المخدرات طريق الدمار أحمد محمد أحمد أبو إسلام





عناصر الخطبة 
1)
الخمر والمخدرات من الخبائث التي حرمها الله 
2)
نماذج من التائبين من المسكرات
الخطبة الأولى 
========
الحمد الله كتب العزة والكرامة لمن أطاعه. وقضى بالذل والهوان على من عصاه، نحمده سبحانه ونشكره، لا رب لنا سواه ولا نعبد إلا إياه. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، العالم بما في الكون من حوادثٍ وخطوب، وبما ألم بالمسلمين من شدائدٍ وكروب، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله وبارك عليه وعلى آله وصحبه وكل من سار على نهجه وسلم تسليماً كثيراً
الخمر والمخدرات من الخبائث التي حرمها الله ورسوله 
==============================
إن الله تبارك وتعالى قد أحل لعباده الطيبات من المآكل والمشارب، وحرم عليهم الخبائث التي تعود عليهم بالضرر في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، وقد وصف الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بوصف جميل فقال: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 157]. فذكر الله تعالى عددًا من صفات نبينا عليه الصلاة والسلام، ومن ذلك قال الله عنه: (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ)، فأحلّ الله تعالى لنا الطيبات من المآكل والمشارب والملابس ومن المكاسب وغيرها، وحرم الله تعالى علينا الخبائث، وبيّن النبي - صلوات ربي وسلامه عليه - في أحاديث كثيرة التحريم العظيم في أن يتعاطى الإنسان شيئًا من المحرمات فقال عليه الصلاة والسلام: في الحديث الصحيح الذي ورد في سنن الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إِنَّهُ لَا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلَّا كَانَتِ النَّارُ أَوْلَى بِهِ» ، وقال - صلوات ربي وسلامه عليه في الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا، إني بما تعملون عليم} [المؤمنون: 51] وقال: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم} [البقرة: 172] ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء، يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟ "
كما نهى الإسلام عن كل ما يؤثر على العقل ويعطل دوره عن التفكير والإبداع،فقد ورد في صحيح البخاري عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ»
والمخدرات هذه السموم القاتلة، فقد ثبت من الأبحاث والدراسات العلمية أنها تشل إرادة الإنسان، وتذهب بعقله، وتحيله بها لأفتك الأمراض، وتدفعه في أخف الحالات إلى ارتكاب الموبقات لذالك فإن الإسلام حرم الخمر وشدد عقوبته من أجل صلاح المجتمع وعدم فساده فقد ورد في موطأ الإمام مالك عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيَلِيِّ ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ اسْتَشَارَ فِي الْخَمْرِ يَشْرَبُهَا الرَّجُلُ. فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: نَرَى أَنْ نَجْلِدَهُ ثَمَانِينَ. فَإِنَّهُ إِذَا شَرِبَ سَكِرَ. وَإِذَا سَكِرَ هَذَيَ. وَإِذَا هَذَيَ افْتَرَى. أَوْ كَمَا قَالَ . فَجَلَدَ عُمَرُ فِي الْحَدِّ ثَمَانِين "فالسكر سبب للهذيان والإفتراء وسبب لظلم النفس وظلم الآخرين واعلموا أيها المسلمون أنه مما حرم الله في كتابه، وعلى لسان رسوله، وأجمع المسلمون على تحريمه الخمر، التي هي"أم الخبائث" والإدمان والمخدرات - بجميع أنواعها - سواء كانت نباتاً، أو حبوباً، أو مطعوماً، أو مشروباً، أو استنشاقاً، أو إبراً. أوالأفيون، المورفين، ، الهيروين، الكوكايين، الحشيش، البانجو, المنشطات، الحبوب المخدرة بجميع أنواعها: والترامادول والتامول وغيرها أو وغير ذلك. حرمه الله وحرمه رسوله - صلى الله عليه وسلم - لما فيه من الأضرار والتدمير، ولما فيها من الشر، ولما تُسبِّب لمتعاطيها من تحوله إلى إنسان شرير يُتوقَّع منه الإفساد والجريمة، ولا يُرْجى منه خيرٌ، وقد نادى عقلاء العالم بإنقاذ المجتمعات من وَيْلات المخدرات؛ لما شاهدوا من الكوارث.وقد أمرنا الله عز وجل أن نجتنب الخمر وجميع المسكرات ,فقد قال الله جل في علاه يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91) } [المائدة:90، 91]فالخمر والمخدرات وما كان في معناهما حرام قليله وكثيره،حتى وان لم يذهب العقل إلا بالكثير منه فقليله حرام فقد ورد في سنن أبي داوود في الحديث الصحيح عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ، فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ» وعليه فكل ما كان مسكرا فهو حرام مهما تغيرت الاسماء ومهما تغير شكله ولونه ما بقيت فيه العلة وهى الإسكار فقد ورد سنن أبي داوود في الحديث الصحيح عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: دَخَلَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ، فَتَذَاكَرْنَا الطِّلَاءَ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا» , وقد ورد في مسند أحمد في حديث إسناده حسن عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيَسْتَحِلَّنَّ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ بِاسْمٍ يُسَمُّونَهَا إِيَّاهُ» 
لقد أطلقوا اليوم على الخمر أسماءً متعددة من باب التغطية، فكما جاء في الحديث يسمونها بغير اسمها، فسموها المشروبات الروحية، والبيرة، والمقويات، والمسهرات، وغير ذلك من الأسماء، وفي الحقيقة هي المدمرات ومعصية لرب الأرض والسماوات !!!
فقد ورد في سنن ابن ماجة في الحديث الصحيح عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَشْرَبِ الْخَمْرَ، فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ"
ولذلك لعنها الله تعالى ولعن كل من شارك فيها وَلَعَنَ كُلَّ مَنِ اقْتَرَبَ مِنْهَا؟ من قريب او من بعيد حتى لعن الله في الخمر عشرة فعن ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ": «لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ، وَشَارِبَهَا، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَعَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ»
وحرم تجارتها وثمنها فقد ورد في صحيح البخاري عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا أُنْزِلَتِ الآيَاتُ مِنْ سُورَةِ البَقَرَةِ فِي الرِّبَا، «خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى المَسْجِدِ فَقَرَأَهُنَّ عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ حَرَّمَ تِجَارَةَ الخَمْرِ»
وقد ورد في المعجم الكبير للطبراني عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَمَنُ الْخَمْرِ حَرَامٌ"
العاقل الحليم يمتنع عن شرب الخمر والمخدرات ,فقد كان بعضُ أهل الجاهلية يَمْتنع عن المسكرات؛ لما ظهر له من خطرها وأثرها، هذا أحدُهم كان شرَّابًا للخمر، مولعًا بها، وذات يوم سكر، وهو سكران، وشتم والديه، وأعطى الخمارَ مالاً كثيرًا، فلمَّا أفاقَ وأخبروه بما فَعَل؛ حرَّمها على نفسه، وقال:
رَأَيْتُ الخَمْرَ صَالِحَةً وَفِيهَا 
خِصَالٌ تُفْسِدُ الرَّجُلَ الحَلِيمَا 
فَلا وَاللهِ أَشْرَبُهَا صَحِيحًا 
وَلا أَشْفِي بِهَا أَبَدًا سَقِيمَا 
وَلا أُعْطِي بِهَا ثَمَنًا حَيَاتِي 
وَلا أَدْعُو لَهَا أَبَدًا نَدِيمَا 
فَإِنَّ الخَمْرَ تَفْضَحُ شَارِبِيهَا 
وَتَجْنِيهِمْ مِنَ الأَمْرِ العَظِيمَا
وإليك أيها المتعاطي للمخدرات بعض النماذج التي ابتعدت عن شرب الخمر والمسكرات بسبب خوفهم من الله عز وجل
الخطبة الثانية 
========
الحمد الله كتب العزة والكرامة لمن أطاعه. وقضى بالذل والهوان على من عصاه، نحمده سبحانه ونشكره، لا رب لنا سواه ولا نعبد إلا إياه. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، العالم بما في الكون من حوادثٍ وخطوب، وبما ألم بالمسلمين من شدائدٍ وكروب، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله وبارك عليه وعلى آله وصحبه وكل من سار على نهجه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
نماذج من التائبين من المسكرات 
=================
النموذج الأول
========
صاحب السفينة التائب
============
عن أبي هاشم المذكر قال:
أردت البصرة فجئت إلى سفينة أكتريها وفيها رجل ومعه جارية فقال الرجل: ليس هاهنا موضع فسألته الجارية أن يحملني فحملني.
فلما سرنا دعا الرجل بالغداء فوضع فقال: أنزلوا ذلك المسكين ليتغدى فأنزلت على أني مسكين فلما تغدينا قال: يا جارية! هاتي شرابك فشرب وأمرها أن تسقيني فقلت: رحمك الله! إن للضيف حقا فتركني.
فلما دب في النبيذ قال: يا جارية! هاتي العود وهاتي ما عندك فأخذت العود وغنت تقول:
وكنا كغصني بانة ليس واحد ... يزول على الخلان عن رأي واحد
تبدل بي خلا فخاللت غيره ... وخليته لما أراد تباعدي
فلو أن كفي لم تردني أبنتها ... ولم يصطحبها بعد ذلك ساعدي
ألا قبح الرحمن كل مماذق ... يكون أخا في الخفض لا في الشدائد
ثم التفت إلي فقال: أتحسن مثل هذا؟ فقلت: أحسن خيرا منه فقرأت: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ, وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ, وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ} التكوير: 1 - 3] فجعل الشيخ يبكي فلما انتهيت إلى قوله: {وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ} [التكوير: 10] قال: الشيخ: يا جارية! اذهبي فأنت حرة لوجه الله تعالى وألقى ما معه من الشراب في الماء وكسر العود ثم دنا إلي فاعتنقني وقال: يا أخي! أترى الله يقبل توبتي؟ فقلت: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222] .
قال: فواخيته بعد ذلك أربعين سنة حتى مات قبلي فرأيته في المنام فقلت له: إلى م صرت؟ قال: إلى الجنة قلت: بم صرت إلى الجنة؟ قال: بقراءتك علي: {وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ} [التكوير: 10] .[التوابين لابن قدامة ]
النموذج الثاني 
=======
قصة الشيخ التائب من المسكرات 
==================
عبد الله الخزاعي قال:
قدم رجل من المهالبة من البصرة أيام البرامكة في حوائج له فلما فرغ منها انحدر إلى البصرة ومعه غلام له وجارية فلما صار في دجلة إذا بفتى على ساحل دجلة عليه جبة صوف وبيده عكازة ومزود قال: فسأل الملاح أن يحمله إلى البصرة ويأخذ منه الكراء.
قال: فأشرف الشيخ المهلبي فلما رآه رق له فقال للملاح: قرب واحمله معك على الظلال فحمله.
فلما كان في وقت الغداء دعا الشيخ بالسفرة وقال للملاح: قل للفتى ينزل إلينا فأبى عليه فلم يزل يطلب إليه حتى نزل فأكلوا حتى إذا فرغوا ذهب الفتى ليقوم فمنعه الشيخ حتى توضؤوا ثم دعا بزكرة فيها شراب فشرب قدحا ثم سقى الجارية ثم عرض على الفتى فأبى وقال: أحب أن تعفيني قال: قد أعفيناك اجلس معنا.
وسقى الجارية وقال: هاتي ما عندك فأخرجت عودا لها في كيس فهيأته وأصلحته ثم أخذت فغنت.
فقال: يا فتى! تحسن مثل هذا؟.
قال: أحسن ما هو أحسن من هذا فافتتح الفتى: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً * أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النساء: 77, 78] كان الفتى حسن الصوت.
قال: فرج الشيخ بالقدح في الماء وقال: أشهد أن هذا أحسن مما سمعت! فهل غير هذا؟ قال: نعم {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً} [الكهف: 29] .
قال: فوقعت من قلب الشيخ موقعا. قال: فأمر بالزكرة فرمى بها وأخذ العود فكسره.
ثم قال: يا فتى! هل هاهنا فرج؟ قال: نعم {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53] قال: فصاح الشيخ صيحة خر مغشيا عليه فنظروا فإذا الشيخ قد ذاق الموت وقد قاربوا البصرة قال: فضج القوم بالصراخ واجتمع الناس - وكان رجلا من المهالبة معروفا - فحمل إلى منزله فما رأيت جنازة كانت أكثر جمعا منها.
قال: فبلغني أن الجارية المغنية تدرعت الشعر وفوق الشعر جبة صوف وجعلت تقوم الليل وتصوم النهار فمكثت بعده أربعين ليلة ثم مرت بهذه الآية في بعض الليالي: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً} [الكهف: 29] [التوابين لابن قدامة ].
النموذج الثالث 
========
السكران التائب 
========
قال يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ :كنت مع ذي النون المصري على شاطىء غدير فنظرت إلى عقرب أعظم ما يكون على شط الغدير واقفة فإذا بضفدع قد خرجت من الغدير فركبتها العقرب فجعلت الضفدع تسبح حتى عبرت.
فقال ذو النون: إن لهذه العقرب لشأنا فامض بنا فجعلنا نقفوا أثرها فإذا رجل نائم سكران وإذا حية قد جاءت فصعدت من ناحية سرته إلى صدره وهي تطلب أذنه فاستحكمت العقرب من الحية فضربتها فانقلبت وانفسخت.
ورجعت العقرب إلى الغدير فجاءت الضفدع فركبتها فعبرت.
فحرك ذو النون الرجل النائم ففتح عينيه فقال: يا فتى! انظر مما نجاك الله: هذه العقرب جاءت فقتلت هذه الحية التي أرادتك.
ثم أنشأ ذو النون يقول:
يا غافلا والجليل يحرسه ... من كل سوء يدب في الظلم
كيف تنام العيون عن ملك ... تأتيه منه فوائد النعم
فنهض الشاب وقال: إلهي! هذا فعلك بمن عصاك فكيف رفقك بمن يطيعك؟ ثم ولى فقلت: إلى أين؟ قال: إلى البادية والله لا عدت إلى المدن أبدا!
النموذج الرابع 
========
سيدنا مالك بن دينار وخوفه من الله الواحد القهار 
==========================
وروي عن مالك بن دينار أنه سئل عن سبب توبته فقال: كنت شرطيا وكنت منهمكا على شرب الخمر ثم إنني اشتريت جارية نفيسة ووقعت مني أحسن موقع فولدت لي بنتا فشغفت بها فلما دبت على الأرض ازدادت في قلبي حبا وألفتني وألفتها.
قال: فكنت إذا وضعت المسكر بين يدي جاءت إلي وجاذبتني عليه وهرقته من ثوبي.
فلما تم لها سنتان ماتت فأكمدني حزنها.
فلما كانت ليلة النصف من شعبان وكانت ليلة الجمعة بت ثملا من الخمر ولم أصل فيها عشاء الآخرة فرأيت فيما يرى النائم كأن القيامة قد قامت ونفخ في الصور وبعثرت القبور وحشر الخلائق وأنا معهم فسمعت حسا من ورائي فالتفت فإذا أنا بتنين أعظم ما يكون أسود أزرق قد فتح فاه مسرعا نحوي. فمررت بين يديه هاربا فزعا مرعوبا فمررت في طريقي بشيخ نقي الثوب طيب الرائحة فسلمت عليه فرد السلام فقلت: أيها الشيخ! أجرني من هذا التنين أجارك الله فبكى الشيخ وقال لي: أنا ضعيف وهذا أقوى مني وما أقدر عليه ولكن مر وأسرع فلعل الله أن يتيح لك ما ينجيك منه.
فوليت هاربا على وجهي فصعدت على شرف من شرف القيامة فأشرفت على طبقات النيران فنظرت إلى هولها وكدت أهوي فيها من فزع التنين فصاح بي صائح: ارجع فلست من أهلها! فاطمأننت إلى قوله ورجعت.
ورجع التنين في طلبي فأتيت الشيخ فقلت: يا شيخ سألتك أن تجيرني من هذا التنين فلم تفعل فبكى الشيخ وقال: أنا ضعيف ولكن سر إلى هذا الجبل فإن فيه ودائع المسلمين فإن كان لك فيه وديعة فستنصرك.
قال: فنظرت إلى جبل مستدير من فضة وفيه كوى مخرمة وستور معلقة على كل خوخة وكوة مصراعان من الذهب الأحمر مفصلة باليواقيت مكوكبة بالدر على كل مصراع ستر من الحرير فلما نظرت إلى الجبل وليت إليه هاربا والتنين من ورائي حتى إذا قربت منه صاح بعض الملائكة: ارفعوا الستور وافتحوا المصاريع وأشرفوا! فلعل لهذا البائس فيكم وديعة تجيره من عدوه فإذا الستور قد رفعت والمصاريع قد فتحت فأشرف علي من تلك المخرمات أطفال بوجوه كالأقمار وقرب التنين مني فتحيرت في أمري.
فصاح بعض الأطفال: ويحكم أشرفوا كلكم فقد قرب منه عدوه.
فأشرفوا فوجا بعد فوج وإذا أنا بابنتي التي ماتت قد أشرفت علي معهم فلما رأتني بكت وقالت: أبي والله ثم وثبت في كفة من نور كرمية السهم حتى مثلت بين يدي فمدت يدها الشمال إلى يدي اليمنى فتعلقت بها ومدت يدها اليمنى إلى التنين فولى هاربا.
ثم أجلستني وقعدت في حجري وضربت بيدها اليمنى إلى لحيتي وقالت: يا أبت {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [الحديد: 16] .
فبكيت وقلت: يا بنية! وأنتم تعرفون القرآن؟ فقالت: يا أبت! نحن أعرف به منكم.
قلت: فأخبريني عن التنين الذي أراد أن يهلكني قالت: ذلك عملك السوء قويته فأراد أن يغرقك في نار جهنم.
قلت فأخبريني عن الشيخ الذي مررت به في طريقي قالت: يا أبت! ذلك عملك الصالح أضعفته حتى لم يكن له طاقة بعملك السوء.
قلت: يا بنية! وما تصنعون في هذا الجبل؟ قالت: نحن أطفال المسلمين قد أسكنا فيه إلى أن تقوم الساعة ننتظركم تقدمون علينا فنشفع لكم.
قال مالك: فانتبهت فزعا وأصبحت فأرقت المسكر وكسرت الآنية وتبت إلى الله - عز وجل - وهذا كان سبب توبتي.
النموذج الخامس 
=========
توبة القعنبي 
=======
عن بعض ولد القعنبي بالبصرة قال:
كان أبي يشرب النبيذ ويصحب الأحداث فدعاهم يوما وقد قعد على الباب ينتظرهم فمر شعبة على حماره والناس خلفه يهرعون.
فقال: من هذا؟ قيل: شعبة.
قال: وأيش شعبة؟ قالوا: محدث.
فقام إليه وعليه إزار أحمر فقال له: حدثني فقال له: ما أنت من أصحاب الحديث فأحدثك فأشهر سكينه وقال: تحدثني أو أجرحك؟.
فقال له: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ" [أحمد 4/121 - 122, البخاري 3483 - 3484, أبو داود 4797, ابن ماجة 4183] .
فَرَمَى سِكِّينَهُ وَرَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَقَامَ إِلَى جَمِيعِ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنَ الشَّرَابِ فَهَرَاقَهُ وَقَالَ لأُمِّهِ: السَّاعَةَ أَصْحَابِي يَجِيئُونَ فَأَدْخِلِيهِمْ وَقَدِّمِي الطَّعَامَ إِلَيْهِمْ فَإِذَا أَكَلُوا فَخَبِّرِيهِمْ بِمَا صَنَعْتُ بِالشَّرَابِ حَتَّى يَنْصَرِفُوا.
وَمَضَى مِنْ وَقْتِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَزِمَ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ فَأَثَرَ عَنْهُ.
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْبَصْرَةِ وَقَدْ مَاتَ شُعْبَةُ فَمَا سَمِعَ مِنْهُ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ.
وأخيرا يامن تشرب الخمر وتدمن الخمر تذكر نعمة الله عليك فإن الله أنعم عليك بنعمة العقل فلا تذهب عقلك بشربك للمسكرات والمخدرات وتعصي رب الأرض والسماوات فإن المسكرات باب لكل شر ومدخل للظلم
أسأل الله عز وجل يجعلنا من أهل الطاعة ويبعدنا عن المعصية



التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات