بناء الوعي وأثره في مواجهة التحديات د محمد عامر
العناصر
1- المقدمة
2- بناء الوعي في القرآن الكريم .
3- بناء الوعي في السنة النبوية .
4- قصة صحابي مات بسبب قلة الوعي والفقه .
5- النبي وحسن تصرفه ووعيه في التعامل مع الأنصار .
6- قصة الجاسوس في بلاد الأندلس .
7- وعي الرسول في اختيار الصحابة للمهام .
المقدمة
الحمد لله رب العالمين, الحمد لله الذي أراد فقدر, وملك فقهر, وخلق فأمر وعبد فأثاب, وشكر, وعصي فعذب وغفر, جعل مصير الذين كفرو إلي سقر, والذين اقو ربهم إلي جنات ونهر, ليجز الذين كفرو بما عملو, والذين امنوا بالحسنى
واشهد إن لا اله إلا الله, وحده لا شريك له, له الملك, وله الحمد, وهو علي كل شيء قدير
يارب
رضاك خير إلي من الدنيا وما فيها يا مالك النفس قاصيها ودانيها
فنظرة منك يا سـؤلي ويـا أملى خير إلى من الدنيـا وما فيها
فليـس للنـفس أمـآل تحققـها سوى رضاك فذا أقصى أمانيها
وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه
بلغ الرسالة وأدى الأمانة وكشف الظلمة وأحاط به الغمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين
يا سيدي يا رسول الله :
أنت الذي تستوجب التفضيل فصلوا عليه بكرة وأصيـلا
ملئت نبوته الوـجود فأظهرا بحسامه الدين الحديد فأسفرا
ومن لم يصلي عليه كان بخيل فصـلوا عليه وسلموا تسليما
وعلي اله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته واقتدى بهديه واتبعهم بإحسان إلي يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين
أما بعد
قال تعالى: “ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار” سورة البقرة 201.-
– وقال تعالى: “وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها” سورة النساء 86.
– قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إياكم والجلوس في الطرقات]، فقالوا: يا رسول الله مالنا بدٌّ من مجالسنا نتحدث فيها، فقال صلى الله عليه وسلم: [فإن أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه]، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال عليه السلام: [غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام] رواه البخاري ومسلم.
– وقال صلى الله عليه وسلم: [اللهم إني أسألك الهدى والسداد] رواه مسلم، وفي مسلم زيادة: [واذكر بالهدى هدايتك الطريق وبالسداد: سداد السهم، اجعلني مصيبًا في جميع أموري] وأصل السداد الاستقامة والقصد في الأمر.
عباد الله
_____
كم من مواقف تفاجئنا لا نحسن معا التدبير وقد نتعثر ..بسوء الوعي و التصرف ونفقد الكثير .فبعضنا قد يُصعّد الأمور التوافه ويثير المشاكل والبلبلة و لو كانت هناك حكمة لمرت كثير من تلك الأزمات بسلام فالوعي يشمل كل الجوانب في الحياة
فكثير من الناس يسيء التصرف وييتكلم بالفتوي بدون علم فيسبب مشكلات بفتواه قد تصل الي قتل نفس لا ذنب لها ــ قال تعالى ـ ﴿فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ﴾ وقال تعالى﴿بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا﴾ وقد حدث أن مات أحد الصحابه بسبب فتوي افتاه بها الصحابه فكانت سببا في موته
فعن جابر قال خرجنا في سفر فأصاب رجلا منا حجر فشجه في رأسه ثم احتلم فسأل أصحابه فقال هل تجدون لي رخصة في التيمم فقالوا ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء فاغتسل فمات فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك فقال قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال ) فقتلوه بسبب عدم وعيهم وقلة فقههم .لذلك قال تعالي ـ ﴿فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ﴾
ومن الأمثلة من كتاب الله على الوعي وحسن التصرف قول يعقوب ليوسف- عليهما السلام- عندما قص عليه رؤياه: “ قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدًا إن الشيطان للإنسان عدو مبين” حسن تصرف يعقوب عليه السلام ووعيه اي حكمته حينما حذَّر يوسف من قص رؤياه على إخوته، فيها عبرة بتوسم يعقوب عليه السلام أحوال أبنائه وارتيائه أن يكف كيد بعضهم لبعض، وفيها أيضًا الاحتراز من كل احتمال يخشى ضرره. قال ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا: ( أفرس الناس ثلاثة: العزيز في يوسف، حين قال لامرأته: “أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا” وابنة شعيب حين قالت لأبيها في موسى: “استأجره” وأبو بكر في عمر رضي الله عنه حين استخلفه)
(قصص لحسن الوعي التصرف )
النبي ووعيه وحسن تصرفه مع الأنصار رضي الله عنهم
________________________________
–عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: [لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم يوم حنين، وقسّم للمتآلفين من قريش وسائر العرب ما قسم، ولم يكن للأنصار منه شيء قليل ولا كثير، وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم، حتى قال قائلهم: لقي والله رسول الله قومه، فمشى سعد بن عبادة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فأين أنت من ذلك يا سعد ؟ قال : يا رسول الله ، ما أنا إلا من قومي . قال : فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة . قال : فخرج سعد ، فجمع الأنصارفي تلك الحظيرة . قال : فجاء رجال من المهاجرين فتركهم ، فدخلوا ، وجاء آخرون فردهم . فلما اجتمعوا له أتاه سعد ، فقال : قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار ، فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : يا معشر الأنصار : ما قالة ، بلغتني عنكم ، وجدة وجدتموها علي في أنفسكم ؟ ألم آتكم ضلالا فهداكم الله ، وعالة فأغناكم الله ، وأعداء فألف الله بين قلوبكم قالوا : بلى ، الله ورسوله أمن وأفضل . ثم قال : ألا تجيبونني يا معشرالأنصار ؟ قالوا : بماذا نجيبك يا رسول الله ؟ لله ولرسوله المن والفضل . قال صلى الله عليه وسلم : أما والله لو شئتم لقلتم ، فلصدقتم ولصدقتم : أتيتنا مكذبا فصدقناك ، ومخذولا فنصرناك ، وطريدا فآويناك ، وعائلا فآسيناك . أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا . ووكلتكم إلى إسلامكم ، ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير ، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم ؟ فوالذي نفس محمد بيده ، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ، ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا ، لسلكت شعب الأنصار . اللهم ارحم الأنصار ، وأبناء الأنصار . وأبناء أبناء الأنصار .
قال : فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم ، وقالوا : رضينا برسول الله قسما ، وحظا . ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتفرقوا
.
قصة الجاسوس في بلاد الأندلس
__________________
دائما ما يحاول الغرب وأعداء الإسلام ان يغيبوا وعي الأمة ويفقدوها عقيدتها ويبعدوها عن دينها الذي هو أساس قوتها ونهضتها لذلك كانوا وما يزالوا يحاربون الاسلام والمسلمين بكل الطرق وبكل الوسائل فأدخلوا علينا تقاليع وتفاهات ونشروا الانحرافات التي ابعدت الشباب عن الطريق الصحيح
واسمع الي هذه القصة القصيرة
________________
أنه قبل سقوط الأندلس أرسل أعداء المسلمين هناك جاسوسًا, فذهب الجاسوس إلى شاطئ البحر فوجد شابًا يبكى, فسأله: ما يبكيك أيها الشاب؟! قال: غلبني شابٌ مثلي في الرماية, ولم آخذ المركز الأول, فرجع الجاسوس إلى قومه, وقال لهم لن تقدروا على المسلمين الآن؛ لأنهم لا يزالون أقوياء..
وبعد عدة سنوات ذهب الجاسوس إلى نفس الشاطئ فوجد شابًا يبكى, فسأله: ما يبكيك؟؟ قال: هجرتني حبيبتي, فأسرع إلى قومه, وقال لهم إذن الآن نقدر عليهم, وسقطت الأندلس سريعًا بالشهوات.
وعي رسول الله صلى الله عليه وسلم في اختيار الصحابة للمهام
__________________________________
وممن تربوا على يد محمد صلى الله عليه وسلم، القائد الدعوي الشاب الزاهد وأكثر الصحابة شبهًا للرسول سفيرًا للعقيدة السمحاء والأخلاق الحسنة في المدينة، ويختار حذيفة بن اليمان (رضي الله عنه) لحفظ سره، ويوكل مهمة الحرب الاقتصادية للقائد الشجاع، وحبيب رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن الحارثة (رضي الله عنه)، ويصطفى الجندي العظيم والعبقري القائد عبد الله بن أنيس (رضي الله عنه) الذي لا يهاب أحدًا لقتل رأس الكفر سفيان بن خالد، ويعمل برأي القائد الموهوب الحباب بن المنذر (رضي الله عنه) في بدر الكبرى، ويمتثل لمشورة الفارسي الحذق سلمان الفارسي (رضي الله عنه) في حفر الخندق، ويستأمن الزاهد المنقطع للحفظ والرواية أبي هريرة (رضي الله عنه) لنقل حديثه، ويرشح صاحب الصوت الشدي والقلب الندي بلال (رضي الله عنه) للإعلام بدخول شعيرة الإسلام، وأعطى الراية يوم خيبر لرجل ملأ حب الله ورسوله شغاف قلبه على بن أبي طالب (رضي الله عنه)، وآثر عثمان بن عفان (رضي الله عنه) الحيي السخي لتزويجه اثنتين من بناته، ودعا بالعزة للإسلام على يد من جُمعت له الحكمة والقوة الفاروق عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، واصطفى الصاحب الصادق الوفي أبا بكر (رضي الله عنه) لينال شرف رفقته في رحلة الهجرة ويومئ بأحقيته للخلافة بترشيحه لإمامة الصلاة عند قرب رحيله صلى الله عليه وسلم.
. فلابد للمسلم أن يكون واعياُ لكل مايقول واعياً لما يدور حوله واعيا لكلامه وفتواه .
عباد الله
____
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا مزيدًا.
أما بعد
أيها المسلمون:
الوعيُ - عباد الله - أعمقُ من مُجرَّد التصوُّر الظاهر للأمورفهو سَبْر الأمور ومعرفة أحوال الناس، واطِّلاع وافرٍ عن الأحداث، لذالك فان الفرد المسلم احوج مايكون لإستثمار جانب الوعي في كل جوانب حياته...
فالمؤمن الواعي لا يظلم لأنه يدرك أن الظلم ظمات يوم القيامة ـ
الواعي لايتجاوز الحدود ولا يركب فوق القانون لأنه يعرف التبعات ولانه قرأ عن المثلات وسمع قوله تعالى ـ ﴿ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون ) ـ .
الواعي لا يدخل فيما لا يعنيه بل يعرف قدره فيلزم حده و من قول عمر بن عبد العزيز - رحمه الله -" رحم الله امرأ عرف قدر نفسه ".
الواعي لا يصنع له اعداء جدد بل تلى قوله تعالى ﴿وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً ﴾ بل يدفع بالتي هي احسن, قال تعالى ﴿أدفع بالتي هي احسن فأذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم,﴾ الواعي لا يغسل دماغه ولايسحل عبر تيارات غاوية مهلكة او مضللة,
الواعي ينزل الناس منازلهم,فعن عائشة رضي الله عنها قالت : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم
الواعي لايكون رأسا ولا مرؤوسا الا إذا اختار البطانة الصالحة,قال تعالى ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا) فمن حكمة وحسن تصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم: وممن تربوا على يده ، يختار القائد الدعوي الشاب الزاهد وأكثر الصحابة شبهًا للرسول سفيرًا للعقيدة السمحاء والأخلاق الحسنة في المدينة معاذ ابن جبل رضي الله عنه.
و لايستثمر المؤمن جانب الوعي الا بمصاحبة الأبرار ودراسة متأنية لسيرة أالاعلام الاخيار وبالإدراك السليم لمجريات الأمور بالفهم الجدير للمثلات وسنة الاولين في كتاب العزيز الغفار والنظر الى التبعات في كل الاقوال والتصرفات بحكمة بالغة وحنكة متحرزة وفي تحقيق مرتبة التقوى والتقى قال تعالى ﴿واتقوا الله ويعلمكم الله) وقال عز من قائل { ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً }
عباد الله: إن الله تعالى قد أمرنا بأمر بدأ فيه بنفسه فقال سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56.
هذا وما كان من توفيقٍ فمن الله وحده، وما كان من خطأٍ، أو سهوٍ، أو نسيانٍ، فمني ومن الشيطان، وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه الأطهار الأخيار ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.