السعيد من رزقه الله بحسن الخاتمة للشيخ احمد محمد ابو اسلام
تحميل PDF
تحميل WORD
عناصر الخطبة
1)) السعيد من رزقه الله بحسن الخاتمة
2)) نماذج من الذين رزقهم الله بحسن الخاتمة
3))من علامات حسن الخاتمة
4))من علامات سوء الخاتمة
الخطبة
الأولى
الحمْدُ للهِ الواحدِ القَهَّارِ, العَزيزِ
الغَفَّارِ, مُكَوِّرِ اللَّيْلِ على النَّهَارِ, تَذْكِرَةً لأُولي القُلُوبِ
والأَبصَارِ, وتَبْصرَةً لِذَوي الأَلبَابِ واَلاعتِبَارِ, الَّذي أَيقَظَ مِنْ
خَلْقهِ مَنِ اصطَفاهُ فَزَهَّدَهُمْ في هذهِ الدَّارِ, وشَغَلهُمْ بمُراقبَتِهِ
وَإِدَامَةِ الأَفكارِ, ومُلازَمَةِ الاتِّعَاظِ والادِّكَارِ, ووَفَّقَهُمْ
للدَّأْبِ في طاعَتِهِ, والتّأهُّبِ لِدَارِ القَرارِ, والْحَذَرِ مِمّا
يُسْخِطُهُ ويُوجِبُ دَارَ البَوَارِ, والمُحافَظَةِ على ذلِكَ مَعَ تَغَايُرِ
الأَحْوَالِ والأَطْوَارِ. أَحْمَدُهُ أَبلَغَ حمدٍ وأَزكَاهُ, وَأَشمَلَهُ
وأَنْمَاهُ.
وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ
البَرُّ الكَرِيمُ, الرؤُوفُ الرَّحيمُ, وأشهَدُ أَنَّ مُحمّداً عَبدُهُ
ورَسُولُهُ, وحبِيبُهُ وخلِيلُهُ, الهَادِي إلى صِرَاطٍ مُسْتَقيمٍ, والدَّاعِي
إِلَى دِينٍ قَويمٍ, صَلَوَاتُ اللهِ وسَلامُهُ عَليهِ, وَعَلَى سَائِرِ
النَّبيِّينَ, وَآلِ كلٍّ, وسائر الصالحين.
أَما بعد
السعيد
من رزقه الله بحسن الخاتمة
أحبتي في الله للخاتمة الحسنة أسباب كثيرة
منها: المداومة على الخير، وتجديد التوبة باستمرار، والحذر من مكر الله، والخوف
منه سبحانه، والصدق في عبادته جل في علاه.
وموضوع حسن الخاتمة نبحث عنه كلنا، ويجب أن
نبحث عنه كلنا، فأنت لما تزرع شجرة عنب لا تظن أنك تجني منها الشوك، فكذلك لا تظن
أنك تظلم الناس ثم تموت بحسن خاتمة، ولا تظن أنك تفتري على الناس، وتحقر من شأنهم،
وتتكبر عليهم، وتتألى عليهم، أو تصيّر نفسك من طينة أو من عجينة غير الطينة
والعجينة التي خلق منها الناس، وتظن أن هناك حسن خاتمة تنتظرك!, فالرسول صلى الله
عليه وسلم هيأه تفوقه أن يكون واحداً فوق الجميع، فعاش بتواضعه واحداً بين الجميع،
وهكذا يجب أن نكون، أي: يجب أن يكون الشخص محمدي النزعة، محمدي السلوك، محمدي
التصرف.
أيها الأحبة في الله حسن الخاتمة هو أن يموت الإنسان على عمل من أعمال
الخير،فقد ورد في سنن الترمذي في
الحديث الصحيح عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ» فَقِيلَ:
كَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ
قَبْل المَوْتِ»,
حبيبي في الله
تزود للذي لابد منه فإن الموت
ميقات العباد
وتب مما جنيت وأنت حي وكن متهيأ قبل الرقاد
ستندم إن رحلت بغير زاد وتشقي إذ يناديك المناد
أترضي أن تكون رفيق قوم لهم زاد وأنت بغير زاد
وتب مما جنيت وأنت حي وكن متهيأ قبل الرقاد
ستندم إن رحلت بغير زاد وتشقي إذ يناديك المناد
أترضي أن تكون رفيق قوم لهم زاد وأنت بغير زاد
جعلني الله وإياكم ممن أراد بهم الخير فأحسن خاتمتهم، معاشر
الأحباب إن من كتب الله له السعادة وفاز بحسن الخاتمة كان من أول البشرى له في
ساعة الاحتضار بشرى من الملائكة الكرام حيث أخبر عن ذلك قيوم السموات والأرض {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا
رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا
تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ
(30)} [فصلت: 30]
وهناك بشرى بعد الموت أيها
الأحبة فإن العبد الصالح أيها الأحبة في الله إذا حضرته الوفاة ورأى البشرى
بالنجاة أحب لقاء الله فيحب الله لقائه, فقد ورد في صحيح مسلم عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ، أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ
لِقَاءَ اللهِ، كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ» فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ
أَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ؟
فَكُلُّنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ، فَقَالَ: «لَيْسَ كَذَلِكِ، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ
إِذَا بُشِّرَ بِرَحْمَةِ اللهِ وَرِضْوَانِهِ وَجَنَّتِهِ، أَحَبَّ لِقَاءَ
اللهِ، فَأَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا بُشِّرَ بِعَذَابِ
اللهِ وَسَخَطِهِ، كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ، وَكَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ»
ولا شك أن من يصل
إلى هذه البشريات لا بد وأن يكون له رصيد من الأعمال الصالحة والطاعة لله رب
العالمين فهاهو بلال بن رباح لما حضرته الوفاة وكان في سكرات الموت
كانت امْرَأَتُهُ تقول : واحزناه ُ! , فَقَالَ
سيدنا بلال : وَافَرَحَاهُ!.
غدًا نلقي الأحبة
... محمدًا وحزبه))((سير
أعلام النبلاء ط الحديث (3 / 218):
الخوف دائما من الله هو الذي يوصلك إلى أعلى
المنازل وأرفع الدرجات ,فقد ورد في سنن الترمذي في الحديث الصحيح قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ خَافَ أَدْلَجَ، وَمَنْ
أَدْلَجَ بَلَغَ المَنْزِلَ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ، أَلَا إِنَّ
سِلْعَةَ اللَّهِ الجَنَّةُ))
المحروم من حرم حسن الخاتمة نسأل الله عز
وجل حسنها-: عجيب أمرك أيها المحروم! إنك تعلم أن الموت حق، وأنه نهاية الجميع،
ومع ذلك تصر على حالك وأنت تسمع هذه الكلمات مراراً وتكراراً.
أيها الأخ! ويا أيتها الأخت! ليس العيب أن
تخطئ، ولكن العيب الاستمرار على الخطأ، أيهما تريد: أن تموت على خير أو على شر؟!
أقول هذا لأننا نرى ونسمع نهاية بعض المحرومين، نسأل الله حسن الخاتمة.
الصالحون كانوا دائما يذكرون الموت ويعملون
لذالك رزقهم الله حسن الخاتمة.
نماذج من الذين
رزقهم الله بحسن الخاتمة
مالك بن دينار
فهاهو مالك بن دينار مالك بن دينار لما حضره الموت
قال: لولا أني أكره أن أصنع شيئاً لم يصنعه أحد كان قبلي لأوصيت أهلي إذا أنا مت أن
يقيدوني وأن يجمعوا يدي إلى عنقي فينطلقوا بي على تلك الحال حتى أدفن كما يصنع بالعبد
الآبق.
وكانوا يدخلون
وهو في مرض موته وهو يكيد
بنفسه ,ويرفع رأسه إلى السماء فقال: اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب البقاء في
الدنيا لبطن ولا لفرج..
عمر
بن عبد العزيز
وهاهو عمر بن عبد العزيز انه لما كان مرضه
الذي قبض فيه قال أجلسوني فأجلسوه ثم قال يارب أنا الذي أمرتني فقصرت ونهيتني
فعصيت ولكن لا اله إلا الله ثم رفع رأسه وأحد النظر فقالوا له انك لتنظر نظرا
شديدا فقال أني لأرى حضرة ما هم بأنس ولا جان ثم قبض رضي الله عنه.
آدم
بن إياس
وهاهو آدَمُ بْنُ إِيَاسٍ لما حضرته
الْوَفَاةُ خَتَمَ الْقُرْآنَ وَهُوَ مُسَجَّى ثُمَّ قَالَ بِحُبِّي لَكَ إِلا
رَفَقْتَ بِي فِي هَذَا الْمَصْرَعِ كُنْتُ أُؤَمِّلُكَ لِهَذَا الْيَوْمِ كُنْتُ
أَرْجُوكَ ثُمَّ قَالَ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ثُمَّ مات
((صفة الصفوة
(2 / 170):
وهاهو ذو النون عِنْدَ مَوْتِهِ كان يقول :
أَمُوتُ وَمَا مَاتَتْ إِلَيْكَ صَبَابَتِي ... وَلا
رُوِيَتْ مِنْ صِدْقِ حُبِّكَ أَوْطَارِي
مُنَايَ الْمُنَى كُلُّ الْمُنَى أَنْتَ لِي مُنَى
... وَأَنْتَ الْغِنى كُلُّ الْغِنَى عِنْدَ إِقْتَارِي
وَأَنْتَ مَدَى سُؤْلِي وَغَايَةُ رَغْبَتِي ...
وَمَوْضِعُ آمَالِي وَمَكْنُونُ إِضْمَارِي
تَحَمَّلَ قَلْبِي فِيكَ مَالا أَبُثُّهُ ... وَإِنْ
طَالَ سُقْمِي فِيكَ أَوْ طَالَ إِضْرَارِي
وَبَيْنَ ضُلُوعِي مِنْك مَالا أَبُثُّهُ ... وَلَمْ
أُبْدِ بَادِيَةً لأَهْلٍ وَلا جَارِ
سَرَائِرُ لَا تَخْفَى عَلَيْكَ خَفِيُّهَا ... وَإِنْ
لَمْ أَبُحْ حَتَّى التَّنَادِي بِأَسْرَارِي
فَهَبْ لِي نَسِيمًا مِنْكَ أَحْيَا بِرُوحِهِ
... وَجُدْ لِي بِيُسْرٍ مِنْكَ يَطْرُدُ إِعْسَارِي ...
أبو
نواس
وعن محمد بن نافع أنه كان يقول كَانَ أَبُو نُوَاسُ لِي صَدِيقًا فَمَاتَ
فَرَأَيْتُهُ فِي الْمَنَامِ فَقُلْتُ مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ قَالَ غَفَرَ لِي
بِأَبْيَاتٍ قُلْتُهَا هِيَ تَحْتَ الْوِسَادَةِ فَأَتَيْتُ أَهْلَهُ فَإِذَا
رُقْعَةٌ فِيهَا شِعْرٌ مَكْتُوبٌ وَهُوَ ...
يَا
رَبِّ إِنْ عَظُمَتْ ذُنُوبِي كَثْرَةً ... فَلَقَدْ عَلِمْتُ بِأَنَّ عَفْوَكَ أَعْظَمُ
إِنْ كَانَ لَا يَرْجُوكَ إِلا مُحْسِنٌ ... فَمَنِ الَّذِي يَدْعُو وَيَرْجُو الْمُجْرِمُ
أَدْعُوكَ رَبِّ كَمَا أَمَرْتَ تَضَرُّعًا ... فَإِذَا رَدَدْتَ يَدِي فَمن ذَا يرحم
مَالِي إِلَيْكَ وَسِيلَةٌ إِلا الرَّجَا ... وَجَمِيلُ عَفْوِكَ ثُمَّ إِنِّي مُسْلِمُ ..
عبادة
بن الصامت
عَنِ الصُّنَابِحِيِّ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى
عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ فَبَكَيْتُ فَقَالَ مَهْلا لِمَ
تَبْكِي فَوَاللَّهِ لَئِنِ اسْتُشْهِدْتُ لأَشْهَدَنَّ لَكَ وَلَئِنْ شُفِّعْتُ
لأَشْفَعَنَّ لَكَ وَلَئِنِ اسْتَطَعْتُ لأنْفَعَنَّكَ ثُمَّ قَالَ وَاللَّهِ مَا
حَدِيثٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لَكُمْ فِيهِ خَيْرٌ إِلا قَدْ حَدَّثْتُكُمُوهُ إِلا حَدِيثًا وَاحِدًا سَوْفَ
أُحَدِّثُكُمُوهُ الْيَوْمَ وَقَدْ أُحِيطَ بِنَفْسِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا
اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حُرِّمَ عَلَى النَّارِ انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ
مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ
أبو
هريرة رضي الله عنه
فها هو أبو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ فِي شَكْوَاهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ قيل شَفَاكَ اللَّهُ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ
اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّ لِقَاءَكَ فَأَحِبَّ لِقَائِي فما زال يقولها حَتَّى مَاتَ رَضى الله عنه .
سعيد
بن جبير
وهاهو سعيد بن جبير نموذج رائع في حسن
الخاتمة الْحَجَّاجَ بَعَثَ إِلَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَأَصَابَهُ الرَّسُولُ
بِمَكَّةَ فَلَمَّا سَارَ بِهِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ رَآهُ يَصُومُ نَهَارَهُ
وَيَقُومُ لَيْلَهُ فَقَالَ لَهُ الرَّسُولُ وَاللَّهِ إِنِّي لأَعْلَمُ أَنِّي
ذَاهِبٌ بِكَ إِلَى مَنْ يَقْتُلُكَ فَاذْهَبْ أَيَّ الطَّرِيقِ شِئْتَ فَقَالَ
لَهُ سَعِيدٌ إِنَّهُ سَيَبْلُغُ الْحَجَّاجُ أَنَّكَ قَدْ أَخَذْتَنِي فَإِنْ
خَلَّيْتَ عَنِّي خِفْتُ أَنْ يَقْتُلَكَ وَلَكِنِ اذْهَبْ بِي إِلَيْهِ فَذَهَبَ
بِهِ فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ مَا اسْمُكَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ
جُبَيْرٍ قَالَ شَقِيٌّ بْنُ كُسَيْرٍ
فَقَالَ أَمِّي سَمَّتْنِي قَالَ شَقِيتَ
قَالَ الْغَيْبُ يَعْلَمُهُ غَيْرُكَ قَالَ الْحَجَّاجُ أَمَا وَاللَّهِ لأُبْدِلَنَّكَ
مِنْ دُنْيَاكَ نَارًا تَلَظَّى قَالَ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ ذَلِكَ إِلَيْكَ مَا
اتَّخَذْتُ إِلَهًا غَيْرَكَ فَسَأَلَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ إِلَى أَنْ قَالَ بُتَّ فِي عِلْمِكَ قَالَ
إِذًا أَسُوءُكَ وَلا أَسُرُّكَ قَالَ بُتَّ قَالَ نَعَمْ ظَهَرَ مِنْكَ جَوْرٌ
فِي حَدِّ اللَّهِ وَجُرْأَةٌ عَلَى مَعَاصِيهِ بِقَتْلِكَ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ
قَالَ وَاللَّهِ لأُقَطِّعَنَّكَ قِطَعًا قَالَ إِذًا تُفْسِدُ عَلَيَّ
دُنْيَايَ وَأُفْسِدُ عَلَيْكَ آخِرَتَكَ وَالْقِصَاصُ أَمَامَكَ قَالَ الْوَيْلُ
لَكَ قَالَ الْوَيْلُ لِمَنْ زُحْزِحَ عَنِ الْجَنَّةِ وَأُدْخِلَ النَّارَ قَالَ
اذْهَبُوا بِهِ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ قَالَ سَعِيدٌ فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا
إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَلَمَّا ذَهَبُوا
بِهِ لِيُقْتَلَ تَبَسَّمَ فَقَالَ الْحَجَّاجُ مِمَّ ضَحِكْتَ قَالَ مِنْ
جُرْأَتِكَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ أَضْجِعُوهُ لِلذَّبْحِ
فَأُضْجِعَ فَقَالَ {وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضَ} فَقَالَ اقْلِبُوا ظَهْرَهُ إِلَى الْقِبْلَةِ فَقَرَأَ سَعِيدٌ
{فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ الله} فَقَالَ كُبُّوهُ عَلَى وَجْهِهِ
فَقَرَأَ سَعِيدٌ {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نخرجكم
تَارَة أُخْرَى} فَذُبِحَ فَبَلَغَ ذَلِكَ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي الْحَسَنِ
الْبَصْرِيَّ فَقَالَ اللَّهُمَّ يَا قَاصِمَ الْجَبَابِرَةِ اقْصِمِ الْحَجَّاجَ
فَمَا بَقِيَ إِلا ثَلاثًا حَتَّى وَقَعَ الدُّودُ فِي جَوْفِهِ فَمَاتَ.
الحسن
البصري
وهاهو الحسن البصري لَمَّا حَضَرَهُ
الْمَوْتُ دَخَلَ عَلَيْهِ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالُوا زَوِّدْنَا مِنْكَ
كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِنَّ قَالَ إِنِّي مُزَوِّدُكُمْ
ثَلاثَ كَلِمَاتٍ ثُمَّ قُومُوا وَدَعُونِي لِمَا تَوَجَّهْتُ لَهُ مَا نُهِيتُمْ
عَنْهُ مِنْ أَمْرٍ فَكُونُوا مِنْ أَتْرَكِ النَّاسِ لَهُ وَمَا أُمِرْتُمْ بِهِ
مِنْ مَعْرُوفٍ فَكُونُوا مِنْ أَعْمَلِ النَّاسِ بِهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ
خُطَاكُمْ خُطْوَةٌ لَكُمْ وَخُطْوَةٌ عَلَيْكُمْ فَانْظُرُوا أَيْنَ تَغْدُونَ
وَأَيْنَ تَرُوحُونَ
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ كَانَ
الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يُغْمَى عَلَيْهِ ثُمِّ يَفِيقُ وَيَقُولُ صَبْرًا
وَاحْتِسَابًا وَتَسْلِيمًا لأَمْرِ اللَّهِ حَتَّى قُبِضَ رَحِمَهُ اللَّهُ
سيدنا
داوود عليه السلام
وكَانَ دَاوُدُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِيهِ غِيرَةٌ شَدِيدَةٌ وَكَانَ إِذَا خَرَجَ أَغْلَقَ الأَبْوَابَ فَلَمْ
يَدْخُلْ عَلَى أَهْلِهِ أَحَدٌ حَتَّى يَرْجِعَ فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ وَقَدْ
غُلِّقَتِ الأَبْوَابُ فَأَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ تَطَّلَّعُ إِلَى الدَّارِ فَإِذَا
رَجُلٌ قَائِمٌ وَسَطَ الدَّارِ فَقَالَتْ مَنْ فِي الْبَيْتِ مِنْ أَيْنَ دَخَلَ
هَذَا الرَّجُلُ وَالدَّارُ مُغْلَقَةٌ وَاللَّهِ لَيُفْضَحَنَّ فَجَاءَ دَاوُدُ
فَإِذَا الرَّجُلُ قَائِمٌ وَسَطَ الدَّارِ فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ مَنْ أَنْتَ
قَالَ أَنَا الَّذِي لَا يَهَابُ الْمُلُوكَ وَلا يُمْتَنَعُ مِنْهُ الْحُجَّابُ
قَالَ فَأَنْتَ إِذَنْ مَلَكُ الْمَوْتِ مَرْحَبًا بِأَمْرِ اللَّهِ فَرُمِلَ
دَاوُدُ مَكَانَهُ حَيْثُ قبضت نَفسه
((الثبات
عند الممات (1 / 164
فتلك نماذج وفقها الله تعالى لحسن الخاتمه
فالسعيد من وفقه الله لحسن الخاتمة فإن في الساعات الأخيرة في عمر الإنسان تظهر
دلائل وعلامات على حسن الخاتمة فإن كانت خيرا فخير حيث يستبشر بها صاحبها خيرا
وتطمئن بها نفسه وإن كان سوى ذالك عياذا بالله فقد غوى .
الخطبة الثانية
الحمد لله العلي الأعلى، الذي خلق فسوى
والذي قدر فهدى، له ملك السموات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى، الملك الحق
المبين الذي على العرش استوى، وعلى الملك احتوى، وقد وسع كل شيء رحمة وعلما، أحمده
سبحانه وبحمده يلهج أولو الأحلام والنهى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له عالم السر والنجوى، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى كلمة التقوى، اللهم
صلى على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه أئمة العلم والهدى، وسلم تسليما كثيرا.
من علامات حسن
الخاتمة
قول لاإله إلا الله
فمن علامات حسن
الخاتمة قول لا إله إلا الله فقد ورد في سنن أبي داوود في الحديث الصحيح عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ»
عرق
الجبين
وعرق الجبين دليل على حسن الخاتمة فقد ورد في
مسند أحمد في الحديث عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ
بِخُرَاسَانَ، فَعَادَ أَخًا لَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَوَجَدَهُ بِالْمَوْتِ، وَإِذَا
هُوَ يَعْرَقُ جَبِينُهُ فَقَالَ: اللهُ أَكْبَرُ. سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَوْتُ الْمُؤْمِنِ بِعَرَقِ الْجَبِينِ "
ومن علامات حسن الخاتمة الموت في ليلة الجمعة ,فعَنْ
حُذَيْفَةَ قَالَ: أَسْنَدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى صَدْرِي
فَقَالَ: " مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ـ قَالَ حَسَنٌ: ابْتِغَاءَ
وَجْهِ اللَّهِ ـ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ صَامَ يَوْمًا ابْتِغَاءَ
وَجْهِ اللَّهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ
ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ "(( مسند أحمد مخرجا (38 / 350):
ثناء
الناس خيرا
ومن علامات حسن
الخاتمة أن يثني الناس عن الميت خيرا فقد ورد في صحيح البخاري عن عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: مَرُّوا
بِجَنَازَةٍ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَجَبَتْ» ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا
شَرًّا، فَقَالَ: «وَجَبَتْ» فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ: مَا وَجَبَتْ؟ قَالَ: «هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا، فَوَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ، وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا،
فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ»
فالموفق من وفقه الله لهذه العلامات وهذه
البشريات ولا يأتي هذا إلا بالإنشغال بذكر الله عز وجل وطاعته واتباع أوامره
فإن من عاش على طاعة الله منشغلا بها حريصا
عليها مبتغيا بها وجه الله عز وجل أما إذاابتغيت بها الدنيا وثناء الناس عليك فلك ما أردت ., وهاهو رجل كان يجاهد جهادا
ويبلى بلاء حسنا في القتال لكنه سرق شيئا من الغنيمة فكان من أهل النار فقد ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام خَيْبَرَ فَلَمْ نَغْنَمْ
ذَهَبًا وَلَا وَرِقًا إِلَّا الْأَمْوَالَ الثِّيَابَ وَالْمَتَاعَ قَالَ
فَأَهْدَى رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ غُلَامًا أَسْوَدَ يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ فَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى وَادِي الْقُرَى حَتَّى إِذَا كُنَّا
بِوَادِي الْقُرَى بَيْنَمَا مِدْعَمٌ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ فَأَصَابَهُ فَقَتَلَهُ فَقَالَ
النَّاسُ هَنِيئًا لَهُ الْجَنَّةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((كَلَّا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الشَّمْلَةَ
الَّتِي أَخَذَ يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ الْمَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ
لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا)) قَالَ فَلَمَّا سَمِعَ النَّاسُ ذَلِكَ جَاءَ
رَجُلٌ بِشِرَاكٍ أَوْ شِرَاكَيْنِ إِلَى رسول الله صلى الله عليه لأنه خاف من هذا الوعيد الشديد .
ومن علامات سوء الخاتمة كذلك، أن ينجح الشيطان في غواية ابن آدم، فيفتنه عن دينه في
لحظاته الأخيرة والعياذ بالله, مثل الرجلان اللذان يسكنان في منزل واحد، أحدهما في
الطابق الأرضي والآخر في الطابق العلوي, الأول مؤمن وصالح يعبد الله منذ أربعين
سنة والآخر عاصي وفاجر يعصي الله منذ أربعين سنة. وفي يوم ما، قال المؤمن أنا أعبد: الله وأطيعة منذ أربعين سنة أظنها كافية,
أستطيع أن أعصي اليوم. وقال الفاجر: أنا أعصي ربي منذ أربعين
سنة يكفيني بعداً عن الله وأتوب اليوم, أتدرون ما الذي حصل؟ المؤمن أتاه الموت
ولكن للأسف كانت نيته معصية الله فخسر الدنيا والآخرة, والعاصي أتاه الموت وهو على
توبة فكسبالدنيا والآخرة
!!!,
نتعلم من هذه القصة الثبات على طاعةالله
من الضروري أن ندعو الله كل يوم بالثبات, إذا كان الرسول صلى الله عليه
وسلم يدعو الله أن يثبته إلى آخر لحظة في عمره لأنها لحظة خطيرة جداً, وهي التي
تحدد مصير الميت, إما الجنة أو النار, وكان عليه الصلاة والسلام يكثر من هذا
الدعاء « اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك » ويكثر منها أن ندعوا
الله بها في السجود ب فالدعاء مستجاب في. ونتعلم من هذه القصة أيضاً، إخلاص النية لله وجل وترك الرياء.
أحياناً يكون العمل الصالح صغيراً، ولكن النية الخالصة لله تجعله عملا كبيرا في
أجره وثوابه،كالاستحمام بنية أن النظافة من الإيمان وبنية إظهار الإسلام بأنه دين
نظافة وطهر، وكذلك زيارة الأقارب بنية صلة الرحم. وأحيانا يكون العمل كبيراً،
كالتصدق بألف دينار أو درهم أو ريال، ولكن نية المتصدق أن يقال له كريماً أو
مؤمناً
أسأل الله ذو الجلال والإكرام أن يحسن
خاتمتنا وأن يجعلنا من عباده الصالحين الثابتين على طاعته، وأن يجعلنا من الفائزين
برضاه وبالجنة والحمد لله رب العالمين، وصلي اللهم وسلم على محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين .
الدعاء
أقم الصلاة
كتبه العبد الفقير إلى عفو مولاه /أحمد محمد
أحمد (أبو إسلام )