بن أبي وقاص وهو مريض فقال سعد: يا رسول الله! هل أتصدق بنصف مالي؟ قال الرسول: لا، ثم قال: بالثلث والثلث كثير، وقال عليه الصلاة والسلام: إنك إن تذر ورثتك أغنياء خيرٌ من أن تذرهم عالة يتكففون الناس) ([10]).  أي: يسألون الناس.
الولد جوهرة غالية، ونعمة كبيرة ودرة صافية:  تقبل كل شيء ينقش عليها، فإن ربي على الإسلام وعلى الخير خرج عضواً صالحاً لنفسه ولمجتمعه وسعد في الدنيا والآخرة، وإن نقشت على هذه الدرة الشر أشربت الشر، وقبلت الشر وخرج عضواً فاسداً في مجتمعه، وشقي في الدنيا والآخرة والوزر والذنب على رأس والديه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ   "التحريم 6".
فقد ينشأ الطفل بين والديه إلا أنه يحس باليتم، وبالوحشة، وبالغربة، لا يجد أباً يجلس إليه، ولا يجد أماً تأخذه في أحضانها لترضعه حنانها ورحمتها، كلا.
 ورحم الله من قال
لَيْسَ الْيَتِيمُ مَنِ انْتَهَى أَبَوَاهُ

**
مِنْ   هَمِّ   الْحَيَاةِ وَخَلَّفَاهُ ذَلِيلاً



فَأَصَابَ بِالدُّنْيَا الْحَكِيمَةِ مِنْهُمَا

**
وَبِحُسِنِ تَرْبِيَةِ الزَّمَانِ بَدِيلاَ




  
إِنَّ الْيَتِيمَ هُوَ الَّذِي تَلْقَى لَهُ   

**
أُمًّا تَخَلَّتْ أَوْ أَبًا مَشْغُولاَ
 
إِنَّ الْمُقَصِّرَ قَدْ يَحُولُ وَلَنْ تَرَى

**
لِجَهَالَةِ الطَّبْعِ الْغَبِيِّ مُحِيلا

أيها المسلمون: كم من ارملة مات زوجها تاركا لها اولادا صغارا لا تملك لهم ولا لنفسها قوتا ولا غذاءا ؟ ، كم من ارملة تنام واطفالها لا يجدون من يشبع جوعتهم او يمسح دمعتهم؟ كم من يتيم ينظر الى آباء اصحابه وكل اب يضع يده فى يد ولده ليشتري له كسوة او طعاما وهو لا يجد يدا رحيمة تمسك بيده؟ يا ترى ما ذنب اليتيم؟
لماذا قست القلوب وجفت منابع الرحمة هكذا؟ أهذه اخلاق قوم يؤمنون بالله واليوم الاخر؟
فعلينا بمراعاة اليتامى اتباعا لأمر الله تعلى وسوله  r .
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
إعداد: الشيخ احمد أبو عيد
0109 809 58 54
نسألكم الدعاء


([1]) لسان العرب
([2]) صحيح البخاري
([3]) متفق عليه
([4]) السلسلة الصحيحة
([5]) صحيح الجامع 
([6]) متفق عليه
([7]) تفسير ابن كثير
([8]) متفق عليه
([9]) السلسلة الصحيحة
([10]) متفق عليه 


التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات