الزكاة معجزة اقتصادية للشيخ أحمد أبو عيد









أو







الحمد لله المتوحد بالعظمة والجلال، المتفرد بالبقاء والكمال، أحمده سبحانه على جزيل الإنعام، وأشكره على عظيم الإفضال.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الكبير المتعال.
وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، المنقذ بإذن ربه من الضلال، والداعي إلى كريم السجايا والخلال، وشريف الأخلاق والخصال، صلى الله وسلم وبارك عليه، دل على حسن الأقوال، وطيب الأفعال، وحث على أفضل الأعمال، وحذر من التسويف والإهمال، والصغار والإذلال، وعلى آله خير أهل وآل، وعلى أصحابه أهل الإكبار والإجلال، وتابعيهم بإحسان بلغوا بتقواهم أعالي الجبال، ومن سار على نهجهم إلى يوم المآل.
العناصر
أولًا: فضل الزكاة وثمراتها                              ثانيًا: الترهيب من ترك الزكاة
ثالثًا: الزكاة معجزة اقتصادية
الموضوع
تعريف الزكاة: الزكاة في اللغة معناها: النَمَاء، والتطهير، قال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا) سورة  الشمس، وقد سُمِّيَت الزكاة بذلك الاسم لأنَّ في إخراجها نماءٌ للمال، ويَكْثُرُ بسببها الأجر، ولأنها تُطَهِر النفس من رذيلة البُخل.
وأما معناها في الشرع فهو: نصيبٌ مُقدَّرٌ شرعاً، في مالٍ مُعَيَّن، يُصرَفُ لطائفةٍ مخصوصة.
أولًا: فضل الزكاة وثمراتها
الزكاة ركن من أركان الإسلام: عن ابْنِ عُمَرَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ r : ﴿بُنِيَ الإِسْلامُ عَلى خَمْسٍ: شَهادَةِ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ﴾([1])
أنزل الله المال لإيتاء الزكاة: عن أبي واقد الليثي tأن النبي r قال : (إن الله قال : إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة و إيتاء الزكاة و لو كان لابن آدم واد لأحب أن يكون له ثان و لو كان له واديان لأحب أن يكون لهما ثالث و لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ثم يتوب الله على من تاب ) ([2])
المزكون هم المتقون المفلحون: قال تعالى: { ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ..... } إلى أن قال سبحانه : {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[ البقرة 1_5] . واختار ابن جرير الطبري: أن الآية عامة في الزكاة والنفقات
تكفير السيئات ودخول الجنة : قال تعالى : {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لأكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ} [المائدة: 12].
وعن جابر t أنه سمع رسول الله r يقول لكعب بن عجرة ﴿يا كعب بن عجرة الصلاة قربان والصيام جنة والصدقة تطفىء الخطيئة كما يطفىء الماء النار يا كعب بن عجرة الناس غاديان فبائع نفسه فموثق رقبته ومبتاع نفسه في عتق رقبته﴾ ([3])
والمراد بالصدقة هنا : الزكاة وصدقة التطوع جميعاً.
أهل الزكاة هم المهتدون: قال تعالى : {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ }[ التوبة : 18] .
الزكاة من البر وأهلها من الصادقون المتقون: قال تعالى :{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}[ البقرة :177] .
تلحق بصاحبها البركة: قال تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ }[ البقرة :276 ] ، وعن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ r :﴿مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلاَ يَصْعَدُ إِلَى اللهِ إِلاَّ الطَّيِّبُ، فَإِنَّ اللهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهَا كمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ﴾([4]) ، والفَلُوُّ يعني المُهْرُ .
لا خوف عليهم ولا يلحقهم الحزن: قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ }[ البقرة :277] .
طهارة للأموال والأنفس: قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ
صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103]، أي: خذ - أيها الرسول - من أموال هؤلاء التائبين صدقات تطهرهم بها من الذنوب والشح ، وترفع درجاتهم عند اللَّه ، وادع لهم بالخير والهداية فإن دعاءك تسكن به نفوسهم ، وتطمئن به قلوبهم ، واللَّه سميع للدعاء ، عليم بالمخلصين فى توبتهم([5])
أعد الله لهم أجرًا عظيما: قال تعالى: { لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا} [ النساء :162] .
من صفات  المؤمنين: قال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ } [ المائدة :56]، وقال تعالى : {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [ التوبة : 71] .
هم المرحومون: قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ. وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمِّيَّ } [الأعراف: 156 ، 157].
وقال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [النور :56] .
الزكاة نجاة في القبر: عن أبي هريرة tعن النبي r قال : ( إن الميت إذا وضع في قبره إنه يسمع خفق نعالهم حين يولوا مدبرين فإن كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه ، وكان الصيام عن يمينه ، وكانت الزكاة عن شماله ، وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلاة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه ، فيؤتى من قبل رأسه فتقول الصلاة : ما قبلي مدخل ، ثم يؤتى عن يمينه فيقول الصيام : ما قبلي مدخل ، ثم يؤتى عن يساره فتقول الزكاة : ما قبلي مدخل ، ثم يؤتى من قبل رجليه فيقول فعل الخيرات من الصدقة والمعروف والإحسان إلى الناس : ما قبلي مدخل ........﴾ ([6])
الزكاة سبيل التمكين في الأرض: قال تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ}[ الحج : 41] .
هم الرجال على الحقيقة: قال تعالى: { رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } النور
تبشير القرآن لهم: قال تعالى: { تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [ النمل : 1_3].
مضاعفة الثواب: قال تعالى: { وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} [ الروم : 39] .
قال ابن كثير : أي: الذين يضاعف الله لهم الثواب والجزاء([7])
هم المحسنون: قال تعالى: { تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (2) هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (3) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}[ لقمان : 2_4] .
القرب من الجنة والبعد عن النار: عن أَبي هُرَيْرَةَ t أَنَّ أَعْرابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ r فَقالَ: دُلَّني عَلى عَمَلٍ إِذا عَمِلْتُهُ دَخَلْتُ الجنة قَالَ: تَعْبُدُ اللهَ لا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقيمُ الصَّلاةَ المَكْتُوبَةَ، وَتُؤَدِّي الزَّكَاةَ الْمفْروضَة وَتَصُومُ رَمَضانَ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ أَزِيدُ عَلى هذا فَلَمّا وَلّى، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلى هَذا ﴾([8])
الدعاء للمزكي بأن يخلف الله عليه: عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - : أن النَّبيّ - ﷺ - ، قَالَ : (( مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ إلاَّ مَلَكانِ يَنْزلاَنِ ، فَيقُولُ أحَدُهُمَا : اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفقاً خَلَفاً ، وَيَقُولُ الآخَرُ : اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكاً تلَفاً )) ([9])
القائم بتوزيعها كالمجاهد في سبيل الله وكالمتصدق: عن رافع بن خديج t قال: قال رسول الله r ( العامل بالحق على الصدقة كالغازى فى سبيل الله عز وجل حتى يرجع إلى أهله) ([10])
ومعنى العامل بالحق على الصدقة : أى الموصل الصدقة للمستحقين لها بأمانة واستعفاف.
وعن أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ: الْخَازِنُ الْمُسْلِمُ الأَمِينُ الَّذِي يُنْفِذُ، وَرُبَّمَا قَالَ: يُعْطِي مَا أُمِرَ بِهِ كَامِلاً مُوَفَّرًا، طَيِّبًا بِهِ نَفْسُهُ، فَيَدْفَعُهُ إِلَى الَّذِي أُمِرَ لَهُ بِهِ أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ﴾([11])
ومعنى الخازن المسلم الأمين : أى المتكفل بأداء الصدقة عن غيره بأمانة.
ما تقدم من خير تجده عند الله:  قال تعالى﴿ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20)الصف
لذلك على المسلم ان يكون حريصا على اخراج الزكاة وان يكثر من الانفاق في سبيل الله فلن يبقى له الا ما قدمه من خير ليجده عند الله خيرا واعظم اجرا، وليعلم انه لن يأخذ ماله الى قبره ولن يلقى به الله ، وانما يلقى ربه بما انفقه في سبيله، وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -ﷺ- قَالَ « يَقُولُ الْعَبْدُ مَالِى مَالِى إِنَّمَا لَهُ مِنْ مَالِهِ ثَلاَثٌ مَا أَكَلَ فَأَفْنَى أَوْ لَبِسَ فَأَبْلَى أَوْ أَعْطَى فَاقْتَنَى وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ ذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ » ([12]).
من خير معاش الناس: عن أبي هريرة t عن رسول الله r، أنَّه قَالَ : (مِنْ خَيْرِ مَعَاشِ النَّاسِ لهم رَجُلٌ مُمْسِكٌ عِنَانَ فَرَسِهِ في سَبيلِ الله، يَطيرُ عَلَى مَتْنِهِ كُلَّمَا سَمِعَ هَيْعَةً أَوْ فَزعَةً ، طَارَ عَلَيْهِ يَبْتَغِي القَتْلَ ، أَوْ المَوْتَ مَظَانَّه ، أَوْ رَجُلٌ فِي غُنَيمَةٍ في رَأسِ شَعَفَةٍ مِنْ هذِهِ الشَّعَفِ ، أَوْ بَطنِ وَادٍ مِنْ هذِهِ الأَوْدِيَةِ ، يُقِيمُ الصَّلاَةَ ، وَيُؤتِي الزَّكَاةَ ، وَيَعْبُدُ رَبَّهُ حَتَّى يأتِيَهُ اليَقِينُ ، لَيْسَ مِنَ النَّاسِ إِلاَّ فِي خَيْرٍ )) ([13]) ، معاش الناس:‏ المعاش هو العيش، وهو الحياة‏.‏ وتقديره، والله أعلم‏:‏ من خير أحوال عيشهم رجل ممسك‏.‏ (ممسك عنان فرسه) ‏: أي متأهب ومنتظر وواقف بنفسه على الجهاد في سبيل الله،
، (يطير على متنه ):‏ أي يسرع جدا على ظهره حتى كأنه يطير‏، (هيعة‏) :‏ الصوت عند حضور العدو‏.‏ (أو فزعة ): النهوض إلى العدو‏.‏ (يبتغي القتل والموت مظانه)‏: يعني يطلبه من مواطنه التي يرجى فيها، لشدة رغبته في الشهادة‏.‏ (غنيمة ‏):‏ تصغير غنم‏.‏ أي قطعة منها‏.‏ (شعفة) :‏ أعلى الجبل.‏
 فأين أنت أيها الأخ الحبيب من هذه الفريضة ذات الفضائل والدرجات العلى ، فقم أيها المستطيع وأدي حق الله تعالى في مالك ، فإن هذا المال نعمة من الله فلا تجعله أنت نقمة ، فأنت إلى الله كادح شئت أم أبيت فالسعيد من رجع إلى الله وقد حرص إلى وفاء حقوقه ، والشقي هو من ضيع هذه الحقوق ، فاعرف حق الله في مالك تكن في أعلى المنازل ، وإياك والتهاون فما أنت على الله بعزيز ,ستسأل بين يدي الله عن كل فقير تحول إلى مجرم سارق بسبب أنك لم تؤدي زكاة مالك إليه ، وعن كل امرأة مشت في الحرام بسبب أنك لم تخرج زكاة مالك إليها ....
الأصناف الذين تعطى لهم الزكاة وأنواعها: قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)التوبة
ثالثًا: الترهيب من ترك الزكاة
يوم لا ينفع مال ولا بنون: قال تعالى: ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ سورة الشعراء.
الندم على ترك الزكاة: قال تعالى:[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ](التغابن:9ــ11)، وقال تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)البقرة
 فاخرج الزكاة قبل أن تندم يوم لا ينفع الندم ولا العودة الى الدنيا مرة أخرى لإخراج الزكاة.
البلاء بالسنين ومنع القطر من السماء: قال رسول الله r ﴿ولم يمنعوا الزكاة إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا﴾([14]) ، وعن بريدة t قال قال رسول الله r:﴿ ما منع قوم الزكاة إلا ابتلاهم الله بالسنين﴾([15]أي بالقحط والمجاعة
دخول النار: عن أنس بن مالك t قال قال رسول الله r:  ﴿مانع الزكاة يوم القيامة في النار﴾([16])
الكي والتطويق  بما كنزوه يوم القيامة: قال تعالى : { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35) } [ التوبة : 34، 35]
وقال تعالى: { وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ  } آل عمران.
أي لا يحسبن هؤلاء الكافرون أن إمهالنا لهم - حين نُمدُ فى أعمارهم ، ونهيئ لهم أسباب النعيم فى حياتهم الدنيا - خير لهم ، فإن إطالة العمر وسعة الرزق يفضيان بهم إلى الاستمرار فى اكتساب الإثم واستحقاق ما أعد اللَّه لهم من عذاب مهين.
العقاب بالشجاع الأقرع: عن أبي هُريرة قال: قال رسول الله r : ﴿مَنْ آتَاهُ اللهُ مَالا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ له شُجَاعًا أقرعَ له زبيبتان، يُطَوّقُه يوم القيامة، يأخذ بلِهْزِمَتَيْه -يعني بشدقَيْه-يقول: أنا مَالُكَ، أنا كَنزكَ" ثم تلا هذه الآية: { وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ } إلى آخر الآية.﴾([17])  الشجاع : ذكر الحيات، والأقرع : الذي تمعط فروة رأسه لكثرة سُمه . بلهزمتيه : يعني شدقيه .
عقوبات مانعي الزكاة يوم القيامة: عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ أَبَا صَالِحٍ ذَكْوَانَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -ﷺ- « مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلاَ فِضَّةٍ لاَ يُؤَدِّى مِنْهَا حَقَّهَا إِلاَّ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحَ مِنْ نَارٍ فَأُحْمِىَ عَلَيْهَا فِى نَارِ جَهَنَّمَ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ فَيُرَى سَبِيلُهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَالإِبِلُ قَالَ « وَلاَ صَاحِبُ إِبِلٍ لاَ يُؤَدِّى مِنْهَا حَقَّهَا وَمِنْ حَقِّهَا حَلَبُهَا يَوْمَ وِرْدِهَا إِلاَّ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ أَوْفَرَ مَا كَانَتْ لاَ يَفْقِدُ مِنَهَا فَصِيلاً وَاحِدًا تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا وَتَعَضُّهُ بِأَفْوَاهِهَا كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولاَهَا رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ فَيُرَى سَبِيلُهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ قَالَ « وَلاَ صَاحِبُ بَقَرٍ وَلاَ غَنَمٍ لاَ يُؤَدِّى مِنْهَا حَقَّهَا إِلاَّ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ لاَ يَفْقِدُ مِنْهَا شَيْئًا لَيْسَ فِيهَا عَقْصَاءُ وَلاَ جَلْحَاءُ وَلاَ عَضْبَاءُ تَنْطِحُهُ بِقُرُونِهَا وَتَطَؤُهُ بِأَظْلاَفِهَا كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولاَهَا رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ فَيُرَى سَبِيلُهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَالْخَيْلُ قَالَ « الْخَيْلُ ثَلاَثَةٌ هِىَ لِرَجُلٍ وِزْرٌ وَهِىَ لِرَجُلٍ سِتْرٌ وَهِىَ لِرَجُلٍ أَجْرٌ فَأَمَّا الَّتِى هِىَ لَهُ وِزْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا رِيَاءً وَفَخْرًا وَنِوَاءً عَلَى أَهْلِ الإِسْلاَمِ فَهِىَ لَهُ وِزْرٌ وَأَمَّا الَّتِى هِىَ لَهُ سِتْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِى ظُهُورِهَا وَلاَ رِقَابِهَا فَهِىَ لَهُ سِتْرٌ وَأَمَّا الَّتِى هِىَ لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ لأَهْلِ الإِسْلاَمِ فِى مَرْجٍ وَرَوْضَةٍ فَمَا أَكَلَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ مِنْ شَىْءٍ إِلاَّ كُتِبَ لَهُ عَدَدَ مَا أَكَلَتْ حَسَنَاتٌ وَكُتِبَ لَهُ عَدَدَ أَرْوَاثِهَا وَأَبْوَالِهَا حَسَنَاتٌ وَلاَ تَقْطَعُ طِوَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ إِلاَّ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عَدَدَ آثَارِهَا وَأَرْوَاثِهَا حَسَنَاتٍ وَلاَ مَرَّ بِهَا صَاحِبُهَا عَلَى نَهْرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلاَ يُرِيدُ أَنْ يَسْقِيَهَا إِلاَّ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عَدَدَ مَا شَرِبَتْ حَسَنَاتٍ ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَالْحُمُرُ قَالَ « مَا أُنْزِلَ عَلَىَّ فِى الْحُمُرِ شَىْءٌ إِلاَّ هَذِهِ الآيَةُ الْفَاذَّةُ الْجَامِعَةُ (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) » ([18]).
ومعنى الجلحاء: التى لا قرن لها، واستنت : جرت وعدت، والشَّرف : الشوط، والعضباء : التى انكسر قرنها أو أذنها، والعقصاء : ملتوية القرنين، الظلف للبقر والغنم والظباء ، وهو المنشق من القوائم ، والخف للبعير ، والقدم للآدمي ، والحافر للفرس والبغل والحمار، والقرقر : المكان المستوى، والطول والطيل : الحبل الذي تربط فيه، ،  والمرج : الأرض الواسعة ذات نبات كثير تخلى فيه الدواب تسرح مختلطة كيف شاءت، والنواء : العداوة.
ثالثًا: الزكاة معجزة اقتصادية ([19])
درجة الإلزام في تشريع الزكاة: فهي ركن من أركان الإسلام مما يجعلها معجزة من حيث درجة الإلزام والأهمية بما يجعلها أكفأ تشريع للتكافل الاجتماعي، وحرم الله منعها وعاقب عليه، لتكون ضمانا للتكافل الاجتماعي.
تجعل التكافل الاجتماعي عبادة مالية: فالنية شرط من شروط الزكاة، فتجعل المزكي على وعي عميق واقتناع كامل بما يفعله، وهي تقيم علاقة بين مؤدي الزكاة والمحتاجين اليها وتجعلهما ينصهران معا من حيث المؤاخاة والحياة المشتركة.
طبيعة التشريع في وعاء الزكاة: حيث انه يقوم على استيعاب التطور والتغير في الحياة الاقتصادية من حيث الدخول والثروات والأنشطة الاقتصادية بدون الحاجة إلى التعديل والتغيير كما يحدث في الأنظمة الضريبة باستمرار.
المعيارية في وعاء الزكاة في عصر التشريع ليستوعب كل المستجدات من الدخول والثروات: فالأموال التي فرضت فيها الزكاة، وهم الذهب والفضة، والزروع والثمار، وعروض التجارة، والثروة الحيوانية، والمعادن، وهذه الأنواع تستوعب كل ما يستجد من أموال سائلة أو غير سائلة.
جعل تشريع الزكاة يتضمن تلقائياً قيام مؤسسة الزكاة وتطورها: فمن بين مصارف الزكاة مصرف العاملين عليها وفقه هذا المصرف يلزم قيام مؤسسة والعمل على رفع كفاءة العاملين عليها في جميع التخصصات فيؤدي التشغيل مؤسسة الزكاة بكفاءة ومتابعة التطوير اللازم.
الشمول في تشريع الزكاة: وهو يؤدي إلى استيعاب الأموال والأشخاص لتحقيق العدل مع مراعاة طاقة الملتزم وتأمين ضرورياته.
فمع أن المعدلات التي تفرض بها الزكاة منخفضة وفي حدود الطاقة إلا أن حصيلة الزكاة حسب التقديرات التي عملت عنه تكون كبيرة، والسبب هو الشمول من حيث الأموال والأشخاص، وعنصر النصاب فهي لا تفرض على الشخص إلا بعد بلوغ النصاب فيما لديه، فهي تؤدي إلى الكفاءة المالية من حيث العدالة بين الملتزمين وتأمين ضرورياتهم.
التدفق المستمر للإيرادات الزكاة (يومية الإيرادات): فلو فرضا أن مجتمعا به ملايين من المسلمين، فإنه يمكن القول بأن النصاب يكتمل في كل عند بعض الأشخاص وبالتالي ففي كل يوم زكاة، وهناك أموال أخرى تحصل فيها الزكاة وقت الإيراد فقط كالزروع والثمار، والمحاصيل الزراعية متنوعة زمانيا ومكانيا، وكذلك في عروض التجارة والمصانع وغيرها، فالزكاة يتم جمعها حتى ولم يوجد محتاج إليها وهذا يضمن التدفق اليومي للإيرادات ليواجه احتياجات التكافل الاجتماعي التي تستجد يومياً.
توافر العينية والنقدية في الزكاة بحيث تستوعب وترشد كل التصرفات الممكنة من المستفيدين وتؤسس لكل السياسات المحتملة للمساعدات الاجتماعية، فالزكاة تفرض على الأموال وبعضها يتم تحصيله عينا وبعضها نقدا، والعينية في الزكاة قد تؤدي وظيفة تعجز عنها النقدية، وبناءا عليه فتوافر العينية والنقدية يؤدي إلى استيعاب كل تصرفات المستفيدين من التكافل وكذلك استيعاب كل سياسات القائمين عليه.
كفاءتها الاقتصادية: فالزكاة تفرض على عين الزكاة المكتنزة وتؤدى منها، وهذا يعني أن الثروات المعطلة تتآكل بسبب فرض الزكاة عليها سنويا لأنها لم تؤد وظيفة إيجابية للمجتمع، وبالتالي فهذا يجبر صاحب المال المكتنز إلى دفعه للاستثمار فيحقق بذلك فائدة اقتصادية له ولغيره.
والثروات التي تحولت إلى أصول رأسمالية منتجة لا تفرض الزكاة على أصلها وإنما تفرض على الدخل الذي يتولد منها، وبالتالي فهي تحافظ على الأصل فلا تجبر صاحبها على بيعها ليؤدي الزكاة المفروضة عليه منها.
وبالتالي فالزكاة تؤدي إلى الكفاءة الاقتصادية من حيث التأثير الإيجابي في المتغيرات الاقتصادية المعنية وهي الادخار والاستثمار وحماية الأصول الرأسمالية المنتجة.
كفاءة الزكاة في علاج الفقر واستيعاب التطور في حاجات الإنسان: إن المقصد الأسمى للأسمى للزكاة هو تحقيق التكافل الاجتماعي  والقضاء على الفقر وهذا يتحقق من خلال الزكاة.
العدالة في التطبيق: لم يفرق الإسـلام بين الأفراد في خضوعهم للزكاة طالما اسـتوفوا شروط وجوبها عليهم بل سوي بينهم مساواة تامة فلا إستثناء لبعض الفئات.
نسأل الله تعالى أن يعيننا على آداء الزكاة، ويغني كل فقير ومسكين ومحتاج عن المسألة والحاجة، اللهم آمين يا رب العالمين.
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
%%%%%%%%




([1]) متفق عليه
([2]) السلسلة الصحيحة
([3]) صحيح الترغيب والترهيب
([4]) متفق عليه
([5]) تفسير المنتخب
([6]) صحيح الترغيب والترهيب
([7]) تفسير ابن كثير
([8]) متفق عليه
([9]) متفق عليه
([10]) صحيح الجامع
([11]) متفق عليه
([12]) صحيح مسلم
([13]) صحيح مسلم
([14]) صحيح الترغيب والترهيب
([15]) السلسلة الصحيحة
([16]) صحيح الترغيب والترهيب
([17]) صحيح البخاري
([18]) متفق عليه
[19])) النظام المالي في الإسلام للدكتور رفعت العوضي – بتصرف يسير-

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات