الإسلام والعلم للشيخ عبدالناصر بليح



#"واجب الزوج علي زوجته أن يُعلمها ":
الحمد لله رب العالمين .. إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.أما بعد فياعباد الله :
اهتمَّ الإسلام بالأسرة اهتمامًا عظيمًا،اهتمَّ بإنشائها على أُسس ثابتة راسخة، وأمَرَ بالمحافظة عليها وعلى استقرارها، ومنع كل ما من شأْنه خلخلة كِيانها، وزلزلة أركانها، وما ذاك إلاَّ لأن الأسرة هي النواة الأولى للمجتمع الإسلامي، وهي مصنع الرجال، ومنتجة أُمهات الأجيال، وأبطال الأمة.
ولقد امتنَّ اللهُ على عباده المسلمين بنعمةالزواج،فهو منَّةٌ من أجَلِّ مِنن الله، جعَله الله آية شاهدةً بوحدانيَّته،دالةًعلى عَظَمته وألوهيَّته؛قال تعالى:"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً"(الروم/ 21).
لكنَّه إنما يكون نعمة حقيقية إذا ترسَّم كلا الزوجين هدْي الكتاب والسُّنة، وسارَا على طريق الشريعة والملَّة، عندها تَضرب السعادة أطنابَها في رحاب ذلك البيت المسلم المبارَك، ولكن ما إن يتنكب الزوجان أو يتنكب واحدٌ منهما عن صراط الله، حتى تُفْتَح أبواب المشكلات، وعندها تعظُم الخلافات والنزاعات، ويدخل الزوج إلى بيته حزينًاكسيرًا،وتخرج المرأة من بيتها حزينةً مهانةً ذليلةً، عندها يعظُم الشقاق،ويعظم الخلاف والنزاع،فيفرح الأعداء ويَشمت الحُسَّاد والأعداء،عندها - عباد الله -يتفرَّق شمْلُ المؤمنين،وتُقَطَّع أواصرُ المحبِّين، وينقلب البيت السكن إلى جحيم لا يُطاق وماذلك كله إلابسبب الجهل وعدم وجودثقافة للتعامل والتفاهم بين الزوجين ..
#أيها المسلمون:"إن بناء الأسرة واستقامة الحياة الزوجية أمرٌ عظيم، فقد جعَل الله عقد الزواج ميثاقًا غليظًا اهتمَّ به الإسلام وحرَصَ على ديمومته وتوجيه المؤمنَ بما يكون سببًا لبقائه - غير قابل للهدْم أو التصدُّع.
من هنا، فقد حدَّد الإسلام مكانة كلٍّ من الرجل والمرأة، وبيَّن حقوق وواجبات كلِّ طرف؛ يقول الله جل وعلا مُبيِّنًا:"وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ"(البقرة/ 228).
فبيَّن تعالى أنَّ على الزوج واجبًا نحو امرأته، وأنَّ على المرأة واجبًا نحو زوجها، ومرجع الحقوق بين الزوجين يرجع إلى المعروف،وهو: العادة الجارية في ذلك البلد وذلك الزمان من مثلها لمثله، ويختلف ذلك باختلاف الأزمنة والأمكنة، والأحوال، والأشخاص والعوائد، وفي هذا دليلٌ على أنَّ النفقة والكسوة، و حسن العشرة ، والمسكن، وكذلك الوطء حق الاستمتاع بالجماع.وأن يصونها ويحفظها من كل ما يخدش شرفها ،الكل يرجع إلى المعروف.
#حق التعليم والتعلم :
#عباد الله:" ولم يكتف الشرع بتلك الحقوق والواجبات العينية وإنما تطرق إلي الحقوق المعنوية  فجعل حق التعليم والتعلم علي الأب فإن لم تتعلم المرأة في بيت أبيها صار هذا الحق واجباً في عنق زوجها  كما ورد أن النبي - صلى الله عليه وسلم قال لمالك بن الحويرث ومَن معه:"ارجعوا إلى أهليكم، فأقيموا فيهم وعلِّموهم، ومُروهم"( البخاري ومسلم).
ونتأسف كل الأسف على ما آل إليه حال المجتمع   من إهمال هذا الحق والاهتمام بالمهر والنفقة والفسحة وفيماذلك من الأمور الدنيوية، وأما ما كان من أمور الدين فلا يهمهم شأنه غالبا ولا يكترثون به، بل لا يخطر لبعضهم ببال كأنهم لم يدخلوا في الخطاب..
قال الضحَّاك ومقاتل: "حق على المسلم أن يعلِّم أهله من قرابته وإمائه وعبيده - ما فرَض الله عليهم، وما نهاهم الله عنه".والزوج إذا كان محبًّا لزوجته، فهو يبذل لها كل ما يَملِك من جهد ونفس ومالٍ؛ حتى يَقِيَها المصائب والمتاعب، وليس هناك مصيبة أفظع وأشنع من دخول المرأة النار، أو عذابها في جهنم، وفراقها لزوجها في الآخرة؛ ولذلك كان على الرجل العاقل وقاية زوجته من نار الآخرة، وذلك بتعليمها أمور دينها؛ قال تعالي:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ"(التحريم/6).قال علي رضي الله عنه في هذه الآية:"علِّموا أنفسكم وأهليكم الخير وأدِّبوهم".وقال ابن عباس رضي الله عنهما:"اعملوا بطاعة الله، واتقوا معاصي الله، وأْمُروا أهليكم بالذكر؛ ليُنجيكم الله من النار".فواجب عليه ان يتعلم ويجلس في مجالس العلم ويعلم زوجته ..
#حكم تعليم الزوجة:"
عباد الله :"وقد نص الفقهاء على وجوب تعليم الزوج لزوجته ودعوتها للخير ونهيها عن المنكر.. قال ابن الحاج: "ينبغي له أن يتفقد أهله بمسائل العلم فيما يحتاجون إليه،..فيعلمهم الإيمان والإسلام ويجدد عليهم علم ذلك، وإن كانوا قدعلموه ويعلمهم الإحسان ويعلمهم الوضوء والاغتسال وصفتهما والتيمم والصلاة وما في ذلك كله من الفرائض والسنن والفضائل، وكل ما يحتاجون إليه من أمر دينهم الأهم فالأهم.. ثم يذكر قصة عن مدى استشعار الصالحين لمسؤوليتهم حول أهليهم من هذه الناحية المهمة، ناحية التعليم المرتبط بالتربية، فينقل عن بعض الصالحين من المعاصرين له قوله :"لما أن تأهلت قلت للزوجة لا تتحركي، ولا تتكلمي بكلمة في غيبتي إلا وتعرضيها علي حين آتي لأني مسئول عن تصرفك كله، كنت مسئولا عن نفسي ليس إلا وأنا الآن مسئول عن نفسي وعنك فأسأل عن عشر صلوات، ثم كذلك في جميع المأمورات، وكل ما أنا مطالب به من الفضائل وغيرها حتى بالغ معها بأن قال لها إن نقلت الكوز من موضع إلى موضع فأخبريني به قال وذلك خيفة من أن تتصرف في شيء تظن أنه لا يترتب عليه حكم شرعي" ثم ذكر القصة إلى نهايتها.فإذا كان من حق الرجل على زوجته أن يسألها عن طعامه وشرابه، فإن من حقها عليه أن يسألها عن إقامة الدين: من صلاة، وزكاة، وصوم، وعبادات مفروضة عليها؛ ولذلك ينبغي للرجل - كما يسأل زوجته: هل يوجد طعام؟ هل يوجد شراب؟ - أن يسألها هل: صلَّيتِ العشاء؟ هل صمتِ اليوم؟ هل قلتِ الأذكار؟وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أوتَر يقول:"قومي فأوتري ياعائشة"(البخاري).
ولقد ترحَّم النبي  صلى الله عليه وسلم على مَن كان يوقظ أهله للصلاة؛ فعن أبي هريرةأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رحِم الله رجلاً قام من الليل فصلى، وأيقظ امرأته فصلَّت،فإن أبت نضَح في وجهها الماء، ورحِم الله امرأةً قامت من الليل فصلَّت،وأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى،نضَحت في وجهه الماء" (أبوداود).
ومثله في الدلالة على الوجوب قوله للنبي  صلى الله عليه وسلم:"وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ"(الشعراء/214)،وهي تدل على أن للأقرب فالأقرب منا مزية به في لزومنا تعليمهم وأمرهم بطاعة الله ويدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم :"كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"(متفق عليه).وكما أن الراعي عليه حفظ من استرعي وحمايته والتماس مصالحه فكذلك عليه تأديبه وتعليمه،قال صلى الله عليه وسلم :"فالرجل راع على أهله وهو مسئول عنهم والأمير راع على رعيته وهو مسئول عنهم"
ومن الأدلة الخاصة على ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم:"ثلاثة لهم أجران رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمدصلى الله عليه وسلم والعبد المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه، ورجل كانت عنده أمة فأدبها فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران"(البخاري).
ولنتأمل حال هذا الصحابي الجليل وهو لا يغفل عن تعليم أهله وتوجيههم في أشد الفترات وأعصبها، فعن أبي موسى - رضي الله عنه أنه أغمي عليه فبكت عليه أم ولده فلما أفاق قال لها:"أما بلغك ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم قال فسألتها فقالت: ليس منا من سلق وحلق وخرق"(أحمد).
وتذكر عائشة - رضي الله عنه -  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  علمها هذا الدعاء:" عَنْ عَائِشَةَ : أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهَا هَذَا الدُّعَاءَ : " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ ، وَمَا لَمْ أَعْلَمْ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ ، عَاجِلِهِ وَآِجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ ، وَمَا لَمْ أَعْلَمْ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ تَقْضِيهِ لِي خَيْرًا"(أحمد).
 #ما يجب على الرجل تعليمه لزوجته
عباد الله:" بناء على تلك الأوامر العامة والتي تشمل كل ما يتعلق بأحكام الشريعة وآدابها، فإن الفقهاء قد نصوا على بعض الأمور الأساسية التي يجب تعليمها للزوجة أوالإذن لها بالخروج لتعلمها، أو توفير الوسائل لتحقيق ذلك كله ،وسنذكر هنا بعض الأمثلة التي دلت عليها النصوص الشرعية أو نص عليها الفقهاء، لتشير إلى غيرها مما لم يذكر
#تعليمها العقيدة وحمايتها من الانحرافات والشبهات:إن أول ما يجب على الزوج المسلم تجاه زوجته، وهو نفس واجب المسلمة تجاه زوجها، تعليم العقيدة، وتحصين الفكر من كل الشبهات والأباطيل، لأن حياة أي إنسان من إنتاج أفكاره، فالزوجان بالتعرف على العقيدةالصحيحة والتأدب بها،والتحصن بحصنها، يتجنبان كل ما ينتج عن الانحراف عن العقيدة من مضار، وأخطر المضار ما يعود على الأسرة نفسها بالفساد.
قال الغزالي :"عليه أن يلقنها اعتقاد أهل السنة[من صحيح الأقوال والفعال] ويزيل عن قلبها كل بدعة إن استمعت إليها، ويخوفها في الله إن تساهلت في أمر الدينا"(الإحياء:2/48)، ومن الشبهات المنتشرة في عصرنا حقوق المرأة في الإسلام فيزيل عنها مثل هذه الشبهات نظرياًبالتعليم، وتطبيقياًبالممارسة الصحيحة لحياة الزوجية.وعليه أن يعلمها القناعة وان الرزق بيد الرزاق ذو القوة المتين وأن لاتنظرإلي من هوأعلي منها في الرزق بل تنظر إلي من هو دونهاحتي لاتزدري نعمة الله عليها كما جاء في الحديث الصحيح ..وأن الزوجة الصالحةعلي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم كانت تعين زوجها علي نوائب الدهر وتذكره بالله فكانت تقول له :" اتق الله فينا ولاتأكل حراماً فإننا نستطيع أن نصبر علي الجوع في الدنيا ولكن لانستطيع أن نصبر علي النار يوم القيامة " وهكذا..
#تعليمها الأحكام الفقهية:
إخوة الإسلام:"اتفق الفقهاء على وجوب تعليم الأحكام الفقهية للزوجة أو السماح لها بتعلمها، وقد خصوا بذلك ما يتعلق بالمرأة من مسائل في العبادات وغيرها.
وربما كانت أحكام الحيض والنفاس هي الأحكام التي نالت القسط الأوفر من هذا الحظ باعتبارها أحكاما خاصة بالمرأة، وقد تستحي من السؤال عنها، ولعلاقتها كذلك بالحياة الزوجية، قال ابن الحاج:"يجب على المرأة تعلم ما تحتاج إليه من أحكام الحيض والاستحاضة والنفاس فإن كان زوجها عالماًلزمه تعليمها وإلا فلها الخروج لسؤال العلماء بل يجب ويحرم عليه منعها إلا أن يسأل هو ويخبرها فتستغني بذلك وليس لها الخروج إلى مجلس ذكر أو تعلم خير إلا برضاه"(تحفة المحتاج:1/414).وقال ابن عبد البر:"وكل امرأة عليها فرضا أن تسأل عن حكم حيضتها وغسلها ووضوئها وما لا غناء بها عنه من أمر دينها وهي والرجل فيما يلزمها من فرائضهما سواء([التمهيد:8/338]، وقال الآخر:"أن يعلمها ما تحتاج إليه من الأحكام ..فإن علم الزوج فبها وإلا فعليه الإذن بالخروج لأجل التعلم وإلا يأثم وتخرج بلا إذنه"(بريقة محمودية: 4/156).
وقد كان تعلم المرأة أحكام الحيض والنفاس من سنة السلف الصالح - رضي الله عنهم فقد سألت امرأة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت:"يا رسول الله كيف أغتسل من الحيض؟ قال: خذي فرصة ممسكة وتوضئي ثلاثا , ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم -  استحى وأعرض بوجهه , أو قال توضئي بها، قالت عائشة فأخذتها فجذبتها فأخبرتها بما يريد النبي صلى الله عليه وسلم"(البخاري ومسلم).
بل كان النساء يسألن رسول الله - رضي الله عنهم -  على ما يستحيا من ذكره، فعن أنس رضي الله عنه أن أم سليم، رضي الله عنها، سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا رأت ذلك فأنزلت فعليها الغسل"فقالت أم سلمة:"كيف هذايا رسول الله؟ قال:"نعم ماء الرجل غليظ أبيض وماء المرأة رقيق أصفر،فأيهما سبق وعلا أشبه الولد"(مسلم وابن ماجة). ولم تكن هذه الأسئلة خاصة بأم سليم ومن شاكلها، بل عم ذلك حتى قالت عائشة، رضي الله عنها،وهي تثني على نساء الأنصار:"رحم  الله نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء  أن يسألن عن أمر دينهن ".
#الرخص الشرعية :"
عباد الله:"ومما يلزم تعليمها كذلك الرخص الشرعيةحتى يتيسر لها أداء العبادة بدون كلفةأومشقة، لأن التكلف في التكليف قد ينشأ عنه ما هو أخطر من التساهل، وهوالانصراف الكلي عن عبادة الله تعالى، فيعلمها أنه يجوز لها الفطرأثناء الحمل والولادة وتقضي الصوم ولاتقضي الصلاة والمسح علي الجورب وصلاة القصر.. الخ هذه الأمور..
#تعليمها وتبصيرها بحقوقها:"
عباد الله:"ومما ينبغي تعليمه للزوجة أن يعلمها بحقوقها عليه من نفقة وسكني وصداق ومهروحسن عشرةمقابل الخدمة ورعاية الأبناء وتربيتهم .. حتى لا يستغل جهلها بما لها من حقوق، فلا تطالب بها، ومما ذكره الفقهاء من ذلك أن يعلمها بعدم اشتراط خدمته كما جرت بذلك الأعراف، قال في تحفة المحتاج :"وقع السؤال في الدرس هل يجب على الرجل إعلام زوجته بأنها لا تجب عليها خدمته بما جرت به عادتهن من الطبخ والكنس  ونحوهما أم لا وأجبنا عنه بأن الظاهر الأول لأنها إذا لم تعلم بعدم وجوبها ربما ظنت وجوبها وعدم استحقاقها للنفقة والكسوة لو لم تفعله فتصير كأنها مكرهة على الفعل ومع ذلك لو فعلته ولم تعلمها يحتمل أنه لا يجب لها أجرة على الفعل لتقصيرها بعدم البحث والسؤال عن ذلك(تحفة المحتاج:8/304).
#الخطبة الثانية :"
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله أما بعد فياعباد الله .لازلنا نواصل الحديث حول حقوق الزوجة و وجوب تعليمها وزيادة علي ماذكرنا وجب الزوج
#تعليمها آداب السلوك:
أيها الناس:" ومن أهم ما ينبغي تعليمه الزوجة، بل ممارسته معها، أن يعلمها آداب السلوك والمعاملات الإسلامية، قال ابن الحاج:"يعلمها السنة في الخروج , وفي الإقامة في بيتها إذ أنها إذا كانت في بيتها فيستحب لها أن تفعل ما تقدم أنها تفعله في خروجها, ومن حسن التبعل التزين والتحلي , والتعطر في بيتها لزوجها مع حسن الخلق والتأني له , ولها في ذلك أسوة بالسلف , والخلف الماضين وتتعلم حسن العشرة الزوجية.
#تعليم الزوجة الكتابة:
أخي الزوج :" وإذا كانت الزوجة لاتقرأ ولاتكتب فوجب عليك ان تعلمها القراءة والكتابة إذا كنت تقرأ وتكتب وإلا فعليك أن تتعلم وتعلمها .. ورد في الحديث عن الشفا بنت عبدالله، رضي الله عنها، قالت: دخل علي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأناعند حفصة،فقال لي:"ألاتعلمين هذه رقيةالنملةكماعلمتيها الكتابة"(أبوداودوغيره)."والنملة :" قروح تخرج في الجنبين وهو داء معروف وسمى نملة لأن صاحبه يحس في مكانه كأن نملة تذب عليه وتعضه"وقد وقف شراح الحديث مواقف مختلفة منه، فاستدل به أكثرهم على جواز تعلم المرأة الكتابة.. وفي ترجمة عائشة بنت أحمد القرطبية قال ابن حبان في المقتبس: لم يكن في زمانها من حرائر الأندلس من يعدلها علما وفهماًوأدباً وشعراًوفصاحة، وكانت حسنة الخط تكتب المصاحف.
#علمها، تَسعَد وتفوز بالأجر:
عباد الله :"وإذا تعلمت المرأة أمر دينها؛ فإن ذلك سيعود بالنفع عليها وعلى زوجها من حُسن معاشرته، بعد أن فهِمت دينها وما لها وما عليها، ثم يعود بالنفع على الأولاد: من حسن تعهُّد وتربية، وتعليمهم لدينهم، وكل ذلك نتيجة حسن تعهُّد الزوج لزوجته بالتعلم والتوجيه والإرشاد، فهو له ما له من حسن الثواب والأجر عند الله؛ فقد وردأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أيما رجل كانت عنده وليدة، فعلَّمها فأحسنَ تعليمها،وأدَّبها فأحسن تأديبها،ثم أعتَقهاوتزوَّجها،فله أجران". (البخاري ومسلم).
وكان النساء يخرجنَ إلى المساجد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم وكان يخصِّص لهن يومًا في الأسبوع؛ كي يعلِّمهن أمور دينهن، وعلى الزوج أن يأذَن لزوجته بالخروج لقضاء حوائجها؛ وعن عائشة - رضي الله عنهاأنها قالت: "خرجت سَودة بنت زَمعة ليلاً، فرآها عمر فعرَفها، فقال: إنك والله  يا سودة  ما تخفين علينا، فرجَعت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم  فذكرت ذلك له وهو في حجري يتعشَّى، وإن في يده لعرقًا، فأُنزل عليه الوحي - فرُفِع عنه،وهو يقول: "قد أذِن لكن أن تَخرجنَ لحوائجكنَّ"(البخاري).
فهذا إذن عام من الله  سبحانه وتعالى -للنساء في أن يخرجن لحوائجهن، ولكن على المرأة أن تستأذن زوجها في خروجها لحاجتها، وقد أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم -الأزواج بالإذن لهن، ونهى عن منْعهن من حضور الصلاة في المساجد، أو مجالس العلم، وكذلك عدم منعهن من زيارة أهلها وصلة رحِمها، فلا يكون سببًا في قطع الأرحام بينها وبين أهلها.
وكذلك يأذن لها بالخروج إلى السوق، إذا لم يوجد من يُحضر لها أغراضها. أو حاجتها. وإذا أذِن لها الزوج بالخروج، فالأفضل أن يكون معها، فإن لم يخرج معها، فعليه أن يأمرها بالحجاب عند خروجها، وينهاها عن التبرُّج والسفور، ووضْع العطور، ويحذِّرها من الخضوع بالقول مع الرجال والاختلاط بهم، وينهاها عن مصافحة الرجال، كما يحذِّرها من ورود مواطن السوء والشبهات، وزيارة الفاسقات المشبوهات، كما يُحذرها من بيوت اللهو وغيرها..
#نجاتك مرهونة بنجاة أهلك:
أخي الشاب:"قبل الزواج أنت مسؤول عن نجاة رقبتك من النار، فإذا ما تزوَّجت فأنت مسؤول عن نجاة رقبتين من النار، وإذا أنجبت، فإنك مسؤول عن نجاة ثلاث رقاب من الناروهكذا فإن الرجل قد ينجح فيما بينه وبين الله من إقامة الصلاة، والزكاة،والصوم،والحج،وغير ذلك من العبادات المفروضةعليه، ومع ذلك قد يدخل الناربسبب زوجته وأولاده؛لأنه خالف قوله تعالي:"وَأْمُرْأَهْلَكَ بِالصَّلَاةِوَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا"(طه/ 132).وقوله تعالي:"قُواأَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًاوَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ"(التحريم/6).فعلى الرجل أن يعمل جاهدًا على تعليم زوجته، وحثِّها على إقامة الدين: من أداء الصلاة، وعدم التبرج والسفور، ونهْيها عن المعاصي، فإن أصرَّت المرأة على عدم الاستجابة، وخالفت أمر الله وأمر زوجها..فليصبرعليهاويجتهد في تقويمها بالوعظ والهجر والضرب كما قال المولي عزوجل :"وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ.."( النساء : 34 ).ولاتسارع في طلاقها فيبتلي بها غيرك:" يٌحكى إن احد الصالحين تزوج بامرأة سيئة الخلق عكرت عليه صفو حياته و جعلت نهاره ليلاً فقال له احد اصدقائه طلقها ما ضر لو طلقتها,فقال الرجل الصالح أخشى ان اطلقها فيبتلي بها غيري فتؤذيه و معاذ الله أن اكون سبباً في أذى عباد الله. فقيل له لماذا أنت صانع؟فقال الرجل أصبر على اذاها فقدورد في الأثر"أيما رجل صبر على سوء زوجته أعطاه الله مثلما أعطى ايوب على بلائه و أيما امرأة صبرت على سوء خلق زوجها أعطاها الله مثلما أعطى أيوب آسية زوج فرعون".
"اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه "


التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات