علو الهمة للشيخ أحمد ابو عيد








الحمد لله الذي وصف المؤمنين بعمل الصالحات، وأمرهم باستباق الخيرات، والمسارعة إلى مغفرة منه وجنة عرضها الأرض والسماوات، أحمده سبحانه، يهدي من استهداه، ويجيب من دعاه، ويوفق لفعل الخير من تحراه، ويضاعف المثوبة لمن فعله يبتغي رضاه.
 وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب العالمين، وإله المؤمنين، هو الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين، وما يفعلوا من خير فلن يكفروه، والله عليم بالمتقين.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين وسيد المرسلين، المخصوص بالقرآن المبين، المعجزة الباهرة المستمرة على تكرر السنين، صاحب الشفاعة العظمى ولواء الحمد والمقام المحمود، يوم يقوم الناس لرب العالمين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه الطيبين الطاهرين؛ الذين كانوا يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون.
العناصر
أولاً: تعريف علو الهمة                                   ثانياً: فضــل علــو الهمـة
ثالثاً: درجات علو الهمــــة                                رابعاً: نماذج من علو الهمـة
خامساً: كيفية الارتقــاء بالهمم                           سادساً: أسباب انحطاطها وضعفها
المـــوضـــوع
أولا: تعريف علو الهمة:
معنى العلو لغةً:  العلوُّ مصدر من علا الشيءُ عُلُوًّا فهو عَليٌّ وعَلِيَ وتَعَلَّى، ويقال: عَلا فلانٌ الجبل إذا رَقِيَه وعَلا فلان فلانًا إذا قَهَره، والعَليُّ الرَّفيعُ، وتَعالَى تَـرَفَّع، وأصل هذه المادة يدلُّ على السموِّ والارتفاع
﴿معنى الهمَّة لغةً:  الهِمَّةُ: ما هَمَّ به من أمر ليفعله، تقول: إنه لعظيمُ الهَمِّ، وإِنه لَصغيرُ الهِمَّة، وإِنه لَبَعيدُ الهِمَّةِ والهَمَّةِ بالفتح ﴿2
وقال ابن القيم في تعريف الهمة: والهمة فعلة من الهمِّ، وهو مبدأ الإرادة، ولكن خصوها بنهاية الإرادة، فالهمُّ مبدؤها، والهمَّة نهايتها...
معنى علو الهمَّة اصطلاحًا:  هي: توجه القلب وقصده بجميع قواه الروحانية إلى جانب الحق؛ لحصول الكمال له أو لغيره، وقال المناوي: عظم الهمة عدم المبالاة بسعادة الدنيا وشقاوتها
 وأما علو الهمة فهو: استصغار ما دون النهاية من معالي الأمور، وطلب المراتب السامية.
وقال الراغب الأصفهاني: والكبير الهمة على الإطلاق: هو من لا يرضى بالهمم الحيوانية قدر وسعه، فلا يصير عبد رعاية بطنه، وفرجه، بل يجتهد أن يتخصص بمكارم الشريعة.
الفرق بين الهمَّة والهمِّ
الهمَّة: اتساع الهم وبعد موقعه، ولهذا يمدح بها الإنسان، فيقال: فلان ذو همة وذو عزيمة. وأما قولهم: فلان بعيد الهمة وكبير العزيمة، فلأنَّ بعض الهمم يكون أبعد من بعض وأكبر من بعض،
والهمُّ: هو الفكر في إزالة المكروه، واجتلاب المحبوب، ومنه يقال: أهمُّ بحاجتي
ثانيا: فضل علــو الهمـة:
الأمر بالمسارعة: قال تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴿آل عمران: 133﴾.
وقال تعالى ﴿فاستبقوا الخيرات الى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون﴾
وقال تعالى ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ الحديد
وقال تعالى ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾ الأنبياء
وعن أنس t عن النبي r قال: إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها ﴾ ﴿[1]
اثني الله تعالى على أصحاب الهمم العالية: قال تعالى﴿: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴾الأحقاف
فهذه الآية فيها ثناء على أصحاب الهمم العالية، وفي طليعتهم الأنبياء والمرسلون وفي مقدمتهم أولو العزم من الرسل، وعلى رأسهم خاتمهم محمد r... وقد تجلت همتهم العالية في مثابرتهم، وجهادهم، ودعوتهم إلى الله عزَّ وجلَّ، كما أوضحه الله عزَّ وجلَّ في قصص الأنبياء: كنوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
الرجال حقا هم أصحاب الهمم العالية : قال تعالى: ﴿فيه رجال يحبون أن يطهروا والله يحب المطهرين﴾
وقال تعالى ﴿: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا الأحزاب ن فوصف الله سبحانه وتعالى المؤمنين بوصف الرجال، الذين هم أصحاب الهمم العالية، فصدقوا ما عاهدوا الله عليه، و﴿وفوا به، وأتموه، وأكملوه، فبذلوا مهجهم في مرضاته، وسبلوا أنفسهم في طاعتهفَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ أي: إرادته ومطلوبه، وما عليه من الحقِّ، فقتل في سبيل الله، أو مات مؤديًا لحقه، لم ينقصه شيئًا. وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ تكميل ما عليه، فهو شارع في قضاء ما عليه، ووفاء نحبه ولما يكمله، وهو في رجاء تكميله، ساع في ذلك، مجدٌّ
وقال سبحانه﴿ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ﴾ النور 37
فهؤلاء الرجال هم أصحاب الهمم العالية، ﴿ليسوا ممن يؤثر على ربه دنيا ذات لذات، ولا تجارة ومكاسب، مشغلة عنه، لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وهذا يشمل كلَّ تكسب يقصد به العوض، فيكون قوله: وَلَا بَيْعٌ من باب عطف الخاص على العام، لكثرة الاشتغال بالبيع على غيره، فهؤلاء الرجال، وإن اتجروا، وباعوا، واشتروا، فإن ذلك، لا محذور فيه. لكنه لا تلهيهم تلك، بأن يقدموها ويؤثروها على ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ بل جعلوا طاعة الله وعبادته غاية مرادهم، ونهاية مقصدهم، فما حال بينهم وبينها رفضوه، وقال تعالى ﴿فيه رجال يحبون أن يطهروا والله يحب المطهرين﴾.
فضل الله المجاهدين أصحاب الهمم العالية، على القاعدين المُؤثِرِين للراحة والدَّعَة: قال تعالى:﴿ لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً﴾ النساء.
 وقال تعالى:﴿ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ﴾الحديد
الحض على معالي الأمور: عن حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ t، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ r فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي؛ ثُمَّ قَالَ: يَا حَكِيمُ إِنَّ هذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ، الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى ﴿قَالَ حَكِيمٌ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لاَ أَرْزأْ أَحَدًا بَعْدكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ t، يَدْعُو حَكِيمًا إِلَى الْعَطَاءِ، فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُ ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ t دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي أُشْهِدُكُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى حَكِيمٍ، أَنِّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ
 حَقَّهُ مِنْ هذَا الْفَيْءِ فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ﴾ ﴿[2] ، قال ابن بطال: ﴿فيه ندب إلى التعفف عن المسألة، وحض على معالي الأمور، وترك دنيئها، والله يحب معالي الأمور﴾.
وعن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ r، قَالَ:﴿ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ: الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللهِ، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ﴾ ﴿[3]
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: ﴿مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ صَائِمًا﴾؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ t: أَنَا. قَالَ: ﴿فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ جَنَازَةً﴾؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ t: أَنَا. قَالَ: ﴿فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مِسْكِينًا﴾؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ t: أَنَا. قَالَ: ﴿فَمَنْ عَادَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مَرِيضًا﴾؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ t: أَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: ﴿مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ﴾ ﴿[4]
الترغيب في اعلي الدرجات: فعن أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ r، قَالَ: لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا ﴾ ﴿[5]
وعن عبد اللهِ بن عمرو بن العاص t، عن النبيِّ -r -، قَالَ: ﴾يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ في الدُّنْيَا، فَإنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آية تَقْرَؤُهَا﴾ ﴿[6]
همَّـة المؤمـن قد تكون أبلغ من عملـه: عن ابْنِ عَبَّاسٍ t عَنِ النَّبِيِّ r، فِيما يَرْوي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: ﴿ قَالَ إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها كَتَبَها اللهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِها فَعَمِلَها كَتَبَها اللهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَناتٍ، إِلى سَبْعِمائَةِ ضِعْفٍ، إِلى أَضْعافٍ كَثيرَةٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها، كَتَبَها اللهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِها فَعَمِلَها كَتَبَها اللهُ لَهُ سَيِّئَةً واحِدَةً﴾ ﴿[7]
وعن سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِىَّ -r-قَالَ ﴿مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ﴾ ﴿[8]
وعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ رَجُلٍ عِنْدَهُ رِضًا أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ r أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ ﴿مَا مِنْ امْرِئٍ تَكُونُ لَهُ صَلَاةٌ بِلَيْلٍ يَغْلِبُهُ عَلَيْهَا نَوْمٌ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَجْرَ صَلَاتِهِ وَكَانَ نَوْمُهُ
عَلَيْهِ صَدَقَةً ﴾ ﴿[9]
قد يتفوق المؤمن بهمته العالية : عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r:﴿ سبق درهم مائة ألف قالوا: يا رسول الله كيف يسبق درهم مائة ألف؟ قال: رجل له درهمان فأخذ أحدهما فتصدق به وآخر له مال كثير فأخذ من عرضها مائة ألف﴾ ﴿[10]
محبة الله لمعالي الأمور: عن الحسين بن علي قال قال رسول الله r لأصحابه: ﴿إن الله تعالى يحب معالي الأمور، ويكره سفاسفها﴾ ﴿[11]
سؤال الله بمعالي الأمور  : عن أبي هريرة قال: قال رسول الله r: ﴿ من آمن بالله ورسوله وأقام الصلاة وصام رمضان كان حقا على الله أن يدخله الجنة جاهد في سهل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها ﴾. قالوا: أفلا نبشر الناس؟ قال: ﴿ إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة ﴾ ﴿[12]
ذم ساقطي الهمة وتصويرهم في أبشع صورة: قال تعالى: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)  الأعراف.
ويقول ابن القيِّمِ في دنيءِ الهمَّةِ: عياذاً باللهِ ممن دنتْ همَّتُهُ وقصر في العلم والدين باعه! وطال في الجهل وآذى عبادك ذراعه! فهو لجهله يرى الإحسان إساءة! والسنة بدعة! والعرف نكرا! ولظلمه يجزى بالحسنة سيئة كاملة وبالسيئة الواحدة عشرا قد اتخذ بطر الحق وغمط الناس سلما إلى ما يحبه من الباطل! ويرضاه ولا يعرف من المعروف ولا ينكر من المنكر! الا ما وافق إرادته أو حالف هواه يستطيل على اولياء الرسول وحزبه بأصغريه! ويجالس اهل الغي والجهالة ويزاحمهم بركبتيه قد ارتوى من ماء آجن ونضلع واستشرف إلى مراتب ورثة الانبياء وتطلع يركض في ميدان جهله مع الجاهلين ويبرز عليهم في الجهالة فيظن انه من السابقين وهو عند الله ورسوله والمؤمنين عن تلك الوراثة النبوية بمعزل وإذا انزل الورثة منازلهم منها فمنزلته منها أقصى وابعد منزل........
وفي الجهلِ قبلَ الموتِ موتٌ لأهلِهِ
|
**
وأجسامُهُمْ قبلَ القبورِ قبورُ

وأرواحهُمْ في وجشةٍ من جسومهمْ

**
وليسَ لهمْ حتَّـى النشورِ نشورُ

ثالثا: درجات علو الهمة
قَسَّم الهروي درجات علو الهمة على ثلاث:
الدرجة الأولى: همة تصون القلب عن وحشة الرغبة في الفاني، وتحمله على الرغبة في الباقي، وتصفيه من كدر التواني.
يقول ابن القيم: الفاني الدنيا وما عليها. أي: يزهد القلب فيها وفي أهلها. وسمى الرغبة فيها وحشة؛ لأنها وأهلها توحش قلوب الراغبين فيها، وقلوب الزاهدين فيها.
أما الراغبون فيها: فأرواحهم وقلوبهم في وحشة من أجسامهم. إذ فاتها ما خلقت له. فهي في وحشة لفواته.
وأما الزاهدون فيها: فإنهم يرونها موحشة لهم. لأنها تحول بينهم وبين مطلوبهم ومحبوبهم. ولا شيء أوحش عند القلب، مما يحول بينه وبين مطلوبه ومحبوبه. ولذلك كان من نازع الناس أموالهم، وطلبها منهم أوحش شيء إليهم وأبغضه.
وأيضًا: فالزاهدون فيها: إنما ينظرون إليها بالبصائر. والراغبون ينظرون إليها بالأبصار، فيستوحش الزاهد مما يأنس به الراغب. كما قيل:
وإذا أفاق القلب واندمل ﴿الهوى﴾

**
رأت القلوب ولم تر الأبصار

وكذلك هذه الهمة تحمله على الرغبة في الباقي لذاته. وهو الحق سبحانه. والباقي بإبقائه: هو الدار الآخرة، وتصفيه من كدر التواني. أي: تخلصه وتمحصه من أوساخ الفتور والتواني، الذي هو سبب الإضاعة والتفريط.
الدرجة الثانية: همة تورث أنفة من المبالاة بالعلل، والنزول على العمل، والثقة بالأمل ﴿يقول ابن القيم: ﴿العلل هاهنا: هي علل الأعمال من رؤيتها، أو رؤية ثمراتها وإرادتها. ونحو ذلك. فإنها عندهم علل ، فصاحب هذه الهمة: يأنف على همته، وقلبه من أن يبالي بالعلل؛ فإنَّ همته فوق ذلك. فمبالاته بها، وفكرته فيها نزول من الهمة.
وعدم هذه المبالاة: إما لأنَّ العلل لم تحصل له؛ لأنَّ علوَّ همته حال بينه وبينها. فلا يبالي بما لم يحصل له؛ وإما لأنَّ همته وسعت مطلوبه، وعلوه يأتي على تلك العلل، ويستأصلها. فإنَّه إذا علَّق همته بما هو أعلى منها، تضمنتها الهمة العالية؛ فاندرج حكمها في حكم الهمة العالية، وهذا موضع
غريب عزيز جدًّا. وما أدري قصده الشيخ أو لا؟
وأما أنفته من النزول على العمل: فكلام يحتاج إلى تقييد وتبيين. وهو أن العالي الهمة مطلبه فوق مطلب العمال والعباد، وأعلى منه، فهو يأنف أن ينزل من سماء مطلبه العالي، إلى مجرد العمل والعبادة، دون السفر بالقلب إلى الله؛ ليحصل له ويفوز به؛ فإنَّه طالب لربه تعالى طلبًا تامًّا بكلِّ معنى واعتبار في عمله، وعبادته ومناجاته، ونومه ويقظته، وحركته وسكونه، وعزلته وخلطته، وسائر أحواله؛ فقد انصبغ قلبه بالتوجه إلى الله تعالى أيما صبغة، وهذا الأمر إنما يكون لأهل المحبة الصادقة؛ فهم لا يقنعون بمجرد رسوم الأعمال، ولا بالاقتصار على الطلب حال العمل فقط.
وأما أنفته من الثقة بالأمل: فإنَّ الثقة توجب الفتور والتواني، وصاحب هذه الهمة: ليس من أهل ذلك، كيف؟ وهو طائر لا سائر
الدرجة الثالثة: همة تتصاعد عن الأحوال والمعاملات. وتزري بالأعواض والدرجات. وتنحو عن النعوت نحو الذات.
يقول ابن القيم: ﴿أي: هذه الهمة أعلى من أن يتعلق صاحبها بالأحوال التي هي آثار الأعمال والواردات، أو يتعلق بالمعاملات، وليس المراد تعطيلها. بل القيام بها مع عدم الالتفات إليها، والتعلُّق بها ووجه صعود هذه المهمة عن هذا: ما ذكره من قوله: تزري بالأعواض والدرجات، وتنحو عن النعوت نحو الذات، أي: صاحبها لا يقف عند عوض ولا درجة؛ فإنَّ ذلك نزول من همته، ومطلبه أعلى من ذلك؛ فإنَّ صاحب هذه الهمة قد قصر همته على المطلب الأعلى، الذي لا شيء أعلى منه، والأعواض والدرجات دونه، وهو يعلم أنَّه إذا حصل له فهناك كل عوض ودرجة عالية، وأما نحوها نحو الذات، فيريد به: أنَّ صاحبها لا يقتصر على شهود الأفعال والأسماء والصفات، بل الذات الجامعة لمتفرقات الأسماء والصفات والأفعال.
رابعا: نماذج من علو الهمة
النبي r: الرسول r هو الأسوة الحسنة، والقدوة الرائعة، في علو الهمة والشَّجَاعَة والإقدام، وقد ثبت أنه r كان إذا حمي الوطيس في الحرب ﴿، كان أكثر الناس شجاعة، وأعظمهم إقدامًا، وأعلاهم همة
أ-قاد صلوات الله عليه بنفسه خلال عشر سنين سبعًا وعشرين غزوة: وكان يتمنى أن يقوم بنفسه كل البعوث التي بعثها والسرايا التي سيرها، ولكن أقعده عن ذلك أنه كان لا يجد ما يزود به جميع أصحابه للخروج معه في كل بعث، وكان أكثرهم لا تطيب نفسه أن يقعد ورسول الله قد خرج إلى الجهاد.
 عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -r-﴿تَضَمَّنَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِى سَبِيلِهِ لاَ يُخْرِجُهُ إِلاَّ جِهَادًا فِى سَبِيلِى وَإِيمَانًا بِى وَتَصْدِيقًا بِرُسُلِى فَهُوَ عَلَىَّ ضَامِنٌ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ أَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِى خَرَجَ مِنْهُ نَائِلاً مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ. وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا مِنْ كَلْمٍ يُكْلَمُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ إِلاَّ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهِ حِينَ كُلِمَ لَوْنُهُ لَوْنُ دَمٍ وَرِيحُهُ مِسْكٌ وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْلاَ أَنْ يَشُقَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا قَعَدْتُ خِلاَفَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَبَدًا وَلَكِنْ لاَ أَجِدُ سَعَةً فَأَحْمِلَهُمْ وَلاَ يَجِدُونَ سَعَةً وَيَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّى وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّى أَغْزُو فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ ﴾ ﴿[13].
ب-كان r القدوة في الهمة العالية في العبادة:
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -r-إِذَا صَلَّى قَامَ حَتَّى تَفَطَّرَ رِجْلاَهُ قَالَتْ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَصْنَعُ هَذَا وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ فَقَالَ ﴿يَا عَائِشَةُ أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا﴾. ﴿[14] ، , عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -r- فَأَطَالَ حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْرِ سَوْءٍ قَالَ قِيلَ وَمَا هَمَمْتَ بِهِ قَالَ هَمَمْتُ أَنْ أَجْلِسَ وَأَدَعَهُ﴾ ﴿[15]. وغير ذلك الكثير والكثير.
وعَنْ عُقْبَةَ ابن الحارث، قَالَ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ r بِالْمَدِينَةِ الْعَصْرَ، فَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ مُسْرِعًا فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَى بَعْضِ حُجَرِ نِسَائِهِ، فَفَزِعَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ فَرَأَى أَنَّهُمْ عَجِبُوا مِنْ سُرْعَتِهِ، فَقَالَ: ﴿ ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ تِبْرٍ عِنْدَنَا فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ ﴾﴿[16]
الصحابة رضي الله عنهم: الصحابة رضي الله عنهم قد ضربوا لنا أروع الأمثلة في الهمة العالية، سواء كان في الجهاد في سبيل الله، والتضحية في سبيل هذا الدين، أو في طلب العلم، وغير ذلك، وكذا سار التابعون على منوالهم، وإليك بعضًا من النماذج التي تدل على علو همتهم.
أ-علو الهمة في طلب العلم:
أبو هريرة t :  عن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:﴿ إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ عَلَى رَسُولِ اللهِ r وَاللهُ الْمَوْعِدُ إِنِّي كُنْتُ امْرَءًا مِسْكِينًا، أَلْزَمُ رَسُولَ اللهِ r عَلَى مِلْءِ بَطْنِي وَكَانَ الْمُهَاجِرونَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ وَكَانَتِ الأَنْصَارُ يَشْغَلُهُمُ الْقِيَامُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ فَشَهِدْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ r ذَاتَ يَوْمٍ وَقَالَ: مَنْ يَبْسُطْ رِدَاءَهُ حَتَّى أَقْضِيَ مَقَالَتِي، ثُمَّ يَقْبِضْهُ فَلَنْ يَنْسى شَيْئًا سَمِعَهُ مِنِّي فَبَسَطْتُ بُرْدَةً كَانَتْ عَلَيَّ فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا نَسِيتُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْهُ﴾ ﴿[17]
زيد بن ثابت: عن زيد بن ثابت قال ﴿أمرني رسول الله r أن أتعلم له كلمات من كتاب يهود قال إني والله ما آمن يهود على كتابي قال فما مر بي نصف شهر حتى تعلمته له قال فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت إليهم وإذا كتبوا إليه قرأت له كتابهم﴾ ﴿[18]
عبد الله بن عباس t: عن ابن عباس t قال: ﴿لما قبض رسول الله r قلت لرجل من الأنصار: هلم فلنسأل أصحاب رسول الله r فإنهم اليوم كثير، فقال: واعجبًا لك يا ابن عباس! أترى الناس يفتقرون إليك وفي الناس من أصحاب رسول الله r من فيهم؟ قال: فتركت ذاك وأقبلت أسأل أصحاب رسول الله r، وإن كان يبلغني الحديث عن الرجل فآتي بابه وهو قائل فأتوسد ردائي على بابه يسفي الريح علي من التراب، فيخرج فيراني فيقول: يا ابن عم رسول الله r ما جاء بك؟ هلا أرسلت إلى فآتيك؟ فأقول: لا، أنا أحقُّ أن آتيك، قال: فأسأله عن الحديث، فعاش هذا الرجل الأنصاري حتى رآني وقد اجتمع الناس حولي يسألوني، فيقول: هذا الفتى كان أعقل مني﴾ ﴿[19]
عمر بن الخطاب: عنْ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَجَارٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ وَهْيَ مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَةِ وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى رَسُولِ اللهِ r يَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بِخَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الْوَحْيِ وَغَيْرِهِ، وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ﴾ ﴿[20]
ب-في الطاعات: وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –t-أَنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ أَتَوْا رَسُولَ الله -r-فَقَالُوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ، فَقَالَ: ﴿وَمَا ذَاكَ؟﴾ قَالُوا: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ وَلَا نَتَصَدَّقُ، وَيُعْتِقُونَ وَلَا نُعْتِقُ، فَقَالَ رَسُولُ الله -r-: ﴿أَفَلَا أُعَلِّمُكُمْ شَيْئًا تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَتَسْبِقُونَ بِهِ مَنْ بَعْدَكُمْ، وَلَا يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُمْ إِلَّا مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ﴾ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ الله، قَالَ: ﴿ تُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحْمَدُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مَرَّةً﴾. ﴿[21] ، وعن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قال: أَمَرَنَا رَسُولُ الله -r-يَوْمًا أَنْ نَتَصَدَّقَ، فَوَافَقَ ذَلِكَ مَالًا عِنْدِي، فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا، فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي، فَقَالَ رَسُولُ الله -r-: ﴿مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟﴾ قُلْتُ: مِثْلَهُ، قَالَ: وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله -r-: ﴿مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟﴾ قَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قُلْتُ: لَا أَسْبِقُهُ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا﴾ ﴿[22] ،
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رضى الله عنهما -أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -r-قَالَ لَهُ ﴿صُمْ يَوْمًا وَلَكَ أَجْرُ مَا بَقِىَ﴾. قَالَ إِنِّى أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ ﴿صُمْ يَوْمَيْنِ وَلَكَ أَجْرُ مَا بَقِىَ﴾. قَالَ إِنِّى أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ ﴿صُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلَكَ أَجْرُ مَا بَقِىَ﴾. قَالَ إِنِّى أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ ﴿صُمْ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ وَلَكَ أَجْرُ مَا بَقِىَ﴾. قَالَ إِنِّى أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ ﴿صُمْ أَفْضَلَ الصِّيَامِ عِنْدَ اللَّهِ صَوْمَ دَاوُدَ -u-كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا﴾ ﴿[23]﴾.
ج-في الجهاد: عن أنس -t-، قَالَ: انْطَلَقَ رسولُ الله -r -وَأصْحَابُهُ حَتَّى سَبَقُوا المُشْرِكِينَ إِلَى بَدْرٍ، وَجَاءَ المُشْرِكُونَ، فَقَالَ رَسولُ اللهِ r: ﴾لاَ يَقْدمَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَى شَيْءٍ حَتَّى أكُونَ أنَا دُونَهُ﴾. فَدَنَا المُشْرِكُونَ، فَقَالَ رسولُ الله r: ﴾قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماوَاتُ وَالأرْضُ﴾ قَالَ: يَقُولُ عُمَيْرُ بن الحُمَامِ الأنْصَارِيُّ -t -: يَا رسولَ اللهِ، جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّماوَاتُ وَالأرْضُ؟ قَالَ: ﴾نَعَمْ﴾ قَالَ: بَخٍ بَخٍ؟ فَقَالَ رسولُ الله -r -: ﴾مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَولِكَ بَخٍ بَخٍ؟﴾ قَالَ: لاَ وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ إِلاَّ رَجَاءَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أهْلِهَا، قَالَ: ﴾فَإنَّكَ مِنْ أهْلِهَا﴾ فَأخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ، فَجَعَلَ يَأكُلُ مِنْهُنَّ، ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ أَنَا حَييتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هذِهِ إنّهَا لَحَياةٌ طَوِيلَةٌ، فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ، ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ ﴾ ﴿[24]  وكذلك كان الصحابة في كل المجالات رضي الله عنهم جميعا.
خامسا: كيفية الارتقـــاء بالهمـــــــة
إن علو الهمة يحتاج إلى جهد ومجاهدة وصبر ومصابرة، وتلمس الأسباب التي توصل إليه، وسلوك الطرق التي تؤدي إليه، وفيما يلي بعض أسباب علو الهمة:
العلم: العلم أحد أسباب علو الهمة، فهو يرشد من طلبه إلى مصالحه، ويدفعه إلى العمل، ويعرفه بآفات الطريق ومخاطره، ويورث صاحبه فقها بالأولويات ويعرفه بمراتب الأعمال. وكلما ازداد الإنسان من العلم النافع علت همته، وازداد عمله؛ ونماذج العلماء الصادقين الذين علت هممهم أكبر برهان على ذلك.
الدعاء: وهو سلاح المؤمن الذي يلجأ إليه إذا فترت الهمة وضعفت العزيمة، فعلى المسلم ألا يغفل هذا الباب فهو من أعظم الأسباب لتحصيل الهمة العالية، والعاجز من عجز عن الدعاء.
تذكر اليوم الآخر: فلا شك أن تذكر الموت، وفتنة القبر، وأهوال القيامة، يبعث في القلب الهمة ويوقظه من غفلته، وتبعثه من رقدته؛ وتدبر قوله عز وجل وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ آل عمران: 133، وكان r يذكر أصحابه بالجنة والنار، فالحث على العمل وبعث الهمم يكون بالتذكير باليوم الآخر والجنة والنار.
طبيعة الإنسان: من الناس من جبل على علو الهمة، فلا يرضى بالدون، ولا يقنع بالقليل، ولا يلتفت
 إلى الصغائر ولهذا قيل: ذو الهمة إن حط فنفسه تأبى إلا علوًّا، كالشعلة في النار يصوبها صاحبها وتأبى إلا ارتفاعًا، قال عمر بن عبد العزيز: إنَّ لي نفسًا تواقة؛ لم تزل تتوق إلى الإمارة، فلما نلتها تاقت إلى الخلافة، فلما نلتها تاقت إلى الجنة ﴿18
أثر الوالدين، ودورهما في التربية الصحيحة: فأثر الوالدين في التربية عظيم، ودورهما في إعلاء همم الأولاد خطير وجسيم؛ فإذا كان الوالدان قدوة في الخير، وحرصا على تربية الأولاد، واجتهدا في تنشئتهم على كريم الخلال وحميد الخصال، مع تجنيبهم ما ينافي ذلك من مساوئ الأخلاق ومرذول الأعمال فإن لذلك أثرًا عظيمًا في نفوس الأولاد؛ لأن الأولاد سيشبون – بإذن الله – عاشقين للبطولة، محبين لمعالي الأمور، متصفين بمكارم الأخلاق، مبغضين لسفاسفها، نافرين عن مساوئ الأخلاق.
النشأة في مجتمع مليء بالقمم: فمن بواعث الهمة، أن ينشأ الصغير في مجتمع تكثر فيه النماذج المشرقة من الأبطال المجاهدين، والعلماء العاملين؛ والتي تمثل القدوة، فهذا مما يحرك همته؛ كي يقتدي بهم، ويسير على طريقهم، ومن لم يتهيأ له ذلك فليتحول عن البيئة المثبطة، الداعية إلى الكسل والخمول وإيثار الدون.
وجود المربين الأفذاذ، والمعلمين القدوة: الذين يستحضرون عظم المسؤولية، ويستشعرون ضخامة الأمانة، والذين يتسمون ببعد النظرة، وعلو الهمة، وسعة الأفق وحسن الخلق، والذين يتحلون بالحلم والعلم، والصبر والشَّجَاعَة، وكرم النفس والسماحة.
مصاحبة أصحاب الهمم ومطالعة سيرهم: فلا شك أنَّ الصحبة لها تأثير كبير، لذا من أراد تحصيل الهمة العالية فليصحب أصحاب الهمم العالية، فإنه يستفيد من أفعالهم قبل أقوالهم، ومن لم يوفق لصحبة هؤلاء فليكثر من مطالعة سيرهم، وقراءة أخبارهم فإن ذلك مما يبعث الهمة، ويدعو إلى علوها، يقول ابن الجوزي: فسبيل طالب الكمال في طلب العلم الاطلاع على الكتب، التي قد تخلفت من المصنفات، فليكثر من المطالعة؛ فإنه يرى من علوم القوم، وعلو هممهم ما يشحذ خاطره، ويحرك عزيمته للجد، وما يخلو كتاب من فائدة...
وعليكم بملاحظة سير السلف، ومطالعة تصانيفهم وأخبارهم، فالاستكثار من مطالعة كتبهم رؤية لهم. إلى أن قال: فاستفدت بالنظر فيها من ملاحظة سير القوم، وقدر هممهم، وحفظهم وعباداتهم، وغرائب علومهم: ما لا يعرفه من لم يطالع، فصرت أستزري ما الناس فيه، وأحتقر همم الطلاب.
استشعار المسؤولية: وذلك بأن يستشعر الإنسان مسؤوليته، ويعمل ما في وسعه ومقدوره، ويحذر كل الحذر من التهرب من المسؤولية، والإلقاء باللائمة والتبعة على غيره؛ ذلك أن المسؤولية في الإسلام عامة، تشمل كل فرد من المسلمين؛ فهم جميعًا داخلون في عموم قوله r  ﴿كلكم راع وكلم مسؤول عن رعيته.... ﴿[25]، فالمسؤولية مشتركة، كل امرئ بحسبه، هذا بتعليمه وكلامه، وهذا بوعظه وإرشاده، وهذا بقوته وماله، وهذا بجاهه وتوجيهه إلى السبيل النافع وهكذا.
سادسا: أسباب انحطاط الهمم وضعفها
المعاصي: إن المعاصي أحد أسباب انحطاط الهمم، إذ كيف ينطلق الإنسان إلى المعالي وهو مكبل بالشهوات، مثقل بالذنوب، منهك القوى بالمعاصي
 يقول ابن قيم الجوزية: فالذنب يحجب الواصل، ويقطع السائر، وينكس الطالب، والقلب إنما يسير إلى الله بقوته، فإذا مرض بالذنوب ضعفت تلك القوة التي ستسيره، فإذا زالت بالكلية انقطع عن الله انقطاعًا يبعد تداركه، فالله المستعان.
الخوف والهم والحزن: وهذه الثلاثة من الآفات التي توهن الهمة، وتضعف العزيمة، وتدفع إلى الفتور؛ ولهذا كان النبي r كثيرًا ما يستعيذ بالله منها، قعن انس قال: كان النبي r يقول ﴿اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال﴾ ﴿[26]
فاستعاذ من ثمانية أشياء، كلُّ اثنين منها قرينان، فالهم والحزن قرينان وهما من آلام الروح ومعذباتها، والفرق بينهما أن الهم توقع الشر في المستقبل، والحزن التألم على حصول المكروه في الماضي أو فوات المحبوب، وكلاهما تألم وعذاب يرد على الروح فإن تعلق بالماضي سمي حزنًا، وإن تعلق بالمستقبل سمي همًّا.
الغفلة: الغفلة من أسباب ضعف الهمة، فكيف يرتقي الإنسان معالي الأمور، وهو في غفلة عن مصالحه وأسباب سعادته، والغفلة والجهل قرينان، فـ ﴿شجرة الغفلة تُسْقَى بماء الجهل الذي هو عدو الفضائل كلِّها.
هل علمتم أمة في جهلها

**
ظهرت في المجد حسناءَ الرداء؟

قال عمر t: الراحة للرجال غفلة، وقال شعبة بن الحجاج: لا تقعدوا فراغًا فإنَّ الموت يطلبكم.
وسئل ابن الجوزي: أيجوز أن أفسح لنفسي في مُباح الملاهي؟ فقال: عند نفسك من الغفلة ما يكفيها.
إهدار الوقت: فالوقت هو رأس مال الإنسان، فإذا أهدره فهو في الحقيقة يضيع عمره، فيبوء بالخسران، وما أفدحها من خسارة، فينبغي تجنب ﴿إهدار الوقت الثمين في الزيارات والسمر وفضول المباحات: عن ابن عباس t قال: قال النبي r ﴿نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ﴾ ﴿[27]
والوقت أنفس ما عُنيت بحفظه

**
وأراه أسهلَ ما عليك يضيع

ودخلوا على رجل من السلف، فقالوا: لعلنا شغلناك؟، قال: أصدقكم، كنت أقرأ فتركتُ القراءة لأجلكم، وجاء عابدٌ إلى السَّرِيِّ السَّقَطي، فرأى عنده جماعة، فقال: صِرتَ مُناخَ البطالين! ثم مضى ولم يجلس، وقعد جماعة عند معروف الكرخي، فأطالوا، فقال: إن مَلَك الشمس لا يفتر عن سوقها، فمتى تريدون القيام؟
الوهن: عن ثوبان قال: قال رسول الله r: ﴿ يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ﴾. فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: ﴿ بل أنتم يومئذ كثير ولكن غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن ﴾. قال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: ﴿ حب الدنيا وكراهية الموت ﴾ ﴿[28].
 أمَّا حب الدنيا: فرأس كلِّ خطيئة كما في الحكمة المشهورة، وهو أصل التثاقل إلى الأرض، وسبب الاستئسار للشهوات، والانغماس في الترف، والتنافس على دار الغرور التي: تفانى الرجال على حبِّها000 وما يحصلون على طائل ويقول -أي ابن الجوزي-واعلم أنَّ زمان الابتلاء ضيف قِراهُ الصبر، كما قال أحمد بن حنبل: إنما هو طعام دون طعام، ولباس دون لباس، وإنها أيام قلائل، فلا تنظر إلى لذة المترفين، وتَلَمَّحْ عواقبهم، ولا تضق صدرًا بضيق المعاش، وعلل الناقة بالحدْو تسِرْ:
طاوِلْ بها الليلَ مالَ النجمُ أم جَنحَا

**
وماطِلِ النومَ ضَنَّ الجَفْنُ أمْ سَمَحا

فإن تَشَكَّتْ فَعَلِّلْها المجَرَّةَ مِن

**
ضوءِ الصباحِ وعِدْها بالرواحِ ضحَى

وأما كراهية الموت فثمرة حب الدنيا والحرص على متاعها مع تخريب الآخرة، فيكره أن ينتقل من العمران إلى الخراب، قال الطغرائي مبينا أثر حب السلامة في الانحطاط بالهمة: حبُّ السلامة يثني عزم صاحبه *عن المعالي ويغري المرء بالكسل.
التسويف والتمني: وهما صفة بليد الحس، عديم المبالاة، الذي كلما همت نفسه بخير، إما يعيقها بـ ﴿سوف﴾ حتى يفجأه الموت، ﴿فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ﴾. المنافقون: 10،  وإما يركب بها بحر التمني، وهو بحر لا ساحل له، يُدمن ركوبه مفاليس العالم، كما قيل:
إذا تمنيت بتُّ الليلَ مغتبطًا

**
إن المنى رأسُ أموال المفاليس

مجالسة البطالين والمثبطين: مجالس البطالين والقاعدين توهن العزائم وتضعف الهمم بما يعلق في القلب من أقوالهم من الشبه، وما يحصل بمجالستهم من ضياع للوقت، وإشغال بتوافه الأمور. وكلما أردت العمل ثبطك وقال: أمامك ليل طويل فارقد.
إياك إياك ومجالسة البطالين فإن طبعك يسرق منهم، وأنت لا تدري، وليس إعداء الجليس جليسة بمقاله وفعاله فقط، بل بالنظر إليه، والنظر في الصور يورث في النفوس أخلاقًا مناسبة لخلق المنظور إليه، فإن مَن دامت رؤيته للمسرور سرَّ، أو للمحزون حزن... ومن المشاهد أن الماء والهواء يفسدان بمجاورة الجيفة فما الظن بالنفوس البشرية التي موضعها لقبول صور الأشياء خيرها وشرها؟
المناهج التربوية والتعليمية الهدامة: هذه المناهج ﴿التي تثبط الهمم وتخنق المواهب، وتكبت الطاقات وتخرب العقول، وتنشئ الخنوع وتزرع في الأجيال ازدراء النفس، وتعمق فيه احتقار الذات والشعور بالدونية
 توالي الضربات وازدياد اضطهاد العاملين للإسلام:  وينتج عنه الشعور بالإحباط في نفوس الذين لا يفقهون حقيقة البلاء، وسنن الله عز وجل في خلقه، كما ينتج عنه استطالة الطريق فيضعف السير إلى الله عز وجل. وقد كان r يعزي أصحابه المضطهدين في مكة بتبشيرهم بأن المستقبل للإسلام، وبأن العاقبة للمتقين، فلا ينبغي أن يستولي اليأس والتشاؤم على الدعاة، فعندما يرى بعضهم ﴿تفوق الأعداء، وتفرق الأصدقاء، والتضييق على الدعاة، وتشريدهم، والزج بهم في السجون، ونحوها من الابتلاءات، ييأسوا ويتشاءموا ويدب الوهن إلى قلوبهم؛ فتضعف هممهم، ويقعدوا عن العمل، ويفقدوا الأمل. على الرغم من انتصارات الدعوة والبشائر التي تبدو في الأفق؛ ولكن يأبى بعضهم إلا النظرة المتشائمة.
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
إعداد: الشيخ أحمد أبو عيد
0109 809 58 54
نسألكم الدعاء
%%%%%%%%



([1]) صحيح الادب المفرد  
([2]) صحيح البخاري   
([3]) صحيح البخاري   
([4]) صحيح مسلم  
([5]) متفق عليه   
([6]) صحيح سنن الترمذي "حسن"  
([7]) صحيح البخاري   
([8]) صحيح مسلم  
([9]) صحيح سنن أي داود
([10]) صحيح الترغيب والترهيب "حسن"  
([11]) السلسلة الصحيحة "حسن"  
([12]) صحيح البخاري   
([13]) صحيح مسلم  
([14]) متفق عليه   
([15]) متفق عليه   
([16]) متفق عليه   
([17]) متفق عليه   
([18]) صحيح سنن الترمذي "حسن"  
([19]) المستدرك على الصحيحين "تعليق الذهبي: صحيح"  
([20]) صحيح البخاري   
([21]) متفق عليه   
([22]) صحيح سنن الترمذي "حسن"
([23]) متفق عليه   
([24]) صحيح مسلم  
([25]) متفق عليه   
([26]) صحيح البخاري   
([27]) صحيح البخاري   
([28]) صحيح سنن أي داود   

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات